الأربعاء، 4 يوليو 2018

رُفعت الجلسة

يا حضرات القضاة .. هذا ( وجهي ) الماثل أمامكم خلف قضبان خوفه ويمثل دور البراءة .. هو أبعد ما يكون عن البراءة .. هو مجرد ظل يابس لمنحوت غجري من زمن قديم .. منحوت تآكلت بعض ملامحه التي مازال يخفيها عنا .. حتى لا نراه على حقيقته .. يخفيه لنظن فيه براءة القديسين وهو في ضلال أبرهة .. أما تلك المشاعر التي قد توهمكم أنها ترتدي ثوب الطهر .. هي مشاعري .. اسألوها .. إن كانت طاهرة بالفعل .. لماذا هي وراء قضبان ( الاغتراب ) .. وراء قضبان ( الوحدة ) .. تعاني النبذ .. التوحد .. الضمور المستمر مع سبق الإصرار والترصد .. إنها مشاعر منقوصة يا حضرات القضاة .. مشوهه يا حضرات المستشارين .. تأبى التعايش السلمي بإرادة حرة مع محيطها .. تعاني من هوس الرهبة .. شذوذ الانفعال .. وضياع السكينة .. يا حضرات القضاة .. إن وجهي ومشاعري ما هما إلا ( ذات ) ترفض واقعها .. ( ذات ) ترفض ما آلت إليه الحياة من حولها .. ( ذات ) ترى العالم بعين الطاغية الذي لا يرى سوى أفكاره العاجزة .. وعين الناسك الذي لا يرى الوجود إلا من خلال ضمور في مراكز عقله المنعزلة .. ولذلك يا حضرات القضاة أرى بأن تحكموا على ( ذاتي ) بأقسى العقوبة .. وما نص عليه قانون هذا الزمان .. فلا هي انعزلت .. ولا هي اندمجت .. ولا هي قاومت .. ولا هي أضافت .. ولا تقبل أن تكون !! .. شكراً سيادة القاضي .. ( رُفعت الجلسة )
صرخت مشاعري من خلف القضبان مستنجدة: إن كنت أخطأت .. فأنت تعلم عن خطأي قبل خطأي .. وكما علمتنا عن غفرانك قبل غفرانك .. فإجعل ماسبق في علم غفرانك ( كله ) أسبق لي مما سبق عندك من خطأي ( كله ) برحمة عفوك عنا .. فنحن ليست لنا فدية الدفاع عن ما إندفعنا إليه .. ولا قيمة لتبرير ما خضنا فيه .. ولا حجة لمخطئ فيما فعل .. ولا رجاء فينا إلا من اللجوء إليك.

اللحن المتنازع عليه بين محمد عبد الوهاب وصوفيا فيمبو

صفحة جديدة 5

 
   

 
يا مسافر وحدك .. أغنية لحنها محمد عبد الوهاب في فيلم يحيا الحب عام 1942 .. لكن في نفس الوقت كان هناك مغنية يونانية مشهورة اسمها ( صوفيا فيمبو ) ( من مواليد 10 فبراير 1910، جيلبولو، تركيا - وتوفت في 11 مارس 1978، أثينا، اليونان ) غنت نفس اللحن بكلمات يونانية في فيلم ( Poso Lipame - السماء تبكي )عام 1939م وحتى اليوم هناك نزاع حول من صاحب اللحن الأصلي .. وقد عثرنا على الأغنية باللحن الذي لا نعرف هل اقتبسه عبد الوهاب أم اقتبسته صوفيا فيمبو
 

الثلاثاء، 3 يوليو 2018

اختبئ فيما تبقى لك من عشق

ليس هناك عقلاً فارغاً وإنما .. هناك عقل أنهكته الأفكار القديمة .. والأفكار كالطبيعة .. لا تحيا إلا بالتجدد المستمر .. شروق ضوء الشمس .. وميلاد نور القمر .. لتمحي ظلام النفس .. والأفكار في محيط العقل تكون كالجبال تحتاج لمتسلق محترف .. تسلقها.. وكالبحار تحتاج لغواص محترف .. غُصها .. وكالسهول تحتاج لفلاح محترف .. افلحها .. فإن غامت من فوقك الدنيا .. أو عس عليك الليل .. اختبئ فيما تبقى لك من عشق .. فهو ملاذ الواصلين والفكرة التي لا تتشوه بالتقادم!!

صراع الذات مع الذات

كقوالب الشكولاتة التي تحتوي على كميات ضئيلة من مادة ( أنانداميد ) الشبيهة بالقنب ومخدر (الحشيش) التي تؤثر مباشرة على مراكز السعادة بالمخ، أبحث عن قوالب أفكاري (المجنونة) التي تحتوي على كميات ضئيلة من مادة (البراءة) المبعثرة في محيط العقل، تلك الأفكار التي ربما مختبئة في مخزن الطفولة هناك .. أبحث عنها كما يبحث المحترفين عن الألغام في ساحات الحرب .. بعد أن أصبحت النفس ساحة لصراع الذات مع الذات .. أتمنى لو انفجرت إحداها بدافع الخطأ بداخلي فتحدث ضغطاً يرتج له سكوني الذي تاق لحركة الوجود .. حركة العشق .. الصلاة بخشوع برئ في محراب الجمال .. بلا تكلف !!

العشق لا تبدله أوهام الغربة

عقارب الساعة لا تتحرك للخلف .. ولا يمكن تسريعها للأمام .. أنت رهن قوة جبارة تبقيك فوق عقارب الزمن .. كلما حاولت الانفلات غرستك في أعماقها أكثر .. حتى تغوص مشاعرك في جوف الحكاية .. لا تحاول الانفلات .. استمتع بركوبك أمواج الحياة .. إن علت بك لتحلق فوقها في الهواء .. أو تسارعت لتلقيك على شاطئ الحلم كطفل يستمتع بقالب حلوى .. فالفكرة الطيبة لا تنعدم بنسيانها .. ستعاود المجيء .. والقلب لا يتوقف عن الدهشة .. سيندهش مرة أخرى .. والعشق لا تبدله أوهام الغربة .. سيرتدي حتماً قميصه المبهج .. لذا .. لا تلقي بحنينك في صندوق الماضي .. فمازال هناك .. في المستقبل القريب .. ضحكة .. تتوق لشفاه تعرفها .. كي ترسم في سماء الغد .. بريشة الأمل .. ثمة لقاء.

الأحد، 1 يوليو 2018

أغنية “take me back to Cairo ” لكريم شكري 1960م

( نادر جداً ) أغنية “take me back to Cairo ” لكريم شكري 1960م وهو أول مطرب مصرى يقدم الفرانكوآراب منذ 50 عاما وقد غناها من بعده الفنان سمير الإسكندرانى وعرفه الجمهور من خلالها ولا يعرف الكثير أنها تعود فى الأصل للمطرب “كريم شكرى” المصرى الجنسية أو “جان زعلوم” والذي هاجر إلى كندا، وإلى جانب أنه صاحب الأغنية الأصلية فهو أيضاً من كتب كلماتها ولحنها وغناها عام 1960م بصوته فى مصر وكانت لها فضل كبير فى دعم السياحة فى مصر. وكريم شكري او جان زلعوم هو حفيد أديب سوري هاجر لمصر, في اول القرن الماضي وقد كتب كلماتها وموسيقاها عام1959 ولقيت نجاحا كبيرا 1960م وظلت هذه الاغنيه احدي وسائل الدعايه للسياحه في مصر منذ ذلك الوقت وحتي الان, فعندما استمع اليها الدكتور ثروت عكاشه ـ وزير السياحه في هذه الفتره ـ طلب من كريم شكري ان يصور الاغنيه بالفيديو ويغنيها وسط أهرامات الجيزه وابو الهول ووزعت علي جميع مكاتب السياحه في الخارج, و حققت الأغنية نجاحا كبيراً وانتشارا واسعا و تفاجىء بها الجمهور المصرى بكل مافيها من تطور موسيقى فى تلك الفترة حيث قدمها كريم شكرى للجمهور بطريقة الانجلو ارب بمزيج رائع مابين الموسيقى الشرقية والغربية مع جزء من الفلكلور الشعبى المصرى القديم، وكان رهان ناجح منه وتحدى كبير فى فترة امتازت وتشبعت بالأغنيات الكلاسيكية والرومانسية. وقد أعاد الفنان سمير الإسكندرانى تقديم الأغنية مرة أخرى عام 1980م، وذلك بعدما استأذن صاحب الأغنية الأصلى كريم شكرى أو جان زلعوم، الذى كان متواجدا فى كندا فى ذلك الوقت، وكان مرحبا جدا بطلب الفنان سمير الإسكندرانى ووافق على إهدائه الأغنية ليقدمها مجددا بطريقته، وحقق مرة أخرى نجاحا كبيرا بعد 20 عاما من تقديمها لأول مره للجمهور. بعدما حقق كريم شكرى النجاحات بأغنياته التى قدمها فى مصر نجح فى الحصول على وظيفة مدير مكتب للشركة الأمريكية الشهيرة بصناعة الافلام السينمائية “مترو جولدن ماير الامريكية ” فى مصر، ولكن أحد المصريين المتقدمين للوظيفة انتابته الغيره والحقد وأطلق شائعة بأن كريم شكرى يهودى ولا يجوز له الحصول على الوظيفة ومنافسة المصريين فى بلادهم، وهو الأمر الذى استقبله بكل حزن بعدما انتشرت الشائعة بشكل كبير، وقدم الادلة على انتمائه للجنسية المصرية وأدائه الخدمة العسكرية بها، وقرر الهجر الى كندا وعاش مع زوجته وأولاده فى مونتريال، وعمل كمنتج وموزع للأفلام حتى توفى هناك مؤخراً في مايو 1911م عن عمر ناهز 76 عاما، وكان قلبه متعلقاً بمصر وغنى لها فى جميع البلدان الغربية التى زارها، حتى أنه اقام حفلا خاصا فى مونتريال لدعم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد هزيمة 1967م. وكريم شكرى فنان شامل فقام بالغناء والتلحين والتأليف، ويعد هو أول مطرب مصرى يقدم أغانى الفرانكو آراب بألحانه وصوته منذ أكثر من 40 عاما على مسارح القاهرة قبل أن يهاجر إلى كندا، وقدم العديد من الاغنيات الناجحة بطريقته المميزة فى الفرانكواراب مثل “سمارة”، “مشمش بك”، “إن شاء الله” و “رمضان”، وغيرها ،حيث جمع كريم بين إيقاعات منطقة الشرق الأوسط، والغربى، وخلق حالة حديثة وجديدة فى الموسيقى مما مهد الطريق للكثيرين من الفنانين بعده لخوض التجربة وكسر التقاليد المتعارف عليها فى الاغنية الشرقية .

