الأحد، 4 مارس 2012

تغريدات، إخوان مصر وسيناريو نكسة يونيو


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
الإعلام الإخواني المقروء والمرئي أشبه بالإعلام الميت، كئيب وغائب وتافه ويغازل الشارع ليكسبه دون النظر لمصلحة الأمة، لقد اعتلوا قمة الإعلام قديما منذ 60 عاما أما اليوم فإعلامهم كالدبة التي ستقتل صاحبها أو ربما قتلته.
 نحن اليوم في ذكرى نكسة 5 يونيو 67 لعلنا ندرك حجم مأساتها التي حلت بنا وبمصر وبالوطن، فالثورات العربية إما أن تنطلق بنا للحضارة أو نحيا بها ظلمات نكسة جديدة.

الديمقراطية في الوطن العربي هي أن تفاضل بين مجموعة من العرائس الخشب فيمن يكون فيهم الرئيس الذي ستحركه الأيدي الخفية القابعة داخل صندوق اللعب.

هناك فرق بين الفعل وإرادة الفعل فالفعل عارض واستمراره في إرادة الانتماء إليه والحرية أن ننسى مبارك لكونه مات سياسياً وننظر لمصر نظرة بناء.

نحن في مصر نعيش العنف السياسي، وليس مستبعداً أن نرى تصفيات جسدية بين اللاعبين الكبار واغتيالات سياسية كما حدث قبل ثورة يوليو وبعدها مباشرة.

مهما ثُرنا نحن المصريون ضد النظام والمحاكمات فلن نفلح في تغيير شئ مادمنا نتجاهل الثورة على سلبياتنا، سلوكنا الحالي لا تصلح معه نتائج ايجابية.

الوضع في مصر كمن يستجير من الرمضاء بالنار، وسيستجير بسطاء المصريين بالنار إن كانت مع الجيش لثقة عامة الناس في المؤسسة العسكرية ولكونها الأب الروحي للمصريين منذ بدايات وجودهم الحضاري، مصر بنت الجيش.

كل الطرق في مصر تؤدي لانقلاب عسكري من جيل وسط الجيش الذين تضرروا كثيرا من الهجوم عليهم بطريق منهج ( القاعدة ) الذي سار ورائه ومعه كثير من السذج.

شفيق ومرسي لا يصلحان لحكم مصر، مصر بلد كبير ومؤثر في السياسة العالمية، وإن أراد شفيق كرسي الرئاسة فعليه أن يقطع علاقته بالحزب الوطني ورموزه أما محمد مرسي إن أراد كرسي الرئاسة فعليه حل جماعة الإخوان، حلّان كلاهما مر وربما مستحيل، الأكثر عنفاً قادم.

من السذاجة السياسية في عالمنا الثالث الظن بأن هناك دولة يمكن أن يحكمها قطاع مدني، حتى أمريكا يحكمها الجيش بواجهة مدنية لتظهر أمام العالم بوجه زائف ديمقراطي.

لن يكون شعب مصر ضحية الصراع السياسي للاعبين الكبار وكلمة السر عند الفلاحين والعمال والبدو في مصر هي ( نعم) للجيش ومن سيقف تحت مظلة الجيش سيحكم مصر.

في عالمنا الثالث المشهور بنزعاته وصراعاته الطائفية الجيش هو الضامن الوحيد لمدنية الدولة، أما أحمد شفيق أو نظيره محمد مرسي فهما مجرد عرائس خشب تدار في الشارع لإحداث غيبوبة سياسية.

نحن نعيش في مصر الآن ملامح ثورة ثانية أو انقلاب عسكري ناعم حتمي ستتجمد فيه الأحزاب وستحدد فيه إقامة كل الرموز السياسية وحتى كبار العسكريين الذين حكموا الفترة الانتقالية وكذلك رؤساء الأحزاب في منازلهم.

أتصور أن ( كواليس ) السياسة في مصر لن تترك الإخوان يحكموا مصر حتى لو صعد محمد مرسي لكرسي الرئاسة الذي لن يستمر أكثر من 18 شهر على أكثر تقدير متفائل.

