الاثنين، 31 يناير 2011

إنهم يريدون إجهاض الثورة في مصر


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
مبارك تأخذه العزة بالإثم الآن، إنه لا يتصور أن يكون مرفوضاً من الشعب، لقد أثبت للعالم ( الحر ) أن الشعب هو عدوه الحقيقي بل وعدو العالم ( الحر ) الذي رغم تشدقه بحقوق الإنسان والحرية والعدل والمساواة لا يحرك ساكنا تجاه مبارك الذي يذبح شعبه الآن أيضا باسم الحرية والعدل والمساواة، أو كما قال لي أحد الصحفيين الأمريكيين: أن أميركا في ورطة فهي لا تدري أتضحي بمبارك لكونه ديكتاتور رغم صداقته لكل زعماء الغرب فتنهار بعد التضحية به كل الزعامات الصديقة في المنطقة وتخسر أميركا كل شئ، أم تنحاز لشعاراتها الرنانة التي تنادي بها وهي العدل والحرية والمساواة للشعوب وتنحاز بذلك للشعب المصري فينتج عن انحيازها هذا ديمقراطية ربما تفرز حكماً إسلاميا اخوانياً وتتحول مصر لإيران أخرى ويسير الشرق الأوسط كله على خطاها فتنشب بذلك الحرب العالمية الثالثة، نحن في مأزق يا صديقي ولا حل إلا بمبارك بعد التعديل، مبارك مع بعض الرتوش!!.
ومن هنا كان تعيينه لنائب رئيس ( رتوش ) وتعيينه لرئيس وزراء ( رتوش ) وتضحيته بأحمد عز والعادلي ( رتوش) واجتماعه – بعد الرتوش - بهيئة أركان الحرب وقادة الحرب في مصر داخل غرفة عمليات الحرب لمتابعة تطورات ما يحدث من الشعب في محاولة مستميتة لإجهاضه وقبوله لتلك الرتوش رغما عنه.
أن ذلك كله دليل على الإستماته في ذبح الثورة .. إطفاء النور الذي لم نره منذ ثلاثين عاماً، وأضاء بالشعب وبالشباب المصري دون وصاية من احد أو تحت غطاء أي قوى، وسواء خافت أميركا أو لم تخف، وافقت أو رفضت، انحازت لمبارك أو انحازت للشعب ، فهذا لن يغير من الأمر شيئا لأن الشباب المصري الذي خرج بدافع من ذاته بدافع من ضميره وبدافع من مصريته لا يتلقى أوامره من أحد، ولا يهمه إن انحازت أميركا لمبارك أو انحازت أميركا له، أنها ثورته وسيسجلها التاريخ ناصعة غير ملوثة بالمصالح والحسابات والأحزاب،إنها ثورة شعبية مصرية وطنية للنخاع لا يلوثها حزب أو نظام أو أيديولوجية.
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
نحن نثق في رجال الجيش، جيش مصر الذي لم تلطخ يده بدماء المصريين أبداً طيلة تاريخه، نحن نحترم عمرو سليمان، نحترم شفيق، نحترم سامي عنان، بل ونحترم تاريخ حسني مبارك العسكري وما قدمه لمصر كرجل عسكري وجندي مصري قبل أن يتحول لكل هذا الجبروت وهذا الكره الكبير لشعبه، نحترم كل رجال الجيش الشرفاء، ولكن سؤالنا لكم لماذا تقفون هذا الموقف مع رئيس يكره شعبه كل هذا الكره؟، إن كان بسبب ماضيه العسكري المشرف، فحاضره المدني غير شريف وانتم أول العارفين بذلك بل ونبهتموه أكثر من مرة وأخرها منذ عامين أو ثلاثة في مطار الماظة وقلتم له بعد أن ظهر جمال ابنه على السطح كوريث لعرش مصر الرئاسي أن الثورة ابنة الجيش يا ريس ولن يسمح الجيش بجمال مبارك وريثا فوافق وهو مذعور، أو هكذا جاءتنا المعلومات مؤكدة أو غير مؤكده لا يهم ولكن الذي يهم هو أن مبارك يعلم انه صفرا بدون أصدقائه العسكريين، ولكنه اليوم يستغل شرف أصدقائه العسكريين في حرق الوطن، فالسيد عمر سليمان يعلم أن ( منحة ) نائب الرئيس التي منحها له الرئيس لا قيمة لها على الإطلاق بل أن موقعه كرئيس للمخابرات أكثر قيمة مئات المرات وأكثر شرفاً مما هو عليه الآن، لكون ما هو عليه الآن ليس إلا جسر يحاول أن يدوسه مبارك كرئيس مكروه ومرفوض ليظل رئيساً فقط حفاظاً على كبريائه حتى لو احترق الوطن كله، إنه يريد ويستميت في أن يكون رئيساً بسياسة الأرض المحروقة، إنه يحرق مصر الآن، يقول أنا أو الفوضى كما قال للغرب أنا أو الإسلاميين، إنه يدفع الناس بالفعل لمجزرة مع الجيش لنفقد الثقة فيكم وتفقدوا الثقة فينا فتقتلونا بالآلة العسكرية التي من المفروض أن تصوب في صدور أعداء الوطن لا في قلب الوطن فيزول بأيدي أبنائه، وأرى كما يرى المصريون جميعاً أن التاريخ سيكتب أسمائكم بحروف من نور إن انحزتم للشعب، انتم بفعلتكم هذه وبتعاونكم في اللحظات الأخيرة مع النظام تكونون ضد الشعب وضد التاريخ، إن شرفكم العسكري وتاريخكم الوطني الشريف يأبى عليكم إلا أن يسجل حتماً في صفحات الحرية، نحن كمصريين لا ندعوكم للانقلاب علي الرئيس فلسنا أهل لذلك وربما نعلم أو لا نعلم أن هناك مسائل كثيرة تمنع ذلك منكم، ولكن لا تشاركوه لحظة الجبروت فتكونون كهامان وزير الفرعون، انحازوا للشعب الذي يضمر لكم في قلبه كل الشرف والحب والإكبار ولا تخسروه في لحظات الحكم الأخيرة، واكرر .. إنها لحظات الحكم الأخيرة لكون النظام مات إكلينيكيا بالفعل، ولم يتبق له إلا لحظات لتكتب له رسميا شهادة الوفاة، انحازوا للشعب وسجلوا في سجل خدمتكم شرف الانحياز للأمة، انحازوا للشعب الذي هو انتم ونحن، فأنتم منا ونحن منكم، لا تضيعوا الفرصة وتكتبوا بأيديكم ما فعله خنفس وأصحابه حينما خذلوا الشعب وباعوا عرابي وانحازوا للسراي والخديوي، إن الشرف الوطني الذي تعلمناه على أيديكم يجعلنا نأبى إلا أن تكونوا مع الشعب.
نعلم أن النظام في مصر رغم الفلتان الأمني مازال موجوداً وبقوة بدليل القبض على احمد عز وإرغامه على تقديم استقالته من الحزب الوطني ورئاسة لجنة تنظيم السياسات بناء على مذكرة تقدم بها أيمن نور للنائب العام وتم تنفيذها على الفور وبموجبها تم القبض على احمد عز بالمطار قبل هروبه بخمس وأربعين دقيقة مع زوجته وزوجة جمال مبارك خديجة الجمال وابنتهما فريدة، بل والأكثر من ذلك هو إشاعة القبض على حبيب العادلي بتهمة الخيانة لإعطائه الأوامر باختفاء مليون ونصف مليون ضابط وجندي أمن مركزي فجأة وتماما من كل ربوع مصر لأحداث فراغ وفلتان أمني في الشارع المصري، وكأنهم كانوا جنودا من ورق تم حرقه ببساطة لتذروه الرياح ويختفي، مليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) بكل آلياته ومدرعاته وقنابله ورصاصه الحي والمطاطي وغاز الخردل وقنابله الكيماوية الأخرى التي من شأنها أن يفقد الإنسان بها سيطرته على الحركة، ، اختفوا فجأة!!، مليارات الدولارات منح لا ترد من العالم ( الحر) وبمؤازرة العالم ( الحر ) رأيناها بأم أعيننا تقمع وتحرق شعوب عزلاء لا تملك إلا سكاكين المطبخ وأعمدة ستائر غرف نومهم للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، حبيب العادلي الذي بعد أن أعلن مبارك عن تعيين نائب له حرك جموع البلطجية وشاويشية امن الدولة السريين لفتح أبواب السجون لإطلاق سراح آلاف المسجلين خطر وإعطائهم أسلحة اتوماتيكية وانتشارهم في كل مكان بمصر من إسكندرية لأسوان لترويع المتظاهرين وإلهائهم عن الثورة بالدفاع عن ممتلكاتهم في محاولة يائسة شيطانية لتمكن النظام الديكتاتوري في لحظة الإلهاء تلك من أن يتشبث بأخر مالديه من هواء في صدره بكرسي الحكم، لقد علمنا بهروب كل رجال الأعمال المحبوسين في السجون وعلى رأسهم هشام طلعت مصطفي الذي وصلتني معلومات بأنه ينعم الآن بممارسة الجنس في بريطانيا ( العظمى ) بعدما أطلق سراحه وهرب مع قتلة المسيحيين في نجع حمادي ومنهم " الكموني" والذين معه الذين كانوا يواجهون حبل المشنقة بعد أيام، هرب الجميع الذين قتلوا شبابنا وسرقوا أموالنا وسرقوا الدستور والقانون وفصلوا دستورا وقانونا جديدا على مقاسهم ومقاس مصالحهم حتى التصقت بطون الناس بظهورهم من شدة القهر، والمدهش أن تمنح المؤسسات الدينية رغم علمها بكل ذلك في مصر وهي ( الأزهر والكنيسة ) منحة نيشان التهنئة لمبارك على حكمته في اختيار نائباً له في أخريات أيام حكمه الأخيرة، دون النظر - شرعاً ماداموا رجال دين أو المفروض أنهم رجال دين - إلى أنهم يفعلون الحرام ولكنه من خلالهم أصبح بالفعل الحرام المقدس.
إن رجال الشرطة في جهاز الشرطة المنحل والذين رأينا غالبهم منذ يومين فقط وتحديدا في جمعة الغضب وقبل اختفائهم كليا يفرون بملابسهم الداخلية أمام المتظاهرين بعد أن سلموهم الملابس والبنادق الميري وراحوا يستنجدون بربات البيوت والنساء في الشوارع الجانبية أن تحميهم داخل المنازل من بطشة الغاضبين، رأينا هذا في الإسكندرية والسويس والمحلة والمنصورة وعدة عواصم مصرية، حتى جبابرة أمن الدولة استطاعوا أن يحرقوا كل المستندات والوثائق التي تدينهم بحق تلفيق آلاف التهم وجرائم القتل بحق أبرياء مصريون طيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك وهذا ليس كلامي ولكنه كلام رئيس نادي قضاة مصر الذي يطالب اليوم برؤوسهم جميعا بتهمة الخيانة التي قد تُعرض المئات منهم لحبل المشنقة، هؤلاء الجبابرة وبعد اجتماع مبارك بغرفة عمليات الحرب، ظهروا من جديد، قتلوا اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم لرفضه إطلاق سراح خمسة آلاف سجين، قال لهم لن اسمح بخروج المساجين، لن أخون البلد والشعب والدستور، فكانت آخر كلمة سمعها قبل أن يردوه قتيلا في مكتبه بسجن الفيوم (.....) أمك على ( ....) أم الشعب على (....) الدستور.
أطلقوا سراح البلطجية الذين ارتدوا في بعض المناطق زى النساء المنقبات وأطلقوا الرصاص على الناس من أسطح العمارات، ارتدوا ملابس النساء ليدللوا على انتمائهم الجنسي الأصلي وحملوا السلاح وأطلقوه على الشعب الأعزل ليدفعوه لقبول حكم نظام أعلنت وفاته بالفعل وان لم تكتب شهادة وفاته بعد، حملوا السلاح الميري والآلي ليروعوا الناس ويلهو الناس بهم في الدفاع عن حياتهم وينسوا الثورة، هذا هو النظام وأفاعيله التي لم نرها حتى في دولة الصومال وما تحويه من فوضى، إننا نهيب برجال الجيش الشرفاء، جيش مصر الصادق الوعد الأمين، أنت حامي الشعب، فلا تشارك في إجهاض شعلة النور التي نحاول أن نراها منذ ثلاثين عاماً.


