الجمعة، 10 أكتوبر 2003

عفواً يارئيس سوريا كرسي الحكم ليس بالدم الفلسطيني

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد اظهرت الغارة الاسرائيلية على دمشق مدى الوهن الذي نحياه كعرب حتى لكأننا نظن انه من مازال يجلس على كرسي حكمه في عالمنا العربي والاسلامي انما يجلس عليه برضا امريكا وحليفتها الكبرى اسرائيل وهو امر اصبح ماثلاً للعميان قبل المبصرين الان،
ها قد جاء الدور على سوريا ياسادة!

وهنا نسأل من شدة مااعترانا من حزن اين انت ياسيد بشار من هذه التحديات الأسرائيلية والغاره على مخيم عين الصاحب في العمق السوري بدمشق وعشرات الضحايا الذين قتلوا في غمرة احساسهم بانهم في مأمن؟ اين الجيش السوري؟ ونسأل ايضاً كيف اخترق الإسرائيليون العمق السوري دون ادنى مقاومة تذكر أو تذر الرماد في العيون؟ واين الخطب العنترية التي اصمت آذاننا عن الثأر العربي والصمود العربي والكبرياء العربي والردع السوري؟

يعلم غالبنا انك لن تفعل شيئاً اطلاقاً لانه ليس بمقدورك شيئاً لتفعله امام تهديدات شارون العلنية التي قال فيها بالحرف الواحد بعد أن حصل على تأييد أميركي: إن إسرائيل مستعدة لضرب من وصفهم بالأعداء في أي مكان وأي زمان وبالطريقة المناسبة عندما ترى ذلك ضروريا.

انك لاتملك للأسف - وهذا ماأظهره واقع الحال - شيئاً يعينك على الفعل او الثأر بعد ان أفلست سوريا وضاعت منذ زمن طويل، كما أن شارون لم يعلمنا في كلمته التي القاها بمناسبة مرور ثلاثون عاما على حرب اكتوبر عن طريقته المناسبة التي مارس بها قتل الفلسطينيين في سوريا تحديدا وليس لبنان مثلاً رغم ان لبنان ايسر واسهل على الاختراق، وهذا مايجعلنا نضع خطاً تحت استطراده مباشرة في القول:" ان اسرائيل على استعداد للسلام مع جيرانها" وهنا السؤال من هم جيران اسرائيل الذين لم تعقد معهم سلاماً حتى الان سوى سورية؟ وماهو الثمن المدفوع لقاء حدوث هذا السلام؟ ومن هم ضحاياه الذين ستغرس على اجسادهم قوائم كراسي الحكم الجديدة في وطننا العربي؟ 

لقد اظهرت الغارة الاسرائيلية على دمشق مدى الوهن الذي نحياه كعرب حتى لكأننا نظن انه من مازال يجلس على كرسي حكمه في عالمنا العربي والاسلامي انما يجلس عليه برضا امريكا وحليفتها الكبرى اسرائيل وهو امر اصبح ماثلاً للعميان قبل المبصرين الان، او ربما اظهرت الغارة من منظور آخر ان الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد الذي سيكون دمة ثمناً لعقد اي صفقات حالية او مستقبلية داخل وطننا العربي.

إن اسرائيل حينما دمرت مخيم اللاجئين في دمشق - وببساطة - كانت تعلم ان دمشق شأنها شأن كل العرب لاتملك إلا الصراخ او ربما تملك شيئاً آخر لانعلمه وإن كانت قد ظهرت بشائره في رد فعل بشار الأسد الذي قال فيه لجريدة الحياة اللندنية "ان الغارة الاسرائيلية محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية للخروج من المأزق الكبير الذي تعيشه من خلال محاولتها إرهاب سورية، وأيضاً جر سورية والمنطقة الى حروب أخرى ".

