‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات حرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات حرة. إظهار كافة الرسائل

السبت، 16 يونيو 2018

نحن في حقيقة الأمر لا نرى شئ !

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com
ببساطة شديدة أقول أننا لانرى الأجسام ولكننا نرى انعكاس الضوء على الأجسام وعليه فإن الأجسام التي تمتص الضوء لا يصل إليك انعكاسها فلا تراها والبعض الآخر ينكسر على سطحه الضوء فلا تنعكس صورته على عينيك فلا يمكن أن تراها .. هذه الأجسام حقيقة وموجودة وتعيش بيننا وتؤثر فينا تأثير مباشر وحي وحيوي .. هذه الأجسام حقيقة وموجودة وتعيش معنا نفس المكان ونفس الزمن .. لا أتكلم عن الجن والشياطين والملائكة .. أنا اتحدث عن مخلوقات مثلنا لا يمكن لنا أن نراها لأنها مخلوقات ينعدم عندها الضوء إما بالامتصاص أو الانكسار .. إنها مخلوقات تجلس على نفس الكرسي الذي نجلس عليه وتأكل من نفس الصحن وتشرب من نفس الكوب وتنام بجوارنا على نفس السرير بل وتمارس الجنس مع كثير من البشر دون أن يدري غالبية البشر .. وتركب نفس الأوتوبيس ونفس التاكسي وسيارتك الخاصة ونفس الدراجة بل وتسافر وتجوب جغرافيا العالم كما نجوب والأهم أنها تؤثر في طريقة تفكيرنا واتخاذنا القرار .. إنه تداخل الأكوان بزوايا مختلفة وسرعات مختلفة وقيم موجبة وسالبة مختلفة وهذه الأجسام في تغير مستمر وتدفق مستمر .. وربما أنت الآن تعيش مع عائلة كاملة منهم ولكن لا تدري من أمر هذه الحياة شيئاً .. النور الأسود لغز لكن علينا أن نؤمن بأننا لا نعيش بمفردنا.

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbc@yahoo.com

الهالة هي تلك الطاقة الكهرومغناطيسية البيولوجية التي تحيط بكل كائن حي ومن فوقها جميعاً الإنسان .. هي المحرك الرئيس للأسرة .. العائلة .. القبيلة .. الجماعة .. هي المحرك الرئيس للقطيع .. فالقطيع يرتبط ببعضه من خلال تداخل طاقة ( الهالة ) الجمعية فيصبح الفرد ( مربوط ) بجماعته لدرجة أنه لو قرر قائد القطيع السقوط من أعلى جبل سينجذب الجميع بسبب ترابط طاقة ( الهالة ) بينهم وينتحر الكل ورائه أو معه .. إلا الإنسان لكونه يحمل ( وعياً ) يتغلب عنده على الشعور بقدرات الهالة التي تحيط بجسده وتتفاعل مع كل الهالات من حوله .. الهالة عند الإنسان غير مدركة في العقل ( الواعي ) ولكنها مدركة تماماً في ( اللاوعي ) ومن ثم لا يستطيع الشعور بها لحظة انفعالها .. هو فقط يلحظ نتائجها بعد ذلك .. الحب نتيجة من تجاذب الهالات .. والكره نتيجة من تنافر الهالات .. ترى الشخص لأول مرة دون أن تعرفه فتزهد في معرفته دون إبداء اسباب .. وترى آخر كأنك تعرفه منذ بداية التاريخ وأيضاً دون إبداء اسباب .. علاقة الانسان بشريك حياته .. اصدقائه .. زملاء عمله .. كل مايحيط به .. انسان .. حيوان .. سيارته .. دراجته .. غرفة نومه .. وحتى ملابسه الداخلية هي علاقة مرتبطة بتجاذب أو تنافر الهالات .. الخطورة تكمن في تعرض ( هالة ) الإنسان لتأثير خارجي كالسحر .. التنويم المغناطيسي .. المرض النفسي .. الوحدة .. الإنعزال .. الضغط العصبي .. الحزن الشديد فتتغير طبيعة ( الهالة ) وعليه من كان يخلص لك بالأمس يخونك اليوم ومن كان صديقاً يصبح عدواً والإبن البار يقتلع عينيك لسبب تافه .. بعضهم اليوم يتلاعب بالهالة ليتلاعب بشعورك وانفعالك حتى يفقدك وعيك فيستعبدك فلا تدع من تحب وحيداً حتى لا تتغير هالته فينقلب ضدك ويصبح من كان توأم روحك .. عدوك اللدود !

السبت، 9 يونيو 2018

الأطباق الطائرة تخطف شاباً من جبل المعابدة في اسيوط !!

يقول الدكتور وسيم السيسي أن ذلك حدث بالفعل في منطقة جبل المعابدة بمدينة أسيوط، حيث تعرض شاب مصرى يدعى عبد الكريم حسنين، كان عمره في ذلك الحين27 عاما للاختطاف في طبق طائر، اعترض طريقه أثناء ممارسته رياضة الجرى في جبل المعابدة، وكان ذلك صباحا.
وأكد عبد الكريم أن كائنات فضائية أجرت عليه عدة فحوص واختبارات داخل الطبق الطائر، وقد وصف العالم الاسبانى " رامون نافيو" رئيس مؤسسة بحوث الفضاء الخارجى بأسبانيا هذه الواقعة بأنها صادقة، وقال: إنها تشبه حادثين مماثلين وقعا في روسيا والمانيا، وتوجه العالم الأسباني في ذلك الحين إلى مصر لدراسة هذه الواقعة، وأجريت اختبارات على الشاب المصري، الذيأكد أنه شاهد الطبق الطائر، ثم رأي شعاعا ذهبيا يقترب منه ويجتذبه إلى داخله، وعلق الباحث الاسبانى على ذلك بالقول: أن هذا الشعاع الذهبى الذي أشار عليه عبد الكريم، هو حزمة ضوئية صلبة ومتماسكة بسبب شدة الكثافة، وهي قادرة على حمل كتلة في وزن الجنس البشرى أو أكبر منه، كما أشار الشاب المصرى إلى قيامه بجولة داخل الطبق الطائر برفقة الكائنات الفضائية، وهي تجربة تعرض لها كل من اختطفتهم هذه الأطباق من أي مكان في العالم، حسبما أكد العلماء الأسبان الذين قالوا: أن الفحص الطبى الذي تجريه الكائنات الفضائية على الشخص المختطف، يتركز على الأعضاء التناسلية والنواحى الجنسية، دون أي مساس بهذا الشخص، باستثناء حالات قليلة.
وعن تفاصيل ملامح الكائنات التي التقى بها عبد الكريم في تجربته الغريبة يقول د. وسيم السيسى: تتلخص في انه شاهد ثلاثة كائنات غريبة طويلة القامة ذات رؤوس صغيرة، ولها ثلاثة عيون، ولون وجهها اخضر غامق مليء بالتجاعيد، وقال: أن هذه الكائنات ذات رقبة طويلة ويدين قصيرتين على عكس قدميها الطويلتين، كما قال عبد الكريم: أن طريقة التفاهم مع الكائنات الفضائية التي التقى بها كانت هي التخاطر، ويضيف: لقد انفرد صاحب التجربة المصرية مع الأطباق الطائرة بأشياء لم تحدث مع غيره، ممن تعرضوا لهذه التجربة، فقد أصبح جسده يسبب تشويشا لجهاز التلفزيون، وأصبح قادرا على أكل المعادن والخشب والزجاج وبلعها وهضمها.
ويضيف: لقد تم الفحص الطبى والنفسي لعبد الكريم بعد هذه الواقعة على أيدى علماء متخصصين، أكدوا إمكانية حدوث ما قاله، وان ماحدث من الناحية العلمية يوحى بان الواقعة سليمة لا جدال فيها، وقام فريق علمى بزيارة موقع هبوط الطبق الطائر في عمق صحراء أسيوط، وأكدت الأبحاث والتحاليل التي أجراها الفريق مصداقية الواقعة، بل وظهرت دلائل أخري هامة مثل تعرض الشاب للإشعاع، مما أصاب جسده بآثار لازالت باقية حتى اليوم، كما تأكد العلماء أن رمال هذه المنطقة بها نسبة إشعاع غير عادي !!

الأربعاء، 9 مايو 2018

خلود المشاعر

لابد أن تكون هناك ( فكرة ) تجمع بين العاشق والمعشوق .. رابط معنوي .. حكاية .. هواية .. ليس فقط هدف .. أو حلم .. أو طموح .. العشق بدون كلمات تدور في محيط ابداعي سيتحول إلى حب .. وإذا تحول العشق إلى حب ستكون الغرائز هي المسيطر الرئيس على طرفي العلاقة .. وهذا يتطلب استنزاف الجسد .. وحين يصل الجسد إلى ذروة الإشباع يزهد كل طرف في جسد الآخر ثم يعم الصمت في عدم وجود فكرة أو رابط معنوي أو حكاية أو هواية فتتوه الروح .. تستشعر الضياع .. الوحدة .. ومن ثم تبحث كل روح عن روح ( خارجي ) .. عن معنى ( خارجي ) يعوضها عن ما أكتشفت فقدانه بعد زهد الجسد في الجسد .. فتتفسخ العلاقة .. تذبل .. ويلقي كل طرف باللوم على الطرف الآخر .. وغالباً مايكون اللوم متعلقاً بالقدرة الجنسية .. المسألة الوحيدة التي يظنها الرجال والنساء أنها السبب الرئيس في فشل العلاقة .. لأن العلاقة لم تختبر أي سبيل آخر سوى الجنس .. الخبرة الوحيدة التي تمت ممارستها بشبق بين الطرفين وربما كان هو الدافع صاحب النسبة الأهم والأعلى في سبب إرتباط كل طرف بالآخر دون النظر لخبرات أخرى أكثر عنفواناً وقوة وقيمة .. وحيث الجنس لن يصل بأي علاقة للإرتواء .. لأن الجسدفي عطش دائم .. ومن ثم لايجب الأعتماد على الجنس الجسدي فقط في ارتباط انساني مقدس بين رجل وأمرأة فهو دوماً متأرجح بين القوة والضعف اعتماداً على قوة وضعف الجسد بل وحالته المزاجية .. وإنما يجب الإعتماد على استقرار الروح التي تستقر عند أول بارقة نور .. فكرة .. رابط معنوي .. حكاية .. هواية .. فتخلد المشاعر وتطمئن السجايا.    
سؤال: الروح أم النّفس ؟