إنهم يريدون إجهاض الثورة في مصر


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
مبارك تأخذه العزة بالإثم الآن، إنه لا يتصور أن يكون مرفوضاً من الشعب، لقد أثبت للعالم ( الحر ) أن الشعب هو عدوه الحقيقي بل وعدو العالم ( الحر ) الذي رغم تشدقه بحقوق الإنسان والحرية والعدل والمساواة لا يحرك ساكنا تجاه مبارك الذي يذبح شعبه الآن أيضا باسم الحرية والعدل والمساواة، أو كما قال لي أحد الصحفيين الأمريكيين: أن أميركا في ورطة فهي لا تدري أتضحي بمبارك لكونه ديكتاتور رغم صداقته لكل زعماء الغرب فتنهار بعد التضحية به كل الزعامات الصديقة في المنطقة وتخسر أميركا كل شئ، أم تنحاز لشعاراتها الرنانة التي تنادي بها وهي العدل والحرية والمساواة للشعوب وتنحاز بذلك للشعب المصري فينتج عن انحيازها هذا ديمقراطية ربما تفرز حكماً إسلاميا اخوانياً وتتحول مصر لإيران أخرى ويسير الشرق الأوسط كله على خطاها فتنشب بذلك الحرب العالمية الثالثة، نحن في مأزق يا صديقي ولا حل إلا بمبارك بعد التعديل، مبارك مع بعض الرتوش!!.
ومن هنا كان تعيينه لنائب رئيس ( رتوش ) وتعيينه لرئيس وزراء ( رتوش ) وتضحيته بأحمد عز والعادلي ( رتوش) واجتماعه – بعد الرتوش - بهيئة أركان الحرب وقادة الحرب في مصر داخل غرفة عمليات الحرب لمتابعة تطورات ما يحدث من الشعب في محاولة مستميتة لإجهاضه وقبوله لتلك الرتوش رغما عنه.
أن ذلك كله دليل على الإستماته في ذبح الثورة .. إطفاء النور الذي لم نره منذ ثلاثين عاماً، وأضاء بالشعب وبالشباب المصري دون وصاية من احد أو تحت غطاء أي قوى، وسواء خافت أميركا أو لم تخف، وافقت أو رفضت، انحازت لمبارك أو انحازت للشعب ، فهذا لن يغير من الأمر شيئا لأن الشباب المصري الذي خرج بدافع من ذاته بدافع من ضميره وبدافع من مصريته لا يتلقى أوامره من أحد، ولا يهمه إن انحازت أميركا لمبارك أو انحازت أميركا له، أنها ثورته وسيسجلها التاريخ ناصعة غير ملوثة بالمصالح والحسابات والأحزاب،إنها ثورة شعبية مصرية وطنية للنخاع لا يلوثها حزب أو نظام أو أيديولوجية.
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
نحن نثق في رجال الجيش، جيش مصر الذي لم تلطخ يده بدماء المصريين أبداً طيلة تاريخه، نحن نحترم عمرو سليمان، نحترم شفيق، نحترم سامي عنان، بل ونحترم تاريخ حسني مبارك العسكري وما قدمه لمصر كرجل عسكري وجندي مصري قبل أن يتحول لكل هذا الجبروت وهذا الكره الكبير لشعبه، نحترم كل رجال الجيش الشرفاء، ولكن سؤالنا لكم لماذا تقفون هذا الموقف مع رئيس يكره شعبه كل هذا الكره؟، إن كان بسبب ماضيه العسكري المشرف، فحاضره المدني غير شريف وانتم أول العارفين بذلك بل ونبهتموه أكثر من مرة وأخرها منذ عامين أو ثلاثة في مطار الماظة وقلتم له بعد أن ظهر جمال ابنه على السطح كوريث لعرش مصر الرئاسي أن الثورة ابنة الجيش يا ريس ولن يسمح الجيش بجمال مبارك وريثا فوافق وهو مذعور، أو هكذا جاءتنا المعلومات مؤكدة أو غير مؤكده لا يهم ولكن الذي يهم هو أن مبارك يعلم انه صفرا بدون أصدقائه العسكريين، ولكنه اليوم يستغل شرف أصدقائه العسكريين في حرق الوطن، فالسيد عمر سليمان يعلم أن ( منحة ) نائب الرئيس التي منحها له الرئيس لا قيمة لها على الإطلاق بل أن موقعه كرئيس للمخابرات أكثر قيمة مئات المرات وأكثر شرفاً مما هو عليه الآن، لكون ما هو عليه الآن ليس إلا جسر يحاول أن يدوسه مبارك كرئيس مكروه ومرفوض ليظل رئيساً فقط حفاظاً على كبريائه حتى لو احترق الوطن كله، إنه يريد ويستميت في أن يكون رئيساً بسياسة الأرض المحروقة، إنه يحرق مصر الآن، يقول أنا أو الفوضى كما قال للغرب أنا أو الإسلاميين، إنه يدفع الناس بالفعل لمجزرة مع الجيش لنفقد الثقة فيكم وتفقدوا الثقة فينا فتقتلونا بالآلة العسكرية التي من المفروض أن تصوب في صدور أعداء الوطن لا في قلب الوطن فيزول بأيدي أبنائه، وأرى كما يرى المصريون جميعاً أن التاريخ سيكتب أسمائكم بحروف من نور إن انحزتم للشعب، انتم بفعلتكم هذه وبتعاونكم في اللحظات الأخيرة مع النظام تكونون ضد الشعب وضد التاريخ، إن شرفكم العسكري وتاريخكم الوطني الشريف يأبى عليكم إلا أن يسجل حتماً في صفحات الحرية، نحن كمصريين لا ندعوكم للانقلاب علي الرئيس فلسنا أهل لذلك وربما نعلم أو لا نعلم أن هناك مسائل كثيرة تمنع ذلك منكم، ولكن لا تشاركوه لحظة الجبروت فتكونون كهامان وزير الفرعون، انحازوا للشعب الذي يضمر لكم في قلبه كل الشرف والحب والإكبار ولا تخسروه في لحظات الحكم الأخيرة، واكرر .. إنها لحظات الحكم الأخيرة لكون النظام مات إكلينيكيا بالفعل، ولم يتبق له إلا لحظات لتكتب له رسميا شهادة الوفاة، انحازوا للشعب وسجلوا في سجل خدمتكم شرف الانحياز للأمة، انحازوا للشعب الذي هو انتم ونحن، فأنتم منا ونحن منكم، لا تضيعوا الفرصة وتكتبوا بأيديكم ما فعله خنفس وأصحابه حينما خذلوا الشعب وباعوا عرابي وانحازوا للسراي والخديوي، إن الشرف الوطني الذي تعلمناه على أيديكم يجعلنا نأبى إلا أن تكونوا مع الشعب.
نعلم أن النظام في مصر رغم الفلتان الأمني مازال موجوداً وبقوة بدليل القبض على احمد عز وإرغامه على تقديم استقالته من الحزب الوطني ورئاسة لجنة تنظيم السياسات بناء على مذكرة تقدم بها أيمن نور للنائب العام وتم تنفيذها على الفور وبموجبها تم القبض على احمد عز بالمطار قبل هروبه بخمس وأربعين دقيقة مع زوجته وزوجة جمال مبارك خديجة الجمال وابنتهما فريدة، بل والأكثر من ذلك هو إشاعة القبض على حبيب العادلي بتهمة الخيانة لإعطائه الأوامر باختفاء مليون ونصف مليون ضابط وجندي أمن مركزي فجأة وتماما من كل ربوع مصر لأحداث فراغ وفلتان أمني في الشارع المصري، وكأنهم كانوا جنودا من ورق تم حرقه ببساطة لتذروه الرياح ويختفي، مليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) بكل آلياته ومدرعاته وقنابله ورصاصه الحي والمطاطي وغاز الخردل وقنابله الكيماوية الأخرى التي من شأنها أن يفقد الإنسان بها سيطرته على الحركة، ، اختفوا فجأة!!، مليارات الدولارات منح لا ترد من العالم ( الحر) وبمؤازرة العالم ( الحر ) رأيناها بأم أعيننا تقمع وتحرق شعوب عزلاء لا تملك إلا سكاكين المطبخ وأعمدة ستائر غرف نومهم للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، حبيب العادلي الذي بعد أن أعلن مبارك عن تعيين نائب له حرك جموع البلطجية وشاويشية امن الدولة السريين لفتح أبواب السجون لإطلاق سراح آلاف المسجلين خطر وإعطائهم أسلحة اتوماتيكية وانتشارهم في كل مكان بمصر من إسكندرية لأسوان لترويع المتظاهرين وإلهائهم عن الثورة بالدفاع عن ممتلكاتهم في محاولة يائسة شيطانية لتمكن النظام الديكتاتوري في لحظة الإلهاء تلك من أن يتشبث بأخر مالديه من هواء في صدره بكرسي الحكم، لقد علمنا بهروب كل رجال الأعمال المحبوسين في السجون وعلى رأسهم هشام طلعت مصطفي الذي وصلتني معلومات بأنه ينعم الآن بممارسة الجنس في بريطانيا ( العظمى ) بعدما أطلق سراحه وهرب مع قتلة المسيحيين في نجع حمادي ومنهم " الكموني" والذين معه الذين كانوا يواجهون حبل المشنقة بعد أيام، هرب الجميع الذين قتلوا شبابنا وسرقوا أموالنا وسرقوا الدستور والقانون وفصلوا دستورا وقانونا جديدا على مقاسهم ومقاس مصالحهم حتى التصقت بطون الناس بظهورهم من شدة القهر، والمدهش أن تمنح المؤسسات الدينية رغم علمها بكل ذلك في مصر وهي ( الأزهر والكنيسة ) منحة نيشان التهنئة لمبارك على حكمته في اختيار نائباً له في أخريات أيام حكمه الأخيرة، دون النظر - شرعاً ماداموا رجال دين أو المفروض أنهم رجال دين - إلى أنهم يفعلون الحرام ولكنه من خلالهم أصبح بالفعل الحرام المقدس.
إن رجال الشرطة في جهاز الشرطة المنحل والذين رأينا غالبهم منذ يومين فقط وتحديدا في جمعة الغضب وقبل اختفائهم كليا يفرون بملابسهم الداخلية أمام المتظاهرين بعد أن سلموهم الملابس والبنادق الميري وراحوا يستنجدون بربات البيوت والنساء في الشوارع الجانبية أن تحميهم داخل المنازل من بطشة الغاضبين، رأينا هذا في الإسكندرية والسويس والمحلة والمنصورة وعدة عواصم مصرية، حتى جبابرة أمن الدولة استطاعوا أن يحرقوا كل المستندات والوثائق التي تدينهم بحق تلفيق آلاف التهم وجرائم القتل بحق أبرياء مصريون طيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك وهذا ليس كلامي ولكنه كلام رئيس نادي قضاة مصر الذي يطالب اليوم برؤوسهم جميعا بتهمة الخيانة التي قد تُعرض المئات منهم لحبل المشنقة، هؤلاء الجبابرة وبعد اجتماع مبارك بغرفة عمليات الحرب، ظهروا من جديد، قتلوا اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم لرفضه إطلاق سراح خمسة آلاف سجين، قال لهم لن اسمح بخروج المساجين، لن أخون البلد والشعب والدستور، فكانت آخر كلمة سمعها قبل أن يردوه قتيلا في مكتبه بسجن الفيوم (.....) أمك على ( ....) أم الشعب على (....) الدستور.
أطلقوا سراح البلطجية الذين ارتدوا في بعض المناطق زى النساء المنقبات وأطلقوا الرصاص على الناس من أسطح العمارات، ارتدوا ملابس النساء ليدللوا على انتمائهم الجنسي الأصلي وحملوا السلاح وأطلقوه على الشعب الأعزل ليدفعوه لقبول حكم نظام أعلنت وفاته بالفعل وان لم تكتب شهادة وفاته بعد، حملوا السلاح الميري والآلي ليروعوا الناس ويلهو الناس بهم في الدفاع عن حياتهم وينسوا الثورة، هذا هو النظام وأفاعيله التي لم نرها حتى في دولة الصومال وما تحويه من فوضى، إننا نهيب برجال الجيش الشرفاء، جيش مصر الصادق الوعد الأمين، أنت حامي الشعب، فلا تشارك في إجهاض شعلة النور التي نحاول أن نراها منذ ثلاثين عاماً.


السبت، 29 يناير 2011

يا أقباط مصر .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
مصر تلتهب منذ أربعة أيام، في فوضى أمنية حقيقية، خلت من عساكر الأمن بعد أن فروا في محافظات مصر، والآن .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ضابط واحد، ولم تسجل حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة. 