هل سوريا بحاجة الى ارهاب اسرائيلي لتنجر الى الحرب ؟ ان مانعلمه هو ان سوريا مجرورة بالفعل الى الحرب منذ ثلاثين عاما ومنذ ان ضاعت الجولان! اليست استعادة الجولان مدعاه وحدها لجر سورية الى الحرب دون استفزاز اسرائيلي وحتى اثناء تولي حافظ الاسد نفسه مقاليد الحكم في سورية؟ وماهو السر بين تناقض التصريحين ( شارون – الاسد ) فالأول يدعو لقتل الفلسطينيين علنا في سورية والثاني يرفض اعتبار مثل هذه التصريحات والغارات سبباً كافياً لجر سوريا الى حرب !، أليس ذلك يدعو لعلامة استفهام تماماً كتلك العلامة التي نضعها امام ذات رد الفعل و داخل ذات الجريدة والذي يقول فيه السيد بشار الاسد:" وما حدث هو محاولة اسرائيلية فاشلة للنيل من دور سورية في المنطقة " أليس هذا عبثاً بعقولنا؟ إذ كيف كانت محاولة فاشلة وقد تمت في عمق عاصمة البلاد وقتلت عشرات الفلسطينيين دون ادنى مقاومة ولو بطلقة رصاص واحدة كما لو كان هناك امراً بعدم اطلاق الرصاص او ربما " طبخة " للتخلص من الفلسطينيين العزل في مخيمات وطننا العربي الكبير ليتم الحصول على صك البقاء في الحكم ؟ بعد دفع ثمن صكوك السلام من الدم الفلسطيني! بل وأي دور ذلك الذي يتحدث عنه السيد بشار ويمكن ان تلعبه سورية الان بعد هذه الفضيحة التي تحمل الافا من الألغاز؟ هل لنا ان نعلم؟ ام اننا فقط مخلوقون لتتم ممارسة الحكم علينا كما لو كنا مسخاً لانجيد الا ادوار العبيد؟ لقد اثار رد الفعل السوري الغائب تماما عن مجرد الوعد باسترداد ماسلب من الارض السورية والتي يرتفع في سمائها العلم الاسرائيلي حتى الآن وسط الضجيج السابق والمزعج من الثورية والثأرية سخرية العالم الذي اصبح يرى فينا نحن العرب ازعاجا للحضارة يتمنى ان يزول طوعاً او كرها كما فعلوا بصدام حسين وهو الامر الذي يخشاه غالب الحكام العرب وعلى راسهم العقيد القذافي وهو أمراً لم يعد ايضاً خافياً على احد ويدفع الكثير منا لان يساوره الشك فيما يحدث داخل اروقة السياسة في وطننا العربي وضد المواطن العربي وبيد من وثقنا فيهم من عرب.

الحرب لن تقع ياسادة لاننا نحيا فيلما سينمائياً مآساوياً للأسف لاندري متى سيظهر فيه مشهد النهاية، وان وقعت ستكون الغلبة فيها بالطبع لأصحاب اللعبة الحقيقيون الذين يمتلكون السلاح وعقلية الهيمنة وقوة اتخاذ القرار ويحركوننا كيفما شاءوا كالدمى ولانملك حيالهم سوى كوننا عبيد احساناتهم او عملاء يدورون في فلك منظومتهم وقد صرنا – ولله الحمد - عرايا وخصايا ومحزنون.

انني اوجه سؤالاً واحداً لمتخذي القرار في وطننا العربي، لماذا تتشبثون باعتلاء كراسي السلطة ولم تقدموا شيئاً - ولن تقدموا - خاصة ونحن نحيا بكم العار الذي سيوصمنا به ابناؤنا في المستقبل وسيدونه التاريخ في صفحاته السوداء. إن نصر اكتوبر لن يتكرر، لأن غالب رجال اكتوبر قد رحلوا عن دنيانا، اما الان فلا يحاوطنا إلا رجال " النكبة" الجدد لتتكرر بهم وبنا مآساة شعب فلسطين الذي صار يحمل اسم " اللاجئون الفلسطينيون" ولكن مع تغيير بسيط في الاسم ليصبح " اللاجئون العرب". انها اللعنة التي كنتم وقودها ومشعليها وليس بمقدورنا إلا ان نحياها الان معكم حتى النخاع فقد ولى زمن البشارة ولم يبق في وطننا على قيد الحياة الآن إلا العلوج.

عفواً يارئيس سوريا كرسي الحكم ليس بالدم الفلسطيني

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد اظهرت الغارة الاسرائيلية على دمشق مدى الوهن الذي نحياه كعرب حتى لكأننا نظن انه من مازال يجلس على كرسي حكمه في عالمنا العربي والاسلامي انما يجلس عليه برضا امريكا وحليفتها الكبرى اسرائيل وهو امر اصبح ماثلاً للعميان قبل المبصرين الان،
ها قد جاء الدور على سوريا ياسادة!

