الجمعة، 27 يوليو 2012

حوار مع اللواء بدر حميد

أجرت الحوار: نهى حسين
بدر حميد: صلاح المناوى صاحب الضربة الجوية وليس مبارك

اللواء بدر حميد
فيما أكد لنا محمد فائق أن ثورة يناير أكملت ثورة يوليو يحمل لنا اللواء بدر حميد مفاجأة من عيار ثقيل حيث يؤكد أن صلاح المناوى هو صاحب الضربة الجوية وليس حسنى مبارك.فى هذا العدد. نكمل ما بدأناه الأسبوع الماضى. حيث حاورنا شخصيتين كانت لهما علاقة مباشرة بثورة يوليو. وفيما يؤكد محمد فائق أن ثورة يناير أكملت ثورة يوليو يحمل لنا اللواء بدر حميد مفاجأة من عيار ثقيل حيث يؤكد أن صلاح المناوى هو صاحب الضربة الجوية وليس حسنى مبارك.

اللواء بدر حميد أحد الضباط الأحرار، وثعلب المخابرات المصرية، والذى قضى فيها 25 عاما فى رحلة طويلة لخدمة الوطن، نستكمل معه الحديث حول ثورة يوليو ورأيه فى الثورتين القديمة والحديثة

- استمعنا لقصتك مع العشر ساعات الأولى فى ثورة 23 يوليو سنة 1952، فما هو رأيك فى الثورة بعد مرور 60 عاما عليها؟
أنا غير راض عما حققته ثورة 23 يوليو، لأنها لم تحقق كل الأهداف المرجوة منها، طردنا الانجليز والملك، وأقمنا القناة وبنينا السد العالي، وأسهل ما حققته القضاء على الإقطاع لأنه لم يتكلف سوى قرار، وفى رأيى لم ينصفوا الفلاحين لأنه كان هناك وساطة فى توزيع الأرض من يأخذ خمسة أفدنة ومن يحصل على عشرة أو أكثر، وأنا شخصيا اول المتضررين.

- وما هو الضرر الذى وقع عليك؟
والدى حميد بدر من كبار عائلات قرية "ونينه" مركز سوهاج وتعود اصولنا الى الهوارة فى قنا، كان يمتلك عشرين فدانا وليس إقطاعيا وورثت عنه 8 أفدنة كانت مؤجرة لأنى ضابط بالجيش ولست متفرغا لزراعتها، وعندما احتجت المال لإتمام زواج بناتى اضطررت لبيع أرضى فبعت الفدان بـ8 آلاف جنيه أخذ المستأجر نصفهم طبقا للقانون فهل هذا هو إنصاف الثورة لي! وحتى خدمتى فى الجيش لم تؤهلنى ماديا لتزويج بناتي، رغم أنه كان من الممكن أن أمد يدى للحرام وقتها، ولكنى لم أنشأ على قبول الحرام أو الإهانة وهذا ما اقعدنى بالمنزل ولم أتول منصب وزير? أو محافظ لأن لسانى طويل وأناقش قادتى ولا أقبل بالخنوع، حتى الشقة التى أعيش فيها الآن هى التى اخذتها بالإيجار منذ عام 1962 وأنا برتبة رائد، وتوفيت أم العيال " منذ 14 عاما" فتزوج ابنى الوحيد وعاش معى فى نفس الشقة هو وأسرته.

- اذن ماذا كنت تتمنى أن تحققه ثورة يوليو؟
كنت أتمنى أن تحقق سنة 1952 انتخابات تأتى لنا برئيس مدنى مثلما حدث الآن.

- رغم أن من قام بها عسكريون؟
نعم ولِمَ لا؟، فثورة 25 يناير لم تنجح فى الوصول للانتخابات النزيهة وخروج رئيس مدنى إلا برعاية العسكريين برعاية رجال الجيش المصرى الذى يستنكر البعض الآن وجودهم على الساحة ويطالبونهم بالعودة لثكناتهم.

