الأحد، 24 أكتوبر 2010

قيــــــراط أرض - قصة قصيرة جداً

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
نهره احدهم بقوله : ماتروح تهددة يا أخي وتقوله يالقيراط ياروحك وبكدة تخوفة وتاخد حقك .. حاجة من إتنين .. ياتاخد قيراط الأرض ياتقتله ونخلص منه ومن اجرامه!!!!. 
كان عبد القادر الخولي أحد فلاحين مصر الشرفاء له قيراط أرض زراعي واحد (175 ميتر )، كان شريطاً طويلاً يجاور خمسة فدادين يمتلكهم جاره الذي رأى أنه لاوجود اطلاقاً لهذا القيراط الذى يزعم صاحبة أنه موجود، ولما كان عرض هذا القيراط 15 سنتيميتراً فقط وطوله 1167 ميتراً فقد احتار في العثور عليه جهابذة القياس وفقهاء الحدود لدرجة أنهم آمنوا بأن هذا القيراط هو قيراطاً مزعوماً بالفعل وليس له وجود اطلاقاً وحذره من مغبة الخوض في صراع مع صاحب الخمسة فدادين كل أهل القرية بما فيهم شيخ الجامع وحتى زوجته زبيدة وابناءه الذكورخاصة وأنه ( أي صاحب الخمسة فدادين ) كان عدوانياً وشرانياً، لكن أصر عبدالقادر اصرار المطمئنين لإيمانه بأنه صاحب حق وأن هذا الحق حتى ولو كان تافها فهو يمتلكه ولابد له من وسيلة لأسترداده.
إن قيراط الارض موجود وهو ملكه وسيسترده حتى لو اتهمته كل الدنيا بالجنون، سيقاوم ويحاول وسينتصر ويستردة. 
المدهش أن هذا الرجل رغم بساطته وبساطة فكره ووعيه الفطريين ظل يدرس قدر هذا الفكر وهذا الوعي جغرافية المكان كلة وظل يستشير كل من يثق فيهم من اصحاب العلم الخلصاء الذين لهم دراية بتاريخ الأرض وجغرافيتها وعلاقة بطبيعة المكان وجذوره، ولما نهره احدهم بقوله : ماتروح تهددة يا أخي وتقوله يالقيراط ياروحك وبكدة تخوفة وتاخد حقك .. حاجة من إتنين .. ياتاخد قيراط الأرض ياتقتله ونخلص منه ومن اجرامه!!!!. 
كان دائماً ماينظر لمثل هذه الاقوال نظرة صاحب الحق الذي يرى أن قيمة البني آدم تكمن دائماً في الالتزام بالمشروع وان طال امد الحصول عليه وليس في السلب وان كان سيمكنك من امتلاك العالم كله في لحظة، ولهذا كان دائماً مايردد : لايحق لي أن استرد مافقد مني سلباً وغصباً ألا بالحق والقيمة وانا حقي القيراطوقيمتي في عنادي والا ابقى مااستاهلش. 
يمر عام واحد ( مدة طويلة بالنسبة لفلاح رأس ماله الارض ) ويقسم الشيخ مرتضى في صحن المسجد وبين خطبتي الجمعة أن عبد القادر الخولي كان الصادق الوحيد في البلد دي وكلنا كدبناة، انا بنزل من فوق المنبر أهو.. وبقول لعبد القادر اللي في وسطكم دلوقتي يابشر ( قوم يابو ايهاب ) وبشد على ايدة قدامكم وبحضنه كمان وبقوله يحميك ياعبد القادر .. يحميك وربنا يباركلك في اللى خدته لأنك علمتنا درس جامد قوي .. علمتنا ازاي يكون الواحد مننا يبقى بني آدم وبأخلاقه وبأخلاق البني آدمين ياخد حقة حتى ان طال زمن اخدانه رغم اننا كلنا قولنا عليك مجنون.
يعود الشيخ ليعتلى المنبر مرة ثانية وهو ينظر لأهل قريته نظرة كلها عتاب وغضب ثم يعلق بكلمة واحدة هي كل الخطبة الثانية ويقول: اللي يعرف قيمة نفسه بالحق ويحارب لأخدانه بالحق... حتى إن مات وهو بيحاول ياخده .... الناس كلها هتقعد تترحمعليه ليوم الدين وتترحم على اصراره ورجولته ونزاهة ضميره بعد ماتكون خدت درس كبير فازاي يكون البني آدم...بني آدم، وأقم الصلاة يابلد.