وهنا نسأل من شدة مااعترانا من حزن اين انت ياسيد بشار من هذه التحديات الأسرائيلية والغاره على مخيم عين الصاحب في العمق السوري بدمشق وعشرات الضحايا الذين قتلوا في غمرة احساسهم بانهم في مأمن؟ اين الجيش السوري؟ ونسأل ايضاً كيف اخترق الإسرائيليون العمق السوري دون ادنى مقاومة تذكر أو تذر الرماد في العيون؟ واين الخطب العنترية التي اصمت آذاننا عن الثأر العربي والصمود العربي والكبرياء العربي والردع السوري؟

يعلم غالبنا انك لن تفعل شيئاً اطلاقاً لانه ليس بمقدورك شيئاً لتفعله امام تهديدات شارون العلنية التي قال فيها بالحرف الواحد بعد أن حصل على تأييد أميركي: إن إسرائيل مستعدة لضرب من وصفهم بالأعداء في أي مكان وأي زمان وبالطريقة المناسبة عندما ترى ذلك ضروريا.

انك لاتملك للأسف - وهذا ماأظهره واقع الحال - شيئاً يعينك على الفعل او الثأر بعد ان أفلست سوريا وضاعت منذ زمن طويل، كما أن شارون لم يعلمنا في كلمته التي القاها بمناسبة مرور ثلاثون عاما على حرب اكتوبر عن طريقته المناسبة التي مارس بها قتل الفلسطينيين في سوريا تحديدا وليس لبنان مثلاً رغم ان لبنان ايسر واسهل على الاختراق، وهذا مايجعلنا نضع خطاً تحت استطراده مباشرة في القول:" ان اسرائيل على استعداد للسلام مع جيرانها" وهنا السؤال من هم جيران اسرائيل الذين لم تعقد معهم سلاماً حتى الان سوى سورية؟ وماهو الثمن المدفوع لقاء حدوث هذا السلام؟ ومن هم ضحاياه الذين ستغرس على اجسادهم قوائم كراسي الحكم الجديدة في وطننا العربي؟ 

لقد اظهرت الغارة الاسرائيلية على دمشق مدى الوهن الذي نحياه كعرب حتى لكأننا نظن انه من مازال يجلس على كرسي حكمه في عالمنا العربي والاسلامي انما يجلس عليه برضا امريكا وحليفتها الكبرى اسرائيل وهو امر اصبح ماثلاً للعميان قبل المبصرين الان، او ربما اظهرت الغارة من منظور آخر ان الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد الذي سيكون دمة ثمناً لعقد اي صفقات حالية او مستقبلية داخل وطننا العربي.

إن اسرائيل حينما دمرت مخيم اللاجئين في دمشق - وببساطة - كانت تعلم ان دمشق شأنها شأن كل العرب لاتملك إلا الصراخ او ربما تملك شيئاً آخر لانعلمه وإن كانت قد ظهرت بشائره في رد فعل بشار الأسد الذي قال فيه لجريدة الحياة اللندنية "ان الغارة الاسرائيلية محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية للخروج من المأزق الكبير الذي تعيشه من خلال محاولتها إرهاب سورية، وأيضاً جر سورية والمنطقة الى حروب أخرى ".

هل سوريا بحاجة الى ارهاب اسرائيلي لتنجر الى الحرب ؟ ان مانعلمه هو ان سوريا مجرورة بالفعل الى الحرب منذ ثلاثين عاما ومنذ ان ضاعت الجولان! اليست استعادة الجولان مدعاه وحدها لجر سورية الى الحرب دون استفزاز اسرائيلي وحتى اثناء تولي حافظ الاسد نفسه مقاليد الحكم في سورية؟ وماهو السر بين تناقض التصريحين ( شارون – الاسد ) فالأول يدعو لقتل الفلسطينيين علنا في سورية والثاني يرفض اعتبار مثل هذه التصريحات والغارات سبباً كافياً لجر سوريا الى حرب !، أليس ذلك يدعو لعلامة استفهام تماماً كتلك العلامة التي نضعها امام ذات رد الفعل و داخل ذات الجريدة والذي يقول فيه السيد بشار الاسد:" وما حدث هو محاولة اسرائيلية فاشلة للنيل من دور سورية في المنطقة " أليس هذا عبثاً بعقولنا؟ إذ كيف كانت محاولة فاشلة وقد تمت في عمق عاصمة البلاد وقتلت عشرات الفلسطينيين دون ادنى مقاومة ولو بطلقة رصاص واحدة كما لو كان هناك امراً بعدم اطلاق الرصاص او ربما " طبخة " للتخلص من الفلسطينيين العزل في مخيمات وطننا العربي الكبير ليتم الحصول على صك البقاء في الحكم ؟ بعد دفع ثمن صكوك السلام من الدم الفلسطيني! بل وأي دور ذلك الذي يتحدث عنه السيد بشار ويمكن ان تلعبه سورية الان بعد هذه الفضيحة التي تحمل الافا من الألغاز؟ هل لنا ان نعلم؟ ام اننا فقط مخلوقون لتتم ممارسة الحكم علينا كما لو كنا مسخاً لانجيد الا ادوار العبيد؟ لقد اثار رد الفعل السوري الغائب تماما عن مجرد الوعد باسترداد ماسلب من الارض السورية والتي يرتفع في سمائها العلم الاسرائيلي حتى الآن وسط الضجيج السابق والمزعج من الثورية والثأرية سخرية العالم الذي اصبح يرى فينا نحن العرب ازعاجا للحضارة يتمنى ان يزول طوعاً او كرها كما فعلوا بصدام حسين وهو الامر الذي يخشاه غالب الحكام العرب وعلى راسهم العقيد القذافي وهو أمراً لم يعد ايضاً خافياً على احد ويدفع الكثير منا لان يساوره الشك فيما يحدث داخل اروقة السياسة في وطننا العربي وضد المواطن العربي وبيد من وثقنا فيهم من عرب.

