الأحد، 17 يونيو 2018

عم أدريس .. تحول من خادم تافه إلى أعز رجل في مصر !!

أي مخلوق يتصور أن الحكم والملك والعزة بيدة .. يقول له الله .. أن العزة لله جميعاً .. وهذه حكاية عم ادريس عام 1921 في مصر .. فلاح مصري عمره 72 عاماً .. كان يعمل بستانياً في قصر الزعفران ( قصر شئون الطلبة بجامعة عين شمس حالياً ) وهو قصر خوشيار هانم أم الملك فؤاد الأول .. وكان عم أدريس بسيطاً للغاية حتى أنك تكاد لا تصدق أنه يعمل في قصر من قصور أم ملوك مصر وأهم إمرأة حركت أحداث مصر وسببت صداعاً للدولة العثمانية وانجلترا معاً لدرجة وصلت لمحاولة أغتيالها للتخلص من ذكائها الذي تستثمره في عدائها للأتراك والأنجليز. كان عم أدريس رجلاً صامتاً أغلب الوقت .. وإذا تحدث لا يتحدث إلا رمزاً .. وكان المقربين منه يحترمونه ويعترفون بورعه وتقواه .. وكثيراً ماكان بعض هؤلاء المقربين مايسمع بكاؤه ليلاً .. وحينما تلصص عليه ليطمئن .. وجده ساجداً يبكي كطفل ولكن في خشوع .. وكان عم أدريس يفضل أن يعيش زاهداً في داره الريفي البسيط في حلمية الزيتون وأن يذهب منه لقصر القبة وقصر الزعفران لممارسة عمله في حدائق القصر كفلاح .. وذات يوم .. قرر أن يقابل الأمير الصغير أحمد فؤاد في أمر هام جداً .. كان الأمير يعلم من بعض خدمه عن عم أدريس فأمر بأن يسمحوا له باللقاء .. ودخل عم أدريس ( الفلاح ) على الأمير .. لم يقدم الطقوس المتعارف عليها في مقابلة الملوك .. فقد كان فلاحاً .. حين وقعت عينا ( أدريس ) على الأمير الصغير قال له: جئت إليك يا أمير لأبشرك برؤيا شهدتها لك في أنك ستكون ( ملكاً ) على مصر .. لم يكد الأمير أحمد فؤاد يسمع هذه المقولة حتى انفجر في الضحك وقال لعم أدريس: أعلم أنك رجل طيب .. لكن أنا أبعد ماأكون عن تولي الملك .. فأنا أصغر الأمراء ولا حق لي في ذلك .. نظر إليه عم أدريس ونطق بعبارة قصيرة: ستكون ملكاً على مصر ياسمو الأمير .. فضحك الأمير مرة أخرى وقال له مداعباً: إن صرت ملكاً سأضع صورتك على الجنيه المصري بدلاً من صورة السلطان العثماني رغم يقيني أن هذا لن يحدث. بعد وقت قصير تنازل الأمير كمال الدين عن عرش مصر .. ورفض الانجليز أن يتولى العرش الأمير عبد المنعم بن السلطان عباس حلمي ثم تسارعت الأحداث حتى جاء يوم دعا فيه اللورد وينجت المندوب السامي البريطاني الأمير أحمد فؤاد على العشاء ليبلغة رضا بريطانيا عن اختياره ملكاً على مصر ! في أول قرار ملكي .. قرر الملك فؤاد منح عم ادريس لقب الباكوية .. وفوجئ المصريين بصدور الجنية المصري سنة 1924 منقوشاً عليه صورة عم أدريس بدلاً من صورة السلطان العثماني. رفض أدريس بك ( عم أدريس سابقاً ) أن يتقاضى مليماً واحداً .. ورفض عرض بالانتقال لقصر انعم عليه الملك به .. ومات زاهداً كما كان يحب بعد هذه الحادثة بسنوات قليلة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق