السبت، 15 ديسمبر 2007

ثلاثون عاما على زيارة القدس وسيناريو جديد للحرب على مصر

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
يقول "داني روتشيلد" المدير السابق لعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية: "إن الإدارة الأمريكية تضع إسرائيل في موقف صعب جداً مع الشعب الأمريكي، بمحاولتها تقديم إسرائيل كذريعة لحربها الفاشلة في العراق، ولتبرير فقدان مزيد من الأسر الأمريكية لأبنائها في هذه الحرب كل يوم"!
معاهدة فرساي فرضت على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وكانت هي نفسها الشرارة التي أشعلت الحرب العالمية الثانية فهل تكون كامب ديفيد لها نفس الجذوة التي تريد إسرائيل استغلالها لإشعال حروب جديدة تستنزف بها المنطقة لصالح سيطرتها وتفوقها؟
يقول الوزير الإسرائيلي ناتان شارنسكي في كتابه الصادر عام 2005  تحت اسم ‏'‏ دفاعا عن الديمقراطية‏' حقيقة أن السلام بين مصر وإسرائيل استمر لمدة خمسة وعشرين عاما لكنه لا يبعث أطلاقا علي الاطمئنان إذ  أن الحدود الإسرائيلية مع سوريا هادئة أيضا طوال نفس الفترة رغم عدم وجود معاهدة سلام معها‏.‏ ويضيف أن السبب الحقيقي لاستمرار هذا الهدوء علي الجبهتين هو‏'‏ قوة الردع الإسرائيلية،‏ ثم يتساءل‏:‏ 
"إذا كانت مصر وإسرائيل في حالة سلام حقيقي بالفعل فلماذا يبقي احتمال قيام حرب مستقبلية بين البلدين أمراً لا يمكن استبعاده؟"
وهو ما كشف عته وزير الدفاع الإسرائيلي "شاؤول موفاز" في حديث لصحيفة (معاريف) السبت 18 أكتوبر 2003 أن وحدات نظامية للجيش الصهيوني تدرَّبت بالفعل في العامَين الأخيرين 2001 – 2002 على مواقع بصحراء النقب، شبيهةً بصحراء سيناء؛ تحسبًا لأي معارك مع الجيش المصري، وأن الموساد رصد معلومات عن زيادة حجم القوات المصرية ووسائلها القتالية الجديدة، وأضاف أن بلاده طلبت من واشنطن عدم بيع قنابل لمصر للحفاظ على التفوق القتالي لجيش الدفاع تحسبًا لأي مواجهة مقبلة -  ويزعم ناتان شارنسكي أنه منذ أن تم توقيع اتفاق سلام بين البلدين‏'‏ فإن مصر أصبحت أحد أكثر الدول المعادية للسامية في العالم العربي!‏ وفي الواقع فإن الكراهية الشديدة التي تنبع من مصر اليوم هو نموذج واضح لكيفية استخدام خطر عدو خارجي من أجل الحفاظ علي الاستقرار الداخلي‏.'‏ ويضيف قي الفصل الثالث من كتابه أنه‏'‏ من غير المستغرب ومنذ توقيع اتفاق السلام المصري الإسرائيلي منذ ‏25‏ عاما إن الحكومة المصرية حاولت الحصول فقط علي كل فوائد اتفاق السلام من أرض ومال وشرعية ولكن من دون أن تدفع الثمن. 
هذا ابرز مايمكن اخذه من عناوين سريعة داخل كتاب الوزير الإسرائيلي ناتان شارنسكي ‏'‏ دفاعا عن الديمقراطية‏'  والذي يدفغنا في حال تصور سيناريو حرب محتملة بين مصر وإسرائيل أن ننفض الغبار أولاً عن بعض سيناريوهات أخرى تتعلق جذرياً بالموضوع ومن شأنها رسم خطوط عريضة لملامح مستقبل يتأرجح – ربما - فوق صفيح ساخن. 
يقول "داني روتشيلد" المدير السابق لعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية: "إن الإدارة الأمريكية تضع إسرائيل في موقف صعب جداً مع الشعب الأمريكي، بمحاولتها تقديم إسرائيل كذريعة لحربها الفاشلة في العراق، ولتبرير فقدان مزيد من الأسر الأمريكية لأبنائها في هذه الحرب كل يوم". ويضيف "روتشيلد": "مسئولية قرار غزو العراق لا تتحملها إسرائيل، وإنما يتحملها أولئك الذين صوتوا لمصلحة هذا القرار داخل الكونجرس، ومن يقف وراءهم من شركات نفطية، ومقاولين عسكريين، فضلاً عن أجهزة الإعلام والجماعات اليمينية المتطرفة، وقبل أولئك جميعاً الرئيس بوش وصقور إدارته من المحافظين الجدد فهل  "داني روتشيلد" صادق في هذا الذي يدعيه؟
يقول داني جليرمان رئيس اتحاد الغرف التجارية في اسرائيل ان النصر الأمريكي على العراق سيجلب العديد من الفوائد الاقتصادية لاسرائيل، اهمها ثلاث فوائد هي: 

1. حصول اسرائيل على النفط العراقي تحت اشراف أميركي وبأسعار مخفضة.

2. تراجع المخاطر الامنية التي تهدد اسرائيل مما سيؤدي الى تقليص النفقات الامنية وانعاش الاقتصاد الاسرائيلي وهذا – ربما -  ما أكده الجنرال" بول كيرن"، قائد سلاح تموين الجيش الأمريكي، الذي كشف النقاب عن  أن الطلب المتزايد على الذخيرة في الحرب، فاق ما ينتجه المصنع العسكري الأمريكي الوحيد المتخصص في إنتاج الأسلحة الخفيفة، وأوضح أن الولايات المتحدة، استنزفت مخزونها الاستراتيجي من الذخائر المعدة للاستخدام في الحروب، مما اضطرها إلى شراء 70 مليون طلقة شهريا من " إسرائيل"..

3. أما الهدف الأخير فهو  فتح السوق العراقي للبضائع الاسرائيلية.

والملفت للنظر أن هناك بعض المسؤولين الأمريكيين، وحتى ضمن ادارة الرئيس جورج دبليو بوش، يتساءلون حول الدور المباشر لاسرائيل في دخول الولايات المتحدة الحرب. وكان مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي على سبيل المثال كان قد اعلن منذ فترة بأنه يبحث في امكانية ان تكون حكومة اجنبية قد قامت بمناورات ترمي الى زيادة دعم فكرة الحملة العسكرية ضد العراق وقد علق على هذا الإعلان مسؤول في جهاز الموساد الاسرائيلي بالقول: ان اسرائيل هي المعنية بوضوح بذلك. و ما يصعق المراقب الحالي هو ان تاريخ هذه الحرب كان قد تمّ كتابته قبل سنوات من احداث الحادي عشر من سبتمبر حيث تبين ومنذ اللحظة الأولى التي بدأ التخطيط فيها لغزو العراق 20 مارس 2003، أن الأصابع الصهيونية تلعب دورا رئيسيا في التهيئة لهذا الغزو، يقول سيتوارت آيزن شتاين وكيل وزاره الشؤون الاقتصاديه في محاضره له بمعهد واشنطن: يجب ايجاد تعريف جديد للمصالح الامريكية : 1- مصالح حيويه  2- مصالح مهمه  3- مصالح مفيده . والشرق الاوسط في مركز المصالح الحيويه بسبب ( امن اسرائيل – الطاقه – عمليه السلام – دعم التعدديه والديموقراطيه – الموقع الاستراتيجي ) وعليه ومن سياق هذا التعريف وفي عام 1996وفي أعقاب اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين قام قسم البحوث في الاستراتيجيات الحديث العهد والتابع لمعهد الدراسات السياسية والاستراتيجية بتكليف عدد من الباحثين لإجراء سلسلة من الدراسات حول كيفية إبطال اتفاقات أوسلو بهدف تقديمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو. وكانت أهم دراسة في هذه السلسلة تحمل العنوان " فرصة نظيفة: استراتيجية جديدة لحفظ أمن اسرائيل." وهي موضوع الحلقة القادمة بإذن الله.

ثلاثون عاما على زيارة القدس وسيناريو جديد للحرب على مصر

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
يقول "داني روتشيلد" المدير السابق لعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية: "إن الإدارة الأمريكية تضع إسرائيل في موقف صعب جداً مع الشعب الأمريكي، بمحاولتها تقديم إسرائيل كذريعة لحربها الفاشلة في العراق، ولتبرير فقدان مزيد من الأسر الأمريكية لأبنائها في هذه الحرب كل يوم"!
معاهدة فرساي فرضت على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وكانت هي نفسها الشرارة التي أشعلت الحرب العالمية الثانية فهل تكون كامب ديفيد لها نفس الجذوة التي تريد إسرائيل استغلالها لإشعال حروب جديدة تستنزف بها المنطقة لصالح سيطرتها وتفوقها؟
يقول الوزير الإسرائيلي ناتان شارنسكي في كتابه الصادر عام 2005  تحت اسم ‏'‏ دفاعا عن الديمقراطية‏' حقيقة أن السلام بين مصر وإسرائيل استمر لمدة خمسة وعشرين عاما لكنه لا يبعث أطلاقا علي الاطمئنان إذ  أن الحدود الإسرائيلية مع سوريا هادئة أيضا طوال نفس الفترة رغم عدم وجود معاهدة سلام معها‏.‏ ويضيف أن السبب الحقيقي لاستمرار هذا الهدوء علي الجبهتين هو‏'‏ قوة الردع الإسرائيلية،‏ ثم يتساءل‏:‏ 
"إذا كانت مصر وإسرائيل في حالة سلام حقيقي بالفعل فلماذا يبقي احتمال قيام حرب مستقبلية بين البلدين أمراً لا يمكن استبعاده؟"
وهو ما كشف عته وزير الدفاع الإسرائيلي "شاؤول موفاز" في حديث لصحيفة (معاريف) السبت 18 أكتوبر 2003 أن وحدات نظامية للجيش الصهيوني تدرَّبت بالفعل في العامَين الأخيرين 2001 – 2002 على مواقع بصحراء النقب، شبيهةً بصحراء سيناء؛ تحسبًا لأي معارك مع الجيش المصري، وأن الموساد رصد معلومات عن زيادة حجم القوات المصرية ووسائلها القتالية الجديدة، وأضاف أن بلاده طلبت من واشنطن عدم بيع قنابل لمصر للحفاظ على التفوق القتالي لجيش الدفاع تحسبًا لأي مواجهة مقبلة -  ويزعم ناتان شارنسكي أنه منذ أن تم توقيع اتفاق سلام بين البلدين‏'‏ فإن مصر أصبحت أحد أكثر الدول المعادية للسامية في العالم العربي!‏ وفي الواقع فإن الكراهية الشديدة التي تنبع من مصر اليوم هو نموذج واضح لكيفية استخدام خطر عدو خارجي من أجل الحفاظ علي الاستقرار الداخلي‏.'‏ ويضيف قي الفصل الثالث من كتابه أنه‏'‏ من غير المستغرب ومنذ توقيع اتفاق السلام المصري الإسرائيلي منذ ‏25‏ عاما إن الحكومة المصرية حاولت الحصول فقط علي كل فوائد اتفاق السلام من أرض ومال وشرعية ولكن من دون أن تدفع الثمن. 
هذا ابرز مايمكن اخذه من عناوين سريعة داخل كتاب الوزير الإسرائيلي ناتان شارنسكي ‏'‏ دفاعا عن الديمقراطية‏'  والذي يدفغنا في حال تصور سيناريو حرب محتملة بين مصر وإسرائيل أن ننفض الغبار أولاً عن بعض سيناريوهات أخرى تتعلق جذرياً بالموضوع ومن شأنها رسم خطوط عريضة لملامح مستقبل يتأرجح – ربما - فوق صفيح ساخن. 
يقول "داني روتشيلد" المدير السابق لعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية: "إن الإدارة الأمريكية تضع إسرائيل في موقف صعب جداً مع الشعب الأمريكي، بمحاولتها تقديم إسرائيل كذريعة لحربها الفاشلة في العراق، ولتبرير فقدان مزيد من الأسر الأمريكية لأبنائها في هذه الحرب كل يوم". ويضيف "روتشيلد": "مسئولية قرار غزو العراق لا تتحملها إسرائيل، وإنما يتحملها أولئك الذين صوتوا لمصلحة هذا القرار داخل الكونجرس، ومن يقف وراءهم من شركات نفطية، ومقاولين عسكريين، فضلاً عن أجهزة الإعلام والجماعات اليمينية المتطرفة، وقبل أولئك جميعاً الرئيس بوش وصقور إدارته من المحافظين الجدد فهل  "داني روتشيلد" صادق في هذا الذي يدعيه؟
يقول داني جليرمان رئيس اتحاد الغرف التجارية في اسرائيل ان النصر الأمريكي على العراق سيجلب العديد من الفوائد الاقتصادية لاسرائيل، اهمها ثلاث فوائد هي: 

1. حصول اسرائيل على النفط العراقي تحت اشراف أميركي وبأسعار مخفضة.

2. تراجع المخاطر الامنية التي تهدد اسرائيل مما سيؤدي الى تقليص النفقات الامنية وانعاش الاقتصاد الاسرائيلي وهذا – ربما -  ما أكده الجنرال" بول كيرن"، قائد سلاح تموين الجيش الأمريكي، الذي كشف النقاب عن  أن الطلب المتزايد على الذخيرة في الحرب، فاق ما ينتجه المصنع العسكري الأمريكي الوحيد المتخصص في إنتاج الأسلحة الخفيفة، وأوضح أن الولايات المتحدة، استنزفت مخزونها الاستراتيجي من الذخائر المعدة للاستخدام في الحروب، مما اضطرها إلى شراء 70 مليون طلقة شهريا من " إسرائيل"..

3. أما الهدف الأخير فهو  فتح السوق العراقي للبضائع الاسرائيلية.

والملفت للنظر أن هناك بعض المسؤولين الأمريكيين، وحتى ضمن ادارة الرئيس جورج دبليو بوش، يتساءلون حول الدور المباشر لاسرائيل في دخول الولايات المتحدة الحرب. وكان مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي على سبيل المثال كان قد اعلن منذ فترة بأنه يبحث في امكانية ان تكون حكومة اجنبية قد قامت بمناورات ترمي الى زيادة دعم فكرة الحملة العسكرية ضد العراق وقد علق على هذا الإعلان مسؤول في جهاز الموساد الاسرائيلي بالقول: ان اسرائيل هي المعنية بوضوح بذلك. و ما يصعق المراقب الحالي هو ان تاريخ هذه الحرب كان قد تمّ كتابته قبل سنوات من احداث الحادي عشر من سبتمبر حيث تبين ومنذ اللحظة الأولى التي بدأ التخطيط فيها لغزو العراق 20 مارس 2003، أن الأصابع الصهيونية تلعب دورا رئيسيا في التهيئة لهذا الغزو، يقول سيتوارت آيزن شتاين وكيل وزاره الشؤون الاقتصاديه في محاضره له بمعهد واشنطن: يجب ايجاد تعريف جديد للمصالح الامريكية : 1- مصالح حيويه  2- مصالح مهمه  3- مصالح مفيده . والشرق الاوسط في مركز المصالح الحيويه بسبب ( امن اسرائيل – الطاقه – عمليه السلام – دعم التعدديه والديموقراطيه – الموقع الاستراتيجي ) وعليه ومن سياق هذا التعريف وفي عام 1996وفي أعقاب اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين قام قسم البحوث في الاستراتيجيات الحديث العهد والتابع لمعهد الدراسات السياسية والاستراتيجية بتكليف عدد من الباحثين لإجراء سلسلة من الدراسات حول كيفية إبطال اتفاقات أوسلو بهدف تقديمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو. وكانت أهم دراسة في هذه السلسلة تحمل العنوان " فرصة نظيفة: استراتيجية جديدة لحفظ أمن اسرائيل." وهي موضوع الحلقة القادمة بإذن الله.

السبت، 10 نوفمبر 2007

ثورة الجياع

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
ديكنز يرى أن الثورة تميل حتماً إلى القمع والعنف، ورغم دعمه للقضية الشعبية التي استوجبت الثورة إلا أنه يشير إلى ما ارتكبه الثوار من شرور، فهو من جهة يدين قمع الفلاحين الذي كان يحدث، ومن جهة أخرى يدين طريقتهم في القضاء عليه، ومحاربة العنف بالعنف، حيث يتحول من كان يعاني من الاضطهاد إلى أن يضطهد الآخرين بنفسه وبمنتهى اللذة !

 ولكن عادت لها الناس مرة اخرى وسكنوا منازلهم مرة اخرى رغم ايمانهم بحدوث الكارثة بين عشية وضحاها والسبب في عودتهم انه قد تم اخلاءهم الى الشارع، باتوا وناموا على الرصيف، لم يكن امامهم خياراً سوى ان يخفوا عورات خصوصياتهم بستائر الموت، او كما قال بعضهم: انا رجعت لان الموت ستر وغطى من ان بناتك واهل بيتك تبقى نهب للرايح والجاي، وحدثت الكارثة، ومات الناس كالكلاب أو أقل قيمة!! كما كانوا يعيشون كالكلاب أو أدنى مرتبة!!، لايمكن أن تخدع العالم بانك ترتدي قميصاً نظيفاً وانت تفوح منك رائحة قذرة، عليك أن تستحم أولا.. أن تزيل العالق بجلدك .. لايطلب منك احد ان تتعطر .. فقط ازل العالق بجلدك ثم ارتدي ماشئت حتى وان كان قميصاً قديماً .. هذا هو واقعنا .. نرتدي بالكذب واقعا لانحياه ولايحيانا وكأننا دولة عظمى ، ثم يكتشف العالم اننا نمتلئ عوالق قذرة فوق جلودنا .. فقر وعشوائيات وزواج محرم بين المال والسياسة، وفساد اجتماعي ، وجرائم، وسفن تغرق واتوبيسات تصطدم ببعضها وبالقطارات وحرائق تلتهم كل شئ حتى الضمائر .. كوارث تضيع فيها الناس ويضيع فيها كل الجزء النقي من تاريخ هذه الأمة، ودائما الفاعل مجهول أو مجنون!.. اننا نحيا الغيبوبة .. الغيبوبة الكاملة . ماذا يحدث داخل مصر؟ .. ماذا يحدث لهذا البلد الطيب ؟؟ ماذا يحدث لنا ؟؟ إن مايحدث في مصر من كوارث متلاحقة وعنيفة وغريبة يدعونا وبسرعة للتأمل!! .. لابد من التأمل .. ربما يمنحنا الله الهام الحل، فلقد اتت النار على مجلس الشورى وعلى امانة الحزب الوطني باسيوط وانهارت
البورصة انهيارا غير مسبوق وانهار جبل المقطم على عائلات بأكملها كل ذلك في اقل من 15 يوم أو اذا كنا اكثر دقة في الخمسة عشرة يوما الاخيرة فقط !! اذا رجعنا بعقارب الساعة للوراء 15 يوما اخري سنجد من ثلاثة الى اربعة كوارث اخرى وهكذا .. هل هي لعنة كلعنة قارون الذي خسف الله به وبأهله الارض؟؟ .. هل بيننا قارون يلعنا به الله ويخسف بنا وبأهلنا قبله و بسببه الارض ؟؟ هل هناك من يجمع ويستخدم مال الناس في اذلال وجوع الناس؟؟ .. هل وصلنا لمرحلة غضب السماء علينا ؟؟ هل هذه اللعنة قدر يمكن تغيره بالرحمة ام انها حتمية قدرية لاتغيير فيها وسننتهي كما انتهت عاد وثمود؟؟ لاجدال اننا ضحايا انفسنا اولا وضحايا افعالنا وقرارتنا، وربما يخرج علينا احدهم ليطالب باستقالة رئيس الوزراء ووزير التعمير ومحافظ القاهرة عقابا لهم علي هلاك ضحايا الدويقة.. لكن ماجدوى حتى استقالة الشيطان الرجيم نفسه امام شيطان اللا مبالاه التي اصبحت جزءاً اصيلاً من سلوكياتنا.. اننا نحيا لعنة صنعناها بانفسنا والنظام والمسئولين اعطوا لهذه اللعنات شرعية وجودها واستفحالها حتى اصبحت اللعنة غولا كبيرا اسمه العشوائيات يأكل كل شئ بدءاً من رغيف الخبز وانتهاءً بالاخلاق التي تدنت الى ماتحت الصفر في شوارع القاهرة على الاقل .. غول مخيف تدخل اليه الكهرباء والماء والتليفونات والمجاري ليكبر ويكبر ويكبر حتى اصبحنا اليوم ننظر اليه بعين
الخائف منه والمتودد اليه لكونه اصبح ايضا عصا غليظة تضربنا بها المنظمات العالمية على ظهورنا كلما ارادت ان تضغط على مصر، اننا نحيا حالة من اسوأ لعنات التاريخ ولن ننجو منها الا بفعل واحد فقط .... تغيير النظام!!




ثورة الجياع

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
ديكنز يرى أن الثورة تميل حتماً إلى القمع والعنف، ورغم دعمه للقضية الشعبية التي استوجبت الثورة إلا أنه يشير إلى ما ارتكبه الثوار من شرور، فهو من جهة يدين قمع الفلاحين الذي كان يحدث، ومن جهة أخرى يدين طريقتهم في القضاء عليه، ومحاربة العنف بالعنف، حيث يتحول من كان يعاني من الاضطهاد إلى أن يضطهد الآخرين بنفسه وبمنتهى اللذة !

 ولكن عادت لها الناس مرة اخرى وسكنوا منازلهم مرة اخرى رغم ايمانهم بحدوث الكارثة بين عشية وضحاها والسبب في عودتهم انه قد تم اخلاءهم الى الشارع، باتوا وناموا على الرصيف، لم يكن امامهم خياراً سوى ان يخفوا عورات خصوصياتهم بستائر الموت، او كما قال بعضهم: انا رجعت لان الموت ستر وغطى من ان بناتك واهل بيتك تبقى نهب للرايح والجاي، وحدثت الكارثة، ومات الناس كالكلاب أو أقل قيمة!! كما كانوا يعيشون كالكلاب أو أدنى مرتبة!!، لايمكن أن تخدع العالم بانك ترتدي قميصاً نظيفاً وانت تفوح منك رائحة قذرة، عليك أن تستحم أولا.. أن تزيل العالق بجلدك .. لايطلب منك احد ان تتعطر .. فقط ازل العالق بجلدك ثم ارتدي ماشئت حتى وان كان قميصاً قديماً .. هذا هو واقعنا .. نرتدي بالكذب واقعا لانحياه ولايحيانا وكأننا دولة عظمى ، ثم يكتشف العالم اننا نمتلئ عوالق قذرة فوق جلودنا .. فقر وعشوائيات وزواج محرم بين المال والسياسة، وفساد اجتماعي ، وجرائم، وسفن تغرق واتوبيسات تصطدم ببعضها وبالقطارات وحرائق تلتهم كل شئ حتى الضمائر .. كوارث تضيع فيها الناس ويضيع فيها كل الجزء النقي من تاريخ هذه الأمة، ودائما الفاعل مجهول أو مجنون!.. اننا نحيا الغيبوبة .. الغيبوبة الكاملة . ماذا يحدث داخل مصر؟ .. ماذا يحدث لهذا البلد الطيب ؟؟ ماذا يحدث لنا ؟؟ إن مايحدث في مصر من كوارث متلاحقة وعنيفة وغريبة يدعونا وبسرعة للتأمل!! .. لابد من التأمل .. ربما يمنحنا الله الهام الحل، فلقد اتت النار على مجلس الشورى وعلى امانة الحزب الوطني باسيوط وانهارت
البورصة انهيارا غير مسبوق وانهار جبل المقطم على عائلات بأكملها كل ذلك في اقل من 15 يوم أو اذا كنا اكثر دقة في الخمسة عشرة يوما الاخيرة فقط !! اذا رجعنا بعقارب الساعة للوراء 15 يوما اخري سنجد من ثلاثة الى اربعة كوارث اخرى وهكذا .. هل هي لعنة كلعنة قارون الذي خسف الله به وبأهله الارض؟؟ .. هل بيننا قارون يلعنا به الله ويخسف بنا وبأهلنا قبله و بسببه الارض ؟؟ هل هناك من يجمع ويستخدم مال الناس في اذلال وجوع الناس؟؟ .. هل وصلنا لمرحلة غضب السماء علينا ؟؟ هل هذه اللعنة قدر يمكن تغيره بالرحمة ام انها حتمية قدرية لاتغيير فيها وسننتهي كما انتهت عاد وثمود؟؟ لاجدال اننا ضحايا انفسنا اولا وضحايا افعالنا وقرارتنا، وربما يخرج علينا احدهم ليطالب باستقالة رئيس الوزراء ووزير التعمير ومحافظ القاهرة عقابا لهم علي هلاك ضحايا الدويقة.. لكن ماجدوى حتى استقالة الشيطان الرجيم نفسه امام شيطان اللا مبالاه التي اصبحت جزءاً اصيلاً من سلوكياتنا.. اننا نحيا لعنة صنعناها بانفسنا والنظام والمسئولين اعطوا لهذه اللعنات شرعية وجودها واستفحالها حتى اصبحت اللعنة غولا كبيرا اسمه العشوائيات يأكل كل شئ بدءاً من رغيف الخبز وانتهاءً بالاخلاق التي تدنت الى ماتحت الصفر في شوارع القاهرة على الاقل .. غول مخيف تدخل اليه الكهرباء والماء والتليفونات والمجاري ليكبر ويكبر ويكبر حتى اصبحنا اليوم ننظر اليه بعين
الخائف منه والمتودد اليه لكونه اصبح ايضا عصا غليظة تضربنا بها المنظمات العالمية على ظهورنا كلما ارادت ان تضغط على مصر، اننا نحيا حالة من اسوأ لعنات التاريخ ولن ننجو منها الا بفعل واحد فقط .... تغيير النظام!!




الاثنين، 23 يوليو 2007

في ذكرى الإحتفال بثورة 23 يوليو 2007

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
محاولات تفريغ مصر من الأرثوذكسية وتهميش دور كنيسة الإسكندرية هو أمر قديم يرجع إلى عام1769م حيث بدأ التنصير في مصر في هذه المرحلة تنصيرًا داخليًا، فقد حاولت الكنيسة الكاثوليكية بروما ضمَّ الكنيسة الأرثوذكسية بمصر إليها !
نًحذر من ضياع الكنيسة المصرية كما ضاعت السودان

البرلمان المصري يجب أن يعود لسمعته القديمة

نحتفل هذه الأيام بمرور 55 عاماً على ثورة يوليو 52، وسواء كان منا من يتفق معها أو يختلف، فإن مرور 55 عاماً على حدوثها يعد أمراً واقعاً نحياه بالفعل ونحيا نتائجه وتداعياته ونتحمل جميعاً بحتمية تاريخية مسئوليته تماماً، لكونها ثورة قامت بمباركة الشعب المصري وليس بمباركة شعب المريخ، وكل من بارك أحداثها وشارك فيها بل وحكم مصر من خلالها هم أيضاً المصريين وليس جنود الاحتلال الإنجليزي، لذا فإن طرح إيجابيات الثورة أو سلبياتها هو في واقع الأمر طرح لإيجابيات وسلبيات الشعب المصري نفسه. أن مرور نصف قرن أو يزيد بقليل على الثورة يجعل من الضروري أن نلتفت للماضي نظرة قصيرة خاطفة لننقذ - ربما -  مستقبلنا كأمة لها تاريخ من السقوط مرة أخرى في مستنقع التحجيم والحروب والتهميش الحضاري بل والعزلة التي فرضت قهراً علينا بعدما أصبحنا شعوباً – من وجهة نظر الغرب – تصدر الإرهاب. وأول نظرة خاطفة هي التنازل عن السودان 1954مقابل مباركة الغرب لثورة يوليو وهو الأمر الذي فقدت به مصر حوالي 70% من مساحتها الفعلية حيث كانت حدود مصر هي مصر الحالية والسودان ودارفور وكردفان وما حولهم وكان علم مصر يرتفع فوق منابع النيل جنوباً وحتى مدينة الإسكندرية شمالاً ومن حدود تشاد غرباً حتى شواطئ اليمن شرقاً، حتى أن نهر النيل كان 90% من طوله يجري في أراضي مصر أما البحر الأحمر فقد كان بحيرة مصرية تماماً 100% لا يشاركه في الهيمنة عليه احد، ولكن يضيع ذلك كله بقرار واحد عام 1954 ليتقوقع الشعب المصري بعدها في هذه الشرنقة الصغيرة التي رسم حدودها شرقا وغربا الاستعمار الأوروبي ونغرق في حروب لا مثيل لها وتتحول أغلى عملة في العالم وهي الجنية المصري والذي كان يساوي 6 دولارات ونصف إلى عملة لا تساوى اليوم سوى بضع سنتات لا تتجاوز 14 سنتاً أو أقل بقليل ويصبح الشعب المصري الذي كانت تسمى باسمه عملات بعض الدول ( مصاري ) من شعب يعطي منحاً لا ترد لبلدان كثيرة في العالم كالفلبين والسعودية وغالب بلدان جنوب شرق أسيا إلى شعب يحيا اليوم تحت خط الفقر بل وتهدده بعض الدول العظمى بحجب منحة السلام عنه إن لم يمتثل لأوامرها وغطرستها الأمبريالية.
اليوم تعاد المحاولة القديمة مرة أخرى ولكن هذه المرة ليست في ضياع السودان ولكنها في ضياع الكنيسة المصرية، وربما لا يعلم الكثير من المصريين  وحتى كثير من الأقباط أنفسهم، أن محاولات تفريغ مصر من الأرثوذكسية وتهميش دور كنيسة الإسكندرية هو أمر قديم يرجع إلى عام1769م حيث بدأ التنصير في مصر في هذه المرحلة تنصيرًا داخليًا، فقد حاولت الكنيسة الكاثوليكية بروما ضمَّ الكنيسة الأرثوذكسية بمصر إليها، والضغط عليها لإتباع مذهبها، كما حاول "البروتستانت" في إنجلترا وأمريكا فعل نفس الشيء مع مسيحيِّي مصر؛ ولذا بعث بابا روما مندوبًا عنه إلى البطريرك القبطي "بولس الثامن عشر"، لتولى رئاسة الكنيسة المصرية في 1769م بدعوة، ولكن البطريرك القبطي رفض هذه الدعوة؛ لأن الكنيسة المصرية لم تنسَ الحقبة الأولى من تاريخها التي عانت فيها من اضطهاد الكنيسة البيزنطية وهو الأمر الذي يتكرر في أيامنا هذه على يد البابا بندكت بابا الفاتيكان وما يفعله اليوم ضد كنيسة الإسكندرية من قذف وتشهير في محاولة يائسة أخرى لضم الكنيسة المصرية لكنيسة روما وهو أمر ليس مجالنا الخوض فيه الآن، ونجد أنه بالرغم من رفض الكنيسة القبطية لدعوة بابا روما آنذاك إلا أن بابا روما وفي أواخر هذا القرن – الثامن عشر - يرسل جماعةً من الرهبان لبث المذهب الكاثوليكي بين الأقباط، ثم ازداد عدد هؤلاء الرهبان الذين استوطن بعضهم الصعيد، ونشطوا في جذب شعب كبير من عموم الأقباط، - تماما كما يحدث في يومنا هذا في صعيد مصر تحت مرأى ومسمع من الجميع ولا يحركون ساكناً - وفي القرن التاسع عشر أضيف نشاط الإرساليات البروتستانتية إلى جانب الكاثوليك، ووفدوا إلى مصر من إنجلترا وأمريكا عن طريق الشام، وارتبط نشاط هذه الإرساليات بسعي الدول الأوروبية والغربية إلى غزو بلاد المشرق، بغية خلق أقليات ترتبط بها وتؤيدها، خاصةً في عهد الوالي "محمد سعيد" باشا، مستفيدةً من حماية الامتيازات الأجنبية، واستقلال مصر عن الدولة العثمانية، حيث كان هذا الاستقلال يمكنها من عدم تطبيق القوانين العرفية بعد الحرب العثمانية الروسية وخاصة الخط الهمايوني ومعناه بالتركية _ قانون شريف _ والتي ربما دفعت بمسيحيي الشام للهروب إلى مصر كما تحدثنا الوثائق اللبنانية نفسها: " ..... أنه مع تمادي السلطان "عبد الحميد" في طغيانه، تعاقبت الكثير من الأحداث بعد العام 1860، سواءً أكان في لبنان أم في مصر، ودفعت بالعديد من اللبنانيين للهجرة إلى مصر. ومن أبرز هذه الأحداث: أحداث 1860، وانعكاسها على الوضع المادي كما على الوضع الفكري. وانعكاسات الحرب التركية الروسية سنة 1877، وما تبعها من فرض للأحكام العرفية، ومن رقابة وضرائب ثقيلة على كافة مقاطعات الإمبراطورية. أما في مصر، فقد برزت عدة عوامل وتهيأت الكثير من الظروف لتجذب اللبنانيين والصحافة اللبنانية إليها، منها:  تمتّع مصر بنوع من الاستقلالية الذاتية في عهد "محمد علي باشا" إزاء السلطنة العثمانية. بحيث أصبحت مصر أكثر حرية إذ تغيرت فيها القوانين على نحو غير مسبوق في عهد الخديوي سعيد (1822-1863 م) بما سنته من قوانين إلغاء للجزية، ومساواة النصارى بالمسلمين في قواعد الجندية سنة 1855 م.. إلى جانب عدم تطبيق قوانين الباب العالي العرفية وخاصة ( قانون شريف ) أو الخط الهمايوني .... "، وربما هذا الاستقلال هو ما سال له لعاب الكنائس الغربية أيضاً مرة أخرى لسحب البساط من تحت الكنيسة المصرية ( كنيسة الإسكندرية ) وتقليص هيمنتها في العالم المسيحي في أنحاء الكرة الأرضية وعلية استغلت الكنيسة الكاثوليكية ( روما – فرنسا ) والكنيسة الإنجيلية ( انجلترا - أميركا ) تولى " إسماعيل باشا " حكم مصر في 18 يناير سنة 1863 م ورغبته العارمة في النهوض بمصر وميله الشديد للأوربيين والأجانب لتحقيق هذه الرغبة بأعطاءهم سلطات واسعة في بناء المدارس والمعاهد والكنائس التي تتمتع بحماية القانون والدستور المصري وهو الأمر الذي  أدى إلى إحداث أضراراً بالغة على الكنيسة القبطية المصرية الفقيرة آنذاك حيث انضم إلى الإنجيليين والكاثوليك الكثير من الأقباط الفقراء الذين تعلموا في مدارسهم الأجنبية التي انتشرت في المدن والقرى تحت مظلة حرية العقيدة وبناء دور العبادة لكل الملل والنحل من المصريين وغير المصريين, وطبقاً للتخطيط الأجنبي المدروس المتبع في بلادهم والذي جاء في تقرير مجموعة من المبشرين: " ..... إن القاهرة تعتبر نقطة مهمة وهي المدينة الثانية في الإمبراطورية التركي....". فقد بدأت الإرسالية الأمريكية العمل في مصر مع بداية عام 1850م تحت مسمى ( الرسالة المشيخية الاتحادية الأمريكية )، ومنذ اليوم الأول ترافق النشاط التعليمي مع النشاط التبشيري. وقد أنشأ الأمريكيون تحت لواء الهيئة المشيخية المتحدة عدداً من المدارس على طول نهر النيل، كان من أشهرها كلية للرجال في مدينة أسيوط التي تعد عاصمة إقليم الصعيد، وكلية للبنات في القاهرة كان لها دور تعليمي بين نساء مصر عامة والقاهرة خاصة، وقد كان نشاط المدارس الأمريكية يتركز في عدد من الأهداف: نشر المذهب البروتستانتي بين الأقباط ، حيث كان لنشر المذهب دوافع استعمارية كشف عنها " وليم هل " حيث قال: «إن مصر مستودع للثروات التي لا تعد ولا تحصى». وكان التركيز في تلك الفترة على الطبقة الفقيرة من أقباط مصر ومن خلال تبني أفرادها واحتوائهم وتقديم التعليم المجاني لهم، ثم إيجاد فرص عمل مناسبة ضمن نشاطها، وكان الشرط الأساسي لذلك هو عضوية الشخص للكنيسة الإنجيلية وانتماؤه إليها، والدعوة إلى مذهبها بين أقرانه وذويه وأصدقائه – كما يحدث تماما اليوم - ، وفي نفس الوقت اتخذت الإرسالية من الطبقة الغنية سنداً لها بتقديمهم الدعم المادي والمعنوي لأنشطتها. حتى صارت هذه المدارس تتغلغل في نفسية المصريين الأقباط , وحل الأمان لدى المصريين مسلميناً وأقباطا محل الخوف من الغريب, بعد أن رأوا تقدم أولادهم في العلم والأخلاق والعادات التي دخلت إليهم عن طريق الغرب وتقول المؤرخة " أيريس حبيب المصري " معلقة على رؤية هذه المدارس في عيون المصريين: ".... وبكل هذه الوسائل المثلي تصبح المدرسة الأجنبية في أعين المصريين أشبه بالواحة المثمرة وسط الصحراء القاحلة , وأخذت هذه المدارس الفرنسية والإيطالية الكاثوليكية , والإنجليزية والأمريكية البروتستاتينة تنتشر في أنحاء مصر وخاصة الصعيد ...." ويقول السوري " مصطفى الخالدى " وكأنه يتحدث عما نحياه اليوم: " .....قامت فئة دينية في سوريا أدت إلى تمكين السيادة الغربية هناك " ولما نجحت خطة المرسلين الأمريكان ذهبوا إلى مصر ومعهم مجموعة من السوريين الذين استمالوهم إليهم , فكان هؤلاء السوريين التكأة التي أستند عليها الأمريكيين في عملهم بين المصريين فإنهم اختطوا خطة مماثلة في بلادنا لتلك التي حدثت في سوريا فجعلوا " فارس حكيم " وهو أحد الوافدين السوريين  يثير فتنه كبيرة في أسيوط اتخذتها السلطات في واشنطن ذريعة لتطلب إلى " إسماعيل باشا " تعزيز مركز المبشرين الإنجيليين وأعوانهم داخل مصر وخاصة بين الأقباط , ومن هنا سرى شعور في مختلف الجهات بان المرسلين إنما جاءوا لنشر النفوذ الأجنبي....."  والمدهش أن " إسماعيل باشا " استشعر أن هناك خطة ما لتفريغ أقباط مصر من ملتهم الأرثوذكسية بل ومحو كنيسة الإسكندرية ودورها الديني في العالم المسيحي فمنح الأقباط  بعض الأراضي الزراعية ثم استصدر أمره إلى وزارة المعارف العمومية بإجراء امتحان لتلاميذ المدارس القبطية بعد امتحان تلاميذ المدارس الأميرية  على أن يقام احتفال عظيم يدعى إليه علماء الأزهر والأمراء وكبار القوم يتقدمهم مفتى الديار المصرية نفسه ، وبالرغم من كل تلك الإحتياطات التي احتاط لها " إسماعيل باشا " لحماية الكنيسة المصرية إلا أنه قد تفشى أمر الإرساليات الأجنبية وأضعفت الروح الوطنية في مصر وأصبح دخول أقباط مصر في ملل الإنجيليين والكاثوليك عظيماً ومؤشر خطر وتهديد فاضح لزوال أمر الكنيسة الأرثوذكسية في مصر وضياعها وضياع هيمنتها وهيبتها في العالم المسيحي وهو الأمر الذي أدى إلى أن أصغى أخيرا " عباس باشا " إلى البابا " ديمتريوس " بابا الإسكندرية ليقوم البابا برحله رعوية ليهيب بشعبه أن يتمسك بعقيدته الأرثوذكسية التي تسلمها من ألاباء وقام " إسماعيل باشا " بتهيئة باخرة حكومية عظيمة  ليسافر عليها البابا المرقسى ورجاله , واستقلها البابا وبصحبته اللاهوتي الشهير " الإيغومانس فيلوثيؤوس عوض " خادم الكنيسة المرقصية بالأزبكية وعدداً من ألاباء والشمامسة , وحينما تهادت الباخرة كان البابا ومن معه يتنقلون بين مدن الصعيد وقراها حتى وصلوا إلى آخر حدود مصر الجنوبية, واستغرقت رحلتهم ثلاثة شهور, ونجحوا في خطتهم فاستردوا أبناءهم الأقباط من يد الغرباء الروم والإنجليز والأمريكان ودخلوا ثانية إلى بيت أبيهم السمائى – هكذا كما تقول الوثائق - وقد امتلأت كتب المرسلين الأجانب أنفسهم تصف جهود البابا " ديمتريوس الثانى " التي أدت إلى تجميد نشاط الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية في وادي النيل كله، ولعل من أعظم الأحداث التي لا يذكرها المصريين اليوم مدفوعين بما يفعله الغرب فينا من فتن هي زيارة السلطان " عبد العزيز " لمصر ومنحة السخية للمدارس القبطية حيث أرسل " إسماعيل باشا " دعوة إليه لزيارة مصر وفى هذه الزيارة أنعم عليه بلقب خديوي , وحدث أن دعا الخديوي " إسماعيل " كبار رجال الدولة وأغنياء مصر لتحية الضيف الكبير سلطان ألأستانة وكان التقليد السلطاني يتمثل في أن أي إنسان يمثل بين يدي السلطان عليه أن يقبل هدب ثوبه , وعندما ذهب البابا المرقسى الأنبا " ديمتريوس " إلى السلطان ولما وصل إلى حيث يجلس السلطان " عبد العزيز " قام بتقبيل صدره من ناحية القلب , فأصيب الحاضرون من هذا المسلك الغير متبع في استقبال السلطان بالذهول واعتبره الكثير إهانة للسلطان الذي سأل لماذا فعل البطريرك هذا؟ وكان القمص " سلامة " وكيل البطريركية في صحبة البابا في هذه الزيارة وكان يجيد التحدث باللغة التركية كأنه أحد أبناءها فترجم ما قاله البابا مجيباً على استفهام السلطان فقال : " في كتابنا المقدس آية تقول أن قلب الملك في يد الرب وأنا بتقبيلي صدركم إنما قبلت يد ملك الملوك وسلطان السلاطين " , فسعد السلطان وابتهج وأبتسم سروراً, ولما رأى الخديوي رضا السلطان من هذا التصرف المحب من أحد رعاياه منح الخديوي " إسماعيل " بطريركية الأقباط 1500 فدان من أملاك الحكومة للصرف منها على المدارس القبطية وغيرها من المرافق القبطية وبناء الكنائس هذا بخلاف العطاءات التي كانت يده  تمتد بها إليهم من وقت لآخر، هذه هي مصر التي بحثنا في تاريخها الحديث كله فلم نجد أثراً لأي خط همايوني أو اضطهادا من فئة ضد فئة كما يروج البعض ممن يأكلون على موائد تريد النيل من مصر وشعبها، ولكن لعل السبب جاء بعد ثورة 23 يوليو وكما فسره الدكتور " رفعت السعيد " والذي اطمئن إلى تفسيره هذا كثيراً حيث قال: أرى أنه من أسباب ومسببات الجرح المصري الذي يأبى أن يندمل هو جرح الفتنة الطائفية، وهو الحكم بالإعدام السري لنصوص قانونية سارية وواجبة النفاذ، وكيف أن ذلك قد فتح الباب علي مصراعيه أمام بواعث الفتنة ودعاتها. ولا يقتصر الأمر علي تجاهل القوانين دائما بل يتعداه أيضا إلي التراث القضائي الذي يتضمن أحكاما لو التزمنا بها أو بمنهجها أو بروحها لتلافينا كثيرا من الشطط الذي يعشش في مناخنا الكئيب. ثم يحيطنا دكتور " رفعت السعيد " بقوله: لا يختلف أحد علي أن الدكتور " عبد الرازق السنهوري " هو أستاذ القانونيين المصريين، ولهذا فإننا نعود إليه كي نستند إلي أحد أحكامه عندما كان رئيسا لمجلس الدولة في زمن كان المجلس يلعب فيه إلي حد كبير دورا يشبه دور المحكمة الدستورية. ولنقرأ في نصوص الحكم الصادر في القضية رقم 538 سنة 5 قضائية المقامة من " حنا سليمان جرجس " والذي قال في صحيفة دعواه إنه أقام بناءً خصصه فيما بعد للصلاة مع إخوانه الأقباط الأرثوذكس وأطلق عليه اسم كنيسة " القصاصين "، وصدر قرار إداري بإيقاف الشعائر الدينية بالكنيسة حتى يصدر مرسوم ملكي، ويطلب الشاكي إبطال القرار الإداري المشار إليه، وحول هذه الدعوى أصدر الدكتور " السنهوري " حكماً تاريخياً جاء فيه: «من حيث إن المدعي نعي علي الأمر المطعون فيه فأن وزارة الداخلية لا يدخل في اختصاصها منع الاجتماعات الدينية وتعطيل الشعائر، لمنافاة ذلك للحرية الفردية، ولحرية العقيدة، وحرية العبادة وكل هذه الأمور كفلها الدستور، وليس في القوانين واللوائح ما يمنع حرية الاجتماع لممارسة الطقوس الدينية وشئون العبادة في مكان مملوك للمدعي وأطلق عليه اسم كنيسة " القصاصين "، وتري المحكمة أن الدستور يحمي هذه الحريات ما دامت لا تخل بالنظام العام ولا تنافي الآداب، ومن ثم يكون الأمر بتعطيل الاجتماع الديني قد وقع باطلا مما يتعين معه إلغاء الأمر المطعون فيه». ولأن محامي الحكومة كان قد أسند قرار وزارة الداخلية إلي تنفيذ «الخط الهمايوني»، وبرغم أن مجلس الدولة لم يكن منوطاً به الحكم علي مدي دستورية الالتزام بهذا الخط أطلاقا، إلا أن الدكتور " السنهوري " نبه وبشدة في حكمه «إلي ضرورة ألا يؤدي إعماله إلي حرمان مواطنين من حقهم في إنشاء دور للعبادة، وقال في نص الحكم:«ومن حيث إنه مما يجب مراعاته فوق ذلك أن اشتراط الحصول علي ترخيص لإنشاء دور العبادة، علي نحو ما جاء في الخط الهمايوني لا يجوز أن يتخذ ذريعة لإقامة عقبات لا مبرر لها تحول دون إنشاء هذه الدور مما لا يتفق مع حرية إقامة الشعائر الدينية، إذ إن الترخيص المنصوص عليه في هذا الخط الهمايوني لم يقصد به أطلاقا عرقلة إقامة الشعائر الدينية، بل أريد به أن يراعي في إنشاء دور العبادة الشروط اللازمة التي تكفل أن تكون هذه الدور قائمة في بيئة محترمة تتفق مع وقار وقداسة الشعائر الدينية وطهارتها». بل إن الدكتور " السنهوري " يطالب في الحكم بإصدار تشريع «يحدد الإجراءات اللازم مراعاتها في إنشاء دور العبادة، والشروط الواجب توافرها حتى إذا ما استوفيت هذه الشروط وروعيت هذه الإجراءات تعين صدور الترخيص في مدة يعينها التشريع، فإذا لم يصدر في هذه المدة كان الطالب في حل من إقامة دور العبادة التي طلب الترخيص لإنشائها». ثم يقرر في حسم « ولذلك حكمت المحكمة بإلغاء الأمر الإداري الصادر من وزارة الداخلية بوقف الاجتماعات الدينية التي تقام بالمكان الذي خصصه لها المدعي بناحية " القصاصين"، وألزمت الحكومة بالمصروفات». ثم ينهي حديثة بالقول: ولعل من حقنا ومن واجبنا أن نستدعي الضمير المصري كي يستعيد الأحكام السابقة ويستعيد معها نصوص الدستور ونصوص القانون ويتخذ قرارات وإجراءات ومواقف تلتزم بها...." إن ما نراه في ظاهر الأمر اليوم من فتنة طائفية هو باطن غير معلن يساهم في تأجج نيرانه طابور خامس ربما يحملون الجنسية المصرية لكن ليس لهم أي انتماء لمصر بالحد الأدنى الذي يدفعهم للدفاع عن ضياع الدين ممثلاً في ضياع الأزهر وكنيسة الإسكندرية التي تهيمن على قلوب كثير من ملايين المؤمنين بها في أصقاع العالم المسيحي ويتجهون بأفئدتهم أليها وإلى مصر، وفي ظل هذه الفوضى كان حرياً بالأقباط أن يعتبروا عصر  محمد علي وأبنائه (1805-1952) هو العصر الذهبي لهم ، لان هذا العهد هو الذي فطن لقوة الكنيسة المصرية وهيمنتها على ملايين كثيرة في العالم مما يعد مصدر قوة لمصر في العالم المسيحي تعادل قوة الأزهر تماماً في العالم الإسلامي وهو العهد الذي انتهى في نظرهم بقيام ثورة يوليو واعتلاء جمال عبد الناصر السلطة حيث يرى المؤرخون الأقباط أن إجراءات التأميم التي قام بها عبد الناصر في يوليو 60/1961 كادت تقضي على نسبة وعدد كبير من الأعمال والصناعات والوظائف المهنية والفنية التي كان يتواجد بها الأقباط  بنسب عالية كقطاع النقل والصناعة والبنوك ليعين بدلاً من  المديرين الأقباط مديرين مسلمين، ضارباً عرض الحائط نص القانون والدستور خاصة دستور 1923 الوفدي الذي كفل  الحرية للمصريين جميعا والمساواة في الحقوق بصرف النظر عن الدين والجنس واللغة بالإضافة إلى حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية الأمر الذي كان من شأنه أن ينتخب " ويصا واصف " رئيسا لمجلس النواب (البرلمان) وكذلك قيام حكومة الوفد حينئذ بإدخال تعليم الديانة المسيحية في المدارس ليقوم بتدريسها المدرسون الأقباط في كل مدرسة وليضاف هذا المنهج أيضا في مدارس المعلمين العليا حتى أصبح في عام 1949 من بين مواد الدراسة الرئيسة وذلك للمساواة بين التلاميذ المسلمين والمسيحيين في تعلم الدين وكلها امور قامت ثورة يوليو بعد ذلك بإلغائها تماماً. ويضيف المؤرخون الأقباط أن انتزاع والاستيلاء على الأراضي الزراعية بعد ثورة يوليو بموجب قانون الإصلاح الزراعي كانت خسارة الأقباط  فيها بنسبة 75% هذا ويلاحظ أنه عند توزيع هذه الأراضي على الفقراء الفلاحين لم يتم توزيعها إلا على الفلاحين المسلمين فقط، إذن فالأمر لا يتعلق بدستور أو قانون ولكن يتعلق الأمر بسقطة تاريخية لابد من تصحيحها فوراً للحفاظ على الكنيسة المصرية التي هي مصدر قوة دينية وسياسية مؤثرة لمصر في جميع أنحاء العالم المسيحي كقوة الأزهر الدينية والسياسية المؤثرة في كل أنحاء العالم الإسلامي لكون  أغلب علماء الدين الإسلامي ومشايخ الفتوى الإسلاميين في غالب أنحاء العالم هم من أبناء الأزهر وغالبية القساوسة والآباء الأرثوذكس في العالم هم أيضاً من أبناء الكنيسة المصرية أو تلاميذها وهو ما يجعل مصر ذات ثقل في غاية القوة لكونها تمتلك رعايا لها من المسلمين والمسيحيين يعدوا بالملايين في أرجاء العالم ليسوا من المصريين أصلا ولكنهم ينتمون للمدارس الدينية المصرية سواء كانت الإسلامية أو المسيحية وهو ما يضاعف حجم التعاطف والانتماء لمصر لكونها قبلتهم الفقهية جميعاً. علينا أن نبذل كل جهد لكي لا تضيع الكنيسة كما ضاعت السودان وأن ندرك أن كل ما يحدث حولنا في مصر اليوم هو سبيل استعماري قديم جداً ليس للمصريين دخل فيه أطلاقا وغايته إضاعة الكنيسة والأزهر معاً وتفريغ مصر من قوتها وهيمنتها الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية بحيث أصبحنا اليوم نسمع ونرى من يكفرون شيخ الأزهر ومشايخنا الأجلاء الذين عرف عنهم الاعتدال منذ العصور الأولى للإسلام وكذلك تكفير بابا الأقباط وقساوسة الكنيسة المصرية وهم المشهورون بأفكار السلام والمحبة والاعتدال بين كل الطوائف المسيحية في العالم كله، إن ما يحدث اليوم ونراه ونسمعه ونعيشه هو تماماً ما أسمته الولايات المتحدة بالفوضى الخلاقة التي وإن حدثت بالفعل ونحن في غيبوبة عنها لن يرحمنا بعد حدوثها أحد حتى الله نفسه ولن يتبقى لنا بعدها ولو دقائق نبكي فيها على اللبن المسكوب.

