الاثنين، 30 يناير 2012

صُباع الرئيس ( مرسي ) وأهل قناة السويس البواسل

بقلم محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

في خطابه الأخير مهدداً شعب مصر وجه الرئيس المصري ( صباعه ) اكثر من 70 مرة للناس وكأن شعب مصر تحول أمامه لجماعة من المجرمين والخارجين على القانون ودون وعي سياسي او تاريخي او جغرافي قرر حظر التجوال على مدن القنال كلها وهي مصيبة لم تجرؤ عليها أبداً انجلترا وفرنسا واسرائيل مجتمعة.
لاشك أن حول الرئيس مجموعة من المعاونين إما أنهم هواه يفخخون له ليسقط أو من الحاقدين عليه يفخخون له أيضا ليسقط، وقد عرفت من احد المقربين له أنه شديد العناد وربما هذا هو مفتاح الكارثة فالعنيد هو اسهل النفوس التي يمكن التلاعب بها، فيكفيك أن تستفزه استفزازاً صغيراً حتى يظن أنك تتحداه فيصر على عناده فتغرق السفينة كما يريدها من استفزه وتلاعب به، فينتصر الخصوم ويضيع اصحاب النوايا الحسنة مع من وثقوا بهم وصدقوا فيهم.
يعرف الجميع أن جماعة الإخوان هي جماعة عاشت وسط المجتمع المصري بل وفي قاع المجتمع المصري، ولكنهم يبدو من أفعالهم وكأنهم عاشوا كضيف في فندق لا علاقة لهم بنزلائه إذ أنهم اليوم نراهم وكأن أفعالهم تؤكد أنهم غرباء عن شعب مصر وربما تهديد محافظ كفر الشيخ الإخواني سعد الحسيني ( بصباعه أيضاً ) لشعب كفر الشيخ بأن الجماعة 5 مليون ولن تستطيع مصر مقاومتها أو شعب كفر الشيخ كله من أن يطرده من منصبه هي مسألة مستفزة وحاقدة وصبيانية من مسئول المفروض أن يكون على قدر من الوعي السياسي والشعبي، ومن ثم اعتبر شعب كفر الشيخ استفزاز سعد الحسيني اهانة له ولكبريائه فتجمعوا بالآلاف حول المحافظة وحول محل اقامة المحافظ وحرقوا مدرعة شرطة واقسموا على المحافظ ( الإخواني ) بأن يخرج وأن يستنجد بكتائبه الإخوانية ال5 مليون لكنه اختفى!! خاف المحافظ من غضبة شعب لم يحسب حساب لكلماته معه، هرب المحافظ ولم يظهر حتى كتابة هذا المقال!.
علمني ابي أنني إن رأيت خطأً قام به احد ابنائي فيجب ان لا أفكر في عقاب مباشر عنيف ضده لأنه إن لم ينفذه لن أقتله بالطبع لكونه ابني ( شعبي ) ولكني سأقتل هيبتي أمامه وسأصبح أباً بلا صلاحيات، أب غير محترم أمام ابناءه، والهيبة إن ضاعت لا تعود، حتى وإن انفقت عليها كنوز الدنيا!.
أعلن الرئيس المصري حظر التجوال والطوارئ على شعب القناة كله كعقاب فلم تنفذه الناس بل وإمعانا في السخرية من القرار وممن قرر ومن مجلس الشورى الذي بارك ووافق، فاجأ أهل الاسماعيلية والسويس وبور سعيد شعب مصر والعالم ( خاصة أننا شعب ساخر بطبعه ) استبداع دوري لكرة قدم واطلقوا عليه ( دوري الحظر ) يستمر من الساعة العاشرة مساءً بعد الحظر بساعة ويستمر حتى الساعات الأولى من الصباح مما جعل إعلان حظر التجوال هو إعلان لسقوط هيبة الدولة وهيبة الرئاسة وهيبة النظام كما اسقط هيبة المستعمرين من قبل.
والمدهش أن مصر تحتفل بأيام النصر المشهودة والشاهدة على الزمن، بيومين فقط قدمهما شعب القناة العظيم أولهما عيد النصر الذي أهداه شعب بور سعيد ببسالته وشهدائه للوطن يوم 23 ديسمبر عام 1956 بانتصاره على الفرنساوية والانجليز والصهاينة، والعيد القومي الذي أهداه شعب السويس ببسالته وشهدائه للوطن يوم 24 أكتوبر عام 1973، أي أن مصر وشعب مصر لا يحتفل بكرامته وكبريائه في النصر على أعدائه إلا في يومين اثنين قدمهما شعب القناة بتضحيته وانتمائه وحبه لتراب هذا الوطن، حتى أنني احمل في مكتبتي الخاصة أكثر من 40 ساعة تسجيل مع بعض من عاش من ثوار بورسعيد عام 56 يحكون فيها قصص بطولة تشيب من هولها الولدان، قصص عن بسالة شعب حارب ثلاث قوى غاشمة بأظافره وانتصر.
بورسعيد التي قال عنها ( جيفارا ) حينما زار مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر: بور سعيد هي من حررت شعوب أمريكا اللاتينية.
المدهش أن الرئاسة في أول احتفال شعب مصر بعيد النصر يوم 25 ديسمبر الماضي 2012 بعد اعتلاء الرئيس مرسي تم تجاهله تماماً وهو الأمر الذي لم يجرؤ عليه جمال عبد الناصر أو أنور السادات أو حتى الرئيس السابق المخلوع حسني مبارك، إذ لم يتوقع البورسعيدية أن تمر ذكرى عيد النصر دون أن تحتفل به الدولة وهي التي كانت المناسبة الأكبر في تاريخ مصر الحديث.
ولعل عدم الاحتفال بالذكرى الـ 56 لانتصار بورسعيد على العدوان الثلاثي كما يقول الاستاذ عبد الرحمن بصلة الصحفي بجريدة الوفد يرجع لرفض البورسعيدية لسياسية الإخوان المسلمين في بورسعيد وتدنى شعبيتهم بصورة ملحوظة.
لكن هل من المنطقي أن رئيس الدولة وهو رئيس منتخب على مستوى مصر كلها وليس مملوكا من مماليك السلجوقيين الذين كانوا يحكمون مصر بعد اغتصابها بتصويب المدافع عليها وعلى القلعة وسوق الجمعة بالإمام الشافعي أن يعاقب والذين معه شعباً بعينه كشعب مدن القناة عقاباً جماعيا وأن يتم فرض حظر التجوال عليه رغم تضحياته بل وكونهم الضحية أيضاً إذ سقط منهم 42 في بورسعيد وحدها و11 في السويس، لاشك أنه أمر لا يضع الرئيس وحده في سلة التاريخ ( السلبية ) ولكن يضع جماعة الاخوان المسلمون كلها رغم تاريخها السياسي المعروف في مكان اسود من كتاب التاريخ ويزيد حتماً من حدة الرفض الشعبي لهم حتى ولو كانوا يمتلكون مفاتح الترف للناس لأن الناس في مصر وكما يقول المثل: ياما دقت على رؤوسهم طبول وماتوا من الجوع في فترات كثيرة من التاريخ في سبيل حريتهم وكرامتهم وكبريائهم الحضاري وهو ما جعلهم يستحقون من الانبياء كل توقير ومن سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم كل ثقة في كونهم خير اجناد الارض بعكس ما يري ( بحسب ما يقع من ممارسات على الأرض ) سيادة الرئيس والذين معه.

أقول للإخوان .. لماذا هذا الاستفزاز وكأنكم غرباء عن شعب مصر؟ .. لماذا كل هذا التنطع والذل في لف العالم للاستجداء ( والشحاته ) باسم شعب مصر؟
وربما حتى أكون منطقيا يجب أن ألمح بأن شعب مصر لا يستطيع أن تحركه جماعة ولا جبهة ولا حزب، بل أن الجماعة والجبهة والحزب تحاول القفز على الشارع وثوار الشارع لتكتسب مكاناً سياسياً، ومن ثم فإن المشهد السياسي والنخبة السياسية في مصر سواء كانوا مولاه أو تيار اسلام سياسي أو جبهة انقاذ ومعارضة ليسوا على مستوى نضج الشارع، بل هم "صبيان الماضي" ولن يحكموا مصر، لأن الصراع في مصر الآن تطور تطوراً نوعياً شديد التعقيد بعيدا عن الأدلجة والدين والسياسة ليصبح صراعاً للأجيال، صراعاً عنيفاً بين الماضي والمستقبل في حكم الحاضر، الماضي المتمثل في ( عواجيز النخبة السياسية "صبيان الماضي" متصدري المشهد السياسي الآن ) وبين المستقبل المتمثل في شباب الثورة الغاضبين في شوارع وميادين مصر، وحتما ومنطقياً لا يحكم الأمم إلا المستقبل الذي يمتلك كل ما فقده الماضي من قدرة وقوة وحلم، وهذه هي الحقيقة القادمة، صدقوا هذا أو لا تصدقوه، اشهر قليلة وسيتغير وجه مصر تماماً، اشهر قليلة وسيحكم الثوار الحقيقيون مصر، فمصر لن تدع "صبيان الماضي" يعبثون بكرامة حاضرها ومستقبلها، حتى ولو قام "صبيان الماضي" بتوجيه ملايين الأصابع لعينها على شاكلة ( صباع الرئيس مرسي!).
 

صُباع الرئيس ( مرسي ) وأهل قناة السويس البواسل

بقلم محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

في خطابه الأخير مهدداً شعب مصر وجه الرئيس المصري ( صباعه ) اكثر من 70 مرة للناس وكأن شعب مصر تحول أمامه لجماعة من المجرمين والخارجين على القانون ودون وعي سياسي او تاريخي او جغرافي قرر حظر التجوال على مدن القنال كلها وهي مصيبة لم تجرؤ عليها أبداً انجلترا وفرنسا واسرائيل مجتمعة.
لاشك أن حول الرئيس مجموعة من المعاونين إما أنهم هواه يفخخون له ليسقط أو من الحاقدين عليه يفخخون له أيضا ليسقط، وقد عرفت من احد المقربين له أنه شديد العناد وربما هذا هو مفتاح الكارثة فالعنيد هو اسهل النفوس التي يمكن التلاعب بها، فيكفيك أن تستفزه استفزازاً صغيراً حتى يظن أنك تتحداه فيصر على عناده فتغرق السفينة كما يريدها من استفزه وتلاعب به، فينتصر الخصوم ويضيع اصحاب النوايا الحسنة مع من وثقوا بهم وصدقوا فيهم.
يعرف الجميع أن جماعة الإخوان هي جماعة عاشت وسط المجتمع المصري بل وفي قاع المجتمع المصري، ولكنهم يبدو من أفعالهم وكأنهم عاشوا كضيف في فندق لا علاقة لهم بنزلائه إذ أنهم اليوم نراهم وكأن أفعالهم تؤكد أنهم غرباء عن شعب مصر وربما تهديد محافظ كفر الشيخ الإخواني سعد الحسيني ( بصباعه أيضاً ) لشعب كفر الشيخ بأن الجماعة 5 مليون ولن تستطيع مصر مقاومتها أو شعب كفر الشيخ كله من أن يطرده من منصبه هي مسألة مستفزة وحاقدة وصبيانية من مسئول المفروض أن يكون على قدر من الوعي السياسي والشعبي، ومن ثم اعتبر شعب كفر الشيخ استفزاز سعد الحسيني اهانة له ولكبريائه فتجمعوا بالآلاف حول المحافظة وحول محل اقامة المحافظ وحرقوا مدرعة شرطة واقسموا على المحافظ ( الإخواني ) بأن يخرج وأن يستنجد بكتائبه الإخوانية ال5 مليون لكنه اختفى!! خاف المحافظ من غضبة شعب لم يحسب حساب لكلماته معه، هرب المحافظ ولم يظهر حتى كتابة هذا المقال!.
علمني ابي أنني إن رأيت خطأً قام به احد ابنائي فيجب ان لا أفكر في عقاب مباشر عنيف ضده لأنه إن لم ينفذه لن أقتله بالطبع لكونه ابني ( شعبي ) ولكني سأقتل هيبتي أمامه وسأصبح أباً بلا صلاحيات، أب غير محترم أمام ابناءه، والهيبة إن ضاعت لا تعود، حتى وإن انفقت عليها كنوز الدنيا!.
أعلن الرئيس المصري حظر التجوال والطوارئ على شعب القناة كله كعقاب فلم تنفذه الناس بل وإمعانا في السخرية من القرار وممن قرر ومن مجلس الشورى الذي بارك ووافق، فاجأ أهل الاسماعيلية والسويس وبور سعيد شعب مصر والعالم ( خاصة أننا شعب ساخر بطبعه ) استبداع دوري لكرة قدم واطلقوا عليه ( دوري الحظر ) يستمر من الساعة العاشرة مساءً بعد الحظر بساعة ويستمر حتى الساعات الأولى من الصباح مما جعل إعلان حظر التجوال هو إعلان لسقوط هيبة الدولة وهيبة الرئاسة وهيبة النظام كما اسقط هيبة المستعمرين من قبل.
والمدهش أن مصر تحتفل بأيام النصر المشهودة والشاهدة على الزمن، بيومين فقط قدمهما شعب القناة العظيم أولهما عيد النصر الذي أهداه شعب بور سعيد ببسالته وشهدائه للوطن يوم 23 ديسمبر عام 1956 بانتصاره على الفرنساوية والانجليز والصهاينة، والعيد القومي الذي أهداه شعب السويس ببسالته وشهدائه للوطن يوم 24 أكتوبر عام 1973، أي أن مصر وشعب مصر لا يحتفل بكرامته وكبريائه في النصر على أعدائه إلا في يومين اثنين قدمهما شعب القناة بتضحيته وانتمائه وحبه لتراب هذا الوطن، حتى أنني احمل في مكتبتي الخاصة أكثر من 40 ساعة تسجيل مع بعض من عاش من ثوار بورسعيد عام 56 يحكون فيها قصص بطولة تشيب من هولها الولدان، قصص عن بسالة شعب حارب ثلاث قوى غاشمة بأظافره وانتصر.
بورسعيد التي قال عنها ( جيفارا ) حينما زار مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر: بور سعيد هي من حررت شعوب أمريكا اللاتينية.
المدهش أن الرئاسة في أول احتفال شعب مصر بعيد النصر يوم 25 ديسمبر الماضي 2012 بعد اعتلاء الرئيس مرسي تم تجاهله تماماً وهو الأمر الذي لم يجرؤ عليه جمال عبد الناصر أو أنور السادات أو حتى الرئيس السابق المخلوع حسني مبارك، إذ لم يتوقع البورسعيدية أن تمر ذكرى عيد النصر دون أن تحتفل به الدولة وهي التي كانت المناسبة الأكبر في تاريخ مصر الحديث.
ولعل عدم الاحتفال بالذكرى الـ 56 لانتصار بورسعيد على العدوان الثلاثي كما يقول الاستاذ عبد الرحمن بصلة الصحفي بجريدة الوفد يرجع لرفض البورسعيدية لسياسية الإخوان المسلمين في بورسعيد وتدنى شعبيتهم بصورة ملحوظة.
لكن هل من المنطقي أن رئيس الدولة وهو رئيس منتخب على مستوى مصر كلها وليس مملوكا من مماليك السلجوقيين الذين كانوا يحكمون مصر بعد اغتصابها بتصويب المدافع عليها وعلى القلعة وسوق الجمعة بالإمام الشافعي أن يعاقب والذين معه شعباً بعينه كشعب مدن القناة عقاباً جماعيا وأن يتم فرض حظر التجوال عليه رغم تضحياته بل وكونهم الضحية أيضاً إذ سقط منهم 42 في بورسعيد وحدها و11 في السويس، لاشك أنه أمر لا يضع الرئيس وحده في سلة التاريخ ( السلبية ) ولكن يضع جماعة الاخوان المسلمون كلها رغم تاريخها السياسي المعروف في مكان اسود من كتاب التاريخ ويزيد حتماً من حدة الرفض الشعبي لهم حتى ولو كانوا يمتلكون مفاتح الترف للناس لأن الناس في مصر وكما يقول المثل: ياما دقت على رؤوسهم طبول وماتوا من الجوع في فترات كثيرة من التاريخ في سبيل حريتهم وكرامتهم وكبريائهم الحضاري وهو ما جعلهم يستحقون من الانبياء كل توقير ومن سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم كل ثقة في كونهم خير اجناد الارض بعكس ما يري ( بحسب ما يقع من ممارسات على الأرض ) سيادة الرئيس والذين معه.