- نعود لما بعد ثورة يوليو إلى أين أخذك دورك القيادى فى الجيش المصرى؟
إلى الاشتراك فى حرب 1956 فكنت قائد بطارية مدفعية مضادة للدبابات فى العيش، بعدما سافرت الى تشيكوسلوفاكيا لشراء صواريخ أرض أرض والتدريب عليها، وهى التى اشتركت بها فى سيناء، ثم انسحبت منها إلى الاسماعيلية ثم بورسعيد واشتبكت فى مطار الجميل هناك، فضربنا العدوان الثلاثى ودمروا لنا كل المدافع ووقعت فى الاسر الذى استمر ثلاثة أشهر فى إحدى فيلات بورسعيد التى احتلها العدو وحاصرها بجنوده حتى تمت مفاوضات بين قواتنا وقوات العدو وتدخلت الأمم المتحدة وأخذوا أسماءنا ثم تم إطلاق سراحنا وعدنا إلى القاهرة بالقطار وهم عادوا بمراكبهم.

- هل عدت حاقدا على رؤسائك من تلك الهزيمة؟
عدنا جميعا تعتصرنا الحسرة على البلد لأن قواتنا لم تكن كافية لدخول هذه الحرب، ولولا اتفاق أمريكا والاتحاد السوفيتى على إيقاف الحرب لدخل العدوان الثلاثى إلى القاهرة.

- إذا كنت معتصرا حسرة بهزيمة 1956 فماذا فعلت بك هزيمة 1967؟
كنت أشد ألما رغم وجودى فى اليمن فى ذلك الوقت وعلمت من خلال الصحف والإذاعات الأجنبية قبل علم المصريين فى مصر.

- هل سفرك إلى اليمن تقدير لشخصك بعد اشتراكك فى ثورة 23 يوليو أم استبعاد؟
الاثنان، فكنت أرغب فى السفر لأن راتبى وأنا رائد فى المخابرات العامة آنذاك 65 جنيها وبسفرى سوف يزيد ليصبح 130 جنيها، وكنت فى حاجة لهم لأنى كان عندى ست بنات والسابع كان فى الطريق، علاوة على رغبة قادتى فى التخلص منى لتوفير مراقبتي، فذهبت إلى اليمن وعملت فى إدارة المخابرات أو الأمن العام.

- هل كنت ترى ان قرار مشاركة الجيش المصرى فى اليمن قرار صائب؟ 
أعترض على عدد الجنود والضباط المشاركين فى تلك الحرب فلماذا نرسل 60 ألف جندى مصرى يحاربون فى اليمن وجنودهم فى منازلهم، بل الأمر أن رواتبنا كانت مصر هى التى تدفعها لنا ونحن هناك وليس اليمن، فى الوقت الذى كانت فيه مصر تحتاج لأبنائها فى حرب 1967، وكان من الممكن ان تكون المشاركة بالتدريب والتعليم فقط.

- وماذا فعلت بعد هزيمة 1967؟
عدت إلى مصر وكتبت قصائد شعر عمرها 45 عاما أتذكرها وأنفعل بها حتى يومنا هذا اقول فيها: 
يعود إليك شبل يئن من الزمان
ويزدريه ولا يخشى الردى يوم الدراب 
يئن من الفضيحة يوم قامت
كلاب الغرب تنهشنا بناب 
وكان الدرس أن قد فشلنا
وفشينا الرذيلة فى العتاب 
وأقصينا العتاة المخلصين
وسلمنا القيادة للكلاب

- هل تركوك بعد نشر هذه القصيدة؟
نعم ولم يسجنى عبدالناصر لأنه رأيى وهذا ما يحدث الآن، فثورتنا سُرقت مثل ثورة 25 يناير تماما.

- من هم سارقو ثورة 23 يوليو؟
ضباط زملاؤنا لم يشاركوا فيها لا من قريب ولا من بعيد وإنما هم قادرون على تقديم التنازلات ومسح الجوخ والأحذية فاقتربوا من أعضاء مجلس قيادة الثورة وأخذوا ما ليس من حقهم، فى الوقت الذى توارى فيه بل اختفى وسجن العديد من الضباط الأحرار، لأن الرئيس جمال عبدالناصر لم يكن يحب من يناقشه، فصوته من عقله ويستبعد من يحاول مناقشته أو مراجعته، حتى السادات نصبه نائبا عنه لأن السادات نجح فى إقناعه أنه شخصية ضعيفة ولا يجادله، حتى أظهر فيما بعد دهاءه، وبشكل عام استمر الاستبداد فى الحكم حتى عهد مبارك، فلو كان هناك حوار لما قامت الثورات، فلو حاور مبارك شباب ثورة 25 يناير لما قامت، وأنا أول من دمره الاستبداد تحت مسمى الديمقراطية، فأين كانت تلك الديمقراطية بعدما عرضت نفسى للموت ليلة ثورة 23 يوليو؟