في يقيني النفس ( اشتهاء ) أما الروح فأحتواء .. بمعني أن النفس تحمل قوة الغريزة .. غريزة كل شئ الملك المال الطعام الشراب الجنس الغضب الكره الثأر الإنتقام .. أما الروح فتحمل قوة المعنى الإنساني للذات الكلية التي تحركها الروح .. والذات الكلية هنا هي العقل والقلب والنفس والحواس .. والعقل هو أداة المنطق .. الماكينة الرياضية التي تدفعك على سبيل المثال أن لا تستخدمي قلم رصاص طولة ثلاثة أمتار لترسمى به لوحة عرضها ثلاثة سنتيمتر .. أما القلب فهو مكمن الشعور .. مكمن الإنفعال الانساني السامي الذي يلطف من منطق العقل الرياضي .. أما النفس فهي كما سبق وأشرنا مكمن الغرائز .. أما الحواس فهي مانعرفه منها وهي رهن المنتصر في صراع القلب والنفس فإن إنتصر القلب كانت الحواس تحت تصرفه فيصير الانسان انساناً وإن انتصرت النفس كانت الحواس تحت تصرفها فيصير الانسان عكس ماخلق له .. ولكن ماذا عن محرك كل هؤلاء .. ( الروح ) .. إن لم يحدث صراعاً بين القلب والنفس استقرت ( الروح ) واصبحت الحواس وسيلة ( الكل ) للوصول بالروح من خلال استقرارها للإطمئنان ثم الأطمئنان الكامل ثم خلود الإطمئنان .. هذا مايعتريني الآن من إيمان !!

خلود المشاعر

لابد أن تكون هناك ( فكرة ) تجمع بين العاشق والمعشوق .. رابط معنوي .. حكاية .. هواية .. ليس فقط هدف .. أو حلم .. أو طموح .. العشق بدون كلمات تدور في محيط ابداعي سيتحول إلى حب .. وإذا تحول العشق إلى حب ستكون الغرائز هي المسيطر الرئيس على طرفي العلاقة .. وهذا يتطلب استنزاف الجسد .. وحين يصل الجسد إلى ذروة الإشباع يزهد كل طرف في جسد الآخر ثم يعم الصمت في عدم وجود فكرة أو رابط معنوي أو حكاية أو هواية فتتوه الروح .. تستشعر الضياع .. الوحدة .. ومن ثم تبحث كل روح عن روح ( خارجي ) .. عن معنى ( خارجي ) يعوضها عن ما أكتشفت فقدانه بعد زهد الجسد في الجسد .. فتتفسخ العلاقة .. تذبل .. ويلقي كل طرف باللوم على الطرف الآخر .. وغالباً مايكون اللوم متعلقاً بالقدرة الجنسية .. المسألة الوحيدة التي يظنها الرجال والنساء أنها السبب الرئيس في فشل العلاقة .. لأن العلاقة لم تختبر أي سبيل آخر سوى الجنس .. الخبرة الوحيدة التي تمت ممارستها بشبق بين الطرفين وربما كان هو الدافع صاحب النسبة الأهم والأعلى في سبب إرتباط كل طرف بالآخر دون النظر لخبرات أخرى أكثر عنفواناً وقوة وقيمة .. وحيث الجنس لن يصل بأي علاقة للإرتواء .. لأن الجسدفي عطش دائم .. ومن ثم لايجب الأعتماد على الجنس الجسدي فقط في ارتباط انساني مقدس بين رجل وأمرأة فهو دوماً متأرجح بين القوة والضعف اعتماداً على قوة وضعف الجسد بل وحالته المزاجية .. وإنما يجب الإعتماد على استقرار الروح التي تستقر عند أول بارقة نور .. فكرة .. رابط معنوي .. حكاية .. هواية .. فتخلد المشاعر وتطمئن السجايا.    
سؤال: الروح أم النّفس ؟

في يقيني النفس ( اشتهاء ) أما الروح فأحتواء .. بمعني أن النفس تحمل قوة الغريزة .. غريزة كل شئ الملك المال الطعام الشراب الجنس الغضب الكره الثأر الإنتقام .. أما الروح فتحمل قوة المعنى الإنساني للذات الكلية التي تحركها الروح .. والذات الكلية هنا هي العقل والقلب والنفس والحواس .. والعقل هو أداة المنطق .. الماكينة الرياضية التي تدفعك على سبيل المثال أن لا تستخدمي قلم رصاص طولة ثلاثة أمتار لترسمى به لوحة عرضها ثلاثة سنتيمتر .. أما القلب فهو مكمن الشعور .. مكمن الإنفعال الانساني السامي الذي يلطف من منطق العقل الرياضي .. أما النفس فهي كما سبق وأشرنا مكمن الغرائز .. أما الحواس فهي مانعرفه منها وهي رهن المنتصر في صراع القلب والنفس فإن إنتصر القلب كانت الحواس تحت تصرفه فيصير الانسان انساناً وإن انتصرت النفس كانت الحواس تحت تصرفها فيصير الانسان عكس ماخلق له .. ولكن ماذا عن محرك كل هؤلاء .. ( الروح ) .. إن لم يحدث صراعاً بين القلب والنفس استقرت ( الروح ) واصبحت الحواس وسيلة ( الكل ) للوصول بالروح من خلال استقرارها للإطمئنان ثم الأطمئنان الكامل ثم خلود الإطمئنان .. هذا مايعتريني الآن من إيمان !!

الثلاثاء، 8 مايو 2018

( إله ) المتشككين

الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) بوجوده أو عدم وجوده بإرادة حرة .. الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) لتعرفه أو لا تعرفه .. والسؤال: ماذا لو عرفته ؟ .. لو سلمت بوجوده ؟ .. ماهي القيمة العائدة عليك .. ماهي القيمة العائدة عليه ؟ 
جهلك ( حتماً ) سيدفعك لعلاقة ( نفعيه ) بينك وبينه .. تعبده ليعطيك .. لتنجو .. لتثرى .. لترغد .. لتدخل الجنة .. وإن لم يعطيك .. إن لم تنجو .. تثرى .. ترغد .. إن زهدت فجأة في الجنة .. حتماً ستكون أول المتشككين فيه !! 
سؤال آخر: ماذا لو تشككت فيه ؟ .. لو سلمت بعدمية الخالق الأزلي؟ ماذا في الأفق؟ .. أفق أنه لايوجد ؟ .. تسليمك بأفق أن ( الله غير موجود ) !! 
هل ستكون وصلت بأطمئنان للإجابةعلى سؤالك المتشكك وهي: ( لا يوجد الله ) ؟ سأجيبك إذن .. ( الله غير موجود ) !! 
هل أجبت على سؤالك المتشكك الآن ! .. هل أجبت عليه بأجابة حاسمة واضحة جريئة .. هل أنتصرت الآن ؟ .. هل تمتلئ بالسعادة ؟ .. هل ستنام قرير العين ؟ .. لكن .. ماذا بعد؟ .. لا شك أن الأمر في الحالتين يحمل وعياً ناقصاً .. ففي حالة إن عرفته بناءً على نفعية شخصية فلاقيمة لمعرفتك .. وفي حالة إن انكرته بناءً على العقل فلا قيمة لإنكارك .. لأنك في الحالتين تؤمن بعبادة ذاتك .. رغباتك .. أنانيتك .. فراغ روحك .. أنت في الحالتين تعبد عقلك .. ذاتك .. والعقل والذات ( إله ) المتشككين .. أعبد عقلك إذن ولا تفرض عبادته على من هم حولك فلن يعبدوا أفكارك .. أعبد عقلك فهو أقرب الألهة إليك .. هو من أعلن في فراغ روحك عن ( ألوهيته ) فأطمأن إليه فراغك فصار ( عقلك إلهك ) .. لا تجهد نفسك بالبحث عن الله من الآن فلن يفيد نفسك البحث في فراغ العقل سوى العطش والظمأ .. لن يفيد نفسك صراع طواحين الهواء .. حتماً أنت الخاسر .. فعناء البحث يولد الحمى والحمى تنتج مقابر الروح فلا أنت سكنت إلي عرفان الله .. ولا أنت ملأت فراغ العقل .. أحسم موقفك الآن .. إما أنه موجود فتعبده بإرادة حرة قائمة على التجريد .. التنزية .. العشق .. أو إنكره بإرادة حرة انكاراً تاماً وتفرغ لمسائل أخرى في حياتك أكثر بساطة من محاولات ( الندية ) التي تتعامل بها أفكارك ( مع  ) العلم به أو ( ضد ) العلم به .. استمتع بجمع المال .. الكسب .. الطعام .. ممارسة الجنس .. استمتع بتفريغ اللذات في محيط النفس بهدوء بعيداً عن دفع البسطاء أمثالي للحزن والصراع والضياع مع فوضاك!!