الخميس، 28 يونيو 2018

الميل للفوضى

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com
 الإنسان ( بطبعه ) يميل للفوضى حتى في وجود الوازع الديني .. فمنذ عملية الاغتيال الأولى في البشرية حين اغتال قابيل أخاه هابيل .. والنصوص الدينية تهبط على البشر كما تهبط الأمطار .. ويتم إرسال الأنبياء .. نبي وراء نبي حاملين معهم كلمات الإله للحد من الفوضى .. لكن .. يتم التلاعب بالنصوص وبكلمات الإله .. أو التلاعب بتفسير النصوص وبتفسير كلمات الإله .. لتبرير الفوضى .. لإعطاء شرعية للفوضى .. إعطاء الحق في القتل والسحق والتدمير .. كل أطراف الصراع تدعي أنها ( عيال ) الله وأحبائه .. ويُعْجِبُكَ قَوْلُهُم .. تصفق لهم .. تتحزب إليهم .. وَيُشْهِدُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْوبِهِم .. وَهُمَ في واقع الأمر .. أَلَدُّ الْخِصَامِ .. ومن ثم فالنتيجة كما نراها اليوم في وطننا بين أطراف ( ضالة ) .. نظم ضالة .. دول ضالة .. قرى ضالة .. أفراد ضالة .. جماعات ضالة .. قبائل ضالة .. كل شئ ضال .. وكل ضلال .. يمارسه ( كل هؤلاء ) باسم الله .. والضحية اليوم .. يصبح غداً جلاد .. وجلاد الغد .. يصبح ضحية أفعاله بعد غد .. وهكذا .. في دائرة مغلقة سوداء لا تحتوى على منافذ للخروج .. الهروب .. النجاة .. ثقب أسود يمتص انسانيتنا فنفعل أفعال الطغاة والتاريخ ملئ بملايين القصص عن بشر ( من جميع الأديان ) ظنوا أنهم أقرب إلى الله بقتل كل من خالفهم في العقيدة أو المذهب .. بالفعل نحن ميالون للفوضى .. ولولا رحمة من الله بثها في قلوب ( أطفال ) تعيش بيننا كالملائكة لتم اختصار الزمن وقامت القيامة !!

من أجل تواصل إنساني نقي


عندما يتواصل الناس .. أو يبحثون عن التواصل .. خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي .. يكون الدافع ( نفسي ) .. دافع يكمن في عدم الفهم الكامل ممن يحيطون بهم لأفكارهم .. دافع بأن تنفجر الشخصية الحقيقية للذات في محيط افتراضي قد يرضى عنها .. يرضى عن أفكارها .. جنونها .. اتزانها .. خوفها .. تمردها .. أو لا يرضى عنها .. فتنسحب في هدوء دون إن يحرز أحد في نفسيتها ( جول ) لصالحه على حساب إنسانيتها.
لكن .. ماذا يحدث لو استشعر أحدنا ) بأنه قد تواصل بالفعل مع آخرين يشبهونه ؟؟ .. عندما ندرك أن مجموعة من الناس الذين لا نعرفهم قد فهمونا .. قبلوا ( ذاتنا ) كما هي .. تآلفوا مع هذا الجنون .. أو الاتزان .. مع هذا القلق .. أو التمرد !! .. ( أتصور ) أنه ينتابنا بشكل تلقائي شعور بالراحة تجاههم .. شعور بالعشرة .. بالحميمة المجردة .. قد تكون هذه المشاعر ( عابرة ) .. مؤقتة .. وقد نساهم نحن ( بوعي ) إنساني أن ندفعها لأن تكون كذلك .. لكن في ( خالص ) الأمر .. نؤمن في قرارة أنفسنا .. بأن هذه المشاعر هي ما نسعى إليه .. ما يجب أن نعيش من أجله .. نعيش من أجل تواصل إنساني نقي .. مسالم .. متغاضي .. طيب .. يبث في أرواحنا بعضاً من السكينة التي افتقدنا جزء كبير منها في محيطنا الضيق والمزدحم. !!

روح الكلمة

الكلمات ليست ( ذات ) ميته .. إنما كل كلمة هي ( روح ) صامته بأسرارها .. حتى تنطقها قولاً أو .. فعلاً أو .. كتابةً .. فيتلقاها ( الآخر ) .. تتلقاها ( روح ) الآخر .. فإذا تناغم التلاقي .. كانت الكلمة سر ( التآلف ) .. سر ( التعارف ) .. أما إذا تصادم التلاقي .. كانت الكلمة سر ( التخالف ) .. سر ( المخاوف ) .. فالكثير من تجارب البشر ليس مدركاً بالحواس وإنما بالروح .. مسائل كثيرة نمارسها ولا نستطيع التعبير عنها بنطق العبارة .. نعجز في التعبير عنها بالكلمة المسموعة .. لكن نفعلها بروح الكلمة المكتوبة .. أو الكلمة حين تفصح عن ( سرها ) العيون .. القلوب .. الأرواح .. في صمت معجز .. وتكمن معجزته في ( روح ) الكلمة .. سرها الصامت بهذا الصمت الجليل .. الذي لا يدركه سوى أصحاب الأفئدة وولاة البصائر.

الأربعاء، 27 يونيو 2018

الكبت والزهد

الجسد والنفس في الذات البشرية هما أساس بناء الشخصية الإنسانية البسيطة أو المعقدة .. ولذلك فإن من أبشع الأمور التي يمارسها بعض الناس تحت وهم أو دعوى التدين أو الحفاظ على الأخلاق هي ( كبت ) انفعالات الجسد وخنق رغباته .. الأمر الذي يؤدي إلى شذوذ انساني محض .. يصنع ذات مشوهه .. لذلك لا نتعجب حين قال الرسول الاكرم للثلاث رهط الذين جاءوه ليستحسن أفعالهم في كبت رغبات وانفعالات الجسد تحت وهم التقرب لله: ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) .. كذلك ( زهد ) النفس في الحياة .. في بهجتها .. في ملاحقة الحلم .. صناعة الحلم .. الأنس .. الحركة .. التفاعل مع حركة الحياة دون تحريم أو تجريم .. حتى تعي ( بالمشاهدة ) حدود مايشبهك فتفعله .. والنأي بالنفس عما لا يشبهك فلا تفعله .. مسألة أقرب لتقوية دعائم ( الإرادة الحرة ) .. امتصاص التجارب لتفعيل دقة اختيارك .. أحيانا نجد عالماً جليلاً وليست لديه القدرة على اتخاذ القرار فيما سيأكل أو فيما يرتدي أو فيما سيرتبط بها لتقاسمه حياته فيقعد طيلة عمره ملوماً محسوراً .. وعلى الجانب الآخر نجد ( جاهل ) أطلق لفطرته العنان فلم ( يكبت ) رغبات وانفعالات جسده .. ولم ( يزهد ) بنفسه في صناعة حلم وملاحقته .. فصار سوياً .. طبيعياً .. تملأ عينيه سعادة توحي لك ببساطته .. إن نظرت إليه .. سمعته .. تأملته .. اكتشفت أنك ينقصك الكثير رغم ماتحمله من شهادات .. لتكون مثله !!!

أول خطوة للتصالح مع النفس

كيف أتصالح مع نفسي ؟ .. سؤال يكاد يكون لسان حال الكثير .. هو يعرف الإجابة .. لكن تربية ( الخوف ) في مجتمعنا الشرقي خاصة تربية المرأة .. تدفع الناس ( للخوف ) من تنفيذ مسألة التصالح مع النفس بكل حزم .. لأنها ستفقده جزء ممن يعرفهم في مجتمعه ..خاصة وأن مسألة المعرفة في شرقنا المجهد تعتمد على ( الحميمية ) .. لا نستطيع وضع حدود نفسية فيكون هذا صديق حميم .. وهذا صديق .. وهذا مجرد صديق .. وهذا زميل وهذا أخ وهذا جار.. نخلط المسائل والعلاقات حتى نساهم في إحداث فوضى في أعماقنا لا نستطيع الفكاك منها بسبب إلتزامات نتجت عن هذه العلاقات المتداخلة في تشوه واضح .. وكلها بسبب تربية لم تقم على اسس بل قامت على انفعالات .. فاصبحت حتى العلاقات الزوجية قائمة على انفعالات وليست قائمة على ( وعي ) .. فنفشل عند أول اختبار يختبر وعينا ( الغير مدرب ) ونسقط في مخالب الحزن.
أول خطوة للتصالح مع النفس هي قطع العلاقة بشكل كامل وليس بشكل جزئي وبكل حزم وحسم مع أي شخص أدركت أنه لا يسبب لك سوى الحزن ونقد تصرفاتك والضغط عليك بالتزامات تأبى نفسك أن تعيشها حتى لو وصل الأمر أن تستبدل الجميع ( بكلب ) يعيش معك تحت سقف واحد كما يفعل أهل الغرب الأوروبي والأميريكي .. إلى أن تعيد ترتيب أوراقك باختيار مجتمع جديد يشبهك .. هذه العملية الجراحية للنفس ستدفعك في بدايات حدوثها أن تشعر بألم شديد في وجدانك .. شعورك .. قلبك .. لكن مع تدرج زوال الحزن بتدرج زوال المتسببين فيه .. ستطل عليك شمس يوم جديد لتجد نفسك إنسان مختلف .. إنسان أكثر أنسانية .. أكثر حرية .. اكثر إبداعاً.

الثلاثاء، 26 يونيو 2018

حتى تغشى القلب

في أحلك لحظات العتمة .. حينما لا تستطيع أن ترى أصابعك .. تسمع صوتك .. تفقد القدرة على ابتلاع نسمة هواء .. لحظتها .. ينتابك فيض نور .. خيط يبدأ بنقطه في فراغ محيطك .. ينبثق كوردة .. ثم تومض الوردة .. تومض بألوان كألوان قوس قزح .. ومن رحم الوميض تلامس سطح صدرك .. حتى تتحول إلى خيط .. يخترقك كطلقة رصاص تستقر في غرفة القلب .. حتى تغشى القلب .. فتتجلى عليك من عالم الروح .. روح .. فتستشعر الأنس بها .. أنس يحول كل ( العتمة ) إلى .. احد عشر كوكباً .. وشمس .. وقمر .. لنهبط جميعاً من خشيته في سجود مطمئن .. كأنك تسبح في ملكوت خاص .. ليس كملكوت السماء .. ولا ملكوت الأرض .. إنما ملكوت خاص .. أضواء تلاحقها وتلاحقك .. ملكوت كأنه العشق .. وعشق كأنك تراه .. فتنظر إلى انسحاق حزنك لا ينشزه .. ولا تكتسى عظامه لحماً .. فقط يتم إنشاء الفرح نشوءاً آخر .. كأنها البداية من جديد .. او كما بدأ اول خلق .. يعيده !!

الإنسانية .. العدالة .. الحرية ( من القصص السياسي )


( مشهد سينما خيالي لا يمت ولا يرمز للواقع بأي صلة وإن مس هامش من واقع فهو محض صدفة لا علاقة للكاتب بها )

انزعج العمدة ( عبد الجليل ) من كتابات هذا الصعلوك الحقير .. فأمر شيخ الغفر بأن يأتوا بهذا الضال صاحب المنشور .. ليأتوا به .. وينالوا منه .. فجاءوا به .. أجلسوه وحده في غرفة مظلمة بعد أن أزالوا الغمامة من فوق عينيه.. يومان كاملان لا يدري أين هو .. لا طعام .. لا نوم .. فقط ( دورق ) مملوء بالماء ليملأ به جوفه إن شعر بألم الجوع في معدته الفارغة .. لم يدخل عليه أحد .. لا أحد .. مسألة أقرب للحرب النفسية .. تكسير نفسيته .. هزيمته دون أي مواجهة .. إنهم يمارسون معه نوعاً من الانهيار الذاتي .. يتركوه وحيداً حتى تقفز أفكاره السوداء بأسئلتها السوداء في فراغ الغرفة المظلمة ثم لا يجد سوى اليأس فيسقط .. وحين يسقط يستطيعون الحصول على كل ما يريدونه من إجابات .. هو لا يريد سوى ( الإنسانية ) .. عدالة العمدة التي تتيح حدود الرضا عند الناس ليمارسوا إنسانيتهم الطبيعية دون أن يعيشوا حالة من الانسحاق .. عدالة العمدة لتستشعر الناس النور .. عدالة العمدة في قريتنا ليمارس الفلاحين حرية وجودهم كبشر وليس كبهائم .. هذه هي إجابته الوحيدة التي يمتلكها .. لا يريد شيئاً آخر.
اليوم الثالث .. فتح أحدهم الغرفة وكان ملثماً .. بينما النور المتسلل من باب الغرفة المفتوح كاد أن يفتك بعينية المجهدتين بفعل الظلام .. ألقى ( الملثم ) في وجهه كومة من الورق .. مئات الأوراق مدوناً فيها كل كلمة كتبها منذ خمسة عشرة عاماً .. وبعض الصور الأبيض والأسود منذ أن كان في المهد صبيا .. أقرأ كتابك !!
أطلقوا سراحه سراحاً مشروطاً .. كان شرطاً وحيداً .. أن لا يكتب .. فكتاباته تستفز الفلاحين .. والفلاحين إذا غضبت ستثور على العمدة .. وبنبرة يملأها التهديد رسموا له مستقبلاً أسوداً في حال كتب وأنزعج العمدة مما يكتب حيث في انزعاج العمدة .. ما تدري نفس ماذا تكسب غداً .. وما تدري نفس بأي أرض تموت .. نظر سبعة رجال ملثمون بأعينهم الجامدة من خلف اللثام في وجهه بنظرات تحدي قاتم وبفراغ روح معتم شعر من قسوته بمدى الغضب الذي يختزنونه إن فعل عكس ما يملونه عليه من تهديد .. وضع أحدهم غمامة فوق عينيه .. وساقوه إلى حيث ما يعتقد أنه مصيره المجهول .. بعد ثلاث ساعات من ركوب سيارة بصحبة أحدهم توقفوا فجأة .. أخرجوه من السيارة .. حملوه من يديه ومن قدميه .. ثم شعر أنه تم إلقاؤه في الماء .. حاول أن يخلص عينيه من الغمامة التي ربطوه بها .. وحين فتح عينية وجد نفسه وسط النهر .. ولا أثر لهم .. عاد لبيته بمعجزة .. وكان شبه عاجز عن الحركة من شدة الإجهاد .. إنه لا يريد من الحياة الدنيا الآن سوى أن ينام .. يناااااام .. خلع ملابسه تماماً حتى صار عارياً تماماً كيوم ولدته أمه .. ألقى بنفسه فوق سرير غرفة نومه .. نظر إلى سقف الغرفة لمدة ساعة .. ثم استلقى على جانبه الأيمن فوجد قلمه .. تذكر آخر كلمه قالوها له قبل أن يلقوا به في النهر .. تذكر سراحه المشروط بعدم الكتابة أبداً .. أن ينسى أنه كان في يوم من الأيام كاتباً .. فكتاباته تستفز الفلاحين .. تذكر المشهد الأخير مع ( الملثمين ) .. تذكر كيف رسموا له مستقبلاً أسوداً في حال كتب وأنزعج العمدة مما يكتب وحيث في انزعاج العمدة .. ما تدري نفس بأي أرض تموت .. نظر للقلم نظرة المتوجس .. راجع تاريخ حياته في لحظة .. ثم أدرك أن القلم هو محرك روحه .. القلم وجوده .. القلم أثره الباقي .. نهض بخفه كأنه شاب في الثامنة عشرة .. ألتقط القلم .. فتح صفحة جديدة بيضاء .. وبدأ بعناد شديد وبإصرار مدهش .. يكتب .. ( الإنسانية ) .. العدالة .. الحرية .. هذه هي الكلمات الثلاث التي تزعج العمدة وحيث في انزعاج العمدة .. ما تدري نفس بأي أرض تموت !! .. لتموت النفس إذن .. ولكن .. لتكن ميتة الشرفاء !!
بقلم: محيي الدين إبراهيم
كاتب وإعلامي مصري

الجمعة، 22 يونيو 2018

قبل فوات الربيع !!

( قصة قصيرة جداً من واقع أحداث حقيقية ) لم تقوى على النهوض من سريرها .. فقدت الوعي .. هكذا دون أي تمهيد أو سابق إنذار .. شك أن ذلك بسبب سوء تفاهم حدث بينهما بالأمس .. هو دائماً لا يرتاح لبعض أسئلتها المتكررة .. تريد أن تعرف كل شئ .. كل شئ .. لكن .. لم يكن يتصور أن سوء تفاهم ( صغير ) من وجهة نظره .. يمكن أن ينال منها بهذه السهولة .. لم يدري ماذا يفعل .. فجأة وجد نفسه لأول مرة خائفاً .. فجأة وجد نفسه يخشى أن يفقدها .. فجأة صرخ في وجه الطبيب على الطرف الآخر للتليفون أن يحضر حالاً .. أن يترك حياته نفسها ويأتي .. لم يصدق مسألة الإنهيار العصبي المؤقت .. لم يصدق أنه يجلس وحيداً لا يفكر إلا في أن تنهض من غيبوبتها وتصفعه على وجهه .. لم يصدق أنه يشعر باليتم وكأنها لم تكن زوجته بل أمه وعمره ومحيطه .. لم يصدق أنها كانت كل البشر .. ظل شهر ونصف ساهراً بجوارها كالطفل الذي يخشى إن غاب عن أمه تخطفه ( أمنا الغولة ) .. كان ينظر لعينيها الذابلتين أسفل جفونها المغلقة ويتذكر كل ما مر به معها من أحداث .. كيف وافقت أن تكون زوجته .. كيف قالت له أن أبنهما يشبهه تماماً لأن المرأة إذا أحبت صار الولد يشبه ابيه .. حين سافر أول مرة تاركاً إياها في منزل والدها فقالت له أن منزلها في قلبه وتمنت أن يعود سالماً حتى تعود هي من غربتها في غيابه .. نظر لجسدها المستسلم للنوم والمرض وبكى .. كانت المرة الأولى التي يعرف فيها طعم البكاء .. المرة الأولى التي يخشى فيها السقوط .. المرة الأولى التي يستشعر عظمة حبه لها .. في اليوم السادس والأربعين .. كان يستلقي بجوارها منتظراً ميعاد جرعة الدواء ليعطيها لها .. كان يمسك بألبوم صور الزفاف وهي بفستان الفرح .. لأول مرة يلاحظ أنها تمسك ذراعة بكلتا يديها .. فجأة .. سمعها بصوتها الضعيف وهي تقول: تلك عمتي التي تقف بجواري في الصورة وكانت دوماً تحذرني منك .. لم يصدق أنها استفاقت .. لم يصدق أنها تكلمه .. لم يصدق نعمة أنه يسمع صوتها .. قفز كالعصفور من شدة الفرح حتى اصطدمت رأسه ( بالنجفة ) المعلقة في سقف الغرفة فشجت رأسه .. لم يشعر بالألم .. كل ماكان يشعر به هو أنه أخذ يرقص في الغرفة كالمجنون .. يصرخ .. يضحك .. يقفز .. ثم هدأ فجأة .. انحنى على ركبتيه بجوار جسدها المستلقي في ضعف .. قبل رأسها .. رفع كفيها إلى فمه .. ثم أغرق رأسه في صدرها وهو يقول لها بكل صدق الرجل: آسف. بقلم: محيي الدين إبراهيم إسماعيل كاتب وإعلامي مصري

الخميس، 21 يونيو 2018

بهائم العمدة


( فانتازيا قصيرة جداً مستوحاة من أحداث تاريخية حقيقية ) 
ثارت قريتنا على العمدة ( الطاغية ) .. حررها الثوار بقيادة شيخ البلد من ( عبث ) العمدة عبد الجليل .. قرر الثوار في اجتماعهم الأول مع شيخ البلد .. توزيع اراضي العمدة بالتساوي علينا جميعاً .. لابد أن يأخذ كل منا حقه من العمدة .. لابد أن ينال كل منا ثأره من عبد الجليل .. هلل البؤساء للثوار .. إطمأن الجياع على شبع بطونهم في العهد الجديد .. أقيمت الأفراح والليالي الملاح احتفالاً بيوم النصر .. يوم أن نال كل بيت من بيوت القرية عشرة قراريط .. يوم أن إستولى كل منا على جزء من أراضي الطاغية .. يوم أن أصبح كل فلاح فينا مالكاً وليس أجيراً في أرض العمدة.
في أيام العهد البائد .. كانت قريتنا مشهورة بزراعة القمح وتخزينه وطحنه .. أما اليوم .. فكل صاحب عشرة قراريط .. يقوم بزراعتها ( خيار وبقدونس وطماطم ) أو سيموت من الجوع .. المدهش أن العشرة قراريط لا تدر على صاحبها ماكان يتقاضاه أيام العمدة عبد الجليل من دخل .. فاليوم نقوم بشراء العيش من البندر .. ( فلوسنا كلها رايحة على شراء العيش ) .. حتى ( بهائم ) العمدة .. ذبحناها لنأكل لحومها ونتلذذ بطعام العمدة وشرابه .. كنا قديماً .. ملوك القمح .. كنا نمتلك ( وابور ) طحين .. كانت كل القرى من حولنا تأتينا للتخزين وطحن الدقيق .. اليوم لا يأتي قريتنا ولا يطأها أحد إلا في فرح أو جنازة .. فقد توقف ( وابور ) الطحين عن العمل لإنعدام القمح .. وأصبحت صوامع الغلال لا تحوى إلا الفئران والثعابين.
بعد عام وبضعة أشهر .. أصبح حال الناس في قريتنا أكثر بؤساً من أيام العمدة عبد الجليل .. فزراعة ( الخيار والبقدونس والطماطم ) .. حرقت الأرض وأضعفت المحصول حتى اسودت الدنيا في قلوب الكل .. كان لسان حالهم يقول: ولا يوم من أيامك ياعبد الجليل .. هكذا الناس .. كلما جاعت بطونهم ثاروا .. وكلما ثاروا ندموا .. وكلما ندموا ثاروا من جديد .. حتى تلطخت أرض قريتنا بدماء الغضب .. والشكوى .. والحزن.
كيوم صلاة الاستسقاء .. خرج الفلاحون بنسائهم وأولادهم إلى ساحة القرية التي شهدت أيام ثورتهم الاولى ضد العمدة عبد الجليل .. وحين إكتمل نصابهم .. ذهبت هذه الجموع البشرية الغاضبة في مشهد أقرب لمشهد السعي بين الصفا والمروة في أيام الحج نحو دار شيخ البلد .. إنهم لا يريدون العشرة قراريط .. إنهم لا يريدون ( الخيار والبقدونس والطماطم ) .. أطل شيخ البلد من نافذة الدار فوجد أهل القرية جميعاً وعيونهم مملوءة بالغضب .. كان يجتمع معه في تلك اللحظة كل من شاركه من ثوار التغيير ( الصغار ) .. استشعروا جميعاً الخوف .. صعدوا يسبقهم شيخ البلد لسطح الدار بحثاً عن وسيلة للهروب .. استفز هذا الأمر جموع الغاضبين فلحقوا بهم وانقضوا عليهم .. وكما تفعل الكلاب الجائعة لم يتركوهم إلا جثثاً هامدة منهوشة البطون .. ثم قاموا بإلقائها جميعاً في مجرى ( الترعة ) .. قريتنا الآن بلا عمدة .. ولا شيخ بلد .. ولا ثوار .. أما الفلاحين .. فصار كل منهم يعمل أجيراً مرة أخرى .. ولكن هذه المرة عند عمد القرى المجاورة .. ليستطيع توفير أي دخل يسد به رمق جوع عياله !!
بقلم: محيي الدين إبراهيم
كاتب وإعلامي مصري