- إذا كان هناك استبداد كما تقول فكيف تفسر عشق الشعوب العربية وليس الشعب المصرى فقط لشخص جمال عبدالناصر؟
هذا الحب يعود لذكائه فى الخطاب السياسي، فقد كان يتحدث للفقراء والجهلاء بنفس الخطاب الحالى فينحاز إليه البسطاء وهم القاعدة العريضة من الشعب، أما الشعوب العربية ونزعات القومية العربية فهى أكذوبة وانشريها على مسئوليتي، فلا يوجد زعيم يؤمن بالقومية العربية ما لم يجلس على كرسيها.

- إذا كان الأمر كذلك فكيف تفسر نجاح هذه الثورات؟
باشتراك يد أجنبية فى دعم هذه الثورات، حتى ثورة 23 يوليو 1952 لأنه ليس من مصلحة أمريكا آنذاك استيلاء الشيوعيين على حكم مصر، بل الأفضل العسكريون لسهولة التعامل معهم بشكل أفضل، أما الآن فهم يفضلون التيار الإسلامى لأن العسكريين لن يرضخوا لسيطرة أمريكا، فهى تسعى لتحطيم سلسلة ظهر مصر وهى قواتها المسلحة والداخلية والقضاء، لإنهاء الدولة وإعادة صياغتها بشكل آخر وتقسيمها لتصبح إسرائيل مندوب أمريكا حاكم المنطقة المقسمة وهذا رأيي.

- هل شعرت بالتكريم لأدوارك البطولية بعد حرب 1973؟
فى عام 1972 أى بعد عشرين عاما من الثورة امر الرئيس السادات بصرف معاش وزير للضباط الأحرار ومجموعهم 99 ضابطا هم الصف الثانى بعد أعضاء مجلس قيادة الثورة وأنا منهم، كما أمر بصرف معاش نائب وزير لعدد 300 ضابط هم الصف الثالث للضباط الأحرار، وكان هذا تقديرا كبيرا لم أحصل عليه فى عهد الثورة نفسه، وبالمناسبة أتذكر الملازم المسيحى الوحيد فى تنظيم الضباط الاحرار الـ300 الذى حصل على معاش نائب وزير، وكان من أشجع الضباط رغم صغر سنه ورتبته، حيث اشترك معنا فى نفس ليلة الثورة وخرج معنا دون تردد من اجل الحفاظ على مصر وهو لطفى حنين.

- ما أكثر فترات عملك بالجيش المطبوعة فى ذاكرتك حتى الآن؟
كل فترات خدمتى بالجيش أتذكرها جيدا ولكن لدى فترات صعبة ومؤلمة وفترات أخرى صعبة ولكننا حققنا فيها انتصارا مثل فترة حرب الاستنزاف، فقد كنت فيها أعمل فى المخابرات الحربية والتى قضيت 25 عاما بينها وبين المخابرات العامة، فتوليت قائد مكتب مخابرات السويس والعريش والزقازيق وأسيوط وأسوان ورئيس الخدمة السرية ورئيس المجموعة 26 حتى أنهيت خدمتى وأنا فى منصب مساعد مدير إدارة المخابرات الحربية، وكانت أسعد لحظاتى فى نجاح العمليات الفدائية التى قمت بتخطيطها وتنفيذها مع أهل سيناء فى حرب الاستنزاف، وصناعة جاسوس مصرى يخترق العدو ويمدنا بالمعلومات ليست بالأمر السهل.