يا أقباط مصر ..
أناديكم .. أشد على أياديكم .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء
إذا وصلكم هذا المقال فسأكون قد نجحت في توصيل صوت الكثير من المصريين عبر هذا المنبر الحر رغم تحويل مصر إلى دولة من القرون الوسطى وبعدما عزلها النظام عن العالم في فضيحة لم نرها حتى في جمهوريات الموز.
هذه هي مصر تمر بأصعب مراحل تاريخها منذ حريق القاهرة في يناير 1951 وحتى يناير 2011 ، مصر الذي كشر فيها العادلي عن أنيابه وخان شعبه وخرج علينا بمليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي مدججين بالمصفحات والقنابل وغاز الخردل والرصاص المطاطي الأشد فتكاً من الرصاص الحي إذ يقتل الناس ببطء ليبيد شعب اعزل لصالح نظام عجوز تحت سمع وبصر الكل والعالم أجمع، 96 مليون مصري في اكبر قوة عربية ( مصر ) تركها العالم تتمخض في دمائها حتى يحسنون صنع حساباتهم ومصالحهم، شعب مصر الذي تركه العالم ( الحر ) بين مطرقة حكومة ونظام فاشستي وسندان خونة أمتهم كالسيد صفوت الشريف والسيد احمد عز اللذان جلبا العار لمصر ولفقا وأبدعا واستبدعا كل فساد في مصر حتى فساد نتائج الانتخابات بنسبة 99.99 % لصالح الحزب الوطني وكأن شعب مصر عبارة عن شعب من النعاج يمكن خداعهم بهذه المسرحية الهزلية المقيتة، لقد هرب الكل الآن، لم ينفع الشريف آلته الإعلامية الملفقة والتي تديرها رؤوس من القش ومجموعة من الكومبارس الفاشلين هم عار على مصر وشعبها ووجودها الحضاري، لم ينفع احمد عز ملايينه ونهبه لمقدرات شعب مصر بدءا من سرقة مصانع حديد الدخيلة التي أنشأها المصريون بكفاحهم وثورتهم وانتهاء بسرقته لكرامة مصر وكبريائها بتحكمه في برلمانها وإفساده وملئه بالبلطجية وقطاع الطرق وهو البرلمان الذي قال عنه يوما حكماء أوروبا عام 1924 أنه أعظم برلمانات الأرض، لم ينفع العادلي المليون ونصف المليون جندي أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) من أن يهرب من مصر نافدا بجلده، مليون ونصف مليون جندي وضابط امن مركزي قام بإعدادهم العادلي على أعلى مستويات الشراسة والتبلد في الشعور لحماية نفسه والنظام ضد شعب اعزل وبأموال شعب أعزل كل طموحه الحفاظ على كرامته وكرامة أبناءه في وطن هو بالفعل وطنه ووطن أجداده.
لقد هربت غالب رموز النظام والحكومة ولم تكن عمليه إقالة الحكومة التي ينادي بها الرئيس في أخريات أيامه مفاجأة إذ حتى إن لم يسقطها فهي غير موجودة بالفعل على ارض مصر لكونهم هربوا ونفدوا بجلدهم إلى انجلترا في صباح جمعة الغضب وقبل صلاة البرادعي في ساحة ميدان الجيزة.
لن أنسى خلع رجال الشرطة لملابسهم وتسليمهم السلاح والملابس للمتظاهرين وفرارهم عرايا يستنجدون بربات البيوت في الشوارع الجانبية من بطشة الشعب الأعزل الذي خانه وزير داخليتهـا، وبعد أن أدار العادلي ( أبوهم الروحي) لهم ظهره وهرب، وتركهم يتامى تحت قوانين القصاص الشعبي.
كانت عساكر الأمن وضباط الأمن يجرون عرايا بملابسهم الداخلية في الإسكندرية والسويس والشيخ زويد والمحلة والمنصورة على سبيل المثال بعد أن أزاقوا الناس مرارة الظلم والقتل والتنكيل وآخرها خالد سعيد وضحايا حرق كنائس شركاء الوطن الأقباط من الكشح وحتى الإسكندرية ليلة رأس السنة.
أعلنها أمام العالم كله، هذه مصر تلتهب منذ أربعة أيام، هذه مصر في فوضى أمنية حقيقية، هذه مصر خلت من عساكر الأمن وضباط الأمن بعد أن فروا في السويس وسيناء والإسكندرية، وهذه الآن .. اليوم .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ليس عليها ضابط أمن واحد، ولم تسجل في مصر حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة من مصري واحد، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة.
كل من ادعوا وأوهموا الناس بأن الشعب المصري هو من دعاة الفتنة وان مسلمي مصر يكرهون أقباطها فليخرج علينا الآن و يقول – ولو بالكذب – أن هناك حالة اعتداء واحدة تمت في هذا الغياب الأمني الغير مسبوق على كنيسة واحدة .. في أي محافظة أو قرية أو نجع، وليعلم مروجو الفتنه ومعهم كل الشرفاء في العالم أن ما حدث من حرق سابق وقتل سابق وتنكيل سابق لإخواننا الشرفاء أقباط مصر، هو بفعل رجال وزير الداخلية السابق ليثبت للعالم من خلال أجندة حقيرة أن الفعل لمسلمين متطرفين ومصريين متطرفين، وليثبت أنه - أي النظام الحالي – هو الدرع الواقي للعالم الحر وللأقليات وعلى رأسهم الأقباط من هؤلاء المتطرفين الساعين لكرسي الحكم ليحولوها إلى إيران أخرى والكل يعلم أن المصريون الذين ذاقوا حلاوة دستور 1923 لن يقبلوا حكما دينيا أبداً،.. وهذا السيناريو المقيت هو في في حقيقة الأمر لعبة سياسية حقيرة وواضحة راح ضحيتها العشرات ممن لا ذنب لهم من شباب قبطي مسالم وشباب مسلم مسالم أيضاً يبحث عن الحرية وكرامة العيش في دولة يريد أن تحقق له ولو الحد الأدنى من العدل والمساواة، ورغم أني لا أطيق تكرار أو حديث كلمة مسلم وقبطي بل مصريون، فإن كثيرين من هؤلاء المصريين الشرفاء ، زهرة شباب مصر راحوا ضحايا تلك الأجندة السياسية المقيتة والتي كانت – بواسطة العادلي والشريف وعز - تحاول بشراسة الإبقاء على النظام، والكارثة أن صدقها الأقباط أنفسهم ورددوها حتى أنهم اليوم وفي أحلك لحظات مصر التهابا واحتياجا لهم ولكل وطني شريف، انصاعوا لأوامر رجال الدين في الكنيسة وحرموا مصر في أيامها الحرجة من أن ترى أبناءها الأقباط يثورون جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين والكاثوليك والنوبيين والبروتستانت، لقد حرم رجال الكنيسة الأرثوذكسية مصر وحضن مصر من أن يلتحم معها في أيامها التاريخية تلك أبنائها الأقباط، لقد التزموا ( بالأمر ) بيوتهم ولم يخرجوا في ساعة الخلاص، وأقول لهم حان الوقت الآن .. ثوروا على أنفسكم ولا تحرموا مصر وطننا جميعا من وجودكم الحر الشريف الذي نعرفه.. أخرجوا .. شاركوا مصر لحظة الميلاد الجديد ولا تديروا ظهوركم لها .. كنائسكم لم يمسها مسلم واحد رغم الفوضى الأمنية .. لا تصدقوا دعاة الفتنة فنحن شعب واحد ومصير واحد .. وان كنتم معنا تطالبون بدولة مدنية شعارها الدين لله والوطن للجميع، فلتديروا ظهوركم لرجال الدين حتى تكون دعوة الدولة المدنية صادقة، فمن غير المعقول أن يطالب بالدولة المدنية من يسعون وراء زعيم ديني، مصر بحاجة إليكم وانتم جزء كبير وقوي ومخلص وشريف من شعب مصر، لا تتركوا هذه اللحظة التاريخية تفلت من أيديكم، لقد خرج رامي لكح وهو كاثوليكي مصري وتقبل الإهانة والضرب مع المتظاهرين وهو يصرخ في وجوه الطغاة أنا مصري مسيحي ورجل أعمال ولن اترك الناس حتى لا تكذبوا علينا غداً وتقولوا انتفاضة حرامية، لقد تحول ميدان التحرير إلى مسجد وكنيسة وصلي المصريون مسلمين مسيحيين صلاة واحدة مشتركة لمصر في أعظم صورة من صور التلاحم الوطني والديني منذ ثورة 19 ولكن لم يكن هناك أقباطاً كثيرين بل كاثوليك وبروتستانت !
مصر تريدكم يا إخواننا في الوطن .. تريدكم يا أقباط مصر، كذبوا عليكم وهاهي كنائسكم لا يحميها إلا شباب مصر، فأخرجوا إن كنتم تريدون مشاركة حقيقية في مستقبل مصر، لابد أن نرفض نصائح من تجاوزوا التسعين من العمر ليحرمونا من أن ندير وجوهنا شطر نهضة مصر في أحرج لحظاتها التاريخية.


يا أقباط مصر .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
مصر تلتهب منذ أربعة أيام، في فوضى أمنية حقيقية، خلت من عساكر الأمن بعد أن فروا في محافظات مصر، والآن .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ضابط واحد، ولم تسجل حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة. 