سأعيش حمار .. وأموت حمار


( قصة قصيرة جداً مبنية على أحداث حقيقية )
أنا أحب الحياة .. ولأن الحرب كر وفر .. فأنا دائما أفر من الحزن ليس كفرار الجبان من عدوه .. وإنما كفرار المؤمن من ( الوباء ) .. منذ اليوم الأول للوعي وأنا أمارس صراع البقاء مع محيطي .. كنت أرسب في كلية الطب بالجامعة لمجرد أني أعبر عن رأيي بحرية .. كانوا يتعاملون مع المرضى كما يتعامل الجزارون مع الذبائح في السلخانة .. فاستمتعت بالرسوب محتفظاً ببقايا إنساني على أن أتخرج سريعاً ملفوفاً بالذل .. كنت في كل مستشفى أو شركة أرتبط بها يساومونني على أن أكون مليونيراً في أقل من عام أو أن أقدم استقالتي .. قدمت استقالتي في أكثر من أربعة عشرة شركة ومستشفى .. أقسم لي أحدهم أني ( حمار ).. سأعيش حمار .. وأموت حمار .. ورغم ذلك .. وربما لأني ( حمار ) .. كنت أخرج من كل واحدة فيها لا امتلك تذكرة الأوتوبيس وأنا مبتسم .. ذات يوم .. قررت دراسة المسرح .. ولأني لا امتلك مصاريف الدراسة .. عملت بمحل عصير قصب بأجر يومي .. كان العمال ينادونني بالدكتور لعلمهم أني طبيب بشري خالي شغل .. وكنت بالمحل متخصص بالشاورما .. رغم أنه محل عصير .. وتخرجت من معهد المسرح .. تعلمت فيه كيف أكتب عن الحياة من منظور مختلف .. كتبت ثلاثين عملاً مسرحياً .. وكلها قوبلت بالرفض .. أقصد أنا قوبلت بالرفض .. فقد كانت المساومة هذه المرة على ( الشرف الإنساني ).
كان شهر يوليو حار جداً هذا العام .. فقررت السفر 24 ساعة لشاطئ البحر .. هناك مقهى كنت دائماً ما استمتع بالجلوس فيه منذ أن كنت طالباً بكلية الطب .. فجأة ظهر .. تربينا معاً في نفس الحي ونحن صغار .. ثم فجأة أختفى .. ترك أبوه العاصمة ورحل وأخذه معه ولم نسمع عنه من حينها .. ( محمود .. مش ممكن .. مستحيل .. بعد 25 سنة ضياع .. أشوفك بالصدفة كدة يابني آدم .. وأشوفك فين؟ .. هنا !! .. في القهوة الحقيرة دي !! ) .. كان محمود كابتن بحري على إحدى المراكب التجارية التي تجوب العالم .. يعيش في البحر أكثر مما يعيش على اليابسة .. في أقل من ثلاثة أيام كنت بأوراق رسمية مساعد طبيب المركب .. سبع سنوات كاملة لم تطأ فيها قدماي اليابسة إلا عدة مرات قليلة .. ربما لا تتجاوز في مجملها ثلاثة أشهر .. أنا اليوم نائب مدير مستشفى الرحمة بولاية ( إلينوي ) الأمريكية منذ عامين .. مازلت أحرص على الذهاب للمسرح مرتين في الشهر .. وأحتسي فنجان قهوة عربي في مطعم شامي بجوار المستشفى .. رزقني الله بطفلة لا تكف عن الفرح والضحك .. صورة طبق الأصل من أمها التي تعرفت عليها في المركز الإسلامي في أحد أيام عيد الفطر وتزوجتها في اليوم التالي .. لم ينتصر الحزن على الإنسان الذي بداخلي يوماً .. بل أني مازلت أنتصر عليه مع كل مريض يخرج من تحت يدي معافاً وقد تحول حزنه إلى فرح وموته إلى حياة .. أنا هنا داخل السيارة بانتظار ( ثريا ) الصغيرة .. أنتظر ابنتي أثناء خروجها من المدرسة .. هاهي قد جاءت .. تحمل نفس ضحكة أمي .. مرحبا ( ثريا ) .. أين قبلة دادي .. لقد أعدت لك ماما اليوم .. مفاجأة !!
بقلم: محيي الدين إبراهيم إسماعيل
كاتب وإعلامي مصري

الأربعاء، 20 يونيو 2018

ستنجو

لا أحد يقدم لك النصيحة لوجه الله .. وإنما ليتسيد بها عليك .. ليستشعر أنه الأقوى .. الأكثر إتزاناً منك .. فلا تأخذ بها .. فقط أتبع قلبك .. ثق في نواياك .. وستنجو

ولا الضالين .. آمين ( قصة مستندة على احداث حقيقية )

 درويش الأعمي .. ( مؤذن ) مسجد قريتنا الكفيف .. كان بيته على بُعد نصف ميل من المسجد .. لم يكن بيتاً بالمعنى المتعارف عليه .. فقط غرفة من الطين بسقف من ( سعف ) النخيل .. غرفة عارية تماماً من أي شئ .. كان فقيراً جداً لدرجة أنك تندهش من فقره .. بل وكأن الله خلق الفقر على هيئة درويش الأعمى !! .. توفى والده وهو في سن السابعة من ( عضة ) كلب .. كان يمكن أن تكتب لأبيه النجاة لو تم حقنه لمدة 21 يوماً بحقنة داء الكلب .. لكن أكتفى أهل قريتنا أن يرسلوا له حلاق قريتنا ( حامد أبو عيشة ) ليضع فوق الجرح الغائر من ( ناب ) عضة الكلب بعضاً من حبات الإسبرين المسحوق .. فمات المسكين بعد ثلاثة أيام وتم دفنه بملابسه فلم تكن تمتلك زوجته مايمكنها من شراء ( كفن ) .. لكنها تمكنت من تربية ( درويش ) قدر استطاعتها في خدمة بيوت الفلاحين الأثرياء .. كان درويش ذكياً .. يحفظ كل مايستمع إليه بمجرد أن يقال مرة واحدة .. في سن التاسعة كان قد حفظ القرآن لمجرد أنه كان يجلس في إحدى زوايا المسجد بعيداً .. يستمع للشيخ وهو يلقن أبناء الفلاحين دروس حفظ القرآن ليتمكنوا من دخول الأزهر .. كان أبناء الفلاحين بمجرد الإنتهاء من دروس حفظ القرآن يذهبوا إليه .. ثم يقيموا حلقة من حوله .. ثم يصرخون ويتصايحون وهم يرددون: الأعمي آهو .. الأعمى آهو .. حتى ينقذه من يدهم الشيخ رضا .. وحين مات الشيخ رضا .. كان درويش في الثالثة والعشرين من عمره .. ولم يجد أهل ( قريتنا ) من يتولى أمور الآذان وقراءة قرآن الجمعة وتحفيظ أبنائهم القرآن الكريم .. إلا ( درويش ) .. ورغم أنه عملُُ يرتبط بشعائر الدين إلا أنه كان أشبه بالعبودية .. أشبه بالسخرة .. استعبده أهل قريتنا .. فقد كان لا يحصل مقابل ذلك إلا على رغيفين من الأرغفة الفلاحي كل يوم وصحن خضار مطبوخ من بقايا البيوت كل يوم خميس وقليل من الجبن القديم تكفيه وأمه طيلة الأسبوع .. كان راضياً .. لم نسمعه يشتكي أبداً .. بل أننا لم نسمع له صوتاً إلا في الآذان وقراءة وتحفيظ القرآن .. حين كبرت أمه في السن لم تعد تقوى على ( سحبه ) من يده في كل وقت صلاة إلا صلاة الفجر .. لتدفع عنه الكلاب .. كان يخاف من الكلاب بعد موت أبيه من عضة كلب .. ثم تنتظره حتى تنتهي الصلاة وتعود به لغرفتهما لينام .. ثم يأتي طفل من أبناء الأثرياء يسحبه من يده قبل صلاة الظهر بساعتين ميعاد دروس تحفيظ القرآن الكريم .. ويظل درويش بالمسجد حتى تنتهي صلاة العشاء .. فيسحبه أحد المصلين لغرفته حيث تكون أمه في استقباله .. هي تعلم أنه جائع .. فلم يتذكره أحد طيلة يومه ولو بنصف رغيف ( حاف ) .. كان من شدة التعب ينام وهو يأكل ويستيقظ على صوت أمه قبل صلاة الفجر حتى يستعد معها للذهاب إلى المسجد ليؤذن للصلاة ويصلي بالناس .. في أحد الأعوام .. جاء الشتاء قاسياً .. عنيداً .. جاء الشتاء لا يحمل في رحم أيامه شفقة .. كان هطول أمطاره كطلقات الرصاص حتى غرقت غرفته التي ينام على أرضها الطينية إلى أن اصبح النوم فيها مستحيلاً .. مستحيل الصقيع .. ومستحيل السقف المفتوح على السماء .. ومستحيل الأرض المبللة دوماً بالماء .. كان الفلاحون يمرون من أمام غرفته يومياً أثناء عودتهم من الحقول .. ولم يفكر واحد فيهم رفع جزء من معاناة هذا الشاب البائس الفقير .. في الثالث من شهر ديسمبر .. خرج من صلاة الفجر متأخراً لدرجة أن أمه كاد قلبها أن يتوقف من شدة تأخره .. لكنها وجدته خارجاً حاملاً ( حصيرة ) من حصائر المسجد لينام فوقها مع أمه وتحجز بينه وعظامه وبين رطوبة طين أرضية غرفته .. وحين سألته عنها .. أجابها: هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ .. حين أشرقت الشمس .. كان معظم فلاحين قريتنا يحملون ( فؤوسهم ) ويحيطون بغرفة ( درويش الأعمى ) لص حصائر المسجد .. ليهدموا الغرفة فوق رأسه ورأس أمه .. أول مرة تتحد قلوب فلاحين قريتنا على قلب رجل واحد .. دخل أحدهم الغرفة بالقوة .. سحبه بالقوة ولم يرحم ( عماه ) .. ألقاه كالكلب بين الفلاحين الغاضبين ليقيموا عليه حد السرقة .. وهنا .. هنا فقط سمعنا صوت درويش لأول مرة .. درويش الثائر .. درويش الغاضب .. نهض من سقطته وواجه الجميع: ماذا تريدون مني أيها الضالون .. يامن تتوسلون لله زوراً أن يكشف عنكم الضر وأنتم أهل ضر .. بلد شر وأهلها شر وأهل شر .. ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) .. أنتم كالأنعام بل أنتم أضل .. تقرأون القرآن لايصل حناجركم من شدة ضلالكم .. وبخل نفوسكم .. وقساوة قلوبكم .. تلك القساوة التي دفعتني لمنزل العاطي الوهاب .. لبيت الله .. للرحمن الرحيم .. لمسجده .. لم أجد سواه لأنجو ببدني وأمي بحصيرة منه أفرشها فوق ارضية غرفتي لأستطيع أن أنام بعد أن أكل الصقيع جسدينا وكاد أن يقتلنا على مرأي منكم وليس فيكم محسن .. حصيرة من بيت الرحمن تحافظ على ماتبقى في جسدي من قوة أقوى بها على أن أصلي بكم عسى أن تلين قلوبكم التي كالحجارة .. ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) .. ياكفرة !!
أجلس الآن بين صلاة المغرب والعشاء بمسجد قريتنا بعد التجديدات والتوسعة .. أجلس ممتلأ بالحماس لسماع بقية الحكاية من الشيخ ( عبد المعطي طناني ) .. مستندين أنا وهو على حائط غرفة ملحقة بالمسجد منذ ثمانين عاماً .. قرر الفلاحين بنائها للشيخ درويش بعدما أبكاهم بثورته وغضبه .. فعادوا من حيث أتوا .. ثم قرروا بناء تلك الغرفة له ولأمه ملحقة بالمسجد على أن يمنحوه مبلغاً شهرياً يعينه على المعيشة وأيضا ليحافظوا على ما تبقى لهم من عفو .. يعفو به الله عنهم وعن ماأقترفوه في حق درويش .. هب الشيخ عبد المعطي واقفاً فقد إقترب ميعاد آذان العشاء .. ثم أشار لي نحو شاب يقف بالقرب من المحراب ثم قال: عزوز .. حفيد الشيخ درويش الله يرحمه .. هو من سيؤذن لصلاة العشاء !!
بقلم محيي الدين إبراهيم
كاتب وإعلامي مصري