- قلت إن الرئيس السابق حسنى مبارك تخرج قبلك بدفعة فماذا تعرف عنه وانتم زملاء بالكلية الحربية؟ 
مبارك كان شخصا عاديا وليس نجما، بل إن شخصيته كانت ضعيفة وليس له أصدقاء، وحتى رئيس أركانه اللواء صلاح المناوى واضع خطة الهجوم فى حرب أكتوبر 1973، لم يذكره إطلاقا، ولدى سر أرويه للمرة الأولى بعدما أخذت عهدا مع صديقى اللواء حسن حسين عبدالغنى رحمه الله بعدم إفشائه وأقسمت له يمين طلاق، ولكن الآن زوجتى توفيت وهو توفي، فأنا فى حل من هذا الوعد، فقد جاءنى يوما اللواء حسين عبدالغنى وكان دفعة مبارك وضابطا كبيرا بالمخابرات الحربية ومبارك فى الكلية الجوية وروى لى أن مبارك وهو اعتادا قضاء يوم الخميس معا يتناولون العشا? سويا ويقضيان بعض الوقت معا، وفى يوم ما اتصل به مبارك وقال له إن السادات طلب مقابلته ولا يعرف لماذا وخمن وقتها إما أنه سيخرج بالمعاش أو سيُعينه محافظا، ووعده مبارك إذا تم تعيينه محافظا سوف تكون سهرتهما القادمة على حسابه، ولكن السادات عينه نائبا له والمسئول عن القوات المسلحة، فأول ما قام به مبارك هو إحالة صديقه اللواء حسين عبدالغنى إلى المعاش وحتى توفاه الله لم يقابل مبارك مرة واحد. 

- ومـاذا تقـول بعد هذه الرحلة الطويلة؟
تعبت كتير، وتعرضت للموت أكثر، وكل مرة يخرجنى الله أقوى مما كنت، وفى النهاية أقول علمت وياليتنى ما علمت فشر الحياة لمن قد علم.
أتمنى كل الخير لهذا البلد ولأبنائنا لأنهم مستقبل مصر المهم الفهم والحوار بين الأجيال لنصل لبر الأمان.
بهذه الامنيات نكون قد أنهينا حوارنا مع أحد أسود ثورة يوليو وحرب أكتوبر والشاهد على الهزيمة والنصر.

المصدر | مجلة نصف الدنيا

حوار مع اللواء بدر حميد

أجرت الحوار: نهى حسين
بدر حميد: صلاح المناوى صاحب الضربة الجوية وليس مبارك

اللواء بدر حميد
فيما أكد لنا محمد فائق أن ثورة يناير أكملت ثورة يوليو يحمل لنا اللواء بدر حميد مفاجأة من عيار ثقيل حيث يؤكد أن صلاح المناوى هو صاحب الضربة الجوية وليس حسنى مبارك.فى هذا العدد. نكمل ما بدأناه الأسبوع الماضى. حيث حاورنا شخصيتين كانت لهما علاقة مباشرة بثورة يوليو. وفيما يؤكد محمد فائق أن ثورة يناير أكملت ثورة يوليو يحمل لنا اللواء بدر حميد مفاجأة من عيار ثقيل حيث يؤكد أن صلاح المناوى هو صاحب الضربة الجوية وليس حسنى مبارك.

اللواء بدر حميد أحد الضباط الأحرار، وثعلب المخابرات المصرية، والذى قضى فيها 25 عاما فى رحلة طويلة لخدمة الوطن، نستكمل معه الحديث حول ثورة يوليو ورأيه فى الثورتين القديمة والحديثة

- استمعنا لقصتك مع العشر ساعات الأولى فى ثورة 23 يوليو سنة 1952، فما هو رأيك فى الثورة بعد مرور 60 عاما عليها؟
أنا غير راض عما حققته ثورة 23 يوليو، لأنها لم تحقق كل الأهداف المرجوة منها، طردنا الانجليز والملك، وأقمنا القناة وبنينا السد العالي، وأسهل ما حققته القضاء على الإقطاع لأنه لم يتكلف سوى قرار، وفى رأيى لم ينصفوا الفلاحين لأنه كان هناك وساطة فى توزيع الأرض من يأخذ خمسة أفدنة ومن يحصل على عشرة أو أكثر، وأنا شخصيا اول المتضررين.

- وما هو الضرر الذى وقع عليك؟
والدى حميد بدر من كبار عائلات قرية "ونينه" مركز سوهاج وتعود اصولنا الى الهوارة فى قنا، كان يمتلك عشرين فدانا وليس إقطاعيا وورثت عنه 8 أفدنة كانت مؤجرة لأنى ضابط بالجيش ولست متفرغا لزراعتها، وعندما احتجت المال لإتمام زواج بناتى اضطررت لبيع أرضى فبعت الفدان بـ8 آلاف جنيه أخذ المستأجر نصفهم طبقا للقانون فهل هذا هو إنصاف الثورة لي! وحتى خدمتى فى الجيش لم تؤهلنى ماديا لتزويج بناتي، رغم أنه كان من الممكن أن أمد يدى للحرام وقتها، ولكنى لم أنشأ على قبول الحرام أو الإهانة وهذا ما اقعدنى بالمنزل ولم أتول منصب وزير? أو محافظ لأن لسانى طويل وأناقش قادتى ولا أقبل بالخنوع، حتى الشقة التى أعيش فيها الآن هى التى اخذتها بالإيجار منذ عام 1962 وأنا برتبة رائد، وتوفيت أم العيال " منذ 14 عاما" فتزوج ابنى الوحيد وعاش معى فى نفس الشقة هو وأسرته.