( إله ) المتشككين

الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) بوجوده أو عدم وجوده بإرادة حرة .. الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) لتعرفه أو لا تعرفه .. والسؤال: ماذا لو عرفته ؟ .. لو سلمت بوجوده ؟ .. ماهي القيمة العائدة عليك .. ماهي القيمة العائدة عليه ؟ 
جهلك ( حتماً ) سيدفعك لعلاقة ( نفعيه ) بينك وبينه .. تعبده ليعطيك .. لتنجو .. لتثرى .. لترغد .. لتدخل الجنة .. وإن لم يعطيك .. إن لم تنجو .. تثرى .. ترغد .. إن زهدت فجأة في الجنة .. حتماً ستكون أول المتشككين فيه !! 
سؤال آخر: ماذا لو تشككت فيه ؟ .. لو سلمت بعدمية الخالق الأزلي؟ ماذا في الأفق؟ .. أفق أنه لايوجد ؟ .. تسليمك بأفق أن ( الله غير موجود ) !! 
هل ستكون وصلت بأطمئنان للإجابةعلى سؤالك المتشكك وهي: ( لا يوجد الله ) ؟ سأجيبك إذن .. ( الله غير موجود ) !! 
هل أجبت على سؤالك المتشكك الآن ! .. هل أجبت عليه بأجابة حاسمة واضحة جريئة .. هل أنتصرت الآن ؟ .. هل تمتلئ بالسعادة ؟ .. هل ستنام قرير العين ؟ .. لكن .. ماذا بعد؟ .. لا شك أن الأمر في الحالتين يحمل وعياً ناقصاً .. ففي حالة إن عرفته بناءً على نفعية شخصية فلاقيمة لمعرفتك .. وفي حالة إن انكرته بناءً على العقل فلا قيمة لإنكارك .. لأنك في الحالتين تؤمن بعبادة ذاتك .. رغباتك .. أنانيتك .. فراغ روحك .. أنت في الحالتين تعبد عقلك .. ذاتك .. والعقل والذات ( إله ) المتشككين .. أعبد عقلك إذن ولا تفرض عبادته على من هم حولك فلن يعبدوا أفكارك .. أعبد عقلك فهو أقرب الألهة إليك .. هو من أعلن في فراغ روحك عن ( ألوهيته ) فأطمأن إليه فراغك فصار ( عقلك إلهك ) .. لا تجهد نفسك بالبحث عن الله من الآن فلن يفيد نفسك البحث في فراغ العقل سوى العطش والظمأ .. لن يفيد نفسك صراع طواحين الهواء .. حتماً أنت الخاسر .. فعناء البحث يولد الحمى والحمى تنتج مقابر الروح فلا أنت سكنت إلي عرفان الله .. ولا أنت ملأت فراغ العقل .. أحسم موقفك الآن .. إما أنه موجود فتعبده بإرادة حرة قائمة على التجريد .. التنزية .. العشق .. أو إنكره بإرادة حرة انكاراً تاماً وتفرغ لمسائل أخرى في حياتك أكثر بساطة من محاولات ( الندية ) التي تتعامل بها أفكارك ( مع  ) العلم به أو ( ضد ) العلم به .. استمتع بجمع المال .. الكسب .. الطعام .. ممارسة الجنس .. استمتع بتفريغ اللذات في محيط النفس بهدوء بعيداً عن دفع البسطاء أمثالي للحزن والصراع والضياع مع فوضاك!!

( إله ) المتشككين

الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) بوجوده أو عدم وجوده بإرادة حرة .. الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) لتعرفه أو لا تعرفه .. والسؤال: ماذا لو عرفته ؟ .. لو سلمت بوجوده ؟ .. ماهي القيمة العائدة عليك .. ماهي القيمة العائدة عليه ؟ 
جهلك ( حتماً ) سيدفعك لعلاقة ( نفعيه ) بينك وبينه .. تعبده ليعطيك .. لتنجو .. لتثرى .. لترغد .. لتدخل الجنة .. وإن لم يعطيك .. إن لم تنجو .. تثرى .. ترغد .. إن زهدت فجأة في الجنة .. حتماً ستكون أول المتشككين فيه !! 
سؤال آخر: ماذا لو تشككت فيه ؟ .. لو سلمت بعدمية الخالق الأزلي؟ ماذا في الأفق؟ .. أفق أنه لايوجد ؟ .. تسليمك بأفق أن ( الله غير موجود ) !! 
هل ستكون وصلت بأطمئنان للإجابةعلى سؤالك المتشكك وهي: ( لا يوجد الله ) ؟ سأجيبك إذن .. ( الله غير موجود ) !! 
هل أجبت على سؤالك المتشكك الآن ! .. هل أجبت عليه بأجابة حاسمة واضحة جريئة .. هل أنتصرت الآن ؟ .. هل تمتلئ بالسعادة ؟ .. هل ستنام قرير العين ؟ .. لكن .. ماذا بعد؟ .. لا شك أن الأمر في الحالتين يحمل وعياً ناقصاً .. ففي حالة إن عرفته بناءً على نفعية شخصية فلاقيمة لمعرفتك .. وفي حالة إن انكرته بناءً على العقل فلا قيمة لإنكارك .. لأنك في الحالتين تؤمن بعبادة ذاتك .. رغباتك .. أنانيتك .. فراغ روحك .. أنت في الحالتين تعبد عقلك .. ذاتك .. والعقل والذات ( إله ) المتشككين .. أعبد عقلك إذن ولا تفرض عبادته على من هم حولك فلن يعبدوا أفكارك .. أعبد عقلك فهو أقرب الألهة إليك .. هو من أعلن في فراغ روحك عن ( ألوهيته ) فأطمأن إليه فراغك فصار ( عقلك إلهك ) .. لا تجهد نفسك بالبحث عن الله من الآن فلن يفيد نفسك البحث في فراغ العقل سوى العطش والظمأ .. لن يفيد نفسك صراع طواحين الهواء .. حتماً أنت الخاسر .. فعناء البحث يولد الحمى والحمى تنتج مقابر الروح فلا أنت سكنت إلي عرفان الله .. ولا أنت ملأت فراغ العقل .. أحسم موقفك الآن .. إما أنه موجود فتعبده بإرادة حرة قائمة على التجريد .. التنزية .. العشق .. أو إنكره بإرادة حرة انكاراً تاماً وتفرغ لمسائل أخرى في حياتك أكثر بساطة من محاولات ( الندية ) التي تتعامل بها أفكارك ( مع  ) العلم به أو ( ضد ) العلم به .. استمتع بجمع المال .. الكسب .. الطعام .. ممارسة الجنس .. استمتع بتفريغ اللذات في محيط النفس بهدوء بعيداً عن دفع البسطاء أمثالي للحزن والصراع والضياع مع فوضاك!!

( إله ) المتشككين

الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) بوجوده أو عدم وجوده بإرادة حرة .. الله نفسه ترك لك حرية ( التسليم ) لتعرفه أو لا تعرفه .. والسؤال: ماذا لو عرفته ؟ .. لو سلمت بوجوده ؟ .. ماهي القيمة العائدة عليك .. ماهي القيمة العائدة عليه ؟ 
جهلك ( حتماً ) سيدفعك لعلاقة ( نفعيه ) بينك وبينه .. تعبده ليعطيك .. لتنجو .. لتثرى .. لترغد .. لتدخل الجنة .. وإن لم يعطيك .. إن لم تنجو .. تثرى .. ترغد .. إن زهدت فجأة في الجنة .. حتماً ستكون أول المتشككين فيه !! 
سؤال آخر: ماذا لو تشككت فيه ؟ .. لو سلمت بعدمية الخالق الأزلي؟ ماذا في الأفق؟ .. أفق أنه لايوجد ؟ .. تسليمك بأفق أن ( الله غير موجود ) !! 
هل ستكون وصلت بأطمئنان للإجابةعلى سؤالك المتشكك وهي: ( لا يوجد الله ) ؟ سأجيبك إذن .. ( الله غير موجود ) !! 
هل أجبت على سؤالك المتشكك الآن ! .. هل أجبت عليه بأجابة حاسمة واضحة جريئة .. هل أنتصرت الآن ؟ .. هل تمتلئ بالسعادة ؟ .. هل ستنام قرير العين ؟ .. لكن .. ماذا بعد؟ .. لا شك أن الأمر في الحالتين يحمل وعياً ناقصاً .. ففي حالة إن عرفته بناءً على نفعية شخصية فلاقيمة لمعرفتك .. وفي حالة إن انكرته بناءً على العقل فلا قيمة لإنكارك .. لأنك في الحالتين تؤمن بعبادة ذاتك .. رغباتك .. أنانيتك .. فراغ روحك .. أنت في الحالتين تعبد عقلك .. ذاتك .. والعقل والذات ( إله ) المتشككين .. أعبد عقلك إذن ولا تفرض عبادته على من هم حولك فلن يعبدوا أفكارك .. أعبد عقلك فهو أقرب الألهة إليك .. هو من أعلن في فراغ روحك عن ( ألوهيته ) فأطمأن إليه فراغك فصار ( عقلك إلهك ) .. لا تجهد نفسك بالبحث عن الله من الآن فلن يفيد نفسك البحث في فراغ العقل سوى العطش والظمأ .. لن يفيد نفسك صراع طواحين الهواء .. حتماً أنت الخاسر .. فعناء البحث يولد الحمى والحمى تنتج مقابر الروح فلا أنت سكنت إلي عرفان الله .. ولا أنت ملأت فراغ العقل .. أحسم موقفك الآن .. إما أنه موجود فتعبده بإرادة حرة قائمة على التجريد .. التنزية .. العشق .. أو إنكره بإرادة حرة انكاراً تاماً وتفرغ لمسائل أخرى في حياتك أكثر بساطة من محاولات ( الندية ) التي تتعامل بها أفكارك ( مع  ) العلم به أو ( ضد ) العلم به .. استمتع بجمع المال .. الكسب .. الطعام .. ممارسة الجنس .. استمتع بتفريغ اللذات في محيط النفس بهدوء بعيداً عن دفع البسطاء أمثالي للحزن والصراع والضياع مع فوضاك!!