يا أقباط مصر ..
أناديكم .. أشد على أياديكم .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء
إذا وصلكم هذا المقال فسأكون قد نجحت في توصيل صوت الكثير من المصريين عبر هذا المنبر الحر رغم تحويل مصر إلى دولة من القرون الوسطى وبعدما عزلها النظام عن العالم في فضيحة لم نرها حتى في جمهوريات الموز.
هذه هي مصر تمر بأصعب مراحل تاريخها منذ حريق القاهرة في يناير 1951 وحتى يناير 2011 ، مصر الذي كشر فيها العادلي عن أنيابه وخان شعبه وخرج علينا بمليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي مدججين بالمصفحات والقنابل وغاز الخردل والرصاص المطاطي الأشد فتكاً من الرصاص الحي إذ يقتل الناس ببطء ليبيد شعب اعزل لصالح نظام عجوز تحت سمع وبصر الكل والعالم أجمع، 96 مليون مصري في اكبر قوة عربية ( مصر ) تركها العالم تتمخض في دمائها حتى يحسنون صنع حساباتهم ومصالحهم، شعب مصر الذي تركه العالم ( الحر ) بين مطرقة حكومة ونظام فاشستي وسندان خونة أمتهم كالسيد صفوت الشريف والسيد احمد عز اللذان جلبا العار لمصر ولفقا وأبدعا واستبدعا كل فساد في مصر حتى فساد نتائج الانتخابات بنسبة 99.99 % لصالح الحزب الوطني وكأن شعب مصر عبارة عن شعب من النعاج يمكن خداعهم بهذه المسرحية الهزلية المقيتة، لقد هرب الكل الآن، لم ينفع الشريف آلته الإعلامية الملفقة والتي تديرها رؤوس من القش ومجموعة من الكومبارس الفاشلين هم عار على مصر وشعبها ووجودها الحضاري، لم ينفع احمد عز ملايينه ونهبه لمقدرات شعب مصر بدءا من سرقة مصانع حديد الدخيلة التي أنشأها المصريون بكفاحهم وثورتهم وانتهاء بسرقته لكرامة مصر وكبريائها بتحكمه في برلمانها وإفساده وملئه بالبلطجية وقطاع الطرق وهو البرلمان الذي قال عنه يوما حكماء أوروبا عام 1924 أنه أعظم برلمانات الأرض، لم ينفع العادلي المليون ونصف المليون جندي أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) من أن يهرب من مصر نافدا بجلده، مليون ونصف مليون جندي وضابط امن مركزي قام بإعدادهم العادلي على أعلى مستويات الشراسة والتبلد في الشعور لحماية نفسه والنظام ضد شعب اعزل وبأموال شعب أعزل كل طموحه الحفاظ على كرامته وكرامة أبناءه في وطن هو بالفعل وطنه ووطن أجداده.
لقد هربت غالب رموز النظام والحكومة ولم تكن عمليه إقالة الحكومة التي ينادي بها الرئيس في أخريات أيامه مفاجأة إذ حتى إن لم يسقطها فهي غير موجودة بالفعل على ارض مصر لكونهم هربوا ونفدوا بجلدهم إلى انجلترا في صباح جمعة الغضب وقبل صلاة البرادعي في ساحة ميدان الجيزة.
لن أنسى خلع رجال الشرطة لملابسهم وتسليمهم السلاح والملابس للمتظاهرين وفرارهم عرايا يستنجدون بربات البيوت في الشوارع الجانبية من بطشة الشعب الأعزل الذي خانه وزير داخليتهـا، وبعد أن أدار العادلي ( أبوهم الروحي) لهم ظهره وهرب، وتركهم يتامى تحت قوانين القصاص الشعبي.
كانت عساكر الأمن وضباط الأمن يجرون عرايا بملابسهم الداخلية في الإسكندرية والسويس والشيخ زويد والمحلة والمنصورة على سبيل المثال بعد أن أزاقوا الناس مرارة الظلم والقتل والتنكيل وآخرها خالد سعيد وضحايا حرق كنائس شركاء الوطن الأقباط من الكشح وحتى الإسكندرية ليلة رأس السنة.
أعلنها أمام العالم كله، هذه مصر تلتهب منذ أربعة أيام، هذه مصر في فوضى أمنية حقيقية، هذه مصر خلت من عساكر الأمن وضباط الأمن بعد أن فروا في السويس وسيناء والإسكندرية، وهذه الآن .. اليوم .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ليس عليها ضابط أمن واحد، ولم تسجل في مصر حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة من مصري واحد، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة.
كل من ادعوا وأوهموا الناس بأن الشعب المصري هو من دعاة الفتنة وان مسلمي مصر يكرهون أقباطها فليخرج علينا الآن و يقول – ولو بالكذب – أن هناك حالة اعتداء واحدة تمت في هذا الغياب الأمني الغير مسبوق على كنيسة واحدة .. في أي محافظة أو قرية أو نجع، وليعلم مروجو الفتنه ومعهم كل الشرفاء في العالم أن ما حدث من حرق سابق وقتل سابق وتنكيل سابق لإخواننا الشرفاء أقباط مصر، هو بفعل رجال وزير الداخلية السابق ليثبت للعالم من خلال أجندة حقيرة أن الفعل لمسلمين متطرفين ومصريين متطرفين، وليثبت أنه - أي النظام الحالي – هو الدرع الواقي للعالم الحر وللأقليات وعلى رأسهم الأقباط من هؤلاء المتطرفين الساعين لكرسي الحكم ليحولوها إلى إيران أخرى والكل يعلم أن المصريون الذين ذاقوا حلاوة دستور 1923 لن يقبلوا حكما دينيا أبداً،.. وهذا السيناريو المقيت هو في في حقيقة الأمر لعبة سياسية حقيرة وواضحة راح ضحيتها العشرات ممن لا ذنب لهم من شباب قبطي مسالم وشباب مسلم مسالم أيضاً يبحث عن الحرية وكرامة العيش في دولة يريد أن تحقق له ولو الحد الأدنى من العدل والمساواة، ورغم أني لا أطيق تكرار أو حديث كلمة مسلم وقبطي بل مصريون، فإن كثيرين من هؤلاء المصريين الشرفاء ، زهرة شباب مصر راحوا ضحايا تلك الأجندة السياسية المقيتة والتي كانت – بواسطة العادلي والشريف وعز - تحاول بشراسة الإبقاء على النظام، والكارثة أن صدقها الأقباط أنفسهم ورددوها حتى أنهم اليوم وفي أحلك لحظات مصر التهابا واحتياجا لهم ولكل وطني شريف، انصاعوا لأوامر رجال الدين في الكنيسة وحرموا مصر في أيامها الحرجة من أن ترى أبناءها الأقباط يثورون جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين والكاثوليك والنوبيين والبروتستانت، لقد حرم رجال الكنيسة الأرثوذكسية مصر وحضن مصر من أن يلتحم معها في أيامها التاريخية تلك أبنائها الأقباط، لقد التزموا ( بالأمر ) بيوتهم ولم يخرجوا في ساعة الخلاص، وأقول لهم حان الوقت الآن .. ثوروا على أنفسكم ولا تحرموا مصر وطننا جميعا من وجودكم الحر الشريف الذي نعرفه.. أخرجوا .. شاركوا مصر لحظة الميلاد الجديد ولا تديروا ظهوركم لها .. كنائسكم لم يمسها مسلم واحد رغم الفوضى الأمنية .. لا تصدقوا دعاة الفتنة فنحن شعب واحد ومصير واحد .. وان كنتم معنا تطالبون بدولة مدنية شعارها الدين لله والوطن للجميع، فلتديروا ظهوركم لرجال الدين حتى تكون دعوة الدولة المدنية صادقة، فمن غير المعقول أن يطالب بالدولة المدنية من يسعون وراء زعيم ديني، مصر بحاجة إليكم وانتم جزء كبير وقوي ومخلص وشريف من شعب مصر، لا تتركوا هذه اللحظة التاريخية تفلت من أيديكم، لقد خرج رامي لكح وهو كاثوليكي مصري وتقبل الإهانة والضرب مع المتظاهرين وهو يصرخ في وجوه الطغاة أنا مصري مسيحي ورجل أعمال ولن اترك الناس حتى لا تكذبوا علينا غداً وتقولوا انتفاضة حرامية، لقد تحول ميدان التحرير إلى مسجد وكنيسة وصلي المصريون مسلمين مسيحيين صلاة واحدة مشتركة لمصر في أعظم صورة من صور التلاحم الوطني والديني منذ ثورة 19 ولكن لم يكن هناك أقباطاً كثيرين بل كاثوليك وبروتستانت !
مصر تريدكم يا إخواننا في الوطن .. تريدكم يا أقباط مصر، كذبوا عليكم وهاهي كنائسكم لا يحميها إلا شباب مصر، فأخرجوا إن كنتم تريدون مشاركة حقيقية في مستقبل مصر، لابد أن نرفض نصائح من تجاوزوا التسعين من العمر ليحرمونا من أن ندير وجوهنا شطر نهضة مصر في أحرج لحظاتها التاريخية.


السبت، 15 يناير 2011

عملوها التوانسة

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.

