الجمعة، 10 أكتوبر 2003

عفواً يارئيس سوريا كرسي الحكم ليس بالدم الفلسطيني

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد اظهرت الغارة الاسرائيلية على دمشق مدى الوهن الذي نحياه كعرب حتى لكأننا نظن انه من مازال يجلس على كرسي حكمه في عالمنا العربي والاسلامي انما يجلس عليه برضا امريكا وحليفتها الكبرى اسرائيل وهو امر اصبح ماثلاً للعميان قبل المبصرين الان،
ها قد جاء الدور على سوريا ياسادة!

وهنا نسأل من شدة مااعترانا من حزن اين انت ياسيد بشار من هذه التحديات الأسرائيلية والغاره على مخيم عين الصاحب في العمق السوري بدمشق وعشرات الضحايا الذين قتلوا في غمرة احساسهم بانهم في مأمن؟ اين الجيش السوري؟ ونسأل ايضاً كيف اخترق الإسرائيليون العمق السوري دون ادنى مقاومة تذكر أو تذر الرماد في العيون؟ واين الخطب العنترية التي اصمت آذاننا عن الثأر العربي والصمود العربي والكبرياء العربي والردع السوري؟

يعلم غالبنا انك لن تفعل شيئاً اطلاقاً لانه ليس بمقدورك شيئاً لتفعله امام تهديدات شارون العلنية التي قال فيها بالحرف الواحد بعد أن حصل على تأييد أميركي: إن إسرائيل مستعدة لضرب من وصفهم بالأعداء في أي مكان وأي زمان وبالطريقة المناسبة عندما ترى ذلك ضروريا.

انك لاتملك للأسف - وهذا ماأظهره واقع الحال - شيئاً يعينك على الفعل او الثأر بعد ان أفلست سوريا وضاعت منذ زمن طويل، كما أن شارون لم يعلمنا في كلمته التي القاها بمناسبة مرور ثلاثون عاما على حرب اكتوبر عن طريقته المناسبة التي مارس بها قتل الفلسطينيين في سوريا تحديدا وليس لبنان مثلاً رغم ان لبنان ايسر واسهل على الاختراق، وهذا مايجعلنا نضع خطاً تحت استطراده مباشرة في القول:" ان اسرائيل على استعداد للسلام مع جيرانها" وهنا السؤال من هم جيران اسرائيل الذين لم تعقد معهم سلاماً حتى الان سوى سورية؟ وماهو الثمن المدفوع لقاء حدوث هذا السلام؟ ومن هم ضحاياه الذين ستغرس على اجسادهم قوائم كراسي الحكم الجديدة في وطننا العربي؟ 

لقد اظهرت الغارة الاسرائيلية على دمشق مدى الوهن الذي نحياه كعرب حتى لكأننا نظن انه من مازال يجلس على كرسي حكمه في عالمنا العربي والاسلامي انما يجلس عليه برضا امريكا وحليفتها الكبرى اسرائيل وهو امر اصبح ماثلاً للعميان قبل المبصرين الان، او ربما اظهرت الغارة من منظور آخر ان الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد الذي سيكون دمة ثمناً لعقد اي صفقات حالية او مستقبلية داخل وطننا العربي.

إن اسرائيل حينما دمرت مخيم اللاجئين في دمشق - وببساطة - كانت تعلم ان دمشق شأنها شأن كل العرب لاتملك إلا الصراخ او ربما تملك شيئاً آخر لانعلمه وإن كانت قد ظهرت بشائره في رد فعل بشار الأسد الذي قال فيه لجريدة الحياة اللندنية "ان الغارة الاسرائيلية محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية للخروج من المأزق الكبير الذي تعيشه من خلال محاولتها إرهاب سورية، وأيضاً جر سورية والمنطقة الى حروب أخرى ".

