أجرى الحوار عبر ( الفون كونفرانس ) محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.comميثم السعدي: ليست المشكلة في المسرح ولكن القضية كلها في الحرية، ومدى قبول الآخر لحريتك، هم يريدون مسرحا مفرغا من معناه وأنا لا أملك إلا مسرحا يقدم القيمة وسأظل مؤمنا بذلك للنهاية بل أني أعكف الآن على كتابة نص اسمه " إن عدت .... سيقتلونك ".
المخرج المسرحي العراقي ميثم السعدي:
بسبب عدم انضمامي لحزب البعث حرموني من معهد التمثيل عشرة سنوات.
رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري وفيلق القدس هم أصل الفوضى بالعراق.
نجمة المسرح العراقي خولة شاكر:
ساعلن دفاعا عن حقوق المرأة في العراق وعن العراق كأمة على رأس الأمم في العالم.
ميثم عبيد جواد السعدي واحد من اهم وابرز المخرجين العراقيين المعاصرين وهو إلى جانب كونه مخرجاً محترفاً إلا أنه أيضاً من مؤلفي النصوص المسرحية العرب المهمين أيضا وقد حاز نصه يا صبر أيوب على موافقة لجنة اختيار النصوص في دار نون للنشر والإعلام بمصر ليكون أحد أهم النصوص المسرحية العربية في أول مجلد عربي لنصوص المسرح العربي المعاصر، والمخرج العراقي الكبير ميثم السعدي هو من جيل المبدعين أصحاب الرؤى الفنية التي تبحث دائما في أعماق الذات الإنسانية عن معاني الوجود الرافض للعنصرية والرافض للإقصاء والذي يؤمن بحتمية وضرورة حرية الإنسان في وطنه متمتعاً بكافة حقوقه حتى وان اختلف في الشكل أو اللون أو المعتقد، وقد استطاع المخرج ميثم السعدي من خلال إيمانه بأن الفن المسرحي حتمية حضارية يقفز بالإنسان والمجتمع من عتمة الجهل والتمييز لأضواء التعايش الحضاري المشترك وبناء قواعد ثابتة للحرية، فقد جعل الارتحال منهجه المهني الذي يختلط فيه ومن خلاله بالإنسان العربي على أي ارض فيقدم له خلاصة ذلك الإيمان في أعمال مسرحية سواء تأليفاً أو إخراجاً أو تمثيلاً إلى أن استقر به مطاف الرحلة أخيرا في الولايات المتحدة فإلتقيناه وكان لنا معه هذا الحوار:
بدأ طموح المخرج العراقي الكبير ميثم السعدي بدراسة الفنون الجميلة في عام 1976 ثم انتهت بتخرجه من نفس المعهد قسم الإخراج عام 1987 .. إحدى عشرة عاماً في دراسة الإخراج أليست لغزاً؟
سؤال مهم جداً يا أستاذ محيي ولكن قبل الإجابة عليه أود أن أشكرك على هذا اللقاء وأشكر جريدة صوت بلادي ورئيس تحريرها الأستاذ محب غبور الذي استطاع بحق أن ينشئ بجريدة صوت بلادي صرحاً مصرياً عربيا إعلاميا كبيرا في أميركا يبرز لنا من خلاله أهمية ذلك الصوت المصري العربي الحكيم، أما بالنسبة لسؤالك عن الإحدى عشرة عاما التي قضيتها في الدراسة – كما يظن البعض – في معهد الفنون الجميلة ببغداد، فهي حكاية طويلة، أو قل هي مسرحية أقرب للكوميديا السوداء منها إلى الواقع السوي الذي نعيشه، فأنا يا سيدي قد تم قبولي بالفعل كطالب في معهد الفنون الجميلة ببغداد سنة 1976 وكنت سعيداً جداً بهذا القبول لقد كان طموحي كله ينحصر في عشقي للمسرح ورأسي لا حلم بداخلها سوى المسرح ولكن تأتي الرياح – أحياناً - بما لا تشتهي السفن إذ لم أقض في المعهد سوى أقل من ثلاثة شهور وبعدها فصلوني، كانت كارثة بالنسبة لي، كانت كارثة حقيقية، كأنهم فصلوني عن شريان الدم الذي يربطني بالحياة ولم أدري لماذا حتى علمت أن السبب هو عدم انتمائي لحزب البعث العراقي، كانت لحظة مؤلمة وعقاباً أشد إيلاماً حينما أخرجوني من المعهد وساقوني – كما يقول المصريون – من الدار للنار، ساقوني للخدمة العسكرية في 18/10 /1976 وحينما أنهيت الخدمة العسكرية في 1/8/1980 وحاولت الارتباط بالمعهد مرة ثانية أعادوني لخدمة الاحتياط في نفس العام وكأنهم يعاقبونني مرة أخرى على الحلم بالمسرح وفي الاحتياط بدأت الحرب أو بدأت القادسية، ولم أستطع أن أبدأ محاولات تحقيق الحلم من جديد إلا بعد انتهاء الحرب وانتهاء مدة الاحتياط بالجيش، لقد كان إصراري على دخول معهد الفنون الجميلة يزداد عناداً ويزداد قوة وبالفعل تم قبولي مع مجموعة من الفنانين العراقيين سنة 1982 في معهد الفنون الجميلة ولكن فيما يسمى بالدراسة المسائية لأتخرج من المعهد في قسم الإخراج المسرحي أخيراً عام 1987 ولا تتصور مدى إحساسي بالسعادة عندما تحقق لي هذا الحلم أكاديميا لإيماني أن الناحية الأكاديمية من الأهمية بمكان بحيث تصقل الموهبة وتعمق أصول التفكير المهني لدى عاشق المهنة وحيث الموهبة أو العشق وحده لا يكفي.
إيمانك بالبعد الإنساني وبالحرية أثار عليك غضب الكثير .. فهل المسرح يمكن أن يكون حجر عثرة أمام الأنظمة المستبدة؟
بالتأكيد .. بل بكل تأكيد .. فالمسرح هو لغة الآن حتى وإن قدمنا من خلاله عملاً تاريخيا تمت كتابته من ألف عام .. فأنت في المسرح أمام جمهور يتفاعل معك آنيا وفي نفس اللحظة، تخاطبهم وتتحاور معهم من خلال نص وحركة وهدف وخلاصة وأنا بالنسبة لي النص والحركة والهدف والخلاصة هم الإنسان وحريته وقيمته وحلمه داخل وطن يستشعر فيه الأمن، فالوطن إن لم تستشعر فيه الأمن كيف بالله عليك يكون وطناً، ومن هنا ومن تلك الزاوية تحديداً أتذكر نص كتبته وأخرجته في الجماهيرية الليبية وكان اسمه لعبة منهجية وهي من المنهج الدراسي الليبي لمادة الجغرافية وطبعاً ( جرجرني ) هذا النص الى دهاليز التحقيقات بمقر المخابرات في ليبيا 2001، ثم بعد عودتي للعراق عام 2003 قمت بتأليف وإخراج مسرحية "مونودراما" بعنوان قصة وطن وهي تتحدث عن ظروف العراقيين ايام صدام حسين، وقد نبذت فيها سلوك القادمين لسدة الحكم والمليشيات فكانت تلك " المونودراما" سببا رئيسيا في خروجي من العراق الى سوريا بعد عرضها في مهرجان الربيع الاول في بابل 2004 وفي الصويرة 2005 وهي البلد التي تم العبث فيها بالديكور من قبل جماعة منعت عرض المسرحية في اليوم الثاني وقد كانوا جماعة من حزب يقوده إبراهيم اشيقر !! وارغمت بعدها وبعد تهديدي وعائلتي بالقتل أن أخرج مع عائلتي من العراق واستطعت أن أدخل بهم الولايات المتحدة في عام 2007 بعد رحلات هجرة في بلاد كثيرة أهمها السودان وسوريا وليبيا ومصر.
المسرح إذن ( جر ) عليك المشاكل التي أدت الى حد التهديد بالتصفية الجسدية لك ولعائلتك؟.
ليست المشكلة في المسرح ولكن القضية كلها في الحرية، ومدى قبول الآخر لحريتك، هم يريدون مسرحا مفرغا من معناه وأنا لا أملك إلا مسرحا يقدم القيمة وسأظل مؤمنا بذلك للنهاية بل أني أعكف الآن على كتابة نص اسمه " إن عدت .... سيقتلونك ".
أنت تصر على مغاضبة بعض الأنظمة؟
أنا اصراري كله على أن نمتلك الإحساس بالحرية داخل وطن نحبه ونؤمن به وبالانتماء إليه، فإذا كانت الحرية تغضب بعض الأنظمة فهذه ليست مشكلتي أنا ولكنها مشكلة تلك الأنظمة ذاتها.
أرغمت على ترك العراق بشكل نهائي بعد تهديدك وعائلتك بالقتل في عام 2007، والآن أنت تعيش في ترحال وغربة دائمين، فهل أثرت الغربة على عطاءك المسرحي؟
نعم .. وبشكل كبير .. لقد كانت غربتي الاولى الى شمال افريقيا كما سبق وذكرت لك ووقتها اعددت اول نص مسرحي في ليبيا وقد حصد هذا النص على كل جوائز مهرجانات ليبيا كعاصمة وكدولة وكتبت اعمالا في غاية الاهمية وخاصة فيما يخص مسرح الطفل، منها مسرحية البستان ومسرحية السندباد الكبير الماخوذة عن الف ليلة وليلة وكذلك مسرحية محنة وطن التي تحدثت فيها عن الحظر الجوي على ليبيا وعن الحصار القاتل على العراق واعددت عن قصيدة احمد رفيق المهدوي الفتى الشهيد غيث وقمت باختيار طفل فنالت جوائز كثيرة ثم حصلت على جائزة مسلمي الفلبين حيث كانوا ضيوف ليبيا آنذاك هذا إلى جانب نصوص مسرحية اخرى منتقاة من المنهج المدرسي الليبي وكان أحد هذه الأعمال بعنوان لعبة منهجية.
لعبة منهجية تلك المسرحية التي استدعتك بسببها المخابرات الليبية؟
نعم .. استدعتني المخابرات لكون الفكرة في طرحها كانت جريئة جدا جدا وقد قدمتها فيما يسمى المختبر المسرحي وهو عبارة عن مشاهد مهمة من المسرح العالمي، هذا بحكم عملي في شعبة التربية الفنية بمعهد اعداد المعلمات العالي وعملي المتزامن في النشاط المدرسي الليبي بطرابلس العاصمة.
ياصبر أيوب هي إحدى نصوصك المسرحية التي فازت بإجماع لجنة القراءة المكونة من كبار المخرجين المسرحيين المصريين لتنشر في أول مجلد عربي لنصوص المسرح المعاصر الذي أنتجته دار نون للنشر والإعلام، ترى ما الذي دفعك إلى أن تكتب هذا النص ولماذا استعنت بالشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وليس غيره؟
الذي دفعني لكتابة هذا النص المهم هي قصيدة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد التي استفزتني منذ أن حصلت عليها عام 1995 وحينما كنت في سوريا طلبوا مني هناك ان اخرج عملا مسرحيا فتذكرت القصيدة الكبيرة يا صبر ايوب التي كتبها الشاعر عبد الرازق عبد الواحد وتناولت بعضا من ابياتها ومابين سطور القصيدة اخترت معاناة المرأة العراقية خاصة بعد الاحتلال وانتشار المليشيات المسلحة بعد تفجير الامامين في سامراء من قبل فيلق القدس او تنظيم القاعدة اذ لافرق بينهما لكونهما يحصلون على دعم مادي وسياسي ومعنوي من قبل حكومة ايران وفيلق القدس على وجه الدقة.
ولكن ياصبر ايوب نص سياسي شديد الحساسية ويتحدث عن امور غاية في الاهمية لم يكن يعلم عنها المشاهد أو ربما المواطن العراقي شئ .. فهل هذا دور المسرح من وجهة نظرك، أن يميط اللثام سياسيا عن امور يجهلها العامة؟
المسرح يااستاذ محيي هو لغة الوعي، ونحن في العراق نعيش مع قلة من شخصيات موجوده على سلم السلطة وتريد اثارة الفتنة وآخرين يريدون تصدير الثورة الإيرانية الى دول الجوار ومن هؤلاء الذين نجحوا في اثارة الفتنة رئيس الوزراء السابق الدكتور اشيقر الذي اصبح اسمه بعد توليه رئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري حيث اصدر حزبه وتحديداً المكتب العسكري فيه قرارا بالقضاء على السنة وتهجيرهم وتزامن مع قرارهم هذا قرار جيش المهدي بتصفية السنة ايضا والادلة موجودة، بل أن كثير من التنظيمات التي يدعمها قيلق القدس - السيء السمعة - هم على رأس تلك الفتن ومن هنا كان النص وكانت مسرحية يا صبر ايوب فهم قد دفعوا الناس للتهجير ومن بقى مثلوا بجثته وقتلوا واغتصبوا وعبثوا بالارض فسادا وها انذا اليوم بامريكا فهي الوحيدة التي وفرت لنا الامن وسمحت لنا بحرية التعبير هنا في بلادهم في حين ان الدول التي تتحدث عن عدوانية امريكا وتدعم الارهاب حاربتنا بقسوة باسم القومية والوطنية ...كارثة يا صديقي كارثة ان يحميك عدوك من ابن عمك واخيك امريكا بالنسبة لي هي الصديق لان عناصر الصداقة تتوفر فيها اكثر من منتفعي السماء المعممين بالعمائم الملونة الحمراء والخضراء والسوداء والبيضاء ...فكتبت العمل المسرحي والتقيت الشاعر الرائع وحصل ان اخرجت العمل ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ....!!
