الأربعاء، 29 يونيو 2016

السيدة نفيسة ومحنة آل بيت النبي بقلم محيي الدين إبراهيم

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
أحب المصريون السيدة نفيسة حباً جماً لدرجة أنهم أخذوا في بناء بيوتهم الجديدة بجوارها وبجوار منزلها في " درب السباع" حتى عمرت الصحراء المحيطة ببيتها ببيوت وقلوب المحبين لها، كما عرفوا أيضاً جرأتها في الحق فاشتكوا لها ظلم بعض أمرائهم الذين يسرقون الناس ويتحكمون في الأرزاق فخرجت السيدة نفيسة من دارها ذات يوم وكانت قد علمت أن والي مصر سيمر بجوارها حتى جاء فصرخت فيه قائله:


زالت الدولة الأموية بالكامل وتم قتل بني أمية جميعاً وآخر من تم قتله كان الخليفة الأخير "مروان بن محمد" في مصر بعدما ( فر ) إليها من دمشق عام 132 هـ مع نفر من حلفائه ليلحق بهم العباسيون من دمشق ويقتلوه وحلفائه في قرية "أبو صير الملق" بمحافظة بني سويف ولم ينجو من مجزرة قتل آخر الأمويين في هذه القرية سوى "عبد الرحمن بن معاوية" المُلقب بـعبد الرحمن الداخل، الذي فر من مصر إلى الأندلس وأسس الدولة الأموية الثانية هناك، كان أهل مصر - في ذلك الزمان – يعتقدون أن زوال دولة بني أمية إنما جاء بسبب قتلهم آل بيت رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وقد كان أهل مصر يحبون أهل بيت رسول الله حباً عظيما ويحمونهم ويحيطون بهم إحاطة الرحم بالجنين. 
لا يمكن تصور أن أهل بيت النبي يصل بهم الأمر إلى حد تحديد الإقامة الجبرية في المدينة المنورة طيلة فترة الدولة الأموية تجنباً لقتلهم في عملية قتل متعمده أقرب للتطهير العرقي والإبادة الجماعية؟، كان الأمويين يذبحونهم ذبح الشاة فيفصلون الرأس عن الجسد حتى ولو كان طفلاً رضيعاً !!، ولذلك كاد خلفاء الدولة الأموية الذين استمروا في الحكم "ثمانين عاماً"، كادوا أن يقضوا على آل بيت النبي باستثناء من لجأ منهم إلى مصر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولم يغادرها حتى مات أو من بقى منهم في المدينة المنورة وظل بها حتى مات إلى أن انتهت دولة بني أمية على يد العباسيين وحلفائهم وعلى رأسهم سادة كبار من بني هاشم، وظن الجميع أن مصيبة آل بيت رسول الله في قتلهم وذبحهم قد انتهت بصعود نجم العباسيين لكن لم يدم هذا الظن سوى عقد من الزمان هي مدة حكم الخليفة العباسي الأول الذي مات بالجدري وهو في طريقة للحج.
لم تنته المصيبة بالطبع !!، لماذا ؟، من هنا تبدأ المأساة، تبدأ بمحمد ( النفس الزكية ) بن عبد الله ( الكامل ) بن الحسن ( المثنى ) بن الحسن ( السبط ) بن علي بن أبي طالب، وهو إبن عم السيدة نفيسة ( كريمة الدارين ) بنت الحسن ( الأنور) بن زيد (الأبلج ) بن الحسن ( السبط ) بن علي بن أبي طالب، حين بايعه في المدينة المنورة أثناء استعدادهم للثورة والحرب والقضاء على بني أمية واستلاب الخلافة منهم جماعة من بني هاشم ومعهم "عَبْد الله بن محمد بن علي بن عَبْد الله ابن العباس بن عَبْد المُطَّلِب" المعروف ( أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين ) وأبن أخيه "عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم" المعروف ( أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء العباسيين ) بايعوا " محمد النفس الزكية " على أن يكون هو خليفة المسلمين بعد زوال حكم بني أمية، وأتفق الناس على ذلك وحاربوا بني أمية وظفروا بالنصر عليهم ولكن تراجع ( أبو عباس السفاح ) ومعه إبن أخيه ( أبو جعفر المنصور ) عن بيعتهم لمحمد النفس الزكية وقرروا أن تكون الخلافة فيهم وفي أبنائهم من بعدهم وبدأوا في التخلص من كل حلفائهم الذين ناصروهم في القضاء على بني أمية ودولتهم، وعلى رأسهم محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم اللذان حينما علما بذلك الغدر سافرا لليمن ومنها للهند ليتوارا عن أعين بني العباس الذين يبحثون عنهم لقتلهم.