هل سوريا بحاجة الى ارهاب اسرائيلي لتنجر الى الحرب ؟ ان مانعلمه هو ان سوريا مجرورة بالفعل الى الحرب منذ ثلاثين عاما ومنذ ان ضاعت الجولان! اليست استعادة الجولان مدعاه وحدها لجر سورية الى الحرب دون استفزاز اسرائيلي وحتى اثناء تولي حافظ الاسد نفسه مقاليد الحكم في سورية؟ وماهو السر بين تناقض التصريحين ( شارون – الاسد ) فالأول يدعو لقتل الفلسطينيين علنا في سورية والثاني يرفض اعتبار مثل هذه التصريحات والغارات سبباً كافياً لجر سوريا الى حرب !، أليس ذلك يدعو لعلامة استفهام تماماً كتلك العلامة التي نضعها امام ذات رد الفعل و داخل ذات الجريدة والذي يقول فيه السيد بشار الاسد:" وما حدث هو محاولة اسرائيلية فاشلة للنيل من دور سورية في المنطقة " أليس هذا عبثاً بعقولنا؟ إذ كيف كانت محاولة فاشلة وقد تمت في عمق عاصمة البلاد وقتلت عشرات الفلسطينيين دون ادنى مقاومة ولو بطلقة رصاص واحدة كما لو كان هناك امراً بعدم اطلاق الرصاص او ربما " طبخة " للتخلص من الفلسطينيين العزل في مخيمات وطننا العربي الكبير ليتم الحصول على صك البقاء في الحكم ؟ بعد دفع ثمن صكوك السلام من الدم الفلسطيني! بل وأي دور ذلك الذي يتحدث عنه السيد بشار ويمكن ان تلعبه سورية الان بعد هذه الفضيحة التي تحمل الافا من الألغاز؟ هل لنا ان نعلم؟ ام اننا فقط مخلوقون لتتم ممارسة الحكم علينا كما لو كنا مسخاً لانجيد الا ادوار العبيد؟ لقد اثار رد الفعل السوري الغائب تماما عن مجرد الوعد باسترداد ماسلب من الارض السورية والتي يرتفع في سمائها العلم الاسرائيلي حتى الآن وسط الضجيج السابق والمزعج من الثورية والثأرية سخرية العالم الذي اصبح يرى فينا نحن العرب ازعاجا للحضارة يتمنى ان يزول طوعاً او كرها كما فعلوا بصدام حسين وهو الامر الذي يخشاه غالب الحكام العرب وعلى راسهم العقيد القذافي وهو أمراً لم يعد ايضاً خافياً على احد ويدفع الكثير منا لان يساوره الشك فيما يحدث داخل اروقة السياسة في وطننا العربي وضد المواطن العربي وبيد من وثقنا فيهم من عرب.

الحرب لن تقع ياسادة لاننا نحيا فيلما سينمائياً مآساوياً للأسف لاندري متى سيظهر فيه مشهد النهاية، وان وقعت ستكون الغلبة فيها بالطبع لأصحاب اللعبة الحقيقيون الذين يمتلكون السلاح وعقلية الهيمنة وقوة اتخاذ القرار ويحركوننا كيفما شاءوا كالدمى ولانملك حيالهم سوى كوننا عبيد احساناتهم او عملاء يدورون في فلك منظومتهم وقد صرنا – ولله الحمد - عرايا وخصايا ومحزنون.

انني اوجه سؤالاً واحداً لمتخذي القرار في وطننا العربي، لماذا تتشبثون باعتلاء كراسي السلطة ولم تقدموا شيئاً - ولن تقدموا - خاصة ونحن نحيا بكم العار الذي سيوصمنا به ابناؤنا في المستقبل وسيدونه التاريخ في صفحاته السوداء. إن نصر اكتوبر لن يتكرر، لأن غالب رجال اكتوبر قد رحلوا عن دنيانا، اما الان فلا يحاوطنا إلا رجال " النكبة" الجدد لتتكرر بهم وبنا مآساة شعب فلسطين الذي صار يحمل اسم " اللاجئون الفلسطينيون" ولكن مع تغيير بسيط في الاسم ليصبح " اللاجئون العرب". انها اللعنة التي كنتم وقودها ومشعليها وليس بمقدورنا إلا ان نحياها الان معكم حتى النخاع فقد ولى زمن البشارة ولم يبق في وطننا على قيد الحياة الآن إلا العلوج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق