السبت، 4 أكتوبر 2008

قصة حياة اسمهان - الاميرة امال فهد الاطرش

بقلم سحر طه

aupbc@yahoo.com

لم تعرف تلك الصبية الصغيرة أن القدر كان يخبئ لها كل تلك التناقضات التي يمكن أن يعيشها إنسان على هذه البسيطة. صحيح أن حياة كل منا مليئة بالحلو والمر، النجاح والفشل والأبيض والأسود وما بينهما، إلا أن أسمهان عاشت كل حلاوة الدنيا ومرارتها وكأنها عرفت في قرارة نفسها أن عمرها قصير (1912 ـ 1944). ستون سنة مضت على غياب صاحبة "ليالي الأنس"، و"فرق ما بينّا" و "يا ليالي البشر" و"رجعتلك يا حبيبي"، و"أهوى"، و"ليت للبرّاق عينا" و"أنا اللي أستاهل" وما تزال دموع حجاج بيت الله، تنهمر في كل عام مع أغنيتها الأقرب إلى الدعاء "عليك صلاة الله وسلامه" بنبرة الخنوع والتوبة، باعثة الرهبة، والحنين إلى مرقد النبي.الصوت الحزين لما يزل يرن في الأذهان كلما استحضرنا صورتها أو سيرتها أو مشهداً من أفلامها، إذ حيّر النقاد والموسيقيين والملحنين والمتذوقين والعشاق على حدّ سواء.أسمهان، النبرة الشجية في عالم الأغنية العربية، والشخصية الغامضة الواضحة معاً.


 