حين مات " ابو العباس السفاح" بالجدري عاد محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم للمدينة المنورة، وكتب خطاباً لأبي جعفر المنصور يؤكد له فيه أحقيته بالخلافة عنه جاء فيه:"من محمد بن عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الله بن محمد، {طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص: 1-6]، وأنا أعرض عليك من الأمان ما عرضته، فإنَّ الحقَّ معنا، وإنَّما ادَّعيتم هذا الأمر بنا، وخَرجتم إليه بنا، وحَظيتم عليه بفضلنا، وإن أبانا عليًّا رحمه الله كان الإمام، فكيف ورثتم ولايةَ ولده؟!! وقد علِمتُم أنه لم يطلب هذا الأمر أحدٌ بمثل نَسَبنا ولا شرفنا، وأنَّا لسنا من أبناء الظِّئار( أي لسنا أبناء وأخوة من الرضاعة مع أبناء فاطمة الزهراء )، ولا من أبناء الطُّلقاء (يقصد بهم أهل مكة بعد الفتح الذين قال فيهم النبي: أذهبوا فأنتم الطلقاء)، وأنه ليس يَمُتُّ أحدٌ بمثل ما نَمُتُّ به من القرابة، والسابقة، والفضل"، وهنا رد عليه أبو جعفر المنصور في خطاب – نوجزه – حيث قال فيما اختصرناه: "من عبد الله أمير المُؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن حَسن، أمَّا بَعْدُ؛ فقد بلغني كتابُك، وفهمتُ كلامَك، فإذا جُلُّ فَخْرِكَ بقَرابة النِّساء؛ لتُضِلَّ به الغوغاء، ولم يَجعل اللهُ النساءَ كالعُمومة، ولا كالعَصَبَة الأولياء؛ لأنَّ الله جعل العمَّ أبًا، وبدأ به في القرآن على الوالد الأدنى، ولو كان اختيارُ الله لهنَّ على قدر قَرابتهن لكانت آمنة أقربَهن رَحِمًا، وأعظمَهن حقًّا، وأوَّلَ مَن يدخل الجنَّة غدًا، ولكنَّ اختيارَ الله لخَلقه على قَدْرِ عِلْمِه الماضي لهم"، وأطال في خطابه واسترسل حتى قال له يذكره: " لقد خرج عمُّك الحُسيَن على ابن مَرْجانة ( ويقصد به أبو حفص، عبيد الله بن زياد ابن أبيه، ولي خراسان، في عهد معاوية وابنه يزيد، وهو قاتل الحسين بن علي "الذهبي: سير أعلام النبلاء 3/546)، فكان الناس معه عليه حتى قَتلوه وأَتَوْا برأْسِه إليه، ثم خرجتُم على بني أُميَّة فقتَّلوكم وصَلَّبوكم على جُذوع النخل، وأحرقوكم بالنِّيرانِ، ونَفَوْكم من البُلدان، حتى قُتل يحيى بن زيد بأرض خُراسان، وقَتلوا رجالَكم، وأسروا الصِّبية والنِّساء، وحَملوهم كالسَّبي المجلوب إلى الشام، حتى خرجنا عليهم، فَطلبنا بثأرِكم، وأدْركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضَهم وديارَهم وأَموالَهم، وأردنا إشراككم في مُلكنا، فأبيتم إلاَّ الخروجَ علينا"، ثم أنهى خطابه بالقول: وقد علمت أنَّ المكْرمة في الجاهلية سِقَايَةُ الحاجِّ الأعظم وولاية بئر زمزم، وكانت للعبَّاس، وقد نازعَنا فيها أبوك، فقضى لنا بها رسولُ الله، فلم نَزل نَليها في الجاهليَّة والإسلام، فقد علمتَ أنه لم يَبْق أحدٌ مِن بعد النبيِّ من بني عبد المطلب غير العبَّاس وحدَه، فكان وارثَه من بين إخوته، ثم طَلَبَ هذا الأمرَ غيرُ واحد من بني هاشم، فلم يَنله إلاَّ ولدُه، فالسقاية سقايتُنا، وميراث النبيِّ ميراثُنا، والخلافة بأيدينا، فلم يبقَ فَضل ولا شَرف في الجاهليَّة والإسلام إلاَّ والعبَّاس وارثه ومُورِّثه"، خرج "محمد" النفس الزكية بعد الخطاب ثائراً بالمدينة سنة 145هـ، وبويع له فى كثير من الأمصار وخرج أخوه "إبراهيم" بالبصرة، واجتمع معه كثير من الفقهاء، وغلب أتباعه على فارس وواسط والكوفة، وشارك فى هذه الثورة كثير من الأتباع وكانت المواجهة العسكرية أقرب للمجازر، واستطاعت في النهاية جيوش أبى جعفر أن تهزم "النفس الزكية" بالمدينة وتقتله وتفصل رأسه عن جسده، وتقضى كذلك على أتباع إبراهيم أخيه فى قرية قريبة من الكوفة وتقتله وتفصل رأسه أيضاً.