حكامنا لا يقرأون، وإذا قرأوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا يسمعون، وإذا سمعوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا ينظرون، وإذا نظروا أقاموا علينا الحد!!
ومن ثم فمن الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدمر قادتها الذين لا يقرأون شعوبهم ولا يسمعون ولا يسدوا رمق أحلام البسطاء ببصيص من نور أو بقليل من حياة أفضل.
من الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدق أعناق جلاديها التي تراهم عبئا حضاريا عليها وعلى وجودها الإنساني كأمة ذات ضمير وكبرياء وكرامة.
– في عالمنا الثالث – الديكتاتور هو صاحب التغيير، ووحده صاحب الثورة، ووحده صاحب السلطة، ووحده مالك الدستور وحاكم الشعب. 
يحكم بانقلاب دموي أو سلمي ثم يعد الناس بدولة العدل والمساواة ثم في أقل من عام يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة له ولعائلته، ومن كان يتغنى الأمس بالحرية، نراه يعتقل الناس اليوم في زنازين اليأس والبطالة والكبت والاغتيالات ليتسنى له " حَلب " الوطن تحت حماية وزراء داخليته الغلاظ والذين يختارهم بعناية، ومظلة تهميش الجيش بعدما يترأس هو قمته العليا رغم أنف الجيش نفسه.
الناس في بلادنا قد تصبر على الظلم، قد تصبر على الطغيان، الجوع، الحبس، القتل العشوائي، ، الفتنة، لكنها حين تغضب فلا عاصم لغضبتهم ولا نجاة من ثأرهم قبل ثورتهم، وان كانت تظن الديكتاتوريات أنها بمنأى من غضبة الناس وثورتهم وغليانهم فهذا وهم عاشه كل ديكتاتور سابق لإيمانه بما يأتيه من تقارير مفادها تفيد أن الجميع يسبحون بحمده وأن الكل ربما يتوجه إليه بالدعاء من دون الله - حاشا لله - والغريب أنه يصدق والتصديق هنا مرحلة من مراحل اللعنة حتى تحيط به خطيئته فيغتاله شعبه .
لم ينجو ديكتاتور واحد من شعبه، ولا ديكتاتور واحد نجا، بل أن نهاية كل واحد فيهم كانت من أقبح وأشنع النهايات التي يلقاها فاسد على وجه الأرض.
وربما يحضرني قول غسان المفلح وهو ناشط سوري يعيش في سويسرا "عندما يرغب ديكتاتورٌ أو حالمٌ بتنصيب نفسه ديكتاتوراً، يسارياً كان أو يمينياً، في أي مكان من العالم، وفي أي وقت كان، عندما يرغب في ذلك فهو يعزل المجتمع عن العالم أو يلجأ إلى القسوة ضد الحراك الديمقراطي وحيث يتبع برنامجاً محدداً بعشرة خطوات تقليدية، وهي (1)الإدعاء بوجود مؤامرة، وفتن طائفية وقبلية(2)تأسيس معتقلات سرية، (3) توظيف واستخدام ميليشيات مدنية مسلحة رديف له، (4) تأسيس جهاز مراقبة وتجسس، (5) اعتقال مواطنين بأسلوب تعسفي، (6) اختراق التجمعات/المنظمات الأهلية، (7) استهداف شخصيات هامة، (8) ملاحقة الصحفيين، (9) وصف كل انتقاد بأنه "خيانة" و (10) تدمير دولة القانون."
أما شاكر النابلسي وهو كاتب وباحث أردني فيقول في مبحث رائع له تحت اسم "العرب من حكم الخلافة المطلق إلى الديكتاتورية الطاغية": ما الفرق بين الخليفة الكلاسيكي والخليفة المعاصر؟ الخليفة الكلاسيكي كان يمسك بالسلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن هنا جاء الاستبداد والظلم الذي كان يقويه السلطان والمال في الوقت نفسه. وكان الخليفة هو ”ظل اللـه على الأرض“ كما قال الخليفة المنصور، وهو الأمين على بيت المال الذي هو مال اللـه، باعتباره ظل اللـه وخليفة رسول اللـه، كما قال معاوية بن أبي سفيان. أما الخليفة المعاصر، فهو الآن يفعل الشيء ذاته. بيده نفس السلطات الثلاث، وإن بدت هذه السلطات - ظاهريا - مستقلة ومنفصلة عن الخليفة، إلا أنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، وإنما كلها بيد الخليفة المعاصر. وما انتشار الاستبداد الحالي في العالم العربي إلا نتيجة لذلك. ويستشهد شاكر النابلسي بما قاله السيد العلوي عن الخلافة المعاصرة في كتابه ( أضرار الحكم القبلي في دول الخليج العربية، 2003 ) بالقول: ”لقد اعتمدت الديكتاتوريات على مر التاريخ على فلسفات واهية لتبرير احتكارها للسلطة وحرمان الآخرين، كالحق الإلهي في الحكم، وكحق الأسرة والسلالة في القرون الغابرة، والقرون المتأخرة حيث تنامت فلسفة المجموعة الطليعية والريادية التي تقود الأمة ولو بالقهر إلى تطورها المأمول على مختلف الأصعدة. ونشأت على ضوئها الدول الشمولية، وتحورت في شكل سياسي عبرت عنه بوضوح دول الحزب الواحد. وقد حاولت مختلف هذه الصور التلبس بالدين عندما ترى احتياجا لذلك، فتوظيف الأحاديث والمفاهيم الدينية من أجل تبرير وصولها إلى اعتلاء السلطة واحتكارها لها. إلا أن أقبح الفلسفات في نظري هي فلسفة الحق الإلهي في الحكم المنحصر في شخص بعينه أو أسرة بعينها اعتمادا على جدلية كاذبة، تتمحور حول ادعاء أن اللـه تعالى خص هذه الأسرة بالحكم والسيطرة على القرار، وأن باقي الأسر أو التشكيلات أو الأمة بأسرها عليها التسليم والرضي بذلك، ويحدد الكاتب على ألشمري في مجـــلـــــــة النبـــــــــأ - العــــــدد55 - مارس 2001م، مساوئ الديكتاتورية التي يصنعها الديكتاتور دون أن يدري - لكونه ديكتاتوراً - فلا يراها ولا يستشعرها وتكون هي وقود الشعوب والشرارة الأولى دائما في الثورة والإطاحة به في عدة نقاط أهمها أن الديكتاتورية تمثل بذرة الاستبداد الذي يقدم للمجتمع مُثلاً،محدودة و مكررة، وهذه المثل غير قادرة على مد المجتمع بالطاقة الكافية لبدء مسيرة البناء الحضاري ومواصلتها، ومن ثم فلابد أن يرتكس المجتمع في براثن التخلف الحضاري، والتمزق المجتمعي، لان من طبيعة النظام المستبد أو الفرعوني - بالمصطلح القرآني - أن يقسّم الناس إلى طبقات وفئات بحسب قربهم أو بعدهم من النظام، وبحسب موقفهم منه، وهو ما يعد جزءاً من آلية السيطرة على المجتمع والتحكم فيه مما يحمل أبناء المجتمع الرافضين له على التفكير بأساليب عنيفة في مواجهته، وهذا يفتح الباب أمام العنف والعمل المسلح لحل المشكلة السياسية المتمثلة بوجود السلطة الإرهابية التي كان لها السبق في استخدام العنف في التعامل مع الناس، ومجتمع يعيش دوامة العنف والتوتر الداخلي لا يمكنه أن يسلك الطريق المؤدي إلى النهوض الحضاري
