الأحد، 13 أبريل 2014

السياسة والوطن في أعمال المخرج مجدي مجاهد ( 2 )

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم

لم أتدخل في اغاني بديع خيري على الإطلاق أو ألحان سيد درويش، انما رأيت أن المدخل الموسيقي بطئ جداً فقمت بشرح وجهة نظري للموزع الموسيقي عزيز الشوان في أن يقوم بتسريع الحركة الموسيقية درجة تتناسب مع ذوق العصر وأنا أعلم أن هذا التسريع لا علاقة له اطلاقاً بالتدخل في اللحن،
في المقال السابق عرضنا الدافع الوطني الذي دفع الفنان القدير مجدي مجاهد في اختيار أعماله، وعرضنا اختيار هذا الفنان الوطني لرائعة سيد درويش اوبريت العشرة الطيبة وإعادة أنتاجها عام 1983 في مناخ سياسي يكاد يتطابق مع المناخ السياسي الذي تم عرضها فيه لأول مرة1920، وكأنه بإعادة العرض يريد توصيل رسالة هامة للشعب المصري مما دفعني اليوم أن أقوم بلقاء هذا الفنان القدير ومحاورته والوقوف معه عند أهم المحطات الفنية التي توقف عندها وقدم فيها فنه ووطنيته وانتمائه.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
البداية كانت مجرد فكرة طرحتها على الفنان كرم مطاوع .. فكرة إعادة تقديم أهم الأعمال الدرامية الغنائية في المسرح المصري، كنا بحاجة وقتها عام 1982 بعد شهور من اغتيال الرئيس السادات، كنا بحاجة لتنبيه الوعي المصري لقيمته ووجوده وتضحياته، واخترنا بالفعل أنا والصديق الأستاذ كرم مطاوع مسرحية ليلة من ألف ليلة، ثم وقبل الشروع في التحضير إليها فكرت في اوبريت العشرة الطيبة، شعرت أنه زمن إعادة عرضها، شعرت أننا بحاجة للتواصل مع سيد درويش ومحمد تيمور والتنبه معهما لقيمة كفاح المصري وصموده وصبره وتضحياته وانتصاره ، وراقت الفكرة لنا جميعاً وبدأنا في تنفيذها.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
اختياري لهذا الأوبريت تحديداً جاء لعدة أسباب أولها أن الأوبريت قالب مسرحي قريب من وجدان المصريين إذ تقوم صناعته على القالب الغنائي المسرحي الكوميدي وأنا دائماً ما أميل للكوميديا في توصيل رسائلي المسرحية للمصريين بحكم أن المصريين شعب يميل للضحكة ويميل لاستقبال المعلومة السياسية تحديداً والتعامل معها في قالب ساخر، إلى جانب أن هذا الأوبريت يجمع كل الصفات التي كنت أريدها، فهو يبرز قيمة المواطن المصري في كفاحه ضد الحاكم الظالم وانتصاره عليه في قالب ساخر كوميدي وفي نفس الوقت يصل بنا مع المشاهد إلى ما نريد توصيله من رسائل هي في أغلبها رسائل وطنية تدفع المشاهد لأن يعيد شحن وجدانه الوطني من جديد.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
طبعاً الأوبريت له رسالة، ورسالة قوية جداً، رسالة في محتواها استغلال الحاكم الظالم للشعب الصابر، ومن يرفض هذا الاستغلال يتم التخلص منه فوراً، فالحاكم الظالم سواء كان محتل او ديكتاتور لايريد أن يراجعه أحد ويعتبر أن المحكومين هم مجرد عبيد يفعل بهم مايشاء ومن يرفض من الشعب أن يكون عبداً يستحل الديكتاتور ماله ونفسه وعرضه فجزاءه الموت ولكن ينسى الديكتاتور أن الشعوب الحرة حتى وإن صبرت على ظلم الحاكم فإنها حتماً تنتصر في النهاية بإنتمائها الوطني حتى ولو كان احدهم يعمل في بلاط الديكتاتور نفسه فهو حتماً سيكون ولائه للوطن في النهاية وسيعمل لصالح وطنه وشعبه.