قيــــــراط أرض - قصة قصيرة جداً

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
نهره احدهم بقوله : ماتروح تهددة يا أخي وتقوله يالقيراط ياروحك وبكدة تخوفة وتاخد حقك .. حاجة من إتنين .. ياتاخد قيراط الأرض ياتقتله ونخلص منه ومن اجرامه!!!!. 
كان عبد القادر الخولي أحد فلاحين مصر الشرفاء له قيراط أرض زراعي واحد (175 ميتر )، كان شريطاً طويلاً يجاور خمسة فدادين يمتلكهم جاره الذي رأى أنه لاوجود اطلاقاً لهذا القيراط الذى يزعم صاحبة أنه موجود، ولما كان عرض هذا القيراط 15 سنتيميتراً فقط وطوله 1167 ميتراً فقد احتار في العثور عليه جهابذة القياس وفقهاء الحدود لدرجة أنهم آمنوا بأن هذا القيراط هو قيراطاً مزعوماً بالفعل وليس له وجود اطلاقاً وحذره من مغبة الخوض في صراع مع صاحب الخمسة فدادين كل أهل القرية بما فيهم شيخ الجامع وحتى زوجته زبيدة وابناءه الذكورخاصة وأنه ( أي صاحب الخمسة فدادين ) كان عدوانياً وشرانياً، لكن أصر عبدالقادر اصرار المطمئنين لإيمانه بأنه صاحب حق وأن هذا الحق حتى ولو كان تافها فهو يمتلكه ولابد له من وسيلة لأسترداده.
إن قيراط الارض موجود وهو ملكه وسيسترده حتى لو اتهمته كل الدنيا بالجنون، سيقاوم ويحاول وسينتصر ويستردة. 
المدهش أن هذا الرجل رغم بساطته وبساطة فكره ووعيه الفطريين ظل يدرس قدر هذا الفكر وهذا الوعي جغرافية المكان كلة وظل يستشير كل من يثق فيهم من اصحاب العلم الخلصاء الذين لهم دراية بتاريخ الأرض وجغرافيتها وعلاقة بطبيعة المكان وجذوره، ولما نهره احدهم بقوله : ماتروح تهددة يا أخي وتقوله يالقيراط ياروحك وبكدة تخوفة وتاخد حقك .. حاجة من إتنين .. ياتاخد قيراط الأرض ياتقتله ونخلص منه ومن اجرامه!!!!. 
كان دائماً ماينظر لمثل هذه الاقوال نظرة صاحب الحق الذي يرى أن قيمة البني آدم تكمن دائماً في الالتزام بالمشروع وان طال امد الحصول عليه وليس في السلب وان كان سيمكنك من امتلاك العالم كله في لحظة، ولهذا كان دائماً مايردد : لايحق لي أن استرد مافقد مني سلباً وغصباً ألا بالحق والقيمة وانا حقي القيراطوقيمتي في عنادي والا ابقى مااستاهلش. 
يمر عام واحد ( مدة طويلة بالنسبة لفلاح رأس ماله الارض ) ويقسم الشيخ مرتضى في صحن المسجد وبين خطبتي الجمعة أن عبد القادر الخولي كان الصادق الوحيد في البلد دي وكلنا كدبناة، انا بنزل من فوق المنبر أهو.. وبقول لعبد القادر اللي في وسطكم دلوقتي يابشر ( قوم يابو ايهاب ) وبشد على ايدة قدامكم وبحضنه كمان وبقوله يحميك ياعبد القادر .. يحميك وربنا يباركلك في اللى خدته لأنك علمتنا درس جامد قوي .. علمتنا ازاي يكون الواحد مننا يبقى بني آدم وبأخلاقه وبأخلاق البني آدمين ياخد حقة حتى ان طال زمن اخدانه رغم اننا كلنا قولنا عليك مجنون.
يعود الشيخ ليعتلى المنبر مرة ثانية وهو ينظر لأهل قريته نظرة كلها عتاب وغضب ثم يعلق بكلمة واحدة هي كل الخطبة الثانية ويقول: اللي يعرف قيمة نفسه بالحق ويحارب لأخدانه بالحق... حتى إن مات وهو بيحاول ياخده .... الناس كلها هتقعد تترحمعليه ليوم الدين وتترحم على اصراره ورجولته ونزاهة ضميره بعد ماتكون خدت درس كبير فازاي يكون البني آدم...بني آدم، وأقم الصلاة يابلد.