في ذكرى الإحتفال بثورة 23 يوليو 2007

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
محاولات تفريغ مصر من الأرثوذكسية وتهميش دور كنيسة الإسكندرية هو أمر قديم يرجع إلى عام1769م حيث بدأ التنصير في مصر في هذه المرحلة تنصيرًا داخليًا، فقد حاولت الكنيسة الكاثوليكية بروما ضمَّ الكنيسة الأرثوذكسية بمصر إليها !
نًحذر من ضياع الكنيسة المصرية كما ضاعت السودان

البرلمان المصري يجب أن يعود لسمعته القديمة

نحتفل هذه الأيام بمرور 55 عاماً على ثورة يوليو 52، وسواء كان منا من يتفق معها أو يختلف، فإن مرور 55 عاماً على حدوثها يعد أمراً واقعاً نحياه بالفعل ونحيا نتائجه وتداعياته ونتحمل جميعاً بحتمية تاريخية مسئوليته تماماً، لكونها ثورة قامت بمباركة الشعب المصري وليس بمباركة شعب المريخ، وكل من بارك أحداثها وشارك فيها بل وحكم مصر من خلالها هم أيضاً المصريين وليس جنود الاحتلال الإنجليزي، لذا فإن طرح إيجابيات الثورة أو سلبياتها هو في واقع الأمر طرح لإيجابيات وسلبيات الشعب المصري نفسه. أن مرور نصف قرن أو يزيد بقليل على الثورة يجعل من الضروري أن نلتفت للماضي نظرة قصيرة خاطفة لننقذ - ربما -  مستقبلنا كأمة لها تاريخ من السقوط مرة أخرى في مستنقع التحجيم والحروب والتهميش الحضاري بل والعزلة التي فرضت قهراً علينا بعدما أصبحنا شعوباً – من وجهة نظر الغرب – تصدر الإرهاب. وأول نظرة خاطفة هي التنازل عن السودان 1954مقابل مباركة الغرب لثورة يوليو وهو الأمر الذي فقدت به مصر حوالي 70% من مساحتها الفعلية حيث كانت حدود مصر هي مصر الحالية والسودان ودارفور وكردفان وما حولهم وكان علم مصر يرتفع فوق منابع النيل جنوباً وحتى مدينة الإسكندرية شمالاً ومن حدود تشاد غرباً حتى شواطئ اليمن شرقاً، حتى أن نهر النيل كان 90% من طوله يجري في أراضي مصر أما البحر الأحمر فقد كان بحيرة مصرية تماماً 100% لا يشاركه في الهيمنة عليه احد، ولكن يضيع ذلك كله بقرار واحد عام 1954 ليتقوقع الشعب المصري بعدها في هذه الشرنقة الصغيرة التي رسم حدودها شرقا وغربا الاستعمار الأوروبي ونغرق في حروب لا مثيل لها وتتحول أغلى عملة في العالم وهي الجنية المصري والذي كان يساوي 6 دولارات ونصف إلى عملة لا تساوى اليوم سوى بضع سنتات لا تتجاوز 14 سنتاً أو أقل بقليل ويصبح الشعب المصري الذي كانت تسمى باسمه عملات بعض الدول ( مصاري ) من شعب يعطي منحاً لا ترد لبلدان كثيرة في العالم كالفلبين والسعودية وغالب بلدان جنوب شرق أسيا إلى شعب يحيا اليوم تحت خط الفقر بل وتهدده بعض الدول العظمى بحجب منحة السلام عنه إن لم يمتثل لأوامرها وغطرستها الأمبريالية.
اليوم تعاد المحاولة القديمة مرة أخرى ولكن هذه المرة ليست في ضياع السودان ولكنها في ضياع الكنيسة المصرية، وربما لا يعلم الكثير من المصريين  وحتى كثير من الأقباط أنفسهم، أن محاولات تفريغ مصر من الأرثوذكسية وتهميش دور كنيسة الإسكندرية هو أمر قديم يرجع إلى عام1769م حيث بدأ التنصير في مصر في هذه المرحلة تنصيرًا داخليًا، فقد حاولت الكنيسة الكاثوليكية بروما ضمَّ الكنيسة الأرثوذكسية بمصر إليها، والضغط عليها لإتباع مذهبها، كما حاول "البروتستانت" في إنجلترا وأمريكا فعل نفس الشيء مع مسيحيِّي مصر؛ ولذا بعث بابا روما مندوبًا عنه إلى البطريرك القبطي "بولس الثامن عشر"، لتولى رئاسة الكنيسة المصرية في 1769م بدعوة، ولكن البطريرك القبطي رفض هذه الدعوة؛ لأن الكنيسة المصرية لم تنسَ الحقبة الأولى من تاريخها التي عانت فيها من اضطهاد الكنيسة البيزنطية وهو الأمر الذي يتكرر في أيامنا هذه على يد البابا بندكت بابا الفاتيكان وما يفعله اليوم ضد كنيسة الإسكندرية من قذف وتشهير في محاولة يائسة أخرى لضم الكنيسة المصرية لكنيسة روما وهو أمر ليس مجالنا الخوض فيه الآن، ونجد أنه بالرغم من رفض الكنيسة القبطية لدعوة بابا روما آنذاك إلا أن بابا روما وفي أواخر هذا القرن – الثامن عشر - يرسل جماعةً من الرهبان لبث المذهب الكاثوليكي بين الأقباط، ثم ازداد عدد هؤلاء الرهبان الذين استوطن بعضهم الصعيد، ونشطوا في جذب شعب كبير من عموم الأقباط، - تماما كما يحدث في يومنا هذا في صعيد مصر تحت مرأى ومسمع من الجميع ولا يحركون ساكناً - وفي القرن التاسع عشر أضيف نشاط الإرساليات البروتستانتية إلى جانب الكاثوليك، ووفدوا إلى مصر من إنجلترا وأمريكا عن طريق الشام، وارتبط نشاط هذه الإرساليات بسعي الدول الأوروبية والغربية إلى غزو بلاد المشرق، بغية خلق أقليات ترتبط بها وتؤيدها، خاصةً في عهد الوالي "محمد سعيد" باشا، مستفيدةً من حماية الامتيازات الأجنبية، واستقلال مصر عن الدولة العثمانية، حيث كان هذا الاستقلال يمكنها من عدم تطبيق القوانين العرفية بعد الحرب العثمانية الروسية وخاصة الخط الهمايوني ومعناه بالتركية _ قانون شريف _ والتي ربما دفعت بمسيحيي الشام للهروب إلى مصر كما تحدثنا الوثائق اللبنانية نفسها: " ..... أنه مع تمادي السلطان "عبد الحميد" في طغيانه، تعاقبت الكثير من الأحداث بعد العام 1860، سواءً أكان في لبنان أم في مصر، ودفعت بالعديد من اللبنانيين للهجرة إلى مصر. ومن أبرز هذه الأحداث: أحداث 1860، وانعكاسها على الوضع المادي كما على الوضع الفكري. وانعكاسات الحرب التركية الروسية سنة 1877، وما تبعها من فرض للأحكام العرفية، ومن رقابة وضرائب ثقيلة على كافة مقاطعات الإمبراطورية. أما في مصر، فقد برزت عدة عوامل وتهيأت الكثير من الظروف لتجذب اللبنانيين والصحافة اللبنانية إليها، منها:  تمتّع مصر بنوع من الاستقلالية الذاتية في عهد "محمد علي باشا" إزاء السلطنة العثمانية. بحيث أصبحت مصر أكثر حرية إذ تغيرت فيها القوانين على نحو غير مسبوق في عهد الخديوي سعيد (1822-1863 م) بما سنته من قوانين إلغاء للجزية، ومساواة النصارى بالمسلمين في قواعد الجندية سنة 1855 م.. إلى جانب عدم تطبيق قوانين الباب العالي العرفية وخاصة ( قانون شريف ) أو الخط الهمايوني .... "، وربما هذا الاستقلال هو ما سال له لعاب الكنائس الغربية أيضاً مرة أخرى لسحب البساط من تحت الكنيسة المصرية ( كنيسة الإسكندرية ) وتقليص هيمنتها في العالم المسيحي في أنحاء الكرة الأرضية وعلية استغلت الكنيسة الكاثوليكية ( روما – فرنسا ) والكنيسة الإنجيلية ( انجلترا - أميركا ) تولى " إسماعيل باشا " حكم مصر في 18 يناير سنة 1863 م ورغبته العارمة في النهوض بمصر وميله الشديد للأوربيين والأجانب لتحقيق هذه الرغبة بأعطاءهم سلطات واسعة في بناء المدارس والمعاهد والكنائس التي تتمتع بحماية القانون والدستور المصري وهو الأمر الذي  أدى إلى إحداث أضراراً بالغة على الكنيسة القبطية المصرية الفقيرة آنذاك حيث انضم إلى الإنجيليين والكاثوليك الكثير من الأقباط الفقراء الذين تعلموا في مدارسهم الأجنبية التي انتشرت في المدن والقرى تحت مظلة حرية العقيدة وبناء دور العبادة لكل الملل والنحل من المصريين وغير المصريين, وطبقاً للتخطيط الأجنبي المدروس المتبع في بلادهم والذي جاء في تقرير مجموعة من المبشرين: " ..... إن القاهرة تعتبر نقطة مهمة وهي المدينة الثانية في الإمبراطورية التركي....". فقد بدأت الإرسالية الأمريكية العمل في مصر مع بداية عام 1850م تحت مسمى ( الرسالة المشيخية الاتحادية الأمريكية )، ومنذ اليوم الأول ترافق النشاط التعليمي مع النشاط التبشيري. وقد أنشأ الأمريكيون تحت لواء الهيئة المشيخية المتحدة عدداً من المدارس على طول نهر النيل، كان من أشهرها كلية للرجال في مدينة أسيوط التي تعد عاصمة إقليم الصعيد، وكلية للبنات في القاهرة كان لها دور تعليمي بين نساء مصر عامة والقاهرة خاصة، وقد كان نشاط المدارس الأمريكية يتركز في عدد من الأهداف: نشر المذهب البروتستانتي بين الأقباط ، حيث كان لنشر المذهب دوافع استعمارية كشف عنها " وليم هل " حيث قال: «إن مصر مستودع للثروات التي لا تعد ولا تحصى». وكان التركيز في تلك الفترة على الطبقة الفقيرة من أقباط مصر ومن خلال تبني أفرادها واحتوائهم وتقديم التعليم المجاني لهم، ثم إيجاد فرص عمل مناسبة ضمن نشاطها، وكان الشرط الأساسي لذلك هو عضوية الشخص للكنيسة الإنجيلية وانتماؤه إليها، والدعوة إلى مذهبها بين أقرانه وذويه وأصدقائه – كما يحدث تماما اليوم - ، وفي نفس الوقت اتخذت الإرسالية من الطبقة الغنية سنداً لها بتقديمهم الدعم المادي والمعنوي لأنشطتها. حتى صارت هذه المدارس تتغلغل في نفسية المصريين الأقباط , وحل الأمان لدى المصريين مسلميناً وأقباطا محل الخوف من الغريب, بعد أن رأوا تقدم أولادهم في العلم والأخلاق والعادات التي دخلت إليهم عن طريق الغرب وتقول المؤرخة " أيريس حبيب المصري " معلقة على رؤية هذه المدارس في عيون المصريين: ".... وبكل هذه الوسائل المثلي تصبح المدرسة الأجنبية في أعين المصريين أشبه بالواحة المثمرة وسط الصحراء القاحلة , وأخذت هذه المدارس الفرنسية والإيطالية الكاثوليكية , والإنجليزية والأمريكية البروتستاتينة تنتشر في أنحاء مصر وخاصة الصعيد ...." ويقول السوري " مصطفى الخالدى " وكأنه يتحدث عما نحياه اليوم: " .....قامت فئة دينية في سوريا أدت إلى تمكين السيادة الغربية هناك " ولما نجحت خطة المرسلين الأمريكان ذهبوا إلى مصر ومعهم مجموعة من السوريين الذين استمالوهم إليهم , فكان هؤلاء السوريين التكأة التي أستند عليها الأمريكيين في عملهم بين المصريين فإنهم اختطوا خطة مماثلة في بلادنا لتلك التي حدثت في سوريا فجعلوا " فارس حكيم " وهو أحد الوافدين السوريين  يثير فتنه كبيرة في أسيوط اتخذتها السلطات في واشنطن ذريعة لتطلب إلى " إسماعيل باشا " تعزيز مركز المبشرين الإنجيليين وأعوانهم داخل مصر وخاصة بين الأقباط , ومن هنا سرى شعور في مختلف الجهات بان المرسلين إنما جاءوا لنشر النفوذ الأجنبي....."  