- اذن ماذا كنت تتمنى أن تحققه ثورة يوليو؟
كنت أتمنى أن تحقق سنة 1952 انتخابات تأتى لنا برئيس مدنى مثلما حدث الآن.

- رغم أن من قام بها عسكريون؟
نعم ولِمَ لا؟، فثورة 25 يناير لم تنجح فى الوصول للانتخابات النزيهة وخروج رئيس مدنى إلا برعاية العسكريين برعاية رجال الجيش المصرى الذى يستنكر البعض الآن وجودهم على الساحة ويطالبونهم بالعودة لثكناتهم.

- نعود لما بعد ثورة يوليو إلى أين أخذك دورك القيادى فى الجيش المصرى؟
إلى الاشتراك فى حرب 1956 فكنت قائد بطارية مدفعية مضادة للدبابات فى العيش، بعدما سافرت الى تشيكوسلوفاكيا لشراء صواريخ أرض أرض والتدريب عليها، وهى التى اشتركت بها فى سيناء، ثم انسحبت منها إلى الاسماعيلية ثم بورسعيد واشتبكت فى مطار الجميل هناك، فضربنا العدوان الثلاثى ودمروا لنا كل المدافع ووقعت فى الاسر الذى استمر ثلاثة أشهر فى إحدى فيلات بورسعيد التى احتلها العدو وحاصرها بجنوده حتى تمت مفاوضات بين قواتنا وقوات العدو وتدخلت الأمم المتحدة وأخذوا أسماءنا ثم تم إطلاق سراحنا وعدنا إلى القاهرة بالقطار وهم عادوا بمراكبهم.

- هل عدت حاقدا على رؤسائك من تلك الهزيمة؟
عدنا جميعا تعتصرنا الحسرة على البلد لأن قواتنا لم تكن كافية لدخول هذه الحرب، ولولا اتفاق أمريكا والاتحاد السوفيتى على إيقاف الحرب لدخل العدوان الثلاثى إلى القاهرة.

- إذا كنت معتصرا حسرة بهزيمة 1956 فماذا فعلت بك هزيمة 1967؟
كنت أشد ألما رغم وجودى فى اليمن فى ذلك الوقت وعلمت من خلال الصحف والإذاعات الأجنبية قبل علم المصريين فى مصر.

- هل سفرك إلى اليمن تقدير لشخصك بعد اشتراكك فى ثورة 23 يوليو أم استبعاد؟
الاثنان، فكنت أرغب فى السفر لأن راتبى وأنا رائد فى المخابرات العامة آنذاك 65 جنيها وبسفرى سوف يزيد ليصبح 130 جنيها، وكنت فى حاجة لهم لأنى كان عندى ست بنات والسابع كان فى الطريق، علاوة على رغبة قادتى فى التخلص منى لتوفير مراقبتي، فذهبت إلى اليمن وعملت فى إدارة المخابرات أو الأمن العام.

- هل كنت ترى ان قرار مشاركة الجيش المصرى فى اليمن قرار صائب؟ 
أعترض على عدد الجنود والضباط المشاركين فى تلك الحرب فلماذا نرسل 60 ألف جندى مصرى يحاربون فى اليمن وجنودهم فى منازلهم، بل الأمر أن رواتبنا كانت مصر هى التى تدفعها لنا ونحن هناك وليس اليمن، فى الوقت الذى كانت فيه مصر تحتاج لأبنائها فى حرب 1967، وكان من الممكن ان تكون المشاركة بالتدريب والتعليم فقط.