بالفعل، شخصية حسن عرنوس هي شخصية وطنية كانت تعمل في بلاط الديكتاتور ( الوالي )، كانت مهمته الوحيدة هي قتل المواطنين الرافضين للإستغلال بأوامر الوالي، ولكننا نكتشف أنه وبوطنية كبيرة يخفيها عن الوالي وعيونه يرفض قتل هؤلاء الناس ويخفيهم بعيدا عن عيون الوالي ويقنع الوالي أنه قتلهم وتخلص منهم لنكتشف في نهاية الأوبريت أن هؤلاء الصابرين الأحرار وبفضل وطنية عرنوس مازالوا على قيد الحياة ويواجهون ظلم الوالي الديكتاتور، وربما كما تقول يامحيي: أعجبتني هذه الشخصية جداً وأعجبتني وطنيتها ونقائها فلم استطع مقاومة أن أقوم بتأديتها على المسرح، ولك أن تتخيل وأنا مخرج العرض أقف على خشبة المسرح لأقوم بدور حسن عرنوس وبعدما أنتهي منه وأدخل لكواليس المسرح أقوم بالإسراع لتفقد حال الإضاءة والأوركسترا والتحقق من نجوم العرض كل ليلة، كان مجهوداً كبيراً جداً لكنه بالنسبة لي كان أروع ماعايشته.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
نظراً لضخامة الأوبريت وكثافة الدراما التمثيلية والغنائية وتخلل الكثير من الإستعراضات التي يقوم بها الفنانون وجدت أن ذلك سيشكل ارهاقاً على الممثل في حال قام بتقديم دوره كل ليلة ولذلك قمت ولأول مرة في المسرح بعمل فريقين لتقديم الأوبريت، فريق يقدم عرض ليلة بينما الآخر يستريح ليقدم العرض مرة أخرى في الليلة التي تليها، وإيمانا مني بدور الشباب وتقديم جيل جديد من النجوم قمت بتشكيل الفريق البديل أو الفريق الثاني وكانوا جميعاً من الشباب، كلهم من الشباب أصبحوا نجوماً كباراً الآن، أنا مؤمن أن دور المسرح هو أن يقدم كل يوم نجوماً شابة لشعبه وهذا كان دوماً هدفي، وكان أحد سيناريوهاتي الرئيسة في تقديم اوبريت العشرة الطيبة، وأتمنى أن يكون هذا ردي على سؤالك في كيف كان يقوم بتقديم الأوبريت فريقين مختلفين في ليالي عرض مختلفة.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
أظهرت الشخصية المصرية من أول دقيقة على خشبة المسرح، لم يكن تدخل مني في الدراما ولكن تقدر تقول تفسير للدراما، فقد رأيت أن من الضروري ظهور الفلاح والعامل ورجل الشارع والمرأة من أول لحظة وفي الخلفية لأن هؤلاء هم من سيقفون في وجه الديكتاتور في نهاية العرض ومن غير المنطقي ان يظهروا اثناء تجسيد أدوارهم فقط، كان لابد من وجود الصبر المصري الكفاح المصري الغضب المصري الفلاح المصري طوال العرض في صور متزامنة مع العرض نفسه ولاتؤثر في الدراما وانما ئوثر بايجابية في انفعال المشاهد ولذلك لم اغلق الستار مرة واحدة بل ظل الستار مفتوحاً لمدة ثلاث ساعات كاملة هي كل مدة العرض.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
لم أتدخل في اغاني بديع خيري على الإطلاق أو ألحان سيد درويش، انما رأيت أن المدخل الموسيقي بطئ جداً فقمت بشرح وجهة نظري للموزع الموسيقي عزيز الشوان في أن يقوم بتسريع الحركة الموسيقية درجة تتناسب مع ذوق العصر وأنا أعلم أن هذا التسريع لا علاقة له اطلاقاً بالتدخل في اللحن، وقد عرضت وجهة نظري على قائد الكورال حينئذ وكانت الفنانة القديرة منار ابو هيف لأنها المعنية بتسريع أداء الكورال تبعاً لتسريع حركة الجملة الموسيقية، وأنا مؤمن بأن تسريع " مازورة " المدخل لايعد تدخلاً في اللحن، كما أني قمت باستشارة كبار اساتذة الموسيقى ( الشوان / ابو هيف) واستحسنوا التغيير واعتبروه ضرورياً، أما بالنسبة للأغاني فقد غيرت في جملة أو جملتين وجدتهما لايناسبان زمن وثقافة المتلقي عام 1983، ربما كانت تتوافق مع ثقافة المتلقي عام 1920، لكنها لن تكون ذات تأثير مع مشاهد عام 1983، فالمشاهد تتغير درجة تلقيه من زمن لزمن ومن ثقافة لثقافة، بمعنى اني لو قمت بأخراج هذا الأوبريت مرة أخرى اليوم بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو من المؤكد ستكون لي رؤية أخرى مختلفة تماماً عن رؤيتي عام 1983 ومن ثم كانت بعض جمل الأغاني في العمل الأصلي – جملة أو جملتين –بالنسبة لي واجبة التبديل لما قد يكون لها من تأثير سلبي على المشاهد لذا قمت بتبديل الكلمة دون المساس بتغيير معناها، مجرد تبديل يفهمه المشاهد.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
لم يكن لي أي قصد أو تعمد من السخرية من الحاكم كحاكم في اوبريت العشرة الطيبة .. إنما كان القصد والتعمد بالسخرية من الحاكم كونه ظالماً ديكتاتوراً، فالخصومة مع الحاكم لمجرد أنه حاكم نوع من العبث الذي يدفع للفوضى أما السخرية من الحاكم الديكتاتور بدافع الثورة عليه أو كف ظلمه عن الناس والشعب هو نوع من الوعي الوطني، لذا تأكيدي على السخرية من شخصية الوالي في العشرة الطيبة كان تأكيداً على انتزاع الحس الوطني لدى المشاهد ضد الديكتاتور، أي ديكتاتور، حتى ولو كان حاكماً.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
أنا ملتزم بنص مكتوب منذ 60 عاماً بمعنى أن تدخلي في النص لإضافة موقف ساخر ضد مسألة بعينها غير وارد، ولكني استطيع تسليط الضوء على موقف وحدث مكتوب بالفعل ثم افسره حركياً واخراجياً بما يدفع بالتلميح لحدث نعيشه الآن ويحمل نفس المضمون لتحفيز وعي المشاهد لما يدور حوله من احداث آنية، أما أن اصطنع حدثاً دخيلاً أو مايمكن أن نطلق عليه ( فرد عضلات ) فهذا أمر بعيد كل البعد عن الإبداع ولايعد تفسيراً للنص ولكن إن جاز التعبير يمكن أعتباره تشويهاً للنص.