والمدهش أن " إسماعيل باشا " استشعر أن هناك خطة ما لتفريغ أقباط مصر من ملتهم الأرثوذكسية بل ومحو كنيسة الإسكندرية ودورها الديني في العالم المسيحي فمنح الأقباط  بعض الأراضي الزراعية ثم استصدر أمره إلى وزارة المعارف العمومية بإجراء امتحان لتلاميذ المدارس القبطية بعد امتحان تلاميذ المدارس الأميرية  على أن يقام احتفال عظيم يدعى إليه علماء الأزهر والأمراء وكبار القوم يتقدمهم مفتى الديار المصرية نفسه ، وبالرغم من كل تلك الإحتياطات التي احتاط لها " إسماعيل باشا " لحماية الكنيسة المصرية إلا أنه قد تفشى أمر الإرساليات الأجنبية وأضعفت الروح الوطنية في مصر وأصبح دخول أقباط مصر في ملل الإنجيليين والكاثوليك عظيماً ومؤشر خطر وتهديد فاضح لزوال أمر الكنيسة الأرثوذكسية في مصر وضياعها وضياع هيمنتها وهيبتها في العالم المسيحي وهو الأمر الذي أدى إلى أن أصغى أخيرا " عباس باشا " إلى البابا " ديمتريوس " بابا الإسكندرية ليقوم البابا برحله رعوية ليهيب بشعبه أن يتمسك بعقيدته الأرثوذكسية التي تسلمها من ألاباء وقام " إسماعيل باشا " بتهيئة باخرة حكومية عظيمة  ليسافر عليها البابا المرقسى ورجاله , واستقلها البابا وبصحبته اللاهوتي الشهير " الإيغومانس فيلوثيؤوس عوض " خادم الكنيسة المرقصية بالأزبكية وعدداً من ألاباء والشمامسة , وحينما تهادت الباخرة كان البابا ومن معه يتنقلون بين مدن الصعيد وقراها حتى وصلوا إلى آخر حدود مصر الجنوبية, واستغرقت رحلتهم ثلاثة شهور, ونجحوا في خطتهم فاستردوا أبناءهم الأقباط من يد الغرباء الروم والإنجليز والأمريكان ودخلوا ثانية إلى بيت أبيهم السمائى – هكذا كما تقول الوثائق - وقد امتلأت كتب المرسلين الأجانب أنفسهم تصف جهود البابا " ديمتريوس الثانى " التي أدت إلى تجميد نشاط الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية في وادي النيل كله، ولعل من أعظم الأحداث التي لا يذكرها المصريين اليوم مدفوعين بما يفعله الغرب فينا من فتن هي زيارة السلطان " عبد العزيز " لمصر ومنحة السخية للمدارس القبطية حيث أرسل " إسماعيل باشا " دعوة إليه لزيارة مصر وفى هذه الزيارة أنعم عليه بلقب خديوي , وحدث أن دعا الخديوي " إسماعيل " كبار رجال الدولة وأغنياء مصر لتحية الضيف الكبير سلطان ألأستانة وكان التقليد السلطاني يتمثل في أن أي إنسان يمثل بين يدي السلطان عليه أن يقبل هدب ثوبه , وعندما ذهب البابا المرقسى الأنبا " ديمتريوس " إلى السلطان ولما وصل إلى حيث يجلس السلطان " عبد العزيز " قام بتقبيل صدره من ناحية القلب , فأصيب الحاضرون من هذا المسلك الغير متبع في استقبال السلطان بالذهول واعتبره الكثير إهانة للسلطان الذي سأل لماذا فعل البطريرك هذا؟ وكان القمص " سلامة " وكيل البطريركية في صحبة البابا في هذه الزيارة وكان يجيد التحدث باللغة التركية كأنه أحد أبناءها فترجم ما قاله البابا مجيباً على استفهام السلطان فقال : " في كتابنا المقدس آية تقول أن قلب الملك في يد الرب وأنا بتقبيلي صدركم إنما قبلت يد ملك الملوك وسلطان السلاطين " , فسعد السلطان وابتهج وأبتسم سروراً, ولما رأى الخديوي رضا السلطان من هذا التصرف المحب من أحد رعاياه منح الخديوي " إسماعيل " بطريركية الأقباط 1500 فدان من أملاك الحكومة للصرف منها على المدارس القبطية وغيرها من المرافق القبطية وبناء الكنائس هذا بخلاف العطاءات التي كانت يده  تمتد بها إليهم من وقت لآخر، هذه هي مصر التي بحثنا في تاريخها الحديث كله فلم نجد أثراً لأي خط همايوني أو اضطهادا من فئة ضد فئة كما يروج البعض ممن يأكلون على موائد تريد النيل من مصر وشعبها، ولكن لعل السبب جاء بعد ثورة 23 يوليو وكما فسره الدكتور " رفعت السعيد " والذي اطمئن إلى تفسيره هذا كثيراً حيث قال: أرى أنه من أسباب ومسببات الجرح المصري الذي يأبى أن يندمل هو جرح الفتنة الطائفية، وهو الحكم بالإعدام السري لنصوص قانونية سارية وواجبة النفاذ، وكيف أن ذلك قد فتح الباب علي مصراعيه أمام بواعث الفتنة ودعاتها. ولا يقتصر الأمر علي تجاهل القوانين دائما بل يتعداه أيضا إلي التراث القضائي الذي يتضمن أحكاما لو التزمنا بها أو بمنهجها أو بروحها لتلافينا كثيرا من الشطط الذي يعشش في مناخنا الكئيب. ثم يحيطنا دكتور " رفعت السعيد " بقوله: لا يختلف أحد علي أن الدكتور " عبد الرازق السنهوري " هو أستاذ القانونيين المصريين، ولهذا فإننا نعود إليه كي نستند إلي أحد أحكامه عندما كان رئيسا لمجلس الدولة في زمن كان المجلس يلعب فيه إلي حد كبير دورا يشبه دور المحكمة الدستورية. ولنقرأ في نصوص الحكم الصادر في القضية رقم 538 سنة 5 قضائية المقامة من " حنا سليمان جرجس " والذي قال في صحيفة دعواه إنه أقام بناءً خصصه فيما بعد للصلاة مع إخوانه الأقباط الأرثوذكس وأطلق عليه اسم كنيسة " القصاصين "، وصدر قرار إداري بإيقاف الشعائر الدينية بالكنيسة حتى يصدر مرسوم ملكي، ويطلب الشاكي إبطال القرار الإداري المشار إليه، وحول هذه الدعوى أصدر الدكتور " السنهوري " حكماً تاريخياً جاء فيه: «من حيث إن المدعي نعي علي الأمر المطعون فيه فأن وزارة الداخلية لا يدخل في اختصاصها منع الاجتماعات الدينية وتعطيل الشعائر، لمنافاة ذلك للحرية الفردية، ولحرية العقيدة، وحرية العبادة وكل هذه الأمور كفلها الدستور، وليس في القوانين واللوائح ما يمنع حرية الاجتماع لممارسة الطقوس الدينية وشئون العبادة في مكان مملوك للمدعي وأطلق عليه اسم كنيسة " القصاصين "، وتري المحكمة أن الدستور يحمي هذه الحريات ما دامت لا تخل بالنظام العام ولا تنافي الآداب، ومن ثم يكون الأمر بتعطيل الاجتماع الديني قد وقع باطلا مما يتعين معه إلغاء الأمر المطعون فيه». ولأن محامي الحكومة كان قد أسند قرار وزارة الداخلية إلي تنفيذ «الخط الهمايوني»، وبرغم أن مجلس الدولة لم يكن منوطاً به الحكم علي مدي دستورية الالتزام بهذا الخط أطلاقا، إلا أن الدكتور " السنهوري " نبه وبشدة في حكمه «إلي ضرورة ألا يؤدي إعماله إلي حرمان مواطنين من حقهم في إنشاء دور للعبادة، وقال في نص الحكم:«ومن حيث إنه مما يجب مراعاته فوق ذلك أن اشتراط الحصول علي ترخيص لإنشاء دور العبادة، علي نحو ما جاء في الخط الهمايوني لا يجوز أن يتخذ ذريعة لإقامة عقبات لا مبرر لها تحول دون إنشاء هذه الدور مما لا يتفق مع حرية إقامة الشعائر الدينية، إذ إن الترخيص المنصوص عليه في هذا الخط الهمايوني لم يقصد به أطلاقا عرقلة إقامة الشعائر الدينية، بل أريد به أن يراعي في إنشاء دور العبادة الشروط اللازمة التي تكفل أن تكون هذه الدور قائمة في بيئة محترمة تتفق مع وقار وقداسة الشعائر الدينية وطهارتها». بل إن الدكتور " السنهوري " يطالب في الحكم بإصدار تشريع «يحدد الإجراءات اللازم مراعاتها في إنشاء دور العبادة، والشروط الواجب توافرها حتى إذا ما استوفيت هذه الشروط وروعيت هذه الإجراءات تعين صدور الترخيص في مدة يعينها التشريع، فإذا لم يصدر في هذه المدة كان الطالب في حل من إقامة دور العبادة التي طلب الترخيص لإنشائها». ثم يقرر في حسم « ولذلك حكمت المحكمة بإلغاء الأمر الإداري الصادر من وزارة الداخلية بوقف الاجتماعات الدينية التي تقام بالمكان الذي خصصه لها المدعي بناحية " القصاصين"، وألزمت الحكومة بالمصروفات». ثم ينهي حديثة بالقول: ولعل من حقنا ومن واجبنا أن نستدعي الضمير المصري كي يستعيد الأحكام السابقة ويستعيد معها نصوص الدستور ونصوص القانون ويتخذ قرارات وإجراءات ومواقف تلتزم بها...." إن ما نراه في ظاهر الأمر اليوم من فتنة طائفية هو باطن غير معلن يساهم في تأجج نيرانه طابور خامس ربما يحملون الجنسية المصرية لكن ليس لهم أي انتماء لمصر بالحد الأدنى الذي يدفعهم للدفاع عن ضياع الدين ممثلاً في ضياع الأزهر وكنيسة الإسكندرية التي تهيمن على قلوب كثير من ملايين المؤمنين بها في أصقاع العالم المسيحي ويتجهون بأفئدتهم أليها وإلى مصر، وفي ظل هذه الفوضى كان حرياً بالأقباط أن يعتبروا عصر  محمد علي وأبنائه (1805-1952) هو العصر الذهبي لهم ، لان هذا العهد هو الذي فطن لقوة الكنيسة المصرية وهيمنتها على ملايين كثيرة في العالم مما يعد مصدر قوة لمصر في العالم المسيحي تعادل قوة الأزهر تماماً في العالم الإسلامي وهو العهد الذي انتهى في نظرهم بقيام ثورة يوليو واعتلاء جمال عبد الناصر السلطة حيث يرى المؤرخون الأقباط أن إجراءات التأميم التي قام بها عبد الناصر في يوليو 60/1961 كادت تقضي على نسبة وعدد كبير من الأعمال والصناعات والوظائف المهنية والفنية التي كان يتواجد بها الأقباط  بنسب عالية كقطاع النقل والصناعة والبنوك ليعين بدلاً من  المديرين الأقباط مديرين مسلمين، ضارباً عرض الحائط نص القانون والدستور خاصة دستور 1923 الوفدي الذي كفل  الحرية للمصريين جميعا والمساواة في الحقوق بصرف النظر عن الدين والجنس واللغة بالإضافة إلى حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية الأمر الذي كان من شأنه أن ينتخب " ويصا واصف " رئيسا لمجلس النواب (البرلمان) وكذلك قيام حكومة الوفد حينئذ بإدخال تعليم الديانة المسيحية في المدارس ليقوم بتدريسها المدرسون الأقباط في كل مدرسة وليضاف هذا المنهج أيضا في مدارس المعلمين العليا حتى أصبح في عام 1949 من بين مواد الدراسة الرئيسة وذلك للمساواة بين التلاميذ المسلمين والمسيحيين في تعلم الدين وكلها امور قامت ثورة يوليو بعد ذلك بإلغائها تماماً. ويضيف المؤرخون الأقباط أن انتزاع والاستيلاء على الأراضي الزراعية بعد ثورة يوليو بموجب قانون الإصلاح الزراعي كانت خسارة الأقباط  فيها بنسبة 75% هذا ويلاحظ أنه عند توزيع هذه الأراضي على الفقراء الفلاحين لم يتم توزيعها إلا على الفلاحين المسلمين فقط، إذن فالأمر لا يتعلق بدستور أو قانون ولكن يتعلق الأمر بسقطة تاريخية لابد من تصحيحها فوراً للحفاظ على الكنيسة المصرية التي هي مصدر قوة دينية وسياسية مؤثرة لمصر في جميع أنحاء العالم المسيحي كقوة الأزهر الدينية والسياسية المؤثرة في كل أنحاء العالم الإسلامي لكون  أغلب علماء الدين الإسلامي ومشايخ الفتوى الإسلاميين في غالب أنحاء العالم هم من أبناء الأزهر وغالبية القساوسة والآباء الأرثوذكس في العالم هم أيضاً من أبناء الكنيسة المصرية أو تلاميذها وهو ما يجعل مصر ذات ثقل في غاية القوة لكونها تمتلك رعايا لها من المسلمين والمسيحيين يعدوا بالملايين في أرجاء العالم ليسوا من المصريين أصلا ولكنهم ينتمون للمدارس الدينية المصرية سواء كانت الإسلامية أو المسيحية وهو ما يضاعف حجم التعاطف والانتماء لمصر لكونها قبلتهم الفقهية جميعاً. علينا أن نبذل كل جهد لكي لا تضيع الكنيسة كما ضاعت السودان وأن ندرك أن كل ما يحدث حولنا في مصر اليوم هو سبيل استعماري قديم جداً ليس للمصريين دخل فيه أطلاقا وغايته إضاعة الكنيسة والأزهر معاً وتفريغ مصر من قوتها وهيمنتها الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية بحيث أصبحنا اليوم نسمع ونرى من يكفرون شيخ الأزهر ومشايخنا الأجلاء الذين عرف عنهم الاعتدال منذ العصور الأولى للإسلام وكذلك تكفير بابا الأقباط وقساوسة الكنيسة المصرية وهم المشهورون بأفكار السلام والمحبة والاعتدال بين كل الطوائف المسيحية في العالم كله، إن ما يحدث اليوم ونراه ونسمعه ونعيشه هو تماماً ما أسمته الولايات المتحدة بالفوضى الخلاقة التي وإن حدثت بالفعل ونحن في غيبوبة عنها لن يرحمنا بعد حدوثها أحد حتى الله نفسه ولن يتبقى لنا بعدها ولو دقائق نبكي فيها على اللبن المسكوب.