الخميس، 15 مارس 2012

في ذكرى ثورة 25 يناير بقلم محيي الدين إبراهيم


يوم أن كرمتني الثورة
لا قيم مع الجوع ولا عدالة مع الجهل ولا إيمان مع التعصب.
لقد منحنا الله إلهام الثورة فثارت مصر على من لعنها وجوعها واهان كرامتها، جاءتنا منحة الله في التغيير وأدركتنا في مصر يوم 25 يناير، وبدلا من أن نغتنم الفرصة لإقامة العدالة وإزالة سقف الفساد الأخير الذي يحجب عنا ضوء الحرية أدرنا ظهورنا للنور وفتحنا أبواب القصاص على مصراعيها ونصبنا أنفسنا قضاة غلاظ وجلادين لا هم لنا سوى أن نقيم الحدود ونعلق المشانق فأعدنا انتاج الظلم والجبروت والطغيان فظلمنا أنفسنا بعد أن تخلصنا من الظالم بسيناريو أقسى ظلما مما كان يفعله فينا، وبدلا من اتخاذ مواضع الرحمة والتفرغ للبناء اتخذنا مواضع القهر بإرادتنا وتفرغنا لهدم كل شيء حتى حلم التغيير وحتى كدنا اليوم أن نفقد مصر التي أصبح اليوم كل ما فيها من نظام باطل وكل ما فيها من قضاء غير رحيم وكل ما فيها من عقل متعصب، فانقلبت منحة الله إلى نقمة واحلام الثورة إلى كوابيس تصفية الحسابات، لقد واتتنا الفرصة الثورية في النهوض لكننا مازلنا حتى الآن يملأنا الإصرار على استمرار الكبوة، الثورة نور يدفعك لأن تغفر لتبني لكننا مازلنا حتى الآن نحيا الفوضى في ظلمة القصاص تحت أنقاض الحلم.
كانت هذه فحوى كلمتي يوم التكريم.
لم أكن أتوقع أبدا أو يدر بذهني إطلاقاً أن يتم تكريمي كأحد الكتاب المصريين الذين شاركوا بقلمهم في ثورة 25 يناير المصرية وأنني أيضا من الكُتاب المحسوبين على من تنبأ بها منذ زمن.
كان الاحتفال يترأسه وزير التعليم المصري ومحافظ القاهرة وأحد قادة الجيش المصري ورئيس جامعة عين شمس وكثيرين من رموز الفن والأدب المصريين ومندوبين من بعض السفارات العربية والأجنبية بخاصة سفارة ايطاليا التي تقام فيها الآن بالعاصمة روما بروفات مسرحيتي القصيرة " جزيرة فضة " بعد ترجمتها للغة الإيطالية للمشاركة في احتفال يوم البيئة العالمي.
كان من ضمن المكرمين في تلك الليلة الأستاذ الكبير والشاعر الفذ الأستاذ ابراهيم أبو سنة وصديقي الرائع محمد بهجت ابن الكاتب المصري الكبير أحمد بهجت صاحب صندوق الدنيا بالأهرام هذا إلى جانب نخبة من أهم كتاب ومفكري مصر، وحينما يتم اختيارك لتكريمك بين هؤلاء الوطنيين فحتما تشعر بالخجل والتواضع وهذه في حد ذاتها منحة ربانية أسعدتني كثيرا ربما أكثر من سعادتي بحصولي على الجائزة العالمية الثالثة في الأغنية الوطنية عام 1996 أو الجائزة العربية الأولى في المسرح السياسي عام 1989.
أتذكر في عام 1996 أن أحد المخرجين المسرحيين الكبار في مصر استعان بي لأكتب له أغنية النهاية لأحد العروض المسرحية، اتصل بي تليفونيا ومن ثم كان مستحيل ان اجد النص وأقرأه ومن ثم اخرج بفكرة اغنية النهاية لكنه قال لي:
اريد اغنية تدفع الإنسان للتغيير.
وكانت فكرة اغنية تقدمت بها لمهرجان الإغنية العالمي:
قوم يا مصري
قوم وثور
الثورة فرض عليك
والحلم فيا وفيك
ثور عاللي غمى عنيك
واقفز لحد النور
******
قوم يا مصري
قوم وثور
قوم انطلق عصفور
وخطي بره السور
الباقي بعد الخوف
حبة ضمير مكسور
ثور .. ثور .. ثور
وبرغم الجائزة العالمية عام 1996 والتي اصر احد الحكام الفرنسيين علي أن انالها وقتذاك إلا أني بعدها لم أجد مكانا على الأرض استشعر فيه السكون، حوربت في كل مكان بسبب تطاولي وتحريضي على الثورة لكني كنت ومازلت أؤمن أن "حريتي في قلبي" وأن الحر لا يباع ولا يشترى وأن الحرية أثمن وأسمى من أن نعرضها في سوق النخاسة وعذابك من اجل تمسكك بالحرية هو الرفاهية بعينها وحيث لا قيمة للعيش مع الذل، تذكرت هذا وأنا اتسلم الدرع وشهادة التقدير، وإن كان التخلص من الطغاة الذين حكموا مصر ثلاثين عاما هو الجائزة الكبرى والفرصة الثمينة فإن إعادة البناء وبسط العدل وفرض القانون هو درة تاج الجائزة الكبرى التي يجب الحفاظ عليها قبل أن تضحك من جهلنا الأمم ونصرخ حينها ونلقي بالمسئولية على شماعة المؤامرة ... حفظك الله يا مصر.



في ذكرى ثورة 25 يناير بقلم محيي الدين إبراهيم


يوم أن كرمتني الثورة
لا قيم مع الجوع ولا عدالة مع الجهل ولا إيمان مع التعصب.
لقد منحنا الله إلهام الثورة فثارت مصر على من لعنها وجوعها واهان كرامتها، جاءتنا منحة الله في التغيير وأدركتنا في مصر يوم 25 يناير، وبدلا من أن نغتنم الفرصة لإقامة العدالة وإزالة سقف الفساد الأخير الذي يحجب عنا ضوء الحرية أدرنا ظهورنا للنور وفتحنا أبواب القصاص على مصراعيها ونصبنا أنفسنا قضاة غلاظ وجلادين لا هم لنا سوى أن نقيم الحدود ونعلق المشانق فأعدنا انتاج الظلم والجبروت والطغيان فظلمنا أنفسنا بعد أن تخلصنا من الظالم بسيناريو أقسى ظلما مما كان يفعله فينا، وبدلا من اتخاذ مواضع الرحمة والتفرغ للبناء اتخذنا مواضع القهر بإرادتنا وتفرغنا لهدم كل شيء حتى حلم التغيير وحتى كدنا اليوم أن نفقد مصر التي أصبح اليوم كل ما فيها من نظام باطل وكل ما فيها من قضاء غير رحيم وكل ما فيها من عقل متعصب، فانقلبت منحة الله إلى نقمة واحلام الثورة إلى كوابيس تصفية الحسابات، لقد واتتنا الفرصة الثورية في النهوض لكننا مازلنا حتى الآن يملأنا الإصرار على استمرار الكبوة، الثورة نور يدفعك لأن تغفر لتبني لكننا مازلنا حتى الآن نحيا الفوضى في ظلمة القصاص تحت أنقاض الحلم.
كانت هذه فحوى كلمتي يوم التكريم.
لم أكن أتوقع أبدا أو يدر بذهني إطلاقاً أن يتم تكريمي كأحد الكتاب المصريين الذين شاركوا بقلمهم في ثورة 25 يناير المصرية وأنني أيضا من الكُتاب المحسوبين على من تنبأ بها منذ زمن.
كان الاحتفال يترأسه وزير التعليم المصري ومحافظ القاهرة وأحد قادة الجيش المصري ورئيس جامعة عين شمس وكثيرين من رموز الفن والأدب المصريين ومندوبين من بعض السفارات العربية والأجنبية بخاصة سفارة ايطاليا التي تقام فيها الآن بالعاصمة روما بروفات مسرحيتي القصيرة " جزيرة فضة " بعد ترجمتها للغة الإيطالية للمشاركة في احتفال يوم البيئة العالمي.
كان من ضمن المكرمين في تلك الليلة الأستاذ الكبير والشاعر الفذ الأستاذ ابراهيم أبو سنة وصديقي الرائع محمد بهجت ابن الكاتب المصري الكبير أحمد بهجت صاحب صندوق الدنيا بالأهرام هذا إلى جانب نخبة من أهم كتاب ومفكري مصر، وحينما يتم اختيارك لتكريمك بين هؤلاء الوطنيين فحتما تشعر بالخجل والتواضع وهذه في حد ذاتها منحة ربانية أسعدتني كثيرا ربما أكثر من سعادتي بحصولي على الجائزة العالمية الثالثة في الأغنية الوطنية عام 1996 أو الجائزة العربية الأولى في المسرح السياسي عام 1989.
أتذكر في عام 1996 أن أحد المخرجين المسرحيين الكبار في مصر استعان بي لأكتب له أغنية النهاية لأحد العروض المسرحية، اتصل بي تليفونيا ومن ثم كان مستحيل ان اجد النص وأقرأه ومن ثم اخرج بفكرة اغنية النهاية لكنه قال لي:
اريد اغنية تدفع الإنسان للتغيير.
وكانت فكرة اغنية تقدمت بها لمهرجان الإغنية العالمي:
قوم يا مصري
قوم وثور
الثورة فرض عليك
والحلم فيا وفيك
ثور عاللي غمى عنيك
واقفز لحد النور
******
قوم يا مصري
قوم وثور
قوم انطلق عصفور
وخطي بره السور
الباقي بعد الخوف
حبة ضمير مكسور
ثور .. ثور .. ثور
وبرغم الجائزة العالمية عام 1996 والتي اصر احد الحكام الفرنسيين علي أن انالها وقتذاك إلا أني بعدها لم أجد مكانا على الأرض استشعر فيه السكون، حوربت في كل مكان بسبب تطاولي وتحريضي على الثورة لكني كنت ومازلت أؤمن أن "حريتي في قلبي" وأن الحر لا يباع ولا يشترى وأن الحرية أثمن وأسمى من أن نعرضها في سوق النخاسة وعذابك من اجل تمسكك بالحرية هو الرفاهية بعينها وحيث لا قيمة للعيش مع الذل، تذكرت هذا وأنا اتسلم الدرع وشهادة التقدير، وإن كان التخلص من الطغاة الذين حكموا مصر ثلاثين عاما هو الجائزة الكبرى والفرصة الثمينة فإن إعادة البناء وبسط العدل وفرض القانون هو درة تاج الجائزة الكبرى التي يجب الحفاظ عليها قبل أن تضحك من جهلنا الأمم ونصرخ حينها ونلقي بالمسئولية على شماعة المؤامرة ... حفظك الله يا مصر.