أقول للإخوان .. لماذا هذا الاستفزاز وكأنكم غرباء عن شعب مصر؟ .. لماذا كل هذا التنطع والذل في لف العالم للاستجداء ( والشحاته ) باسم شعب مصر؟
وربما حتى أكون منطقيا يجب أن ألمح بأن شعب مصر لا يستطيع أن تحركه جماعة ولا جبهة ولا حزب، بل أن الجماعة والجبهة والحزب تحاول القفز على الشارع وثوار الشارع لتكتسب مكاناً سياسياً، ومن ثم فإن المشهد السياسي والنخبة السياسية في مصر سواء كانوا مولاه أو تيار اسلام سياسي أو جبهة انقاذ ومعارضة ليسوا على مستوى نضج الشارع، بل هم "صبيان الماضي" ولن يحكموا مصر، لأن الصراع في مصر الآن تطور تطوراً نوعياً شديد التعقيد بعيدا عن الأدلجة والدين والسياسة ليصبح صراعاً للأجيال، صراعاً عنيفاً بين الماضي والمستقبل في حكم الحاضر، الماضي المتمثل في ( عواجيز النخبة السياسية "صبيان الماضي" متصدري المشهد السياسي الآن ) وبين المستقبل المتمثل في شباب الثورة الغاضبين في شوارع وميادين مصر، وحتما ومنطقياً لا يحكم الأمم إلا المستقبل الذي يمتلك كل ما فقده الماضي من قدرة وقوة وحلم، وهذه هي الحقيقة القادمة، صدقوا هذا أو لا تصدقوه، اشهر قليلة وسيتغير وجه مصر تماماً، اشهر قليلة وسيحكم الثوار الحقيقيون مصر، فمصر لن تدع "صبيان الماضي" يعبثون بكرامة حاضرها ومستقبلها، حتى ولو قام "صبيان الماضي" بتوجيه ملايين الأصابع لعينها على شاكلة ( صباع الرئيس مرسي!).
 

الجمعة، 6 يناير 2012

هل المطالبة بإعدام مبارك تهدئة للشارع قبل 25 يناير؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
لماذا فجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام على كل من مبارك والعادلي؟.
لن تشفع لمبارك مساعي زوجته سوزان ثابت في الحصول على عفو صحي من خلال تطبيق القوانين الأوروبية على حالته لأنه مواطن مصري ولا يخضع إلا للقانون المصري مثله مثل كل شعب مصر الذي حكمه طيلة ثلاثين عاماً حتى ولو كان حاصلاً على جنسية زوجته ونجليه الإنجليزية!، ولأن هذه المحاولة كما قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تهدف بها سوزان ثابت الوصول إلى تطبيق نظام معمول به في أوروبا فقط لمن تجاوز عمره 80 عاما، ولديه عديد من الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن المنظمات في هذه الدول تعتبر أن الحبس غير مقبول عند الوصول إلى هذا العمر، وربما تلك الأوهام هي سبب حضوره جلسات المحاكمة على سرير نقال ليثبت للعالم ومنظماته ومن خلال كاميرات التليفزيون أنه صاحب أمراض مزمنة فعلاً تمهيداً للعفو عنه بقوانين انجليزية، رغم أنه كان أكرم له ولتاريخه العسكري ولمصر التي احتضنته رغما عنها رئيساً لثلاثة عقود، كان أكرم له بدلا من الإيمان بوهم هذا العفو الطبي الذي يظنه وزوجته ومنظماته أن يحضر جلسات محاكمته واقفاً على قدميه بكبرياء القادة ويدفع عن نفسه بكل كرامة تلك التهم المنسوبة إليه كجندي مصري شريف مهمته الرئيسة هي مجابهة الموت منذ أول لحظة اختار فيها أن يرتدي الزى العسكري عام 1946.
لن تشفع أيضاً لمبارك المادة 17 من قانون العقوبات التي يظن أنها ( الكوبري ) الذي سيعبره لشاطئ العفو الصحي أو التخفيف عنه في تطبيق عقوبة الإعدام تلك المادة التي يقول نصها: "يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من اجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة من عقوبة الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة". 
ولكن لن تشفع لمبارك مادة 17. 
لماذا لن تشفع هذه المادة لمبارك وتنقذه أيضاً من حبل المشنقة أو العفو الصحي؟ 
الجواب ببساطة يقع في المادة 77 من نفس قانون العقوبات المصري والتي تنص صراحة: 
" تطبيق عقوبة الإعدام على كل من ارتكب " عمدا " فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو " وحدتها " أو سلامة أراضيها ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة". 
ولاشك أن مبارك والعادلي واحمد عز وجمال مبارك وحسين سالم وأحمد نظيف وبطرس غالي وزير المالية وصفوت الشريف وفتحي سرور وغيرهم وهم بلا شك موظفون عموم ارتكبوا عمداً أفعالاً أدت إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها كما أن نفس هذه المادة 77 ستجر العشرات من الوزراء وموظفي العموم الكبار ورؤساء الشركات العامة بل ورؤساء الجامعات في عهد مبارك ممن ساهموا في إفساد الحياة السياسية والعامة قبل الثورة وكذلك أثناء الثورة في إتلاف وفرم أوراق ومستندات وشرائط مرئية وصوتية ووسائط كمبيوتر هامة وفي غاية الأهمية داخل قصور الرئاسة وخارجها في مجلس الشورى ورئاسة الوزراء ومقرات الحزب الوطني بغرض تضليل العدالة وكشف الفساد إلى السجن لا محالة كما جاء بنص المادة 77 الفقرة (د) بند 2 حيث تقول: "يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن سلم ، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت في زمن حرب كل من أتلف عمدا أو أخفى أو اختلس أو زور أوراقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى . فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب، ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة".
أما مسألة أن مبارك فوق الثمانين فليس هناك قانون مصري يأمر بالعفو الصحي أو يمنع من تنفيذ حكم الإعدام إلا إذا كان المحكوم عليه يبلغ من العمر أقل من 18 سنة وقت وقوع الجريمة.
والسؤال الملح هنا هو: لماذا إذن وفجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون ووطنيون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام تحديدا على كل من مبارك والعادلي؟.
هل مرافعة النيابة العنيفة اليوم بإعدام مبارك والعادلي هي دفع خفي من قوة عليا ( مجهولة أو معلومة ) لمحاولة تهدئة غضب الشارع أو ربما إزالته قبل الاحتفال بمرور عام كامل على الثورة في 25 يناير القادم وهو عام لم يتم فيه أي انجاز لصالح الشعب وخاصة شباب مصر الذين ثاروا؟
هل مرافعة النيابة مجرد ( اسفنجة ) لامتصاص هذا الغضب الشعبي مخافة أن تثور الناس مرة أخرى بنفس القوة كما ثارت قبل عام؟
لو كان الأمر كذلك فهو مسألة غير محمودة العواقب خاصة في ظل كل هذا الاحتقان الذي تعيشه مصر وكادت أن تتفرق فيه لشيع وطوائف ممزقة ما بين ثوار التحرير وثوار العباسية وثوار مصطفى محمود وكل طائفة تتهم الأخرى وكل شيعة تدافع عن شخص بعينه؟
لو كانت المرافعة كذلك فإنها الخطيئة بعينها، لأنهم إن كانوا قد ترافعوا بكل هذا العنف ضد مبارك على أمل تخفيف الغضب الشعبي وغضب أهالي الشهداء حتى يمر يوم 25 يناير القادم بسلام ثم يحتكموا بعده إلى المادة 17 لتخفيف حكم الإعدام على مبارك بالسجن أو العفو الصحي فأنه سيكون أشبه بأمل المشركين في دخول الجنة بدون حساب، لأن المادة 77 كما ذكرت سابقاً تسحق عفو المادة 17، ومن ثم فقد لمعت ضمائر الناس بمرافعة النيابة ولن تستطيع قوة في الأرض أن تعيد هذه الناس مرة أخرى خطوة واحدة للوراء بعدما ظنوا أن زمن الإنصاف قادم.
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه مناورة، والشعب المصري لا يقبل المناورات، ولا تنفع معه مثل هذه السيناريوهات السوداء التي لو كانت في محلها من حيث اللعب بمشاعر الناس وأهالي الشهداء وشباب الثوار فهي الضلال ذاته والكارثة بعينها ولن يستطيع أحد دفع هذا الشر وتوابعه.

هل المطالبة بإعدام مبارك تهدئة للشارع قبل 25 يناير؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
لماذا فجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام على كل من مبارك والعادلي؟.
لن تشفع لمبارك مساعي زوجته سوزان ثابت في الحصول على عفو صحي من خلال تطبيق القوانين الأوروبية على حالته لأنه مواطن مصري ولا يخضع إلا للقانون المصري مثله مثل كل شعب مصر الذي حكمه طيلة ثلاثين عاماً حتى ولو كان حاصلاً على جنسية زوجته ونجليه الإنجليزية!، ولأن هذه المحاولة كما قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تهدف بها سوزان ثابت الوصول إلى تطبيق نظام معمول به في أوروبا فقط لمن تجاوز عمره 80 عاما، ولديه عديد من الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن المنظمات في هذه الدول تعتبر أن الحبس غير مقبول عند الوصول إلى هذا العمر، وربما تلك الأوهام هي سبب حضوره جلسات المحاكمة على سرير نقال ليثبت للعالم ومنظماته ومن خلال كاميرات التليفزيون أنه صاحب أمراض مزمنة فعلاً تمهيداً للعفو عنه بقوانين انجليزية، رغم أنه كان أكرم له ولتاريخه العسكري ولمصر التي احتضنته رغما عنها رئيساً لثلاثة عقود، كان أكرم له بدلا من الإيمان بوهم هذا العفو الطبي الذي يظنه وزوجته ومنظماته أن يحضر جلسات محاكمته واقفاً على قدميه بكبرياء القادة ويدفع عن نفسه بكل كرامة تلك التهم المنسوبة إليه كجندي مصري شريف مهمته الرئيسة هي مجابهة الموت منذ أول لحظة اختار فيها أن يرتدي الزى العسكري عام 1946.
لن تشفع أيضاً لمبارك المادة 17 من قانون العقوبات التي يظن أنها ( الكوبري ) الذي سيعبره لشاطئ العفو الصحي أو التخفيف عنه في تطبيق عقوبة الإعدام تلك المادة التي يقول نصها: "يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من اجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة من عقوبة الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة". 
ولكن لن تشفع لمبارك مادة 17. 
لماذا لن تشفع هذه المادة لمبارك وتنقذه أيضاً من حبل المشنقة أو العفو الصحي؟ 
الجواب ببساطة يقع في المادة 77 من نفس قانون العقوبات المصري والتي تنص صراحة: 
" تطبيق عقوبة الإعدام على كل من ارتكب " عمدا " فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو " وحدتها " أو سلامة أراضيها ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة". 
ولاشك أن مبارك والعادلي واحمد عز وجمال مبارك وحسين سالم وأحمد نظيف وبطرس غالي وزير المالية وصفوت الشريف وفتحي سرور وغيرهم وهم بلا شك موظفون عموم ارتكبوا عمداً أفعالاً أدت إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها كما أن نفس هذه المادة 77 ستجر العشرات من الوزراء وموظفي العموم الكبار ورؤساء الشركات العامة بل ورؤساء الجامعات في عهد مبارك ممن ساهموا في إفساد الحياة السياسية والعامة قبل الثورة وكذلك أثناء الثورة في إتلاف وفرم أوراق ومستندات وشرائط مرئية وصوتية ووسائط كمبيوتر هامة وفي غاية الأهمية داخل قصور الرئاسة وخارجها في مجلس الشورى ورئاسة الوزراء ومقرات الحزب الوطني بغرض تضليل العدالة وكشف الفساد إلى السجن لا محالة كما جاء بنص المادة 77 الفقرة (د) بند 2 حيث تقول: "يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن سلم ، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت في زمن حرب كل من أتلف عمدا أو أخفى أو اختلس أو زور أوراقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى . فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب، ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة".
أما مسألة أن مبارك فوق الثمانين فليس هناك قانون مصري يأمر بالعفو الصحي أو يمنع من تنفيذ حكم الإعدام إلا إذا كان المحكوم عليه يبلغ من العمر أقل من 18 سنة وقت وقوع الجريمة.
والسؤال الملح هنا هو: لماذا إذن وفجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون ووطنيون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام تحديدا على كل من مبارك والعادلي؟.
هل مرافعة النيابة العنيفة اليوم بإعدام مبارك والعادلي هي دفع خفي من قوة عليا ( مجهولة أو معلومة ) لمحاولة تهدئة غضب الشارع أو ربما إزالته قبل الاحتفال بمرور عام كامل على الثورة في 25 يناير القادم وهو عام لم يتم فيه أي انجاز لصالح الشعب وخاصة شباب مصر الذين ثاروا؟
هل مرافعة النيابة مجرد ( اسفنجة ) لامتصاص هذا الغضب الشعبي مخافة أن تثور الناس مرة أخرى بنفس القوة كما ثارت قبل عام؟
لو كان الأمر كذلك فهو مسألة غير محمودة العواقب خاصة في ظل كل هذا الاحتقان الذي تعيشه مصر وكادت أن تتفرق فيه لشيع وطوائف ممزقة ما بين ثوار التحرير وثوار العباسية وثوار مصطفى محمود وكل طائفة تتهم الأخرى وكل شيعة تدافع عن شخص بعينه؟
لو كانت المرافعة كذلك فإنها الخطيئة بعينها، لأنهم إن كانوا قد ترافعوا بكل هذا العنف ضد مبارك على أمل تخفيف الغضب الشعبي وغضب أهالي الشهداء حتى يمر يوم 25 يناير القادم بسلام ثم يحتكموا بعده إلى المادة 17 لتخفيف حكم الإعدام على مبارك بالسجن أو العفو الصحي فأنه سيكون أشبه بأمل المشركين في دخول الجنة بدون حساب، لأن المادة 77 كما ذكرت سابقاً تسحق عفو المادة 17، ومن ثم فقد لمعت ضمائر الناس بمرافعة النيابة ولن تستطيع قوة في الأرض أن تعيد هذه الناس مرة أخرى خطوة واحدة للوراء بعدما ظنوا أن زمن الإنصاف قادم.
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه مناورة، والشعب المصري لا يقبل المناورات، ولا تنفع معه مثل هذه السيناريوهات السوداء التي لو كانت في محلها من حيث اللعب بمشاعر الناس وأهالي الشهداء وشباب الثوار فهي الضلال ذاته والكارثة بعينها ولن يستطيع أحد دفع هذا الشر وتوابعه.