- وماذا فعلت بعد هزيمة 1967؟
عدت إلى مصر وكتبت قصائد شعر عمرها 45 عاما أتذكرها وأنفعل بها حتى يومنا هذا اقول فيها: 
يعود إليك شبل يئن من الزمان
ويزدريه ولا يخشى الردى يوم الدراب 
يئن من الفضيحة يوم قامت
كلاب الغرب تنهشنا بناب 
وكان الدرس أن قد فشلنا
وفشينا الرذيلة فى العتاب 
وأقصينا العتاة المخلصين
وسلمنا القيادة للكلاب

- هل تركوك بعد نشر هذه القصيدة؟
نعم ولم يسجنى عبدالناصر لأنه رأيى وهذا ما يحدث الآن، فثورتنا سُرقت مثل ثورة 25 يناير تماما.

- من هم سارقو ثورة 23 يوليو؟
ضباط زملاؤنا لم يشاركوا فيها لا من قريب ولا من بعيد وإنما هم قادرون على تقديم التنازلات ومسح الجوخ والأحذية فاقتربوا من أعضاء مجلس قيادة الثورة وأخذوا ما ليس من حقهم، فى الوقت الذى توارى فيه بل اختفى وسجن العديد من الضباط الأحرار، لأن الرئيس جمال عبدالناصر لم يكن يحب من يناقشه، فصوته من عقله ويستبعد من يحاول مناقشته أو مراجعته، حتى السادات نصبه نائبا عنه لأن السادات نجح فى إقناعه أنه شخصية ضعيفة ولا يجادله، حتى أظهر فيما بعد دهاءه، وبشكل عام استمر الاستبداد فى الحكم حتى عهد مبارك، فلو كان هناك حوار لما قامت الثورات، فلو حاور مبارك شباب ثورة 25 يناير لما قامت، وأنا أول من دمره الاستبداد تحت مسمى الديمقراطية، فأين كانت تلك الديمقراطية بعدما عرضت نفسى للموت ليلة ثورة 23 يوليو؟

- إذا كان هناك استبداد كما تقول فكيف تفسر عشق الشعوب العربية وليس الشعب المصرى فقط لشخص جمال عبدالناصر؟
هذا الحب يعود لذكائه فى الخطاب السياسي، فقد كان يتحدث للفقراء والجهلاء بنفس الخطاب الحالى فينحاز إليه البسطاء وهم القاعدة العريضة من الشعب، أما الشعوب العربية ونزعات القومية العربية فهى أكذوبة وانشريها على مسئوليتي، فلا يوجد زعيم يؤمن بالقومية العربية ما لم يجلس على كرسيها.

- إذا كان الأمر كذلك فكيف تفسر نجاح هذه الثورات؟
باشتراك يد أجنبية فى دعم هذه الثورات، حتى ثورة 23 يوليو 1952 لأنه ليس من مصلحة أمريكا آنذاك استيلاء الشيوعيين على حكم مصر، بل الأفضل العسكريون لسهولة التعامل معهم بشكل أفضل، أما الآن فهم يفضلون التيار الإسلامى لأن العسكريين لن يرضخوا لسيطرة أمريكا، فهى تسعى لتحطيم سلسلة ظهر مصر وهى قواتها المسلحة والداخلية والقضاء، لإنهاء الدولة وإعادة صياغتها بشكل آخر وتقسيمها لتصبح إسرائيل مندوب أمريكا حاكم المنطقة المقسمة وهذا رأيي.

- هل شعرت بالتكريم لأدوارك البطولية بعد حرب 1973؟
فى عام 1972 أى بعد عشرين عاما من الثورة امر الرئيس السادات بصرف معاش وزير للضباط الأحرار ومجموعهم 99 ضابطا هم الصف الثانى بعد أعضاء مجلس قيادة الثورة وأنا منهم، كما أمر بصرف معاش نائب وزير لعدد 300 ضابط هم الصف الثالث للضباط الأحرار، وكان هذا تقديرا كبيرا لم أحصل عليه فى عهد الثورة نفسه، وبالمناسبة أتذكر الملازم المسيحى الوحيد فى تنظيم الضباط الاحرار الـ300 الذى حصل على معاش نائب وزير، وكان من أشجع الضباط رغم صغر سنه ورتبته، حيث اشترك معنا فى نفس ليلة الثورة وخرج معنا دون تردد من اجل الحفاظ على مصر وهو لطفى حنين.