البقية العدد القادم

السياسة والوطن في أعمال المخرج مجدي مجاهد ( 2 )

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم

لم أتدخل في اغاني بديع خيري على الإطلاق أو ألحان سيد درويش، انما رأيت أن المدخل الموسيقي بطئ جداً فقمت بشرح وجهة نظري للموزع الموسيقي عزيز الشوان في أن يقوم بتسريع الحركة الموسيقية درجة تتناسب مع ذوق العصر وأنا أعلم أن هذا التسريع لا علاقة له اطلاقاً بالتدخل في اللحن،
في المقال السابق عرضنا الدافع الوطني الذي دفع الفنان القدير مجدي مجاهد في اختيار أعماله، وعرضنا اختيار هذا الفنان الوطني لرائعة سيد درويش اوبريت العشرة الطيبة وإعادة أنتاجها عام 1983 في مناخ سياسي يكاد يتطابق مع المناخ السياسي الذي تم عرضها فيه لأول مرة1920، وكأنه بإعادة العرض يريد توصيل رسالة هامة للشعب المصري مما دفعني اليوم أن أقوم بلقاء هذا الفنان القدير ومحاورته والوقوف معه عند أهم المحطات الفنية التي توقف عندها وقدم فيها فنه ووطنيته وانتمائه.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
البداية كانت مجرد فكرة طرحتها على الفنان كرم مطاوع .. فكرة إعادة تقديم أهم الأعمال الدرامية الغنائية في المسرح المصري، كنا بحاجة وقتها عام 1982 بعد شهور من اغتيال الرئيس السادات، كنا بحاجة لتنبيه الوعي المصري لقيمته ووجوده وتضحياته، واخترنا بالفعل أنا والصديق الأستاذ كرم مطاوع مسرحية ليلة من ألف ليلة، ثم وقبل الشروع في التحضير إليها فكرت في اوبريت العشرة الطيبة، شعرت أنه زمن إعادة عرضها، شعرت أننا بحاجة للتواصل مع سيد درويش ومحمد تيمور والتنبه معهما لقيمة كفاح المصري وصموده وصبره وتضحياته وانتصاره ، وراقت الفكرة لنا جميعاً وبدأنا في تنفيذها.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
اختياري لهذا الأوبريت تحديداً جاء لعدة أسباب أولها أن الأوبريت قالب مسرحي قريب من وجدان المصريين إذ تقوم صناعته على القالب الغنائي المسرحي الكوميدي وأنا دائماً ما أميل للكوميديا في توصيل رسائلي المسرحية للمصريين بحكم أن المصريين شعب يميل للضحكة ويميل لاستقبال المعلومة السياسية تحديداً والتعامل معها في قالب ساخر، إلى جانب أن هذا الأوبريت يجمع كل الصفات التي كنت أريدها، فهو يبرز قيمة المواطن المصري في كفاحه ضد الحاكم الظالم وانتصاره عليه في قالب ساخر كوميدي وفي نفس الوقت يصل بنا مع المشاهد إلى ما نريد توصيله من رسائل هي في أغلبها رسائل وطنية تدفع المشاهد لأن يعيد شحن وجدانه الوطني من جديد.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
طبعاً الأوبريت له رسالة، ورسالة قوية جداً، رسالة في محتواها استغلال الحاكم الظالم للشعب الصابر، ومن يرفض هذا الاستغلال يتم التخلص منه فوراً، فالحاكم الظالم سواء كان محتل او ديكتاتور لايريد أن يراجعه أحد ويعتبر أن المحكومين هم مجرد عبيد يفعل بهم مايشاء ومن يرفض من الشعب أن يكون عبداً يستحل الديكتاتور ماله ونفسه وعرضه فجزاءه الموت ولكن ينسى الديكتاتور أن الشعوب الحرة حتى وإن صبرت على ظلم الحاكم فإنها حتماً تنتصر في النهاية بإنتمائها الوطني حتى ولو كان احدهم يعمل في بلاط الديكتاتور نفسه فهو حتماً سيكون ولائه للوطن في النهاية وسيعمل لصالح وطنه وشعبه.