هل المطالبة بإعدام مبارك تهدئة للشارع قبل 25 يناير؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
لماذا فجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام على كل من مبارك والعادلي؟.
لن تشفع لمبارك مساعي زوجته سوزان ثابت في الحصول على عفو صحي من خلال تطبيق القوانين الأوروبية على حالته لأنه مواطن مصري ولا يخضع إلا للقانون المصري مثله مثل كل شعب مصر الذي حكمه طيلة ثلاثين عاماً حتى ولو كان حاصلاً على جنسية زوجته ونجليه الإنجليزية!، ولأن هذه المحاولة كما قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تهدف بها سوزان ثابت الوصول إلى تطبيق نظام معمول به في أوروبا فقط لمن تجاوز عمره 80 عاما، ولديه عديد من الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن المنظمات في هذه الدول تعتبر أن الحبس غير مقبول عند الوصول إلى هذا العمر، وربما تلك الأوهام هي سبب حضوره جلسات المحاكمة على سرير نقال ليثبت للعالم ومنظماته ومن خلال كاميرات التليفزيون أنه صاحب أمراض مزمنة فعلاً تمهيداً للعفو عنه بقوانين انجليزية، رغم أنه كان أكرم له ولتاريخه العسكري ولمصر التي احتضنته رغما عنها رئيساً لثلاثة عقود، كان أكرم له بدلا من الإيمان بوهم هذا العفو الطبي الذي يظنه وزوجته ومنظماته أن يحضر جلسات محاكمته واقفاً على قدميه بكبرياء القادة ويدفع عن نفسه بكل كرامة تلك التهم المنسوبة إليه كجندي مصري شريف مهمته الرئيسة هي مجابهة الموت منذ أول لحظة اختار فيها أن يرتدي الزى العسكري عام 1946.
لن تشفع أيضاً لمبارك المادة 17 من قانون العقوبات التي يظن أنها ( الكوبري ) الذي سيعبره لشاطئ العفو الصحي أو التخفيف عنه في تطبيق عقوبة الإعدام تلك المادة التي يقول نصها: "يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من اجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة من عقوبة الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة". 
ولكن لن تشفع لمبارك مادة 17. 
لماذا لن تشفع هذه المادة لمبارك وتنقذه أيضاً من حبل المشنقة أو العفو الصحي؟ 
الجواب ببساطة يقع في المادة 77 من نفس قانون العقوبات المصري والتي تنص صراحة: 
" تطبيق عقوبة الإعدام على كل من ارتكب " عمدا " فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو " وحدتها " أو سلامة أراضيها ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة". 
ولاشك أن مبارك والعادلي واحمد عز وجمال مبارك وحسين سالم وأحمد نظيف وبطرس غالي وزير المالية وصفوت الشريف وفتحي سرور وغيرهم وهم بلا شك موظفون عموم ارتكبوا عمداً أفعالاً أدت إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها كما أن نفس هذه المادة 77 ستجر العشرات من الوزراء وموظفي العموم الكبار ورؤساء الشركات العامة بل ورؤساء الجامعات في عهد مبارك ممن ساهموا في إفساد الحياة السياسية والعامة قبل الثورة وكذلك أثناء الثورة في إتلاف وفرم أوراق ومستندات وشرائط مرئية وصوتية ووسائط كمبيوتر هامة وفي غاية الأهمية داخل قصور الرئاسة وخارجها في مجلس الشورى ورئاسة الوزراء ومقرات الحزب الوطني بغرض تضليل العدالة وكشف الفساد إلى السجن لا محالة كما جاء بنص المادة 77 الفقرة (د) بند 2 حيث تقول: "يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن سلم ، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت في زمن حرب كل من أتلف عمدا أو أخفى أو اختلس أو زور أوراقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى . فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب، ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة".
أما مسألة أن مبارك فوق الثمانين فليس هناك قانون مصري يأمر بالعفو الصحي أو يمنع من تنفيذ حكم الإعدام إلا إذا كان المحكوم عليه يبلغ من العمر أقل من 18 سنة وقت وقوع الجريمة.
والسؤال الملح هنا هو: لماذا إذن وفجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون ووطنيون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام تحديدا على كل من مبارك والعادلي؟.
هل مرافعة النيابة العنيفة اليوم بإعدام مبارك والعادلي هي دفع خفي من قوة عليا ( مجهولة أو معلومة ) لمحاولة تهدئة غضب الشارع أو ربما إزالته قبل الاحتفال بمرور عام كامل على الثورة في 25 يناير القادم وهو عام لم يتم فيه أي انجاز لصالح الشعب وخاصة شباب مصر الذين ثاروا؟
هل مرافعة النيابة مجرد ( اسفنجة ) لامتصاص هذا الغضب الشعبي مخافة أن تثور الناس مرة أخرى بنفس القوة كما ثارت قبل عام؟
لو كان الأمر كذلك فهو مسألة غير محمودة العواقب خاصة في ظل كل هذا الاحتقان الذي تعيشه مصر وكادت أن تتفرق فيه لشيع وطوائف ممزقة ما بين ثوار التحرير وثوار العباسية وثوار مصطفى محمود وكل طائفة تتهم الأخرى وكل شيعة تدافع عن شخص بعينه؟
لو كانت المرافعة كذلك فإنها الخطيئة بعينها، لأنهم إن كانوا قد ترافعوا بكل هذا العنف ضد مبارك على أمل تخفيف الغضب الشعبي وغضب أهالي الشهداء حتى يمر يوم 25 يناير القادم بسلام ثم يحتكموا بعده إلى المادة 17 لتخفيف حكم الإعدام على مبارك بالسجن أو العفو الصحي فأنه سيكون أشبه بأمل المشركين في دخول الجنة بدون حساب، لأن المادة 77 كما ذكرت سابقاً تسحق عفو المادة 17، ومن ثم فقد لمعت ضمائر الناس بمرافعة النيابة ولن تستطيع قوة في الأرض أن تعيد هذه الناس مرة أخرى خطوة واحدة للوراء بعدما ظنوا أن زمن الإنصاف قادم.
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه مناورة، والشعب المصري لا يقبل المناورات، ولا تنفع معه مثل هذه السيناريوهات السوداء التي لو كانت في محلها من حيث اللعب بمشاعر الناس وأهالي الشهداء وشباب الثوار فهي الضلال ذاته والكارثة بعينها ولن يستطيع أحد دفع هذا الشر وتوابعه.

هل المطالبة بإعدام مبارك تهدئة للشارع قبل 25 يناير؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
لماذا فجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام على كل من مبارك والعادلي؟.
لن تشفع لمبارك مساعي زوجته سوزان ثابت في الحصول على عفو صحي من خلال تطبيق القوانين الأوروبية على حالته لأنه مواطن مصري ولا يخضع إلا للقانون المصري مثله مثل كل شعب مصر الذي حكمه طيلة ثلاثين عاماً حتى ولو كان حاصلاً على جنسية زوجته ونجليه الإنجليزية!، ولأن هذه المحاولة كما قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تهدف بها سوزان ثابت الوصول إلى تطبيق نظام معمول به في أوروبا فقط لمن تجاوز عمره 80 عاما، ولديه عديد من الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن المنظمات في هذه الدول تعتبر أن الحبس غير مقبول عند الوصول إلى هذا العمر، وربما تلك الأوهام هي سبب حضوره جلسات المحاكمة على سرير نقال ليثبت للعالم ومنظماته ومن خلال كاميرات التليفزيون أنه صاحب أمراض مزمنة فعلاً تمهيداً للعفو عنه بقوانين انجليزية، رغم أنه كان أكرم له ولتاريخه العسكري ولمصر التي احتضنته رغما عنها رئيساً لثلاثة عقود، كان أكرم له بدلا من الإيمان بوهم هذا العفو الطبي الذي يظنه وزوجته ومنظماته أن يحضر جلسات محاكمته واقفاً على قدميه بكبرياء القادة ويدفع عن نفسه بكل كرامة تلك التهم المنسوبة إليه كجندي مصري شريف مهمته الرئيسة هي مجابهة الموت منذ أول لحظة اختار فيها أن يرتدي الزى العسكري عام 1946.
لن تشفع أيضاً لمبارك المادة 17 من قانون العقوبات التي يظن أنها ( الكوبري ) الذي سيعبره لشاطئ العفو الصحي أو التخفيف عنه في تطبيق عقوبة الإعدام تلك المادة التي يقول نصها: "يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من اجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة من عقوبة الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة". 
ولكن لن تشفع لمبارك مادة 17. 
لماذا لن تشفع هذه المادة لمبارك وتنقذه أيضاً من حبل المشنقة أو العفو الصحي؟ 
الجواب ببساطة يقع في المادة 77 من نفس قانون العقوبات المصري والتي تنص صراحة: 
" تطبيق عقوبة الإعدام على كل من ارتكب " عمدا " فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو " وحدتها " أو سلامة أراضيها ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة". 
ولاشك أن مبارك والعادلي واحمد عز وجمال مبارك وحسين سالم وأحمد نظيف وبطرس غالي وزير المالية وصفوت الشريف وفتحي سرور وغيرهم وهم بلا شك موظفون عموم ارتكبوا عمداً أفعالاً أدت إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها كما أن نفس هذه المادة 77 ستجر العشرات من الوزراء وموظفي العموم الكبار ورؤساء الشركات العامة بل ورؤساء الجامعات في عهد مبارك ممن ساهموا في إفساد الحياة السياسية والعامة قبل الثورة وكذلك أثناء الثورة في إتلاف وفرم أوراق ومستندات وشرائط مرئية وصوتية ووسائط كمبيوتر هامة وفي غاية الأهمية داخل قصور الرئاسة وخارجها في مجلس الشورى ورئاسة الوزراء ومقرات الحزب الوطني بغرض تضليل العدالة وكشف الفساد إلى السجن لا محالة كما جاء بنص المادة 77 الفقرة (د) بند 2 حيث تقول: "يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن سلم ، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت في زمن حرب كل من أتلف عمدا أو أخفى أو اختلس أو زور أوراقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى . فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب، ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة".
أما مسألة أن مبارك فوق الثمانين فليس هناك قانون مصري يأمر بالعفو الصحي أو يمنع من تنفيذ حكم الإعدام إلا إذا كان المحكوم عليه يبلغ من العمر أقل من 18 سنة وقت وقوع الجريمة.
والسؤال الملح هنا هو: لماذا إذن وفجأة تأخذ النيابة العامة هذا المنعطف السريع والخطير اليوم بعد مدة ثلاثة أشهر من تأجيل المحاكمة، تلك المدة التي تم فيها ذبح وقتل أكثر من 150 شاباً مصريا وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بعضهم إصابات ميئوس من علاجها، ثم تفاجئنا النيابة – وهم لا شك رجال مخلصون ووطنيون - وتطالب بأقصى العقوبات وعقوبة الإعدام تحديدا على كل من مبارك والعادلي؟.
هل مرافعة النيابة العنيفة اليوم بإعدام مبارك والعادلي هي دفع خفي من قوة عليا ( مجهولة أو معلومة ) لمحاولة تهدئة غضب الشارع أو ربما إزالته قبل الاحتفال بمرور عام كامل على الثورة في 25 يناير القادم وهو عام لم يتم فيه أي انجاز لصالح الشعب وخاصة شباب مصر الذين ثاروا؟
هل مرافعة النيابة مجرد ( اسفنجة ) لامتصاص هذا الغضب الشعبي مخافة أن تثور الناس مرة أخرى بنفس القوة كما ثارت قبل عام؟
لو كان الأمر كذلك فهو مسألة غير محمودة العواقب خاصة في ظل كل هذا الاحتقان الذي تعيشه مصر وكادت أن تتفرق فيه لشيع وطوائف ممزقة ما بين ثوار التحرير وثوار العباسية وثوار مصطفى محمود وكل طائفة تتهم الأخرى وكل شيعة تدافع عن شخص بعينه؟
لو كانت المرافعة كذلك فإنها الخطيئة بعينها، لأنهم إن كانوا قد ترافعوا بكل هذا العنف ضد مبارك على أمل تخفيف الغضب الشعبي وغضب أهالي الشهداء حتى يمر يوم 25 يناير القادم بسلام ثم يحتكموا بعده إلى المادة 17 لتخفيف حكم الإعدام على مبارك بالسجن أو العفو الصحي فأنه سيكون أشبه بأمل المشركين في دخول الجنة بدون حساب، لأن المادة 77 كما ذكرت سابقاً تسحق عفو المادة 17، ومن ثم فقد لمعت ضمائر الناس بمرافعة النيابة ولن تستطيع قوة في الأرض أن تعيد هذه الناس مرة أخرى خطوة واحدة للوراء بعدما ظنوا أن زمن الإنصاف قادم.
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه مناورة، والشعب المصري لا يقبل المناورات، ولا تنفع معه مثل هذه السيناريوهات السوداء التي لو كانت في محلها من حيث اللعب بمشاعر الناس وأهالي الشهداء وشباب الثوار فهي الضلال ذاته والكارثة بعينها ولن يستطيع أحد دفع هذا الشر وتوابعه.