.وهذا ربما ما أراه أنا أيضا في كونه الدافع الحقيقي وربما الوحيد وراء مايسمى بالفتن الطائفية والصراعات الأهلية التي دائما ما تكون بداية سيناريو الإطاحة بالنظام الحاكم، إذ تنمي الفتن الطائفية والصراعات الأهلية عند المتصارعين والضحايا على حد سواء مشاعر الشجاعة وعدم الشعور بالخوف ومواجهة الصراع وكلها أمور تمهد السبيل المعنوي عند المضطهدين – مستقبلاً – في قبول الصراع والموت وتحدي النظام بثورة شعبية كحل وحيد وحتمي للحرية والعدالة والمساواة.
ولعل من أدق ما قرأته في وصف الديكتاتورية كواقع معاش ذلك الذي نقله لنا الكاتب والناقد والأكاديمي المصري رشيد العناني من وصف "هرِتا مُولر" Herta Muller الروائية الألمانية الرومانية، الفائزة بجائزة نوبل في الأدب لعام 2009، في أشهر رواياتها، "حيوان القلب"، التي نُشرت لأول مرة في ألمانيا سنة 1993 بعد سقوط شاوشيسكو ونظامه، وقبل أن تترجم إلى الإنجليزية بعنوان «أرض البرقوق الأخضر» سنة 1996، حيث تصف حال العيش في ظل حكم الديكتاتور الروماني نيقولاى شاوشيسكو 1918 ــ 1989 قبل سقوط نظامه وإعدامه مع زوجته، فتقول: بإمكانك أن تحس بهم متربصين، يوزّعون الخوف». (ص 48 من الترجمة الإنجليزية).هكذا تصف وتسترسل بالقول: العيش في ظل دولة شمولية، في ظل القمع الأمني، تحت المراقبة المستمرة، في خطر دائم من الملاحقة والاعتقال لسبب أو لغير ما سبب، في خطر الطرد من الوظيفة، في خطر الأخذ بالشبهات، في خطر امتهان الكرامة والإذلال، مثل هذا العيش لا يترك في نفس المواطن، إن عجز عن المقاومة، سوى الرغبة في الهرب، في الخروج إلى بلد آخر. فقط الطبقة الحاكمة يطيب لها العيش في ظل نظامها، "كان كل فرد يعيش على أمل الهروب. كانوا يفكرون في السباحة عبر نهر «الدانوب» إلى أن تصبح المياه بلدا آخر، في الجري خلال حقول الذرة إلى أن تصبح التربة بلدا آخر. كان بإمكانك أن ترى في عيونهم أنهم لن يلبثوا أن يصرفوا كل قرش في جيوبهم من أجل الحصول على خرائط تفصيلية (...) الوحيدون الذين لم يكونوا يريدون الهرب هم الديكتاتور وحراسه. كنت تستطيع أن ترى ذلك في عيونهم، وأيديهم، وشفاههم. اليوم وغدا وبعد غد سوف يصنعون المقابر بكلابهم، وبرصاصهم (...) بإمكانك أن تحس بالديكتاتور وحراسه يحومون حول كل خطط الهروب السرية" ، إن اليأس يبلغ حدا يصبح الكره معه خدمة تُوظف لمصلحة النظام إذ لم أكن أعرف أن الحراس يحتاجون تلك الكراهية لكي يمارسوا عملهم الدموي بدقة يومية، أنهم يحتاجونها لكي يتصرفوا في المصائر لقاء رواتبهم، وأنهم لا يمكنهم أن يصدروا الأحكام إلا ضد أعدائهم. إنما يثبت الحراس جدارتهم بقدر ما يكون لهم من أعداء".
وصف دقيق لكل ما تعانيه أي امة تحت حكم ديكتاتور، ممارسة العمل الدموي اليومي لحرس الديكتاتور بكل دقة لقاء رواتبهم!!.
ولعل ذلك الوصف ينحت لنا بعناية ملامح ديكتاتور اسبانيا فرانشيسكو فرانكو بهاموند وهو صورة بالكربون من كل الديكتاتوريات السابقة والمعاصرة، ذلك الديكتاتور الذي حكم أسبانيا حكما مستبدا، حتى انه كان يعين كل أعضاء البرلمان الاسباني ‘الكارتز’ بمعرفته عن طريق حرسه الخاص إذ انشأ البرلمان فقط كديكور ليقال عنه انه يمارس الديمقراطية في بلاده رغم انه كمم فيها الأفواه، وملأ السجون بالمعتقلين وكان لا يطيق أن يسمع من احد كلمة ‘لا‘.
كانت الأحكام العرفية هي السائدة طوال فترة حكمه.. أما المحاكمات فكان أغلبها يقام أمام محاكم عسكرية! وهنا يقول الدكتور محمود متولي: ‘لقد قام فرانكو خلال فترة حكمه بنفي أكثر من نصف مليون مواطن بعيدا عن الوطن الأم، واستمر الناس في موات.. وامتلأت السجون بالأحرار، وقيل إن حكم فرانكو قام بإعدام أكثر من 250 ألف مواطن‘!، أن فرانكو ككل طاغية في التاريخ عاش معزولا عن شعبه، يحكم من خلال البندقية ويظن انه مبعوث العناية الإلهية.. ولولا المعونات الأمريكية لكانت اسبانيا تعاني مجاعات متكررة..و بدلا من أن يحمي الشعب كان هو عذابا للشعب.
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.
إن ماحدث في تونس من غليان شعبي أطاح برئيس الجمهورية هو رد فعل طبيعي للشعوب التي لديها بصيص من كبرياء وبصيص من كرامة.
إن ما حدث في تونس دعوة للجميع أن يقرأوا ولا يقيموا علينا الحد وأن يسمعوا دون أن يقيموا علينا الحد وأن ينظروا حتى يقيموا بنا ولنا دولة العدل والحرية والمساواة، فنحن شعوب تملك كل مقومات المشاركة الحضارية في ذلك العالم الذي نحياه، وقد فعلتها تونس، فعلها شعب يأبى إلا أن يكون سيداً في وطنه.