الجمعة، 22 يونيو 2007

راسك يا وطن

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
تعجبني بعض كلمات الشاعر المصري فاروق جويدة حين قال: زواج عصر القهر بالشرفاء باطل ... والفجر يهرب كلما لاحت على الأفق السلاسل... والقهر حين يطيش في زمن الخطايا... لن يفرق بين مقتول وقاتل.
«هل سينهار الوطن؟ هل ستضيع ملامحة بسبب مايعترية من فساد؟ أم أنه صار وطناً يترجم كل ما جاء به  تشارلز ديكنز حين وصف حال انهيار فرنسا في روايته الشهيرة قصة مدينتين إذ يقول في مطلع روايته موضحاً سبب سقوط فرنسا " كنا في عصر الحكمة وعصر الجهالة، عصر اليقين والإيمان، عصر الحيرة والشكوك، بين أيدينا كل شيء وليس بأيدينا شيء على الإطلاق. 
إن طبقة الجياع - عند " ديكنز " -  كانت وقتها تمثل أكثر من 45% من حجم الشعب أما طبقة حكام السلطة وسلاطين رأس المال فهي لا تشكل سوى نسبة النصف في المائة بينما الطبقة الوسطي المثقفة صارت كمن رقصت على السلالم، فهي منقسمة على نفسها مابين صراعها ضد السقوط  في طبقة الفقراء مرة أخرى وبين صراعها في أن تكون على حدود تماس مع الطبقة الحاكمة وسلاطين المال والأعمال، حتى انهارت في صراعاتها ثقافة المجتمع وقيمه وقيمته ليصبح مجتمعاً لا تحكمه إلا " البلطجة " ، ومن ثم وبسبب هذا الصراع الذي يحدث فراغاً اجتماعياً عظيماً وضعفاً قاتلاً في الإنتماء الوطني تطغى طبقة الجياع بثقافتها في انذار واضح بانهيار المجتمع وسقوطه وظهور عصر الفوضى التي يبرز فيه " ديكنز " أهمية التضحية تحت تأثير غليان الجوع والبطالة والحقد الطبقي، حيث يضحي الثوار من عامة الشعب في روايته - الذين يستشعرون الظلم والتجاهل والاضطهاد والجباية- بكل ما يرونه غال وثمين في سبيل الحرية التي يدركون صعوبتها إذ أصبحوا لا يملكون شيئاً أمام حكام ونبلاء انفصلوا بالكلية عن الشعب ويملكون كل شئ، والثمن الضخم - في رواية ديكنز- والذي يرى ضرورة ان يدفعه هؤلاء الثوار - أي ثوار- من أجل تحقيق ثورتهم سيكون حتماً من دماء الثوار انفسهم وهو ماأظهره بالتفصيل حتى صار وصفه لمشاهد القتل والتصفيات الجسدية والإغتيالات بل وانتحار بعض رجالات القصر من اقسى التراجيديات التي صاغها اديب منذ ميلاد ديكنز نفسه عام 1812 في مدينة بورتسماوث البريطانية، أو ربما منذ اندلاع الثورة الفرنسية ذاتها في قصته عام 1789 وحتى يومنا هذا إذ كان الخراب عاماً والقتل شريعة والحقد وسيلة لكسب العيش والوطن لاتحكمه إلا الفوضى. 
و" ديكنز" يرى أن الثورة تميل حتماً إلى القمع والعنف، ورغم دعمه للقضية الشعبية التي استوجبت الثورة إلا أنه يشير إلى ما ارتكبه الثوار من شرور، فهو من جهة يدين قمع الفلاحين وعامة الشعب والفقراء الذي كان يحدث، ومن جهة أخرى يدين طريقتهم في الثورة والقضاء علي هذا القمع وهذا الاستعباد الذي نالهم، وكذلك أدانته محاربة العنف بالعنف والقهر بالقهر، حيث يتحول كل من كان يعاني الاضطهاد بالأمس إلى أن يضطهد الآخرين بنفسه اليوم وبمنتهى اللذة وبنفس مطمئنة! إذ كان الثوار يهاجمون قصور النبلاء والنبيلات ويعيثون فيها اعمال الحرق والهدم والنهب والقتل والابادة .. بل وكانوا يهاجمون السجون التي وضع بها افراد طبقة النبلاء وخطفهم للإطاحة برؤسهم وقتلهم بشكل جماعي تحت نصل المقصلة رجالاً ونساءً وأطفالا حتى سالت الدماء انهارا فى كل مكان تحت شعار.. الحرية .. الإخاء . 
إن قصة مدينتين ببساطة هي ثورة الجياع في كل زمان ومكان، ثورة  ضد كل من يسلب الشعوب حق أن تعيش بكرامة ولو بالحدود الدنيا من الإنسانية، وهي قصة درامية مكررة، كررها التاريخ في غير موضع منذ ثورة العبيد بقيادة سبارتاكوس مرورا بالثورة الفرنسية التي صاغها ديكنز في قصة مدينتين وربما انتهاءً بالحركات الراديكالية التي تمتلئ بها شوارع وطننا اليوم - وأضحت كثيرة جداً- تهدد أمان الوطن واستقراره وتنتمي جميعها لدافع مشترك وهو الجوع واليأس والبطالة وهدفها واحد هو سقوط العروش التي تعتلي كراسي الحكم بالوطن. 
نحن لسنا أربابا حتى نرى ما سيكشف عنه مستقبل هذا الوطن، بل ربما نكون مجرد رواه عجزة لما يحدث داخله ونعيشه، وتعجبني بعض كلمات الشاعر المصري فاروق جويدة حين قال: زواج عصر القهر بالشرفاء باطل ...  والفجر يهرب كلما لاحت على الأفق السلاسل...  والقهر حين يطيش في زمن الخطايا...  لن يفرق بين مقتول وقاتل.

راسك يا وطن

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
تعجبني بعض كلمات الشاعر المصري فاروق جويدة حين قال: زواج عصر القهر بالشرفاء باطل ... والفجر يهرب كلما لاحت على الأفق السلاسل... والقهر حين يطيش في زمن الخطايا... لن يفرق بين مقتول وقاتل.
«هل سينهار الوطن؟ هل ستضيع ملامحة بسبب مايعترية من فساد؟ أم أنه صار وطناً يترجم كل ما جاء به  تشارلز ديكنز حين وصف حال انهيار فرنسا في روايته الشهيرة قصة مدينتين إذ يقول في مطلع روايته موضحاً سبب سقوط فرنسا " كنا في عصر الحكمة وعصر الجهالة، عصر اليقين والإيمان، عصر الحيرة والشكوك، بين أيدينا كل شيء وليس بأيدينا شيء على الإطلاق. 
إن طبقة الجياع - عند " ديكنز " -  كانت وقتها تمثل أكثر من 45% من حجم الشعب أما طبقة حكام السلطة وسلاطين رأس المال فهي لا تشكل سوى نسبة النصف في المائة بينما الطبقة الوسطي المثقفة صارت كمن رقصت على السلالم، فهي منقسمة على نفسها مابين صراعها ضد السقوط  في طبقة الفقراء مرة أخرى وبين صراعها في أن تكون على حدود تماس مع الطبقة الحاكمة وسلاطين المال والأعمال، حتى انهارت في صراعاتها ثقافة المجتمع وقيمه وقيمته ليصبح مجتمعاً لا تحكمه إلا " البلطجة " ، ومن ثم وبسبب هذا الصراع الذي يحدث فراغاً اجتماعياً عظيماً وضعفاً قاتلاً في الإنتماء الوطني تطغى طبقة الجياع بثقافتها في انذار واضح بانهيار المجتمع وسقوطه وظهور عصر الفوضى التي يبرز فيه " ديكنز " أهمية التضحية تحت تأثير غليان الجوع والبطالة والحقد الطبقي، حيث يضحي الثوار من عامة الشعب في روايته - الذين يستشعرون الظلم والتجاهل والاضطهاد والجباية- بكل ما يرونه غال وثمين في سبيل الحرية التي يدركون صعوبتها إذ أصبحوا لا يملكون شيئاً أمام حكام ونبلاء انفصلوا بالكلية عن الشعب ويملكون كل شئ، والثمن الضخم - في رواية ديكنز- والذي يرى ضرورة ان يدفعه هؤلاء الثوار - أي ثوار- من أجل تحقيق ثورتهم سيكون حتماً من دماء الثوار انفسهم وهو ماأظهره بالتفصيل حتى صار وصفه لمشاهد القتل والتصفيات الجسدية والإغتيالات بل وانتحار بعض رجالات القصر من اقسى التراجيديات التي صاغها اديب منذ ميلاد ديكنز نفسه عام 1812 في مدينة بورتسماوث البريطانية، أو ربما منذ اندلاع الثورة الفرنسية ذاتها في قصته عام 1789 وحتى يومنا هذا إذ كان الخراب عاماً والقتل شريعة والحقد وسيلة لكسب العيش والوطن لاتحكمه إلا الفوضى. 
و" ديكنز" يرى أن الثورة تميل حتماً إلى القمع والعنف، ورغم دعمه للقضية الشعبية التي استوجبت الثورة إلا أنه يشير إلى ما ارتكبه الثوار من شرور، فهو من جهة يدين قمع الفلاحين وعامة الشعب والفقراء الذي كان يحدث، ومن جهة أخرى يدين طريقتهم في الثورة والقضاء علي هذا القمع وهذا الاستعباد الذي نالهم، وكذلك أدانته محاربة العنف بالعنف والقهر بالقهر، حيث يتحول كل من كان يعاني الاضطهاد بالأمس إلى أن يضطهد الآخرين بنفسه اليوم وبمنتهى اللذة وبنفس مطمئنة! إذ كان الثوار يهاجمون قصور النبلاء والنبيلات ويعيثون فيها اعمال الحرق والهدم والنهب والقتل والابادة .. بل وكانوا يهاجمون السجون التي وضع بها افراد طبقة النبلاء وخطفهم للإطاحة برؤسهم وقتلهم بشكل جماعي تحت نصل المقصلة رجالاً ونساءً وأطفالا حتى سالت الدماء انهارا فى كل مكان تحت شعار.. الحرية .. الإخاء . 
إن قصة مدينتين ببساطة هي ثورة الجياع في كل زمان ومكان، ثورة  ضد كل من يسلب الشعوب حق أن تعيش بكرامة ولو بالحدود الدنيا من الإنسانية، وهي قصة درامية مكررة، كررها التاريخ في غير موضع منذ ثورة العبيد بقيادة سبارتاكوس مرورا بالثورة الفرنسية التي صاغها ديكنز في قصة مدينتين وربما انتهاءً بالحركات الراديكالية التي تمتلئ بها شوارع وطننا اليوم - وأضحت كثيرة جداً- تهدد أمان الوطن واستقراره وتنتمي جميعها لدافع مشترك وهو الجوع واليأس والبطالة وهدفها واحد هو سقوط العروش التي تعتلي كراسي الحكم بالوطن. 
نحن لسنا أربابا حتى نرى ما سيكشف عنه مستقبل هذا الوطن، بل ربما نكون مجرد رواه عجزة لما يحدث داخله ونعيشه، وتعجبني بعض كلمات الشاعر المصري فاروق جويدة حين قال: زواج عصر القهر بالشرفاء باطل ...  والفجر يهرب كلما لاحت على الأفق السلاسل...  والقهر حين يطيش في زمن الخطايا...  لن يفرق بين مقتول وقاتل.

الثلاثاء، 10 أبريل 2007

إلا إذا ..؟!

بقلم: محيي الدين إبراهيم
هذا هو حالنا نحن فقط في عالم مايسمى بالثالث، حال تلك النخبة التعسة التي عزلها العالم بكل قوته في شرنقة الجهل والتعصب والديكتاتورية ليتفرغ لأشياء اخرى تهمه وترضي شعوبه وتترفهم وتغنيهم. هذا كلام بالطبع ربما لن يعجب الكثيرين .. لكن لابد أن نقوله الآن .. فلابد أن لاندير ظهورنا للواقع الذي نعيشه اليوم حتى نستطع حل بعض رموزه لحماية مستقبلنا ومستقبل اجيالنا ..