سبق وان اخرجت صبر ايوب في دمشق وعلمنا أنك تقوم بتجهيزه مرة اخرى لعرضة في الولايات المتحدة وكندا .. ما هو جديدك في إعادة عرض هذا العمل مرة اخرى؟
لد سبق واخرجت هذا العمل برؤيا اخراجية وسينوغرافيا مهمين جدا حيث الرمزية لكن العنصر الذي رشحوه لي في سوريا كممثلة لم يكن متعاونا دون ان يدري فقد كانت الممثلة - مع تقديري لها - متاثرة باسلوب القفشات في محطة الشرقية الفضائية فلم تستطع ان تؤدي الدوربالشكل الصحيح اضافة الى انها لاتجيد اللغة العربية الفصحى ... والطامة الكبرى في ليلة العرض حيث حضر المخرج المعروف محسن العزاوي فتدخل واكتشفت انه راغبا لامحال في ان يكون جزء من العرض المسرحي فاسندت اليه دور شاهد العرض وتم التمرين على اساس ذلك لكن هناك نية خبيثة مبيته حيث انهم اصروا على اشتراكه فكنت بين المطرقة والسندان لم ارد ان اضيع جهودي وفي يوم العرض المسرحي وبحضور كبار الفنانين والادباء المقيمين في دمشق حيث محسن العزاوي لم يؤدي الواجبات الموكلة اليه قاصدا خلخلة العرض والعمل وزاد الطين بلة ان العمل تم تصويره ولم يعطوني نسخة التصوير ولكون ما حصل قد حصل قررت ان احقق امنيتي في اخراج العمل مع فنانة متعلمة فصار ان التقيت الفنانة الاستاذة خولة شاكر الجميلي حيث انها حاصلة على شهادة الماجستير وهي من الاوائل الذين تخرجوا من معهد الفنون الجميلة في بغداد ثم انها درست في المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر ومن من خلال تجاربها السابقة ومعرفتي بامكانياتها فانا واثق كل الثقة بان يا صبر ايوب سيظهر في الولايات المتحدة برؤياه التي رسمتها وبشكل مغاير بنسبة كبيرة جدا علما ان المعاناة هنا اكبر حيث لقائنا يكون بجهود مضنية فهي في كندا وانا في نبراسكا وبيننا مسافة عشرين ساعة تقريبا بالسيارة ؟؟ لكن العمل سيظهر وباصرار واخلاص المتعاونين وسنشارك به في مهرجان العاصمة الاردنية عمان باذن الله.