هناك فرق بين الفعل وإرادة الفعل فالفعل عارض واستمراره في إرادة الانتماء إليه والحرية إن أردناها تكمن في أن ننسى مبارك لكونه مات سياسياً وننظر لمصر نظرة بناء.

ما يحدث في ميدان التحرير اليوم 3 يونيو لحظة إنسانية ثورية خاصة ومن سيستغلها سياسيا أو حزبيا سيخسر خسارة عظيمة، أحذروا اللعب على مشاعر شعب مصر واستغلالها لصالحكم.

القضاء المصري طاهر ونزيه والقضاة اقسموا يمين العدل لله ولكنهم مثل شهداء الثورة ضحايا نظام فاسد اعدم أدلة الاتهام وربما أخفاها ليغلق باب جهنم أمام الناس فكواليس نظام مبارك تحمل الكثير من العار.

الثوار أخطأوا بالعودة لمنازلهم يوم تنحي مبارك في اليوم 18 للثورة، واليوم 3 يونيو يحاولون تصحيح الخطأ في اليوم 19، أعتقد ان فرصتهم الأخيرة في النجاة ضاعت، وضياع الفرصة خطأ سياسي لا تتبعه إلا الخطيئة.

أخشى أن يعد محمد مرسي الشارع المصري بوعود مستحيلة بخصوص محاكمات ثأرية في حال صعوده للرئاسة ثم لا يستطيع تحقيقها فتنقلب مصر إلى سوريا أو ليبيا جديدة حيث المربع الأول ترف لن نحصل عليه.

الثوار والشارع السياسي سينتخب مرسي تحت ظن انه سيحكم بالإعدام على مبارك ومعاونيه وهذا فخ لو ابتلعه الإخوان سيكون مسمار النعش الأخير في وجودهم السياسي وربما في وجودهم كله كحركة كان لها تاريخ يصل إلى 80 عاماً.

كلما نادي الثوار بسقوط حكم العسكر واهانة الجيش كلما تدافع حزب ( الكنبة ) إلى صندوق الاقتراع والتصويت لصالح الجيش في شخص فريق أو شفيق.

أتصور أن هناك انقلاب عسكري حتمي قادم لجيل الوسط في الجيش المصري بسبب ما لاقاه الجيش ورجاله من اهانات رغم كونه عمود الخيمة الوحيد المتبقي في المنطقة.

المغرب يساهم ب 80 بالمائة في تمويل وكالة بيت مال القدس!، يا ترى أين دول الخليج وبلد الحرمين الشريفين؟؟

أحلام البسطاء والمطحونين إن لم تحققها الثورات الشعبية لإقامة العدالة الاجتماعية، فسيحققها الانحلال الخلقي وبيزنس الدعارة، التاريخ لا يكذب!!

نتائج أي ثورة طويلة الأمد في التاريخ الإنساني هي ظهور طبقة شعبية جديدة من البلطجية والقوادين والمومسات تمتلك الثروة حتى تقوم ضدهم ثورة ثانية.

الأربع سنوات القادمة سواء حكم الإسلاميون أو شفيق ستكون أكثر انحلالا وأكثر فقرا وأكثر عنفاً، فالسياسيون مثل ( الحداية ) لا يلقون طعاما حينما يحلقون عاليا في سماء فسادهم.

سياسيو مصر قبل انتخابات الإعادة أشبه بعاشوراء كحك العيد مولد النبي، أشبه بسمك لبن تمر هندي، الكل يعمل خارج العقل، حتى صار الغضب دين الدولة.

هناك قضية هامة ألا وهي 70% تقريبا من حجم مصر فلاحين وعمال وكلهم يؤيدون الجيش، وخطأ الثوار هو إعلان خصومتهم للجيش، وصندوق الاقتراع ملك لكل هؤلاء الـ 70%.

مصر أرادت أن تخرج من مأزقها السياسي بتحديد رئيسها القادم عبر صناديق الاقتراع فانتهينا إلى مأزق لا نعرف كيف نخرج منه !.

مزاج الشعب المصري شديد التعقيد وما يحدث في ميدان التحرير عار على كل الثوريين، وإشعال الحرائق في مقرات احمد شفيق لا جدوى منه.