عاشقة الحياة والمال، البهجة والحزن، لطالما دفعتها مشاعر مجهولة، قوية لا تقاوَم، ولهفة إلى كل تجربة جديدة ومغامرة، مهما ذهبت بها، بعيداً أو قريباً، من دون أن تهاب موت، أو تردعها تقاليد أو قيود، وكأنها شاءت عن قصد وإصرار، أو عن غير قصد أن تكون حياتها شريطاً سينمائياً، أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، حيث سطرت حياتها بقصص الفقر والألم النفسي والجسدي وسلسلة مغامرات، بدءاً باللهو والسهر والحب واللذة والألم معاً، وصولاً حتى الجاسوسية، بحيث لا تبتعد كثيراً عن قصص أغاثا كريستي الخيالية الشهيرة، وعاشت حياتها بكل ما هو مشوّق، وغريب، وغير معتاد من امرأة شرقية، عربية، وذات أصول نبيلة، لتبقى سيرتها مثالاً للمرأة المتمردة على كل شيء.هل كانت بذلك تنتقم من تلك الحياة التي شاء لها القدر أن تبدأها بالترحال والهروب منذ لحظة ولادتها وحتى لحظة مماتها، وكأنها تقول لنفسها وللعالم أجمع: إنكم لم تذوقوا طعم الذل والحرمان، ولم ترضعوا الخوف كما رضعته، ولم تجربوا المحن فيأيام الطفولة السوداء، في أوقات لم أجد من يحنّ علي وعلى عائلتي بكسرة خبز.بعيداً عن الموهبة، أسمهان كانت مثال الأنوثة الطاغية والسحر الذي لا يقاوم. جمال وجهها الحزين كان سلاحاً تستمد منه القوة لتنال مرادها من العقول والقلوب. عقول وقلوب الرجال التي طالما ضعفت أمام شخصيتها المحيرة، حتى إن الصحافي محمد التابعي أقرب أصدقائها، قال إنها يمكن أن تبكي بدموع غزيرة في لحظة، ومن ثم تضحك من قلبها في لحظة أخرى. امرأة استعصت على الوصف حقاً، وقد لا يملك امرؤ أن يتخذ موقفاً معيناً منها، لكثرة ما حوته شخصيتها من غرائب السلوك وتناقضاته. جمالها وجسدها الناحل وشكلها العام قد تثير المواقف المتناقضة منها وقد يختلف البعض حول جمال وجهها أو جسدها، لكن في أي زمان وفي أي مكان لم يختلف اثنان على حلاوة صوتها، والقشعريرة التي يبعثها فينا حين نستمع إليه. عرفت الفقر والغنى، لقبت الفنانة أسمهان وعشقت لقب الأميرة آمال. أحبت الغناء وكرهت الإذلال، تألمت وهي بعد غضة، إذ اضطرها العوز أن تقف ساعات، تغني في صالات شارع عماد الدين، حيث كانت تطوي آلامها، وتغالب دموعها كي لا تسيل أمام جمهور من السكارى والثملين يقذفونها بنكات وألفاظ خاصة برواد تلك الصالات. أحبت الغناء لأجل المزاج، لا من أجل المال، والغناء لنفسها ولوالدتها ولمن تحب ولمن ترتاح إليهم، لكن الغناء بالأجر مقتته إذ أصبح مهنتها التي لا تستطيع التخلي عنها، بل تعتبره مهنة أسرت موهبتها.كانت تثور على هذا الوضع أحياناً، لكن ليس بيدها حيلة، فهي مضطرة للاستمرار كي تعيل نفسها وعائلتها. ولطالما رفضت الجلوس مع رواد الصالة بعد انتهاء وصلتها كما كان متعارفاً، وقد حرص شقيقاها فؤاد وفريد على أن لا تلزمها العقود مجالسة الزبائن.سبع سنوات حافلة سبقت وفاتها، تعتبر من أفضل سنوات حياتها، نالت فيها الشهرة والمال، بعد تعرفها إلى طلعت حرب باشا، الذي قدمها مع شقيقها فريد إلى الموسيقيين والملحنين والإذاعة وشركات الأسطوانات، فأصبح منزل العائلة في ذلك الوقت، في حي غاردن سيتي يستقطب الملحنين والشعراء والمنتجين والمخرجين، الذين كانوا يمطرون أسمهان بمشاريع غزيرة للسينما والمسرح، والجميع مأسور بشبابها وجمالها وأنوثتها الطاغية وصوتها المبدع.
سرّ الصوت
أي سرّ في هذا الصوت المتلألئ الذي يأسر القلوب بشحناته القوية، وانحناءاته المفعمة بالدفء والحنان والشجن، بل قدرته على بصم أي لحن ببصمته، وتغليف الأنغام بخصوصيته، وإسباغ الصفة الدرامية الشجية عليه. صوت حمل كمّاً من الصفات التي كان يوصف بها صوت متكامل العناصر، وموهبة إلهية قلّما يهبها الله لحنجرة ما. المستمع العادي يستطيع أن يشعر بأوتار الصوت المشدودة، الأقرب إلى صفاء الذهب، في رنينه ولمعانه. صوت أنثوي بالغ الإحساس، مرهف، يتلون مع كل أغنية، حسب مضمونها، ونوعية الدور المسند إليها في السينما، كما في الحياة. ظهرت أسمهان في زمن العمالقة. في أوائل الثلاثينات. أصوات كبيرة راسخة في الآذان العربية وأذهانها ووجدانها، حين كانت مواصفات معينة في الصوت لم يمكن أن يخترقها أو تخرق قواعدها أي موهبة لا تتقيد بها، إلا أن ذهبية الصوت، أسمهان ـ كما وصفها الملحن محمود الشريف ـ لم يتجادل اثنان على جمال صوتها وعظمته وقدرته على سلب المشاعر. ليس بأنوثته ودفئه فحسب بل بمساحته التي هي هبة من الله في المرتبة الأولى حيث ضم صوتها أكثر من أوكتافين "ديوانين"، أي أكثر من خمس عشرة درجة على السلم الموسيقي. إضافة إلى قدرتها على التصويت من الرأس، حسب أسلوب الغناء الأوبرالي الغربي المتعارف لدى مغنيات السوبرانو، وقد نستمع إلى بعض المغنيات العربيات يستخدمن هذه الطريقة وبخاصة اللواتي من أصول مغاربية: تونس والمغرب والجزائر، إلا أن أسمهان تميزت عنهن بصوت ينثني انثناءة الحرير الأصيل، وكان صوتها يأتي صافياً عريضاً واضحاً رناناً شجياً لا صارخاً حاداً، بل يتدفق في غاية الحنان والسلاسة والرقة. ولو عدنا إلى أغنية "ياطيور" التي لحنها محمد القصبجي لوجدنا فيها كل مواصفات الصوت الأوبرالي الدرامي، تضاف إلى مواصفات الصوت الشرقي المعتق بأنغام الأصالة والملوّح بحرارة النبرة المقامية المشرقية بدقتها ورهافتها. فالمعروف في الأصوات العربية ذات المساحة الكبيرة إنها إما تكون متقنة للنغمات الغربية على حساب الشرقية، أو العكس، أما إتقان الأسلوبين معاً في الصوت الواحد فهو من النوادر وينطبق على أسمهان وفيروز، وأم كلثوم في بداياتها، والراحلة نور الهدى، وإلى حدّ ما على المطربة التونسية الراحلة ذكرى. صوت أسمهان كان الوحي، والملهم لأنغام الملحنين الذين تعاونوا معها، وخبروا الصوت بتعابيره الدرامية، لا في مساحته الكبيرة فحسب، وبخاصة محمد القصبجي الذي لحن لها "ياطيور" وغيرها وشقيقها الراحل فريد الأطرش الذي استوحى من صوتها أجمل الألحان بدليل أن ألحانه لصوته ولغيره من مطربات ومطربين لم تصل إلى مستوى ألحانه لأسمهان، إذ وضع أكثر الجمل اللحنية تناسباً مع موهبتها الفذة وأكبر مثال على ذلك، "ليالي الأنس"، إضافة إلى غنائها ضمن أسلوب الطرب التقليدي الذي كان متبعاً في تلك الفترة. إلا أن أسمهان وبسبب هذا الصوت الموحي بالتجديد والدراما جذبت الأسماع من خلال الألحان التي سبقت عصرها. في تحليل بعض أداءات أسمهان، يقول الموسيقي سليم سحاب في "كتاب السبعة الكبار لمؤلفه فيكتور سحاب" : ة"...التعبير الإنساني يبقى أعظم ما في غناء أسمهان، وهو تعبير يكاد لا يستثني حالة من حالات المشاعر والأحاسيس الإنسانية. ففي أغنية "ليالي الأنس" مثلاً، تنتقل أسمهان بسرعة من مزاج إلى مزاج آخر وفقاً للحن والمعاني. فمن: "خيال ساري مع الأحلام" حيث تغني بشفافية وإشراق بالصوت، إلى عبارة: "تفوت من غير ما تتهنّى" حيث تضفي حساً درامياً على النهاوند، وذلك لا استعراضاً أو رضوخاً لإغراءات الاستعراض، بل تعبيراً فنياً عن مزاج يظل شديد الوضوح في كل الحالات.
ويتابع سحاب:
في أغنية "يا حبيبي تعال الحقني"، أربعة مقاطع على لحن يتكرر. والعبارات "من بعدك"، "أتألّم"، "في يدّك"، "يلين قلبك"، تقولها أسمهان بأحاسيس مختلفة تؤدي تعبيراً مختلفاً في كل مرة، وفقاً للمعنى المطلوب، على الرغم من أن اللحن هو نفسه في العبارات الأربع. وعلى الرغم من أن العبارات المذكورة قصيرة للغاية، ولا مجال فسيحاً فيها للتعبير الإنساني الزخم، إذ أنها تتشكل من علامتين موسيقيتين فقط. وتلاحظ في هذه الأغنية الشحنات العظيمة والحرارة الإنسانية المتدفقة في عبارة "وغرامي هالكني". ويتناول سحاب قدرة أسمهان في الوصول إلى مستوى عبد الوهاب في التعبير المسرحي في المغناة المسرحية "قيس وليلى". فيما بلغت في تعبيرها الغنائي أعماقاً مأسوية مؤثرة للغاية في أغنية "أيها النائم" من لحن السنباطي.
حكايات الفقر والبؤس
قصص أسمهان بدءاً بالفاقة في صغرها، تصلح بحد ذاتها لأن تكون مادة غنية لفيلم سينمائي من أكثر الأفلام تراجيدية. بقيت تقض مضجعها حتى وفاتها، إلى حدّ القيام بأي شيء أو عمل كي لا تعود إليها. حين تتذكر تلك الفترة وترويها لصديقها التابعي تتألم كثيراً، وبخاصة أيام حيّ الفجالة وتعرّضها لسوء التغذية. في إحدى المرات نضب مورد الأسرة بعد سفر المليونير الأمريكي الذي كان يمدهم شهرياً بما يوازي مئة دولار. في تلك الأيام عرفت أسمهان الجوع والحرمان إذ تذكر أن بيتهم خلا من أي طعام فأرسلتها والدتها لاقتراض بعض المال من الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، أحد الزعماء السوريين، وهو مقيم في القاهرة وعلى معرفة بأسرة أسمهان، وكانت قطعت مسافة بعيدة مشياً على الأقدام، وحين قابلته وأبلغته رسالة والدتها عن سوء حالهم قدم لها "ريالاً" واحداً، عادت به إلى أمها، وعندما رأته والدتها بكت وبكت معها أسمهان وقدّرت في ذلك الوقت بأنهم أوشكوا أن يتسوّلوا. وفي قصة أخرى تذكر أسمهان أنها كانت تزور أسرة الأميرالاي محسن بك، وكانت دارهم في شارع الشيخ ريحان بالقرب من ميدان عابدين. كانت تظن أنهم سيقلّونها بسيارتهم إلى منزلها في حيّ الظاهر، لكن السماء أمطرت بغزارة فعدلوا عن الخروج بالسيارة، وحين أقبل المساء والمطر لا يزال ينهمر خرجت بكبريائها وكأنها تريد أن تستقلّ سيارة أجرة، وقد خجلت أن تقول لهم إنها لا تملك قرشاً واحداً، فسارت تحت المطر وفي الوحول من عابدين حتى الظاهر وبعدها بقيت طريحة الفراش عشرة أيام.
وفي حكاية أخرى، تقول أسمهان:
ـ بدأت والدتي تعمل في خياطة الملابس للسيدات وكان ما تحصل عليه قليلاً لكنه يقي شر الجوع والفاقة. وذات يوم شاءت المصادفة أن تلتقي أمي في دار صديقة سورية بالأستاذ داود حسني وهو من الملحنين القدماء، وسبق أن تعاون مع العائلة فنياً، وهنا المفاجأة حيث سمع الملحن حسني صوت الوالدة عالية المنذر وهي تغني عند صديقتها وتنقر على الدف "الإيقاع" فسألها لماذا لا تحاول استغلال موهبتها هذه مثل أولادها آمال وفريد خصوصاً أنها تملك الجمال والصوت الأصيل الذي ورثه فريد وأسمهان منها وكانت والدتها تعرفت إلى سامي الشوا عازف الكمان المعروف وهو سوري الأصل من مدينة حلب وهذان الموسيقيان ساعدا والدة أسمهان فنياً وأخذت تحيي الحفلات الخاصة عند بعض العائلات واتسع رزق العائلة قليلاً حيث أمكنها إدخال فريد وأسمهان إلى المدرسة وإتمام الدراسة التي توقفت في بيروت.
وكانت عالية المنذر تعاقدت مع شركة "بيضافون" لتسجيل بعض أغنياتها على أسطوانات فتوسط الملحن داود حسني عند الشركة نفسها كي تسجل أسمهان بعض أغنياتها على أسطوانات أيضاً وتقبض بعض المال.
ملحنون وشعراء
غنت أسمهان للعديد من الملحنين إلا إن أكثر الألحان التي غنتها كانت من نصيب شقيقها فريد الأطرش: "نويت أداري آلامي" 1937، "عليك صلاة الله وسلامه" كلمات بديع خيري، وفي فيلم "انتصار الشباب" عام 1941، لحن لها: "يللي هواك شاغل بالي، يا ليالي البشر"، كلمات يوسف بدروس، و"كان لي أمل" لأحمد رامي، "يابدع الورد" لحلمي الحكيم، "إيدي ف إيدك"، "الشمس غابت أنوارها" لأحمد رامي، كذلك "أوبريت انتصار الشباب" لأحمد رامي. وفي فيلم "غرام وانتقام" غنت لفريد "ليالي الأنس" كلمات أحمد رامي، "أنا أهوى" لمأمون الشناوي، وموال "يا ديرتي" لبيرم التونسي. وفي العام نفسه غنت لفريد "رجعت لك يا حبيبي". وغنت له "أنا بنت النيل"، وكذلك "نويت أداري آلامي" و"الليل". غنت لمدحت عاصم أغنية "دخلت مرة ف جنينة" كلماته وألحانه، "يا حبيبي تعال الحقني". ولمحمد القصبجي غنت: "يا طيور" يوسف بدروس، "إمتى حتعرف" لمأمون الشناوي و"أنا اللي أستاهل" من فيلم "غرام وانتقام" عام 1944. "أسقنيها"1940 للأخطل الصغير، "أين الليالي"، 1944، ""فرق ما بينّا" مطلعها ليوسف بدروس وبقيتها لعلي شكري، "في يوم ما اشوفك"، "كنت الأماني"، "كلمة يا نور العيون"، "ليت للبراق عيناً" 1938، "هل تيم البان" لأحمد شوقي. لرياض السنباطي: "أيها النائم" عام 1944، و"حديث عينين" 1944 في فيلم "غرام وانتقام"، و قصيدة أحمد فتحي " يا لعينيك ويا لي"، وقصيدة لابن زيدون "أقرطبة الغرّاء" و"الدنيا ف إيدي والكل عبيدي". ولفريد غصن "يا نار فؤادي". زكريا أحمد: "هديتك قلبي"، "عذابي في هواك أرضاه" وقصيدة أبي العلاء المعري "غير مجدٍ في ملّتي واعتقادي". لمحمد عبد الوهاب غنت أسمهان أوبريت "قيس وليلى" للشاعر أحمد رامي، و"محلاها عيشة الفلاح" لبيرم التونسي.
التابعي وأسمهان
نشر محمد التابعي، كتاباً يحكي فيه قصته الكاملة مع أسمهان. ومحمد التابعي صاحب ورئيس تحرير مجلة "آخر ساعة" المصرية كان صديقاً أميناً وصدوقاً لأسمهان، وكان الشخص الوحيد الذي تسرّ له بالكثير من حكاياتها أيام الفقر وتخوفها الدائم من عودة تلك الأيام، وتشكو له كلما فاضت بها المشكلات.التابعي سمع صوت أسمهان للمرة الأولى، حين مرّ بالصدفة بصالة ماري منصور، في شارع عماد الدين، وهناك تذكر أنه وعد منصور بالمرور عليها، فقرر هو ونفر من أصدقائه دخول الصالة، فلم يجد مكاناً، فتوقفوا لبضع دقائق للاستماع إلى صبيّة تغني على المسرح بصوت رقيق حزين. كانت نحيلة ترتدي ثوباً أسود اللون، وقد لفت رأسها بإزار أسود، وكانت تغني وهي ساهمة تنظر أمامها من دون الالتفات يميناً أو يساراً، ومن دون أن تلقي بالاً إلى صيحات المعجبين. تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها التابعي أسمهان، ليلتها تركت في نفسه شعوراً بأنها إنسانة تبعث الرحمة في الصدور..ولم يعد التابعي إلى صالة ماري منصور ولم يسأل عن أسمهان حتى قرأ خبراً في الصحف عن زواج المطربة أسمهان من ابن عمها الأمير في جبل الدروز حسن الأطرش وأنها أصبحت أميرة فاستغرب أو عزّ على التابعي أن يصدق أن فتاة من أسرة عريقة تحترف الغناء في شارع عماد الدين. حتى كان العام 1939 رآها صدفة في الجامعة الأميركية في القاهرة، حين كان يهم بالدخول إلى قاعة "بورت" لسماع أم كلثوم، لم يتعرف إليها لكن صديقاً له قال له هل رأيت أسمهان ونحن ندخل؟ وفجأة تذكر التابعي ذلك الوجه بالإزار الأسواد الذي رآه منذ ثماني سنوات في صالة ماري منصور، وعرف يومها أنها طلقت من زوجها الأمير الدرزي، فقال: إذن لم تعد أميرة في جبل الدروز. فأجابه الصديق: كلا وعادت كما كانت المطربة أسمهان. وفي اليوم التالي اتصل به الصحافي أحمد حسن وقال له: إن أسمهان تريد أن تتعرف عليك؟اللقاء لم يتم يومها، بل بعد أسبوعين وبطلب من محمد عبد الوهاب، حيث دعاه التابعي للمجيء إلى منزله فوراً من دون إعلامه بسبب استعجاله. هنا يصف المؤلف سعيد الجزائري في كتابه "أسمهان ضحية الاستخبارات" أول لقاء بين التابعي وأسمهان:"...وحين وصل التابعي منزل عبد الوهاب، وجده ممسكاً بعوده، وأمامه أسمهان وكان الاثنان يراجعان أوبريت "قيس وليلى" وكانت أسمهان تغني لحظة دخول التابعي: "وما فؤادى حديد ولا حجر.. لك قلب فسله يا قيس ينبئك بالخبر.." تسلل التابعي بهدوء وجلس في المقعد الخالي الوحيد، بجانب أسمهان...وبينما كانت أسمهان مشغولة عنه بالغناء، وهي التي طلبت أن تتعرف إلى التابعي قبل أسبوعين، أخذ ينظر إليها ويتأمل وجهها وهو مأخوذ بحلاوة صوتها الحزين، لكن الأذن ترتاح إليه، فوجهها ليس فيه جمال حسب المقاييس المعروفة، لكنها كانت جذابة وكلها أنوثة، أما أنفها فكان مرتفعاً أكثر بقليل مما يجب وطويلاً أكثر بقليل مما يجب، وفمها كان أوسع بقليل مما يجب وذقنها بارزة إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب. أما عيناها (والكلام لا يزال للتابعي) فكان فيهما السحر والعجب والسرّ، لونهما أخضر داكن مشوب بزرقة، وتحميهما أهداب طويلة تكاد من طولها أن تشتبك، وقد لاحظ أنها كانت تجيد استعمال سحر العيون عند اللزوم. انتهت بروفة أوبريت "قيس وليلى" فقدم عبد الوهاب الأستاذ التابعي لأسمهان فمدت يدها بتثاقل وتكلف ساذج وظاهر... تشرفنا... ثم جلس الجميع، فأخذت تصلح من وضع الفراء الذي كان يحيط بعنقها وتتعمد إظهار الخاتم في أحد أصابعها وفيه فص ألماس، وقد احتارت أي ساق تضع على الأخرى، وكانت جميع حركاتها متكلفة وغير طبيعية، وأدرك التابعي أنها تريد أن تحدث أثراً طيباً في نفسه، ومرة ثانية وبعد ثماني سنوات وجد أمامه الفتاة نفسها التي بحاجة إلى الرحمة في الصدور بل وتستحق العطف والرثاء". وبعد ذاك اللقاء صار التابعي من أقرب أصدقائها بعد صديقتها ماري قلادة التي لقيت حتفها معها غرقاً.
الكل أحب أسمهان، وأسمهان أحبت من؟
لقد عرف عن كثيرين إعجابهم بأسمهان، واشتهرت قصص غرام بعضهم الآخر بها في الأوساط السياسية والفنية، هذا عدا عن رجال كثيرين عشقوها لكنهم لم يحظوا بكلمة منها أو حتى التفاتة أو اهتمام، حتى شارل ديغول أبدى إعجابه بأسمهان إبان عملها مع الحلفاء. كان الملك فاروق على رأس لائحة المعجبين، ومنذ أن بدأت الأضواء تسلط على أسمهان وبدأ اسمها يلمع في سماء الأغنية في مصر، وضعها ضمن اهتماماته وكان يرسل لها من يسأل عنها في محاولة لكسب ودها. وفي إحدى المرات أرسل لها مبعوثين خاصين مع تعليمات بأنه سوف يمنحها لقب "أميرة" رسمياً، لكن أسمهان ابتعدت عن طريق الملك بذكائها وتحاشت شباكه وسهامه، ليس تعففاً منها ـ حسب المؤلف ـ إذ لو كان ذا مرتبة أدنى كرئيس مجلس وزراء مثلاً أو وزير لما تأخرت في الاستجابة، لكن ابتعادها كان تقديراً منها للذات الملكية وخوفاً من التورط. أما الملك فاروق فلم يستطع القيام بشيء حيال رفض أسمهان له، ذلك أنها فنانة معروفة ومحبوبة لدى الجماهير وأي إجراء قد يتخذه ضدها ربما يعرضه إلى افتضاح أمره. أما أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي وحامل ختم الملك فكان الأكثر حظوة لدى أسمهان. كان يقابلها بشكل دائم في مكان إقامتها في جناح خاص في فندق مينا هاوس، لوجود هاتف يسهل عليها الاتصالات، وذلك رغم علاقته الحميمة بالملكة نازلي. كان رجلاً وسيماً يفتن النساء ويلفت النظر في أي حفلة أو مكان بسبب أناقته ومظهره الرجولي واسمه المدوي وتاريخه المليء بالمغامرات الحالمة ومنصبه الخطير وحديثه الساحر وخبرته العميقة بالنساء وطباعهن. استلطفته أسمهان وأعجبت به، بل وشعرت تجاهه بالحب، فهو حامل كل صفات الرجولة والاحترام والكياسة وهذا ما تطلبه المرأة في الرجل غالباً.أما أحمد حسنين باشا فقد اندفع نحوها بشكل كبير وتودد إليها كما أسلفنا وأصبح الأمر معروفاً لدى الجميع وقالوا إنه غارق في حبها. إلا أن الغريب في الأمر أن باشا آخر كان يتردد على أسمهان في الوقت نفسه هو مراد محسن باشا، وكان مدير الخاصة الملكية ويقال إنه أحب أسمهان كثيراً لكنه كان أكثر تحفظاً واحتياطاً من أحمد حسنين باشا، وكانت هناك منافسة وغيرة بين الاثنين إلا أن مراد باشا أنهى علاقته بأسمهان بعد أن وصل إليه خبر علاقتها بأحمد حسنين باشا. رغم العلاقة الوطيدة التي ربطت أسمهان بالصحافي الشهير محمد التابعي إلا أن التابعي يصرّ على أنها لم ترق إلى رابطة الحب أو الغرام، رغم أنه كان يذهب إليها في القدس في كل مرة تطلبه فيها، وبخاصة تلك المرة التي تعرضت فيها إلى التهاب رئوي حاد فلم يتركها بل جلس يمرّضها ليلاً نهاراً حتى شفيت وبعد أكثر من عشرة أيام عاد إلى القاهرة، ويومها أرسل إليها ماري قلادة لكي تكون إلى جانبها لشهرين حتى تشفى تماماً لكنها بقيت معها ثمانية أشهر وبعد ذلك لم تفارقها حتى غرقت معها في النيل. التابعي نفسه قال بأنه كان يرتاح للجلوس معها، وهي كانت تطمئن إليه وتثق به وتلجأ إليه كلما نزلت بها شدة أو حرج كما حدث في أحداث عدة، واعترف التابعي أن أسمهان "لم تحبه" كما لم تحب أي رجل آخر بالمعنى الصحيح للحب، حتى أزواجها الشرعيين، ولكنها أحبته محبة من نوع خاص بها، (محبة أسمهانية) حيث إن قلبها كان يحمل التابعي شيئاً أقوى من الصداقة والودّ، وقد اعترفت بذلك لبعض صديقاتها اللواتي سألنها عن حقيقة حبها له، ولكن ذلك لم يؤكد. أما التابعي نفسه فهو يؤكد أنها لم تُكنّ له أي حب، وهو ليس بمغرور كي يدّعي "وهم" حب لا حقيقة له ويقول: ـ نعم كانت تضمر لي وداً وصداقة وثقة وتقديراً ولكن هذا كل ما في الأمر.