بمقتل " النفس الزكية" ظهر دور عمه الحسن ( الأنور) والد السيدة نفيسة رضي الله عنها حيث كان أهل المدينة وما حولها في شدة الغضب من أبو جعفر المنصور الذي سار على نهج سلفه من بني أمية في قتل أحفاد رسول الله، ولكي يُطفئ "أبو جعفر المنصور" نيران هذا الغضب الذي ربما يطيح بعرش خلافته قرر أن يسامح من وقف إلى جانب ثـورتي محمد وأخيه إبراهيم بالمدينة، ولاسيمـا من الشخصيات البـارزة في المجتمع، سـواءً في الحجاز أو في العـراق، ومـن هؤلاء الإمــام أبو حنيفة، والفقيه عبـد الحميد بن جعفر، وابن عجــلان، والإمــام مـالك بن أنس، ولما اطمأن الخليفة إلى موقف الإمام جعفر الصادق أكرمه وبره، ثم ولى على المدينة المنورة "الحسن ( الأنور ) بن زيد بن الحسن" عم " النفس الزكية" ووالد السيدة "نفيسة" وأبقاه والياً علي المدينة المنورة خمس سنين (لأنه لم يشترك في ثورة محمد النفس الزكية) فظل والياً عليها من سنة 150-155ﻫ/767-772م، وحين هدأ غضب الفقهاء والناس وسادة بني هاشم في المدينة وما حولها وأذعن الجميع للأمر الواقع بخلافة أبو جعفر المنصور وأنه قد صار بالفعل "أمير المؤمنين" وثاني الخلفاء العباسيين قام أبو جعفر بخلع "الحسن الأنور" من ولاية المدينة المنورة ولم يكتف بذلك وحسب بل قام بسجنه ثلاث سنوات، ثم أرسل له رسول بالسجن ليختار بين السجن أو الرحيل لبلد يختارها فأختار "مصر" ليرحل إليها هو وأهله، وبالفعل رحل "الحسن الأنور" هو وجميع أهله إلى مصر، واستقبل قدومهم جمع غفير من أهل مصر بمدينة "العريش" بسيناء وظلوا يرافقونهم حتى دخلوا مدينة الفسطاط حيث استقبلهم والي مصر "الحسن بن البحباح".
قرر حسن الأنور أن يقيم على أطراف مدينة الفسطاط ( المكان المعروف حالياً " الجيارة") أما السيدة نفيسة وزوجها "إسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب" فأقاما في منزل أحد الأعيان تحت سفح المقطم في المنطقة التي تعرف اليوم بسوق الجمعة أمام مسجد السيدة عائشة بطريق مسجد الإمام الشافعي وكان يدعى هذا الرجل المصري " جمال بن عبد الله الجصاص" وكان تاجراً وربما جاء لقبه " الجصاص" نسبة إلى حرفته أو حرفة أبيه في صناعة " الجص " في العمارة وخاصة عمارة المساجد والأضرحة ، وقد كانت هذه المنطقة صحراء خالية تماماً من أي روح لكونها على أطراف الفسطاط العاصمة وخارج أسوارها وتقع وسط مقابر المسلمين الذين أشتروا أرضها أسفل جبل المقطم من أقباط مصر ( طريق اوتوستراد المعادي وحلوان حالياً )، وكان للجصاص أرض ينوي إنشاءها مقبرة له ولأبنائه في أعلى أحد تلال جبل المقطم ( بالقرب من مقام الشيخ أحمد بن عطاء السكندري حالياً ) فاختارتها السيدة نفيسة " صومعة " تعتزل فيها ليلاً لتصلي وتقرأ القرآن ومازالت هذه "الصومعة" موجودة حتى الآن باسمها وهي تسع شخصين فقط للصلاة لضيق حجمها لكونها أقرب لكهف صغير محفور في أعلى التبة وقد حالفني الحظ ذات مرة وزرتها وصليت فيها، وحين علم الإمام الشافعي في محبسه بالكوفة الذي سجنه فيه أبو جعفر المنصور بسبب فتاواه التي تؤيد " النفس الزكية" وتدعم موقفه في الثورة قرر إن خرج من سجنه ليذهبن إلى مصر ليكون بجوار الشيخ "حسن الأنور" وأبناءه وبالفعل حين فك الله أسره جاء إلى مصر وقرر أن يختار مكاناً بالقرب من إقامة السيدة