الأحد، 10 أكتوبر 2010

أعطيتها تمثالاً من قش

قال لي: 

ليست مجرد إمرأة .. من المؤلم أن تمر بتجربة مع عودة وجه تعرفه .. تحبه .. تحن إلي لحظة كانت لك معه .. بينما يرتدي أسفل وجهه الحقيقي أقنعة .. أوجه مزيفة وأسماء مزيفة وجغرافيا مزيفة .. أمرأة .. لكنها في عذوبة الياسمين .. لا شك أنها تجيد التنكر .. تجيد التشكل .. الإبداع .. أما أنا .. فأجيد الإختباء والتخفي والمراوغة .. وبالرغم من أني لا أعرفني .. هي تعرفني جيداً .. ربما تصورت أن اختبائها وراء قناع لن يجعلني أتعرف عليها .. لكن .. حركة يديها .. أنفاسها .. نبرة صوتها .. أعرفها أنا جيداً .. لكنها مادامت قد تخفت وراء وجه وأسم وجغرافيا مزيفة .. فهي حتماً تدفعني لتأدية دور ( عبيط القرية ) معها .. فمارست معها دور (عبيط القرية ) الذي رسمته هي لي .. كان قبولي لهذا الدور عن قناعة لأسباب أهمها .. ربما عادت لتثأر مني كأمرأة .. أنا بحاجة لأن تثأر مني كأمرأة .. فقررت أن لا أحادثها تليفونياً حتى لا ينكشف أمر ( اللعبة ) من أول مشهد تمثيلي بيننا رسمته هي وبدأته .. أنا لا أحب التمثيل .. فأنا فاشل فيه تماماً .. ولكن .. ( هل مررت بتجربة حب حقيقية ودفعك الخوف أن لا تستمر فيها رغم رغبتك الشديدة في أن تستمر ؟) .. ( هل جربت أن تجد إمرأة كأنها أنت .. تحدثك وكأنك تتحدث مع نفسك ثم .. من شدة التعلق .. تقرر الإنتحار ؟) .. أنا مجنون حتماً .. لكنني لستُ مفعماً بالغرابة ! .. لست أنا الشخص المحافظ .. لست كل هؤلاء الفرسان الذين تحكي عنهم حكايات الجدة .. لست ُ نبياً .. ولا ملكاً .. ولا مليونيراً .. ربما أنا شخص ( غبي ) يخشى السعادة ! .. شخص لا يعرف قيمة أن يكون محاطاً بحب إمرأة ( حقيقية ) .. أو ربما إسعاد إمراة حقيقية .. على شاطئ البحر معها .. في مطعم أختارته هي .. وجدت نفسي الضائعة معها .. عثرت عليها لأول مرة .. ألقت بعملة معدنية في الهواء .. تعويذة حظ لم أفهمها .. ولم تكن عندي رغبة لأن أفهمها .. ملك وأللا كتابة ؟ .. كتابة ! .. فأنا .. لم أحلم أبداً أن أكون ملكاً .. ولا أحب الملوك .. في آخر لقاء لي معها أعطيتها تمثالاً من قش .. قفزت به كطفلة في الهواء كأنه تمثالاً من مرمر .. ثم أدرت ظهري لها ولم أعد .. أدرت ظهري في نفس اللحظة التي أردت أن أعانقها فيها عناقاً محفوفاً بالخلود .. عناقاً يتوقف فيه الزمن ولا يتوقف فيه الحس .. هي أجبرتني بروعتها كأنثى أن .. أدرك مدى عدم استحقاقي لها كرجل .. خشيت أن تضيع مشاعرها الرطبة المليئة بالحياة .. والجمال .. والطفولة .. داخل ( خراب ) يابس ملئ بالجنون .. وبعد زمن .. حين عادت تبحث .. أو ربما تثأر .. من تحت قناع مزيف .. أسم مزيف .. جغرافيا مزيفة .. راودني الحنين لها مرة أخرى .. لكنني .. وجدت نفسي .. أمارس معها من جديد .. دور .. عبيط القرية !!