هل أغرم عبد الوهاب بأسمهان؟
كانت الراحلة في أثناء فترة ارتباطها بالأمير حسن الأطرش تزور القاهرة من فترة إلى أخرى، وفي هذه الزيارات تجتمع بالأصحاب ومنهم الفنانون كونها على معرفة ببعضهم وصداقة مع آخرين، وكونها من المعجبات بالموسيقي الكبير عبد الوهاب فتعرفت إليه وبادلها الإعجاب وكانت تزوره في داره وقيل إنهما تبادلا الغزل، إلا أن الأمور لم تتطور أكثر من ذلك وتوقفت عند هذا الحد، والسبب، يقول الجزائري في الكتاب نفسه: "... ـ حسب أسمهان نفسها ـ إن عبد الوهاب لم يعجبها، فهو في مجلس الغناء والطرب يعجب ويفتن أي أنثى، لكنه في مجلس العشق والغزل شيء آخر لا يعجب ولا يفتن… وأكثر من ذلك وصفته بأنه رجل مغرور يريد من المرأة التي يحبها أن توفر له كل عناء الحب، عليها أن تكون لها جرأة الرجل وأن تترك لعبد الوهاب حشمة المرأة وحياءها وخفرها، أي أن الأوضاع الطبيعية بين الرجل والمرأة تنقلب مع عبد الوهاب…فهو يجلس مطرقاً برأسه وعلى المرأة أن تزحف إليه وعلى ركبتيها وليس عليه بعد إلا أن يتفضل وتقبل منه حبه وخضوعها وقبلاتها، وبعدها يبدأ بالمغازلة كيفما يشاء بعد أن يجد بين يديه امرأة مستسلمة له بكل جوارحها وعلى استعداد تام لأن تقبل منه أي تصرف سادي أو جنسي، لذلك لم يعجب أسمهان لأنه حاول بطريقته الخاصة هذه أن يخضعها لحبه … فلم يفلح، وحاول عبد الوهاب أن يعيد الكرة ويفرض الحب على أسمهان بعد طلاقها وعودتها إلى مصر فلم يوفق…"
زيجات أسمهان
بدأت شهرة أسمهان في القاهرة منذ أن كانت في السادسة عشرة حيث بدأت تحيي الحفلات والأفراح وتتقاضى الأجور وتحسنت حال العائلة مادياً، فانتقلت إلى شقة في منطقة غاردن سيتي، وبعدها زارهم إبن عمها الأمير حسن الأطرش من أجل طلبها للزواج. والدتها رفضت في البداية، ذلك أن أسمهان بدأت تعيل العائلة وتدر عليها بعض الأموال، حسبما صرحت الراحلة فيما بعد. في ذلك الوقت كانت أسمهان ضعيفة ووالدتها تتحكم بآرائها وقراراتها. وبعد ذلك جيّش الأمير حسن الأطرش العشيرة ضد عالية المنذر، والدة أسمهان، وأبلغهم بأنها تغني في الملاهي وأن ولديها فريد وآمال يحترفان الغناء، فثارت ثائرة العشيرة، وخشيت الوالدة من العاقبة ومن بطش العائلة. وهكذا عاد العريس إلى مصر مرة ثانية ورتب الأمور وسجل لوالدتها منزلاً في دمشق ودفع لها مبلغ خمسمائة جنيه من الذهب تعتبر ثروة في ذلك الوقت وتوجهت أسمهان وابن عمها مع شقيقها فؤاد إلى جبل الدروز وتم الزواج وأصبحت تحمل لقب الأميرة آمال الأطرش. لكنها بعد أن انفصلت عنه، عادت وتزوجت منه بعد سنوات، في الثالث من تموز عام 1941، بعد أن قررت اعتزال الفن والتفرغ للسياسة والأسرة حسب قولها، لكن هل هذا ما حدث بالفعل؟ كانت أسمهان تعمل بإدارة أحمد بدرخان في فيلم "انتصار الشباب" مع شقيقها الراحل فريد الأطرش، وبديهي أن يلتقيا يومياً ويتبادلا الآراء والأحاديث وتشكو ما تتعرض له من حسنين باشا والملك فاروق وغيرهما من المعجبين ويجتمعا إما في أحد المطاعم أو في استديو لبيب مصور الفيلم الفوتوغرافي، وكان بدرخان رقيقاً ولبقاً يحدثها حول خصوصياته أيضاً وحياته المضطربة وكان أن طلب منها الزواج في إحدى المرات وهي كانت بحاجة إليه لأسباب عدة، منها التخلص من بيت الأسرة حيث كانت تلقى الضرب المتواصل من شقيقها فؤاد، إضافة إلى أن أحمد بدرخان كان مخرجاً معروفاً في الوسط الفني، والأهم أنها كانت تعتبر أجنبية في القاهرة وزواجها من مصري يسهل الحصول على الجنسية المصرية. وبذلك كان زواجها العرفي من أحمد بدرخان، الذي لم يكمل الشهرين، ثم أنهاه الطلاق. التقت أسمهان بأحمد سالم حين كانت تعمل في فيلم "انتصار الشباب"، كان يتردد أحياناً ويساعد في إدارة الفيلم، وهنا كانا صديقين، لكنها في الفترة التي أقامت فيها في القدس صدف أن حضر هو وتحية كاريوكا لبعض الأعمال فالتقى سالم بأسمهان في فندق الملك داود وتقاربا وحدث الزواج السريع وأمضيا أسبوعين في العسل حتى جاءها خطاب بالعودة إلى مصر حيث كانت وقعت عقد تمثيل مع شركة مصر للتمثيل والسينما. بعد فترة بدأت أسمهان تتملل من الارتباط ومن غيرة أحمد سالم الشديدة عليها وهي التي اعتادت الحرية فدبرت اتصالاً له من تحية كاريوكاً لكي يكون نواة خلاف بينهما، لكنه أحس بالظلم وحاول الانتحار مرتين وكل مرة يتم إنقاذه وفي إحدى المرات حاول قتلها حين أطلق عليها النار من مسدسه ولم يصبها، هربت وطلب البوليس فأصاب أحد الضباط بعيار ناري وأصيب هو أيضاً بعيار من مسدسه وبعد أن شفي قدم للمحاكمة وسميت قضيته بمأساة أحمد سالم وأسمهان.
عملها مع الاستخبارات
يوم الجمعة 23 أيار 1941 اتصلت أسمهان هاتفياً بالتابعي وأبلغته أنها ستزوره في المساء، وهكذاكان. ففي هذه الجلسة استحلفته بالقرآن أن لا يبوح لأحد بكلمة مما ستقوله له. وحينها أفشت له سرّ معرفتها ببعض ضباط الاستخبارات البريطانية وأنهم اتصلوا بها خلال اليومين الماضيين لتكليفها بمهمة في الشام. وأنها سبق وزودتهم بمعلومات حصلت عليها من بعض السياسيين المصريين واكتشفت بذلك إنها الطريقة المثلى للحصول على المال. وكشفت أسمهان بذلك الكثير من أسرار الاستخبارات الألمانية "الغستابو" في القاهرة، وألحقت بعملائهم وعملياتهم الجاسوسية أضراراً كبيرة، ولقي بعضهم مصرعه على أيدي الاستخبارات البريطانية، ونتيجة ذلك أصدروا حكماً بالتخلص منها، وعندما علمت الاستخبارات البريطانية بأن عميلتها مهددة بالإعدام قرروا تهريبها من مصر بتكليفها بمهمة جاسوسية جديدة في الشام عن طريق القدس. وتحت تأثير الدهشة والذهول حذّرها التابعي خشية عليها، لكنها طمأنته بمعرفتها كيفية التصرف مع كبار الرجال فكيف بضباط الاستخبارات الذين كما وصفتهم، يحترمون المرأة وعملها معهم. كانت بريطانيا تود من أسمهان أن تبذل جهودها لإقناع زوجها الأمير حسن الأطرش وعشيرته بالتعاون مع قوات بريطانيا التي تنوي الدخول إلى سوريا ولبنان لطرد قوات فيشي التي سلمت زمامها إلى الألمان. وبذلك منحت بريطانيا أسمهان رتبة فخرية "ميجر" أو "رائد" لكي تنال امتيازات خاصة مالياً واستشفائياً لدى المستشفيات البريطانية كأي ضابط بريطاني عند الحاجة. البداية كانت في الأول من أيار عام 1941، حين التقاها نابيير يوغن (كان يشغل منصب قنصل بريطانيا في دمشق، ثم انتقل إلى سفارة القاهرة في قسم الدعاية، وفي الوقت نفسه هو رئيس فرع الاستخبارات) وطلب منها لقاء والتر سمارت، حيث تناولت الشاي معه بحضور الجنرال البريطاني كلايتون وهذا طلب منها بصراحة السفر إلى القدس بالطائرة حيث سيقابلها أحد عمالائهم ويعطيها التعليمات ثم تسافر إلى عمان ثم سوريا. ودفع لها كلايتون مبلغ خمسة آلاف جنيه على أن يدفع لها في فلسطين أربعين ألف جنيه لتوزعها على رؤساء العشائر في سوريا.
حين عاتبها التابعي قالت له:
ـ أريد أن أخدم بلدي. وأضافت: قل لي في مصر أعمل إيه وأعيش منين؟ لقد سمعت كلام الناس عني بالحق والباطل. والحبة عملوها قبة. وأجري من إذاعة القاهرة لا يكفيني وما جمعته من السينما صرفته وأنا لا أحب الغناء في الأفراح والحفلات العامة. ولقد كنت أرجو بعد نجاح فيلم "انتصار الشباب" أن يقتصر عملي على السينما وحدها لكن ظهر العقد المبرم بيني وبين الدكتور بيضا يمنعني من العمل في أي فيلم آخر لمدة عامين وقد مضى منهما عام. بمعنى أن علي أن أدبر معيشتي عن طريق آخر غير السينما فماذا أفعل؟ هل أبقى في مصر وأرفض عرض الإنكليز؟ كانت أسمهان تعي قوة الدروز في ذلك الوقت وتأثيرهم المعنوي والعددي والسياسي في الواقع السوري، ولما كان الحلفاء ينوون الزحف إلى سوريا ولبنان فمن الهام أن تنضم قوة أولئك إليهم، وأن أسمهان هي أنسب صلة وصل والأكثر تأثيراً بهذه القوة بسبب حب ابن عمها وزوجها الأمير حسن الأطرش لها ومن هنا كانت هي واثقة من نجاح مهمتها. وهذا ما كان حيث نجحت في إقناع عشائر الدروز من خلال الأمير حسن الأطرش بالانضمام إلى الحلفاء. ولكنها خلال جولاتها ورحلاتها بين القدس وجبل الدروز شعرت بمدى الخطر الذي أوقعت نفسها فيه وتمنت لو تستطيع العودة إلى القاهرة وتترك هذه المغامرة، لكنها كانت وصلت في منتصف الطريق الذي لا يمكن العودة إلى أوله، وكانت تقبض مخصصات ورواتب رؤساء العشائر وتدفعها لهم بانتظام وبخاصة بعد أن تزوجت الأمير حسن الأطرش مرة أخرى واستقرت في السويداء وهكذا هددتها الاستخبارات الألمانية والسلطات الفيشية بالتوقف عن مهمتها لكنها استمرت، مما اضطرها تحت الضغوط والخطر أن تغادر سوريا هرباً، وتحت جنح الظلام وعلى صهوة جواد، وقد دهنت وجهها باللون الأسود وارتدت لباس أحد العبيد بصحبة الأمير فاعور، الذي غادرها ما أن وصلا الحدود الفلسطينية. ومن هناك وصلت إلى فندق الملك داود، وحصلت نتيجة مهمتها على عشرين ألف جنيه، عاشت منها حياة بذخ ملأت بها ليالي القدس ولائم وسهرات. وكانت النتيجة زحف القوات الفرنسية "قوات ديغول" والحلفاء نحو سوريا ولبنان وقضوا على القوات الفيشية واحتلوا البلاد. كان علىالاستخبارات البريطانية أن تنتهي من أسمهان لأسباب عدة أولها إن أسمهان لم تلتزم بالصمت حيال الأسرار في وقت كانت أسمهان تذيع الأسرار بعد أن يستبد بها المشروب في السهرات والأمسيات، ثم أن أسمهان أثارت الشكوك حول بذخها والأموال الهائلة التي كات تصرفها وهي معروف عنها قلة أعمالها الفنية سواء في الغناء أم في السينما، وإن كانت زوجة أحد الأمراء. إضافة إلى تورطها بالسفر مع العميل الألماني فورد، حين أعادتها السلطات البريطانية من الحدود السورية ـ التركية وهذه هفوة سجلت في ملف أسمهان المهني ، الاستخباراتي.
أفلامها
لم يتسن لأسمهان تثبيت أقدامها كممثلة ومغنية في عالم السينما، لانشغالها طوال سنوات، بزواجها المتذبذب من ابن عمها حسن الأطرش، وعملها مع المخابرات وهذان الأمران تطلبا منها تنقلات دائمة بين دمشق وبيروت والقدس والسويداء والقاهرة، في فترة تعتبر طويلة نسبة لحياتها القصيرة. لو تسنى لها العيش مدة أطول، لاستطعنا أن نشهد إمكانات أكثر وأفلام أخرى، ربما، ولتمكنت أسمهان من إثبات موهبتها في التمثيل أيضاً ولنافست بذلك ليلى مراد التي احتلت عرش السينما الرومانسية والاستعراضية فيما بعد. فحياة أسمهان المليئة بالعذابات تركت أثرها على ملامح الوجه، وأودعت الحزن في عيونها الواسعة المتلألئة دوماً بالدمع وغياب البسمة عن ثغرها، وجسدها الناحل المتعب، كل ذلك يضاف إليه إن أول أدوارها في السينما، هو نفسه أول أدوار حياتها الحقيقية، مثلت في "انتصار الشباب"من دون أن تمثل، لأنها عاشت اللحظات نفسها مع شقيقها فريد الأطرش، فكان فيلمها الأول الذي أخرجه أحمد بدرخان ولحن فريد أغنياته،وشاركهما التمثيل حسن فايق وبشارة واكيم.
"غرام وانتقام" فيلمها الثاني والأخير الذي لم تنهه بنفسها بل القدر أنهاه بغرقها.
عام 1944 كتبه وأخرجه الراحل يوسف وهبي، لحن أغانيه فريد الأطرش، شاركها التمثيل أنور وجدي ومحمود المليجي.
أقوال في صوت أسمهان
ـ الملحن الكبير داود حسني الذي كان له صيته يومذاك، أطلق عليها اسم أسمهان، إذ استقبله فريد المطرب الناشئ، غنى أغنيات من ألحان حسني، ومن ثم سمع آمال تغني في غرفتها فطلب إحضارها وغنت أمامه فدمعت عيناه وقال: "... كنت أرعى فتاة تشبه آمال وصوتها الجميل إلا أن الموت كان أسبق لها من الشهرة، لذلك فأنت من الآن ستحملين اسمها الفني (أسمهان).
ـ محمد القصبجي زار عائلة أسمهان في حي الفجالة، وسمع صوتها وقال: "...هذا صوت من الجنة."
ـ رياض السنباطي قال: "إن أسمهان هي المطربة العربية الوحيدة التي وصلت إلى مرتبة منافسة أم كثلوم، رغم قصر عمرها الفني.
ـ الشيخ محمود صبح سمع أسمهان تغني لأم كلثوم فقال: "...عندما ينضج صوتك يا أسمهان سيكون لك شأن عظيم.
ـ محمد عبد الوهاب قال: "... إن أسمهان فتاة صغيرة لكن صوتها صوت امرأة ناضجة."
ـ محمد محمود خليل، الوزير السابق ورئيس مجلس الشيوخ في مصر أيام الملك فاروق، بعد أن سمعها للمرة الأولى تغني قال: "... البنت دي تقدر تكتسح عالم الغناء في مصر فهي جميلة ومهذبة ومتعلمة وبنت أصل وصوتها جميل.
ـ حسب الموسيقي سليم سحاب، فإنه لم يكن ثمة جدل في عظمة صوت أسمهان. لكن الجدل كان في المفاضلة بينها وبين أم كلثوم، سيدة الغناء العربي بلا منازع.
ـ فريد الأطرش قال إنها ربما تنافس أم كلثوم عبر ألحان القصبجي، لو تسنى لها العيش سنوات أطول.
فيما يخالفه الرأي الناقد المصري كمال النجمي في كتابه "الغناء المصري"، حيث قال إنه لو قدّر لأسمهان أن تعيش عمراً أطول لما كان في مقدورها أن تنافس أم كلثوم، على رغم عظمة صوتها وإحساسها وأدائها، لأنها كانت تحيا حياة صاخبة، فلا تُعنى بصحتها وسلامة حنجرتها، والدليل جهد صوتها في أغنيات فيلم "غرام وانتقام".
النهاية
أحست أسمهان بالإرهاق إبان تصويرها لفيلم "غرام وانتقام" فأخذت إجازة من مخرجه يوسف وهبي لتذهب إلى منطقة رأس البر ترتاح فيها بضعة أيام على شاطئ البحر مع صديقتها ماري قلادة. استقلت السيارة في الثامنة من صباح الجمعة 14/7 1944 وجلست مع قلادة في المقعد الخلفي، وحين وصلت السيارة إلى منطقة بين قرية طلخا ومدينة المنصورة اعترضها مطب وفقد السائق سيطرته على السيارة وانحرفت بسرعة وسقطت إلى يمين الطريق حيث الترعة، فرع من النيل، وهي نهر عمقه ثلاثة أمتار وفي هذه اللحظات استطاع السائق أن يقفز من السيارة ولم يصب بأذى في حين سقطت السيارة بأسمهان وماري في الماء بسرعة وغمرتها المياه قبل أن يتمكن أحد من إنقاذهما. وساد الاعتقاد بعد ذلك وحتى الآن، إن السائق تم تدريبه من قبل الاستخبارات البريطانية لأجل إنهاء حياة أسمهان بهذا الشكل المفجع، إذ تمت تصفية الكثير من الأسماء المعروفة بهذه الطريقة. رغم أن أسمهان تعرضت إلى محاولات اغتيال سابقة، أو حوادث قد تكون صدفة لكنها كانت قاتلة نجت منها بأعجوبة. وقد أشارت أصابع الاتهام إلى جهات عدة أخرى، منها شقيقها فؤاد الذي كان غاضباً منها والملك فاروق الذي رفضته ولم تستجب لنزواته، والملكة نازلي بسبب تحديها الدائم لها وأخرى لأم كلثوم التي أشيع أنها كلفت السائق بالتخلص من أسمهان، لأنها كانت منافستها على قمة الغناء، ثم زوجها أحمد سالم رغم توقيفه بتهمة محاولة قتلها. يذكر أن أي ذكر للسائق لم يرد في التحقيقات أو المقالات أو الاتهامات ولم يعرف مصيره حتى اليوم. يوم ماتت أسمهان انتحر شاب عراقي في بغداد كان من عشاق صوتها، إذ ألقى بنفسه في نهر دجلة. وفي دمشق حاول شاب آخر الانتحار متناولاً كميات من الدواء وأنقذ في المستشفى، وفي بيروت انتحرت فتاة لبنانية ملقية نفسها من أعلى صخرة الروشة. دفنت في أرض النيل كما دفن إلى جوارها فيما بعد الراحل فريد الأطرش حسب وصيته. وهكذا سميت فيما بعد عروس النيل وهي التي غنت "أنا بنت النيل" لتنهي بغيابها رحلة قصيرة، شاقة، تاركة صوتها يرن في أرجاء المعمورة. يذكر أن مواقع ألكترونية خصصت لها في الآونة الأخيرة على الأنترنت من قبل عشاقها، بعد أن كتبت عنها كتب عديدة، ومقالات لا تحصى، في الصحافة اليومية والأسبوعية العربية، وكاسيتاتها تملأ الإذاعات، والفضائيات تستعيد بعضاً من مشاهدها الاستعراضية القليلة في فيلميها.صوتها ما يزال المدرسة التي تنهل منها عاشقات الغناء في الشرق في محاولات منهن بلوغ ذروة هذا الصوت من دون الوصول إلى هذا الهدف، وكم من محاولات سينمائية لإنتاج قصة حياتها فشلت حتى الآن ولم نعرف أسباب الفشل، لكن يبقى التمني أن يرى فيلماً عن أسمهان النور ليكون عبرة للأجيال وليوثق لحياة فنانة تركت أثراً في الغناء العربي الجميل.
سيرة
اختلفت الدراسات حول تاريخ ولادة أسمهان. فحسب سعيد الجزائري، في كتابه "أسمهان ضحية الاستخبارات" فإن أسمهان ولدت في 25 تشرين الثاني عام 1912 في الباخرة التي أقلتها ووالديها إلى بيروت برفقة أخويها فؤاد وفريد. لكن فيكتور سحاب في كتابه "السبعة الكبار" يذكر أنها ولدت في 24 تشرين الثاني عام 1917، وفي مقالات صحفية أخرى نقرأ أنها ولدت في العام 1918. ونحن نميل إلى التاريخ الأول الذي ذكره الجزائري، وكرره أكثر من مرة وموقع في كتابه المذكور، أي العام 1912، ذلك أن الباحث سحاب يذكر في كتابه، إن أسمهان غنت في مرحلة عمرها الفني الأولى (1932 ـ 1933) أغنيات: "كنت الأماني"، "كلمة يا نور العيون"، و"أين الليالي"، من ألحان محمد القصبجي. وأغنية "هديتك قلبي" للشيخ زكريا أحمد. ويقول سحاب: "...وكان صوتها آنذاك مفتوحاً وحاداً...". فإن كانت من مواليد 1917 حسبما ذكر، فهذا يعني إن عمرها في العام 1932 هو 15 سنة، وبذلك يساورنا الشك أن يكون الصوت مفتوحاً لهذا الحد الذي تمتلكه الخبيرات، أما حدته فهو من حال أصوات الأطفال عموماً والفتيات في هذه السن، لا كما هو صوت المرأة الناضج. لكن لو صحّ أنها من مواليد عام 1912 فإن عمرها يقترب من العشرين ربيعاً حين غنت للقصبجي وزكريا أحمد الأغنيات المذكورة، وفي هذه السن يكون الصوت بالفعل مقترباً من النضوج ـ إلى حدّ ما ـ ويكون مفتوحاً وواضحاً وحاداً، وبذلك يكون في العام 1938ـ حسب سحّاب ـ "... بدا تمكن أسمهان من أصول الغناء التقليدي في أغنية للقصبجي ليت للبراق عيناً ... في المرحلة الثانية من عمرها الفني، وبالفعل تكون أفادت كثيراً من الأصوليين أمثال داود حسني ومحمد القصبجي...".