نفيسة وزوجها اسحاق المؤتمن بدار " الجصاص" فكان مقامه على مقربة شديدة من دارهما ( في مكانه الحالي المعروف بمسجد الإمام الشافعي)، وكان الشافعي يعتبر السيدة نفيسة هي سيدة العلم إذ تربت في مسجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وأخذت عن علمائه ما يدفعها لقمة هرم العلم الديني والفقهي ولعل أهم من التقت بهم في المسجد النبوي كان الإمام "مالك " الذي أخذت عنه العلم من كتابه "الموطأ" إذ كان فقهه حديث الأمصار في كل بلاد المسلمين، ومن ثم كان الشافعي دائم الزيارة لها ولزوجها يسألها ويحاورها ويدعوها دوماً للدعاء إليه، كما كانت علاقته بزوجها هي علاقة تلميذ بأستاذة إذ أن أستاذ الشافعي الذي تتلمذ الشافعي على يديه كان دائم القول عن "إسحاق المؤتمن": حدثني الثقة، حدثني الرضا، حدثني "إسحاق المؤتمن بن جعفر" وحتى بعد أن أمر أحد أمراء مصر في ذلك الوقت وهو " السري بن الحكم " بأن يهديها داراً واسعة كان قد أنشأها في "درب السباع" وقبلتها ( حيث مسجدها ومقامها الحالي ) ظل الإمام الشافعي يزورها هو وتلاميذه ومنهم ذو النون المصري وعبد الله بن الحكم والربيع المرادي والربيع الجيزي وغيرهما.
أحب المصريون السيدة نفيسة حباً جماً لدرجة أنهم أخذوا في بناء بيوتهم الجديدة بجوارها وبجوار منزلها في " درب السباع" حتى عمرت الصحراء المحيطة ببيتها ببيوت وقلوب المحبين لها، كما عرفوا أيضاً جرأتها في الحق فاشتكوا لها ظلم بعض أمرائهم الذين يسرقون الناس ويتحكمون في الأرزاق فخرجت السيدة نفيسة من دارها ذات يوم وكانت قد علمت أن والي مصر سيمر بجوارها حتى جاء فصرخت فيه قائله: "ملكتم فأسرفتم وقدرتم فقهرتم وخولتم ففسقتم وردت إليكم الأرزاق فقطعتم ،هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نافذة غير مخطئة لاسيما من قلوب أوجعتموها ..وأكباد جوعتموها.. وأجساد عريتموها.. ومحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم ،اعملوا ما شئتم فإنا صابرون.. وجاوروا فانا مستجيرون ..وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) سمعها جيداً وما أن انتهت من صرختها حتى خر الحاكم باكيا ووقف بين يديها ووعد بالتغيير ونفذه بالفعل الأمر الذي فاض على المستجيرين بها عدلاً وإحسانا.
عُرفت أيضاً السيدة نفيسة بكرامات لها كثيرة وقد ذكر ابن حجر رضي الله عنه نحواً من مائة وخمسين كرامة، أما هي رضوان الله عليها فحينما واجهوها بذلك قالت: "أما فيما يتعلق بما سماه الناس لي من كرامات فهذه ليست إلا من قبيل النوع الذي يقود إلى الطاعة، والسير فيما يرضي الله، حتى يصل من شاء الله له بالهداية إلى منازل الصالحين" وفي شهر رجب من عام 208 هـ أصاب السيدة نفيسة مرض أقعدها عن الحركة وصار يزداد، فأحضروا لها الطبيب فأمرها بالفطر، فقالت: واعجباه! لي ثلاثين سنة وأنا أسأل الله أن يتوفاني وأنا صائمة، أأفطر؟!، وكانت ترقد ومن وراءها ستار يخفي وراءه ( القبر ) الذي حفرته بيدها لنفسها فقالت للمحيطين بها بعد أن أزاحت جزءاً من الستار وهي تشير للقبر: "هذا قبري، فإذا متُّ فأدخلوني فيه"، فلمّا فاضت روحها الطاهرة الشريفة دفنت في قبرها الذي حفرته بيدها، رضي الله عنها وعلى جدها سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة والسلام.