عرفنا انك تمارس منهج جديد في الإخراج المسرحي وهو منهج الإخراج الديجيتال ( الرقمي ) حيث تقوم برسم الحركة المسرحية على الورق ثم تقوم بأخراج النص مع الممثلين عن طريق الانترنت واليوتيوب والماسينجر فكيف تمكنت من ممارسة هذه الأدوات؟ وهل هي استبداعة جديدة للمخرج العراقي الكبير ميثم السعدى للتحايل على بعد المسافة بين المخرج والممثل لعمل بروفات العروض؟ ولماذا الفنانه خوله شاكر بالذات اخترتها لتأدي دور صابرين؟
لابد للمخرج الذي يعاني من ضغوط بيئية وسياسية ويؤمن بفكرة الحرية أن يبحث عن وسائل جديدة لتقديم أفكاره وانا وجدت أن الفنانة العراقية المثقفة خولة شاكر تحمل من العلم والمعرفة المسرحية مايساهم في تسهيل التعامل مع الأدوات التكنولوجية الجديدة فهي بسبب دراستها الأكادمية للمسرح تجيد قراءة رموز وشفرات الحركة المسرحية التي يرسمها المخرج تماما كما يقرأ الموسيقي المحترف نوتة أي مقطوعة موسيقية ويقوم بعزفها بمجرد قراءتها رغم أنها كتبت منذ عشرات السنين، وخولة شاكر فنانة عراقية على مستوى رفيع ومحترفة وعليه فأنا ارسل لها خطوط الحركة المسرحية عبر الايميل ثم نتحاور بالساعات حولها بالماسينجير ثم تقوم هي بتصوير بروفاتها وتنقلها لي عبر اليوتيوب واشاهد تنفيذها للحركة ونتناقش حولها وهكذا، ولااخفيك سرا انه رغم بساطة الشرح الآن حول اسلوب الاخراج الديجيتال إلا اننا نعاني كثيرا من حيث التنفيذ اذ لابد ان تكون عالما بكل اسرار التكنولوجيا اضافة الى علمك الواعي بكل علوم المسرح، فالاخراج الديجيتال وتنفيذ الممثل للحركة الديجيتال هي مسألة غاية في التعقيد وتحتاج الى فنان وممثل من طراز خاص ومستوى احترافي رفيع وخولة شاكر ارى فيها تلك الفنانة والممثلة التي تمتلك ادواتها كممثلة محترفة حيث شاركت باعمال مسرحية عالمية ولكتاب مسرحيين عالميين بيرانديللو شكسبير جون اوزبورن ابسن صموئيل بيكيت يوجين يونسكو واخرين وقد كانت بارعة في اداء ادوارها وفي الاعمال التلفزيونية ايضا هي متمكنة حيث ان الممثل يجب ان يعرف ادواته كممثل وان مسرحيات المونودراما ذات الشخصية الواحدة خاصة المركبة منها تحتاج الى ممثل متمكن من ادواته وانسجام بينه وبين المخرج وكما قال جان كوكتو (تبقى قدرة المخرج على اخراج مسرحية قوامها ممثل واحد وتبقى قدرة الممثل ليتمكن من تسمير المشاهدين وهذاهو ما نطمح اليه؟
قبل أن ننتقل بالحديث مع الفنانة المسرحية العراقية خولة شاكر في كندا الآن نريد أن نسأل المخرج العراقي الفنان ميثم السعدى عن ماذا تمثل لديك المرأة العراقية؟
المرأة العراقية هي مثال النضال والكفاح والكرامة، فزوجتى كوثر كمثال حي للمرأة العراقية هي تلك المرأة القوية التي شاركتني افراحي واتراحي لم تتركني لحظة حتى في احلك لحظات الإضطهاد والتهديد، انتقلت معي في كل سفرياتي، كانت ومازالت تدعمني بكل قوة، تؤمن بكل ماأؤمن به ولم تتخلى عني لحظة واحدة حتى حينما قررنا القدوم الى أميركا، ان زوجتى مثال حي على قيمة المرأة العراقية وقوتها وكبريائها.
هل لذلك اخترت ممثلة وفنانة عراقية لتقوم بدور صابرين في مسرحية ياصبر أيوب؟
خولة شاكر هي ذلك الطراز الذي يجسد بوعي فني ودرامي كبيرين كبرياء العراقيين بشكل عام وكبرياء وعظمة المرأة العراقية على وجه الخصوص، فهي كفنانة عراقية استطاعت بفنها وحرفيتها أن تجسد عظمة المرأة العراقية ووجودها الثوري في مقاومة السلبيات والوقوف في وجه الإستعباد والقهر بكل شجاعة، المرأة العراقية يااستاذ محي هي ابنة حضارة عريقة اصيلة تمتد لآلاف السنين.