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

قدس عشقها النور

وضع وجهه في حضن كفيه .. كان يستحي وهو ( العاصي ) أن تلتقي عينيه الخاسرتين .. بعينيها الملائكيتين .. كانت نزوة .. هو لا يستطيع إنكار ذلك .. لكن عشقه لها لم ينقص .. لم يذبل .. لم يفقد ركن واحد من أركان روحه .. لقد أخطأ الجسد مع غيرها مرة وحيدة وليتها لم تحدث .. إنما روحه .. مازالت تصلي في قدس عشقها النور .. هنا .. هنا فقط .. إلتقطت إذناه رنين خاتم الزواج وهو يسقط فوق سطح الطاولة التي كانا يجلسان عليها .. في نفس المكان الذي التقاها فيه .. أول مرة !!

القنديل الأخير

عند مفترق الطرق .. في صحراء مشاعره .. كان الظلام دامساً .. بينما رغبته في الوصول ( أبلغ ) من وجوده .. طريق واحد عليه أن يسلكه ليصل .. عليه أن يسحق الظلام ليسلك ( الطريق ) .. لا أن يسلك ( طريق ) ليسحق الظلام .. قفز في قلبه حتى أعمق نقطة في وجدانه .. كان هناك بقايا عشق قديم .. وظل باهت لوجهها الذي يعرفه .. ونقطة صغيرة استطاعت المقاومة من روح أشعلت في وجوده قناديل الحياة .. تناول القنديل الأخير .. وانتفض خارجاً يحمله حتى انسحق الظلام .. وبمعرفة الطريق .. سار نحو نقطة الوصول .. كلما سار .. تساقط حزنه .. الآن .. رغم أنه في منتصف المسافة .. يشعر بدفء وجهها الذي يعرفه منتظراً هناك .. عند بوابة عشقه القديم .. ينتظر بنفس طيبة الناسك .. ليبث في روحه .. ما سلبه الحزن من نور !!

الحاكم العادل


قال: الشعوب صنفين: صنف ( فقير ) حتى لو سرق ليغتني .. وصنف ( غني ) حتى لو تمت سرقته ليفتقر .. والحكام ثلاثة: ( ظالم ) يستعين بالأغنياء على الفقراء لإستقرار حكمه .. ( وضال ) يستعين بالفقراء على الأغنياء لاستقرار حكمه .. ( وعادل ) يستعين بالفقراء والأغنياء لاستقرار الوطن !
سألته: وأين نجد الحاكم العادل؟ .. أجاب: في الحكايات الشعبية عند المسحوقين !

الاثنين، 18 يونيو 2018

بينه وبين آثاره

معرفتك يحدها حاجز العقل .. ورؤيتك يحدها حاجز النفس .. فإذا نطق اللسان بما يحده العقل كان صمتك أبلغ في التعرف عليه من معرفتك .. وإذا احتد البصر بما تحده النفس .. كان عماك أبصر في تبصره من رؤياك .. فأنت بينه وبين آثاره .. من آثارة .. فأحتفظ بأثر وجودك .. تكن في إثر نوره.

وجود قربك

مهما دنت مسافة وجود قربك منه .. لا ينتهي إليه وجود قربك .. وإنما تبدأ ( آثار ) وجود قربه منك حتى تستشعرها بصيرتك .. فتطمئن نفسك لجلال وجوده .. فهو وسع كل شئ فلا تحده مسافة .. وأخفى من كل شئ فلا يصفه معنى .. وأظهر من كل شئ فلا يدركه بصر !!

الأحد، 17 يونيو 2018

إلا حزنه !!

قال لهم ماقاله هابيل ( لأخية ) قابيل: ( لئن بسطتوا إليّ أيديكم لتقتلونني .. ما أنا بباسط يدي إليكم لأقتلكم ) .. وقبل أن ينقضوا على عشقه ليسحقوه .. باغتهم بما فعله ( لوط ) .. أسر بعشقه بقطع الليل ولم يلتفت إليهم .. إلا حزنه .. أصابه ما أصابهم !!

آخر لا يعرف الاستسلام

إن تركت لهم ثغرة لينتصروا عليك .. ثغرة يحولونك بها لشخص آخر لا يشبهك .. لا تحزن وقتئذ حين يلقون بشخصك الجديد في أقرب صندوق قمامة .. لقد كانوا يصارعون شخصك القديم على أمل أن يتغيروا ( هم ) فلما تغيرت ( أنت ) بما تهوى أنفسهم .. زهدوا فيك .. بحثاً عن آخر لا يعرف الاستسلام !!

عم أدريس .. تحول من خادم تافه إلى أعز رجل في مصر !!

أي مخلوق يتصور أن الحكم والملك والعزة بيدة .. يقول له الله .. أن العزة لله جميعاً .. وهذه حكاية عم ادريس عام 1921 في مصر .. فلاح مصري عمره 72 عاماً .. كان يعمل بستانياً في قصر الزعفران ( قصر شئون الطلبة بجامعة عين شمس حالياً ) وهو قصر خوشيار هانم أم الملك فؤاد الأول .. وكان عم أدريس بسيطاً للغاية حتى أنك تكاد لا تصدق أنه يعمل في قصر من قصور أم ملوك مصر وأهم إمرأة حركت أحداث مصر وسببت صداعاً للدولة العثمانية وانجلترا معاً لدرجة وصلت لمحاولة أغتيالها للتخلص من ذكائها الذي تستثمره في عدائها للأتراك والأنجليز. كان عم أدريس رجلاً صامتاً أغلب الوقت .. وإذا تحدث لا يتحدث إلا رمزاً .. وكان المقربين منه يحترمونه ويعترفون بورعه وتقواه .. وكثيراً ماكان بعض هؤلاء المقربين مايسمع بكاؤه ليلاً .. وحينما تلصص عليه ليطمئن .. وجده ساجداً يبكي كطفل ولكن في خشوع .. وكان عم أدريس يفضل أن يعيش زاهداً في داره الريفي البسيط في حلمية الزيتون وأن يذهب منه لقصر القبة وقصر الزعفران لممارسة عمله في حدائق القصر كفلاح .. وذات يوم .. قرر أن يقابل الأمير الصغير أحمد فؤاد في أمر هام جداً .. كان الأمير يعلم من بعض خدمه عن عم أدريس فأمر بأن يسمحوا له باللقاء .. ودخل عم أدريس ( الفلاح ) على الأمير .. لم يقدم الطقوس المتعارف عليها في مقابلة الملوك .. فقد كان فلاحاً .. حين وقعت عينا ( أدريس ) على الأمير الصغير قال له: جئت إليك يا أمير لأبشرك برؤيا شهدتها لك في أنك ستكون ( ملكاً ) على مصر .. لم يكد الأمير أحمد فؤاد يسمع هذه المقولة حتى انفجر في الضحك وقال لعم أدريس: أعلم أنك رجل طيب .. لكن أنا أبعد ماأكون عن تولي الملك .. فأنا أصغر الأمراء ولا حق لي في ذلك .. نظر إليه عم أدريس ونطق بعبارة قصيرة: ستكون ملكاً على مصر ياسمو الأمير .. فضحك الأمير مرة أخرى وقال له مداعباً: إن صرت ملكاً سأضع صورتك على الجنيه المصري بدلاً من صورة السلطان العثماني رغم يقيني أن هذا لن يحدث. بعد وقت قصير تنازل الأمير كمال الدين عن عرش مصر .. ورفض الانجليز أن يتولى العرش الأمير عبد المنعم بن السلطان عباس حلمي ثم تسارعت الأحداث حتى جاء يوم دعا فيه اللورد وينجت المندوب السامي البريطاني الأمير أحمد فؤاد على العشاء ليبلغة رضا بريطانيا عن اختياره ملكاً على مصر ! في أول قرار ملكي .. قرر الملك فؤاد منح عم ادريس لقب الباكوية .. وفوجئ المصريين بصدور الجنية المصري سنة 1924 منقوشاً عليه صورة عم أدريس بدلاً من صورة السلطان العثماني. رفض أدريس بك ( عم أدريس سابقاً ) أن يتقاضى مليماً واحداً .. ورفض عرض بالانتقال لقصر انعم عليه الملك به .. ومات زاهداً كما كان يحب بعد هذه الحادثة بسنوات قليلة!