السيدة نفيسة ومحنة آل بيت النبي بقلم محيي الدين إبراهيم

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
أحب المصريون السيدة نفيسة حباً جماً لدرجة أنهم أخذوا في بناء بيوتهم الجديدة بجوارها وبجوار منزلها في " درب السباع" حتى عمرت الصحراء المحيطة ببيتها ببيوت وقلوب المحبين لها، كما عرفوا أيضاً جرأتها في الحق فاشتكوا لها ظلم بعض أمرائهم الذين يسرقون الناس ويتحكمون في الأرزاق فخرجت السيدة نفيسة من دارها ذات يوم وكانت قد علمت أن والي مصر سيمر بجوارها حتى جاء فصرخت فيه قائله:


زالت الدولة الأموية بالكامل وتم قتل بني أمية جميعاً وآخر من تم قتله كان الخليفة الأخير "مروان بن محمد" في مصر بعدما ( فر ) إليها من دمشق عام 132 هـ مع نفر من حلفائه ليلحق بهم العباسيون من دمشق ويقتلوه وحلفائه في قرية "أبو صير الملق" بمحافظة بني سويف ولم ينجو من مجزرة قتل آخر الأمويين في هذه القرية سوى "عبد الرحمن بن معاوية" المُلقب بـعبد الرحمن الداخل، الذي فر من مصر إلى الأندلس وأسس الدولة الأموية الثانية هناك، كان أهل مصر - في ذلك الزمان – يعتقدون أن زوال دولة بني أمية إنما جاء بسبب قتلهم آل بيت رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وقد كان أهل مصر يحبون أهل بيت رسول الله حباً عظيما ويحمونهم ويحيطون بهم إحاطة الرحم بالجنين. 
لا يمكن تصور أن أهل بيت النبي يصل بهم الأمر إلى حد تحديد الإقامة الجبرية في المدينة المنورة طيلة فترة الدولة الأموية تجنباً لقتلهم في عملية قتل متعمده أقرب للتطهير العرقي والإبادة الجماعية؟، كان الأمويين يذبحونهم ذبح الشاة فيفصلون الرأس عن الجسد حتى ولو كان طفلاً رضيعاً !!، ولذلك كاد خلفاء الدولة الأموية الذين استمروا في الحكم "ثمانين عاماً"، كادوا أن يقضوا على آل بيت النبي باستثناء من لجأ منهم إلى مصر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولم يغادرها حتى مات أو من بقى منهم في المدينة المنورة وظل بها حتى مات إلى أن انتهت دولة بني أمية على يد العباسيين وحلفائهم وعلى رأسهم سادة كبار من بني هاشم، وظن الجميع أن مصيبة آل بيت رسول الله في قتلهم وذبحهم قد انتهت بصعود نجم العباسيين لكن لم يدم هذا الظن سوى عقد من الزمان هي مدة حكم الخليفة العباسي الأول الذي مات بالجدري وهو في طريقة للحج.
لم تنته المصيبة بالطبع !!، لماذا ؟، من هنا تبدأ المأساة، تبدأ بمحمد ( النفس الزكية ) بن عبد الله ( الكامل ) بن الحسن ( المثنى ) بن الحسن ( السبط ) بن علي بن أبي طالب، وهو إبن عم السيدة نفيسة ( كريمة الدارين ) بنت الحسن ( الأنور) بن زيد (الأبلج ) بن الحسن ( السبط ) بن علي بن أبي طالب، حين بايعه في المدينة المنورة أثناء استعدادهم للثورة والحرب والقضاء على بني أمية واستلاب الخلافة منهم جماعة من بني هاشم ومعهم "عَبْد الله بن محمد بن علي بن عَبْد الله ابن العباس بن عَبْد المُطَّلِب" المعروف ( أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين ) وأبن أخيه "عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم" المعروف ( أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء العباسيين ) بايعوا " محمد النفس الزكية " على أن يكون هو خليفة المسلمين بعد زوال حكم بني أمية، وأتفق الناس على ذلك وحاربوا بني أمية وظفروا بالنصر عليهم ولكن تراجع ( أبو عباس السفاح ) ومعه إبن أخيه ( أبو جعفر المنصور ) عن بيعتهم لمحمد النفس الزكية وقرروا أن تكون الخلافة فيهم وفي أبنائهم من بعدهم وبدأوا في التخلص من كل حلفائهم الذين ناصروهم في القضاء على بني أمية ودولتهم، وعلى رأسهم محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم اللذان حينما علما بذلك الغدر سافرا لليمن ومنها للهند ليتوارا عن أعين بني العباس الذين يبحثون عنهم لقتلهم.