وبإنتقالنا للحديث عبر ( فون كونفرنس ) مع الفنانة خولة شاكر دفعنا سماع صوتها عبر الهاتف للحياة في جزء اساسي واصيل من تاريخ العراق كأمة فهي فنانة ونجمة مسرحية عراقية كانت زوجة لأحد أهم رواد الفن في تاريخ العراق الحديث وهو الفنان القدير راسم الجميلي الذي لايقل يقل أهمية بين الفنانين العرب عن السيد بدير وسعد اردش في مصر لتقريب أمثلة التشابه في القيمة، فهو مديرإذاعة القوات المسلحة العراقية منذ عام 1969 ومؤسس فرقة مسرح (14 تموز) وكذلك مؤسس الفرقة القومية للتمثيل وأسس عام 1987 مع سامي قفطان، محمد حسين عبد الرحيم فرقة مسرح دار السلام، وقدموا من خلالها مسرحيات شعبية كثيرة وكانت آخر أعماله هي قيامه بدور البطولة في المسلسل الكوميدي ( انباع الوطن ) الذي عرض على قناة الشرقية في رمضان 2007 وهو من اخراج اوس الشرقي.. وكان هذا العمل هو اخر اعماله التي انجزها قبيل وفاته بشهرين في سوريا متأثراً بمرض الفشل الكلوي عن عمر يناهز 69 عاماً ولأهمية هذا الفنان القدير للعراق وللفن العربي عامة ذكر بيان اصدره الرئيس العراقي جلال طالباني: "ان الفقيد كان واحدا من اعلام الفن العراقي على امتداد ما يقارب النصف قرن، وترك اثرا راسخا من خلال اعماله المسرحية والتلفزيونية والسينمائية."أما نقيب الفنانين العراقيين يحيى الجابري فقد قال عن راسم الجميلي أن أعماله قد اضحت الآن جزءا اساسيا من التراث الثقافي العراقي وأن وفاته تعتبر خسارة كبيرة للعراق والمسرح العراقي والمسرح العربي بوجه عام.
أنت إذن النجمة والفنانة العراقية خولة شاكر زوجة وفنانة ارتبطت انسانيا وفنيا بهذا الفنان العربي القدير راسم الجميلي؟
تاريخ ميلادي بدأ يوم زواجي به في 20 يوليو 1988، لقد كان راسم الجميلي بالنسبة لي الحبيب والزوج والمعلم، وحين فقدته بكيت إلى حد الإدماء.
بعد وفاة الزوج تعرضت الفنانة والنجمة العراقية لتهديدات كثيرة ولم تستثنيك أيادي الإرهاب والمليشيات المسلحة خاصة بعد أن قام – رحمه الله – بتمثيل دور البطولة في المسلسل الرمضاني السوري الذي تم عرضه عام 2007 وكان اسمه ( انباع الوطن ) فهل هذا كان الدافع لان تقيمي في كندا؟
حين رحل عني راسم الجميلي .. رحل كل شيء جميل من حولي.. رحلت الطيبة، والصبر، والحب، والوفاء، مثل رحيل الضحكة التي تأتي من القلب مرة واحدة ولم تعد مثلها.. لا ادري..فحين أسدلت ستائر عينيه الجميلتين، كأن ضياء الشمس أسدل ستائره ولم يبق سوى ليلي الطويل الذي اقضيه في سماع صوته في الريكوردر ومشاهدة صوره .. لذا فلم يكن تهديد خفافيش الظلام الذين يريدون بتر كل من له صله بحب ذلك الوطن يخيفيني أو يزعجني فتهديداتهم لم تكن في قوة مصابي لفراقه، فهم وتهديداتهم مجرد نكرات، جملة نشاز في خارج قاموس الوطن العراقي لاوجود لها وسرعان ماستنطفئ وتزول ورحلت إلى كندا.
الفنانة خولة شاكر طراز فريد من هؤلاء الفنانين العرب الذين يحملون الموهبة والعلم فهل لك ان تضيفي للقارئ بعضاً من مشوارك الفني والمهني؟
حصلت على الدبلوم من معهد الفنون الجميلة قسم المسرح/تمثيل، وكذلك على البكالوريوس من جامعة بغداد/ إخراج مسرحي، إضافة لحصولي على الماجستير من جامعة القاهرة في النقد والتحليل والتأليف الدرامي، وعملت رئيس قسم الإعلام في كلية الطب في الجامعة المستنصرية، وكذلك كنت أستاذة في معهد الفنون الجميلة، ومحاضرة في كلية الفنون الجميلة.
هل لديك أعمالا سواء خلال الدراسة أو بعدها جمعتك مع كبار الفنانين والمخرجين الكبار؟.