بالفعل، شخصية حسن عرنوس هي شخصية وطنية كانت تعمل في بلاط الديكتاتور ( الوالي )، كانت مهمته الوحيدة هي قتل المواطنين الرافضين للإستغلال بأوامر الوالي، ولكننا نكتشف أنه وبوطنية كبيرة يخفيها عن الوالي وعيونه يرفض قتل هؤلاء الناس ويخفيهم بعيدا عن عيون الوالي ويقنع الوالي أنه قتلهم وتخلص منهم لنكتشف في نهاية الأوبريت أن هؤلاء الصابرين الأحرار وبفضل وطنية عرنوس مازالوا على قيد الحياة ويواجهون ظلم الوالي الديكتاتور، وربما كما تقول يامحيي: أعجبتني هذه الشخصية جداً وأعجبتني وطنيتها ونقائها فلم استطع مقاومة أن أقوم بتأديتها على المسرح، ولك أن تتخيل وأنا مخرج العرض أقف على خشبة المسرح لأقوم بدور حسن عرنوس وبعدما أنتهي منه وأدخل لكواليس المسرح أقوم بالإسراع لتفقد حال الإضاءة والأوركسترا والتحقق من نجوم العرض كل ليلة، كان مجهوداً كبيراً جداً لكنه بالنسبة لي كان أروع ماعايشته.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
نظراً لضخامة الأوبريت وكثافة الدراما التمثيلية والغنائية وتخلل الكثير من الإستعراضات التي يقوم بها الفنانون وجدت أن ذلك سيشكل ارهاقاً على الممثل في حال قام بتقديم دوره كل ليلة ولذلك قمت ولأول مرة في المسرح بعمل فريقين لتقديم الأوبريت، فريق يقدم عرض ليلة بينما الآخر يستريح ليقدم العرض مرة أخرى في الليلة التي تليها، وإيمانا مني بدور الشباب وتقديم جيل جديد من النجوم قمت بتشكيل الفريق البديل أو الفريق الثاني وكانوا جميعاً من الشباب، كلهم من الشباب أصبحوا نجوماً كباراً الآن، أنا مؤمن أن دور المسرح هو أن يقدم كل يوم نجوماً شابة لشعبه وهذا كان دوماً هدفي، وكان أحد سيناريوهاتي الرئيسة في تقديم اوبريت العشرة الطيبة، وأتمنى أن يكون هذا ردي على سؤالك في كيف كان يقوم بتقديم الأوبريت فريقين مختلفين في ليالي عرض مختلفة.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
أظهرت الشخصية المصرية من أول دقيقة على خشبة المسرح، لم يكن تدخل مني في الدراما ولكن تقدر تقول تفسير للدراما، فقد رأيت أن من الضروري ظهور الفلاح والعامل ورجل الشارع والمرأة من أول لحظة وفي الخلفية لأن هؤلاء هم من سيقفون في وجه الديكتاتور في نهاية العرض ومن غير المنطقي ان يظهروا اثناء تجسيد أدوارهم فقط، كان لابد من وجود الصبر المصري الكفاح المصري الغضب المصري الفلاح المصري طوال العرض في صور متزامنة مع العرض نفسه ولاتؤثر في الدراما وانما ئوثر بايجابية في انفعال المشاهد ولذلك لم اغلق الستار مرة واحدة بل ظل الستار مفتوحاً لمدة ثلاث ساعات كاملة هي كل مدة العرض.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