أعطيتها تمثالاً من قش

قال لي: 

ليست مجرد إمرأة .. من المؤلم أن تمر بتجربة مع عودة وجه تعرفه .. تحبه .. تحن إلي لحظة كانت لك معه .. بينما يرتدي أسفل وجهه الحقيقي أقنعة .. أوجه مزيفة وأسماء مزيفة وجغرافيا مزيفة .. أمرأة .. لكنها في عذوبة الياسمين .. لا شك أنها تجيد التنكر .. تجيد التشكل .. الإبداع .. أما أنا .. فأجيد الإختباء والتخفي والمراوغة .. وبالرغم من أني لا أعرفني .. هي تعرفني جيداً .. ربما تصورت أن اختبائها وراء قناع لن يجعلني أتعرف عليها .. لكن .. حركة يديها .. أنفاسها .. نبرة صوتها .. أعرفها أنا جيداً .. لكنها مادامت قد تخفت وراء وجه وأسم وجغرافيا مزيفة .. فهي حتماً تدفعني لتأدية دور ( عبيط القرية ) معها .. فمارست معها دور (عبيط القرية ) الذي رسمته هي لي .. كان قبولي لهذا الدور عن قناعة لأسباب أهمها .. ربما عادت لتثأر مني كأمرأة .. أنا بحاجة لأن تثأر مني كأمرأة .. فقررت أن لا أحادثها تليفونياً حتى لا ينكشف أمر ( اللعبة ) من أول مشهد تمثيلي بيننا رسمته هي وبدأته .. أنا لا أحب التمثيل .. فأنا فاشل فيه تماماً .. ولكن .. ( هل مررت بتجربة حب حقيقية ودفعك الخوف أن لا تستمر فيها رغم رغبتك الشديدة في أن تستمر ؟) .. ( هل جربت أن تجد إمرأة كأنها أنت .. تحدثك وكأنك تتحدث مع نفسك ثم .. من شدة التعلق .. تقرر الإنتحار ؟) .. أنا مجنون حتماً .. لكنني لستُ مفعماً بالغرابة ! .. لست أنا الشخص المحافظ .. لست كل هؤلاء الفرسان الذين تحكي عنهم حكايات الجدة .. لست ُ نبياً .. ولا ملكاً .. ولا مليونيراً .. ربما أنا شخص ( غبي ) يخشى السعادة ! .. شخص لا يعرف قيمة أن يكون محاطاً بحب إمرأة ( حقيقية ) .. أو ربما إسعاد إمراة حقيقية .. على شاطئ البحر معها .. في مطعم أختارته هي .. وجدت نفسي الضائعة معها .. عثرت عليها لأول مرة .. ألقت بعملة معدنية في الهواء .. تعويذة حظ لم أفهمها .. ولم تكن عندي رغبة لأن أفهمها .. ملك وأللا كتابة ؟ .. كتابة ! .. فأنا .. لم أحلم أبداً أن أكون ملكاً .. ولا أحب الملوك .. في آخر لقاء لي معها أعطيتها تمثالاً من قش .. قفزت به كطفلة في الهواء كأنه تمثالاً من مرمر .. ثم أدرت ظهري لها ولم أعد .. أدرت ظهري في نفس اللحظة التي أردت أن أعانقها فيها عناقاً محفوفاً بالخلود .. عناقاً يتوقف فيه الزمن ولا يتوقف فيه الحس .. هي أجبرتني بروعتها كأنثى أن .. أدرك مدى عدم استحقاقي لها كرجل .. خشيت أن تضيع مشاعرها الرطبة المليئة بالحياة .. والجمال .. والطفولة .. داخل ( خراب ) يابس ملئ بالجنون .. وبعد زمن .. حين عادت تبحث .. أو ربما تثأر .. من تحت قناع مزيف .. أسم مزيف .. جغرافيا مزيفة .. راودني الحنين لها مرة أخرى .. لكنني .. وجدت نفسي .. أمارس معها من جديد .. دور .. عبيط القرية !!