- ما أكثر فترات عملك بالجيش المطبوعة فى ذاكرتك حتى الآن؟
كل فترات خدمتى بالجيش أتذكرها جيدا ولكن لدى فترات صعبة ومؤلمة وفترات أخرى صعبة ولكننا حققنا فيها انتصارا مثل فترة حرب الاستنزاف، فقد كنت فيها أعمل فى المخابرات الحربية والتى قضيت 25 عاما بينها وبين المخابرات العامة، فتوليت قائد مكتب مخابرات السويس والعريش والزقازيق وأسيوط وأسوان ورئيس الخدمة السرية ورئيس المجموعة 26 حتى أنهيت خدمتى وأنا فى منصب مساعد مدير إدارة المخابرات الحربية، وكانت أسعد لحظاتى فى نجاح العمليات الفدائية التى قمت بتخطيطها وتنفيذها مع أهل سيناء فى حرب الاستنزاف، وصناعة جاسوس مصرى يخترق العدو ويمدنا بالمعلومات ليست بالأمر السهل.

- قلت إن الرئيس السابق حسنى مبارك تخرج قبلك بدفعة فماذا تعرف عنه وانتم زملاء بالكلية الحربية؟ 
مبارك كان شخصا عاديا وليس نجما، بل إن شخصيته كانت ضعيفة وليس له أصدقاء، وحتى رئيس أركانه اللواء صلاح المناوى واضع خطة الهجوم فى حرب أكتوبر 1973، لم يذكره إطلاقا، ولدى سر أرويه للمرة الأولى بعدما أخذت عهدا مع صديقى اللواء حسن حسين عبدالغنى رحمه الله بعدم إفشائه وأقسمت له يمين طلاق، ولكن الآن زوجتى توفيت وهو توفي، فأنا فى حل من هذا الوعد، فقد جاءنى يوما اللواء حسين عبدالغنى وكان دفعة مبارك وضابطا كبيرا بالمخابرات الحربية ومبارك فى الكلية الجوية وروى لى أن مبارك وهو اعتادا قضاء يوم الخميس معا يتناولون العشا? سويا ويقضيان بعض الوقت معا، وفى يوم ما اتصل به مبارك وقال له إن السادات طلب مقابلته ولا يعرف لماذا وخمن وقتها إما أنه سيخرج بالمعاش أو سيُعينه محافظا، ووعده مبارك إذا تم تعيينه محافظا سوف تكون سهرتهما القادمة على حسابه، ولكن السادات عينه نائبا له والمسئول عن القوات المسلحة، فأول ما قام به مبارك هو إحالة صديقه اللواء حسين عبدالغنى إلى المعاش وحتى توفاه الله لم يقابل مبارك مرة واحد. 

- ومـاذا تقـول بعد هذه الرحلة الطويلة؟
تعبت كتير، وتعرضت للموت أكثر، وكل مرة يخرجنى الله أقوى مما كنت، وفى النهاية أقول علمت وياليتنى ما علمت فشر الحياة لمن قد علم.
أتمنى كل الخير لهذا البلد ولأبنائنا لأنهم مستقبل مصر المهم الفهم والحوار بين الأجيال لنصل لبر الأمان.
بهذه الامنيات نكون قد أنهينا حوارنا مع أحد أسود ثورة يوليو وحرب أكتوبر والشاهد على الهزيمة والنصر.

المصدر | مجلة نصف الدنيا

الأحد، 15 يوليو 2012

غناوي من وحي الرباعيات

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك
قالوا الوجع ف الجوع قلت الوجع ف القلب
ياقلبي يا موجوع ماعدتشي فاضل حب
حطوا الألم وسطنا .. لما بقى مننا 
وأحلامنا من صلبنا صلبوها بعد السلب .. آه من ولاد الـ ....


الشر مابيفرقش والفقر مابيقلقش
لو كان ف قلبك وجع
قالوا عليك مش جدع
ف بلادنا يامسكين كل البدع والغش


لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك


لو منحوك الدهب غار الدهب .. بالملوك 
يا وطننا فيك العجب مملوك ورا .. مملوك
وإن خيروه الظلم .. ييجي ويتحكم
هيقول ياأهل الوطن دنا وسطكم .. صعلوك


رحت لديوان المظالم يمكن ألاقي .. مغيث
تاري الديوان مملكة سلطانها مين ؟ .. إبليس
قعدت فوق الرصيف .. أحلم بنص رغيف
سرقوا الرغيف م الحلم ورموني للكوابيس