الخميس، 5 يناير 2012

مازالوا يسرقون مصر ويدافعون عن الثورة!

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
الشباب المصري في ثورة يناير للأسف لم نعد نراهم الآن ولا نرى شعارهم الطاهر بعدما طفا على سطح الثورة أرباب متفرقون متصارعون كادوا أن يحولوا النور الثوري إلى فوضى، إيماناً منهم أن أرباب متفرقون خير لهم من إله واحد قهار.


الخائن هو من يضلك عن سبيل الوطن بأسم الوطن وهو ألد أعدائه.
هل تعلموا – على سبيل المثال فقط لا الحصر - أن ما يتقاضاه رئيس جامعة القاهرة بصفته المهنية بعد الثورة هو ثماني مائة ألف جنيه ( 800000) شهرياً رغم أن مرتبه الأصلي لا يتعدى ( 12 ألف جنيه!!!!!!) وأن ما يتقاضاه رئيس جامعة عين شمس بعد الثورة هو نصف مليون جنيه شهريا، في حين أن ما يتقاضاه ساركوزي رئيس جمهورية فرنسا واوباما رئيس أميركا لا يتعدى شهريا عشرة آلاف دولار ( ستين ألف جنيه مصري)، فهل يفتح هذا الملف الفاسد رجال الإعلام والسياسة والأحزاب والنقابات والبرلمان ومن يحكم مصر حالياً من الليبراليين والشيوعيين والدينيين والثيوقراطيين والعلمانيين والاشتراكيين أصحاب الحناجر والخناجر والشوارب واللحى وأصحاب الحواجب أيضا ؟، ولماذا لا يفتحونه؟ ربما لأنه سيفتح باب جهنم عليهم الذي سيكشف عار الكل، ويضعهم في زاوية بائعي الثورة ومص دمائها ودماء شبابها، وهو ما لا يريدونه، لا يريدون أن تموت الدجاجة التي تبيض ذهباً.
مازلنا نخجل أو نخاف من فضح الفاسدين الجدد من حولنا الذين يملأون حياتنا الآن ويملأون شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد والمجلات متملقين الثورة من شدة فسادهم، حتى أصبحت شاشات التليفزيون والجرائد والمجلات أشبه بسوق النخاسة الذي تباع فيه الحرية كما تباع الأميرات والمحصنات المأسورات كمحظيات وإماء لممارسة الجنس أمام أعين الشعب والناس وبحكم القانون!، لقد اشترى هؤلاء بأموالهم غالب منافذ الإعلام والصحف ليخرسوا الألسنة الحرة أو لينام أصحاب تلك الألسنة التي تأبى الخرس على رصيف الوطن تستجدي كسرة الخبز الجاف، إن في فضح هؤلاء زوال النعمة وكأن الله اختفى ولم يتبق إلا هؤلاء نعبدهم من دون الله حاشا لله.
عيش حرية عدالة اجتماعية، كان هذا هو شعار أروع ثورة في التاريخ المعاصر، ثورة شباب المصريين، ثلاث كلمات هي في مضمونها الدستور الحقيقي الذي نادى به الشباب المصري في ثورة يناير وضحوا من اجله ولكن للأسف لم نعد نراهم الآن ولا نرى شعارهم الطاهر بعدما طفا على سطح الثورة أرباب متفرقون متصارعون كادوا أن يحولوا النور الثوري إلى فوضى، إيماناً منهم أن أرباب متفرقون هم خير لهم من إله واحد، تحت دعوى فرق تسد، وكلما زادت الأصنام تبعثرت الحكمة، والناس في هذا الوضع أقرب لقطيع " الغنم" المساقة منهم إلى البشر المكرمون بالفضل وبالحرية.
وهنا يكمن سؤال، ما هو الفرق بين الثورة و ( الكسكسى )!، وربما أتصور أن الثورة هي تغيير حتمي وفوري للفساد الذي قامت ضده ومن اجل استئصاله الثورة، تغيير حتمي وفوري لا يحتمل أي محاكمات جنائية لرموز الفساد ولكن يفرض محاكمات سياسية لهم ومصادرة ممتلكاتهم لصالح الشعب بشكل لا يقبل التأجيل كما فعلها شباب الجيش في ثورة 1952، أما "الكسكسى" فهو بقاء الحال كما هو عليه مثلما نحن عليه اليوم في مصر بعد عام كامل على قيام الثورة، في عزاء الميت "كسكسى" وفي زواج ابنته "كسكسى" وكما يقول آبائي الفلاحين: احتفال الموت زى احتفال الحياة ومن أراد تغيير "الكسكسى" فعليه بتحمل النفقات.
لقد تحمل الشباب الكثير من النفقات، من أرواحهم واستشهادهم وإصابتهم، دفعو ثمنا باهظاً لتغيير الفساد إلى عدل، ثمنا باهظا لتوحيد الكلمة وتوحيد الصف، ثم ظهرت أصنام السادة الكبار، سادة الفساد من داخل سجن طره لتوحي إلى كهنتها خارج الأسوار إلى دعوة الناس للشرك، تدعوهم إلى اختزال الوطن في أشخاص السادة القدامى من جديد، تدعوهم إلى الكفر بالوطن والإيمان بأصنام متعددة، وما أكثر ما يحتويه الوطن من كهنة الشيطان الذين كادوا أن يخرجوا شيطانهم من محبسه ليعبده الناس من جديد، كهنة الشيطان الذين يقسموا لك ويشهدوا الله على ما في قلوبهم أنهم ما يفعلون فعلاً إلا لصالح البسطاء وصالح الثورة وهم ألد الخصام.
عزاء الميت "كسكسى" وفي زواج ابنته "كسكسى"، هكذا هم الثوار الجدد الذين طفوا فوق سطح المشهد السياسي المصري على اجساد الشهداء ودماء الثوار الحقيقيين، نفس المليونيرات القديمة الذين قدمهم "الميت" السابق على طاولة الوطن للشعب كي ينهبوه ويمتصوا دماءه وكرامته ولكن مع تغيير الوجوه ووضع بعض الرتوش والماكياج ليكونوا أكثر تخفيا حينما يقدمهم "كهنة" الميت مرة أخرى للشعب على طاولة زواج ابنته، مليونيرات اختلفت مرجعياتهم السياسية والثقافية والدينية ولكن الكفر ملة واحدة، مليونيرات قديمة اعتلوا من جديد كراسي الأحزاب وكراسي الإعلام والجامعة والوزارات والنقابات واعتلوا صهوة جواد الاقتصاد المصري مرة أخرى بل والبرلمان القادم بمجلسيه، ويملأون الآن الدنيا صراخا وضجيجا عن الثورة وشباب الثورة الطاهر البرئ الذي لم يعد له حالياً سوى بضع خيام ممزقة في ميدان التحرير تنتظر الحرق من كهنة مبارك والعادلي الذين سحروا أعين الناس وكادوا أن يدفعوهم بالإيمان أن التحرير لم يعد فيه حاليا سوى بلطجية هذا الوطن الذين سعوا في خرابه!
الديكتاتور قادم لا شك، قادم وسيقلب الصندوق ويفتحه من قاعدتة، فالظلم لا يفرز إلا ديكتاتوراً يأتي ممتطيا جواد السحق، أما العدل فلا يفرز إلا الكرامة، فانتهزوا ركوب قطار الكرامة قبل أن تسحقكم عجلاته، وإلا فأين العيش والحرية والعدالة الاجتماعية في مصر بعد الثورة يا كهنة الميت ؟.

مازالوا يسرقون مصر ويدافعون عن الثورة!

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
الشباب المصري في ثورة يناير للأسف لم نعد نراهم الآن ولا نرى شعارهم الطاهر بعدما طفا على سطح الثورة أرباب متفرقون متصارعون كادوا أن يحولوا النور الثوري إلى فوضى، إيماناً منهم أن أرباب متفرقون خير لهم من إله واحد قهار.


الخائن هو من يضلك عن سبيل الوطن بأسم الوطن وهو ألد أعدائه.
هل تعلموا – على سبيل المثال فقط لا الحصر - أن ما يتقاضاه رئيس جامعة القاهرة بصفته المهنية بعد الثورة هو ثماني مائة ألف جنيه ( 800000) شهرياً رغم أن مرتبه الأصلي لا يتعدى ( 12 ألف جنيه!!!!!!) وأن ما يتقاضاه رئيس جامعة عين شمس بعد الثورة هو نصف مليون جنيه شهريا، في حين أن ما يتقاضاه ساركوزي رئيس جمهورية فرنسا واوباما رئيس أميركا لا يتعدى شهريا عشرة آلاف دولار ( ستين ألف جنيه مصري)، فهل يفتح هذا الملف الفاسد رجال الإعلام والسياسة والأحزاب والنقابات والبرلمان ومن يحكم مصر حالياً من الليبراليين والشيوعيين والدينيين والثيوقراطيين والعلمانيين والاشتراكيين أصحاب الحناجر والخناجر والشوارب واللحى وأصحاب الحواجب أيضا ؟، ولماذا لا يفتحونه؟ ربما لأنه سيفتح باب جهنم عليهم الذي سيكشف عار الكل، ويضعهم في زاوية بائعي الثورة ومص دمائها ودماء شبابها، وهو ما لا يريدونه، لا يريدون أن تموت الدجاجة التي تبيض ذهباً.
مازلنا نخجل أو نخاف من فضح الفاسدين الجدد من حولنا الذين يملأون حياتنا الآن ويملأون شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد والمجلات متملقين الثورة من شدة فسادهم، حتى أصبحت شاشات التليفزيون والجرائد والمجلات أشبه بسوق النخاسة الذي تباع فيه الحرية كما تباع الأميرات والمحصنات المأسورات كمحظيات وإماء لممارسة الجنس أمام أعين الشعب والناس وبحكم القانون!، لقد اشترى هؤلاء بأموالهم غالب منافذ الإعلام والصحف ليخرسوا الألسنة الحرة أو لينام أصحاب تلك الألسنة التي تأبى الخرس على رصيف الوطن تستجدي كسرة الخبز الجاف، إن في فضح هؤلاء زوال النعمة وكأن الله اختفى ولم يتبق إلا هؤلاء نعبدهم من دون الله حاشا لله.
عيش حرية عدالة اجتماعية، كان هذا هو شعار أروع ثورة في التاريخ المعاصر، ثورة شباب المصريين، ثلاث كلمات هي في مضمونها الدستور الحقيقي الذي نادى به الشباب المصري في ثورة يناير وضحوا من اجله ولكن للأسف لم نعد نراهم الآن ولا نرى شعارهم الطاهر بعدما طفا على سطح الثورة أرباب متفرقون متصارعون كادوا أن يحولوا النور الثوري إلى فوضى، إيماناً منهم أن أرباب متفرقون هم خير لهم من إله واحد، تحت دعوى فرق تسد، وكلما زادت الأصنام تبعثرت الحكمة، والناس في هذا الوضع أقرب لقطيع " الغنم" المساقة منهم إلى البشر المكرمون بالفضل وبالحرية.
وهنا يكمن سؤال، ما هو الفرق بين الثورة و ( الكسكسى )!، وربما أتصور أن الثورة هي تغيير حتمي وفوري للفساد الذي قامت ضده ومن اجل استئصاله الثورة، تغيير حتمي وفوري لا يحتمل أي محاكمات جنائية لرموز الفساد ولكن يفرض محاكمات سياسية لهم ومصادرة ممتلكاتهم لصالح الشعب بشكل لا يقبل التأجيل كما فعلها شباب الجيش في ثورة 1952، أما "الكسكسى" فهو بقاء الحال كما هو عليه مثلما نحن عليه اليوم في مصر بعد عام كامل على قيام الثورة، في عزاء الميت "كسكسى" وفي زواج ابنته "كسكسى" وكما يقول آبائي الفلاحين: احتفال الموت زى احتفال الحياة ومن أراد تغيير "الكسكسى" فعليه بتحمل النفقات.
لقد تحمل الشباب الكثير من النفقات، من أرواحهم واستشهادهم وإصابتهم، دفعو ثمنا باهظاً لتغيير الفساد إلى عدل، ثمنا باهظا لتوحيد الكلمة وتوحيد الصف، ثم ظهرت أصنام السادة الكبار، سادة الفساد من داخل سجن طره لتوحي إلى كهنتها خارج الأسوار إلى دعوة الناس للشرك، تدعوهم إلى اختزال الوطن في أشخاص السادة القدامى من جديد، تدعوهم إلى الكفر بالوطن والإيمان بأصنام متعددة، وما أكثر ما يحتويه الوطن من كهنة الشيطان الذين كادوا أن يخرجوا شيطانهم من محبسه ليعبده الناس من جديد، كهنة الشيطان الذين يقسموا لك ويشهدوا الله على ما في قلوبهم أنهم ما يفعلون فعلاً إلا لصالح البسطاء وصالح الثورة وهم ألد الخصام.
عزاء الميت "كسكسى" وفي زواج ابنته "كسكسى"، هكذا هم الثوار الجدد الذين طفوا فوق سطح المشهد السياسي المصري على اجساد الشهداء ودماء الثوار الحقيقيين، نفس المليونيرات القديمة الذين قدمهم "الميت" السابق على طاولة الوطن للشعب كي ينهبوه ويمتصوا دماءه وكرامته ولكن مع تغيير الوجوه ووضع بعض الرتوش والماكياج ليكونوا أكثر تخفيا حينما يقدمهم "كهنة" الميت مرة أخرى للشعب على طاولة زواج ابنته، مليونيرات اختلفت مرجعياتهم السياسية والثقافية والدينية ولكن الكفر ملة واحدة، مليونيرات قديمة اعتلوا من جديد كراسي الأحزاب وكراسي الإعلام والجامعة والوزارات والنقابات واعتلوا صهوة جواد الاقتصاد المصري مرة أخرى بل والبرلمان القادم بمجلسيه، ويملأون الآن الدنيا صراخا وضجيجا عن الثورة وشباب الثورة الطاهر البرئ الذي لم يعد له حالياً سوى بضع خيام ممزقة في ميدان التحرير تنتظر الحرق من كهنة مبارك والعادلي الذين سحروا أعين الناس وكادوا أن يدفعوهم بالإيمان أن التحرير لم يعد فيه حاليا سوى بلطجية هذا الوطن الذين سعوا في خرابه!
الديكتاتور قادم لا شك، قادم وسيقلب الصندوق ويفتحه من قاعدتة، فالظلم لا يفرز إلا ديكتاتوراً يأتي ممتطيا جواد السحق، أما العدل فلا يفرز إلا الكرامة، فانتهزوا ركوب قطار الكرامة قبل أن تسحقكم عجلاته، وإلا فأين العيش والحرية والعدالة الاجتماعية في مصر بعد الثورة يا كهنة الميت ؟.