ما يحدث في ميدان التحرير وحرق مقر شفيق هو أعظم دعاية لأحمد شفيق وسيخلق تعاطفا شعبيا عظيماً وسينجح شفيق، لماذا هذا الغباء السياسي يا خالد علي.

في انتخابات مجلس الشعب كان عدد الأصوات 40 مليون صوت وبعد عام وفي انتخابات الرئاسة أصبحوا 51 مليون صوت بزيادة 11 مليون صوت في عام واحد، كيف؟ ربما تلك هي الديمقراطية.

لو ضاعت الثورة فالمسئول عن ذلك هو الأداء السياسي المتدني للسلفيين والإخوان في الأشهر الثلاثة الماضية، وفي اهتمامهم بمشروع مضاجعة الوداع وختان النساء وتجاهلهم لمشروع البطالة وملف الاقتصاد ولن تغفر لهم مصر ذلك ولا التاريخ أيضاً.

من يقول أن الأقباط هم السبب في صعود احمد شفيق للمنافسة على كرسي الرئاسة ساذج سياسياً إذ أن صوت الأقباط ليس بهذه الكثافة التصويتية التي تمكن شفيق من الفوز، لكنه عقاب المصريين جميعا لتيار الإسلام السياسي بسبب أدائهم الساذج في مجلس الشعب وابتعادهم عن هموم البسطاء من شعب مصر.

مشكلة المصريين منذ الفراعنة وحتى الآن أنهم يبدعوا الفعل فيذهلوا العالم ثم يديروا ظهرهم له فجأة ولا يكملوه، ليبدأوا ثانية من المربع الأول فيذهلوا العالم مرة أخرى، أننا عباقرة في استبداع أزمة من رحم أزمة، لكوننا الأمة الوحيدة في العالم التي اخترعت الندابة والمعددة ليستعذب البسطاء غيبوبة الحزن.

هناك فرق كبير بين الثورة وإرادة الثورة فالأول فعل ينتهي بمجرد حدوثه أما الثاني فمستمر، الثورة المصرية انتهت يوم 11 فبراير بتنحي المخلوع.

رئيس مصر القادم أشبه بحامل الأثقال الذي يحاول رفعها فيختل لتسقط فوق رأسه لتقتله، مصر حملٌ ثقيلٌ جدا، وتحتاج لمصارع له خبره في التعامل مع الأزمة أو سيهلك الجميع.

التيارات السياسية الدينية في الشرق الأوسط مرهون وجودها بنجاح الإخوان في مصر وإخوان مصر لن يصمدوا كثيراً في ظل غيبوبة إعلامهم الفقير التافه لأكثر من ثلاث سنوات.

الإعلام الإخواني المقروء والمرئي أشبه بالإعلام الميت، كئيب وغائب وتافه ويغازل الشارع ليكسبه دون النظر لمصلحة الأمة، لقد اعتلوا قمة الإعلام قديما منذ 60 عاما أما اليوم فإعلامهم كالدبة التي ستقتل صاحبها أو ربما قتلته.

لابد من وجود الحق حتى لو لم نمارسه.

لا قيم مع الجوع ولا عدالة مع الجهل.


الثورة المضادة وكيف اغتالت مفجر ثورة الصعيد في مصر 1919

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

كان الانتقام الأول لإزاحة مفجر ثورة الصعيد في مصر 1919 الدكتور خليل أبو زيد من المشهد السياسي - رغم أنه لم يمر على عودته من إنجلترا سوى بضعة أشهر - أن يتم قتل "كوكسن" باشا مدير الزراعة الإنجليزي بعيار خرطوش من بندقية انجليزية تمت سرقتها من أحد الجنود الأستراليين.
أكدت الوثائق أن هناك عدداً من الأعيان كانوا على تواصل مع الإنجليز عام 1919، وحاولوا تأسيس ما يُسمى بـ «نادى الأعيان»، بهدف منازعة «الوفد» فى حق تمثيل المصريين، ومن بين هؤلاء الأعيان الذين وصفتهم الوثائق بـ«الخونة»: الشريعى باشا وكامل جلال ومصطفى ماهر وتوفيق شهاب الدين ومحمد هلال. (1)