السبت، 4 أكتوبر 2008

نماذج مصرية بين كمال وقلدس

بقلم الناقد الكبير توفيق حنا - الولايات المتحدة

noonptm@gmail.com

الصداقة -من وجهة نظري- هى قمة العلاقات الإنسانية.. لعلها تسمو على علاقة الحب.. الصداقة الحقة لا تنتهى ولا تموت.. ويلازمها دائما هذا الوفاء الخلاق. وفى أعمال نجيب محفوظ وفى حياته أيضا.. يتردد لحنان رئيسيان هما: الصداقة والوفاء ونجدهما فى أجمل تحققاتهما فى ثلاثية بين القصرين فى علاقة السيد أحمد عبدالجواد وأصدقاء العمر محمد عفت وإبراهيم الفار وعلى عبدالرحيم.


وبخاصة محمد عفت.. كما نجدهما فى علاقة كمال وحسين شداد قصر الشوق.. هذه الصداقة التى قادتهما إلى تجربة رومانسية.. تجربة حب كمال لعايدة -أخت حسين شداد، هذه التجربه الفاشله .. وهذا الحب الخائب الذى لعله كان وراء عزوبة كمال وعزوفه عن الزواج. كما نجد لحن الصداقه يتردد فى "السكريه" بين كمال ورياض قلدس.. هذه الشخصيه الروائيه التى صور فيها وبها نجيب محفوظ صداقته فى حياته مع الروائى المصرى عادل كامل كما صور فى "السكريه" ايضا شخصية استاذه سلامه موسى تحت اسم عدلى كريم .. والسكريه هى الجزء الثالث والاخير لثلاثية " بين القصرين" كان اللقاء الاول بين كمال عبد الجواد ورياض قلدس فى مجلة "الفكر" لصاحبها الكاتب الاسلامى "عبد العزيز الاسيوطى".. وعن مقر مجلة "الفكر" يحدثنا نجيب محفوظ بلهجة ساخرة وناقدة – ايضا- يقول: مجلة "الفكر" تشغل الدور الارضى فى احدى عمارات شارع عبد العزيز.. كانت حجرة صاحبها الاستاذ عبد العزيز الاسيوطى تطل بنافذة ذات قضبان على عطفة "بركات" المظلمة، فكانت تضاء ليل نهار.. والحق انه كلما اقبل كمال على ادارة المجلة، ذكره موضعها الارضى ورثاثة اثاثها بمكانة الفكر فى بلده وبمكانته هو فى مجتمعه" ويقول نجيب محفوظ وهو يمهد لهذا اللقاء الاول بين كمال ورياض قلدس: "وما كان يستقر المجلس بكمال حتى دخل الحجرة رجل فى مثل سنه، يرتدى بذله من التيل الرمادى، طويل القامه، وان كان دون كمال طولا، نحيفا، ولكنه اكثر امتلاء منه، مستطيل الوجه، متوسط الجبين، متتلئ الشفتين، ذو انف دقيق وذقن مدبب اضفى على سحنته طابعا خاصا" ونلمس هنا حرص نجيب محفوظ على تقديم صورة شخصية –بورتريه- لريلض قلدس، الذى يقدمه عبد العزيز الاسيوطى: "الاستاذ رياض قلدس، مترجم بوزارة المعارف، انضم حديثا الى جماعة كتاب "الفكر" وقد امد مجلتنا بدم جديد بتلخيصه الشهرى للمسرحيات العالميه، وكتابه القصة القصيرة" ويكتفى بتقديم كمال عبد الجواد قائلا: "الاستاذ كمال احمد عبد الجواد.. لعل قرأت مقالاته. ويرد رياض قلدس معبرا عن اعجابه: "انى اقرأ مقالاته منذ سنوات، مقالاته قيمه بكل معنى الكلمه." ..وهكذا تم اللقاء الاول بين كمال ورياض وتبادلا الحديث حول الاطب والفلسفة.. قال رياض قلدس: تتبعت مقالاتك منذ سنوات منذ بدأت عن فلاسفة الاغريق وهى مقالات متنوعة واحيانا تكون متناقضه بالقياس الى ناتعرض من فلسفات، فادركت انك مؤرخ ميدانى حاولت عبثا ان اهتدى الى موقفك انت مما تكتب واى فلسفه تنتمى اليها! وكان رد كمال على تساؤل صديقه "انى سائح فى متحف لا املك فيه شيئا، مؤرخ فحسب، لاادرى.."واستمر هذا الحوار بين الصديقين حتى قال رياض : اذكر انك عرضت الفلسفة المادية بحماس يدعو للريبه.. وكان رد كمال وكأنه يدفع عن نفسه تهمه: كان حماسا صادقا ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واستمر رياض فى تساؤله: - لعلها الفلسفة العقلية؟ ولكن كمال رد على تساؤل رياض. - ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واضاف كمال: "الفلسفات قصور جميله ولكنها لاتصلح للسكنى" ولكن رياض واصل تحقيقه: هنالك العلم ، فلعله نجا من شكك؟ ولكن لم ينج شئ من شك وارتياب كمال.. ورد على سؤال رياض: انه دنيا مغلقه حيالنا لانعرف الا بعض نتائجها القريبة .. ثم اطلعت على اراء نخبة من العلماء يرتابون فى مطابقة الحقيقه العلميه للحقيقه الواقعيه، وآخرين ينوهون بقانون الاحتمال، وغيرهم ممن تراجعوا عن ادعاء الحقيقه المطلقه..." واكد كمال موقفه وكرره قائلا: "فلم البث ان حركت رأسى مرتابا" وكان تعليق عبد العزيز على موقف كمال العقلى.. والفكرى.. والانسانى ايضا: انت اعزب فى فكرك، كما انت اعزب فى حياتك! ولكن رد رياض قلدس على تعليق عبد العزيز الاسيوطى: العزوبة حال مؤقته، وربما كان الشك كذلك. وقال رياض وكأنه يضع نهاية مؤقته لهذا الحوار .. الذى دار –ايضا- حول العلم والفن: العلم يجمع البشر فى نور افكاره، والفن يجمعهم فى عاطفة ساميه انسانيه، وكلاهما يطور البشريه ويدقعها الى مستقبل افضل" وقال رياض قلدس لصديقه الجديد كمال عبد الجواد: "ان حديثنا لن ينقطع، او هذا مااوده، انعد انفسنا اصدقاء؟ وبحماسة صادقه مخلصه جاء رد كمال: بكل تأكيد، يجب ان نتقابل فى كل فرصه. ويقرر نجيب محفوظ اهمية الصداقة فى حياته وفى حياة كل انسان: "شمل كمال احساس بالسعادة لهذه الصداقه الجديدة كان يشعر بان جانبا ساميا من قلبه استيقظ بعد سبات عميق، فاقتنع اكثر من قبل بخطورة الدور الذى تلعبه الصداقه فى حياته، وبانها عنصر حيوى لاغنى عنه" والصداقه فى حياة نجيب محفوظ وفى اعماله فى حاجه من النقاد الى دراسات متونعه ووافيه وشامله. ويقدم لنا نجيب محفوظ هذا اللقاء بين الصديقين كمال ورياض فى حى الحسين.. ذات مساء يوم من ايام الشتاء: "وكان قد مضى على تعارفهما فى مجلة "الفكر" اكثر من عام ونصف عام، لم يمر اسبوع خلاله دون ان يتقابلا مرة او مرتيت، بخلاف العطله التى تجمع بينهما كل مساء على وجه التقريب فى مجلة "الفكر" او فى بيت "بين القصرين" او فى بيت رايض بمنشية البكرى، او مقاهى عماد الدين، او قهوة الحسين الكبرى التى لجأ اليها كمال بعد ان أتت المعاول على قهوة احمد عبده الناريخيه فمحتها من الوجود الى الابد ويتذكر –فى حنين ووفاء- صديقه حسين شداد: "جعلت افتقد حسين شداد اعواما، وظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" وهنا نلمس وفاء نجيب محفوظ، وفاء يشمل المكان والانسان.. انه يفتقد قهوة احمد عبده بكل ما تحمله من ذكريات ولقاءات واصدقاءه، كما يفتقد صديقه حسين شداد "الذى ظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" ويحدثنا نجيب محفوظ عن هذا اللقاء: "ورغم برودة الجو.. سار كمال ورياض من حى الحسين حتى عماد الدين.. ولم يكن رياض قلدس سعيدا ذلك المساء.. واخذ الصديقان يتحدثان عن 4 فبراير 1942، وعن موقف النحاس.. لم يكن كمال غارقا فى السياسة كرياض .. كان كمال يؤمن بحقوق الشعب بقلبه، وان كان عقله لايدرى اين المفر؟، عقله يقول حينا "حقوق الانسان" وحينا آخر يقول "بل البقاء للاصلح" ويحدد لنا نجيب محفوظ مدى علاقه رياض قلدس بالسياسة: "اما رياض فكانت السياسه جوهرا اصيلا فى نشاطه الذهنى.." "عندما يقول رياض لصديقه غاضبا: ايمكن ان ننسى الاهانه التى تلقاها مكرم فى ميدان عابدين؟ وهذه الاقاله المجرمه؟ يرد عليه كمال مداعبا: انت غاضب لمكرم. فقال رياض دون تردد: ان الأقباط جميعا وفديون، ذلك ان الوفد حزب القوميه الخالصه، ليس حزبا دينيا تركياً كالحزب الوطني، ولكنه حزب القوميه التى تجعل مصر وطنا حرا للمصريين على اختلاف عناصرهم واديانهم. اعداء الشعب يعلمون ذلك، ولذلك كان الاقباط هدفا للاضطهاد السافر طوال عهد صدقى، وسيعانون ذلك منذ اليوم" ويجب هنا ان نفرد هذه الحقيقه ان نجيب محفوظ كان وفديا صميما وصادقا. وتساءل كمال فى دعابه: ها انت نتحدث عن الاقباط ! انت الذى لايؤمن الا بالعلم والفن. ثم قال رياض بعد صمت طويل: اليس من الجبن ان ننسى قومى؟ شئ واحد خليق بأن نذكره الاوهو الفناء فى القومية المصرية الخالصة كما ارادها سعد زغلول. ان النحاس مسلم دينا ولكنه قومى بكل معنى الكلمه ايضا، فلا نشعر حياله الا باننا مصريون لامسلم ولا قبطى. بوسعى ان اعيش سعيدا دون ان اكدر صدرى بهذه الافكار، ولكن الحياة الحقه مسئولية فى الوقت نفسه" وكأن نجيب محفوظ يلخص لنا فلسفته العلميه والاجتماعيه والانسانيه فى هذه العبارة الواضحه: ".. ولكن الحياه الحقه مسئوليه فى الوقت نفسه" ويقول كمال (وهو الذى يحمل التعبير روائيا عن نجيب محفوظ) لصديقه: لاتؤاخذنى فقد عشت حتى الآن دون ان اصطدم بمشكلة العنصريه، فمنذ البدء لقنتنى امى ان احب الجميع، ثم شببت فى جو الثورة المطهر (ثورة 1919) من شوائب التعصب، فلم اعرف هذه المشكله. ويسأل كمال صديقه (ولايزال السؤال قائما حتى الآن..): وكيف نستأصل هذه المشكله من جذورها؟ يرد عليه رياض قلدس: من حسن الحظ انها ذابت فى مشكله الشعب كله، مشكله الاقباط اليوم هى مشكلة الشعب.. اذا اضطهد اضطهدنا، واذا تحرر تحررنا" (اذا ترجمنا كلمة "اليوم" فانها تعنى بداية الاربعينيات.. وبالتحديد عام 1942) واستأنف الصديقان الحديث عن الفن والعلم.... ثم تطرق الحديث الى المذاهب السياسيه التى تسود العالم.. عالم الاربعينيات فى القرن الماذى.. حتى وصل الصديقان الى شارع فؤاد.. وهنا توقف رياض وسأل صديقه. ما رايك فى عشاء من المكرونه والنبيذ الجيد؟ ورد كمال على دعوة صديقه: لا أشرب فى الاماكن المأهوله، فلنذهب الى قهوة عكاشه اذا شئت. فضحك رياض قائلا: كيف تطيق هذا الوقار كله؟ نظارة وشارب وتقاليد! حررت عقلك من كل قيد، اما جسمك فكله قيود. انت خلقت – بجسمك على الاقل- لتكون مدرسا. وجذبه رياض من ذراعه وهو يقول: هلم نشرب نبيذا ونتحدث عن فن القصه. وهناك لقاء اخر ويصف لنا نجيب محفوظ مكان وزمان هذا اللقاء: "كان الجو شديد البرودة، ولم يكن خان الخليلى مما يؤثر فى الشتاء، ولكن رياض قلدس نفسه الذى اشار ذلك المساء بالذهاب الى قهوة خان الخليلى التى شيدت مكان قهوة احمد عبده فوق سطح الارض" وانضم الى الصديقين فى هذا اللقاء صديق قديم لكمال من شلة الاصدقاء الذين كانوا يجتمعون فى بيت حسين شداد.. وفى تلك الفترة بدأ تعلق كمال وحبه لعايده –اخت حسين شداد، هذا الحب الخائب الذى دمر قلبه ولون حياته بالوان الاسى والحزن واحال حياته كلها الى مساء خريفى. وفى هذا اللقاء يخبرنا رياض عن صديقه بانه ينوى ان ينضم الى جماعة المتزوجين ولقد اقلق هذا الخبر كمال الى ابعد حد.. وتصور نفسه وحيدا بعد زواج رياض، مثلما كان وحيدا بعد ذهاب حسين شداد وبعد نهاية حبه لعايده.. ويعبر نجيب محفوظ عن وحدة كمال القادمه. "كأنما قضى عليه ان يفتقد دواما صديقا لروحه المعذبه ويعود الحديث فى هذا اللقاء الى 4 فبراير 1942 بدأ رياض هذا الحديث يقول كمال: دعونا من حديث الزواج، لقد انتهيت منه وعقبى لك" ويشير الى حدث 4 فبراير: "على ان ثمة احداثا سياسيه هامه هى التى ينبغى ان تستأثر اليوم باهتمامنا" ولخص اسماعيل لطيف –الصديق الذى انضم اليهما- هذا الحدث وهو يقول ضاحكا: عرف النحاس كيف ينتقم لاقالة ديسمبر 1937 فاقتحم عابدين (مقر الملك فاروق) على رأس الدبابات البريطانيه. فقال رياض فى لهجة متهجمه: انتقام؟! ان خيالك يصور لك المسألة على وجه ابعد مايكون عن الحقيقه.. ليس النحاس بالرجل الذى يتآمر مع الانجليز فى سبيل العوده الى الحكم، ان احمد ماهر مجنون وهو الذى خان الشعب وانضم الى الملك،ثم اراد ان يغطى مركزه المضعضع بتصريحه الأحمق الذى اعلنه امام الصحفيين! وعلق كمال قائلا. لاشك ان النحاس قد انتقد الموقف، ولست اشك فى وطنيته مطلقا، ان الانسان لاينقلب فى هذا السن الى خائن ليتولى وظيفه تولاها خمس مرات او ستا من قبل.. ولكن هل كان تصرفه هو التصرف المثالى. ويرد عليه ريلض: انت شكاك لانهاية لشكك، وما الموقف المثالى؟ ويرد عليه كمال: ان يصر على رفض الوزارة حتى لايخضع للانذار البريطانى وليكن ما يكون.. وفى لقاء آخر يعود الحديث بين كمال ورياض حول مكرم عبيد وفصله من الوفد يقول نجيب محفوظ: "كان رياض حزينا كما ينبغى لرجل مثله تستأثر السياسه باهتمامه.. وقال لكمال بأنفعال غير خافى: يفصل مكرم من الوفد! كيف تقع هذه الكوارث؟! هز كمال رأسه فى وجوم دون ان ينبس قال رياض: انها كارثه قوميه ياكمال، ماكان ينبغى ان تتهاوى الامور حتى هذا الحضيض. نعم، ولكن من المسئول؟ النحاس! قد يكون مكرم عصبيا، ولكن الفساد الذى تسرب الى الحكومه امر واقع ولايصح السكوت عليه. فقال كمال باسما: دعنا من الفساد الحكومى، ثورة مكرم ليست على الفساد بقدر ماهى لضياع النفوذ" ثم اضاف: مكرم عصبى، شاعر ومغن، عنده ان يكون كل شئ اولا يكون شيئا على الاطلاق، ووجد نفوذه المأثور يتقلص فثار، ثم وقف لهم وقفته فى مجلس الوزراء مندداً علانية بالاستثناءات فاستحال التفاهم او التعاون. حدث يؤسفل له. ويقول رياض: سيجد الاقباط انفسهم بلا مأوى او يأوون الى حصن عدوهم اللدود الملك وهو مأوى لن يدوم طويلا، واذا اضطهدنا الوفد كما تضطهدنا الاقليات فكيف يكون الحال؟ فتساءل كمال متغابيا: لماذا تدفع بالامر خارج حدود الطبيعه، مكرم ليس الاقباط، والاقباط ليسوا مكرم.. انه شخص ذهب اما مبدأ الوفد القومى فلن يذهب. فهز رياض رأسه فى اسف ساخر وقال. هذا ما قد يكتب فى الجرائد! وفى بيت كمال فى مكتبه يتم هذا اللقاء الآخر والاخير بين الصديقين يبدأ الحديث عن مرض امينه –ام كمال- يقول رياض. سألت عنك فى المدرسة فاخبرنى السكرتير بالخبر.. كيف حالها؟ اصيبت بشلل واخبرنى الطبيب بانها ستنتهى فى ظرف ثلاثة ايام. وفى اثناء حديثهما عن الموت يقول رياض: لنسأل انفسنا عند الموت –اى موت- ماذا صنعنا بحياتنا؟ وكان رد كمال: اما انا فلم اصنع بحياتى شيئا، هذا ماكنت افكر فيه.. حسبتنى قد اديت للحياه واجبها بالاخلاص لمهنتى كمعلم وبكتابة المقالات الفلسفيه ثم يقول معترفا فى مرارة واسى: ولكننى عشت معذب الضمير كما ينبغى لكل خائن. خائن؟ فتنهد كمال وقال: دعنى اخبرك بما قال لى احمد ابن اختى عندما زرته فى سجن القسم قبل نقله الى المعتقل. (اعتقل احمد بسبب اتهامه بالشيوعيه كما اعتقل اخوه عبد المنعم بسبب اتهامه بانه من الاخوان المسلمين): قال لى ان الحياة عمل وزواج وواجب انسانى عام، اما الواجب الانسانى العام فهوة الثورة الابديه، وما ذالك الا العمل الدائب على تحقيق ارادة الحياه ممثله فى تطورها نحو المثل الاعلى" ثم طلب رياض من كمال ان يصحبه حتى محطة الترام.. وعندما وصلا الى الصنادقية صادفا الشيخ متولى عبد الصمد يدلف منها الى الغوريه متوكئا على عصاه.. (الشيخ متولى عبد الصمد من مجاذيب حى الجماليه) وكان يتلفت فيما حوله متسائلا بصوت مرتفع من اين طريق الجنه؟ فاجابه مار وهو يضحك: اول عطفه على يمينك."