حين مات " ابو العباس السفاح" بالجدري عاد محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم للمدينة المنورة، وكتب خطاباً لأبي جعفر المنصور يؤكد له فيه أحقيته بالخلافة عنه جاء فيه:"من محمد بن عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الله بن محمد، {طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص: 1-6]، وأنا أعرض عليك من الأمان ما عرضته، فإنَّ الحقَّ معنا، وإنَّما ادَّعيتم هذا الأمر بنا، وخَرجتم إليه بنا، وحَظيتم عليه بفضلنا، وإن أبانا عليًّا رحمه الله كان الإمام، فكيف ورثتم ولايةَ ولده؟!! وقد علِمتُم أنه لم يطلب هذا الأمر أحدٌ بمثل نَسَبنا ولا شرفنا، وأنَّا لسنا من أبناء الظِّئار( أي لسنا أبناء وأخوة من الرضاعة مع أبناء فاطمة الزهراء )، ولا من أبناء الطُّلقاء (يقصد بهم أهل مكة بعد الفتح الذين قال فيهم النبي: أذهبوا فأنتم الطلقاء)، وأنه ليس يَمُتُّ أحدٌ بمثل ما نَمُتُّ به من القرابة، والسابقة، والفضل"، وهنا رد عليه أبو جعفر المنصور في خطاب – نوجزه – حيث قال فيما اختصرناه: "من عبد الله أمير المُؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن حَسن، أمَّا بَعْدُ؛ فقد بلغني كتابُك، وفهمتُ كلامَك، فإذا جُلُّ فَخْرِكَ بقَرابة النِّساء؛ لتُضِلَّ به الغوغاء، ولم يَجعل اللهُ النساءَ كالعُمومة، ولا كالعَصَبَة الأولياء؛ لأنَّ الله جعل العمَّ أبًا، وبدأ به في القرآن على الوالد الأدنى، ولو كان اختيارُ الله لهنَّ على قدر قَرابتهن لكانت آمنة أقربَهن رَحِمًا، وأعظمَهن حقًّا، وأوَّلَ مَن يدخل الجنَّة غدًا، ولكنَّ اختيارَ الله لخَلقه على قَدْرِ عِلْمِه الماضي لهم"، وأطال في خطابه واسترسل حتى قال له يذكره: " لقد خرج عمُّك الحُسيَن على ابن مَرْجانة ( ويقصد به أبو حفص، عبيد الله بن زياد ابن أبيه، ولي خراسان، في عهد معاوية وابنه يزيد، وهو قاتل الحسين بن علي "الذهبي: سير أعلام النبلاء 3/546)، فكان الناس معه عليه حتى قَتلوه وأَتَوْا برأْسِه إليه، ثم خرجتُم على بني أُميَّة فقتَّلوكم وصَلَّبوكم على جُذوع النخل، وأحرقوكم بالنِّيرانِ، ونَفَوْكم من البُلدان، حتى قُتل يحيى بن زيد بأرض خُراسان، وقَتلوا رجالَكم، وأسروا الصِّبية والنِّساء، وحَملوهم كالسَّبي المجلوب إلى الشام، حتى خرجنا عليهم، فَطلبنا بثأرِكم، وأدْركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضَهم وديارَهم وأَموالَهم، وأردنا إشراككم في مُلكنا، فأبيتم إلاَّ الخروجَ علينا"، ثم أنهى خطابه بالقول: وقد علمت أنَّ المكْرمة في الجاهلية سِقَايَةُ الحاجِّ الأعظم وولاية بئر زمزم، وكانت للعبَّاس، وقد نازعَنا فيها أبوك، فقضى لنا بها رسولُ الله، فلم نَزل نَليها في الجاهليَّة والإسلام، فقد علمتَ أنه لم يَبْق أحدٌ مِن بعد النبيِّ من بني عبد المطلب غير العبَّاس وحدَه، فكان وارثَه من بين إخوته، ثم طَلَبَ هذا الأمرَ غيرُ واحد من بني هاشم، فلم يَنله إلاَّ ولدُه، فالسقاية سقايتُنا، وميراث النبيِّ ميراثُنا، والخلافة بأيدينا، فلم يبقَ فَضل ولا شَرف في الجاهليَّة والإسلام إلاَّ والعبَّاس وارثه ومُورِّثه"، خرج "محمد" النفس الزكية بعد الخطاب ثائراً بالمدينة سنة 145هـ، وبويع له فى كثير من الأمصار وخرج أخوه "إبراهيم" بالبصرة، واجتمع معه كثير من الفقهاء، وغلب أتباعه على فارس وواسط والكوفة، وشارك فى هذه الثورة كثير من الأتباع وكانت المواجهة العسكرية أقرب للمجازر، واستطاعت في النهاية جيوش أبى جعفر أن تهزم "النفس الزكية" بالمدينة وتقتله وتفصل رأسه عن جسده، وتقضى كذلك على أتباع إبراهيم أخيه فى قرية قريبة من الكوفة وتقتله وتفصل رأسه أيضاً.