عملوها التوانسة

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.

حكامنا لا يقرأون، وإذا قرأوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا يسمعون، وإذا سمعوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا ينظرون، وإذا نظروا أقاموا علينا الحد!!
ومن ثم فمن الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدمر قادتها الذين لا يقرأون شعوبهم ولا يسمعون ولا يسدوا رمق أحلام البسطاء ببصيص من نور أو بقليل من حياة أفضل.
من الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدق أعناق جلاديها التي تراهم عبئا حضاريا عليها وعلى وجودها الإنساني كأمة ذات ضمير وكبرياء وكرامة.
– في عالمنا الثالث – الديكتاتور هو صاحب التغيير، ووحده صاحب الثورة، ووحده صاحب السلطة، ووحده مالك الدستور وحاكم الشعب. 
يحكم بانقلاب دموي أو سلمي ثم يعد الناس بدولة العدل والمساواة ثم في أقل من عام يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة له ولعائلته، ومن كان يتغنى الأمس بالحرية، نراه يعتقل الناس اليوم في زنازين اليأس والبطالة والكبت والاغتيالات ليتسنى له " حَلب " الوطن تحت حماية وزراء داخليته الغلاظ والذين يختارهم بعناية، ومظلة تهميش الجيش بعدما يترأس هو قمته العليا رغم أنف الجيش نفسه.
الناس في بلادنا قد تصبر على الظلم، قد تصبر على الطغيان، الجوع، الحبس، القتل العشوائي، ، الفتنة، لكنها حين تغضب فلا عاصم لغضبتهم ولا نجاة من ثأرهم قبل ثورتهم، وان كانت تظن الديكتاتوريات أنها بمنأى من غضبة الناس وثورتهم وغليانهم فهذا وهم عاشه كل ديكتاتور سابق لإيمانه بما يأتيه من تقارير مفادها تفيد أن الجميع يسبحون بحمده وأن الكل ربما يتوجه إليه بالدعاء من دون الله - حاشا لله - والغريب أنه يصدق والتصديق هنا مرحلة من مراحل اللعنة حتى تحيط به خطيئته فيغتاله شعبه .
لم ينجو ديكتاتور واحد من شعبه، ولا ديكتاتور واحد نجا، بل أن نهاية كل واحد فيهم كانت من أقبح وأشنع النهايات التي يلقاها فاسد على وجه الأرض.
وربما يحضرني قول غسان المفلح وهو ناشط سوري يعيش في سويسرا "عندما يرغب ديكتاتورٌ أو حالمٌ بتنصيب نفسه ديكتاتوراً، يسارياً كان أو يمينياً، في أي مكان من العالم، وفي أي وقت كان، عندما يرغب في ذلك فهو يعزل المجتمع عن العالم أو يلجأ إلى القسوة ضد الحراك الديمقراطي وحيث يتبع برنامجاً محدداً بعشرة خطوات تقليدية، وهي (1)الإدعاء بوجود مؤامرة، وفتن طائفية وقبلية(2)تأسيس معتقلات سرية، (3) توظيف واستخدام ميليشيات مدنية مسلحة رديف له، (4) تأسيس جهاز مراقبة وتجسس، (5) اعتقال مواطنين بأسلوب تعسفي، (6) اختراق التجمعات/المنظمات الأهلية، (7) استهداف شخصيات هامة، (8) ملاحقة الصحفيين، (9) وصف كل انتقاد بأنه "خيانة" و (10) تدمير دولة القانون."
أما شاكر النابلسي وهو كاتب وباحث أردني فيقول في مبحث رائع له تحت اسم "العرب من حكم الخلافة المطلق إلى الديكتاتورية الطاغية": ما الفرق بين الخليفة الكلاسيكي والخليفة المعاصر؟ الخليفة الكلاسيكي كان يمسك بالسلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن هنا جاء الاستبداد والظلم الذي كان يقويه السلطان والمال في الوقت نفسه. وكان الخليفة هو ”ظل اللـه على الأرض“ كما قال الخليفة المنصور، وهو الأمين على بيت المال الذي هو مال اللـه، باعتباره ظل اللـه وخليفة رسول اللـه، كما قال معاوية بن أبي سفيان. أما الخليفة المعاصر، فهو الآن يفعل الشيء ذاته. بيده نفس السلطات الثلاث، وإن بدت هذه السلطات - ظاهريا - مستقلة ومنفصلة عن الخليفة، إلا أنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، وإنما كلها بيد الخليفة المعاصر. وما انتشار الاستبداد الحالي في العالم العربي إلا نتيجة لذلك. ويستشهد شاكر النابلسي بما قاله السيد العلوي عن الخلافة المعاصرة في كتابه ( أضرار الحكم القبلي في دول الخليج العربية، 2003 ) بالقول: ”لقد اعتمدت الديكتاتوريات على مر التاريخ على فلسفات واهية لتبرير احتكارها للسلطة وحرمان الآخرين، كالحق الإلهي في الحكم، وكحق الأسرة والسلالة في القرون الغابرة، والقرون المتأخرة حيث تنامت فلسفة المجموعة الطليعية والريادية التي تقود الأمة ولو بالقهر إلى تطورها المأمول على مختلف الأصعدة. ونشأت على ضوئها الدول الشمولية، وتحورت في شكل سياسي عبرت عنه بوضوح دول الحزب الواحد. وقد حاولت مختلف هذه الصور التلبس بالدين عندما ترى احتياجا لذلك، فتوظيف الأحاديث والمفاهيم الدينية من أجل تبرير وصولها إلى اعتلاء السلطة واحتكارها لها. إلا أن أقبح الفلسفات في نظري هي فلسفة الحق الإلهي في الحكم المنحصر في شخص بعينه أو أسرة بعينها اعتمادا على جدلية كاذبة، تتمحور حول ادعاء أن اللـه تعالى خص هذه الأسرة بالحكم والسيطرة على القرار، وأن باقي الأسر أو التشكيلات أو الأمة بأسرها عليها التسليم والرضي بذلك، ويحدد الكاتب على ألشمري في مجـــلـــــــة النبـــــــــأ - العــــــدد55 - مارس 2001م، مساوئ الديكتاتورية التي يصنعها الديكتاتور دون أن يدري - لكونه ديكتاتوراً - فلا يراها ولا يستشعرها وتكون هي وقود الشعوب والشرارة الأولى دائما في الثورة والإطاحة به في عدة نقاط أهمها أن الديكتاتورية تمثل بذرة الاستبداد الذي يقدم للمجتمع مُثلاً،محدودة و مكررة، وهذه