آمال فهد الأطرش، أو أمل أو بحرية أو إميلي فكل من زوجها ووالديها وراهبات المدرسة الانكليزية وغيرهم كان يحلو له أو يرغب بتسميتها حسب رغبته. فيما المعروف أن اسمها الفني "أسمهان" أطلقه عليها كما أسلفنا الملحن الكبير داود حسني.

والدها فهد الأطرش، مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا. والدتها عالية المنذر.
استقر والدها في بيروت بعد تعيينه معتمداً عن الدروز، من قبل المفوض السامي الفرنسي. وتوفي بعد اندلاع المعارك بين الفرنسيين والدروز في لبنان .

غادرت والدتها برفقتها وأخوتها الأربعة فؤاد وفريد وأنور ووداد إلى الاسكندرية ثم القاهرة، حيث استقرت في حي الفجالة الشعبي. وفي البداية عملت الأم في الأديرة لتعتاش وتربي أولادها، وكذلك على بعض الإعانات ثم توفي أخواها أنور ووداد.

شقيقها الأكبر فؤاد، عمل مساعداً لطبيب أسنان بعد أن كبر وأدخلت أسمهان المدرسة الإنكليزية، وهناك كانوا ينادونها "إيميلي"، ثم بدأت مواهب فريد الفنية تظهر وهو مايزال بعد تلميذاً في مدرسة الفجالة الابتدائية، حيث بدأ الغناء في المدرسة وفي بعض الحفلات الخاصة، ثم في الإذاعات المحلية إلى أن وصل إلى إذاعة القاهرة واحترف الغناء فيما بعد.

كانت آمال تشارك فريد ولعه بالموسيقي والأحلام الفنية، كانت تغني لنفسها ولوالدتها التي كانت تشجعها مع شقيقها فريد، ولذلك دخلت أسمهان أجواء الغناء والحفلات.

بدأت في الخامسة عشرة، تتعلم على أيدي الملحنين أمثال داود حسني ومحمد القصبجي وغيرهما. فيما كانت على خلاف دائم مع شقيقها فؤاد ويصل الأمر في غالب الأحيان إلى ضربها وهروبها من البيت.

تزوجت ابن عمها حسن الأطرش وأنجبت منه خلال سنوات الزواج التي استمرت من 19الى 1939، بنتاً أسمتها كاميليا.

تنبأ لها أحد الفلكيين المعروفين "الأسيوطي" بأنها ستكون ضحية حادث وستنتهي في الماء. وهذا ما حدث، إذ غرقت سيارتها في ترعة ماء أثناء توجهها إلى رأس البر.

قصة حياة اسمهان - الاميرة امال فهد الاطرش

بقلم سحر طه

aupbc@yahoo.com

لم تعرف تلك الصبية الصغيرة أن القدر كان يخبئ لها كل تلك التناقضات التي يمكن أن يعيشها إنسان على هذه البسيطة. صحيح أن حياة كل منا مليئة بالحلو والمر، النجاح والفشل والأبيض والأسود وما بينهما، إلا أن أسمهان عاشت كل حلاوة الدنيا ومرارتها وكأنها عرفت في قرارة نفسها أن عمرها قصير (1912 ـ 1944). ستون سنة مضت على غياب صاحبة "ليالي الأنس"، و"فرق ما بينّا" و "يا ليالي البشر" و"رجعتلك يا حبيبي"، و"أهوى"، و"ليت للبرّاق عينا" و"أنا اللي أستاهل" وما تزال دموع حجاج بيت الله، تنهمر في كل عام مع أغنيتها الأقرب إلى الدعاء "عليك صلاة الله وسلامه" بنبرة الخنوع والتوبة، باعثة الرهبة، والحنين إلى مرقد النبي.الصوت الحزين لما يزل يرن في الأذهان كلما استحضرنا صورتها أو سيرتها أو مشهداً من أفلامها، إذ حيّر النقاد والموسيقيين والملحنين والمتذوقين والعشاق على حدّ سواء.أسمهان، النبرة الشجية في عالم الأغنية العربية، والشخصية الغامضة الواضحة معاً.


 

عاشقة الحياة والمال، البهجة والحزن، لطالما دفعتها مشاعر مجهولة، قوية لا تقاوَم، ولهفة إلى كل تجربة جديدة ومغامرة، مهما ذهبت بها، بعيداً أو قريباً، من دون أن تهاب موت، أو تردعها تقاليد أو قيود، وكأنها شاءت عن قصد وإصرار، أو عن غير قصد أن تكون حياتها شريطاً سينمائياً، أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، حيث سطرت حياتها بقصص الفقر والألم النفسي والجسدي وسلسلة مغامرات، بدءاً باللهو والسهر والحب واللذة والألم معاً، وصولاً حتى الجاسوسية، بحيث لا تبتعد كثيراً عن قصص أغاثا كريستي الخيالية الشهيرة، وعاشت حياتها بكل ما هو مشوّق، وغريب، وغير معتاد من امرأة شرقية، عربية، وذات أصول نبيلة، لتبقى سيرتها مثالاً للمرأة المتمردة على كل شيء.هل كانت بذلك تنتقم من تلك الحياة التي شاء لها القدر أن تبدأها بالترحال والهروب منذ لحظة ولادتها وحتى لحظة مماتها، وكأنها تقول لنفسها وللعالم أجمع: إنكم لم تذوقوا طعم الذل والحرمان، ولم ترضعوا الخوف كما رضعته، ولم تجربوا المحن فيأيام الطفولة السوداء، في أوقات لم أجد من يحنّ علي وعلى عائلتي بكسرة خبز.بعيداً عن الموهبة، أسمهان كانت مثال الأنوثة الطاغية والسحر الذي لا يقاوم. جمال وجهها الحزين كان سلاحاً تستمد منه القوة لتنال مرادها من العقول والقلوب. عقول وقلوب الرجال التي طالما ضعفت أمام شخصيتها المحيرة، حتى إن الصحافي محمد التابعي أقرب أصدقائها، قال إنها يمكن أن تبكي بدموع غزيرة في لحظة، ومن ثم تضحك من قلبها في لحظة أخرى. امرأة استعصت على الوصف حقاً، وقد لا يملك امرؤ أن يتخذ موقفاً معيناً منها، لكثرة ما حوته شخصيتها من غرائب السلوك وتناقضاته. جمالها وجسدها الناحل وشكلها العام قد تثير المواقف المتناقضة منها وقد يختلف البعض حول جمال وجهها أو جسدها، لكن في أي زمان وفي أي مكان لم يختلف اثنان على حلاوة صوتها، والقشعريرة التي يبعثها فينا حين نستمع إليه. عرفت الفقر والغنى، لقبت الفنانة أسمهان وعشقت لقب الأميرة آمال. أحبت الغناء وكرهت الإذلال، تألمت وهي بعد غضة، إذ اضطرها العوز أن تقف ساعات، تغني في صالات شارع عماد الدين، حيث كانت تطوي آلامها، وتغالب دموعها كي لا تسيل أمام جمهور من السكارى والثملين يقذفونها بنكات وألفاظ خاصة برواد تلك الصالات. أحبت الغناء لأجل المزاج، لا من أجل المال، والغناء لنفسها ولوالدتها ولمن تحب ولمن ترتاح إليهم، لكن الغناء بالأجر مقتته إذ أصبح مهنتها التي لا تستطيع التخلي عنها، بل تعتبره مهنة أسرت موهبتها.كانت تثور على هذا الوضع أحياناً، لكن ليس بيدها حيلة، فهي مضطرة للاستمرار كي تعيل نفسها وعائلتها. ولطالما رفضت الجلوس مع رواد الصالة بعد انتهاء وصلتها كما كان متعارفاً، وقد حرص شقيقاها فؤاد وفريد على أن لا تلزمها العقود مجالسة الزبائن.سبع سنوات حافلة سبقت وفاتها، تعتبر من أفضل سنوات حياتها، نالت فيها الشهرة والمال، بعد تعرفها إلى طلعت حرب باشا، الذي قدمها مع شقيقها فريد إلى الموسيقيين والملحنين والإذاعة وشركات الأسطوانات، فأصبح منزل العائلة في ذلك الوقت، في حي غاردن سيتي يستقطب الملحنين والشعراء والمنتجين والمخرجين، الذين كانوا يمطرون أسمهان بمشاريع غزيرة للسينما والمسرح، والجميع مأسور بشبابها وجمالها وأنوثتها الطاغية وصوتها المبدع.
سرّ الصوت
أي سرّ في هذا الصوت المتلألئ الذي يأسر القلوب بشحناته القوية، وانحناءاته المفعمة بالدفء والحنان والشجن، بل قدرته على بصم أي لحن ببصمته، وتغليف الأنغام بخصوصيته، وإسباغ الصفة الدرامية الشجية عليه. صوت حمل كمّاً من الصفات التي كان يوصف بها صوت متكامل العناصر، وموهبة إلهية قلّما يهبها الله لحنجرة ما. المستمع العادي يستطيع أن يشعر بأوتار الصوت المشدودة، الأقرب إلى صفاء الذهب، في رنينه ولمعانه. صوت أنثوي بالغ الإحساس، مرهف، يتلون مع كل أغنية، حسب مضمونها، ونوعية الدور المسند إليها في السينما، كما في الحياة. ظهرت أسمهان في زمن العمالقة. في أوائل الثلاثينات. أصوات كبيرة راسخة في الآذان العربية وأذهانها ووجدانها، حين كانت مواصفات معينة في الصوت لم يمكن أن يخترقها أو تخرق قواعدها أي موهبة لا تتقيد بها، إلا أن ذهبية الصوت، أسمهان ـ كما وصفها الملحن محمود الشريف ـ لم يتجادل اثنان على جمال صوتها وعظمته وقدرته على سلب المشاعر. ليس بأنوثته ودفئه فحسب بل بمساحته التي هي هبة من الله في المرتبة الأولى حيث ضم صوتها أكثر من أوكتافين "ديوانين"، أي أكثر من خمس عشرة درجة على السلم الموسيقي. إضافة إلى قدرتها على التصويت من الرأس، حسب أسلوب الغناء الأوبرالي الغربي المتعارف لدى مغنيات السوبرانو، وقد نستمع إلى بعض المغنيات العربيات يستخدمن هذه الطريقة وبخاصة اللواتي من أصول مغاربية: تونس والمغرب والجزائر، إلا أن أسمهان تميزت عنهن بصوت ينثني انثناءة الحرير الأصيل، وكان صوتها يأتي صافياً عريضاً واضحاً رناناً شجياً لا صارخاً حاداً، بل يتدفق في غاية الحنان والسلاسة والرقة. ولو عدنا إلى أغنية "ياطيور" التي لحنها محمد القصبجي لوجدنا فيها كل مواصفات الصوت الأوبرالي الدرامي، تضاف إلى مواصفات الصوت الشرقي المعتق بأنغام الأصالة والملوّح بحرارة النبرة المقامية المشرقية بدقتها ورهافتها. فالمعروف في الأصوات العربية ذات المساحة الكبيرة إنها إما تكون متقنة للنغمات الغربية على حساب الشرقية، أو العكس، أما إتقان الأسلوبين معاً في الصوت الواحد فهو من النوادر وينطبق على أسمهان وفيروز، وأم كلثوم في بداياتها، والراحلة نور الهدى، وإلى حدّ ما على المطربة التونسية الراحلة ذكرى. صوت أسمهان كان الوحي، والملهم لأنغام الملحنين الذين تعاونوا معها، وخبروا الصوت بتعابيره الدرامية، لا في مساحته الكبيرة فحسب، وبخاصة محمد القصبجي الذي لحن لها "ياطيور" وغيرها وشقيقها الراحل فريد الأطرش الذي استوحى من صوتها أجمل الألحان بدليل أن ألحانه لصوته ولغيره من مطربات ومطربين لم تصل إلى مستوى ألحانه لأسمهان، إذ وضع أكثر الجمل اللحنية تناسباً مع موهبتها الفذة وأكبر مثال على ذلك، "ليالي الأنس"، إضافة إلى غنائها ضمن أسلوب الطرب التقليدي الذي كان متبعاً في تلك الفترة. إلا أن أسمهان وبسبب هذا الصوت الموحي بالتجديد والدراما جذبت الأسماع من خلال الألحان التي سبقت عصرها. في تحليل بعض أداءات أسمهان، يقول الموسيقي سليم سحاب في "كتاب السبعة الكبار لمؤلفه فيكتور سحاب" : ة"...التعبير الإنساني يبقى أعظم ما في غناء أسمهان، وهو تعبير يكاد لا يستثني حالة من حالات المشاعر والأحاسيس الإنسانية. ففي أغنية "ليالي الأنس" مثلاً، تنتقل أسمهان بسرعة من مزاج إلى مزاج آخر وفقاً للحن والمعاني. فمن: "خيال ساري مع الأحلام" حيث تغني بشفافية وإشراق بالصوت، إلى عبارة: "تفوت من غير ما تتهنّى" حيث تضفي حساً درامياً على النهاوند، وذلك لا استعراضاً أو رضوخاً لإغراءات الاستعراض، بل تعبيراً فنياً عن مزاج يظل شديد الوضوح في كل الحالات.
ويتابع سحاب:
في أغنية "يا حبيبي تعال الحقني"، أربعة مقاطع على لحن يتكرر. والعبارات "من بعدك"، "أتألّم"، "في يدّك"، "يلين قلبك"، تقولها أسمهان بأحاسيس مختلفة تؤدي تعبيراً مختلفاً في كل مرة، وفقاً للمعنى المطلوب، على الرغم من أن اللحن هو نفسه في العبارات الأربع. وعلى الرغم من أن العبارات المذكورة قصيرة للغاية، ولا مجال فسيحاً فيها للتعبير الإنساني الزخم، إذ أنها تتشكل من علامتين موسيقيتين فقط. وتلاحظ في هذه الأغنية الشحنات العظيمة والحرارة الإنسانية المتدفقة في عبارة "وغرامي هالكني". ويتناول سحاب قدرة أسمهان في الوصول إلى مستوى عبد الوهاب في التعبير المسرحي في المغناة المسرحية "قيس وليلى". فيما بلغت في تعبيرها الغنائي أعماقاً مأسوية مؤثرة للغاية في أغنية "أيها النائم" من لحن السنباطي.
حكايات الفقر والبؤس
قصص أسمهان بدءاً بالفاقة في صغرها، تصلح بحد ذاتها لأن تكون مادة غنية لفيلم سينمائي من أكثر الأفلام تراجيدية. بقيت تقض مضجعها حتى وفاتها، إلى حدّ القيام بأي شيء أو عمل كي لا تعود إليها. حين تتذكر تلك الفترة وترويها لصديقها التابعي تتألم كثيراً، وبخاصة أيام حيّ الفجالة وتعرّضها لسوء التغذية. في إحدى المرات نضب مورد الأسرة بعد سفر المليونير الأمريكي الذي كان يمدهم شهرياً بما يوازي مئة دولار. في تلك الأيام عرفت أسمهان الجوع والحرمان إذ تذكر أن بيتهم خلا من أي طعام فأرسلتها والدتها لاقتراض بعض المال من الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، أحد الزعماء السوريين، وهو مقيم في القاهرة وعلى معرفة بأسرة أسمهان، وكانت قطعت مسافة بعيدة مشياً على الأقدام، وحين قابلته وأبلغته رسالة والدتها عن سوء حالهم قدم لها "ريالاً" واحداً، عادت به إلى أمها، وعندما رأته والدتها بكت وبكت معها أسمهان وقدّرت في ذلك الوقت بأنهم أوشكوا أن يتسوّلوا. وفي قصة أخرى تذكر أسمهان أنها كانت تزور أسرة الأميرالاي محسن بك، وكانت دارهم في شارع الشيخ ريحان بالقرب من ميدان عابدين. كانت تظن أنهم سيقلّونها بسيارتهم إلى منزلها في حيّ الظاهر، لكن السماء أمطرت بغزارة فعدلوا عن الخروج بالسيارة، وحين أقبل المساء والمطر لا يزال ينهمر خرجت بكبريائها وكأنها تريد أن تستقلّ سيارة أجرة، وقد خجلت أن تقول لهم إنها لا تملك قرشاً واحداً، فسارت تحت المطر وفي الوحول من عابدين حتى الظاهر وبعدها بقيت طريحة الفراش عشرة أيام.
وفي حكاية أخرى، تقول أسمهان:
ـ بدأت والدتي تعمل في خياطة الملابس للسيدات وكان ما تحصل عليه قليلاً لكنه يقي شر الجوع والفاقة. وذات يوم شاءت المصادفة أن تلتقي أمي في دار صديقة سورية بالأستاذ داود حسني وهو من الملحنين القدماء، وسبق أن تعاون مع العائلة فنياً، وهنا المفاجأة حيث سمع الملحن حسني صوت الوالدة عالية المنذر وهي تغني عند صديقتها وتنقر على الدف "الإيقاع" فسألها لماذا لا تحاول استغلال موهبتها هذه مثل أولادها آمال وفريد خصوصاً أنها تملك الجمال والصوت الأصيل الذي ورثه فريد وأسمهان منها وكانت والدتها تعرفت إلى سامي الشوا عازف الكمان المعروف وهو سوري الأصل من مدينة حلب وهذان الموسيقيان ساعدا والدة أسمهان فنياً وأخذت تحيي الحفلات الخاصة عند بعض العائلات واتسع رزق العائلة قليلاً حيث أمكنها إدخال فريد وأسمهان إلى المدرسة وإتمام الدراسة التي توقفت في بيروت.
وكانت عالية المنذر تعاقدت مع شركة "بيضافون" لتسجيل بعض أغنياتها على أسطوانات فتوسط الملحن داود حسني عند الشركة نفسها كي تسجل أسمهان بعض أغنياتها على أسطوانات أيضاً وتقبض بعض المال.
ملحنون وشعراء
غنت أسمهان للعديد من الملحنين إلا إن أكثر الألحان التي غنتها كانت من نصيب شقيقها فريد الأطرش: "نويت أداري آلامي" 1937، "عليك صلاة الله وسلامه" كلمات بديع خيري، وفي فيلم "انتصار الشباب" عام 1941، لحن لها: "يللي هواك شاغل بالي، يا ليالي البشر"، كلمات يوسف بدروس، و"كان لي أمل" لأحمد رامي، "يابدع الورد" لحلمي الحكيم، "إيدي ف إيدك"، "الشمس غابت أنوارها" لأحمد رامي، كذلك "أوبريت انتصار الشباب" لأحمد رامي. وفي فيلم "غرام وانتقام" غنت لفريد "ليالي الأنس" كلمات أحمد رامي، "أنا أهوى" لمأمون الشناوي، وموال "يا ديرتي" لبيرم التونسي. وفي العام نفسه غنت لفريد "رجعت لك يا حبيبي". وغنت له "أنا بنت النيل"، وكذلك "نويت أداري آلامي" و"الليل". غنت لمدحت عاصم أغنية "دخلت مرة ف جنينة" كلماته وألحانه، "يا حبيبي تعال الحقني". ولمحمد القصبجي غنت: "يا طيور" يوسف بدروس، "إمتى حتعرف" لمأمون الشناوي و"أنا اللي أستاهل" من فيلم "غرام وانتقام" عام 1944. "أسقنيها"1940 للأخطل الصغير، "أين الليالي"، 1944، ""فرق ما بينّا" مطلعها ليوسف بدروس وبقيتها لعلي شكري، "في يوم ما اشوفك"، "كنت الأماني"، "كلمة يا نور العيون"، "ليت للبراق عيناً" 1938، "هل تيم البان" لأحمد شوقي. لرياض السنباطي: "أيها النائم" عام 1944، و"حديث عينين" 1944 في فيلم "غرام وانتقام"، و قصيدة أحمد فتحي " يا لعينيك ويا لي"، وقصيدة لابن زيدون "أقرطبة الغرّاء" و"الدنيا ف إيدي والكل عبيدي". ولفريد غصن "يا نار فؤادي". زكريا أحمد: "هديتك قلبي"، "عذابي في هواك أرضاه" وقصيدة أبي العلاء المعري "غير مجدٍ في ملّتي واعتقادي". لمحمد عبد الوهاب غنت أسمهان أوبريت "قيس وليلى" للشاعر أحمد رامي، و"محلاها عيشة الفلاح" لبيرم التونسي.
التابعي وأسمهان
نشر محمد التابعي، كتاباً يحكي فيه قصته الكاملة مع أسمهان. ومحمد التابعي صاحب ورئيس تحرير مجلة "آخر ساعة" المصرية كان صديقاً أميناً وصدوقاً لأسمهان، وكان الشخص الوحيد الذي تسرّ له بالكثير من حكاياتها أيام الفقر وتخوفها الدائم من عودة تلك الأيام، وتشكو له كلما فاضت بها المشكلات.التابعي سمع صوت أسمهان للمرة الأولى، حين مرّ بالصدفة بصالة ماري منصور، في شارع عماد الدين، وهناك تذكر أنه وعد منصور بالمرور عليها، فقرر هو ونفر من أصدقائه دخول الصالة، فلم يجد مكاناً، فتوقفوا لبضع دقائق للاستماع إلى صبيّة تغني على المسرح بصوت رقيق حزين. كانت نحيلة ترتدي ثوباً أسود اللون، وقد لفت رأسها بإزار أسود، وكانت تغني وهي ساهمة تنظر أمامها من دون الالتفات يميناً أو يساراً، ومن دون أن تلقي بالاً إلى صيحات المعجبين. تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها التابعي أسمهان، ليلتها تركت في نفسه شعوراً بأنها إنسانة تبعث الرحمة في الصدور..ولم يعد التابعي إلى صالة ماري منصور ولم يسأل عن أسمهان حتى قرأ خبراً في الصحف عن زواج المطربة أسمهان من ابن عمها الأمير في جبل الدروز حسن الأطرش وأنها أصبحت أميرة فاستغرب أو عزّ على التابعي أن يصدق أن فتاة من أسرة عريقة تحترف الغناء في شارع عماد الدين. حتى كان العام 1939 رآها صدفة في الجامعة الأميركية في القاهرة، حين كان يهم بالدخول إلى قاعة "بورت" لسماع أم كلثوم، لم يتعرف إليها لكن صديقاً له قال له هل رأيت أسمهان ونحن ندخل؟ وفجأة تذكر التابعي ذلك الوجه بالإزار الأسواد الذي رآه منذ ثماني سنوات في صالة ماري منصور، وعرف يومها أنها طلقت من زوجها الأمير الدرزي، فقال: إذن لم تعد أميرة في جبل الدروز. فأجابه الصديق: كلا وعادت كما كانت المطربة أسمهان. وفي اليوم التالي اتصل به الصحافي أحمد حسن وقال له: إن أسمهان تريد أن تتعرف عليك؟اللقاء لم يتم يومها، بل بعد أسبوعين وبطلب من محمد عبد الوهاب، حيث دعاه التابعي للمجيء إلى منزله فوراً من دون إعلامه بسبب استعجاله. هنا يصف المؤلف سعيد الجزائري في كتابه "أسمهان ضحية الاستخبارات" أول لقاء بين التابعي وأسمهان:"...وحين وصل التابعي منزل عبد الوهاب، وجده ممسكاً بعوده، وأمامه أسمهان وكان الاثنان يراجعان أوبريت "قيس وليلى" وكانت أسمهان تغني لحظة دخول التابعي: "وما فؤادى حديد ولا حجر.. لك قلب فسله يا قيس ينبئك بالخبر.." تسلل التابعي بهدوء وجلس في المقعد الخالي الوحيد، بجانب أسمهان...وبينما كانت أسمهان مشغولة عنه بالغناء، وهي التي طلبت أن تتعرف إلى التابعي قبل أسبوعين، أخذ ينظر إليها ويتأمل وجهها وهو مأخوذ بحلاوة صوتها الحزين، لكن الأذن ترتاح إليه، فوجهها ليس فيه جمال حسب المقاييس المعروفة، لكنها كانت جذابة وكلها أنوثة، أما أنفها فكان مرتفعاً أكثر بقليل مما يجب وطويلاً أكثر بقليل مما يجب، وفمها كان أوسع بقليل مما يجب وذقنها بارزة إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب. أما عيناها (والكلام لا يزال للتابعي) فكان فيهما السحر والعجب والسرّ، لونهما أخضر داكن مشوب بزرقة، وتحميهما أهداب طويلة تكاد من طولها أن تشتبك، وقد لاحظ أنها كانت تجيد استعمال سحر العيون عند اللزوم. انتهت بروفة أوبريت "قيس وليلى" فقدم عبد الوهاب الأستاذ التابعي لأسمهان فمدت يدها بتثاقل وتكلف ساذج وظاهر... تشرفنا... ثم جلس الجميع، فأخذت تصلح من وضع الفراء الذي كان يحيط بعنقها وتتعمد إظهار الخاتم في أحد أصابعها وفيه فص ألماس، وقد احتارت أي ساق تضع على الأخرى، وكانت جميع حركاتها متكلفة وغير طبيعية، وأدرك التابعي أنها تريد أن تحدث أثراً طيباً في نفسه، ومرة ثانية وبعد ثماني سنوات وجد أمامه الفتاة نفسها التي بحاجة إلى الرحمة في الصدور بل وتستحق العطف والرثاء". وبعد ذاك اللقاء صار التابعي من أقرب أصدقائها بعد صديقتها ماري قلادة التي لقيت حتفها معها غرقاً.
الكل أحب أسمهان، وأسمهان أحبت من؟
لقد عرف عن كثيرين إعجابهم بأسمهان، واشتهرت قصص غرام بعضهم الآخر بها في الأوساط السياسية والفنية، هذا عدا عن رجال كثيرين عشقوها لكنهم لم يحظوا بكلمة منها أو حتى التفاتة أو اهتمام، حتى شارل ديغول أبدى إعجابه بأسمهان إبان عملها مع الحلفاء. كان الملك فاروق على رأس لائحة المعجبين، ومنذ أن بدأت الأضواء تسلط على أسمهان وبدأ اسمها يلمع في سماء الأغنية في مصر، وضعها ضمن اهتماماته وكان يرسل لها من يسأل عنها في محاولة لكسب ودها. وفي إحدى المرات أرسل لها مبعوثين خاصين مع تعليمات بأنه سوف يمنحها لقب "أميرة" رسمياً، لكن أسمهان ابتعدت عن طريق الملك بذكائها وتحاشت شباكه وسهامه، ليس تعففاً منها ـ حسب المؤلف ـ إذ لو كان ذا مرتبة أدنى كرئيس مجلس وزراء مثلاً أو وزير لما تأخرت في الاستجابة، لكن ابتعادها كان تقديراً منها للذات الملكية وخوفاً من التورط. أما الملك فاروق فلم يستطع القيام بشيء حيال رفض أسمهان له، ذلك أنها فنانة معروفة ومحبوبة لدى الجماهير وأي إجراء قد يتخذه ضدها ربما يعرضه إلى افتضاح أمره. أما أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي وحامل ختم الملك فكان الأكثر حظوة لدى أسمهان. كان يقابلها بشكل دائم في مكان إقامتها في جناح خاص في فندق مينا هاوس، لوجود هاتف يسهل عليها الاتصالات، وذلك رغم علاقته الحميمة بالملكة نازلي. كان رجلاً وسيماً يفتن النساء ويلفت النظر في أي حفلة أو مكان بسبب أناقته ومظهره الرجولي واسمه المدوي وتاريخه المليء بالمغامرات الحالمة ومنصبه الخطير وحديثه الساحر وخبرته العميقة بالنساء وطباعهن. استلطفته أسمهان وأعجبت به، بل وشعرت تجاهه بالحب، فهو حامل كل صفات الرجولة والاحترام والكياسة وهذا ما تطلبه المرأة في الرجل غالباً.أما أحمد حسنين باشا فقد اندفع نحوها بشكل كبير وتودد إليها كما أسلفنا وأصبح الأمر معروفاً لدى الجميع وقالوا إنه غارق في حبها. إلا أن الغريب في الأمر أن باشا آخر كان يتردد على أسمهان في الوقت نفسه هو مراد محسن باشا، وكان مدير الخاصة الملكية ويقال إنه أحب أسمهان كثيراً لكنه كان أكثر تحفظاً واحتياطاً من أحمد حسنين باشا، وكانت هناك منافسة وغيرة بين الاثنين إلا أن مراد باشا أنهى علاقته بأسمهان بعد أن وصل إليه خبر علاقتها بأحمد حسنين باشا. رغم العلاقة الوطيدة التي ربطت أسمهان بالصحافي الشهير محمد التابعي إلا أن التابعي يصرّ على أنها لم ترق إلى رابطة الحب أو الغرام، رغم أنه كان يذهب إليها في القدس في كل مرة تطلبه فيها، وبخاصة تلك المرة التي تعرضت فيها إلى التهاب رئوي حاد فلم يتركها بل جلس يمرّضها ليلاً نهاراً حتى شفيت وبعد أكثر من عشرة أيام عاد إلى القاهرة، ويومها أرسل إليها ماري قلادة لكي تكون إلى جانبها لشهرين حتى تشفى تماماً لكنها بقيت معها ثمانية أشهر وبعد ذلك لم تفارقها حتى غرقت معها في النيل. التابعي نفسه قال بأنه كان يرتاح للجلوس معها، وهي كانت تطمئن إليه وتثق به وتلجأ إليه كلما نزلت بها شدة أو حرج كما حدث في أحداث عدة، واعترف التابعي أن أسمهان "لم تحبه" كما لم تحب أي رجل آخر بالمعنى الصحيح للحب، حتى أزواجها الشرعيين، ولكنها أحبته محبة من نوع خاص بها، (محبة أسمهانية) حيث إن قلبها كان يحمل التابعي شيئاً أقوى من الصداقة والودّ، وقد اعترفت بذلك لبعض صديقاتها اللواتي سألنها عن حقيقة حبها له، ولكن ذلك لم يؤكد. أما التابعي نفسه فهو يؤكد أنها لم تُكنّ له أي حب، وهو ليس بمغرور كي يدّعي "وهم" حب لا حقيقة له ويقول: ـ نعم كانت تضمر لي وداً وصداقة وثقة وتقديراً ولكن هذا كل ما في الأمر.
هل أغرم عبد الوهاب بأسمهان؟
كانت الراحلة في أثناء فترة ارتباطها بالأمير حسن الأطرش تزور القاهرة من فترة إلى أخرى، وفي هذه الزيارات تجتمع بالأصحاب ومنهم الفنانون كونها على معرفة ببعضهم وصداقة مع آخرين، وكونها من المعجبات بالموسيقي الكبير عبد الوهاب فتعرفت إليه وبادلها الإعجاب وكانت تزوره في داره وقيل إنهما تبادلا الغزل، إلا أن الأمور لم تتطور أكثر من ذلك وتوقفت عند هذا الحد، والسبب، يقول الجزائري في الكتاب نفسه: "... ـ حسب أسمهان نفسها ـ إن عبد الوهاب لم يعجبها، فهو في مجلس الغناء والطرب يعجب ويفتن أي أنثى، لكنه في مجلس العشق والغزل شيء آخر لا يعجب ولا يفتن… وأكثر من ذلك وصفته بأنه رجل مغرور يريد من المرأة التي يحبها أن توفر له كل عناء الحب، عليها أن تكون لها جرأة الرجل وأن تترك لعبد الوهاب حشمة المرأة وحياءها وخفرها، أي أن الأوضاع الطبيعية بين الرجل والمرأة تنقلب مع عبد الوهاب…فهو يجلس مطرقاً برأسه وعلى المرأة أن تزحف إليه وعلى ركبتيها وليس عليه بعد إلا أن يتفضل وتقبل منه حبه وخضوعها وقبلاتها، وبعدها يبدأ بالمغازلة كيفما يشاء بعد أن يجد بين يديه امرأة مستسلمة له بكل جوارحها وعلى استعداد تام لأن تقبل منه أي تصرف سادي أو جنسي، لذلك لم يعجب أسمهان لأنه حاول بطريقته الخاصة هذه أن يخضعها لحبه … فلم يفلح، وحاول عبد الوهاب أن يعيد الكرة ويفرض الحب على أسمهان بعد طلاقها وعودتها إلى مصر فلم يوفق…"
زيجات أسمهان
بدأت شهرة أسمهان في القاهرة منذ أن كانت في السادسة عشرة حيث بدأت تحيي الحفلات والأفراح وتتقاضى الأجور وتحسنت حال العائلة مادياً، فانتقلت إلى شقة في منطقة غاردن سيتي، وبعدها زارهم إبن عمها الأمير حسن الأطرش من أجل طلبها للزواج. والدتها رفضت في البداية، ذلك أن أسمهان بدأت تعيل العائلة وتدر عليها بعض الأموال، حسبما صرحت الراحلة فيما بعد. في ذلك الوقت كانت أسمهان ضعيفة ووالدتها تتحكم بآرائها وقراراتها. وبعد ذلك جيّش الأمير حسن الأطرش العشيرة ضد عالية المنذر، والدة أسمهان، وأبلغهم بأنها تغني في الملاهي وأن ولديها فريد وآمال يحترفان الغناء، فثارت ثائرة العشيرة، وخشيت الوالدة من العاقبة ومن بطش العائلة. وهكذا عاد العريس إلى مصر مرة ثانية ورتب الأمور وسجل لوالدتها منزلاً في دمشق ودفع لها مبلغ خمسمائة جنيه من الذهب تعتبر ثروة في ذلك الوقت وتوجهت أسمهان وابن عمها مع شقيقها فؤاد إلى جبل الدروز وتم الزواج وأصبحت تحمل لقب الأميرة آمال الأطرش. لكنها بعد أن انفصلت عنه، عادت وتزوجت منه بعد سنوات، في الثالث من تموز عام 1941، بعد أن قررت اعتزال الفن والتفرغ للسياسة والأسرة حسب قولها، لكن هل هذا ما حدث بالفعل؟ كانت أسمهان تعمل بإدارة أحمد بدرخان في فيلم "انتصار الشباب" مع شقيقها الراحل فريد الأطرش، وبديهي أن يلتقيا يومياً ويتبادلا الآراء والأحاديث وتشكو ما تتعرض له من حسنين باشا والملك فاروق وغيرهما من المعجبين ويجتمعا إما في أحد المطاعم أو في استديو لبيب مصور الفيلم الفوتوغرافي، وكان بدرخان رقيقاً ولبقاً يحدثها حول خصوصياته أيضاً وحياته المضطربة وكان أن طلب منها الزواج في إحدى المرات وهي كانت بحاجة إليه لأسباب عدة، منها التخلص من بيت الأسرة حيث كانت تلقى الضرب المتواصل من شقيقها فؤاد، إضافة إلى أن أحمد بدرخان كان مخرجاً معروفاً في الوسط الفني، والأهم أنها كانت تعتبر أجنبية في القاهرة وزواجها من مصري يسهل الحصول على الجنسية المصرية. وبذلك كان زواجها العرفي من أحمد بدرخان، الذي لم يكمل الشهرين، ثم أنهاه الطلاق. التقت أسمهان بأحمد سالم حين كانت تعمل في فيلم "انتصار الشباب"، كان يتردد أحياناً ويساعد في إدارة الفيلم، وهنا كانا صديقين، لكنها في الفترة التي أقامت فيها في القدس صدف أن حضر هو وتحية كاريوكا لبعض الأعمال فالتقى سالم بأسمهان في فندق الملك داود وتقاربا وحدث الزواج السريع وأمضيا أسبوعين في العسل حتى جاءها خطاب بالعودة إلى مصر حيث كانت وقعت عقد تمثيل مع شركة مصر للتمثيل والسينما. بعد فترة بدأت أسمهان تتملل من الارتباط ومن غيرة أحمد سالم الشديدة عليها وهي التي اعتادت الحرية فدبرت اتصالاً له من تحية كاريوكاً لكي يكون نواة خلاف بينهما، لكنه أحس بالظلم وحاول الانتحار مرتين وكل مرة يتم إنقاذه وفي إحدى المرات حاول قتلها حين أطلق عليها النار من مسدسه ولم يصبها، هربت وطلب البوليس فأصاب أحد الضباط بعيار ناري وأصيب هو أيضاً بعيار من مسدسه وبعد أن شفي قدم للمحاكمة وسميت قضيته بمأساة أحمد سالم وأسمهان.
عملها مع الاستخبارات
يوم الجمعة 23 أيار 1941 اتصلت أسمهان هاتفياً بالتابعي وأبلغته أنها ستزوره في المساء، وهكذاكان. ففي هذه الجلسة استحلفته بالقرآن أن لا يبوح لأحد بكلمة مما ستقوله له. وحينها أفشت له سرّ معرفتها ببعض ضباط الاستخبارات البريطانية وأنهم اتصلوا بها خلال اليومين الماضيين لتكليفها بمهمة في الشام. وأنها سبق وزودتهم بمعلومات حصلت عليها من بعض السياسيين المصريين واكتشفت بذلك إنها الطريقة المثلى للحصول على المال. وكشفت أسمهان بذلك الكثير من أسرار الاستخبارات الألمانية "الغستابو" في القاهرة، وألحقت بعملائهم وعملياتهم الجاسوسية أضراراً كبيرة، ولقي بعضهم مصرعه على أيدي الاستخبارات البريطانية، ونتيجة ذلك أصدروا حكماً بالتخلص منها، وعندما علمت الاستخبارات البريطانية بأن عميلتها مهددة بالإعدام قرروا تهريبها من مصر بتكليفها بمهمة جاسوسية جديدة في الشام عن طريق القدس. وتحت تأثير الدهشة والذهول حذّرها التابعي خشية عليها، لكنها طمأنته بمعرفتها كيفية التصرف مع كبار الرجال فكيف بضباط الاستخبارات الذين كما وصفتهم، يحترمون المرأة وعملها معهم. كانت بريطانيا تود من أسمهان أن تبذل جهودها لإقناع زوجها الأمير حسن الأطرش وعشيرته بالتعاون مع قوات بريطانيا التي تنوي الدخول إلى سوريا ولبنان لطرد قوات فيشي التي سلمت زمامها إلى الألمان. وبذلك منحت بريطانيا أسمهان رتبة فخرية "ميجر" أو "رائد" لكي تنال امتيازات خاصة مالياً واستشفائياً لدى المستشفيات البريطانية كأي ضابط بريطاني عند الحاجة. البداية كانت في الأول من أيار عام 1941، حين التقاها نابيير يوغن (كان يشغل منصب قنصل بريطانيا في دمشق، ثم انتقل إلى سفارة القاهرة في قسم الدعاية، وفي الوقت نفسه هو رئيس فرع الاستخبارات) وطلب منها لقاء والتر سمارت، حيث تناولت الشاي معه بحضور الجنرال البريطاني كلايتون وهذا طلب منها بصراحة السفر إلى القدس بالطائرة حيث سيقابلها أحد عمالائهم ويعطيها التعليمات ثم تسافر إلى عمان ثم سوريا. ودفع لها كلايتون مبلغ خمسة آلاف جنيه على أن يدفع لها في فلسطين أربعين ألف جنيه لتوزعها على رؤساء العشائر في سوريا.
حين عاتبها التابعي قالت له:
ـ أريد أن أخدم بلدي. وأضافت: قل لي في مصر أعمل إيه وأعيش منين؟ لقد سمعت كلام الناس عني بالحق والباطل. والحبة عملوها قبة. وأجري من إذاعة القاهرة لا يكفيني وما جمعته من السينما صرفته وأنا لا أحب الغناء في الأفراح والحفلات العامة. ولقد كنت أرجو بعد نجاح فيلم "انتصار الشباب" أن يقتصر عملي على السينما وحدها لكن ظهر العقد المبرم بيني وبين الدكتور بيضا يمنعني من العمل في أي فيلم آخر لمدة عامين وقد مضى منهما عام. بمعنى أن علي أن أدبر معيشتي عن طريق آخر غير السينما فماذا أفعل؟ هل أبقى في مصر وأرفض عرض الإنكليز؟ كانت أسمهان تعي قوة الدروز في ذلك الوقت وتأثيرهم المعنوي والعددي والسياسي في الواقع السوري، ولما كان الحلفاء ينوون الزحف إلى سوريا ولبنان فمن الهام أن تنضم قوة أولئك إليهم، وأن أسمهان هي أنسب صلة وصل والأكثر تأثيراً بهذه القوة بسبب حب ابن عمها وزوجها الأمير حسن الأطرش لها ومن هنا كانت هي واثقة من نجاح مهمتها. وهذا ما كان حيث نجحت في إقناع عشائر الدروز من خلال الأمير حسن الأطرش بالانضمام إلى الحلفاء. ولكنها خلال جولاتها ورحلاتها بين القدس وجبل الدروز شعرت بمدى الخطر الذي أوقعت نفسها فيه وتمنت لو تستطيع العودة إلى القاهرة وتترك هذه المغامرة، لكنها كانت وصلت في منتصف الطريق الذي لا يمكن العودة إلى أوله، وكانت تقبض مخصصات ورواتب رؤساء العشائر وتدفعها لهم بانتظام وبخاصة بعد أن تزوجت الأمير حسن الأطرش مرة أخرى واستقرت في السويداء وهكذا هددتها الاستخبارات الألمانية والسلطات الفيشية بالتوقف عن مهمتها لكنها استمرت، مما اضطرها تحت الضغوط والخطر أن تغادر سوريا هرباً، وتحت جنح الظلام وعلى صهوة جواد، وقد دهنت وجهها باللون الأسود وارتدت لباس أحد العبيد بصحبة الأمير فاعور، الذي غادرها ما أن وصلا الحدود الفلسطينية. ومن هناك وصلت إلى فندق الملك داود، وحصلت نتيجة مهمتها على عشرين ألف جنيه، عاشت منها حياة بذخ ملأت بها ليالي القدس ولائم وسهرات. وكانت النتيجة زحف القوات الفرنسية "قوات ديغول" والحلفاء نحو سوريا ولبنان وقضوا على القوات الفيشية واحتلوا البلاد. كان علىالاستخبارات البريطانية أن تنتهي من أسمهان لأسباب عدة أولها إن أسمهان لم تلتزم بالصمت حيال الأسرار في وقت كانت أسمهان تذيع الأسرار بعد أن يستبد بها المشروب في السهرات والأمسيات، ثم أن أسمهان أثارت الشكوك حول بذخها والأموال الهائلة التي كات تصرفها وهي معروف عنها قلة أعمالها الفنية سواء في الغناء أم في السينما، وإن كانت زوجة أحد الأمراء. إضافة إلى تورطها بالسفر مع العميل الألماني فورد، حين أعادتها السلطات البريطانية من الحدود السورية ـ التركية وهذه هفوة سجلت في ملف أسمهان المهني ، الاستخباراتي.
أفلامها
لم يتسن لأسمهان تثبيت أقدامها كممثلة ومغنية في عالم السينما، لانشغالها طوال سنوات، بزواجها المتذبذب من ابن عمها حسن الأطرش، وعملها مع المخابرات وهذان الأمران تطلبا منها تنقلات دائمة بين دمشق وبيروت والقدس والسويداء والقاهرة، في فترة تعتبر طويلة نسبة لحياتها القصيرة. لو تسنى لها العيش مدة أطول، لاستطعنا أن نشهد إمكانات أكثر وأفلام أخرى، ربما، ولتمكنت أسمهان من إثبات موهبتها في التمثيل أيضاً ولنافست بذلك ليلى مراد التي احتلت عرش السينما الرومانسية والاستعراضية فيما بعد. فحياة أسمهان المليئة بالعذابات تركت أثرها على ملامح الوجه، وأودعت الحزن في عيونها الواسعة المتلألئة دوماً بالدمع وغياب البسمة عن ثغرها، وجسدها الناحل المتعب، كل ذلك يضاف إليه إن أول أدوارها في السينما، هو نفسه أول أدوار حياتها الحقيقية، مثلت في "انتصار الشباب"من دون أن تمثل، لأنها عاشت اللحظات نفسها مع شقيقها فريد الأطرش، فكان فيلمها الأول الذي أخرجه أحمد بدرخان ولحن فريد أغنياته،وشاركهما التمثيل حسن فايق وبشارة واكيم.
"غرام وانتقام" فيلمها الثاني والأخير الذي لم تنهه بنفسها بل القدر أنهاه بغرقها.
عام 1944 كتبه وأخرجه الراحل يوسف وهبي، لحن أغانيه فريد الأطرش، شاركها التمثيل أنور وجدي ومحمود المليجي.
أقوال في صوت أسمهان
ـ الملحن الكبير داود حسني الذي كان له صيته يومذاك، أطلق عليها اسم أسمهان، إذ استقبله فريد المطرب الناشئ، غنى أغنيات من ألحان حسني، ومن ثم سمع آمال تغني في غرفتها فطلب إحضارها وغنت أمامه فدمعت عيناه وقال: "... كنت أرعى فتاة تشبه آمال وصوتها الجميل إلا أن الموت كان أسبق لها من الشهرة، لذلك فأنت من الآن ستحملين اسمها الفني (أسمهان).
ـ محمد القصبجي زار عائلة أسمهان في حي الفجالة، وسمع صوتها وقال: "...هذا صوت من الجنة."
ـ رياض السنباطي قال: "إن أسمهان هي المطربة العربية الوحيدة التي وصلت إلى مرتبة منافسة أم كثلوم، رغم قصر عمرها الفني.
ـ الشيخ محمود صبح سمع أسمهان تغني لأم كلثوم فقال: "...عندما ينضج صوتك يا أسمهان سيكون لك شأن عظيم.
ـ محمد عبد الوهاب قال: "... إن أسمهان فتاة صغيرة لكن صوتها صوت امرأة ناضجة."
ـ محمد محمود خليل، الوزير السابق ورئيس مجلس الشيوخ في مصر أيام الملك فاروق، بعد أن سمعها للمرة الأولى تغني قال: "... البنت دي تقدر تكتسح عالم الغناء في مصر فهي جميلة ومهذبة ومتعلمة وبنت أصل وصوتها جميل.
ـ حسب الموسيقي سليم سحاب، فإنه لم يكن ثمة جدل في عظمة صوت أسمهان. لكن الجدل كان في المفاضلة بينها وبين أم كلثوم، سيدة الغناء العربي بلا منازع.
ـ فريد الأطرش قال إنها ربما تنافس أم كلثوم عبر ألحان القصبجي، لو تسنى لها العيش سنوات أطول.
فيما يخالفه الرأي الناقد المصري كمال النجمي في كتابه "الغناء المصري"، حيث قال إنه لو قدّر لأسمهان أن تعيش عمراً أطول لما كان في مقدورها أن تنافس أم كلثوم، على رغم عظمة صوتها وإحساسها وأدائها، لأنها كانت تحيا حياة صاخبة، فلا تُعنى بصحتها وسلامة حنجرتها، والدليل جهد صوتها في أغنيات فيلم "غرام وانتقام".
النهاية
أحست أسمهان بالإرهاق إبان تصويرها لفيلم "غرام وانتقام" فأخذت إجازة من مخرجه يوسف وهبي لتذهب إلى منطقة رأس البر ترتاح فيها بضعة أيام على شاطئ البحر مع صديقتها ماري قلادة. استقلت السيارة في الثامنة من صباح الجمعة 14/7 1944 وجلست مع قلادة في المقعد الخلفي، وحين وصلت السيارة إلى منطقة بين قرية طلخا ومدينة المنصورة اعترضها مطب وفقد السائق سيطرته على السيارة وانحرفت بسرعة وسقطت إلى يمين الطريق حيث الترعة، فرع من النيل، وهي نهر عمقه ثلاثة أمتار وفي هذه اللحظات استطاع السائق أن يقفز من السيارة ولم يصب بأذى في حين سقطت السيارة بأسمهان وماري في الماء بسرعة وغمرتها المياه قبل أن يتمكن أحد من إنقاذهما. وساد الاعتقاد بعد ذلك وحتى الآن، إن السائق تم تدريبه من قبل الاستخبارات البريطانية لأجل إنهاء حياة أسمهان بهذا الشكل المفجع، إذ تمت تصفية الكثير من الأسماء المعروفة بهذه الطريقة. رغم أن أسمهان تعرضت إلى محاولات اغتيال سابقة، أو حوادث قد تكون صدفة لكنها كانت قاتلة نجت منها بأعجوبة. وقد أشارت أصابع الاتهام إلى جهات عدة أخرى، منها شقيقها فؤاد الذي كان غاضباً منها والملك فاروق الذي رفضته ولم تستجب لنزواته، والملكة نازلي بسبب تحديها الدائم لها وأخرى لأم كلثوم التي أشيع أنها كلفت السائق بالتخلص من أسمهان، لأنها كانت منافستها على قمة الغناء، ثم زوجها أحمد سالم رغم توقيفه بتهمة محاولة قتلها. يذكر أن أي ذكر للسائق لم يرد في التحقيقات أو المقالات أو الاتهامات ولم يعرف مصيره حتى اليوم. يوم ماتت أسمهان انتحر شاب عراقي في بغداد كان من عشاق صوتها، إذ ألقى بنفسه في نهر دجلة. وفي دمشق حاول شاب آخر الانتحار متناولاً كميات من الدواء وأنقذ في المستشفى، وفي بيروت انتحرت فتاة لبنانية ملقية نفسها من أعلى صخرة الروشة. دفنت في أرض النيل كما دفن إلى جوارها فيما بعد الراحل فريد الأطرش حسب وصيته. وهكذا سميت فيما بعد عروس النيل وهي التي غنت "أنا بنت النيل" لتنهي بغيابها رحلة قصيرة، شاقة، تاركة صوتها يرن في أرجاء المعمورة. يذكر أن مواقع ألكترونية خصصت لها في الآونة الأخيرة على الأنترنت من قبل عشاقها، بعد أن كتبت عنها كتب عديدة، ومقالات لا تحصى، في الصحافة اليومية والأسبوعية العربية، وكاسيتاتها تملأ الإذاعات، والفضائيات تستعيد بعضاً من مشاهدها الاستعراضية القليلة في فيلميها.صوتها ما يزال المدرسة التي تنهل منها عاشقات الغناء في الشرق في محاولات منهن بلوغ ذروة هذا الصوت من دون الوصول إلى هذا الهدف، وكم من محاولات سينمائية لإنتاج قصة حياتها فشلت حتى الآن ولم نعرف أسباب الفشل، لكن يبقى التمني أن يرى فيلماً عن أسمهان النور ليكون عبرة للأجيال وليوثق لحياة فنانة تركت أثراً في الغناء العربي الجميل.
سيرة
اختلفت الدراسات حول تاريخ ولادة أسمهان. فحسب سعيد الجزائري، في كتابه "أسمهان ضحية الاستخبارات" فإن أسمهان ولدت في 25 تشرين الثاني عام 1912 في الباخرة التي أقلتها ووالديها إلى بيروت برفقة أخويها فؤاد وفريد. لكن فيكتور سحاب في كتابه "السبعة الكبار" يذكر أنها ولدت في 24 تشرين الثاني عام 1917، وفي مقالات صحفية أخرى نقرأ أنها ولدت في العام 1918. ونحن نميل إلى التاريخ الأول الذي ذكره الجزائري، وكرره أكثر من مرة وموقع في كتابه المذكور، أي العام 1912، ذلك أن الباحث سحاب يذكر في كتابه، إن أسمهان غنت في مرحلة عمرها الفني الأولى (1932 ـ 1933) أغنيات: "كنت الأماني"، "كلمة يا نور العيون"، و"أين الليالي"، من ألحان محمد القصبجي. وأغنية "هديتك قلبي" للشيخ زكريا أحمد. ويقول سحاب: "...وكان صوتها آنذاك مفتوحاً وحاداً...". فإن كانت من مواليد 1917 حسبما ذكر، فهذا يعني إن عمرها في العام 1932 هو 15 سنة، وبذلك يساورنا الشك أن يكون الصوت مفتوحاً لهذا الحد الذي تمتلكه الخبيرات، أما حدته فهو من حال أصوات الأطفال عموماً والفتيات في هذه السن، لا كما هو صوت المرأة الناضج. لكن لو صحّ أنها من مواليد عام 1912 فإن عمرها يقترب من العشرين ربيعاً حين غنت للقصبجي وزكريا أحمد الأغنيات المذكورة، وفي هذه السن يكون الصوت بالفعل مقترباً من النضوج ـ إلى حدّ ما ـ ويكون مفتوحاً وواضحاً وحاداً، وبذلك يكون في العام 1938ـ حسب سحّاب ـ "... بدا تمكن أسمهان من أصول الغناء التقليدي في أغنية للقصبجي ليت للبراق عيناً ... في المرحلة الثانية من عمرها الفني، وبالفعل تكون أفادت كثيراً من الأصوليين أمثال داود حسني ومحمد القصبجي...".

آمال فهد الأطرش، أو أمل أو بحرية أو إميلي فكل من زوجها ووالديها وراهبات المدرسة الانكليزية وغيرهم كان يحلو له أو يرغب بتسميتها حسب رغبته. فيما المعروف أن اسمها الفني "أسمهان" أطلقه عليها كما أسلفنا الملحن الكبير داود حسني.

والدها فهد الأطرش، مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا. والدتها عالية المنذر.
استقر والدها في بيروت بعد تعيينه معتمداً عن الدروز، من قبل المفوض السامي الفرنسي. وتوفي بعد اندلاع المعارك بين الفرنسيين والدروز في لبنان .

غادرت والدتها برفقتها وأخوتها الأربعة فؤاد وفريد وأنور ووداد إلى الاسكندرية ثم القاهرة، حيث استقرت في حي الفجالة الشعبي. وفي البداية عملت الأم في الأديرة لتعتاش وتربي أولادها، وكذلك على بعض الإعانات ثم توفي أخواها أنور ووداد.

شقيقها الأكبر فؤاد، عمل مساعداً لطبيب أسنان بعد أن كبر وأدخلت أسمهان المدرسة الإنكليزية، وهناك كانوا ينادونها "إيميلي"، ثم بدأت مواهب فريد الفنية تظهر وهو مايزال بعد تلميذاً في مدرسة الفجالة الابتدائية، حيث بدأ الغناء في المدرسة وفي بعض الحفلات الخاصة، ثم في الإذاعات المحلية إلى أن وصل إلى إذاعة القاهرة واحترف الغناء فيما بعد.

كانت آمال تشارك فريد ولعه بالموسيقي والأحلام الفنية، كانت تغني لنفسها ولوالدتها التي كانت تشجعها مع شقيقها فريد، ولذلك دخلت أسمهان أجواء الغناء والحفلات.

بدأت في الخامسة عشرة، تتعلم على أيدي الملحنين أمثال داود حسني ومحمد القصبجي وغيرهما. فيما كانت على خلاف دائم مع شقيقها فؤاد ويصل الأمر في غالب الأحيان إلى ضربها وهروبها من البيت.

تزوجت ابن عمها حسن الأطرش وأنجبت منه خلال سنوات الزواج التي استمرت من 19الى 1939، بنتاً أسمتها كاميليا.

تنبأ لها أحد الفلكيين المعروفين "الأسيوطي" بأنها ستكون ضحية حادث وستنتهي في الماء. وهذا ما حدث، إذ غرقت سيارتها في ترعة ماء أثناء توجهها إلى رأس البر.

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

حوار مع دكتور أيمن نور عام 2008

HPIM0481.JPG
أجرى الحوار/محمد رفعت الهواري
محيي الدين إبراهيم
melhwary1979@yahoo.com
ماحقيقة تلك الرسالة التي ارسلتها للرئيس الامريكي باراك اوباما قبل ايام من توليه رئاسة الولايات المتحدة؟
ليست رسالة بالشكل ولكنها مقالة تم نشرها فى 7 دول منها صحف اوروبية وافريقية وامريكية ومصرية ومقالة بها رسالة موجهةالى اوباما وانا كاتب صحفى ولى كتاب اسمه رسائل ايمن نور السرية خلف السجون المصرية وبها رسائل لرئيس سوريا ايضا وليست بمفهوم رسالة بقدر ماهى مقالة.


نعمان جمعة قد يكون مناسبا لرئاسة اى حزب ولكنه ليس مناسبا لرئاسة حزب الوفد

أنا يتم اعتقالي منذ السبعينات بسبب نشاطي كرئيس اتحاد طلبة فى الثانوي والجامعة

لم يكن لدى اى معلومات بشأن الإفراج عني .. وخروجي تم ليكون مفاجأة للناس حتى لا يتم الإعداد له بشكل جماهيري او شعبي

سمعت انه تربطني علاقة بكوندليزا رايس هذا كلام فارغ لتشويه صورتي أمام الشعب

 الإخوان المسلمون جماعة سياسية لها اكثر من 80 عاما بمصر ولها دور وفكر ونحترم كفاحها ونضالها أما أنا فلست إخوان والإخوان ليسوا ليبراليين


أنا لا اعلم من هو الششتاوى ومن هو صفوت الشريف وهم أشخاص لست معنياً بهم


النظام القائم في مصر قد فقد صلاحيته ونحن نعد لمشروع سياسي لمصر


القضية ليست قضية رئيس إخواني يحكم مصر وإنما قضية من يختاره الشعب المصري

أنا ضد اى حزب يقوم على أساس ديني ولست ضد أي حزب مدني يكون له مرجعية حضارية وثقافية ودينية

أنا ضد أن تقوم أي دولة على مرجعية أو أسس دينية في مصر عن طريق الإخوان والمسألة بالنسبة لي محسومة

مصر تعانى من فساد رهيب وقضية الفقر أدت إلى الإحساس العام بالذل

سأخوض الانتخابات الرئاسية في 2011 وأقوم حاليا بحملة طرق الأبواب أزور فيها بلدان مصر


الدكتور ايمن نور صحفى وكاتب مصرى – من مواليد 1964 - تخرج من كلية الحقوق 1984، وحصل على الدكتوراة 1995
. شارك عام 1984 فى إصدار جريدة “الوفد” وحتى 2000 عمل مساعداً لرئيس تحريرها.
• أسس عام 1984 جريدة “شباب الوفد” (مع زملائه) وتولى رئاسة تحريرها منذ العدد الأول.
• عمل مديراً لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالوفد (1990-1995).
• عمل مديراً إقليمياً لتحرير جريدة “الحياة” اللندنية بالقاهرة منذ تأسيسها وحتى 1989.
• أسس جريدة “الغد” الأسبوعية ثم اليومية برئاسة تحريره عام 2005
فى الخامس من ديسمبر 1995 فاز فى الانتخابات البرلمانية المصرية عن دائرة باب الشعرية والموسكى (وسط القاهرة) ورأس الجلسات الافتتاحية للبرلمان من عام 1995-2000 بوصفه أصغر نواب البرلمان سناً وكان الصحفى الوحيد فى هذا المجلس والمدافع عن حريتها.
فاز فى الانتخابات البرلمانية المصرية مجدداً عام 2000 وترشح للانتخابات الداخلية بالمجلس لرئاسة ووكالة البرلمان وحصل على 168 صوتاً – فى سابقة هى الأولى لنائب معارض.
يوم 9 مارس 2005 أعلن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية فى مواجهة الرئيس مبارك ووفقاً للنتائج “الرسمية” حصد ضعف ما حصل عليه جميع المرشحين الآخرين وأصبح وصيفاً للرئيس مبارك الفائز وحيث كان لنا معه هذا الحوار المفتوح

أيمن نور كان من أقرب أعضاء حزب الوفد إلى محمد فؤاد سراج الدين إلا أنه بعد تولى الدكتور نعمان جمعة رئاسة الحزب نشأت خلافات بين الطرفين انسحب على أثرها أيمن نور من الحزب. ماهي تلك الخلافات وهل كانت بسبب طموحك في رئاسة الحزب كما أشيع وقتها أم ماذا؟
إن أى أحد كان سيتولى حزب الوفد بعد المرحوم فؤاد سراج الدين كان سيحدث فراغا وذلك لثقل شأن هذا الرجل فى هذا الحزب اما الدكتور نعمان جمعة قد يكون مناسبا لرئاسة اى حزب ولكن لم يكن مناسبا على الاطلاق لرئاسة حزب الوفد وذلك لعدة اسباب فى شخص الدكتور نعمان جمعة كرجل سياسى وتاريخ سياسى وقد اثر ذلك فى رئاسته للحزب وكان لا بد أن أنسحب لتحقيق ما أحلم به من فكر حزب ليبرالى وقوى والصراع مع الدكتور نعمان لم يستمر كثيرا والصراع لم يكن فى صالح الدكتور نعمان وحدث ذلك بالاستبيان فى اغلبية الاصوات التى حصلت عليها امام د. نعمان وانا اعتبرت ان المعركة قد انتهت فى تلك اللحظة وتفرغت لقضيتى السياسية .

بعد انسحابك من الوفد قمت بالإنضمام لحزب مصر وتم انتخابك رئيسا له عام 2001 وبالرغم من ذلك قمت بانشاء حزب جديد باسم الغد لتصبح رئيسه، لماذا قمت بتلك الخطوة؟ 

لقد عرض علىّ د. جمال ربيع رئيس حزب مصر رئاسة الحزب بكل افكاره واهدافه ومبادئه على ان اقوم بإنشاء حزب الغد وكان كمرحلة انتقالية ولكنى فضلت ان اقوم بعمل حزب مباشرتاً حتى اقوم بوضع اهدافه ومبادئه . وما يجبرنى ان اتولى رئاسة حزب له مبادئه وافكاره وفى يدى انشاء حزب بافكارى وفى النهاية احجمت على تجربة حزب مصر وتفرغت لانشاء حزب بكل اهداف صنعتها بيدى.

هل كنت تجد فرقاً بين كونك رئيسا لحزب مصر وكونك رئيسا لحزب جديد بإسم الغد؟ 

بالقطع انك عندما تعبر عن حزب قمت بانشاؤه ووضعت برامجه بغير ما تصبح رئيسا لحزب قد صيغت برامجه وافكاره وهذا لا شك فيه عندما تصنع شيئ بيدك غير ما تتولى شيئ مصنوع بيد غيرك.

اعتقل أيمن نور أكثر من مرة في بداية الثمانينات لماذا؟ وماهي أهم التهم التي تم اعتقالك بشأنها؟

انا اعتقل منذ السبعينات على غرار نشاطى الطلابى كرئيس اتحاد طلبة فى المرحلة الثانوية ورئيس اتحاد طلبة بالمرحلة الجامعية وكنت نشطا فى مجال الحركة الطلابية وهذه الاعتقالات لم يكن هناك اى ادانة لاى تهمة لاى من المعتقلين آن ذاك.

(خروجي بقوة القانون وليس العفو) في أول يوليو عام 2009 " عبارة ادلى بها ايمن نور بثقة وثبات من زنزانته وتحققت كما لو كانت نبوءة، من اين جاء لك وحي تلك المقولة وهل هناك جهات خارجية قوية اوحت لك بقرار الإفراج؟
لم يكن لدى اى معلومات بشأن خروجى (الافراج عنى) وما حدث بنص القانون هو خروجى قبل 4 اشهر من موعد الخروج وهذا هو الحدث، وما كنت اتوقعه هو خروجى فى يوليو وماحدث هو ما سلف قوله بخروجى قبل هذا الموعد بحوالى 4 اشهر وكان ذلك لاعتبارات امنية ومنها ان النظام كان لا يرغب فى وجود اى تجهيزات لهذا الخروج ولهذا قام بذلك التسويف القانوني ليكون خروجي مفاجأة للناس وحتى لا يتم الاعداد لهذا الخروج بشكل جماهيرى او بشكل شعبى وهذه ارادة النظام التى قد تكون خابت لانها لم تحقق ما يريده وانا لم يكن لى اختيارلهذا الشأن وهذا التوقيت.

ماذا عن المدعى العام للمحكمة الدولية لويس مورينو أوكامبو الذي تقدم ببلاغ ضد مسئولين مصريين بشأن اعتقالك، نريد أن نعرف بعض تفاصيل؟

ان فكرة اعتقالى كانت مصحوبة ببعض التجاوزات الخاصة بالمواثيق الدوليه والدستور المصرى ان يتم اعتقال وصيف رئيس الجمهورية والذى احل ثانيا بعد الرئيس فى وجود 10 منافسين كانت الاشارة ان الاعتقال لاسباب سياسية وكان مصاحبا لهذا الاعتقال اجراءات قضائية غير سليمة واجراءات قانونية غير صائبة اعطى انطباع للعالم كله وليس للمدعى العم للمحكمة الدولية او الابرلمان الاوروبى او البرلمان الدولى بانها تفاعلت مع هذه القضية على انها قضية حرية وقضية سجين رأى والسبب هو الطريقة الرديئة التى صنعت بها هذه القضية.

هل كان لأمريكا دور في الإفراج عن ايمن نور؟
انا شخصيا لا اعتقد هذا والولايات المتحدة الامريكية مثل كثير من الدول مثل ال27 دولة بالاتحاد الاوروبى وبلدان كثيرة محبة للحرية اتخذت موقف منذ اول يوم لاعتقالى كمناهض لفكرة الاعتقال وعندما يتم الافراج عنى قبل اربعة اشهر من الافراج فقط اعتقد انهم لم يستطيعوا التدخل فى عملية الافراج عنى والعالم كله منذ اول يوم اعتقالى كان ضد الفكرة لانها ظالمة وضد اى مبادئ للرأى الحر ولى كمنافس وحيد امام النظام .