أنا قلبي لو مش جدع كان اتمزع م .. الخوف
بيشوف تمللي الحقايق وياريته ما .. بيشوف
نصحته يوم يتغاضى .. بعض التغاضي عبادة
قال وازاي أسيب البلادة تلعب على .. المكشوف


خَدني وقال هسجنك لازم مادمت .. حمار
ده حتى البهايم بقت من طايفة .. الشُطار
حتى القرود ع الحبل .. والنطاطين والهُبل
أنا قلت سجن وعقل ولا يوم يصيبني .. العار


على كل لون اترسم وشك يابو .. وشين
فين طب لون الكرامة تتلونه .. ياحزين
قاللي الزمن ده كده .. معدتش فيه الرضا
ومنين نجيب الهدى في عالم الـ .. مجانين


قالوا الحنش ف الجُحر خليك هنا .. تحاشاه
وإن كنت فاكره يصاحبك يبقى انت عقلك .. تاه 
قام قال دنا مربيه .. ومعلمه وقاريه
ولما راح يخاويه أكله الحنش .. ف عشاه


قالوا إن عشقت اعشق قمر فضحكت .. خخ
قالوا أن سرقت أسرق جمل أنا قلت .. أخ
اشجاب لجاب العشق لسريقة الجمل .. قال محتمل 
إيه العمل مادمنا ياصاحبي فوطن عايش في .. فخ


لو بس يوم ينزوي مولانا ف قيامة
هنلاقي جرعة دوا تشفي علل ياما
فرسان ورا فرسان وطبول وهتيفة
لا بيتنصف انسان ولا هدمته نضيفة
لكن مسير النور تنشق له غمامة .. لو بس يوم ينزوي مولانا ف قيامة

غناوي من وحي الرباعيات

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك
قالوا الوجع ف الجوع قلت الوجع ف القلب
ياقلبي يا موجوع ماعدتشي فاضل حب
حطوا الألم وسطنا .. لما بقى مننا 
وأحلامنا من صلبنا صلبوها بعد السلب .. آه من ولاد الـ ....


الشر مابيفرقش والفقر مابيقلقش
لو كان ف قلبك وجع
قالوا عليك مش جدع
ف بلادنا يامسكين كل البدع والغش


لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك


لو منحوك الدهب غار الدهب .. بالملوك 
يا وطننا فيك العجب مملوك ورا .. مملوك
وإن خيروه الظلم .. ييجي ويتحكم
هيقول ياأهل الوطن دنا وسطكم .. صعلوك


رحت لديوان المظالم يمكن ألاقي .. مغيث
تاري الديوان مملكة سلطانها مين ؟ .. إبليس
قعدت فوق الرصيف .. أحلم بنص رغيف
سرقوا الرغيف م الحلم ورموني للكوابيس


أنا قلبي لو مش جدع كان اتمزع م .. الخوف
بيشوف تمللي الحقايق وياريته ما .. بيشوف
نصحته يوم يتغاضى .. بعض التغاضي عبادة
قال وازاي أسيب البلادة تلعب على .. المكشوف


خَدني وقال هسجنك لازم مادمت .. حمار
ده حتى البهايم بقت من طايفة .. الشُطار
حتى القرود ع الحبل .. والنطاطين والهُبل
أنا قلت سجن وعقل ولا يوم يصيبني .. العار


على كل لون اترسم وشك يابو .. وشين
فين طب لون الكرامة تتلونه .. ياحزين
قاللي الزمن ده كده .. معدتش فيه الرضا
ومنين نجيب الهدى في عالم الـ .. مجانين


قالوا الحنش ف الجُحر خليك هنا .. تحاشاه
وإن كنت فاكره يصاحبك يبقى انت عقلك .. تاه 
قام قال دنا مربيه .. ومعلمه وقاريه
ولما راح يخاويه أكله الحنش .. ف عشاه


قالوا إن عشقت اعشق قمر فضحكت .. خخ
قالوا أن سرقت أسرق جمل أنا قلت .. أخ
اشجاب لجاب العشق لسريقة الجمل .. قال محتمل 
إيه العمل مادمنا ياصاحبي فوطن عايش في .. فخ


لو بس يوم ينزوي مولانا ف قيامة
هنلاقي جرعة دوا تشفي علل ياما
فرسان ورا فرسان وطبول وهتيفة
لا بيتنصف انسان ولا هدمته نضيفة
لكن مسير النور تنشق له غمامة .. لو بس يوم ينزوي مولانا ف قيامة