الحرب لن تقع ياسادة لاننا نحيا فيلما سينمائياً مآساوياً للأسف لاندري متى سيظهر فيه مشهد النهاية، وان وقعت ستكون الغلبة فيها بالطبع لأصحاب اللعبة الحقيقيون الذين يمتلكون السلاح وعقلية الهيمنة وقوة اتخاذ القرار ويحركوننا كيفما شاءوا كالدمى ولانملك حيالهم سوى كوننا عبيد احساناتهم او عملاء يدورون في فلك منظومتهم وقد صرنا – ولله الحمد - عرايا وخصايا ومحزنون.

انني اوجه سؤالاً واحداً لمتخذي القرار في وطننا العربي، لماذا تتشبثون باعتلاء كراسي السلطة ولم تقدموا شيئاً - ولن تقدموا - خاصة ونحن نحيا بكم العار الذي سيوصمنا به ابناؤنا في المستقبل وسيدونه التاريخ في صفحاته السوداء. إن نصر اكتوبر لن يتكرر، لأن غالب رجال اكتوبر قد رحلوا عن دنيانا، اما الان فلا يحاوطنا إلا رجال " النكبة" الجدد لتتكرر بهم وبنا مآساة شعب فلسطين الذي صار يحمل اسم " اللاجئون الفلسطينيون" ولكن مع تغيير بسيط في الاسم ليصبح " اللاجئون العرب". انها اللعنة التي كنتم وقودها ومشعليها وليس بمقدورنا إلا ان نحياها الان معكم حتى النخاع فقد ولى زمن البشارة ولم يبق في وطننا على قيد الحياة الآن إلا العلوج.

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2003

انها مادلين اولبرايت تطل علينا براسها من جديد

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
وضعت السيدة اولبرايت كتابها هذا في 592 صفحة يصدر عن دار " ميراماكس " الامريكية للنشر ويبلغ سعره 27.97 دولاراً، وافردت فيه دفاعها التقليدي عن قرارات السياسة الخارجية الامريكية اثناء توليها منصب الوزيرة في عهد كلينتون، وكيف ربحت الحرب في كوسوفو. 
قراءة في كتاب مادلين اولبرايت " المدام السكرتيرة "
بقلم وترجمة محيي الدين ابراهيم