قيل أن الافراج عن أيمن نور جاء بعد مفاوضات لاهثة وسريعة استمرت شهرين مع عدد من قيادات الحزب الوطني ومسئوليه في الرئاسة للإفراج عنه انتهت بصفقة أظهرت النظام المصري علي انه ليس ضد المعارضة، ماقولك؟

وهل للمعارضة ان تسجن اربعة سنوات ثم يقول انه ليس ضدها . بالطبع لم يكن هناك صفقة ولا اى شيئ وقرار الافراج كان مفاجئ وقد علمت به يوم تنفيذه .


أكدت صحيفة "الحقيقة الدولية" الأردنية، على صفقة الإفراج عن ايمن نور ولم تكتفي بذلك بل قالت أنه كان من أهم بنود تلك الصفقة الكف عن مخاطبة الجهات الأجنبية التي يستقوي بها أيمن نور وانك قلت بأنك فور خروجك سوف تعلن في وسائل الإعلام بأنك لم تخاطب تلك الجهات الأجنبية التي حاولت التدخل للإفراج عنك وعلي رأسها الاتحاد الأوروبي... والبند الثاني والذي لايقل أهمية عن البند الأول في شروط الصفقة هو عودة الحزب اليك لتمارس العمل السياسي من جديد .. فهل هذا الكلام صحيحا؟

لا يوجد اى شيئ مما قلته صحيحا فلقد تم الافراج عنى فى 18 فبراير وقمت بالقاء خطاب فى البرلمان الاوروبى مجتمعا فى 15 ابريل ولا يوجد اى شيئ اغيره وموقفى ثابت ونحن اصحاب قضية وعلينا ان نخاطب الداخل والخارج بنفس الثبات القضية ولا يوجد لدى ما اخفيه واقول هذا الكلام كما قلته بالبرلمان الاوروبى وهو نفس الكلام الذى القيته فى محافظة السويس وسالقيه وفى كافة بلدان مصر.


تردد في فترة اعتقالك أن كونداليزا رايس خاطبت بعض المسئولين المصريين بلهجة شديدة بعيدا عن ماهو متعارف عليه من السلوك الدبلوماسي بشأن الإفراج عنك أو قطع المعونة وقيل وقتها أن صداقة ما تربطك بها وببعض المسئولين الأمريكيين واستدلوا على ذلك بصور تجمعك بها في لقاءات كثيرة، وكتب بعضهم مقالات يتهموك فيها بأنك رجل أمريكا الاول في مصر؟ ماقولك في هذا الكلام؟
هذا كلام يدعو للسخرية وهو خطاب ظريف ولا يلقى إلا في مستشفى الامراض العقلية ثم انا ليس لى اى علاقة باى احد وليس لى صور مع اى احد وهذا كلام ساذج وسخيف من الحكومة المصرية وهذا جزء من حملة التشويه ضدى وليس اكثر وهذا الكلام كان محل سخرية الناس وانا سمعت ايضا انه تربطنى علاقة بينى وبين كوندليزا رايس فى روسيا ومشاريع لطيفة (هذا كلام ساخر هدفه تشويه صورتى وتشكيك فى ذوقى الشخصى ) ويتردد هذا الكلام فى الجرائد الحكومية المصرية اثناء فترة الانتخابات وليس اكثر.


ماحقيقة تلك الرسالة التي ارسلتها للرئيس الامريكي باراك اوباما قبل ايام من توليه رئاسة الولايات المتحدة؟
ليست رسالة بالشكل ولكنها مقالة تم نشرها فى 7 دول منها صحف اوروبية وافريقية وامريكية ومصرية ومقالة بها رسالة موجهةالى اوباما وانا كاتب صحفى ولى كتاب اسمه رسائل ايمن نور السرية خلف السجون المصرية وبها رسائل لرئيس سوريا ايضا وليست بمفهوم رسالة بقدر ماهى مقالة.


ماهو دفاع ايمن نور ضد مزاعم من قال أن الثورة البرتقالية في اوكرانيا هي نفسها الثورة البرتقالية في مصر وهما وجهان لعملة واحدة اسمها الولايات المتحدة نجحت في اوكرانيا وفشلت في مصر؟
هذه عيوب فروق التوقيت التى يعانى منها المصريين فقد قالوا سالفا اننى كنت احارب مع امريكا فى فيتنام وانا من مواليد 64 وهذا لا يتماشى فهناك فروق فى التوقيت والثورة البرتقالية فى اوكرانيا نحن صدى لها فهذا كلام غير صحيح ففى 95 كنا نستخدم اللون البرتقالى فى الدعاية وكانت اثورة البرتقالية فى اوكرانيا فى علم الغيب وان اوتبع احد الاخر فستكون اوكرانيا هى التى تبعتنا وهى صدفة وليس لها اى تأثير وهذا اللون مستخدم فى مصر فى العاية منذ 95 .2005.2000 وقبل اى تواجد للثورة البرتقالية فى اوكرانيا.


20 محاميا تقدموا ببلاغ إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام ضد الدكتور أيمن نور، يتهمونه بالسخرية من "المواطن" جمال مبارك وتشويه صورته وتأليب الرأي العام ضده من خلال إطلاقه حملة مناهضه لمبارك الإبن تحت عنوان "مصر كبيرة عليك". لماذا كل هذا الهجوم على جمال مبارك؟ وماهو مصير ذلك البلاغ الذي تقدم به هذا العدد الكبير من المحامين؟ وهل تتوقع أنه سيتم اعتقال ايمن نور مرة اخرى بتهمة تحريض الشعب المصري كله ضد جمال مبارك؟

انا شخصيا معترف بتلك التهم واتشرف بها وقلت هذا الكلام وسحبت النيابة البلاغ وهذا مصيره وانا اعترف بهذا وضد ان يحكم جمال مبارك مصر لانه ليس الشخص المناسب لحكم هذا البلد وانا مقتنع ان مصر كبيرة جدا على جمال مبارك ولا توجد عندى اى مشكلة ولو كان ثمنها اعتقالى (( اهلاً وسهلاً )).


تلقى ايمن نور تهاني من عدة قوى سياسية، على رأسها المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، على أي شئ كانت تلك التهاني؟ ولماذا حرص الدكتور محمد بديع على تهنئتك؟
من الطبيعى ان يهنئ زعيم اى قوى سياسية زعيم قوى سياسية مناظر له فى اى مناسبة وقام بتهنئتى د. محمد بديع لانتخابى رئيس للحزب وكما قمت انا بتهنئت د. محمد بديع بعد انتخابه مرشداً عاما للإخوان المسلمون.


ماهي حقيقة علاقتك بالإخوان المسلمين؟
الاخوان المسلمون جماعة سياسية لها اكثر من 80 عاما بمصر ولها دور وفكر ونحترم كفاحها ونضالها وهم ليسوا بحزب الغد او ليبراليين ولا انا باخوان مسلمين وهناك احترام متبادل بيننا وهذا حقهم وهناك قضايا مشتركة وهناك ما نختلف عليه ونتفق على قضايا الاصلاح السياسى ونتفق فى المواقف المشتركة ونختلف على صورة الدولة المدنية ومستقبل الحكم فى مصر وهذا طبيعى وفى النهاية نحن تياريين يحترم كل منا الاخر.


يقول بعض المحللين أنك تريد كسب المزيد من تأييد الشارع المصري بإظهار حالة من رضا الأخوان المسلمين عنك .. ماقولك؟

هذا السؤال يجب أن تسأله لشخص آخر


ومن هو؟
يتحدث عنه الشارع فى مصر، وانا شخصيا رضا الاخوان المسلمين عنى ليس هدفى ولكنى فى الدعاية الانتخابية للرئاسة طرقت كل ابواب القوى السياسية فى مصر بما فيه الاخوان ولكنى لا ابنى موقفى السياسى على قوى اخرى ونحن نتعاون فى احترام فى توسيع المشترك وتضييق المختلف


كيف يجتمع الضدان منهج الليبرالية ومنهج الاخوان في قلب ايمن نور؟

وهل شققت قلبى يا استاذ محمد لماذا تصر على انى اخوان؟ انا لست إخوان والاخوان ليسوا ليبراليين وانا قلبى عامر بحب هذا الوطن وحب من يحب هذا الوطن ومن يشترك فى حب هذا الوطن نقدره ونحترمه ونسعى لتقديم المشاركة معه ولكنى موقفى السياسى واضح منذ ولدت وانا ليبرالى .


المحامي الششتاوي طالب رئيس لجنة شئون الأحزاب صفوت الشريف بالاستعلام عن أحقية رئاسة نور لحزب الغد ... هي ايه الحكاية بالظبط؟

انا لا اعلم من هو الششتاوى ومن هو صفوت الشريف وهم اشخاص لست معنياً بهم
فقد قام الذى يدعى تقريبا سمير الششتاوى بتقديم بلاغ الى النائب العام وقام النائب العام بحفظ البلاغ لانه قام بالادعاء علىّ بانى اقلص فرص المواطن جمال مبارك فى دعايته الانتخابية للرئاسة وانى اهاجمه مما يجعل الامر مضحك وبعد ان قام النائب العام بالتحقيق فى الموضوع راى انه مخجل واعتذر عن هذا البلاغ البالغ السذاجة وابلغته اننى معترف بهذه التهم لانه حقى وسأمارسه لانه واجبى وسأظل اؤديه وساتهمهم بالغباء السياسى لانه مقدر من اغباء فى خدمة سيدهم اضر بهم اكثر ما افادهم.


هل ستتقدم لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر؟
هذا قرار حزب الغد وهذا الراى فيه فرصة لايجاد البديل العاقل المدنى الذى يستطيع ان يواجه هذا النظام الذى يتصور انه البديل الوحيد والنظام القائم فى مصر قد فقد صلاحيته ونحن نعد لمشروع سياسى لمصر وهناك برنامج تم طباعة المرحلة الاولى منه لخوض المعركة الانتخابية القادمة لانقاذ مصر ان شاء الله.


مارأيك في دكتور البرادعي؟

د. محمد البرادعى شخص محترم وله قامة عظيمة وشريك معنا فى عملية التغيير فى مصر ود. البرادعى لا شك انه لعب دوراً فى الشهور الاخيرة واحدث حراكاً سياسياً فى الشارع المصرى وتحريك المياه الراكدة فى تجديد مطالب الشعب المصرى وتفعيل القرار السياسى فيه.


هل تؤيد فكرة رئيس اخواني يحكم مصر؟
القضية ليست قضية رئيس اخوانى يحكم مصر وانما قضية من يختاره الشعب المصرى ليبرالى اخوانى شيوعى ما دام الشعب اختاره فهو الرئيس القادم ولا يوجد لدى فيتو لاى احد مادام اختاره الشعب.


اتحدث بالتحديد ان يكون رئيس اخوانى ؟

اتمنى ان يكون رئيس مصر القادم ليبرالى يؤمن بالدولة المدنية وهذا رأيى وفى النهاية من يختاره الشعب سنحترم ارادته .


رأيك في المعارضة المصرية؟ هل هي مجرد ديكور سياسي امام العالم لتظهر مصر بمظهر الدولة الديموقراطية أم أنها معارضة حقيقية؟
المعارضة فى مصر معزورة مثل بقية الشعب المصرى معزور والمعارضة فى مصر جزء من النظام السياسى المصرى والمعارضة حتى وقتنا هذا لم تستطيع ان تقوم بدورها كاملا بالشارع المصرى وهذا ليس انها فى احسن حال ولكنها ليست فى اسوا حال وهناك دول مثل ما فى اوروبا الشرقية ادت فيها المعارضة الى تغيير انظمة وهذا ليس انها افضل بكثير من المعارضة المصرية كما ان الانظمة السياسية تسود نوع منت الارتباك بين الشعوب ولان مصر يوجد بها حكم استبدادى فرعونى منذ اكثر من 30 عام اوقع الشعب فى حالة من سوء الاحوال السياسية.


ماهو أهم حزب معارض في مصر من وجهة نظرك؟
لا شك انها الجمعية الوطنية للتغيير.


هناك من ينادي بعودة ما يسمى بحزب الأمة القبطية وهي جماعة محظورة تم انشائها قبل ثورة يوليو أو الحزب المصري الذي استمر خلال الفترة من 1908-1922 مادام هناك جماعة محظورة هي الاخوان المسلمون التي تشكل بالفعل – رغم الحظر - حزبا دينيا قويا ومسيطرا ويحتل اكثر من 20% من مقاعد البرلمان، ماهو تحليلك لمثل هذه المزاعم؟

انا ضد اى حزب يقوم على اساس دينى ولست ضد اى حزب مدنى يكون له مرجعية حضارية وثقافية ودينية وهذا متواجد فى كثير من دول العالم كدول اوروبا واميركا فهناك احزاب لها مرجعية ومخزون ثقافى ودينى وتواجد اى حزب ما دام له توجهات وطنية على مرجعيات ثقافية دينية مختلفة.

اذا حكم الاخوان المسلمون مصر فهل سيكون حكمهم دينيا ؟ فما رأي د.نور؟

الامر ليس به وجهات نظر وانا ضد ان تقوم دولة دينية على مرجعية دينية فى مصر عن طريق الاخوان اوغير الاخوان والمسألة بالنسبة لى محسومة على ان تكون هناك دولة مدنية وانا لست ضد الاخوان كجماعة او فكر ومن حقهم ان يكون لهم حزب سياسى للتعبير عنهم وفى النهاية انا مع الدولة المدنية وانا ارى ان الخطاب الاخوانى تقدم فى الاونة الاخيرة كخطاب دولة مدنيه لها مرجعية دينية.


هناك بالفعل المحامي ممدوح نخلة الذي استطاع الحصول على 700 توكيل لانشاء حزب الأمة المصرية، واكد على تقديم الأوراق لإنشاء هذا الحزب، فهل مصر مقبلة على مستقبل طائفي؟ وسنصبح لبنان اخرى؟
الوضع الطائفى والسكانى فى مصر لا يسمح لها بان تكون لبنان ولا اعتقد ان تكون مصر مقبلة على هذا المستقبل وكون تواجد حزب او موسسة قبطية لها مرجعية دينية اقل بكثير من ا يحدث فتنة طائفية فى مصر.


ماهي اول قرارتك اذا ما أصبحت يوما ما رئيسا لمصر؟
انا لست مع مبدا ماذا تفكر وماذا ستفعل او ماذا تحلم ولكن لنا برنامج سياسى ومرتبط ببرنامج زمنى سيتم التنفيذ فى اوقات زمنية محددة ومشلروع فى 24 شهر يصلح من شأن الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر وهناك قضايا مهمة فى انى لا استطيع ان احكم بلدا لها قانون غير طبيعى وفيها شخص مسجون دون محاكمة وسنقوم بتطهير مصر من الاحكام العرفية والعسكرية والاستثنائية مرورا بقضايا مهمة تأخذ الاولوية مثل قضية الفساد، فمصر تعانى من فساد رهيب وقضية الفقر التى اودت إلى الإحساس العام بالذل بين شعب مصر والفساد والاستبداد الذى جعل رغيف الخبز فى غير المتناول بين افرادهذا الشعب.


اذا لم يكن نور هو رئيس مصر القادم فماهي نصيحتك لرئيس مصر القادم؟

انا لا احب الاسئلة المركبة على افتراضات اسئلة اخرى ولكن بالفعل برنامجنا الانتخابى سيخدم اى رئيس يحكم مصر والتغيير الحقيقى فى هذا البرنامج لمصر وانصحه ان يكون عادلاً لان مصر بعيدة عن العدل والعدالة وفيها احساس بالظلم ومصر بلد مسخن بجراح عميقة فالنصيحة هى العدل.


ماهو القادم في جدول اعمال الدكتور ايمن نور؟

الاستعداد لخوض الانتخابات الرئاسية فى 2011 والقيام حاليا بحملة طرق الابواب ونزور فيها بلدان مصر وكفورها ونجوعها ونعمم فكرة ان التغيير السياسى سيأتى من الشعب المصرى وقد بدأنا فى حملة الدعاية بالفعل والله الموفق


كلمتك لشعب مصر؟
انادى بالتغيير الذى لن يتم الا بايادى مصرية وعلى كل مصرى ان يقدم الاستحقاق الواجب عليه فالمرحلة القادمة هو شريك لهذا التغيير وانقاذ هذا الوطن.
مسألة كنت ترغب في الحديث عنها ولم نتطرق إليها في حديثنا هذا معك؟
لا يوجد اى شيئ فقد تحدثنا فى كل القضايا الهامة تقريبا ولا يوجد شيئ آخر فالحوار كان مجديا ًحقا
دكتور ايمن نور في مكتبه أثناء اجراء الحوار