المثل غير قادرة على مد المجتمع بالطاقة الكافية لبدء مسيرة البناء الحضاري ومواصلتها، ومن ثم فلابد أن يرتكس المجتمع في براثن التخلف الحضاري، والتمزق المجتمعي، لان من طبيعة النظام المستبد أو الفرعوني - بالمصطلح القرآني - أن يقسّم الناس إلى طبقات وفئات بحسب قربهم أو بعدهم من النظام، وبحسب موقفهم منه، وهو ما يعد جزءاً من آلية السيطرة على المجتمع والتحكم فيه مما يحمل أبناء المجتمع الرافضين له على التفكير بأساليب عنيفة في مواجهته، وهذا يفتح الباب أمام العنف والعمل المسلح لحل المشكلة السياسية المتمثلة بوجود السلطة الإرهابية التي كان لها السبق في استخدام العنف في التعامل مع الناس، ومجتمع يعيش دوامة العنف والتوتر الداخلي لا يمكنه أن يسلك الطريق المؤدي إلى النهوض الحضاري
.وهذا ربما ما أراه أنا أيضا في كونه الدافع الحقيقي وربما الوحيد وراء مايسمى بالفتن الطائفية والصراعات الأهلية التي دائما ما تكون بداية سيناريو الإطاحة بالنظام الحاكم، إذ تنمي الفتن الطائفية والصراعات الأهلية عند المتصارعين والضحايا على حد سواء مشاعر الشجاعة وعدم الشعور بالخوف ومواجهة الصراع وكلها أمور تمهد السبيل المعنوي عند المضطهدين – مستقبلاً – في قبول الصراع والموت وتحدي النظام بثورة شعبية كحل وحيد وحتمي للحرية والعدالة والمساواة.
ولعل من أدق ما قرأته في وصف الديكتاتورية كواقع معاش ذلك الذي نقله لنا الكاتب والناقد والأكاديمي المصري رشيد العناني من وصف "هرِتا مُولر" Herta Muller الروائية الألمانية الرومانية، الفائزة بجائزة نوبل في الأدب لعام 2009، في أشهر رواياتها، "حيوان القلب"، التي نُشرت لأول مرة في ألمانيا سنة 1993 بعد سقوط شاوشيسكو ونظامه، وقبل أن تترجم إلى الإنجليزية بعنوان «أرض البرقوق الأخضر» سنة 1996، حيث تصف حال العيش في ظل حكم الديكتاتور الروماني نيقولاى شاوشيسكو 1918 ــ 1989 قبل سقوط نظامه وإعدامه مع زوجته، فتقول: بإمكانك أن تحس بهم متربصين، يوزّعون الخوف». (ص 48 من الترجمة الإنجليزية).هكذا تصف وتسترسل بالقول: العيش في ظل دولة شمولية، في ظل القمع الأمني، تحت المراقبة المستمرة، في خطر دائم من الملاحقة والاعتقال لسبب أو لغير ما سبب، في خطر الطرد من الوظيفة، في خطر الأخذ بالشبهات، في خطر امتهان الكرامة والإذلال، مثل هذا العيش لا يترك في نفس المواطن، إن عجز عن المقاومة، سوى الرغبة في الهرب، في الخروج إلى بلد آخر. فقط الطبقة الحاكمة يطيب لها العيش في ظل نظامها، "كان كل فرد يعيش على أمل الهروب. كانوا يفكرون في السباحة عبر نهر «الدانوب» إلى أن تصبح المياه بلدا آخر، في الجري خلال حقول الذرة إلى أن تصبح التربة بلدا آخر. كان بإمكانك أن ترى في عيونهم أنهم لن يلبثوا أن يصرفوا كل قرش في جيوبهم من أجل الحصول على خرائط تفصيلية (...) الوحيدون الذين لم يكونوا يريدون الهرب هم الديكتاتور وحراسه. كنت تستطيع أن ترى ذلك في عيونهم، وأيديهم، وشفاههم. اليوم وغدا وبعد غد سوف يصنعون المقابر بكلابهم، وبرصاصهم (...) بإمكانك أن تحس بالديكتاتور وحراسه يحومون حول كل خطط الهروب السرية" ، إن اليأس يبلغ حدا يصبح الكره معه خدمة تُوظف لمصلحة النظام إذ لم أكن أعرف أن الحراس يحتاجون تلك الكراهية لكي يمارسوا عملهم الدموي بدقة يومية، أنهم يحتاجونها لكي يتصرفوا في المصائر لقاء رواتبهم، وأنهم لا يمكنهم أن يصدروا الأحكام إلا ضد أعدائهم. إنما يثبت الحراس جدارتهم بقدر ما يكون لهم من أعداء".
وصف دقيق لكل ما تعانيه أي امة تحت حكم ديكتاتور، ممارسة العمل الدموي اليومي لحرس الديكتاتور بكل دقة لقاء رواتبهم!!.
ولعل ذلك الوصف ينحت لنا بعناية ملامح ديكتاتور اسبانيا فرانشيسكو فرانكو بهاموند وهو صورة بالكربون من كل الديكتاتوريات السابقة والمعاصرة، ذلك الديكتاتور الذي حكم أسبانيا حكما مستبدا، حتى انه كان يعين كل أعضاء البرلمان الاسباني ‘الكارتز’ بمعرفته عن طريق حرسه الخاص إذ انشأ البرلمان فقط كديكور ليقال عنه انه يمارس الديمقراطية في بلاده رغم انه كمم فيها الأفواه، وملأ السجون بالمعتقلين وكان لا يطيق أن يسمع من احد كلمة ‘لا‘.
كانت الأحكام العرفية هي السائدة طوال فترة حكمه.. أما المحاكمات فكان أغلبها يقام أمام محاكم عسكرية! وهنا يقول الدكتور محمود متولي: ‘لقد قام فرانكو خلال فترة حكمه بنفي أكثر من نصف مليون مواطن بعيدا عن الوطن الأم، واستمر الناس في موات.. وامتلأت السجون بالأحرار، وقيل إن حكم فرانكو قام بإعدام أكثر من 250 ألف مواطن‘!، أن فرانكو ككل طاغية في التاريخ عاش معزولا عن شعبه، يحكم من خلال البندقية ويظن انه مبعوث العناية الإلهية.. ولولا المعونات الأمريكية لكانت اسبانيا تعاني مجاعات متكررة..و بدلا من أن يحمي الشعب كان هو عذابا للشعب.
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.
إن ماحدث في تونس من غليان شعبي أطاح برئيس الجمهورية هو رد فعل طبيعي للشعوب التي لديها بصيص من كبرياء وبصيص من كرامة.
إن ما حدث في تونس دعوة للجميع أن يقرأوا ولا يقيموا علينا الحد وأن يسمعوا دون أن يقيموا علينا الحد وأن ينظروا حتى يقيموا بنا ولنا دولة العدل والحرية والمساواة، فنحن شعوب تملك كل مقومات المشاركة الحضارية في ذلك العالم الذي نحياه، وقد فعلتها تونس، فعلها شعب يأبى إلا أن يكون سيداً في وطنه.