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

ماذا لو حكموا على مبارك بالبراءة؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
المصري يعلم في قراره نفسه أنه لا يستحق كل هذا الفساد، وقد أظهرت النتائج الأولية للمرحلة الأولى والثانية عن عدد أتباع ومؤيدي هذه التيارات وكانت من مجموع الناخبين فقط في المرحلة الأولى والثانية يفوق 25 مليون مصري، غالبهم على استعداد للموت في سبيل الدفاع عن ما وصلوا إليه من تقدم ومن إقصاء لمبارك.

أن تبرئ حاكما ظالماً فكأنما حكمت على البشرية كلها بالإعدام، فخطيئة الظلم وخطأ البراءة هما أول ملامح لعنة الأمم وسقوطها للأبد.
تدور هذه الآونة داخل كواليس السياسة في مصر محاولة مستميتة لاستغفال الشعب المصري والحكم ببراءة حسني مبارك. 
يقول المحامي يسري عبد الرازق رئيس هيئة الدفاع المتطوعة للدفاع عن مبارك والمنسق العام لوفد المحامين الكويتيين للدفاع عنه أنه توصل إلى حقائق مهمة تؤكد براءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين، وأن أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء أسهما في كشف أدلة ومستندات جديدة تعزز موقف مبارك في القضية وأن "الأدلة التي تم الحصول عليها من داخل مصر وخارجها تثبت تورط عناصر داخلية بالتعاون مع عناصر خارجية قامت بسرقة سيارات المطافئ والشرطة وقامت بدهس المتظاهرين، وكذلك قامت بفتح السجون وحرق أقسام الشرطة وفق أوامر من حزب الله وكتائب القسام وجماعة الإخوان المسلمين".
كلام خطير جداً ومجرد تداوله الآن ولو لمجرد الإشاعة لجس نبض الشارع هو كارثة حقيقية تفتح باب جهنم في مصر أمام غضب 90 مليون مصري، لن تكفيهم ميادين التحرير كلها في طول البلاد وعرضها ليفرغوا فيها جام غضبهم على كل من شارك في براءة مبارك.
لقد أساء مبارك ( مدنياً كرئيس دولة ) للشعب المصري، حارب الشعب، زور إرادته باستفتاءات ملفقة وانتخابات رئاسية مزورة و مجالس برلمانية ومحلية من لصوص وعصابات وخونة، حرم الشعب المصري من كرامته وممتلكاته ليوفر المليارات لعصابته وعصابة زوجته سوزان وعلى رأس عصابة سوزان جمال مبارك الذي أذل الشعب تحت سمع وبصر أبيه بتشريعات سلبت الحقوق وحرمت الشباب من الوظائف و اعتقلتهم وعذبتهم وباعت القطاع العام ومارست التضليل الإعلامي و أفسدت الشرطة و قهرت السياسة الخارجية حتى بدت مصر وكأنها ( شونة بهائم ) يعيش فيها المصريون عبيداً لكل ماهو أميركي وصهيوني.
كتبت أكثر من مرة وجاهرت في أكثر من لقاء بأن محاكمة مبارك يجب أن تكون سياسية وليست جنائية كما فعلت ثورة يوليو بخصومها، وحيث تنتهي المحاكمة السياسية باحتواء غضب الشعب، وكذا الإسراع بالحكم لصالح الوطن و الدخول الآمن لعملية الاستقرار دون أن يستشعر الضمير العام بالإحباط، أما المحاكمة الجنائية فمن شأنها إثارة السخط العام وإشاعة الفوضى وانتكاسة لروح التغيير الثوري التي من شأنها انقسام المجتمع إلى فرق احدها مع فريق بعينه والآخر ضد فريق بذاته كما تشير لنا بشائر الأحداث اليوم بين فريق ميدان التحرير وفريق ميدان العباسية وميدان مصطفى محمود، ليتهم كل منهم الآخر بالخيانة، وهو أمر من شأنه أن تتطور الاتهامات إلى صدام مسلح عنيف تسقط فيه الأمة في بحار الدماء السوداء ومع بلد في حجم مصر ( 90 مليون نسمة ) سيكون الصدام المسلح أشبه بمجزرة أهلية لن تفيد معها هيئة أمم أو منظمات مجتمع مدني أو عالمي. 
لاشك أن الأشد عنفاً قادم في مصر وبأيدي أبناء مصر أنفسهم، والسيناريو معد بعناية، وما يحدث من خلاف ظاهر معلن بين شباب التحرير وشباب العباسية هو بداية الانحطاط والسقوط، وطبطبة القائم بأعمال الحاكم في البلاد تجاه مبارك وتجاه التصريح والموافقة باعتصامات متناقضة لشباب العباسية والتحرير هو أقبح ما يمكن فعله ضد مصر والمصريين.
لقد أساء مبارك لقطاع كبير من فئات الشعب، وأهم هذه القطاعات قطاع تيارات الإسلاميين، حيث انتهك حرمة منازل الشعب و أباحها أمام زوار الفجر بموجب تعديل دستوري مزور واعتقل وأعدم وشرد وهتك أعراض عشرات الآلاف من المصريين حتى كنت ترى النساء – حرائر مصر – معلقات كالذبائح وعاريات تماما مثلما حدث في منطقة عين شمس تسعينيات القرن الماضي على يد عصابة مبارك وملائه، حتى لقد أصبح كل واحد من هؤلاء وغيرهم من المستضعفين في أرض مصر لديه خصومة شخصية مع مبارك وعصابته، خصومة شخصية لن يرجع فيها أحد لقائد أو حكيم ليأخذ الأمر منه بالثأر من عدمه، فالثأر لا يعرف له قائداً أو حكيماً وأهل المحكوم عليه بالإعدام لا يشفي غضبهم إلا بإعدام مثله، وهنا مكمن الكارثة!.
لقد أفرجت الثورة عن كل المعتقلين السياسيين، وصار الغالب منهم اليوم قاب قوسين أو أدني من سدة الحكم في مصر، وهم الأعداء التقليديين لمبارك، وبينهم وبينه دماء كثيرة أراقها هو بجبروته طيلة ثلاثين عاماً، والدم والعرض لا ينسى سفكهما إلا سفيه، وإذا خرج مبارك من محبسه بإعلان براءة فلن يستطيع أحد مهما كانت قوته وأسلحته أن يمنع هؤلاء أو من هم مثلهم ووقع عليهم ذات الظلم من الأخذ بثأرهم، لا الجيش ( 800 ألف جندي ) ولا الشرطة ( مليون ومائتي ألف جندي ) ولا حتى أميركا وأوروبا مجتمعين خاصة وأن بعض هؤلاء ممن عاداهم مبارك ونظامه ونكل بهم وبأعراضهم يفوق عدد أتباعهم عن الثلاثين مليون نسمة في شتى ربوع مصر بقراها ونجوعها وحتى داخل الجيش نفسه والشرطة ذاتها مما ينذر بانقلاب عنيف يفرز ديكتاتورا يتخلص بأتباعه ومؤيديه من كل رجال مبارك وبطانته وعهده البائد، انقلاب دموي سيغير وجه مصر بسبب ما نحياه اليوم من فوضى وطبطبة وإعلام رجال الأعمال الطابور الخامس لمبارك وعصابته ليعدم هذا الديكتاتور الآلاف ممن تعاطفوا معه أو قاموا بحماية أي رمز من رموزه أو أي من عصابته، تماماً كما فعل محمد على بالمماليك وعسكر المماليك وقادة المماليك وأبادهم عن بكرة أبيهم حتى نسائهم وأبنائهم الرضع أي أن الديكتاتور القادم لا محالة لن يفعل سابقة لم تحدث في مصر من قبل.
ربما الحل يكمن في أن ينتحر مبارك وزوجته كما فعلها هتلر وعشيقته إيفا بروان بالسم، الحل الوحيد للخروج من الأزمة اليوم أن يختفي مبارك وزوجته من الوجود تماماً، لأن القادم في حال تبرئته هو الأكثر عنفاً وحيث لم تر البلاد مثيلا له من قبل، وسنصبح أسوأ من حالنا أيام المستنصر بالله الفاطمي وحيث كان الناس يأكل بعضهم بعضاً ويسطو الجار على جاره لا ليسرقه ولكن ليذبحه ثم يطبخه ويأكله بكل ما يحمله من غضب دفين صنعته أيدي الحكام الفاسدة والذي كان من نتيجتها مجاعة وانهيار اقتصادي قضى على كل ملامح الرحمة في شوارع مصرآنذاك.
لم يختار شعب مصر التيار الإسلامي لتطبيق الشريعة، فكيف نطبق الشريعة في بلد تطبق فيه الشريعة بالفعل!، وإنما اختار الناس التيار الإسلامي لإيمانهم العملي بأن أتباع هذا التيار هم جزء أصيل من قاعدة هرم المجتمع، جزء أصيل من الفلاحين والحرافيش، اختار الناس التيار الإسلامي لإيمانهم بأن أتباع هذا التيار هم جزء أصيل من المستضعفين في الأرض لدرجة انه لا يخلو بيت في قرية أو نجع أو مدينة نائية في مصر إلا وفيه فرد واحد على الأقل اعتقل أو قتل أو تم هتك عرضه على يد مبارك وعصابته، لذلك اختار الناس التيار الإسلامي للتخلص من هذا الطاغية، اختار الناس التيار الإسلامي لتحويل الفساد المجتمعي إلى عدل ليقينهم أن من عانى من الظلم هو أحق الناس بالإتباع لكونه أكثر الناس تطلعاً للعدل.
المصري يعلم في قراره نفسه أنه لا يستحق كل هذا الفساد، وقد أظهرت النتائج الأولية للمرحلة الأولى والثانية عن عدد أتباع ومؤيدي هذه التيارات وكانت من مجموع الناخبين فقط في المرحلة الأولى والثانية يفوق 25 مليون مصري، غالبهم على استعداد للموت في سبيل الدفاع عن ما وصلوا إليه من تقدم ومن إقصاء لمبارك ليثأروا لأنفسهم إرضاء لأنفسهم وإرضاء لمن اتبعوهم ولمن تبعهم وسيتبعهم، ومن يصل من هؤلاء للحكم بعد سنوات القهر والتنكيل ويحمل في ضميره توجهاً ايدولوجيا معينا، شيوعيا كان أم ليبرالياً، إسلاميا كان أم مسيحياً، لن يرضى بديلا عن ذلك إلا الموت دونه، خلاصة القول أن في مصر ما يفوق عن الثلاثين مليون مصري على الأقل من أنصار التيار الإسلامي على اختلاف مسمياته ليس لديهم أدنى تردد من أن يستشهدوا في سبيل ما وصلوا إليه، بل والمدهش سيقف من ورائهم غالب الشعب من الفلاحين والعمال والمستضعفين في الأرض يشدون من أزرهم ويضغطون على أيديهم بل وسيمدونهم بالمال والسلاح في سبيل الخلاص، لذا فبراءة مبارك حتى ولو إشاعة ستقلب مصر رأساً على عقب وسيكون ما حدث بالعراق من جرائم وفظائع طيلة ثماني سنوات هي عمر الاحتلال الأمريكي ماهي إلا نقطة في بحر جبروت المصريين إذا غضبوا.

ماذا لو حكموا على مبارك بالبراءة؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
المصري يعلم في قراره نفسه أنه لا يستحق كل هذا الفساد، وقد أظهرت النتائج الأولية للمرحلة الأولى والثانية عن عدد أتباع ومؤيدي هذه التيارات وكانت من مجموع الناخبين فقط في المرحلة الأولى والثانية يفوق 25 مليون مصري، غالبهم على استعداد للموت في سبيل الدفاع عن ما وصلوا إليه من تقدم ومن إقصاء لمبارك.