إسلام عمر بن الخطاب ووثنية مصر

( مشهد سينمائي قصير ) إسلام عمر بن الخطاب ووثنية مصر .. تلاقي أم تعارض !! هذا المشهد لم يتوقف عنده أحد من الرواة إلا من زاوية وحيدة ربما لا تعبر عن معناه الكامل الدال .. لم يتوقف الرواة إلا عند نصف الحقيقة .. نحن نقدم هذا المشهد من منظور مختلف .. رؤية مختلفة .. من نفس مصادر الرواة وأقوالهم .. ولا ندعي من خلال ذلك المشهد وتلك الرؤية العثور على الحقيقة الكاملة .. وإنما هي محاولة لفهم بعض ما غاب عنا !! ( لوحة "1" ) ( 20 - 29 ) يونيو سنة 643 م – ( 12 – 21 ) بؤونة قبطي المكان: مصر – شاطئ نهر النيل أمام حصن بابليون .. نهار خارجي جمهور عريض من المصريين يقف على ضفتي النهر لمشاهدة الاحتفال بعيد وفاء النيل وهم يغنون: «أيها الفيضان المبارك، أقيمت لك الأعياد، وقدمت لك القرابين، فتقبل منا الشكر والاعتراف بفضلك» يتجمهر وسط الجمع المصري أمام النيل عمرو بن العاص وأبنائه وجمع من قادته وقادة جيشه مع مجموعة كبيرة من الوافدين الجدد معه من العرب من عدَّة قبائل عربيَّة مثل: ( أسلم، وبلي، ومعاذ، وليث، وعنزة، وهذيل، وعدوان ) الذين تمكنوا من فتح مصر مع عمرو بن العاص .. إنهم يشاهدون الآن ما يتصورون أنه مشهد يجمع بين الإثارة والتشويق والعبث لم يرونه من قبل أبداً .. المصريون يحتفلون بإغراق أجمل فتاه في مصر في النيل ليبتلعها النيل في القاع وفاءً منهم للنيل أن فاض على المصريين بالسعادة والماء .. يرى العرب الفتاة المصرية ( الوثنية ) الجميلة } مريم - مري يم - عروسة النيل { يحملها مجموعة من الرجال على كرسي ملكي وسط كهنة أمون رافعين شعار آمون وتمثاله في مقدمة مركب ملكي وسط النيل .. وبين الموسيقى والأناشيد يقوموا بإلقاء الفتاة الجميلة الصامتة الراضية بابتسامة مؤمنة على تقديم روحها لمعبودها المقدس آمون .. لتغيب عن أنظار الكل في قاع النيل للأبد. شكل هذا المشهد صدمة كبيرة للعرب المسلمين تذكروا به مشهد ( وأد الإناث ) في زمن الجاهلية .. وتوقف عمرو بن العاص أمام هذا المشهد القاسي كثيراً لدرجة أنه عقد مجلساً مصغراً مع قادة جيشه ليبحثوا تلك المسألة .. لكنه ومن معه لم يتوصلوا لحل فاصل .. إذ خشي الجميع ( وهم حديثي عهد بمصر ) إن اتخذوا أي إجراء ضد هذه المسألة أن يعتبرها المصريون الوثنيون ( وقد كانوا يشكلون نسبة كبيرة من عدد سكان مصر آنذاك ) سخرية القادم الجديد العربي ضد معتقداتهم المصرية القديمة فيثوروا على العرب وهو ما كان لا يرضاه عمرو بن العاص .. خاصة بعدما لاقى ترحيباً عظيماً من أهل مصر يخشى أن ينقلب ضده .. فقرر المجتمعون في فسطاط عمرو بن العاص خارج اسوار حصن بابليون إرسال ( مكتوباً خطياً ) لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم يحكون له فيه تفاصيل ما شاهدوه ويطلبوا منه النصيحة. ( لوحة "2" ) الزمان: 24 أكتوبر سنة 643م – نهار داخلي المكان: الجزيرة العربية – المدينة المنورة – مسجد الرسول مجموعة كبيرة من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم وكثير ممن تم استدعائهم من الولاة المحيطة أمصارهم بالمدينة المنورة .. يجلس عمر بن الخطاب بعد صلاة العصر ومعه علي بن أبي طالب .. عثمان بن عفان .. بعض من أبناء أخوال النبي صلي الله عليه وسلم : عبد يغوث بن وهب، وخالتاه فاختة بنت عمرو الزهريّة، والفريعة بنت وهب الزهريّة .. وكذلك من بعض أعمامه وأبناء عمومته .. وكان من بين الجلوس حول عمر بن الخطاب الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة رضي الله عنه. قرأ عمر بن الخطاب رسالة عمرو بن العاص على جمع الحضور وطلب الرأي والمشورة .. وأستمر الحوار حتى صلاة المغرب .. وأنتهي عمر لقرار مدهش لا يأتي إلا من الفاروق عمر .. حيث كان يرى أن الله استخلف الإنسان لعمارة الأرض لا السعي في خرابها .. وحتى لو كانت النفس التي يتم التضحية بها بطقوس وثنية في مصر هي نفس وثنية غير مسلمة فلا يجب علينا كمسلمين أن نوافق على قتل هذه النفس التي ربما يهديها الله لمعرفته .. ثم قرأ : مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً .. صدق الله العظيم .. فقد كانت طقوس المصريين في وفاء النيل من وجهة نظر عمر هي فساد في الأرض .. وقتل نفس حتى ولو كانت وثنية بدون ذنب وهو أمير المؤمنين إنما كما يقول القرأن كأنما قتل عمر الناس جميعاً .. وبإنقاذها ربما يأتي يوم ويهدها الله لسبيله .. أنكر عمر بن الخطاب بورعه وايمانه وانسانيته قتل نفس بشرية لم تعتدي ولم تفسد رغم كونها وثنية .. أما نهر النيل الذي لا يفيض فإنما يقول الله سبحانه: (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ) .. ثم أمر علي بن أبي طالب بكتابة رسالة إلى عمرو بن العاص وأن يتم إرسالها له على الفور. ( لوحة "3" ) الزمان: 10 أغسطس سنة 644 م – 3 مسرى قبطي المكان: مصر – شاطئ نهر النيل أمام حصن بابليون – فسطاط عمرو بن العاص – ( نهار خارجي ) يتجمهر المصريون الغاضبون أمام فسطاط عمرو بن العاص .. مضى ما يقرب من شهرين وعمرو بن العاص يرفض ممارسة المصريين في الاحتفال بالنيل ليفيض عليهم .. وهاهو النيل لا يفيض .. كاد أن يجف .. مصريون كثيرون هجروا مزارعهم .. إنهم يلتمسون من عمرو بن العاص أن يسمح لهم بممارسة طقوسهم فالنيل غاضب .. والعروس تم اختيارها .. وكهنة آمون يوحون للبسطاء أن النيل قد أنزل بهم سخطه ولن يفيض وربما لن يعود !! يخرج عمرو بن العاص لملاقاة المصريين .. ينظر إليهم نظرة المشفق على ما يؤمنون به .. يفتح رسالة عمر بن الخطاب ويدفع بها لأحد المترجمين ممن يجيد لغة المصريين فيقرأ بصوت جهور على كل المتجمهرين: ‏"‏ إنك قد أصبت يا عمرو لأن الإسلام يهدم ما كان قبله ‏"‏ وكتب بطاقة داخل كتابه وكتب إلى عمرو‏:‏ ‏"‏ إني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي فألقها في النيل .. ثم قرأ المترجم الرسالة على المصريين‏:‏ ‏"‏ من عبد اللّه أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد‏:‏ فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجر وإن كان اللّه الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل اللّه الواحد القهار أن يجريك ‏". وجم المصريون المتجمهرون .. بينما عمرو بن العاص يسترد رسالة عمر بن الخطاب من المترجم .. ثم يمتطي جواده بين قادته ويسير نحو النيل .. لم يكن أمام المصريين سوى أن يسيروا خلفه .. وقف عمرو بن العاص أمام النيل .. فتح الرسالة وقرأها بصوت جهور على النيل كأنه حديث رجل لرجل وقال: أيها النهر .. ‏"‏ من عبد اللّه أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد‏:‏ فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجر وإن كان اللّه الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل اللّه الواحد القهار أن يجريك ‏" .. ثم ألقى الرسالة في النيل. ( راوي من خلف شاشة المشهد ): بعد هذه الحادثة ترقب المصريون حال النيل .. ليسوا وحدهم .. بل وترقب معهم عمرو بن العاص أمر النيل .. مر أسبوعان ( ربما أكثر أو أقل ) كأنها الفتنة والصراع النفسي والأيديولوجي بين الشرك والإيمان .. كان المصريون .. يحضرون منذ شروق الشمس ليتفقدوا الحال بينما النهر لا يفيض .. وقبل أن ييأس الناس .. فاض النهر كما لم يفض بخيره هذا من قبل .. وكانت لهذه الحادثة أبلغ الأثر في ضياع هيبة من تبقى من كهنة آمون ودخول معظم المصريين في دين الإسلام .. لقد كان إنقاذ عمر بن الخطاب نفس بشرية ( وثنية ) واحدة من الموت بل وإنقاذ أنفس كثيرة كل عام من بعدها .. سبباً من أسباب كثيرة في دخول المصريين إلى دين الله أفواجا .. لم يكن عمر بن الخطاب عنصرياً ولا قاتلاً ولا متهاوناً ولو كان كذلك ما انفتحت في عهده بلدان العالم على الإسلام .. إنقاذ نفس ( وثنية ) واحدة .. فتح نافذة الرؤية ونافذة البصيرة في قلوب الناس على قيمة الإسلام .. ما أروع هذا الرجل الورع .. رحم الله عمر بن الخطاب.

السبت، 16 يونيو 2018

نحن في حقيقة الأمر لا نرى شئ !

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com
ببساطة شديدة أقول أننا لانرى الأجسام ولكننا نرى انعكاس الضوء على الأجسام وعليه فإن الأجسام التي تمتص الضوء لا يصل إليك انعكاسها فلا تراها والبعض الآخر ينكسر على سطحه الضوء فلا تنعكس صورته على عينيك فلا يمكن أن تراها .. هذه الأجسام حقيقة وموجودة وتعيش بيننا وتؤثر فينا تأثير مباشر وحي وحيوي .. هذه الأجسام حقيقة وموجودة وتعيش معنا نفس المكان ونفس الزمن .. لا أتكلم عن الجن والشياطين والملائكة .. أنا اتحدث عن مخلوقات مثلنا لا يمكن لنا أن نراها لأنها مخلوقات ينعدم عندها الضوء إما بالامتصاص أو الانكسار .. إنها مخلوقات تجلس على نفس الكرسي الذي نجلس عليه وتأكل من نفس الصحن وتشرب من نفس الكوب وتنام بجوارنا على نفس السرير بل وتمارس الجنس مع كثير من البشر دون أن يدري غالبية البشر .. وتركب نفس الأوتوبيس ونفس التاكسي وسيارتك الخاصة ونفس الدراجة بل وتسافر وتجوب جغرافيا العالم كما نجوب والأهم أنها تؤثر في طريقة تفكيرنا واتخاذنا القرار .. إنه تداخل الأكوان بزوايا مختلفة وسرعات مختلفة وقيم موجبة وسالبة مختلفة وهذه الأجسام في تغير مستمر وتدفق مستمر .. وربما أنت الآن تعيش مع عائلة كاملة منهم ولكن لا تدري من أمر هذه الحياة شيئاً .. النور الأسود لغز لكن علينا أن نؤمن بأننا لا نعيش بمفردنا.

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com

الهالة هي تلك الطاقة الكهرومغناطيسية البيولوجية التي تحيط بكل كائن حي ومن فوقها جميعاً الإنسان .. هي المحرك الرئيس للأسرة .. العائلة .. القبيلة .. الجماعة .. هي المحرك الرئيس للقطيع .. فالقطيع يرتبط ببعضه من خلال تداخل طاقة ( الهالة ) الجمعية فيصبح الفرد ( مربوط ) بجماعته لدرجة أنه لو قرر قائد القطيع السقوط من أعلى جبل سينجذب الجميع بسبب ترابط طاقة ( الهالة ) بينهم وينتحر الكل ورائه أو معه .. إلا الإنسان لكونه يحمل ( وعياً ) يتغلب عنده على الشعور بقدرات الهالة التي تحيط بجسده وتتفاعل مع كل الهالات من حوله .. الهالة عند الإنسان غير مدركة في العقل ( الواعي ) ولكنها مدركة تماماً في ( اللاوعي ) ومن ثم لا يستطيع الشعور بها لحظة انفعالها .. هو فقط يلحظ نتائجها بعد ذلك .. الحب نتيجة من تجاذب الهالات .. والكره نتيجة من تنافر الهالات .. ترى الشخص لأول مرة دون أن تعرفه فتزهد في معرفته دون إبداء اسباب .. وترى آخر كأنك تعرفه منذ بداية التاريخ وأيضاً دون إبداء اسباب .. علاقة الانسان بشريك حياته .. اصدقائه .. زملاء عمله .. كل مايحيط به .. انسان .. حيوان .. سيارته .. دراجته .. غرفة نومه .. وحتى ملابسه الداخلية هي علاقة مرتبطة بتجاذب أو تنافر الهالات .. الخطورة تكمن في تعرض ( هالة ) الإنسان لتأثير خارجي كالسحر .. التنويم المغناطيسي .. المرض النفسي .. الوحدة .. الإنعزال .. الضغط العصبي .. الحزن الشديد فتتغير طبيعة ( الهالة ) وعليه من كان يخلص لك بالأمس يخونك اليوم ومن كان صديقاً يصبح عدواً والإبن البار يقتلع عينيك لسبب تافه .. بعضهم اليوم يتلاعب بالهالة ليتلاعب بشعورك وانفعالك حتى يفقدك وعيك فيستعبدك فلا تدع من تحب وحيداً حتى لا تتغير هالته فينقلب ضدك ويصبح من كان توأم روحك .. عدوك اللدود !