القائد هو صاحب الفعل والشعب هو المختار دائماً بحمل رد الفعل، فإذا قرر الحاكم فعل زيادة الضرائب مثلاً فإن الشعب ليس أمامه إلا أن ينصاع برد فعل دفع زيادة هذه الضرائب، وإذا قرر الحرب حاربوا وإذا قرر الموت ماتوا، هكذا هو حال الدنيا منذ نشأة هابيل وقابيل، هناك عبد وهناك سيد وحرية العبد دائما ماتكون ملامح مما انعم عليه به السيد، وعلى سبيل المثال إذا قرر العبد في وطننا العربي زيارة اسرائيل مثلاً كان خائناً استحق الموت رمياً بالرصاص، أما إذا قرر السيد زيارتها فإن ذلك معناه دفع عملية السلام استحق عليها النياشين، وإذا احب العبد وطنه وهاجم سيده فقد هلك اما إن أحب سيده وباع وطنه فقد فاز فوزاً عظيماً لان اختزال الوطن في شخص السيد صار هو نشيد الانتماء الوطني الذي ينشده تلاميذ مدارس الابتدائي كل صباح عرفانا بجميل سيدهم ومولاهم الذي لايأتية الباطل من بين يدية ولا من خلفه ( حاشا لله ). 
المدهش أن هذا هو حالنا نحن فقط في عالم مايسمى بالثالث، حال تلك النخبة التعسة التي عزلها العالم بكل قوته في شرنقة الجهل والتعصب والديكتاتورية ليتفرغ لأشياء اخرى تهمه وترضي شعوبه وتترفهم وتغنيهم. هذا كلام بالطبع ربما لن يعجب الكثيرين .. لكن لابد أن نقوله الآن .. فلابد أن لاندير ظهورنا للواقع الذي نعيشه اليوم حتى نستطع حل بعض رموزه لحماية مستقبلنا ومستقبل اجيالنا .. إن حال مصر الآن اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وعلى كافة الأصعدة يمثل لغزاً وعلامة استفهام كبيرة محيرة وورطة حضارية لم تحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .. مظاهرات في غالب مدن مصر ولاتعرف أن كانت بسبب قلة الدخل أم بسبب حرية الممارسة السياسية أم بسبب حرية الدين ،. الشارع المصري في حالة لم نعهدها من قبل مع ظهور منظمات وحركات واسماء لم نسمع عنها من قبل لرجال ونساء لم نعرف لهم تاريخاً سياسياً على الاطلاق يحاولون تصدر منابر الزعامة ولاندري اي زعامة تلك التي يريدون ان يتسيدونها دونما تاريخ ودونما وجود حقيقي لمسناه أو نلمسه منهم بالفعل، والأغرب من ذلك التهديد المستمر للنقابات والهيئات والعمال والفلاحين والفئات بالإضراب عن العمل لتحسين الأجور والرواتب والإضراب والمظاهرات والمؤتمرات المضادة سواء داخل مصر أو خارجها لما يسمى بالتيار الإخواني في محاولة للدخول والمشاركة في عملية صناعة القرار والأضراب وكذلك لما يسمي بالتيارات القبطية الراديكالية لتحسين اوضاع الأقباط السياسية والدينية، حتى اصبحت مصر دولة واحدة يحكمها نظام سياسي إدارياً ولكن هذه الدولة وكما شاهدها " محمد على " أول مرة تحوي اليوم شعبين أصبحا شبه منفصلين تماماً عن بعضهما البعض مسلمون واقباط يحكمهما رجال دين خلطوا الدين بالسياسة وبالمجتمع وبالتعليم وخلطوه حتى باسفلت الشوارع، إلى أن اصبحت حالياً كل من بعض ابرز قيادات ورموز هذين الشعبين الدينية تحاول لي ذراع القضاء ولي ذراع الدستور ولي ذراع الدولة وليصبح كل شئ لغزاً وقاب قوسين أو أدني من الفوضى، خصوصاً بعد أن تحكمت رموز الأخوان بالفعل في الشارع المسلم وتحكمت بعض رموز الكنيسة في الشارع القبطي وكل واحد منهم يدافع عن نفسة بالطريقة التي يراها مناسبة ضد الطرف الآخر بعد أن اشاع الطرفين وأوهموا العالم بغياب القضاء المصري ومن ثم تزوير جميع الأحكام بدءاً من الأحكام السياسية وحتى الاحكام التي تتعلق بالنشل وتسريح المومسات للدعارة ليتسنى لهم بعد هذه الحجة – وقد تسنى لهم ذلك بالفعل - أن يمارسوا كل مايرونه مناسباً لتحقيق غرض ما، حتى تتمكن منا الفوضى والتي ربما قد تمكنت منا فعلاً أمام حالة التربص القصوى التي نحياها حالياً. لاينسى بابا الأقباط في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي حرق اثنين من الأقباط احياء حتى الموت على يد بعض ممن اعتبروا من شباب الإخوان المسلمين في مدينة السويس ولاينسى ان قام هو شخصياً بقيادة مظاهرة كبيرة هزت مصر وقتها ضد تلك الفعلة الشنيعة مع مجموعة من اقباط ذلك الزمان وارسل باحتجاجات للقصر الملكي، وقد كانت تلك الحادثة حسب تقديري هي بداية العداء القبطي السياسي والإجتماعي وربما الأيدولوجي ضد الإخوان خاصة أنهم – أي أقباط ذلك الزمان - لم يجدوا حكماً قضائياً ينصفهم آنذاك،هذا بجانب تؤاطؤ قيادات قبطية حزبية وحكومية كثيرة وقتها في محاولات قمع الغضب القبطي بأيد قبطية، وجاءت الثورة بعد ذلك بسنوات قلائل وقمع عبد الناصر المسلمون والأقباط معاً وحرق من حرق من رموزهما وأعدم من أعدم واعتقل من اعتقل واصبح الطرفان متساوون في الظلم فصمت الجميع تحت شعار المساواة في الظلم عدل ولم ينج إلا من أدار ظهره للدين تماماً وتحول للشيوعية بإرادته وبداخل هذه الأيدولوجية الجديدة تناسى الطرفين صراعات قديمة خاصة بعد أن خلت الساحة من كل الزعامات والجماعات الراديكالية المتطرفة وتفرغوا لابداعات سياسية وفكرية وفنية موجهة لخدمة النظام السائد وقتذاك ولخدمة الزمن الثوري – الذي مازال بعض أصحاب الغيبوبة يبكي على اطلالها حتى اليوم - وكان غالبها يدعو لإنكار الدين ودفع قوى الايمان بحضارة الغرب والنظر اليه بعين التطلع والتقديس، حتى جاء السادات واطلق سراح الإخوان واعتقل البابا فأشتعل بإطلاق السراح والإعتقال هذا الغضب القديم بين المسلمين والأقباط والذي كان السادات نفسه شاهداً عليه في اربعينيات القرن الماضي، وفي بداية الثمانينيات تأجج الصراع من احداث الزاوية وحتى الكشح وبمها على مدار 25 عاما وحتى يومنا هذا ليتطور الصراع بين الطرفين وتتطور الجماعات وتتطور اساليب الممارسة والضغط والتمويل والإستقواء بالغرب وبقوى خارجية ولتتضاءل مع هذا التطور والإستقواء سبل الترابط القديم الأزلي بين المسلمين والأقباط، لتخسر مصر روح الوحدة الشعبية العائلية ويصبح التربص بداخلها هو الرابط الوحيد الذي يربط مابين الطرفين المسلم والقبطي. لن يتمكن الإخوان الراديكاليون من حكم مصر أبداً ، ولن يتمكن بعض رجال الكنيسة الراديكاليين من حكم مصرأبداً ، إنها حتمية تارخية وليست نبؤءة، وإذا لم يجد رجال الدولة وحاكميها حلاً الآن وحالاً لما نحن فيه بعيدا فسوف ينقلب الجميع على الجميع عمال .. فلاحين.. مدرسين .. اطباء .. مهندسين .. قضاه .. صحافيين .. شحاذون .. نبلاء .. مسلمون .. مسيحيون .. الكل سينقض على الكل في دراما اقرب لدراما الثورة الفرنسية في رواية تشارلز ديكنز. مصر تغلي .. مصر تغلي .. مصر تغلي .. ونحن جميعنا مازلنا نجلس في غرف النوم نتحدث عن غياب الحريات ومسائل التوريث وارتفاع اسعار الحديد وسيطرة القطط السمان الجدد على الأقتصاد والأضطهاد الديني وحرية بناء المساجد والكنائس بنسبة عدد السكان الذين اصبحوا اليوم يتقاتلون أمام أفران الخبز للحصول على رغيف عيش حاف ولايجدوه دون أن نقدم حلولاً جذرية منطقية ضد الجوع والمرض والحرية بينما تخرج علينا مجلات المال والأعمال العالمية لتؤكد أن مصر اكثر دول المنطقة العربية في عدد المليارديرات ! .. إننا لن نقف على أقدامنا بنفس أبية وعزة وكرامة أمام تحولات الجغرافية والتاريخ من حولنا في العالم كله إلا إذا نسينا خلافتنا فوراً قيادة وشعباً مسلمون ومسيحيون إلا بالجلوس معاً - اخوة حقيقيون مصريون مصيرهم واحد - حول مائدة الوطن لنجد حلاً الأن وحالاً حتى وإن كان قاسياً حاداً وإلا سيكون الحل بعد ذلك ليس بأيدينا وسيكون كارثياً وستكون المحرقة الجديدة التي سيكون وقودها الناس والحجارة خصوصاً مع تنامي قوة ايران وجرأة تركيا ويأس اميركا وتنمر الصين واستفاقة روسيا والخضوع العربي والشرق أوسطي الكامل لكل مخططات الإمبريالية الجديدة – امبريالية مابعد أميركا – القادمة من اوروبا اليوم فيما يسمى باتحاد دول المتوسط والتي سيتم فيها شفط كل ماتبقى لنا من كرامة، والتي لن تجدى نفعاً في استردادها اموال الإخوان أو منظمات قبطية هنا أو هناك .. مصر تصرخ .. فأين نحن من الحل ومن الصراخ.

إلا إذا ..؟!

بقلم: محيي الدين إبراهيم
هذا هو حالنا نحن فقط في عالم مايسمى بالثالث، حال تلك النخبة التعسة التي عزلها العالم بكل قوته في شرنقة الجهل والتعصب والديكتاتورية ليتفرغ لأشياء اخرى تهمه وترضي شعوبه وتترفهم وتغنيهم. هذا كلام بالطبع ربما لن يعجب الكثيرين .. لكن لابد أن نقوله الآن .. فلابد أن لاندير ظهورنا للواقع الذي نعيشه اليوم حتى نستطع حل بعض رموزه لحماية مستقبلنا ومستقبل اجيالنا ..


القائد هو صاحب الفعل والشعب هو المختار دائماً بحمل رد الفعل، فإذا قرر الحاكم فعل زيادة الضرائب مثلاً فإن الشعب ليس أمامه إلا أن ينصاع برد فعل دفع زيادة هذه الضرائب، وإذا قرر الحرب حاربوا وإذا قرر الموت ماتوا، هكذا هو حال الدنيا منذ نشأة هابيل وقابيل، هناك عبد وهناك سيد وحرية العبد دائما ماتكون ملامح مما انعم عليه به السيد، وعلى سبيل المثال إذا قرر العبد في وطننا العربي زيارة اسرائيل مثلاً كان خائناً استحق الموت رمياً بالرصاص، أما إذا قرر السيد زيارتها فإن ذلك معناه دفع عملية السلام استحق عليها النياشين، وإذا احب العبد وطنه وهاجم سيده فقد هلك اما إن أحب سيده وباع وطنه فقد فاز فوزاً عظيماً لان اختزال الوطن في شخص السيد صار هو نشيد الانتماء الوطني الذي ينشده تلاميذ مدارس الابتدائي كل صباح عرفانا بجميل سيدهم ومولاهم الذي لايأتية الباطل من بين يدية ولا من خلفه ( حاشا لله ). 
المدهش أن هذا هو حالنا نحن فقط في عالم مايسمى بالثالث، حال تلك النخبة التعسة التي عزلها العالم بكل قوته في شرنقة الجهل والتعصب والديكتاتورية ليتفرغ لأشياء اخرى تهمه وترضي شعوبه وتترفهم وتغنيهم. هذا كلام بالطبع ربما لن يعجب الكثيرين .. لكن لابد أن نقوله الآن .. فلابد أن لاندير ظهورنا للواقع الذي نعيشه اليوم حتى نستطع حل بعض رموزه لحماية مستقبلنا ومستقبل اجيالنا .. إن حال مصر الآن اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وعلى كافة الأصعدة يمثل لغزاً وعلامة استفهام كبيرة محيرة وورطة حضارية لم تحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .. مظاهرات في غالب مدن مصر ولاتعرف أن كانت بسبب قلة الدخل أم بسبب حرية الممارسة السياسية أم بسبب حرية الدين ،. الشارع المصري في حالة لم نعهدها من قبل مع ظهور منظمات وحركات واسماء لم نسمع عنها من قبل لرجال ونساء لم نعرف لهم تاريخاً سياسياً على الاطلاق يحاولون تصدر منابر الزعامة ولاندري اي زعامة تلك التي يريدون ان يتسيدونها دونما تاريخ ودونما وجود حقيقي لمسناه أو نلمسه منهم بالفعل، والأغرب من ذلك التهديد المستمر للنقابات والهيئات والعمال والفلاحين والفئات بالإضراب عن العمل لتحسين الأجور والرواتب والإضراب والمظاهرات والمؤتمرات المضادة سواء داخل مصر أو خارجها لما يسمى بالتيار الإخواني في محاولة للدخول والمشاركة في عملية صناعة القرار والأضراب وكذلك لما يسمي بالتيارات القبطية الراديكالية لتحسين اوضاع الأقباط السياسية والدينية، حتى اصبحت مصر دولة واحدة يحكمها نظام سياسي إدارياً ولكن هذه الدولة وكما شاهدها " محمد على " أول مرة تحوي اليوم شعبين أصبحا شبه منفصلين تماماً عن بعضهما البعض مسلمون واقباط يحكمهما رجال دين خلطوا الدين بالسياسة وبالمجتمع وبالتعليم وخلطوه حتى باسفلت الشوارع، إلى أن اصبحت حالياً كل من بعض ابرز قيادات ورموز هذين الشعبين الدينية تحاول لي ذراع القضاء ولي ذراع الدستور ولي ذراع الدولة وليصبح كل شئ لغزاً وقاب قوسين أو أدني من الفوضى، خصوصاً بعد أن تحكمت رموز الأخوان بالفعل في الشارع المسلم وتحكمت بعض رموز الكنيسة في الشارع القبطي وكل واحد منهم يدافع عن نفسة بالطريقة التي يراها مناسبة ضد الطرف الآخر بعد أن اشاع الطرفين وأوهموا العالم بغياب القضاء المصري ومن ثم تزوير جميع الأحكام بدءاً من الأحكام السياسية وحتى الاحكام التي تتعلق بالنشل وتسريح المومسات للدعارة ليتسنى لهم بعد هذه الحجة – وقد تسنى لهم ذلك بالفعل - أن يمارسوا كل مايرونه مناسباً لتحقيق غرض ما، حتى تتمكن منا الفوضى والتي ربما قد تمكنت منا فعلاً أمام حالة التربص القصوى التي نحياها حالياً. لاينسى بابا الأقباط في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي حرق اثنين من الأقباط احياء حتى الموت على يد بعض ممن اعتبروا من شباب الإخوان المسلمين في مدينة السويس ولاينسى ان قام هو شخصياً بقيادة مظاهرة كبيرة هزت مصر وقتها ضد تلك الفعلة الشنيعة مع مجموعة من اقباط ذلك الزمان وارسل باحتجاجات للقصر الملكي، وقد كانت تلك الحادثة حسب تقديري هي بداية العداء القبطي السياسي والإجتماعي وربما الأيدولوجي ضد الإخوان خاصة أنهم – أي أقباط ذلك الزمان - لم يجدوا حكماً قضائياً ينصفهم آنذاك،هذا بجانب تؤاطؤ قيادات قبطية حزبية وحكومية كثيرة وقتها في محاولات قمع الغضب القبطي بأيد قبطية، وجاءت الثورة بعد ذلك بسنوات قلائل وقمع عبد الناصر المسلمون والأقباط معاً وحرق من حرق من رموزهما وأعدم من أعدم واعتقل من اعتقل واصبح الطرفان متساوون في الظلم فصمت الجميع تحت شعار المساواة في الظلم عدل ولم ينج إلا من أدار ظهره للدين تماماً وتحول للشيوعية بإرادته وبداخل هذه الأيدولوجية الجديدة تناسى الطرفين صراعات قديمة خاصة بعد أن خلت الساحة من كل الزعامات والجماعات الراديكالية المتطرفة وتفرغوا لابداعات سياسية وفكرية وفنية موجهة لخدمة النظام السائد وقتذاك ولخدمة الزمن الثوري – الذي مازال بعض أصحاب الغيبوبة يبكي على اطلالها حتى اليوم - وكان غالبها يدعو لإنكار الدين ودفع قوى الايمان بحضارة الغرب والنظر اليه بعين التطلع والتقديس، حتى جاء السادات واطلق سراح الإخوان واعتقل البابا فأشتعل بإطلاق السراح والإعتقال هذا الغضب القديم بين المسلمين والأقباط والذي كان السادات نفسه شاهداً عليه في اربعينيات القرن الماضي، وفي بداية الثمانينيات تأجج الصراع من احداث الزاوية وحتى الكشح وبمها على مدار 25 عاما وحتى يومنا هذا ليتطور الصراع بين الطرفين وتتطور الجماعات وتتطور اساليب الممارسة والضغط والتمويل والإستقواء بالغرب وبقوى خارجية ولتتضاءل مع هذا التطور والإستقواء سبل الترابط القديم الأزلي بين المسلمين والأقباط، لتخسر مصر روح الوحدة الشعبية العائلية ويصبح التربص بداخلها هو الرابط الوحيد الذي يربط مابين الطرفين المسلم والقبطي. لن يتمكن الإخوان الراديكاليون من حكم مصر أبداً ، ولن يتمكن بعض رجال الكنيسة الراديكاليين من حكم مصرأبداً ، إنها حتمية تارخية وليست نبؤءة، وإذا لم يجد رجال الدولة وحاكميها حلاً الآن وحالاً لما نحن فيه بعيدا فسوف ينقلب الجميع على الجميع عمال .. فلاحين.. مدرسين .. اطباء .. مهندسين .. قضاه .. صحافيين .. شحاذون .. نبلاء .. مسلمون .. مسيحيون .. الكل سينقض على الكل في دراما اقرب لدراما الثورة الفرنسية في رواية تشارلز ديكنز. مصر تغلي .. مصر تغلي .. مصر تغلي .. ونحن جميعنا مازلنا نجلس في غرف النوم نتحدث عن غياب الحريات ومسائل التوريث وارتفاع اسعار الحديد وسيطرة القطط السمان الجدد على الأقتصاد والأضطهاد الديني وحرية بناء المساجد والكنائس بنسبة عدد السكان الذين اصبحوا اليوم يتقاتلون أمام أفران الخبز للحصول على رغيف عيش حاف ولايجدوه دون أن نقدم حلولاً جذرية منطقية ضد الجوع والمرض والحرية بينما تخرج علينا مجلات المال والأعمال العالمية لتؤكد أن مصر اكثر دول المنطقة العربية في عدد المليارديرات ! .. إننا لن نقف على أقدامنا بنفس أبية وعزة وكرامة أمام تحولات الجغرافية والتاريخ من حولنا في العالم كله إلا إذا نسينا خلافتنا فوراً قيادة وشعباً مسلمون ومسيحيون إلا بالجلوس معاً - اخوة حقيقيون مصريون مصيرهم واحد - حول مائدة الوطن لنجد حلاً الأن وحالاً حتى وإن كان قاسياً حاداً وإلا سيكون الحل بعد ذلك ليس بأيدينا وسيكون كارثياً وستكون المحرقة الجديدة التي سيكون وقودها الناس والحجارة خصوصاً مع تنامي قوة ايران وجرأة تركيا ويأس اميركا وتنمر الصين واستفاقة روسيا والخضوع العربي والشرق أوسطي الكامل لكل مخططات الإمبريالية الجديدة – امبريالية مابعد أميركا – القادمة من اوروبا اليوم فيما يسمى باتحاد دول المتوسط والتي سيتم فيها شفط كل ماتبقى لنا من كرامة، والتي لن تجدى نفعاً في استردادها اموال الإخوان أو منظمات قبطية هنا أو هناك .. مصر تصرخ .. فأين نحن من الحل ومن الصراخ.