انها مادلين اولبرايت او كما يسميها بعض قريبي الصلة منها بالمرأة الحديدية كما كان يطلق على مسز تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة.
تطل علينا مسز اوابرايت الان وبعد مرور مايقرب من ثلاثة اعوام على تركها لمنصبها في عهد الرئيس كلينتون، تطل علينا بكتاب يحمل مذكراتها وبخط يدها والذي يعد الاكثر مبيعا في امريكا وبعض دول اوروبا الان، وقد اعطت له عنوان " المدام السكرتيرة .. مادلين اولبرايت " ومادلين اولبرايت في كتابها هذا تقدم نوعاً مختلفاً من أدب المذكرات عموما وحول حياتها ومدة خدمتها بشكل خاص خلال الاوقات التي نعتتها بالعاصفة كسفيرة للرئيس كلينتون في الأمم المتحدة ثم انتقالها لحمل حقيبة وزارة الخارجية في عهده.
تقول اولبرايت إنه من الرائع ان تقول الصدق في مذكرات تحكي فيها عن حياة محفوفة بالصعاب والمخاطر والحزن بالإضافة إلى الطموح والنجاح.
ولقد وضعت السيدة اولبرايت كتابها هذا في 592 صفحة من الحجم المتوسط يصدر عن دار " ميراماكس " الامريكية للنشر ويبلغ سعره 27.97 دولاراً، وافردت فيه دفاعها التقليدي عن قرارات السياسة الخارجية الامريكية اثناء توليها منصب الوزيرة في عهد كلينتون، وكيف ربحت الحرب في كوسوفو. 
وتبحر بنا السيدة اولبرايت عبر صفحات كتابها او مذكراتها لتعيد قائمة الاعمال التي قامت بها والعلاقات الشرق اوسطية التي مارستها مع البعض فتذكر لنا احداثاً بعينها مع الملك حسين ووزير الخارجية المصري عمرو موسى وغيرهم.
وتقول مادلين ان شركة النشر التي قامت بنشر كتابها وهي شركة " ميراماكس " قد حثتها كثيرا وساعدتها على الابحار في ماضيها بدقة واحساس مرهف لإصطياد جل احداثه المثيرة والثرية وطرحها في هذه المذكرات، ولكن في ذات الوقت دفعتها ايضا لطرح كثير من وجهات النظر المتعارضة إذ لم يكن يخطر ببالها وهي طفلة بعمر احدى عشرة عاماً ذات اصول تشيكية ان يأتيها يوم وتحرك فيه بمفردها دفة السياسة الخارجية الامريكية في اواخر سني القرن العشرين.
قالت " هناك لحظات كثيرة مرت على حياتي داخل وزارة الخارجية جعلتني اؤمن ان الاحداث والمتغيرات لا تحدث مصادفة او عفوياً او بشكل عارض " وقالت ايضاً " ربما هناك سبب وسبب قوي لحدوثها فقد كنت وزيرة خارجية لاكبر قوة في العالم وفي نفس الوقت كنت اتعامل مع قضايا هامة ومصيرية ".
وتسرد اولبرايت جزءاً ليس بالقليل عن حياتها وحياة اسرتها وكيف ان اباها الذي كان ديبلوماسيا في جمهورية التشيك هرب من الفاشية ثم واصل هروبه بعد ذلك من الشيوعية ليستقر به الحال واسرته الصغيرة في ولاية كولورادو كأستاذ بجامعة " دنفر" ثم مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس " بوش الاب" ثم تفاجئنا في كتابها بانها علمت فقط وهي قرابة الستين من عمرها ان ابويها اخفوا عنها كونهما يهوديين ومن اصول يهودية بل وتواصل مفاجأتنا بانها لم تعلم ايضا الا وهي في سن يقترب من الستين ان لها اجداداً ثلاثة قد قتلوا في معسكرات اعتقال النازي عشية الحرب العالمية الثانية! " تقول: " كيف تتعامل مع مثل هذه الحقائق المؤثرة والمحزنة حينما تعلمها وانت في العقد السادس من عمرك؟" تعليقاً على علمها بيهودية عائلتها ثم تردف فتقول " لاجدال ان السبب الوحيد الذي جعل عائلتي تخفي امر يهوديتها هو الحفاظ على ابناءهم وحياة ابناءهم في وقت كانت فيه معاداة السامية على اشد مايكون العنف والتطرف في العالم اجمع" !