الأربعاء، 13 يونيو 2018

عبد الفتاح القصري وأروع ( مرافعة ) في تاريخ المحاماه

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com

الفنان الكبير عبد الفتاح القصري وأروع ( مرافعة ) في تاريخ المحاماه أمام قاضي .. هؤلاء العمالقة في فن الكوميديا أتعبو من جاء بعدهم بسبب عبقرية الأداء والتركيبة الخاصة للشخصية التي لا نراها اليوم في نجوم كبار حاليين .. عبد الفتاح القصري واحد من نجوم جيله الذين نحتوا اسمهم في التاريخ بقوة فأحببناهم بكل مشاعرنا .. ماأروعهم فمازالوا حتى بعد رحيلهم بعشرات السنين يرسمون الضحكة في قلوبنا.
 

الثلاثاء، 12 يونيو 2018

مسألتان

في وصالك معه مسألتان .. مسألة تخصه .. ومسألة تخصك .. فإن رضى عن صدقك فيما يخصه .. أرضاك فيما يخصك .. فإستعن بما يخصه على مايخصك تنل خصوصية عرفانه.
إن كنت معه فيما يقول .. كان معك فيما تقول .. فأجعل ما يقول عنواناً لما تقول .. فيلقي عليك محبة منه .. ويصنعك على عينه !!

وعاء بشري

لا تبعثر عشقك في كل اتجاه حتى لا يأتي من يستحقه .. فيجدك وعاء بشري .. فارغ.

ما يقول

إن كنت معه فيما يقول .. كان معك فيما تقول .. فأجعل ما يقول عنواناً لما تقول .. فيلقي عليك محبة منه .. ويصنعك على عينه !!

حتى اللغة العربية تنحاز للمرأة !!


اللغة زادت على كبرياء المرأة فأعطتها نور لم يستحقه الرجل .. فالرجل العالم إن أضفنا له ( تاء التأنيث ) أصبح الرجل ( العلاّمة ) أي المتفرد بعلمه لم يسبقه إليه أحد .. وكذلك الرجل الفاهم إن تفرد بفهمه يصبح بتاء التأنيث الرجل ( الفهامة ) أي الذي لايضاهية أحد على هرم الفهم والوعي وكذلك الرجل ( الحُجة ) والرجل الرفعة  وهكذا .. تاء التأنيث في اللغة إذا دخلت على كلمة نقلتها من سفح معناها لقمة هرم المعنى .. وهذا ما أسميه ( التأثير ) الأنثوي في اللغة العربية على الرجل .. جبروت تاء التأنيث على الرجل !!

( كفارة الذنب عشرة جنيه وركعتين ع السريع ) !!

لا أنظر أبداً لنفسي في المرآة كي أحاسب نفسي كالأطفال .. أرفض تماماً مسألة جلوسي مع نفسي .. مسألة أن أحاسب نفسي .. نفسي تحاسب نفسي ! .. أي جنون هذا ؟ .. كيف أكون القاضي والجلاد والمتهم في آن واحد ! .. منطق عبثي بالطبع ورثته عن أجدادي وأخذت أقلده ( كالضال ) دون تفكير .. حتى اكتشفت أنها مسألة في غاية البلادة .. فاقدة تماماً للوعي .. وكأنك تلقي بالعقل في ( صفيحة زبالة ) .. ومن ثم لا تفكر في ممارسة الفضيلة .. وإنما تترك سيطرة شهواتك على سلوكك بلا رادع .. ثم تفكر آخر اليوم في حساب نفسك عما ارتكبته من أخطاء .. وتخيل هذا المشهد المنقول من ( سرايا المجانين ) وأنت تحاسب نفسك .. ذات نفسك هي القاضي وذات نفسك هي الجلاد وذات نفسك هي المتهم وأيضاً ذات نفسك هي مخرج هذا المشهد العبثي الشاذ .. ثم ماذا سيحدث إن خرجت نفسي من هذا الموقف مدانة بقتل أو هتك عرض أو سرقة أو نصب أو أحتيال أو ضرب أفضي إلى موت ماذا سأفعل ؟ .. هل سأعاقب نفسي بالموت شنقاً في مروحة السقف أم .. رمياً برصاص بندقية الصيد أم .. بالسجن لمدة ( 7 ) سنوات في حمام البيت فوق غسالة الملابس !! .. حساب النفس بهذا الشكل هو أكبر كذبة اخترعتها مجموعة من المغفلين الأفاقين وصدقناهم .. صدقناهم أن مسألة الحساب سهلة و ( عبيطة ) .. بمعنى اغلط وحاسب نفسك .. عش حياتك ولا مانع من محاسبة نفسك لتتطهر مثل: انتي يانفسي كذبتي اليوم ؟ .. يانفسي لم تصلي ؟ .. يانفس تحرشت بفلانة يانفسي صرخت في وجه فلان ؟ يانفس لم تدفعي ديونك؟ .. يانفس خوضك في النميمة .. كلام ( أهبل ) واشياء مبللة بخراب عقل وانسداد في شرايين ضمير ساذج كئيب .. ثم بعد هذا المشهد العبثي في حساب النفس .. لابد أن أكون رحيماً على نفسي .. فاخرج من جيبي ( عشرة جنيهات كفارة عن هذه الذنوب ) ثم اصلي ركعتين استغفار لله .. وأمارس يومي عادي بنفس مطمئنة بعد محاسبتها ودفع العشرة جنيه والركعتين ( اللي ع السريع ) .. على وعد بأن أعيد كرة الحساب مرة أخرى قبل النوم مساء اليوم التالي وهكذا .. أعيد كرة نفس الجنون .. كرة نفس العبث .. اساهم في تحويل ذاتي إلى ( مسخ ) .. ( أراجوز ) .. ( قرد بصديري ) هذا ليس حساب نفس .. هذا ( هبل نفس ) .. ( تفاهة نفس ) .. ( ضياع نفس ) .. لأن المسألة أكبر بألف عام من حسابي لنفسي بهذه الطريقة .. وأعظم من العقاب .. وأبعد من التأنيب .. المسألة ببساطة .. وعي .. وعي متصل ( به ) .. ويمتلئ بعشق تجليه على النفس .. فيصبح كل شئ في إتجاهه .. النفس والروح في إتجاهه .. كل تصرفاتي في اتجاهه بتلقائية .. آلية ميكانيكية تعمل ( لوحدها ) .. من تلقاء نفسها .. حيث لا خطأ .. ولا إدانة .. ولا عقاب .. وكأنك تعيش الدنيا تحت عنايته .. في فرح أبدي.

السبت، 9 يونيو 2018

الأطباق الطائرة تخطف شاباً من جبل المعابدة في اسيوط !!

يقول الدكتور وسيم السيسي أن ذلك حدث بالفعل في منطقة جبل المعابدة بمدينة أسيوط، حيث تعرض شاب مصرى يدعى عبد الكريم حسنين، كان عمره في ذلك الحين27 عاما للاختطاف في طبق طائر، اعترض طريقه أثناء ممارسته رياضة الجرى في جبل المعابدة، وكان ذلك صباحا.
وأكد عبد الكريم أن كائنات فضائية أجرت عليه عدة فحوص واختبارات داخل الطبق الطائر، وقد وصف العالم الاسبانى " رامون نافيو" رئيس مؤسسة بحوث الفضاء الخارجى بأسبانيا هذه الواقعة بأنها صادقة، وقال: إنها تشبه حادثين مماثلين وقعا في روسيا والمانيا، وتوجه العالم الأسباني في ذلك الحين إلى مصر لدراسة هذه الواقعة، وأجريت اختبارات على الشاب المصري، الذيأكد أنه شاهد الطبق الطائر، ثم رأي شعاعا ذهبيا يقترب منه ويجتذبه إلى داخله، وعلق الباحث الاسبانى على ذلك بالقول: أن هذا الشعاع الذهبى الذي أشار عليه عبد الكريم، هو حزمة ضوئية صلبة ومتماسكة بسبب شدة الكثافة، وهي قادرة على حمل كتلة في وزن الجنس البشرى أو أكبر منه، كما أشار الشاب المصرى إلى قيامه بجولة داخل الطبق الطائر برفقة الكائنات الفضائية، وهي تجربة تعرض لها كل من اختطفتهم هذه الأطباق من أي مكان في العالم، حسبما أكد العلماء الأسبان الذين قالوا: أن الفحص الطبى الذي تجريه الكائنات الفضائية على الشخص المختطف، يتركز على الأعضاء التناسلية والنواحى الجنسية، دون أي مساس بهذا الشخص، باستثناء حالات قليلة.
وعن تفاصيل ملامح الكائنات التي التقى بها عبد الكريم في تجربته الغريبة يقول د. وسيم السيسى: تتلخص في انه شاهد ثلاثة كائنات غريبة طويلة القامة ذات رؤوس صغيرة، ولها ثلاثة عيون، ولون وجهها اخضر غامق مليء بالتجاعيد، وقال: أن هذه الكائنات ذات رقبة طويلة ويدين قصيرتين على عكس قدميها الطويلتين، كما قال عبد الكريم: أن طريقة التفاهم مع الكائنات الفضائية التي التقى بها كانت هي التخاطر، ويضيف: لقد انفرد صاحب التجربة المصرية مع الأطباق الطائرة بأشياء لم تحدث مع غيره، ممن تعرضوا لهذه التجربة، فقد أصبح جسده يسبب تشويشا لجهاز التلفزيون، وأصبح قادرا على أكل المعادن والخشب والزجاج وبلعها وهضمها.
ويضيف: لقد تم الفحص الطبى والنفسي لعبد الكريم بعد هذه الواقعة على أيدى علماء متخصصين، أكدوا إمكانية حدوث ما قاله، وان ماحدث من الناحية العلمية يوحى بان الواقعة سليمة لا جدال فيها، وقام فريق علمى بزيارة موقع هبوط الطبق الطائر في عمق صحراء أسيوط، وأكدت الأبحاث والتحاليل التي أجراها الفريق مصداقية الواقعة، بل وظهرت دلائل أخري هامة مثل تعرض الشاب للإشعاع، مما أصاب جسده بآثار لازالت باقية حتى اليوم، كما تأكد العلماء أن رمال هذه المنطقة بها نسبة إشعاع غير عادي !!