نماذج مصرية بين كمال وقلدس

بقلم الناقد الكبير توفيق حنا - الولايات المتحدة

noonptm@gmail.com

الصداقة -من وجهة نظري- هى قمة العلاقات الإنسانية.. لعلها تسمو على علاقة الحب.. الصداقة الحقة لا تنتهى ولا تموت.. ويلازمها دائما هذا الوفاء الخلاق. وفى أعمال نجيب محفوظ وفى حياته أيضا.. يتردد لحنان رئيسيان هما: الصداقة والوفاء ونجدهما فى أجمل تحققاتهما فى ثلاثية بين القصرين فى علاقة السيد أحمد عبدالجواد وأصدقاء العمر محمد عفت وإبراهيم الفار وعلى عبدالرحيم.


وبخاصة محمد عفت.. كما نجدهما فى علاقة كمال وحسين شداد قصر الشوق.. هذه الصداقة التى قادتهما إلى تجربة رومانسية.. تجربة حب كمال لعايدة -أخت حسين شداد، هذه التجربه الفاشله .. وهذا الحب الخائب الذى لعله كان وراء عزوبة كمال وعزوفه عن الزواج. كما نجد لحن الصداقه يتردد فى "السكريه" بين كمال ورياض قلدس.. هذه الشخصيه الروائيه التى صور فيها وبها نجيب محفوظ صداقته فى حياته مع الروائى المصرى عادل كامل كما صور فى "السكريه" ايضا شخصية استاذه سلامه موسى تحت اسم عدلى كريم .. والسكريه هى الجزء الثالث والاخير لثلاثية " بين القصرين" كان اللقاء الاول بين كمال عبد الجواد ورياض قلدس فى مجلة "الفكر" لصاحبها الكاتب الاسلامى "عبد العزيز الاسيوطى".. وعن مقر مجلة "الفكر" يحدثنا نجيب محفوظ بلهجة ساخرة وناقدة – ايضا- يقول: مجلة "الفكر" تشغل الدور الارضى فى احدى عمارات شارع عبد العزيز.. كانت حجرة صاحبها الاستاذ عبد العزيز الاسيوطى تطل بنافذة ذات قضبان على عطفة "بركات" المظلمة، فكانت تضاء ليل نهار.. والحق انه كلما اقبل كمال على ادارة المجلة، ذكره موضعها الارضى ورثاثة اثاثها بمكانة الفكر فى بلده وبمكانته هو فى مجتمعه" ويقول نجيب محفوظ وهو يمهد لهذا اللقاء الاول بين كمال ورياض قلدس: "وما كان يستقر المجلس بكمال حتى دخل الحجرة رجل فى مثل سنه، يرتدى بذله من التيل الرمادى، طويل القامه، وان كان دون كمال طولا، نحيفا، ولكنه اكثر امتلاء منه، مستطيل الوجه، متوسط الجبين، متتلئ الشفتين، ذو انف دقيق وذقن مدبب اضفى على سحنته طابعا خاصا" ونلمس هنا حرص نجيب محفوظ على تقديم صورة شخصية –بورتريه- لريلض قلدس، الذى يقدمه عبد العزيز الاسيوطى: "الاستاذ رياض قلدس، مترجم بوزارة المعارف، انضم حديثا الى جماعة كتاب "الفكر" وقد امد مجلتنا بدم جديد بتلخيصه الشهرى للمسرحيات العالميه، وكتابه القصة القصيرة" ويكتفى بتقديم كمال عبد الجواد قائلا: "الاستاذ كمال احمد عبد الجواد.. لعل قرأت مقالاته. ويرد رياض قلدس معبرا عن اعجابه: "انى اقرأ مقالاته منذ سنوات، مقالاته قيمه بكل معنى الكلمه." ..وهكذا تم اللقاء الاول بين كمال ورياض وتبادلا الحديث حول الاطب والفلسفة.. قال رياض قلدس: تتبعت مقالاتك منذ سنوات منذ بدأت عن فلاسفة الاغريق وهى مقالات متنوعة واحيانا تكون متناقضه بالقياس الى ناتعرض من فلسفات، فادركت انك مؤرخ ميدانى حاولت عبثا ان اهتدى الى موقفك انت مما تكتب واى فلسفه تنتمى اليها! وكان رد كمال على تساؤل صديقه "انى سائح فى متحف لا املك فيه شيئا، مؤرخ فحسب، لاادرى.."واستمر هذا الحوار بين الصديقين حتى قال رياض : اذكر انك عرضت الفلسفة المادية بحماس يدعو للريبه.. وكان رد كمال وكأنه يدفع عن نفسه تهمه: كان حماسا صادقا ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واستمر رياض فى تساؤله: - لعلها الفلسفة العقلية؟ ولكن كمال رد على تساؤل رياض. - ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واضاف كمال: "الفلسفات قصور جميله ولكنها لاتصلح للسكنى" ولكن رياض واصل تحقيقه: هنالك العلم ، فلعله نجا من شكك؟ ولكن لم ينج شئ من شك وارتياب كمال.. ورد على سؤال رياض: انه دنيا مغلقه حيالنا لانعرف الا بعض نتائجها القريبة .. ثم اطلعت على اراء نخبة من العلماء يرتابون فى مطابقة الحقيقه العلميه للحقيقه الواقعيه، وآخرين ينوهون بقانون الاحتمال، وغيرهم ممن تراجعوا عن ادعاء الحقيقه المطلقه..." واكد كمال موقفه وكرره قائلا: "فلم البث ان حركت رأسى مرتابا" وكان تعليق عبد العزيز على موقف كمال العقلى.. والفكرى.. والانسانى ايضا: انت اعزب فى فكرك، كما انت اعزب فى حياتك! ولكن رد رياض قلدس على تعليق عبد العزيز الاسيوطى: العزوبة حال مؤقته، وربما كان الشك كذلك. وقال رياض وكأنه يضع نهاية مؤقته لهذا الحوار .. الذى دار –ايضا- حول العلم والفن: العلم يجمع البشر فى نور افكاره، والفن يجمعهم فى عاطفة ساميه انسانيه، وكلاهما يطور البشريه ويدقعها الى مستقبل افضل" وقال رياض قلدس لصديقه الجديد كمال عبد الجواد: "ان حديثنا لن ينقطع، او هذا مااوده، انعد انفسنا اصدقاء؟ وبحماسة صادقه مخلصه جاء رد كمال: بكل تأكيد، يجب ان نتقابل فى كل فرصه. ويقرر نجيب محفوظ اهمية الصداقة فى حياته وفى حياة كل انسان: "شمل كمال احساس بالسعادة لهذه الصداقه الجديدة كان يشعر بان جانبا ساميا من قلبه استيقظ بعد سبات عميق، فاقتنع اكثر من قبل بخطورة الدور الذى تلعبه الصداقه فى حياته، وبانها عنصر حيوى لاغنى عنه" والصداقه فى حياة نجيب محفوظ وفى اعماله فى حاجه من النقاد الى دراسات متونعه ووافيه وشامله. ويقدم لنا نجيب محفوظ هذا اللقاء بين الصديقين كمال ورياض فى حى الحسين.. ذات مساء يوم من ايام الشتاء: "وكان قد مضى على تعارفهما فى مجلة "الفكر" اكثر من عام ونصف عام، لم يمر اسبوع خلاله دون ان يتقابلا مرة او مرتيت، بخلاف العطله التى تجمع بينهما كل مساء على وجه التقريب فى مجلة "الفكر" او فى بيت "بين القصرين" او فى بيت رايض بمنشية البكرى، او مقاهى عماد الدين، او قهوة الحسين الكبرى التى لجأ اليها كمال بعد ان أتت المعاول على قهوة احمد عبده الناريخيه فمحتها من الوجود الى الابد ويتذكر –فى حنين ووفاء- صديقه حسين شداد: "جعلت افتقد حسين شداد اعواما، وظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" وهنا نلمس وفاء نجيب محفوظ، وفاء يشمل المكان والانسان.. انه يفتقد قهوة احمد عبده بكل ما تحمله من ذكريات ولقاءات واصدقاءه، كما يفتقد صديقه حسين شداد "الذى ظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" ويحدثنا نجيب محفوظ عن هذا اللقاء: "ورغم برودة الجو.. سار كمال ورياض من حى الحسين حتى عماد الدين.. ولم يكن رياض قلدس سعيدا ذلك المساء.. واخذ الصديقان يتحدثان عن 4 فبراير 1942، وعن موقف النحاس.. لم يكن كمال غارقا فى السياسة كرياض .. كان كمال يؤمن بحقوق الشعب بقلبه، وان كان عقله لايدرى اين المفر؟، عقله يقول حينا "حقوق الانسان" وحينا آخر يقول "بل البقاء للاصلح" ويحدد لنا نجيب محفوظ مدى علاقه رياض قلدس بالسياسة: "اما رياض فكانت السياسه جوهرا اصيلا فى نشاطه الذهنى.." "عندما يقول رياض لصديقه غاضبا: ايمكن ان ننسى الاهانه التى تلقاها مكرم فى ميدان عابدين؟ وهذه الاقاله المجرمه؟ يرد عليه كمال مداعبا: انت غاضب لمكرم. فقال رياض دون تردد: ان الأقباط جميعا وفديون، ذلك ان الوفد حزب القوميه الخالصه، ليس حزبا دينيا تركياً كالحزب الوطني، ولكنه حزب القوميه التى تجعل مصر وطنا حرا للمصريين على اختلاف عناصرهم واديانهم. اعداء الشعب يعلمون ذلك، ولذلك كان الاقباط هدفا للاضطهاد السافر طوال عهد صدقى، وسيعانون ذلك منذ اليوم" ويجب هنا ان نفرد هذه الحقيقه ان نجيب محفوظ كان وفديا صميما وصادقا. وتساءل كمال فى دعابه: ها انت نتحدث عن الاقباط ! انت الذى لايؤمن الا بالعلم والفن. ثم قال رياض بعد صمت طويل: اليس من الجبن ان ننسى قومى؟ شئ واحد خليق بأن نذكره الاوهو الفناء فى القومية المصرية الخالصة كما ارادها سعد زغلول. ان النحاس مسلم دينا ولكنه قومى بكل معنى الكلمه ايضا، فلا نشعر حياله الا باننا مصريون لامسلم ولا قبطى. بوسعى ان اعيش سعيدا دون ان اكدر صدرى بهذه الافكار، ولكن الحياة الحقه مسئولية فى الوقت نفسه" وكأن نجيب محفوظ يلخص لنا فلسفته العلميه والاجتماعيه والانسانيه فى هذه العبارة الواضحه: ".. ولكن الحياه الحقه مسئوليه فى الوقت نفسه" ويقول كمال (وهو الذى يحمل التعبير روائيا عن نجيب محفوظ) لصديقه: لاتؤاخذنى فقد عشت حتى الآن دون ان اصطدم بمشكلة العنصريه، فمنذ البدء لقنتنى امى ان احب الجميع، ثم شببت فى جو الثورة المطهر (ثورة 1919) من شوائب التعصب، فلم اعرف هذه المشكله. ويسأل كمال صديقه (ولايزال السؤال قائما حتى الآن..): وكيف نستأصل هذه المشكله من جذورها؟ يرد عليه رياض قلدس: من حسن الحظ انها ذابت فى مشكله الشعب كله، مشكله الاقباط اليوم هى مشكلة الشعب.. اذا اضطهد اضطهدنا، واذا تحرر تحررنا" (اذا ترجمنا كلمة "اليوم" فانها تعنى بداية الاربعينيات.. وبالتحديد عام 1942) واستأنف الصديقان الحديث عن الفن والعلم.... ثم تطرق الحديث الى المذاهب السياسيه التى تسود العالم.. عالم الاربعينيات فى القرن الماذى.. حتى وصل الصديقان الى شارع فؤاد.. وهنا توقف رياض وسأل صديقه. ما رايك فى عشاء من المكرونه والنبيذ الجيد؟ ورد كمال على دعوة صديقه: لا أشرب فى الاماكن المأهوله، فلنذهب الى قهوة عكاشه اذا شئت. فضحك رياض قائلا: كيف تطيق هذا الوقار كله؟ نظارة وشارب وتقاليد! حررت عقلك من كل قيد، اما جسمك فكله قيود. انت خلقت – بجسمك على الاقل- لتكون مدرسا. وجذبه رياض من ذراعه وهو يقول: هلم نشرب نبيذا ونتحدث عن فن القصه. وهناك لقاء اخر ويصف لنا نجيب محفوظ مكان وزمان هذا اللقاء: "كان الجو شديد البرودة، ولم يكن خان الخليلى مما يؤثر فى الشتاء، ولكن رياض قلدس نفسه الذى اشار ذلك المساء بالذهاب الى قهوة خان الخليلى التى شيدت مكان قهوة احمد عبده فوق سطح الارض" وانضم الى الصديقين فى هذا اللقاء صديق قديم لكمال من شلة الاصدقاء الذين كانوا يجتمعون فى بيت حسين شداد.. وفى تلك الفترة بدأ تعلق كمال وحبه لعايده –اخت حسين شداد، هذا الحب الخائب الذى دمر قلبه ولون حياته بالوان الاسى والحزن واحال حياته كلها الى مساء خريفى. وفى هذا اللقاء يخبرنا رياض عن صديقه بانه ينوى ان ينضم الى جماعة المتزوجين ولقد اقلق هذا الخبر كمال الى ابعد حد.. وتصور نفسه وحيدا بعد زواج رياض، مثلما كان وحيدا بعد ذهاب حسين شداد وبعد نهاية حبه لعايده.. ويعبر نجيب محفوظ عن وحدة كمال القادمه. "كأنما قضى عليه ان يفتقد دواما صديقا لروحه المعذبه ويعود الحديث فى هذا اللقاء الى 4 فبراير 1942 بدأ رياض هذا الحديث يقول كمال: دعونا من حديث الزواج، لقد انتهيت منه وعقبى لك" ويشير الى حدث 4 فبراير: "على ان ثمة احداثا سياسيه هامه هى التى ينبغى ان تستأثر اليوم باهتمامنا" ولخص اسماعيل لطيف –الصديق الذى انضم اليهما- هذا الحدث وهو يقول ضاحكا: عرف النحاس كيف ينتقم لاقالة ديسمبر 1937 فاقتحم عابدين (مقر الملك فاروق) على رأس الدبابات البريطانيه. فقال رياض فى لهجة متهجمه: انتقام؟! ان خيالك يصور لك المسألة على وجه ابعد مايكون عن الحقيقه.. ليس النحاس بالرجل الذى يتآمر مع الانجليز فى سبيل العوده الى الحكم، ان احمد ماهر مجنون وهو الذى خان الشعب وانضم الى الملك،ثم اراد ان يغطى مركزه المضعضع بتصريحه الأحمق الذى اعلنه امام الصحفيين! وعلق كمال قائلا. لاشك ان النحاس قد انتقد الموقف، ولست اشك فى وطنيته مطلقا، ان الانسان لاينقلب فى هذا السن الى خائن ليتولى وظيفه تولاها خمس مرات او ستا من قبل.. ولكن هل كان تصرفه هو التصرف المثالى. ويرد عليه ريلض: انت شكاك لانهاية لشكك، وما الموقف المثالى؟ ويرد عليه كمال: ان يصر على رفض الوزارة حتى لايخضع للانذار البريطانى وليكن ما يكون.. وفى لقاء آخر يعود الحديث بين كمال ورياض حول مكرم عبيد وفصله من الوفد يقول نجيب محفوظ: "كان رياض حزينا كما ينبغى لرجل مثله تستأثر السياسه باهتمامه.. وقال لكمال بأنفعال غير خافى: يفصل مكرم من الوفد! كيف تقع هذه الكوارث؟! هز كمال رأسه فى وجوم دون ان ينبس قال رياض: انها كارثه قوميه ياكمال، ماكان ينبغى ان تتهاوى الامور حتى هذا الحضيض. نعم، ولكن من المسئول؟ النحاس! قد يكون مكرم عصبيا، ولكن الفساد الذى تسرب الى الحكومه امر واقع ولايصح السكوت عليه. فقال كمال باسما: دعنا من الفساد الحكومى، ثورة مكرم ليست على الفساد بقدر ماهى لضياع النفوذ" ثم اضاف: مكرم عصبى، شاعر ومغن، عنده ان يكون كل شئ اولا يكون شيئا على الاطلاق، ووجد نفوذه المأثور يتقلص فثار، ثم وقف لهم وقفته فى مجلس الوزراء مندداً علانية بالاستثناءات فاستحال التفاهم او التعاون. حدث يؤسفل له. ويقول رياض: سيجد الاقباط انفسهم بلا مأوى او يأوون الى حصن عدوهم اللدود الملك وهو مأوى لن يدوم طويلا، واذا اضطهدنا الوفد كما تضطهدنا الاقليات فكيف يكون الحال؟ فتساءل كمال متغابيا: لماذا تدفع بالامر خارج حدود الطبيعه، مكرم ليس الاقباط، والاقباط ليسوا مكرم.. انه شخص ذهب اما مبدأ الوفد القومى فلن يذهب. فهز رياض رأسه فى اسف ساخر وقال. هذا ما قد يكتب فى الجرائد! وفى بيت كمال فى مكتبه يتم هذا اللقاء الآخر والاخير بين الصديقين يبدأ الحديث عن مرض امينه –ام كمال- يقول رياض. سألت عنك فى المدرسة فاخبرنى السكرتير بالخبر.. كيف حالها؟ اصيبت بشلل واخبرنى الطبيب بانها ستنتهى فى ظرف ثلاثة ايام. وفى اثناء حديثهما عن الموت يقول رياض: لنسأل انفسنا عند الموت –اى موت- ماذا صنعنا بحياتنا؟ وكان رد كمال: اما انا فلم اصنع بحياتى شيئا، هذا ماكنت افكر فيه.. حسبتنى قد اديت للحياه واجبها بالاخلاص لمهنتى كمعلم وبكتابة المقالات الفلسفيه ثم يقول معترفا فى مرارة واسى: ولكننى عشت معذب الضمير كما ينبغى لكل خائن. خائن؟ فتنهد كمال وقال: دعنى اخبرك بما قال لى احمد ابن اختى عندما زرته فى سجن القسم قبل نقله الى المعتقل. (اعتقل احمد بسبب اتهامه بالشيوعيه كما اعتقل اخوه عبد المنعم بسبب اتهامه بانه من الاخوان المسلمين): قال لى ان الحياة عمل وزواج وواجب انسانى عام، اما الواجب الانسانى العام فهوة الثورة الابديه، وما ذالك الا العمل الدائب على تحقيق ارادة الحياه ممثله فى تطورها نحو المثل الاعلى" ثم طلب رياض من كمال ان يصحبه حتى محطة الترام.. وعندما وصلا الى الصنادقية صادفا الشيخ متولى عبد الصمد يدلف منها الى الغوريه متوكئا على عصاه.. (الشيخ متولى عبد الصمد من مجاذيب حى الجماليه) وكان يتلفت فيما حوله متسائلا بصوت مرتفع من اين طريق الجنه؟ فاجابه مار وهو يضحك: اول عطفه على يمينك."