لقد شاركت مع اغلب المخرجين العراقيين في مجال المسرح عام 1980 حيث كنت طالبة في معهد الفنون الجميلة، منهم المخرج الفنان فتحي زين العابدين وأستاذي المخرج الفنان فخري العقيدي بثلاثة أعمال له وقد حصلت يومها في عمل مسرحي من إخراجه (مسرحيه مريض الوهم) وفي يوم المسرح العالمي بأفضل ممثلة، وكذلك مع الفنان والأستاذ بدري حسون فريد مسرحية (هوراس) ومع المخرج الدكتور عوني كرومي رحمه الله مسرحية الانسان الطيب ومع المخرج الدكتور صلاح القصب مسرحية الملك لير ومع الاستاذ المخرج سامي عبد الحميد مسرحية كليوباترا ومع المخرج الفنان سامي قفطان مسرحية (بيت الحبايب) وقد حصلت على افضل ممثلة في عام 1989، ولا أنسى اخي وأستاذي الدكتور علي حنون الذي شاركت معه في الكثير من الأعمال في سوريا أيضا منها (صندقجه) و(أم ستوري) و(جزيرة خورماشة) و(كاريكاتير) بعدة حلقات و(النخلة والجيران) كما أن لي مع الإخراج المسرحي عدة أعمال هي (الإسكافية العجيبة ..وين الصح وين الغلط..مهرجان الفرح..اكعد يا غافي.. عروسة العرايس).. وفي دمشق أخرجت مسرحية (بيت الطرب).
مالذي استفزك في مسرحية ياصبر ايوب التي كتبها واخرجها الفنان المسرحي العراقي ميثم السعدي؟
الذي استفزني في تلك السمفونيه هو كوني انسانه قبل ان اكون فنانه احاول ان ادافع بالكلمة الشريفة عنما حصل ويحصل الان لبلادي الجريح، ثانيا شخصية صابرين بطلة العمل في مسرحية ياصبر أيوب لم تكن مجرد شخصية عابره كتبها المؤلف, انما هي حالة من مجموع حالات موجوده في العراق الذي ما زال مغتصب, وانا اكبر مثال على واحدة من تلك الحالات فانا تعرضت وعائلتي للتهجير وقتل الكثير من عائلتي وخطف ولدي واغتصاب كل حقوقي فانا الان ارملة وثكلى على اخوتي الذين ذهبوا تحت رحمة الله حين تعرضوا للقتل والاختطاف ومليئة الاحزان على ازواج شقيقاتي الذين قتلوهم بدون ذنب ناهيك عن الحالات المؤلمة التي تعاني منها عائلتي لفراق الاحبة دون اي ذنب .. انا فنانه والفنان يدافع بالكلمة لان الكلمة حصن الحرية، والآن في بلدي الذبيح وليس فقط الجريح اكثر من اربع مليون ارملة واكثر من ستة مليون يتيم واما اللواتي بقين تجدهن بدون رجال وقطار العمر يذهب بهن دون توقف.
مالذي تراه الفنانة والنجمة العراقية خولة شاكر في نص ياصبر أيوب وتجد أن المؤلف كان صائباً فيه؟
المؤلف ركز على الحالة الموجودة في العراق وكان صائبا في ذلك التركيز ناهيك عن إعداد النص الشعري الذي استعان به من كتابة الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد وبما الرائع في هذا النص انه باللغة العربية الفصحى حيث تناول فيه المؤلف التراث والفلكلور الشعبي.
هل وافق النص هوى الفنانة العراقية خولة شاكر في تبني فكرة ما؟
لاشك، النص وافق بالفعل هوى في نفسي وهو الدفاع عن الحرية، الثورة في سبيل اقامة الوجود الانساني للمواطن داخل وطنه،في تلك المسرحية ساعلن دفاعا شرعيا عن حقوق المرأة في العراق ,ساعلن للملأ ان الفنان العراقي اينما توجه فكلمته هي نسمة سلام وحب وعطاء وليس صاروخ ..بالحب والسلام والعطاء نجعل كل طامع ممن اشاعوا على العراق بانه بلد الارهاب ان يغيروا تلك الافكار والمصطلحات انه بلد السلام العراق , نحن صابرون كصبر ايوب ما دام الله سبحانه وتعالى معنا ..نحن صابرون لاننا على حق ولم نأذي او نعتدي على احد ..في صبر ايوب نريد ان نعلن للعالم باسره ,لن تصبر اي بلد ولم تصمد مثلما صبر ابناء العراق لان الله مع الصابرين.