" الجروح تبدو كما لو كانت حية تنزف ولما لا وانا احيا الفصل الاخير من عمري ويفاجئني زوجي بل ويذهلني برغبته في الطلاق بعد اكثر من 23 عاما على زواجنا انه اسوأ يوم مر في مشوار حياتي منذ ان وعيت" 
وتفرد اولبرايت قصة علاقتها " بيوسف اولبرايت " زوجها وكيف انه سليل عائلة صحفية ثرية، لعب دوراً رئيساً في حياتها وكان الوحيد الذي يهتم ويبالغ في الاهتمام ببناته الثلاثة وهن على ابواب سن الرشد اذ كانت مدام اولبرايت في ذلك الوقت في غاية الانشغال حيث كانت تعمل كمساعد لرئيس الامن القومي الامريكي في عهد الرئيس كارتر " زبيجنيو برزيزينسكي Zbigniew Brzezinski " وتتساءل عبر مذكراتها هل كانت مهنتها وطبيعتها كأمرأة ذات مسؤلية حساسة لأعظم قوة في العالم هي السبب الرئيس وراء طلاقها؟ انها ترجح ان اي امرأة تتحمل عبء مسؤلية مهنتها لاشك ان ذلك مدعاة حتماً للطلاق حتى ولو كان زواجها ناجحا، وتقول " ان الشئ الذي يبدو واضحا جليا ان الطلاق كان حادثاً مأساوياً بالنسبة لي بعد هذا العمر ولكنني كافحت كثيرا في ان اعبره وان اتعافى من آثارة وإن كنت اشك في ذلك ". وتسطرد " كان لابد ان انهض سريعاً من كبوتي تلك، ولم يكن هناك مفر الا من ان اقول لكل الاحداث المأساوية في حياتي : نعم .. مرحبا بكل شئ قاسي".
وتبحر بنا اولبرايت في ماضيها وحياتها عبر كتابها هذا وتقول " كسبت كثيراً من الاهمية في دوائر السياسة الخارجية وبعد سنوات استدعيت لعشاء خاص في البيت الابيض مع هيلارى كلينتون والملكة نور زوجة الملك حسين ملك الاردن بعد ان صارت ارملة، ثم اخذت تلقي الضوء على كثير من التأثيرات الغير متوقعة في حياتهم الزوجية ايضاً، وتعلق بالقول " بطرق مختلفة بل وفي اوقات مختلفة ايضا يتملكنا الدافع وربما قوة خفية لان نكتب عما يجول في اعماقنا كنساء لينفجر على الورق مدفوعاً من زوج مخادع او لكون اياً منا مطلقة أو ارملة " وهي بهذه العبارة تسقط جملتها على هيلاري كلينتون في الزوج المخادع وعلى نفسها كأمرأة مطلقة وعلى الملكة نور كأرملة ويبدو رغم اختصار هذا القسم النسائي الشيق والمأساوي في آن واحد قد كان حفل العشاء اشبه بجلسة نسائية صرفة لاعلاقة لها ببروتوكول الساسة وان كانت ترتبط فقط بحال النساء كونهن نساء.
وتقفز بنا اولبرايت من حدث الى حدث فتتحدث عن السياسة وعن انجازها العظيم في دفع ادارة كلينتون ان يتصرف بنجاح ضد المجازر الصربية لألبان كوسوفو والتي جعلت هذه الحرب – حرب البلقان – يطلق عليها البعض " حرب مادلين "التي شعرت بعدها بكثير من الارتياح خاصة بعد ان اطمأنت لثبوت تهمة " مجرم حرب " على رئيس صربيا " سلوبودان ميلوسوفيتش" ولكنها تأسف في غمرة نشوتها تلك على فشل ادارتها في رواندا وكذلك احباطها في متابعة اتفاقية السلام الفلسطينية الاسرائيلية، وتلقي الضوء كذلك على سفرها الغير مسبوق لكوريا الشمالية لمقابلة " كيم جانج إل " وتوصلها معه لاتفاقية يحد من خلالها طموح بلاده النووي ونجاحها في ذلك بل ودعوته لزيارة الولايات المتحدة ايضاً. وتخلص مادلين اولبرايت في نهاية كتابها الى نتيجة هامة مؤاداها ان الوقت قد نفذ الان ولم يعد هناك شيئاً يمكن التحكم فيه لخروج كل شئ عن اطر السيطرة في ظل الادارة الجديدة التي تحكم الولايات المتحدة الان.
لقد انتخب الامريكيون ادارة جديدة بعد ادارة كلينتون الناجحة ولكن هذه الإدارة الان جعلتنا نفقد كل شئ.

انها مادلين اولبرايت تطل علينا براسها من جديد

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
وضعت السيدة اولبرايت كتابها هذا في 592 صفحة يصدر عن دار " ميراماكس " الامريكية للنشر ويبلغ سعره 27.97 دولاراً، وافردت فيه دفاعها التقليدي عن قرارات السياسة الخارجية الامريكية اثناء توليها منصب الوزيرة في عهد كلينتون، وكيف ربحت الحرب في كوسوفو. 
قراءة في كتاب مادلين اولبرايت " المدام السكرتيرة "
بقلم وترجمة محيي الدين ابراهيم

انها مادلين اولبرايت او كما يسميها بعض قريبي الصلة منها بالمرأة الحديدية كما كان يطلق على مسز تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة.
تطل علينا مسز اوابرايت الان وبعد مرور مايقرب من ثلاثة اعوام على تركها لمنصبها في عهد الرئيس كلينتون، تطل علينا بكتاب يحمل مذكراتها وبخط يدها والذي يعد الاكثر مبيعا في امريكا وبعض دول اوروبا الان، وقد اعطت له عنوان " المدام السكرتيرة .. مادلين اولبرايت " ومادلين اولبرايت في كتابها هذا تقدم نوعاً مختلفاً من أدب المذكرات عموما وحول حياتها ومدة خدمتها بشكل خاص خلال الاوقات التي نعتتها بالعاصفة كسفيرة للرئيس كلينتون في الأمم المتحدة ثم انتقالها لحمل حقيبة وزارة الخارجية في عهده.
تقول اولبرايت إنه من الرائع ان تقول الصدق في مذكرات تحكي فيها عن حياة محفوفة بالصعاب والمخاطر والحزن بالإضافة إلى الطموح والنجاح.
ولقد وضعت السيدة اولبرايت كتابها هذا في 592 صفحة من الحجم المتوسط يصدر عن دار " ميراماكس " الامريكية للنشر ويبلغ سعره 27.97 دولاراً، وافردت فيه دفاعها التقليدي عن قرارات السياسة الخارجية الامريكية اثناء توليها منصب الوزيرة في عهد كلينتون، وكيف ربحت الحرب في كوسوفو. 
وتبحر بنا السيدة اولبرايت عبر صفحات كتابها او مذكراتها لتعيد قائمة الاعمال التي قامت بها والعلاقات الشرق اوسطية التي مارستها مع البعض فتذكر لنا احداثاً بعينها مع الملك حسين ووزير الخارجية المصري عمرو موسى وغيرهم.
وتقول مادلين ان شركة النشر التي قامت بنشر كتابها وهي شركة " ميراماكس " قد حثتها كثيرا وساعدتها على الابحار في ماضيها بدقة واحساس مرهف لإصطياد جل احداثه المثيرة والثرية وطرحها في هذه المذكرات، ولكن في ذات الوقت دفعتها ايضا لطرح كثير من وجهات النظر المتعارضة إذ لم يكن يخطر ببالها وهي طفلة بعمر احدى عشرة عاماً ذات اصول تشيكية ان يأتيها يوم وتحرك فيه بمفردها دفة السياسة الخارجية الامريكية في اواخر سني القرن العشرين.
قالت " هناك لحظات كثيرة مرت على حياتي داخل وزارة الخارجية جعلتني اؤمن ان الاحداث والمتغيرات لا تحدث مصادفة او عفوياً او بشكل عارض " وقالت ايضاً " ربما هناك سبب وسبب قوي لحدوثها فقد كنت وزيرة خارجية لاكبر قوة في العالم وفي نفس الوقت كنت اتعامل مع قضايا هامة ومصيرية ".
وتسرد اولبرايت جزءاً ليس بالقليل عن حياتها وحياة اسرتها وكيف ان اباها الذي كان ديبلوماسيا في جمهورية التشيك هرب من الفاشية ثم واصل هروبه بعد ذلك من الشيوعية ليستقر به الحال واسرته الصغيرة في ولاية كولورادو كأستاذ بجامعة " دنفر" ثم مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس " بوش الاب" ثم تفاجئنا في كتابها بانها علمت فقط وهي قرابة الستين من عمرها ان ابويها اخفوا عنها كونهما يهوديين ومن اصول يهودية بل وتواصل مفاجأتنا بانها لم تعلم ايضا الا وهي في سن يقترب من الستين ان لها اجداداً ثلاثة قد قتلوا في معسكرات اعتقال النازي عشية الحرب العالمية الثانية! " تقول: " كيف تتعامل مع مثل هذه الحقائق المؤثرة والمحزنة حينما تعلمها وانت في العقد السادس من عمرك؟" تعليقاً على علمها بيهودية عائلتها ثم تردف فتقول " لاجدال ان السبب الوحيد الذي جعل عائلتي تخفي امر يهوديتها هو الحفاظ على ابناءهم وحياة ابناءهم في وقت كانت فيه معاداة السامية على اشد مايكون العنف والتطرف في العالم اجمع" !