لم أتدخل في اغاني بديع خيري على الإطلاق أو ألحان سيد درويش، انما رأيت أن المدخل الموسيقي بطئ جداً فقمت بشرح وجهة نظري للموزع الموسيقي عزيز الشوان في أن يقوم بتسريع الحركة الموسيقية درجة تتناسب مع ذوق العصر وأنا أعلم أن هذا التسريع لا علاقة له اطلاقاً بالتدخل في اللحن، وقد عرضت وجهة نظري على قائد الكورال حينئذ وكانت الفنانة القديرة منار ابو هيف لأنها المعنية بتسريع أداء الكورال تبعاً لتسريع حركة الجملة الموسيقية، وأنا مؤمن بأن تسريع " مازورة " المدخل لايعد تدخلاً في اللحن، كما أني قمت باستشارة كبار اساتذة الموسيقى ( الشوان / ابو هيف) واستحسنوا التغيير واعتبروه ضرورياً، أما بالنسبة للأغاني فقد غيرت في جملة أو جملتين وجدتهما لايناسبان زمن وثقافة المتلقي عام 1983، ربما كانت تتوافق مع ثقافة المتلقي عام 1920، لكنها لن تكون ذات تأثير مع مشاهد عام 1983، فالمشاهد تتغير درجة تلقيه من زمن لزمن ومن ثقافة لثقافة، بمعنى اني لو قمت بأخراج هذا الأوبريت مرة أخرى اليوم بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو من المؤكد ستكون لي رؤية أخرى مختلفة تماماً عن رؤيتي عام 1983 ومن ثم كانت بعض جمل الأغاني في العمل الأصلي – جملة أو جملتين –بالنسبة لي واجبة التبديل لما قد يكون لها من تأثير سلبي على المشاهد لذا قمت بتبديل الكلمة دون المساس بتغيير معناها، مجرد تبديل يفهمه المشاهد.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
لم يكن لي أي قصد أو تعمد من السخرية من الحاكم كحاكم في اوبريت العشرة الطيبة .. إنما كان القصد والتعمد بالسخرية من الحاكم كونه ظالماً ديكتاتوراً، فالخصومة مع الحاكم لمجرد أنه حاكم نوع من العبث الذي يدفع للفوضى أما السخرية من الحاكم الديكتاتور بدافع الثورة عليه أو كف ظلمه عن الناس والشعب هو نوع من الوعي الوطني، لذا تأكيدي على السخرية من شخصية الوالي في العشرة الطيبة كان تأكيداً على انتزاع الحس الوطني لدى المشاهد ضد الديكتاتور، أي ديكتاتور، حتى ولو كان حاكماً.

الفنان القدير مجدي مجاهد:
أنا ملتزم بنص مكتوب منذ 60 عاماً بمعنى أن تدخلي في النص لإضافة موقف ساخر ضد مسألة بعينها غير وارد، ولكني استطيع تسليط الضوء على موقف وحدث مكتوب بالفعل ثم افسره حركياً واخراجياً بما يدفع بالتلميح لحدث نعيشه الآن ويحمل نفس المضمون لتحفيز وعي المشاهد لما يدور حوله من احداث آنية، أما أن اصطنع حدثاً دخيلاً أو مايمكن أن نطلق عليه ( فرد عضلات ) فهذا أمر بعيد كل البعد عن الإبداع ولايعد تفسيراً للنص ولكن إن جاز التعبير يمكن أعتباره تشويهاً للنص.

البقية العدد القادم