الخميس، 7 يونيو 2018

سيدنا عاشور


( قصة خيالية لا تمت للواقع بأي صلة وإن مست هامش من واقع فهو محض صدفة لا علاقة للكاتب بها )
مل سيدنا عاشور من حكم قريتنا ( كفر عاشور ) .. ضج .. سأم .. فلا جديد في إدارة شئون القرية يبث في قلبه إحساس التميز .. إنهم نفس الوجوه من حوله .. نفس المشايخ .. نفس التجار .. نفس البلطجية .. حتى شكوى الناس مكررة لا تتغير .. إذا أشتكى فلاح كانت شكوته ( خايبة ) .. وإذا اشتكى صانع كانت شكوته ( خايبة ) .. وإذا اشتكى تاجر .. طالب .. طبيب .. كلها شكاوي ( خايبة ) .. ليس فيها ما يسيل له لعاب حاكم في قدرة ( عاشور ) ليستشعر روح المبارزة في حلبة صراع سياسي يستلذ به في حكم تلك القرية المستكينة الخانعة .. قرية أعتاد أهلها على ( عيشة ) الذل .. بل واستمتعوا به .. قرية ليس بها حالم واحد .. فارس واحد يخرج من بين الناس وتصدقه الناس لأنه منهم .. معارض واحد يصارع ( عاشور ) على الحكم ..  قلب واحد يحمل بصيص من كرامة لا يشتكي .. وإنما يطل برأسه من وسط هؤلاء ويقول لعاشور .. ( لا ).
هرش شيخ البلد في ذقنه وهو يستمع لعاشور ثم أشار عليه أن يقوم بتوجيه رجال الدين بأن يبثوا في عقول الناس بضرورة ظهور معارض من بينهم وأن ذلك واجب شرعي .. وإن لم يفعلوا يكونوا آثمين أمام الله والوطن .. وحينها يدفعوا بمعرض مخافة الله ورسوله .. وحينئذ تكون المسألة ( إنحلت ) ببساطة وبشكل شرعي.
نظر عاشور باحتقار إلى شيخ البلد ثم بصق في وجهه .. ولولا أن شيخ البلد هو ( خال ) زوجته لأمر بقتله وقتلها هي أيضاً لغباء مشورته .. ( عاشور ) يحتاج إلى معارض قوي .. لكن معارض صناعة شعبية .. معارض من الفلاحين .. من الصناع .. الحرافيش .. بائعي الخبز .. ماسحي الأحذية .. ( عاشور ) يريد معارض من قاع المجتمع .. معارض إذا تحدث صدقه الناس .. وإذا صمت تصور الناس أنه يفكر في مصلحتهم .. ( عاشور ) يريد معارض تشعر الناس في وجوده أني اصبحت خائفاً على كرسي الحكم .. أني خائف على مُلك هذه القرية وتلك الأنهار التي تجري من تحتي .. ثم .. نظر شيخ البلد في عينا ( عاشور ) ولمح خبث العالم فيهما .. ضحك عاشور ضحكة ملأت أرجاء المكان .. ومن بعده شاركه شيخ البلد ضحكاته الخبيثة بعدما أدرك نوايا ( عاشور ) الشيطانية.
قال عاشور في إحدى جلساته أن المسيح عيسى بن مريم اشترط عليه أنصاره نزول مائدة من السماء لتكون لهم عيداً .. بمعنى أن يأكل الجميع حتى تتخم بطونهم من شدة الشبع .. شبع بطونهم هو شرطهم الوحيد ليؤمنوا به وبإلهه .. ولو كان عيسى بن مريم قد أتي بهذه المائدة من بيت زكريا عليه السلام ما آمن به أنصاره .. كانوا يريدون المائدة من الله نفسه .. وأرسلها الله بالفعل .. لا لشيء إلا ليقيم عليهم الحجة .. حجة الكفر أو الإيمان .. وقف ( عاشور ) بغضب ثم وجه حديثه للحضور: أنا أريد أن أقيم على الحجة على الكل.
وقع الأختيار على ( خميس أبو عيشة ) عامل بمصنع السجاد .. لسانه طويل ومشاغب .. وكان السيناريو أن يلبي صاحب المصنع كل طلبات ( خميس أبو عيشة ) .. زيادة أجر اليوم .. طعام .. راحة .. حتى دخول مدارس أبناء العمال على حساب صاحب المصنع .. ثم يأتي صاحب المصنع ليأخذ ما دفعه من خزانة ( سيدنا عاشور ) .. في أقل من اسبوعين سيصدق عمال مصنع السجاد ( خميس أبو عيشة ) .. وسينتشر خبر ( العطاء ) الذي هبط على عمال مصنع السجاد كل أنحاء القرية .. والسبب ( خميس أبو عيشة ) .. سيصدقه الناس .. سيصدقون أنه الوحيد الذي وقف ضد ( سيدنا عاشور ) وأعطى للناس قليلاً مما يطمحون .. سيصبح بيته ( كعبة ) المضطهدين في البلد .. وبينعشية وضحاها سيصبح زعيماً .. أسمه سيكون على كل لسان .. المواليد الذكور التي ستولد في مستقبل هذه القرية سيطلقون عليهم اسم ( خميس ) تيمناً بذلك البطل المغوار .. سيستبدل  المداحين في المقاهي والشوارع سيرة أبو زيد الهلالي والزناتي خليفة وينشدون سيرة زعيم القرية الشعبي ( خميس أبو عيشة ) .. مخلص المسحوقين .. المرشد الأعلى للعدل بين الناس .. سيصبح ( خميس أبو عيشة ) الفارس الذي كان يحلم به ( سيدنا عاشور ) ليستشعر لذة حكم هذه القرية .. الخانع أهلها.
بعد عام .. صار ( خميس أبو عيشة ) نائب ( سيدنا عاشور ) .. وزوج أبنته .. والوحيد الذي يمكنه حكم القرية بعد ( عاشور ) وتغيير إسمها من ( كفر عاشور ) إلى ( كفر خميس ) .. هكذا أوحى ( عاشور ) للناس بعدما ( مل ) من منافسة ( كلب ) مشاغب من رعاع القرية تصور أن وقوف الشارع بجانبه سيمكنه من حكم هذه القرية .. تلك القرية الخانعُ أهلُها !!
بعد ألف عام .. في إحدى زوايا مقام ( سيدي عاشور ) .. ذلك الولي الصالح .. مؤسس ( كفر عاشور ) يجلس خادم المقام وفي يده كتاب قديم طواه بين يديه حينما سأله شاب: وكيف دس ( خميس ) السم لـ ( سيدنا عاشور ) ولي نعمته وأبو زوجته ؟؟ .. حينها طأطأ خادم المقام برأسه في الأرض صامتاً ثم نهض من جلسته كأنما لدغه ثعبان ليقيم الصلاة !!


الثلاثاء، 5 يونيو 2018

برد الروح

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com

هل أتاك حديث التجلي .. حين ينظر لي بعين الحب أهيم بذاتي في ذاتي فلا أعرف الضلال .. لا أعرف الخوف .. استبصر في الظلمات وجهه فأرى برؤياه خلودي .. لا تولي وجهك شطر غيري .. فيفنى عشقي في فراغ من لا يعرفون العشق .. وتذبل زهرة الياسمين في برد الروح .. وتختفي سنابل القمح مع أول ( ألم ) ينبت في احتجاب نورك .. أنا الساقط من أعلى الوجد على حطام وجدي أرفع آخر عضلة استطاعت النهوض لالوح بها إليك .. أنا هنا .. هاأنذا .. أنا رهن النهوض ( هنا ) إن رهنت بي النهوض .. فأقف بلطف عينيك من جديد .. أعشق من جديد !!

برد الروح

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com

هل أتاك حديث التجلي .. حين ينظر لي بعين الحب أهيم بذاتي في ذاتي فلا أعرف الضلال .. لا أعرف الخوف .. استبصر في الظلمات وجهه فأرى برؤياه خلودي .. لا تولي وجهك شطر غيري .. فيفنى عشقي في فراغ من لا يعرفون العشق .. وتذبل زهرة الياسمين في برد الروح .. وتختفي سنابل القمح مع أول ( ألم ) ينبت في احتجاب نورك .. أنا الساقط من أعلى الوجد على حطام وجدي أرفع آخر عضلة استطاعت النهوض لالوح بها إليك .. أنا هنا .. هاأنذا .. أنا رهن النهوض ( هنا ) إن رهنت بي النهوض .. فأقف بلطف عينيك من جديد .. أعشق من جديد !!

الخميس، 31 مايو 2018

لولا رحمانيته ما انعدمت المسافة

المناجاة ( سر ) من أسرار الله في قلب العبد .. والعبد الصالح والولي الطيب هو من يدرك ( إنعدام ) المسافة بينه وبين ربه فيفصح عن مخزون سره بالمناجاة .. حينها يكون أستماع الله للسر مقروناً بفعل ( كن ) فيطمئن القلب حتى يندهش من زوال حزنه .. ولولا رحمانيته ما انعدمت المسافة .. ولولا رحمته ما أقتربت القلوب من احاطته .. اللهم احط قلوب الخائفين بأفراح عنايتك.

لولا رحمانيته ما انعدمت المسافة

المناجاة ( سر ) من أسرار الله في قلب العبد .. والعبد الصالح والولي الطيب هو من يدرك ( إنعدام ) المسافة بينه وبين ربه فيفصح عن مخزون سره بالمناجاة .. حينها يكون أستماع الله للسر مقروناً بفعل ( كن ) فيطمئن القلب حتى يندهش من زوال حزنه .. ولولا رحمانيته ما انعدمت المسافة .. ولولا رحمته ما أقتربت القلوب من احاطته .. اللهم احط قلوب الخائفين بأفراح عنايتك.

قبل الأرض ( بعشق )

حين يحلق العصفور .. لا أدري حينها حجم شعوري بالسعادة .. ما أروعه وهو يقفز في الهواء .. يتلحف بالسماء والنور .. يسعى برشاقه نحو البعيد القريب .. بجوار طائر آخر يشبهه .. وكأنهما معاً يسجدان بين الأوراق في لحظة خلود .. ثم يخفقان بأجنحيهما كأنها هرولة المؤمن .. قبل أن يتركا جسديهما للسقوط الحر .. حتى قبل الأرض ( بعشق ) ينطلقا كطلقتي رصاص نحو الشمس .. الأمل .. الحياة .. إلى أن يغيبا عن نظري المجهد بقراءة رواية ( البؤساء ) لفيكتور هوجو .. وكتاب آخر عن .. ثورات ( القطيع ) العربي !!

قبل الأرض ( بعشق )

حين يحلق العصفور .. لا أدري حينها حجم شعوري بالسعادة .. ما أروعه وهو يقفز في الهواء .. يتلحف بالسماء والنور .. يسعى برشاقه نحو البعيد القريب .. بجوار طائر آخر يشبهه .. وكأنهما معاً يسجدان بين الأوراق في لحظة خلود .. ثم يخفقان بأجنحيهما كأنها هرولة المؤمن .. قبل أن يتركا جسديهما للسقوط الحر .. حتى قبل الأرض ( بعشق ) ينطلقا كطلقتي رصاص نحو الشمس .. الأمل .. الحياة .. إلى أن يغيبا عن نظري المجهد بقراءة رواية ( البؤساء ) لفيكتور هوجو .. وكتاب آخر عن .. ثورات ( القطيع ) العربي !!