بمقتل " النفس الزكية" ظهر دور عمه الحسن ( الأنور) والد السيدة نفيسة رضي الله عنها حيث كان أهل المدينة وما حولها في شدة الغضب من أبو جعفر المنصور الذي سار على نهج سلفه من بني أمية في قتل أحفاد رسول الله، ولكي يُطفئ "أبو جعفر المنصور" نيران هذا الغضب الذي ربما يطيح بعرش خلافته قرر أن يسامح من وقف إلى جانب ثـورتي محمد وأخيه إبراهيم بالمدينة، ولاسيمـا من الشخصيات البـارزة في المجتمع، سـواءً في الحجاز أو في العـراق، ومـن هؤلاء الإمــام أبو حنيفة، والفقيه عبـد الحميد بن جعفر، وابن عجــلان، والإمــام مـالك بن أنس، ولما اطمأن الخليفة إلى موقف الإمام جعفر الصادق أكرمه وبره، ثم ولى على المدينة المنورة "الحسن ( الأنور ) بن زيد بن الحسن" عم " النفس الزكية" ووالد السيدة "نفيسة" وأبقاه والياً علي المدينة المنورة خمس سنين (لأنه لم يشترك في ثورة محمد النفس الزكية) فظل والياً عليها من سنة 150-155ﻫ/767-772م، وحين هدأ غضب الفقهاء والناس وسادة بني هاشم في المدينة وما حولها وأذعن الجميع للأمر الواقع بخلافة أبو جعفر المنصور وأنه قد صار بالفعل "أمير المؤمنين" وثاني الخلفاء العباسيين قام أبو جعفر بخلع "الحسن الأنور" من ولاية المدينة المنورة ولم يكتف بذلك وحسب بل قام بسجنه ثلاث سنوات، ثم أرسل له رسول بالسجن ليختار بين السجن أو الرحيل لبلد يختارها فأختار "مصر" ليرحل إليها هو وأهله، وبالفعل رحل "الحسن الأنور" هو وجميع أهله إلى مصر، واستقبل قدومهم جمع غفير من أهل مصر بمدينة "العريش" بسيناء وظلوا يرافقونهم حتى دخلوا مدينة الفسطاط حيث استقبلهم والي مصر "الحسن بن البحباح".
قرر حسن الأنور أن يقيم على أطراف مدينة الفسطاط ( المكان المعروف حالياً " الجيارة") أما السيدة نفيسة وزوجها "إسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب" فأقاما في منزل أحد الأعيان تحت سفح المقطم في المنطقة التي تعرف اليوم بسوق الجمعة أمام مسجد السيدة عائشة بطريق مسجد الإمام الشافعي وكان يدعى هذا الرجل المصري " جمال بن عبد الله الجصاص" وكان تاجراً وربما جاء لقبه " الجصاص" نسبة إلى حرفته أو حرفة أبيه في صناعة " الجص " في العمارة وخاصة عمارة المساجد والأضرحة ، وقد كانت هذه المنطقة صحراء خالية تماماً من أي روح لكونها على أطراف الفسطاط العاصمة وخارج أسوارها وتقع وسط مقابر المسلمين الذين أشتروا أرضها أسفل جبل المقطم من أقباط مصر ( طريق اوتوستراد المعادي وحلوان حالياً )، وكان للجصاص أرض ينوي إنشاءها مقبرة له ولأبنائه في أعلى أحد تلال جبل المقطم ( بالقرب من مقام الشيخ أحمد بن عطاء السكندري حالياً ) فاختارتها السيدة نفيسة " صومعة " تعتزل فيها ليلاً لتصلي وتقرأ القرآن ومازالت هذه "الصومعة" موجودة حتى الآن باسمها وهي تسع شخصين فقط للصلاة لضيق حجمها لكونها أقرب لكهف صغير محفور في أعلى التبة وقد حالفني الحظ ذات مرة وزرتها وصليت فيها، وحين علم الإمام الشافعي في محبسه بالكوفة الذي سجنه فيه أبو جعفر المنصور بسبب فتاواه التي تؤيد " النفس الزكية" وتدعم موقفه في الثورة قرر إن خرج من سجنه ليذهبن إلى مصر ليكون بجوار الشيخ "حسن الأنور" وأبناءه وبالفعل حين فك الله أسره جاء إلى مصر وقرر أن يختار مكاناً بالقرب من إقامة السيدة نفيسة وزوجها اسحاق المؤتمن بدار " الجصاص" فكان مقامه على مقربة شديدة من دارهما ( في مكانه الحالي المعروف بمسجد الإمام الشافعي)، وكان الشافعي يعتبر السيدة نفيسة هي سيدة العلم إذ تربت في مسجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وأخذت عن علمائه ما يدفعها لقمة هرم العلم الديني والفقهي ولعل أهم من التقت بهم في المسجد النبوي كان الإمام "مالك " الذي أخذت عنه العلم من كتابه "الموطأ" إذ كان فقهه حديث الأمصار في كل بلاد المسلمين، ومن ثم كان الشافعي دائم الزيارة لها ولزوجها يسألها ويحاورها ويدعوها دوماً للدعاء إليه، كما كانت علاقته بزوجها هي علاقة تلميذ بأستاذة إذ أن أستاذ الشافعي الذي تتلمذ الشافعي على يديه كان دائم القول عن "إسحاق المؤتمن": حدثني الثقة، حدثني الرضا، حدثني "إسحاق المؤتمن بن جعفر" وحتى بعد أن أمر أحد أمراء مصر في ذلك الوقت وهو " السري بن الحكم " بأن يهديها داراً واسعة كان قد أنشأها في "درب السباع" وقبلتها ( حيث مسجدها ومقامها الحالي ) ظل الإمام الشافعي يزورها هو وتلاميذه ومنهم ذو النون المصري وعبد الله بن الحكم والربيع المرادي والربيع الجيزي وغيرهما.
أحب المصريون السيدة نفيسة حباً جماً لدرجة أنهم أخذوا في بناء بيوتهم الجديدة بجوارها وبجوار منزلها في " درب السباع" حتى عمرت الصحراء المحيطة ببيتها ببيوت وقلوب المحبين لها، كما عرفوا أيضاً جرأتها في الحق فاشتكوا لها ظلم بعض أمرائهم الذين يسرقون الناس ويتحكمون في الأرزاق فخرجت السيدة نفيسة من دارها ذات يوم وكانت قد علمت أن والي مصر سيمر بجوارها حتى جاء فصرخت فيه قائله: "ملكتم فأسرفتم وقدرتم فقهرتم وخولتم ففسقتم وردت إليكم الأرزاق فقطعتم ،هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نافذة غير مخطئة لاسيما من قلوب أوجعتموها ..وأكباد جوعتموها.. وأجساد عريتموها.. ومحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم ،اعملوا ما شئتم فإنا صابرون.. وجاوروا فانا مستجيرون ..وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) سمعها جيداً وما أن انتهت من صرختها حتى خر الحاكم باكيا ووقف بين يديها ووعد بالتغيير ونفذه بالفعل الأمر الذي فاض على المستجيرين بها عدلاً وإحسانا.
عُرفت أيضاً السيدة نفيسة بكرامات لها كثيرة وقد ذكر ابن حجر رضي الله عنه نحواً من مائة وخمسين كرامة، أما هي رضوان الله عليها فحينما واجهوها بذلك قالت: "أما فيما يتعلق بما سماه الناس لي من كرامات فهذه ليست إلا من قبيل النوع الذي يقود إلى الطاعة، والسير فيما يرضي الله، حتى يصل من شاء الله له بالهداية إلى منازل الصالحين" وفي شهر رجب من عام 208 هـ أصاب السيدة نفيسة مرض أقعدها عن الحركة وصار يزداد، فأحضروا لها الطبيب فأمرها بالفطر، فقالت: واعجباه! لي ثلاثين سنة وأنا أسأل الله أن يتوفاني وأنا صائمة، أأفطر؟!، وكانت ترقد ومن وراءها ستار يخفي وراءه ( القبر ) الذي حفرته بيدها لنفسها فقالت للمحيطين بها بعد أن أزاحت جزءاً من الستار وهي تشير للقبر: "هذا قبري، فإذا متُّ فأدخلوني فيه"، فلمّا فاضت روحها الطاهرة الشريفة دفنت في قبرها الذي حفرته بيدها، رضي الله عنها وعلى جدها سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة والسلام.