أن تبرئ حاكما ظالماً فكأنما حكمت على البشرية كلها بالإعدام، فخطيئة الظلم وخطأ البراءة هما أول ملامح لعنة الأمم وسقوطها للأبد.
تدور هذه الآونة داخل كواليس السياسة في مصر محاولة مستميتة لاستغفال الشعب المصري والحكم ببراءة حسني مبارك. 
يقول المحامي يسري عبد الرازق رئيس هيئة الدفاع المتطوعة للدفاع عن مبارك والمنسق العام لوفد المحامين الكويتيين للدفاع عنه أنه توصل إلى حقائق مهمة تؤكد براءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين، وأن أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء أسهما في كشف أدلة ومستندات جديدة تعزز موقف مبارك في القضية وأن "الأدلة التي تم الحصول عليها من داخل مصر وخارجها تثبت تورط عناصر داخلية بالتعاون مع عناصر خارجية قامت بسرقة سيارات المطافئ والشرطة وقامت بدهس المتظاهرين، وكذلك قامت بفتح السجون وحرق أقسام الشرطة وفق أوامر من حزب الله وكتائب القسام وجماعة الإخوان المسلمين".
كلام خطير جداً ومجرد تداوله الآن ولو لمجرد الإشاعة لجس نبض الشارع هو كارثة حقيقية تفتح باب جهنم في مصر أمام غضب 90 مليون مصري، لن تكفيهم ميادين التحرير كلها في طول البلاد وعرضها ليفرغوا فيها جام غضبهم على كل من شارك في براءة مبارك.
لقد أساء مبارك ( مدنياً كرئيس دولة ) للشعب المصري، حارب الشعب، زور إرادته باستفتاءات ملفقة وانتخابات رئاسية مزورة و مجالس برلمانية ومحلية من لصوص وعصابات وخونة، حرم الشعب المصري من كرامته وممتلكاته ليوفر المليارات لعصابته وعصابة زوجته سوزان وعلى رأس عصابة سوزان جمال مبارك الذي أذل الشعب تحت سمع وبصر أبيه بتشريعات سلبت الحقوق وحرمت الشباب من الوظائف و اعتقلتهم وعذبتهم وباعت القطاع العام ومارست التضليل الإعلامي و أفسدت الشرطة و قهرت السياسة الخارجية حتى بدت مصر وكأنها ( شونة بهائم ) يعيش فيها المصريون عبيداً لكل ماهو أميركي وصهيوني.
كتبت أكثر من مرة وجاهرت في أكثر من لقاء بأن محاكمة مبارك يجب أن تكون سياسية وليست جنائية كما فعلت ثورة يوليو بخصومها، وحيث تنتهي المحاكمة السياسية باحتواء غضب الشعب، وكذا الإسراع بالحكم لصالح الوطن و الدخول الآمن لعملية الاستقرار دون أن يستشعر الضمير العام بالإحباط، أما المحاكمة الجنائية فمن شأنها إثارة السخط العام وإشاعة الفوضى وانتكاسة لروح التغيير الثوري التي من شأنها انقسام المجتمع إلى فرق احدها مع فريق بعينه والآخر ضد فريق بذاته كما تشير لنا بشائر الأحداث اليوم بين فريق ميدان التحرير وفريق ميدان العباسية وميدان مصطفى محمود، ليتهم كل منهم الآخر بالخيانة، وهو أمر من شأنه أن تتطور الاتهامات إلى صدام مسلح عنيف تسقط فيه الأمة في بحار الدماء السوداء ومع بلد في حجم مصر ( 90 مليون نسمة ) سيكون الصدام المسلح أشبه بمجزرة أهلية لن تفيد معها هيئة أمم أو منظمات مجتمع مدني أو عالمي. 
لاشك أن الأشد عنفاً قادم في مصر وبأيدي أبناء مصر أنفسهم، والسيناريو معد بعناية، وما يحدث من خلاف ظاهر معلن بين شباب التحرير وشباب العباسية هو بداية الانحطاط والسقوط، وطبطبة القائم بأعمال الحاكم في البلاد تجاه مبارك وتجاه التصريح والموافقة باعتصامات متناقضة لشباب العباسية والتحرير هو أقبح ما يمكن فعله ضد مصر والمصريين.
لقد أساء مبارك لقطاع كبير من فئات الشعب، وأهم هذه القطاعات قطاع تيارات الإسلاميين، حيث انتهك حرمة منازل الشعب و أباحها أمام زوار الفجر بموجب تعديل دستوري مزور واعتقل وأعدم وشرد وهتك أعراض عشرات الآلاف من المصريين حتى كنت ترى النساء – حرائر مصر – معلقات كالذبائح وعاريات تماما مثلما حدث في منطقة عين شمس تسعينيات القرن الماضي على يد عصابة مبارك وملائه، حتى لقد أصبح كل واحد من هؤلاء وغيرهم من المستضعفين في أرض مصر لديه خصومة شخصية مع مبارك وعصابته، خصومة شخصية لن يرجع فيها أحد لقائد أو حكيم ليأخذ الأمر منه بالثأر من عدمه، فالثأر لا يعرف له قائداً أو حكيماً وأهل المحكوم عليه بالإعدام لا يشفي غضبهم إلا بإعدام مثله، وهنا مكمن الكارثة!.
لقد أفرجت الثورة عن كل المعتقلين السياسيين، وصار الغالب منهم اليوم قاب قوسين أو أدني من سدة الحكم في مصر، وهم الأعداء التقليديين لمبارك، وبينهم وبينه دماء كثيرة أراقها هو بجبروته طيلة ثلاثين عاماً، والدم والعرض لا ينسى سفكهما إلا سفيه، وإذا خرج مبارك من محبسه بإعلان براءة فلن يستطيع أحد مهما كانت قوته وأسلحته أن يمنع هؤلاء أو من هم مثلهم ووقع عليهم ذات الظلم من الأخذ بثأرهم، لا الجيش ( 800 ألف جندي ) ولا الشرطة ( مليون ومائتي ألف جندي ) ولا حتى أميركا وأوروبا مجتمعين خاصة وأن بعض هؤلاء ممن عاداهم مبارك ونظامه ونكل بهم وبأعراضهم يفوق عدد أتباعهم عن الثلاثين مليون نسمة في شتى ربوع مصر بقراها ونجوعها وحتى داخل الجيش نفسه والشرطة ذاتها مما ينذر بانقلاب عنيف يفرز ديكتاتورا يتخلص بأتباعه ومؤيديه من كل رجال مبارك وبطانته وعهده البائد، انقلاب دموي سيغير وجه مصر بسبب ما نحياه اليوم من فوضى وطبطبة وإعلام رجال الأعمال الطابور الخامس لمبارك وعصابته ليعدم هذا الديكتاتور الآلاف ممن تعاطفوا معه أو قاموا بحماية أي رمز من رموزه أو أي من عصابته، تماماً كما فعل محمد على بالمماليك وعسكر المماليك وقادة المماليك وأبادهم عن بكرة أبيهم حتى نسائهم وأبنائهم الرضع أي أن الديكتاتور القادم لا محالة لن يفعل سابقة لم تحدث في مصر من قبل.
ربما الحل يكمن في أن ينتحر مبارك وزوجته كما فعلها هتلر وعشيقته إيفا بروان بالسم، الحل الوحيد للخروج من الأزمة اليوم أن يختفي مبارك وزوجته من الوجود تماماً، لأن القادم في حال تبرئته هو الأكثر عنفاً وحيث لم تر البلاد مثيلا له من قبل، وسنصبح أسوأ من حالنا أيام المستنصر بالله الفاطمي وحيث كان الناس يأكل بعضهم بعضاً ويسطو الجار على جاره لا ليسرقه ولكن ليذبحه ثم يطبخه ويأكله بكل ما يحمله من غضب دفين صنعته أيدي الحكام الفاسدة والذي كان من نتيجتها مجاعة وانهيار اقتصادي قضى على كل ملامح الرحمة في شوارع مصرآنذاك.
لم يختار شعب مصر التيار الإسلامي لتطبيق الشريعة، فكيف نطبق الشريعة في بلد تطبق فيه الشريعة بالفعل!، وإنما اختار الناس التيار الإسلامي لإيمانهم العملي بأن أتباع هذا التيار هم جزء أصيل من قاعدة هرم المجتمع، جزء أصيل من الفلاحين والحرافيش، اختار الناس التيار الإسلامي لإيمانهم بأن أتباع هذا التيار هم جزء أصيل من المستضعفين في الأرض لدرجة انه لا يخلو بيت في قرية أو نجع أو مدينة نائية في مصر إلا وفيه فرد واحد على الأقل اعتقل أو قتل أو تم هتك عرضه على يد مبارك وعصابته، لذلك اختار الناس التيار الإسلامي للتخلص من هذا الطاغية، اختار الناس التيار الإسلامي لتحويل الفساد المجتمعي إلى عدل ليقينهم أن من عانى من الظلم هو أحق الناس بالإتباع لكونه أكثر الناس تطلعاً للعدل.
المصري يعلم في قراره نفسه أنه لا يستحق كل هذا الفساد، وقد أظهرت النتائج الأولية للمرحلة الأولى والثانية عن عدد أتباع ومؤيدي هذه التيارات وكانت من مجموع الناخبين فقط في المرحلة الأولى والثانية يفوق 25 مليون مصري، غالبهم على استعداد للموت في سبيل الدفاع عن ما وصلوا إليه من تقدم ومن إقصاء لمبارك ليثأروا لأنفسهم إرضاء لأنفسهم وإرضاء لمن اتبعوهم ولمن تبعهم وسيتبعهم، ومن يصل من هؤلاء للحكم بعد سنوات القهر والتنكيل ويحمل في ضميره توجهاً ايدولوجيا معينا، شيوعيا كان أم ليبرالياً، إسلاميا كان أم مسيحياً، لن يرضى بديلا عن ذلك إلا الموت دونه، خلاصة القول أن في مصر ما يفوق عن الثلاثين مليون مصري على الأقل من أنصار التيار الإسلامي على اختلاف مسمياته ليس لديهم أدنى تردد من أن يستشهدوا في سبيل ما وصلوا إليه، بل والمدهش سيقف من ورائهم غالب الشعب من الفلاحين والعمال والمستضعفين في الأرض يشدون من أزرهم ويضغطون على أيديهم بل وسيمدونهم بالمال والسلاح في سبيل الخلاص، لذا فبراءة مبارك حتى ولو إشاعة ستقلب مصر رأساً على عقب وسيكون ما حدث بالعراق من جرائم وفظائع طيلة ثماني سنوات هي عمر الاحتلال الأمريكي ماهي إلا نقطة في بحر جبروت المصريين إذا غضبوا.

الاثنين، 26 ديسمبر 2011

محروس سليمان ومصريون أضاءوا وجه مصر

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
أردف قائلا: الأهم من ذلك يا محيي محروس نفسه، محروس في الخطاب يحكي لي عن معاناته الإبداعية في ترجمة كتاب بالفرنسية عن شيخ الأزهر الشيخ حسن العطار أستاذ رفاعة الطهطاوي، ويتخلل الخطاب عدة شخصيات مصرية كثيرة شاركت بالفعل في صناعة فجر مصر.

لم يكن يتوقع الكاتب والمترجم المصري الكبير محروس سليمان صاحب أهم الترجمات العربية للكتب الأجنبية التي تلقي بكثير من الضوء على مجتمعاتنا العربية وجذورها وتاريخها، وعلى رأسها كتاب الجذور الإسلامية للرأسمالية للكاتب الأميركي بيتر جران، أكرر انه لم يكن يتوقع أن خطاباً يكتبه لصديق عمره الكاتب والناقد المصري الكبير توفيق حنا في نوفمبر عام 1996 بأنه سوف يتم نشره في عام 2011 ، ولكن هي الأقدار دوما حين تمنحنا بصيص نور فتدفعنا من خلاله ودون عناء للعثور على مثل هكذا خطاب شخصي بين صديقين شاركا بالفعل في صناعة فجر مصر الجديد لنجد فيه ومن خلال عفوية الكتابة بداخله لكونها عفوية الحب بين صديق وصديق، إثبات حالة تاريخية على مصريين انتموا بكل ما يمتلكونه من طاقة لمصر، فأحبوها وأحبتهم، بحثوا في كنوزها فأعطتهم من بهائها، آمنوا بها ومن ثم لم يولوا وجوههم شطر طائفة أو قبيلة أو مذهب، بل ولوا وجوههم شطرها، شطر وجه مصر، مصر درة تاج الكون، مصر التي إن أحبها أحد كتبت له الشهرة وكتب له الخلود، مصر الوطن، أم العجائب وحيث أهم عجائبها الكونية أنها إذا تغيرت تغير العالم وإذا أضاءت، تضئ الدنيا وتلمع.
كان ذلك في احد أيام شهر مايو 2011 حينما كنت أتحدث مع الأستاذ توفيق حنا عبر التليفون، والأستاذ توفيق حنا لمن لا يعرفه هو أحد أعمدة النقد في مصر وهو أول من قام بنقد أعمال نجيب محفوظ حيث كان صديقه الحميم وكذا هو أستاذ عمالقة كبار على رأسهم الشاعر الكبير "أمل دنقل" والشاعر الكبير " عبد الرحمن الأبنودي" وغيرهم وهو أول من قدمهما لساحة الثقافة العربية وهم في حداثة أعمارهم، منذ أن كانوا صغارا في مدارس محافظة قنا الابتدائية هذا على سبيل المثال لا الحصر، أقول أنه حينما كنت أتحدث مع الأستاذ توفيق حنا عبر التليفون دائما ما يجمعنا الحوار حول حب مصر، ولا أدري كيف صار بيننا هذا الدستور القوي الذي يحكم علاقتنا منذ زمن بحيث تهيمن علينا وعلى أحاديثنا .. مصر، فنذهب سويا ( هو وأنا ) في غيبوبة عشق مصرية بين حواريها وموالدها ومقاهيها وفدادين قراها ونجوعها.
قال لي: تصدق يا محيي!! .. عثرت اليوم على خطاب قديم أرسله لي صديقي محروس سليمان عام 96، خطاب ذكرني بمصر، مصر الأخرى، ذكرني بشوارعها وناسها الطيبين، ذكرني أيضا ( بقهوة الزلع ) في باب الخلق حينما كان يأتي الكاتب الكبير صلاح عبد الصبور – وكان وقتها مدرسا للغة العربية في إحدى مدارس القاهرة - ليقرأ لنا ملحمته الرائعة الفتى زهران، ثم انتبه الأستاذ توفيق وأردف قائلا: الأهم من ذلك يا محيي محروس نفسه، محروس في الخطاب يحكي لي عن معاناته الإبداعية في ترجمة كتاب بالفرنسية عن شيخ الأزهر الشيخ حسن العطار أستاذ رفاعة الطهطاوي، ويتخلل الخطاب عدة شخصيات مصرية كثيرة شاركت بالفعل في صناعة فجر مصر منهم على سبيل المثال ما ورد في الخطاب، صبحي شكري مدير تحرير جريدة وطني و الحسيني عطا، وغيرهم، وهنا وجدت نفسي مدفوعا لأن اطلب من الأستاذ توفيق إرسال هذا الخطاب لي، ليس لقراءته فحسب بل لأشارك في تعميمه لإيماني بأنه عينة عشوائية صالحة تبرهن على مدى إخلاص أبناء مصريون مبدعون في حب مصر بصمت جاد معطاء وحيث لم يكن حوار هؤلاء عبث، أو أحاديثهم أو حتى مشاغباتهم فارغة، بل كانوا قامات عالية تدفعنا لان نتأملهم وننصت ونتعلم كيف يكون الحب لمصر والوطن، وكأنهم في صلاه بقدس أقداس هذا البلد الطيب. ولنقرأ الخطاب.
عزيزي توفيق: سعدت كثيرا بقراءة خطابك مرات ، لقد التقيت بصديقنا العزيز صبحي شكري إلا ""وهرينا فروتك" بكل الخير طبعا فأنت الصديق الوفي والمصري المثالي في كرم أخلاقك وودك في علاقاتك مع الجميع. ولازلت أحس واشعر كيف كنت في جلساتك معنا تخص جميع الأصدقاء بأحاسيس الود والحب في صدق وبساطه، وهذه سجيتك كمصري أصيل. هل تذكر لقاءات باب الخلق في قهوة "الزلع" في الخمسينات عندما كان يتجمع عدد كبير من الأصدقاء، وكنا ننتقل فى الشتاء وخصوصا فى رمضان إلى الفيشاوي. أنها ايام ولت ولكنها لا تنسى وأصبحت من ذكريات الماضي الجميل. هل تذكر الشاب الهادئ الرقيق المشاعر صلاح عبد الصبور الذى امتعنا بزيارتنا فى قهوة الزلع وقرأ علينا قصيدته الخالدة "الفتى زهران" وكان لايزال مدرسا واظنه كان زميلا للشيخ كامل ابو العينين فى مدرسته ولم يعرف بعد على النطاق العام كشاعر مرموق؟ إنها الذكريات الجميلة التي تختزنها الذاكرة.
أما حبك للخريف حتى في أمريكا لعل ذلك راجع لحبك لخريف مصر فى الاصل فهو امتع فصول السنة كما تعلم، ولكن اين الرفقه من الأحباب والأصدقاء؟ فقد انفرط العقد. هل نطمع ان نراك هذا الشتاء اذا سنحت ظروفك فأديب ديميتري عازم على النزول من فرنسا لزيارة مصر خلال ديسمبر القادم او يناير، واذا سمحت ظروفك فسوف نسعد بلقائك كثيرا.
شكرا لاهتمامك بقلقى بشأن هجرة الابناء وللعلم انا متفق تماما مع رأيك فقط اطلب من الابناء قبل الهجرة ان يفكروا كثيرا وبأناه وعن ابنى وسيم فهو يريد الهجرة الى نيوزيلاندا وهى بلد صغيره سكانه نحو ثلاثة ملايين امكانياتها الاقتصاديه محدوده. استراليا اكثر تطورا منها. وهذه الظروف يمكن ان تكون ميزة لمجتمع هادئ ولكن هل هذا المجتمع يوفر فرص عمل مناسبه له كمهندس علما ايضا ان زوجته موفقه فى عملها كمقدمة برامج بـ N.T.V ولن تجد مثل هذا العمل هناك وهى لاتستطيع ان تكف عن العمل وهذه فى حد ذاتها مشكله. على اية حال هذه حياتهم والقرار لهم اولا واخيرا ونرجوا التوفيق لجميع الشباب وكما تعلم الظروف في مصر صعبه إلى حد ما.
اما عنى فأنا مثلك فلولا القراءه لأصبت بالامراض وقراءاتى متنوعه مع التركيز على الاجتماع السياسى والسياسة ومتابعة السياسة العالميه.
وقد اعجبنى خلال قراءاتى كتاب لأستاذ اكاديمى امريكى هو "بيتر جران" واسم الكتاب "الجذور الاسلاميه فى الرأسماليه – مصر 1760- 1840" وللمؤلف وجهة نظر جديدة الى حد كبير فهو يرى ان بداية النهضة المصرية ليست بمجيء الحمله الفرنسيه او حكم محمد على بل يرجع ذلك الى فترة اسبق فى القرن الثامن عشر "عهد على بك الكبير" ثم تعرضت لفترة جمود حتى مجئ الحمله التى لاينكر المؤلف اثرها لكنها ليست المؤثر الاساسى ثم تعود حركة النهضه تتابع تقدمها فى عهد محمد على. والكتاب مرجع كبير الحجم ورجع المؤلف للبرهنه على نظريته الى كيف التراث فى تلك الفتره بل قرأ المخطوطات وعاش فى القاهره خمس سنوات لجمع الماده واستغرق الكتاب نحو عشر سنوات او اكثر. وقد درس الفتره التى تناولها من جميع الزوايا الثقافية والعملية بكل فروعها تفصيليا وجوانبها الماديه والاقتصاديه والاجتماعيه. وتناول بالدراسه التفصيليه شخصية الشيخ حسن العطار استاذ رفاعه الطهطاوى لان هذا الشيخ عاصر حركة النهوض فى القرن الثامن عشر وامتد به العمر الى عصر محمد على (توفى 1830) وشارك فى النهضه فى مرحلتها الاولى ومرحلتها الثانيه وهذا هو سبب اختيار المؤلف له.
على اية حال لقد ترجمت هذا العمل الهام فى تقديرى بكل استمتاع واهتمام فمثلا سافرت الى سوهاج للحصول على مخطوط من مكتبة رفاعه الطهطاوى.
اما الآن فقد اقتربت من الانتهاء من ترجمة كتاب من تأليف عدد من الاكاديميين الامريكيين واسمه "الاسلام والسياسه والحركات الاجتماعيه" والملفت للنظر ان اكثر من 90% من مؤلفات علماء الاجتماع والاجتماع السياسي والتاريخ فى امريكا تتناول بشكل مباشر او غير مباشر الحركات الاسلاميه. ويتناول هذا الكتاب الفترة الاخيره من القرن التاسع عشر ثم القرن العشرين فى مصر والشمال الافريقى مع التركيز على الجزائر وشمال نيجيريا والسودان والثورة الفلسطينية والثورة الايراينة والمسلمون فى الهند وباكستان. ولكن المشكلة تكمن في اين نجد الناشر الذى يهتم بنشر مثل هذه الاعمال الجاده والاكاديميه لأن الأربح للأسف هذه الأيام هي الكتب الساقطة السوقيه الضاره وكتب الجنس ويلى ذلك الكتب الاخرى. على اى حال اننى اشغل وقتى بطريقه مفيده واستمتع بهذا النشاط كما احاول افادة الاخرين قد طاقتى.
اشكرك ياصيدقى العزيز من كل القلب على ردك الفورى ويسعدنى دائما ان احظى بقراءة خطاباتك بانتظام.
الصديق صبحى شكرى بخير والصديق الحسينى عطا يبعث لك بتحياته وسلامه.
ختاما لك حبى وودى من كل القلب.
والى اللقاء فى خطاب قادم.
3 / 11 / 1996
أخوك محروس سليمان

محروس سليمان ومصريون أضاءوا وجه مصر

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
أردف قائلا: الأهم من ذلك يا محيي محروس نفسه، محروس في الخطاب يحكي لي عن معاناته الإبداعية في ترجمة كتاب بالفرنسية عن شيخ الأزهر الشيخ حسن العطار أستاذ رفاعة الطهطاوي، ويتخلل الخطاب عدة شخصيات مصرية كثيرة شاركت بالفعل في صناعة فجر مصر.

لم يكن يتوقع الكاتب والمترجم المصري الكبير محروس سليمان صاحب أهم الترجمات العربية للكتب الأجنبية التي تلقي بكثير من الضوء على مجتمعاتنا العربية وجذورها وتاريخها، وعلى رأسها كتاب الجذور الإسلامية للرأسمالية للكاتب الأميركي بيتر جران، أكرر انه لم يكن يتوقع أن خطاباً يكتبه لصديق عمره الكاتب والناقد المصري الكبير توفيق حنا في نوفمبر عام 1996 بأنه سوف يتم نشره في عام 2011 ، ولكن هي الأقدار دوما حين تمنحنا بصيص نور فتدفعنا من خلاله ودون عناء للعثور على مثل هكذا خطاب شخصي بين صديقين شاركا بالفعل في صناعة فجر مصر الجديد لنجد فيه ومن خلال عفوية الكتابة بداخله لكونها عفوية الحب بين صديق وصديق، إثبات حالة تاريخية على مصريين انتموا بكل ما يمتلكونه من طاقة لمصر، فأحبوها وأحبتهم، بحثوا في كنوزها فأعطتهم من بهائها، آمنوا بها ومن ثم لم يولوا وجوههم شطر طائفة أو قبيلة أو مذهب، بل ولوا وجوههم شطرها، شطر وجه مصر، مصر درة تاج الكون، مصر التي إن أحبها أحد كتبت له الشهرة وكتب له الخلود، مصر الوطن، أم العجائب وحيث أهم عجائبها الكونية أنها إذا تغيرت تغير العالم وإذا أضاءت، تضئ الدنيا وتلمع.
كان ذلك في احد أيام شهر مايو 2011 حينما كنت أتحدث مع الأستاذ توفيق حنا عبر التليفون، والأستاذ توفيق حنا لمن لا يعرفه هو أحد أعمدة النقد في مصر وهو أول من قام بنقد أعمال نجيب محفوظ حيث كان صديقه الحميم وكذا هو أستاذ عمالقة كبار على رأسهم الشاعر الكبير "أمل دنقل" والشاعر الكبير " عبد الرحمن الأبنودي" وغيرهم وهو أول من قدمهما لساحة الثقافة العربية وهم في حداثة أعمارهم، منذ أن كانوا صغارا في مدارس محافظة قنا الابتدائية هذا على سبيل المثال لا الحصر، أقول أنه حينما كنت أتحدث مع الأستاذ توفيق حنا عبر التليفون دائما ما يجمعنا الحوار حول حب مصر، ولا أدري كيف صار بيننا هذا الدستور القوي الذي يحكم علاقتنا منذ زمن بحيث تهيمن علينا وعلى أحاديثنا .. مصر، فنذهب سويا ( هو وأنا ) في غيبوبة عشق مصرية بين حواريها وموالدها ومقاهيها وفدادين قراها ونجوعها.
قال لي: تصدق يا محيي!! .. عثرت اليوم على خطاب قديم أرسله لي صديقي محروس سليمان عام 96، خطاب ذكرني بمصر، مصر الأخرى، ذكرني بشوارعها وناسها الطيبين، ذكرني أيضا ( بقهوة الزلع ) في باب الخلق حينما كان يأتي الكاتب الكبير صلاح عبد الصبور – وكان وقتها مدرسا للغة العربية في إحدى مدارس القاهرة - ليقرأ لنا ملحمته الرائعة الفتى زهران، ثم انتبه الأستاذ توفيق وأردف قائلا: الأهم من ذلك يا محيي محروس نفسه، محروس في الخطاب يحكي لي عن معاناته الإبداعية في ترجمة كتاب بالفرنسية عن شيخ الأزهر الشيخ حسن العطار أستاذ رفاعة الطهطاوي، ويتخلل الخطاب عدة شخصيات مصرية كثيرة شاركت بالفعل في صناعة فجر مصر منهم على سبيل المثال ما ورد في الخطاب، صبحي شكري مدير تحرير جريدة وطني و الحسيني عطا، وغيرهم، وهنا وجدت نفسي مدفوعا لأن اطلب من الأستاذ توفيق إرسال هذا الخطاب لي، ليس لقراءته فحسب بل لأشارك في تعميمه لإيماني بأنه عينة عشوائية صالحة تبرهن على مدى إخلاص أبناء مصريون مبدعون في حب مصر بصمت جاد معطاء وحيث لم يكن حوار هؤلاء عبث، أو أحاديثهم أو حتى مشاغباتهم فارغة، بل كانوا قامات عالية تدفعنا لان نتأملهم وننصت ونتعلم كيف يكون الحب لمصر والوطن، وكأنهم في صلاه بقدس أقداس هذا البلد الطيب. ولنقرأ الخطاب.
عزيزي توفيق: سعدت كثيرا بقراءة خطابك مرات ، لقد التقيت بصديقنا العزيز صبحي شكري إلا ""وهرينا فروتك" بكل الخير طبعا فأنت الصديق الوفي والمصري المثالي في كرم أخلاقك وودك في علاقاتك مع الجميع. ولازلت أحس واشعر كيف كنت في جلساتك معنا تخص جميع الأصدقاء بأحاسيس الود والحب في صدق وبساطه، وهذه سجيتك كمصري أصيل. هل تذكر لقاءات باب الخلق في قهوة "الزلع" في الخمسينات عندما كان يتجمع عدد كبير من الأصدقاء، وكنا ننتقل فى الشتاء وخصوصا فى رمضان إلى الفيشاوي. أنها ايام ولت ولكنها لا تنسى وأصبحت من ذكريات الماضي الجميل. هل تذكر الشاب الهادئ الرقيق المشاعر صلاح عبد الصبور الذى امتعنا بزيارتنا فى قهوة الزلع وقرأ علينا قصيدته الخالدة "الفتى زهران" وكان لايزال مدرسا واظنه كان زميلا للشيخ كامل ابو العينين فى مدرسته ولم يعرف بعد على النطاق العام كشاعر مرموق؟ إنها الذكريات الجميلة التي تختزنها الذاكرة.
أما حبك للخريف حتى في أمريكا لعل ذلك راجع لحبك لخريف مصر فى الاصل فهو امتع فصول السنة كما تعلم، ولكن اين الرفقه من الأحباب والأصدقاء؟ فقد انفرط العقد. هل نطمع ان نراك هذا الشتاء اذا سنحت ظروفك فأديب ديميتري عازم على النزول من فرنسا لزيارة مصر خلال ديسمبر القادم او يناير، واذا سمحت ظروفك فسوف نسعد بلقائك كثيرا.
شكرا لاهتمامك بقلقى بشأن هجرة الابناء وللعلم انا متفق تماما مع رأيك فقط اطلب من الابناء قبل الهجرة ان يفكروا كثيرا وبأناه وعن ابنى وسيم فهو يريد الهجرة الى نيوزيلاندا وهى بلد صغيره سكانه نحو ثلاثة ملايين امكانياتها الاقتصاديه محدوده. استراليا اكثر تطورا منها. وهذه الظروف يمكن ان تكون ميزة لمجتمع هادئ ولكن هل هذا المجتمع يوفر فرص عمل مناسبه له كمهندس علما ايضا ان زوجته موفقه فى عملها كمقدمة برامج بـ N.T.V ولن تجد مثل هذا العمل هناك وهى لاتستطيع ان تكف عن العمل وهذه فى حد ذاتها مشكله. على اية حال هذه حياتهم والقرار لهم اولا واخيرا ونرجوا التوفيق لجميع الشباب وكما تعلم الظروف في مصر صعبه إلى حد ما.
اما عنى فأنا مثلك فلولا القراءه لأصبت بالامراض وقراءاتى متنوعه مع التركيز على الاجتماع السياسى والسياسة ومتابعة السياسة العالميه.
وقد اعجبنى خلال قراءاتى كتاب لأستاذ اكاديمى امريكى هو "بيتر جران" واسم الكتاب "الجذور الاسلاميه فى الرأسماليه – مصر 1760- 1840" وللمؤلف وجهة نظر جديدة الى حد كبير فهو يرى ان بداية النهضة المصرية ليست بمجيء الحمله الفرنسيه او حكم محمد على بل يرجع ذلك الى فترة اسبق فى القرن الثامن عشر "عهد على بك الكبير" ثم تعرضت لفترة جمود حتى مجئ الحمله التى لاينكر المؤلف اثرها لكنها ليست المؤثر الاساسى ثم تعود حركة النهضه تتابع تقدمها فى عهد محمد على. والكتاب مرجع كبير الحجم ورجع المؤلف للبرهنه على نظريته الى كيف التراث فى تلك الفتره بل قرأ المخطوطات وعاش فى القاهره خمس سنوات لجمع الماده واستغرق الكتاب نحو عشر سنوات او اكثر. وقد درس الفتره التى تناولها من جميع الزوايا الثقافية والعملية بكل فروعها تفصيليا وجوانبها الماديه والاقتصاديه والاجتماعيه. وتناول بالدراسه التفصيليه شخصية الشيخ حسن العطار استاذ رفاعه الطهطاوى لان هذا الشيخ عاصر حركة النهوض فى القرن الثامن عشر وامتد به العمر الى عصر محمد على (توفى 1830) وشارك فى النهضه فى مرحلتها الاولى ومرحلتها الثانيه وهذا هو سبب اختيار المؤلف له.
على اية حال لقد ترجمت هذا العمل الهام فى تقديرى بكل استمتاع واهتمام فمثلا سافرت الى سوهاج للحصول على مخطوط من مكتبة رفاعه الطهطاوى.
اما الآن فقد اقتربت من الانتهاء من ترجمة كتاب من تأليف عدد من الاكاديميين الامريكيين واسمه "الاسلام والسياسه والحركات الاجتماعيه" والملفت للنظر ان اكثر من 90% من مؤلفات علماء الاجتماع والاجتماع السياسي والتاريخ فى امريكا تتناول بشكل مباشر او غير مباشر الحركات الاسلاميه. ويتناول هذا الكتاب الفترة الاخيره من القرن التاسع عشر ثم القرن العشرين فى مصر والشمال الافريقى مع التركيز على الجزائر وشمال نيجيريا والسودان والثورة الفلسطينية والثورة الايراينة والمسلمون فى الهند وباكستان. ولكن المشكلة تكمن في اين نجد الناشر الذى يهتم بنشر مثل هذه الاعمال الجاده والاكاديميه لأن الأربح للأسف هذه الأيام هي الكتب الساقطة السوقيه الضاره وكتب الجنس ويلى ذلك الكتب الاخرى. على اى حال اننى اشغل وقتى بطريقه مفيده واستمتع بهذا النشاط كما احاول افادة الاخرين قد طاقتى.
اشكرك ياصيدقى العزيز من كل القلب على ردك الفورى ويسعدنى دائما ان احظى بقراءة خطاباتك بانتظام.
الصديق صبحى شكرى بخير والصديق الحسينى عطا يبعث لك بتحياته وسلامه.
ختاما لك حبى وودى من كل القلب.
والى اللقاء فى خطاب قادم.
3 / 11 / 1996
أخوك محروس سليمان

الخميس، 22 ديسمبر 2011

مجزرة ماسبيرو والقصر العيني ومحمد محمود هل كانت لتبرئة مبارك؟


بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
إنه لمن الغريب حقاً أن يأتي وفد المحامين الكويتيين الآن وبعد مرور ثلاثة أشهر على تأجيل محاكمة مبارك وحدث بها ما حدث من مجازر ودهس أبرياء ليصرح "فيصل العتيدى" رئيس فريق المحامين الكويتي قائلا: "جينا ومعانا براءة مبارك" "إحنا مش محامين شلط" بمعنى ( أي كلام ).


الحقوق لا تؤخذ بالإثم.
هجاني الكثير من مؤيدي مبارك على مقالي السابق " ماذا لو حكموا على مبارك بالبراءة؟".
ليست بيني وبين حسني مبارك خصومة شخصية وحتى أن كانت بيني وبينه خصومة شخصية فأنا متنازل عنها لا لشئ إلا لأني لا أمتلك أدوات الحصول على هذا الحق فقد استلب منا هو ونظامه كل ماكنا نمتلكه من كرامة، وهو الآن في يد القضاء الذي سيبرئه حتما من جريمة قتل المتظاهرين لكون القضاء يحتكم إلى دلائل مادية يحكم بها وهي دلائل اقرب للشفرات والألغاز تحتاج على سبيل المثال وكما قال قاضي مبارك إلى أكثر من ستة آلاف شاهد لابد أن يقف كل منهم أمامه ليدلي بشهادته وهو أمر ليس صعبا بل مستحيلاً. 
ليبرئوا ساحة مبارك إذن من قتل المتظاهرين!، وسيبرئونه!، صدقوني سيبرئونه!، سيبرئونه ليس لأن مؤيدي مبارك يضغطون أو يتظاهرون بقوة، بالعكس، خاصة وأن أعدادهم في تناقص حاد ومستمر ولا يشكلون ضغطاً كما يظنون، بل سيبرئونه لأن عصابته تجيد اللعب القذر كما أجادها " راتكو ملاديتش" القائد الأعلى للقوات المسلحة الصربية بيوغسلافيا السابقة منذ عشرين عاما ولم يتم اعتقاله إلا في أكتوبر 2011 تحت ضغوط دولية وسيبرئونه حتماً هو الآخر بتحليل حمضه النووي DNA ليثبتوا أن من تم اعتقاله هو شخص آخر وليس " راتكو ملاديتش" وان الأحماض النووية مختلفة. 
فليعلنوا براءة مبارك أمام الناس فهي لن تبرئه أمام التاريخ، فليعلنوا براءته التي أصبحت لا تعنينا مادمنا نحيا الباطل على أيدي عصابات مازلت تحكم من " سجن طره"، ولكن كيف سيبرئونه من ثلاثين عاماً قضاها في حكم مصر كانت هي خصومة مبارك الحقيقية مع نفسه، لقد وعد الشعب حين تولى زمام أمر البلاد بأن يحكمها لمدة واحدة فقط وان الكفن ليس له جيوب، وليته فعل ذلك قبل أن يترك زمام الأمور لزوجته وأبنه جمال الذي جاء من انجلترا عام 1993 بعد فترة قضاها في مصح نفسي، ليلقاه عاطف عبيد ( مهندس التوريث ) ويقنع أمه بوراثة جمال للعرش وليتحول مبارك بعد هذا اللقاء من رئيس دولة قوي أحبته الناس طيلة مدتين للرئاسة ( 1981 – 1991 ) إلى دمية من الخشب في يد زوجته دفعت الناس لأن يكرهوه هو وزوجته وكل عائلته ونظامه.
أنا لا أتكلم بلسان 90 مليون مصري، ومن منا يستطيع اليوم أن يتكلم بلسان عائلته حتى لو مكونة من أربعة أفراد مختلفة ليدعي أن يتحدث بلسان 90 مليون مصري! ولكننا كشعب نحمل ضميرا يكاد يكون واحداً، أي أن كل واحد منا يستطيع أن يستشعر حال الناس من حوله من حال الأحداث التي مر ويمر بها الجميع، فخصخصة أملاك الشعب وطرد مئات الآلاف من العمال وإذلال الشباب الذي يبحث عن عمل حتى كاد أن يفضل البطالة عن العمل بأبخس الأجور، وقمع الحريات المدنية في إغلاق النقابات العامة وسيطرة الأمن على الجامعات وتوظيف جواسيس أمن الدولة في مخابز العيش ومقاهي الأحياء الشعبية وأصحاب بعض عربات الكبدة وأكشاك السجائر للسيطرة بكل جبروت على أنفاس الناس وقمع أحلامهم قبل أن تولد، وبيع مصر لأمراء الخليج وعلى رأسها مشروع "توشكي" الذي أقرت بفشله غالب العلماء واستشهد في إنشاء بنيته التحتية أكثر من عشرة آلاف عامل وفلاح مصري وأذهبوا إلى هناك وانظروا، أذهبوا إلى " توشكي " وشاهدوا مقابر هؤلاء المصريين الطيبين الذين قتلتهم الصحراء كما فعل بهم الخديوي سابقاً في حفر قناة السويس قبل أن يبيعها لانجلترا، كل ذلك تم فعله من أجل سيناريو التوريث، توريث مصر لشاب لا تبدو على وجهه أي ملامح من ذكاء سوى أنه حبيب أمه وأبيه، فمن يدافع عن من؟، عن ماذا تدافعون؟ مصر ليست مبارك وليست جمال عبد الناصر وليست السادات ولا المشير طنطاوي ولا حتى المشير سامي عنان بل وليست التحرير ولا العباسية ولا مصطفى محمود، مصر هي جماعة هذا الشعب، شعب مصر من رأس الدولة وحتى آخر مولود تمت ولادته الآن، فكيف نختزل الكل في شخص واحد ثم ندعي أنما نحيا الحرية ونحن نغوص في لحم الذل ونزداد انحطاطاً.
لقد تم تأجيل قضية مبارك في سبتمبر الماضي لمدة ثلاثة أشهر حتى يوم 28 ديسمبر 2011 لماذا؟
كان عدد القتلى في 28 يناير 2011 والمتهم بقتلهم وإصابتهم مبارك لا تتعدى مئات فكيف إذن يبحثون عن مخرج يخرجون به مبارك من هذا المأزق؟ 
كيف يبرئونه من تهمة القتل؟ 
كيف يخلون ساحته أمام الناس حتى لو كانت ملطخة بالدماء أمام الله؟ بعد أن أصبح الناس من فرط الحاجة لا يفرقون بين الله والديكتاتور!، وكانت الخطيئة التي ظنوا أنها ستمحو الخطيئة، خطيئة الإسراف في قتل أبرياء جدد حتى ولو كانو بالمئات ليبرهنوا أن هؤلاء الأبرياء ما قتلوا إلا بأيدي خارجية ليس لمبارك دخل فيها ومن ثم فمبارك برئ من خطيئة قتل المتظاهرين وليبحث شعب مصر عن القاتل الحقيقي إن استطاع لذلك سبيلا!.
كانت الجلسة الثالثة لمحاكمة مبارك في 5 سبتمبر، 2011 واستغرقت ما يقرب من 10 ساعات ثم حدث ما يسمى بالاستئناف ثم توقفت ثلاثة أشهر حدث فيها أن طغت خلالها التوترات الدامية بين الجيش والمتظاهرين بشكل يبدو يقينا مدبراً ومخططاً له.
ثلاثة أشهر حدثت بها مجازر إنسانية تشيب من هولها الولدان، أهمها مجزرة ماسبيرو ومحمد محمود والقصر العيني فلماذا لم تحدث هذه المجازر قبل الإعلان عن تأجيل محاكمة مبارك؟ 
ومن هم التسعة عشرة جثة لأجانب لم يستدل على هوياتهم ومازلوا في مشرحة زينهم وكانوا من ضمن من يطلق الرصاص على الناس من أعلى أسطح المنازل؟
وهل هم مرتزقة استجلبهم حكام " سجن طره" من أوكرانيا كما ثبت هذا الأسبوع 22 ديسمبر 2011 وتم القبض على بعضهما ( أوكراني وإسرائيلي) يهربان أسلحة من إسرائيل على شاكلة تلك التي تستخدمها الشرطة المصرية وتبين من التحقيقات الأولية أنهما يعملان لصالح أحد رجالات "الطرف الثالث" مثلهم مثل بلطجية التحرير ومحمد محمود وماسبيرو المندسة والذين كانوا يتقاضوا 150 جنيها عن كل رأس قتيل يقتلونه، وحيث كان من ضمن من قتلوهم الشيخ الجليل "عماد عفت" مدير إدارة الحساب الشرعي بالأزهر وأمين دار الإفتاء.
إنه لمن الغريب حقاً أن يأتي وفد المحامين الكويتيين الآن وبعد مرور ثلاثة أشهر على تأجيل محاكمة مبارك وحدث بها ما حدث من مجازر ودهس أبرياء ليصرح "فيصل العتيدى" رئيس فريق المحامين الكويتي قائلا: "جينا ومعانا براءة مبارك" "إحنا مش محامين شلط" بمعنى ( أي كلام ) ثم قال: "إحنا أساتذة في القانون واللي ما أتعلم نعلمه" وأن فريق الدفاع سيحضر جميع جلسات محاكمة مبارك حتى إثبات براءته من خلال الأدلة التي سيتقدم بها والتي تفيد وجود عناصر مخربة قتلت المتظاهرين في ( 25 – 28 ) يناير 2011 وأحداث شارع محمد محمود وماسبيرو والقصر العيني وحادثة سفارة إسرائيل، بل لماذا لم تتعرض الجامعة الأمريكية لخدش واحد بينما تم حرق المجمع العلمي وهيئة الطرق والكباري بالكامل؟.
فهل كانت أحداث ماسبيرو ومحمد محمود والقصر العيني مدبرة ليقتل فيها ( الطرف الثالث ) العشرات من الأبرياء ويصيب المئات من أجل إثبات براءة مبارك؟
هل صارت دماء المصريين رخيصة إلى هذا الحد؟ 
ولماذا لم يتم قتل فرد واحد من مؤيدي مبارك أثناء الكثير من الاشتباكات التي حدثت بينهم وبين اسر الشهداء رغم أنها كانت شبه دموية؟ 
ومن أين أتي مؤيدي مبارك بكل هذه اللافتات الخمسة نجوم والتيشرتات المرصعة بصورته والعربات المكيفة التي كانت تنقلهم من والى مبنى المحاكمة؟
لاشك أن الذي يحكم مصر اليوم في مرحلتها الانتقالية يعلم الطرف الثالث ولا شك أن مؤيدي مبارك يعلمون الطرف الثالث ولا شك أن أشخاص بعينها تحكم بلدانا بعينها وتخشى من تهديد سوزان مبارك بكشف فضائحهم الجنسية أمام شعوبهم يعلمون أيضا الطرف الثالث بل ويشاركون في تمويل الخراب ضد مصر وشعبها.
أقول لقد مات الكثير من شبابنا في فترة تأجيل محاكمة مبارك لثلاثة أشهر عن عمد وأصيب الكثير لإثبات براءة مبارك وطغمتة الفاسدة مما فعلوه من جرائم، وأن المدافعين عن الباطل لن يمهلهم القدر حتى يستمتعوا بما اقترفت أيديهم وضمائرهم من فعل الزور والانتصار لدولة الظلم، الغد قادم لا شك في ذلك، قادم ويحمل في رحم وجوده الكثير من النور لشعب مصر ولكن بعد أن ينتهي من دفن جثث الذين نادوا ببراءة الفرعون وملائه.