" الجروح تبدو كما لو كانت حية تنزف ولما لا وانا احيا الفصل الاخير من عمري ويفاجئني زوجي بل ويذهلني برغبته في الطلاق بعد اكثر من 23 عاما على زواجنا انه اسوأ يوم مر في مشوار حياتي منذ ان وعيت" 
وتفرد اولبرايت قصة علاقتها " بيوسف اولبرايت " زوجها وكيف انه سليل عائلة صحفية ثرية، لعب دوراً رئيساً في حياتها وكان الوحيد الذي يهتم ويبالغ في الاهتمام ببناته الثلاثة وهن على ابواب سن الرشد اذ كانت مدام اولبرايت في ذلك الوقت في غاية الانشغال حيث كانت تعمل كمساعد لرئيس الامن القومي الامريكي في عهد الرئيس كارتر " زبيجنيو برزيزينسكي Zbigniew Brzezinski " وتتساءل عبر مذكراتها هل كانت مهنتها وطبيعتها كأمرأة ذات مسؤلية حساسة لأعظم قوة في العالم هي السبب الرئيس وراء طلاقها؟ انها ترجح ان اي امرأة تتحمل عبء مسؤلية مهنتها لاشك ان ذلك مدعاة حتماً للطلاق حتى ولو كان زواجها ناجحا، وتقول " ان الشئ الذي يبدو واضحا جليا ان الطلاق كان حادثاً مأساوياً بالنسبة لي بعد هذا العمر ولكنني كافحت كثيرا في ان اعبره وان اتعافى من آثارة وإن كنت اشك في ذلك ". وتسطرد " كان لابد ان انهض سريعاً من كبوتي تلك، ولم يكن هناك مفر الا من ان اقول لكل الاحداث المأساوية في حياتي : نعم .. مرحبا بكل شئ قاسي".
وتبحر بنا اولبرايت في ماضيها وحياتها عبر كتابها هذا وتقول " كسبت كثيراً من الاهمية في دوائر السياسة الخارجية وبعد سنوات استدعيت لعشاء خاص في البيت الابيض مع هيلارى كلينتون والملكة نور زوجة الملك حسين ملك الاردن بعد ان صارت ارملة، ثم اخذت تلقي الضوء على كثير من التأثيرات الغير متوقعة في حياتهم الزوجية ايضاً، وتعلق بالقول " بطرق مختلفة بل وفي اوقات مختلفة ايضا يتملكنا الدافع وربما قوة خفية لان نكتب عما يجول في اعماقنا كنساء لينفجر على الورق مدفوعاً من زوج مخادع او لكون اياً منا مطلقة أو ارملة " وهي بهذه العبارة تسقط جملتها على هيلاري كلينتون في الزوج المخادع وعلى نفسها كأمرأة مطلقة وعلى الملكة نور كأرملة ويبدو رغم اختصار هذا القسم النسائي الشيق والمأساوي في آن واحد قد كان حفل العشاء اشبه بجلسة نسائية صرفة لاعلاقة لها ببروتوكول الساسة وان كانت ترتبط فقط بحال النساء كونهن نساء.
وتقفز بنا اولبرايت من حدث الى حدث فتتحدث عن السياسة وعن انجازها العظيم في دفع ادارة كلينتون ان يتصرف بنجاح ضد المجازر الصربية لألبان كوسوفو والتي جعلت هذه الحرب – حرب البلقان – يطلق عليها البعض " حرب مادلين "التي شعرت بعدها بكثير من الارتياح خاصة بعد ان اطمأنت لثبوت تهمة " مجرم حرب " على رئيس صربيا " سلوبودان ميلوسوفيتش" ولكنها تأسف في غمرة نشوتها تلك على فشل ادارتها في رواندا وكذلك احباطها في متابعة اتفاقية السلام الفلسطينية الاسرائيلية، وتلقي الضوء كذلك على سفرها الغير مسبوق لكوريا الشمالية لمقابلة " كيم جانج إل " وتوصلها معه لاتفاقية يحد من خلالها طموح بلاده النووي ونجاحها في ذلك بل ودعوته لزيارة الولايات المتحدة ايضاً. وتخلص مادلين اولبرايت في نهاية كتابها الى نتيجة هامة مؤاداها ان الوقت قد نفذ الان ولم يعد هناك شيئاً يمكن التحكم فيه لخروج كل شئ عن اطر السيطرة في ظل الادارة الجديدة التي تحكم الولايات المتحدة الان.
لقد انتخب الامريكيون ادارة جديدة بعد ادارة كلينتون الناجحة ولكن هذه الإدارة الان جعلتنا نفقد كل شئ.