السبت، 17 فبراير 2007

الغسيل القذر

بقلم: محيي الدين إبراهيم
لايمكن أن تخدع العالم بانك ترتدي قميصاً نظيفاً وانت تفوح منك رائحة قذرة، عليك أن تستحم أولا، أن تزيل العالق بجلدك، لايطلب منك احد ان تتعطر، فقط ازل العالق بجلدك ثم ارتدي ماشئت حتى وان كان قميصاً قديماً، هذا هو واقعنا، نرتدي بالكذب واقعا لانحياه ولايحيانا وكأننا دولة عظمى ، ثم يكتشف العالم اننا نمتلئ عوالق قذرة فوق جلودنا .. 

في تصريح لمحافظ القاهرة عبد العظيم وزير ادلى به لقناة العربية أنه كان هناك تهذيباً لحواف المقطم عند منطقة الدويقة وانه تم انذار الناس باخلاء المنطقة خشية حدوث الكارثة وتم اخلاءها بالفعل لمدة من الزمن ولكن عادت لها الناس مرة اخرى وسكنوا منازلهم مرة اخرى رغم ايمانهم بحدوث الكارثة بين عشية وضحاها والسبب في عودتهم انه قد تم اخلاءهم الى الشارع، باتوا وناموا على الرصيف، لم يكن امامهم خياراً سوى ان يخفوا عورات خصوصياتهم بستائر الموت، او كما قال بعضهم: انا رجعت لان الموت ستر وغطى من ان بناتك واهل بيتك تبقى نهب للرايح والجاي، وحدثت الكارثة، ومات الناس كالكلاب أو أقل قيمة!! كما كانوا يعيشون كالكلاب أو أدنى مرتبة!!، لايمكن أن تخدع العالم بانك ترتدي قميصاً نظيفاً وانت تفوح منك رائحة قذرة، عليك أن تستحم أولا.. أن تزيل العالق بجلدك .. لايطلب منك احد ان تتعطر .. فقط ازل العالق بجلدك ثم ارتدي ماشئت حتى وان كان قميصاً قديماً .. هذا هو واقعنا .. نرتدي بالكذب واقعا لانحياه ولايحيانا وكأننا دولة عظمى ، ثم يكتشف العالم اننا نمتلئ عوالق قذرة فوق جلودنا .. فقر وعشوائيات وزواج محرم بين المال والسياسة، وفساد اجتماعي ، وجرائم، وسفن تغرق واتوبيسات تصطدم ببعضها وبالقطارات وحرائق تلتهم كل شئ حتى الضمائر .. كوارث تضيع فيها الناس ويضيع فيها كل الجزء النقي من تاريخ هذه الأمة، ودائما الفاعل مجهول أو مجنون!.. اننا نحيا الغيبوبة .. الغيبوبة الكاملة . ماذا يحدث داخل مصر؟ ..
ماذا يحدث لهذا البلد الطيب ؟؟ ماذا يحدث لنا ؟؟ إن مايحدث في مصر من كوارث متلاحقة وعنيفة وغريبة يدعونا وبسرعة للتأمل!! .. لابد من التأمل .. ربما يمنحنا الله الهام الحل، فلقد اتت النار على مجلس الشورى وعلى امانة الحزب الوطني باسيوط وانهارت البورصة انهيارا غير مسبوق وانهار جبل المقطم على عائلات بأكملها كل ذلك في اقل من 15 يوم أو اذا كنا اكثر دقة في الخمسة عشرة يوما الاخيرة فقط !!
اذا رجعنا بعقارب الساعة للوراء 15 يوما اخري سنجد من ثلاثة الى اربعة كوارث اخرى وهكذا .. هل هي لعنة كلعنة قارون الذي خسف الله به وبأهله الارض؟؟ .. هل بيننا قارون يلعنا به الله ويخسف بنا وبأهلنا قبله و بسببه الارض ؟؟ هل هناك من يجمع ويستخدم مال الناس في اذلال وجوع الناس؟؟ .. هل وصلنا لمرحلة غضب السماء علينا ؟؟ هل هذه اللعنة قدر يمكن تغيره بالرحمة ام انها حتمية قدرية لاتغيير فيها وسننتهي كما انتهت عاد وثمود؟؟

لاجدال اننا ضحايا انفسنا اولا وضحايا افعالنا وقرارتنا، وربما يخرج علينا احدهم ليطالب باستقالة رئيس الوزراء ووزير التعمير ومحافظ القاهرة عقابا لهم علي هلاك ضحايا الدويقة.. لكن ماجدوى حتى استقالة الشيطان الرجيم نفسه امام شيطان اللا مبالاه التي اصبحت جزءاً اصيلاً من سلوكياتنا.. اننا نحيا لعنة صنعناها بانفسنا والنظام والمسئولين اعطوا لهذه اللعنات شرعية وجودها واستفحالها حتى اصبحت اللعنة غولا كبيرا اسمه العشوائيات يأكل كل شئ بدءاً من رغيف الخبز وانتهاءً بالاخلاق التي تدنت الى ماتحت الصفر في شوارع القاهرة على الاقل .. غول مخيف تدخل اليه الكهرباء والماء والتليفونات والمجاري ليكبر ويكبر ويكبر حتى اصبحنا اليوم ننظر اليه بعين الخائف منه والمتودد اليه لكونه اصبح ايضا عصا غليظة تضربنا بها المنظمات العالمية على ظهورنا كلما ارادت ان تضغط على مصر، اننا نحيا حالة من اسوأ لعنات التاريخ ولن ننجو منها الا بفعل واحد فقط .... تغيير النظام!!

الغسيل القذر

بقلم: محيي الدين إبراهيم
لايمكن أن تخدع العالم بانك ترتدي قميصاً نظيفاً وانت تفوح منك رائحة قذرة، عليك أن تستحم أولا، أن تزيل العالق بجلدك، لايطلب منك احد ان تتعطر، فقط ازل العالق بجلدك ثم ارتدي ماشئت حتى وان كان قميصاً قديماً، هذا هو واقعنا، نرتدي بالكذب واقعا لانحياه ولايحيانا وكأننا دولة عظمى ، ثم يكتشف العالم اننا نمتلئ عوالق قذرة فوق جلودنا .. 

في تصريح لمحافظ القاهرة عبد العظيم وزير ادلى به لقناة العربية أنه كان هناك تهذيباً لحواف المقطم عند منطقة الدويقة وانه تم انذار الناس باخلاء المنطقة خشية حدوث الكارثة وتم اخلاءها بالفعل لمدة من الزمن ولكن عادت لها الناس مرة اخرى وسكنوا منازلهم مرة اخرى رغم ايمانهم بحدوث الكارثة بين عشية وضحاها والسبب في عودتهم انه قد تم اخلاءهم الى الشارع، باتوا وناموا على الرصيف، لم يكن امامهم خياراً سوى ان يخفوا عورات خصوصياتهم بستائر الموت، او كما قال بعضهم: انا رجعت لان الموت ستر وغطى من ان بناتك واهل بيتك تبقى نهب للرايح والجاي، وحدثت الكارثة، ومات الناس كالكلاب أو أقل قيمة!! كما كانوا يعيشون كالكلاب أو أدنى مرتبة!!، لايمكن أن تخدع العالم بانك ترتدي قميصاً نظيفاً وانت تفوح منك رائحة قذرة، عليك أن تستحم أولا.. أن تزيل العالق بجلدك .. لايطلب منك احد ان تتعطر .. فقط ازل العالق بجلدك ثم ارتدي ماشئت حتى وان كان قميصاً قديماً .. هذا هو واقعنا .. نرتدي بالكذب واقعا لانحياه ولايحيانا وكأننا دولة عظمى ، ثم يكتشف العالم اننا نمتلئ عوالق قذرة فوق جلودنا .. فقر وعشوائيات وزواج محرم بين المال والسياسة، وفساد اجتماعي ، وجرائم، وسفن تغرق واتوبيسات تصطدم ببعضها وبالقطارات وحرائق تلتهم كل شئ حتى الضمائر .. كوارث تضيع فيها الناس ويضيع فيها كل الجزء النقي من تاريخ هذه الأمة، ودائما الفاعل مجهول أو مجنون!.. اننا نحيا الغيبوبة .. الغيبوبة الكاملة . ماذا يحدث داخل مصر؟ ..
ماذا يحدث لهذا البلد الطيب ؟؟ ماذا يحدث لنا ؟؟ إن مايحدث في مصر من كوارث متلاحقة وعنيفة وغريبة يدعونا وبسرعة للتأمل!! .. لابد من التأمل .. ربما يمنحنا الله الهام الحل، فلقد اتت النار على مجلس الشورى وعلى امانة الحزب الوطني باسيوط وانهارت البورصة انهيارا غير مسبوق وانهار جبل المقطم على عائلات بأكملها كل ذلك في اقل من 15 يوم أو اذا كنا اكثر دقة في الخمسة عشرة يوما الاخيرة فقط !!
اذا رجعنا بعقارب الساعة للوراء 15 يوما اخري سنجد من ثلاثة الى اربعة كوارث اخرى وهكذا .. هل هي لعنة كلعنة قارون الذي خسف الله به وبأهله الارض؟؟ .. هل بيننا قارون يلعنا به الله ويخسف بنا وبأهلنا قبله و بسببه الارض ؟؟ هل هناك من يجمع ويستخدم مال الناس في اذلال وجوع الناس؟؟ .. هل وصلنا لمرحلة غضب السماء علينا ؟؟ هل هذه اللعنة قدر يمكن تغيره بالرحمة ام انها حتمية قدرية لاتغيير فيها وسننتهي كما انتهت عاد وثمود؟؟

لاجدال اننا ضحايا انفسنا اولا وضحايا افعالنا وقرارتنا، وربما يخرج علينا احدهم ليطالب باستقالة رئيس الوزراء ووزير التعمير ومحافظ القاهرة عقابا لهم علي هلاك ضحايا الدويقة.. لكن ماجدوى حتى استقالة الشيطان الرجيم نفسه امام شيطان اللا مبالاه التي اصبحت جزءاً اصيلاً من سلوكياتنا.. اننا نحيا لعنة صنعناها بانفسنا والنظام والمسئولين اعطوا لهذه اللعنات شرعية وجودها واستفحالها حتى اصبحت اللعنة غولا كبيرا اسمه العشوائيات يأكل كل شئ بدءاً من رغيف الخبز وانتهاءً بالاخلاق التي تدنت الى ماتحت الصفر في شوارع القاهرة على الاقل .. غول مخيف تدخل اليه الكهرباء والماء والتليفونات والمجاري ليكبر ويكبر ويكبر حتى اصبحنا اليوم ننظر اليه بعين الخائف منه والمتودد اليه لكونه اصبح ايضا عصا غليظة تضربنا بها المنظمات العالمية على ظهورنا كلما ارادت ان تضغط على مصر، اننا نحيا حالة من اسوأ لعنات التاريخ ولن ننجو منها الا بفعل واحد فقط .... تغيير النظام!!