بعدما ألقى سعد زغلول أول خطاب له في أول اجتماع بعد تأليف الوفد في 13 يناير 1919، بمنزل" حمد الباسل" الذي أعلن فيه أن الحماية باطلة بموجب القانون الدولي، وبعد أن أيد حسين رشدي باشا رئيس الوزراء حينها سعد زغلول وما جاء في خطابه بل وأيضاً حركة التوكيلات التي سيقوم بها الشعب لسعد زغلول، كانت غضبة القصر وغضبة الإنجليز التي استشعر منها "محمد سعيد باشا" أنه حتماً سيقع عليه اختيار القصر ليكون رئيس الوزراء القادم خاصة في ظل ذلك الموقف المتأزم التي تمر به البلاد من صراع بين القصر والوزارة وتقديم حسين رشدي باشا استقالة الوزارة أكثر من مرة، لكن لن تكون الوزارة الجديدة من نصيب "محمد سعيد باشا" إلا في حال نفذ سيناريو القصر وطالب بوفد ثان يشكّله مع الأمير " عمر طوسون" لمواجهة وفد" سعد زغلول" وزملائه، ولكن "محمد سعيد باشا" كان يؤمن بأنه لن يستطيع القيام بذلك إلا بتكوين جماعة قوية من أعيان مصر تستطيع بناء شرعية لهذا الوفد الثاني المواجه لوفد سعد زغلول ومن ثم طرأت في ذهنه فكرة "نادي الأعيان" الذين دعاهم لقصره بالقاهرة.
أقترح أحد هؤلاء الأعيان على "محمد سعيد باشا" اسم "أبو زيد بك علي" عين أعيان دير مواس ليكون واحداً من أهم أعضاء نادي الأعيان ضد سعد زغلول، فهو متفتح الذهن لدرجة أن أرسل أبنه " خليل أبو زيد علي" ليدرس في إحدى جامعات إنجلترا ومن ثم فهو معنا لاشك في ذلك، ورغم تحفظ " محمد سعيد باشا" على اقتراح أسم " أبو زيد بك علي" بسبب رفض أبنه خليل أبو زيد تولي مسئولية معاونة " كوكسن باشا" الإنجليزي مدير الزراعة بسبب كونه إنجليزياً وأنه ربما يكون الابن شبيه أباه إلا أن أحدهم طمأن رئيس الوزراء بأن "أبو زيد بك علي" لن يرفض طلباً يرضى عنه السلطان فؤاد – الملك فؤاد الأول فيما بعد – ورغم عدم ارتياح محمد سعيد باشا إلا أن الاجتماع انتهى بميلاد كيان الثورة المضادة ضد سعد زغلول ورفاقه، ميلاد "نادي الأعيان".
رفض "أبو زيد بك علي" أن يكون عضواً في نادي الأعيان الذي شكله "محمد سعيد باشا"، خاصة وأنه أحد أهم أعيان الصعيد المؤيدين لسعد زغلول ومن أهم أعيان مصر الذين قاموا بعمل توكيلات له خاصة بعد أن أصدر رئيس الحكومة ووزير الداخلية حسين باشا رشدي تعليمات صريحة إلى مديرى الأقاليم بعدم التعرض لحركة التوقيع على توكيلات الوفد تلك التوكيلات التي ساهمت في أن يقدم من خلالها "سعد زغلول" خطابًا في 2 مارس 1919 للسلطان فؤاد ليُعلن عن رفضه في قبوله استقالة الوزارة وخطابًا آخر في 4 مارس إلى ممثلي الدول الأجنبية يحتج فيه على منع الانجليز المصريين من السفر إلى مؤتمر السلام المنعقد في باريس. والذي بسببهما استدعى الجنرال "وطسن" قائد القواتْ البريطانية سعد زغلول وأعضاء الوفد. وقام بتحذيرهم وتحذير كل من يؤيدونهم بل وكل من قاموا بعمل توكيلات لهم القيام بأي عمل يعيق الحماية البريطانية على مصر، لأنه سيكون الدافع لأن يجعل الجميع عرضة للأحكام العرفية.
كان قصر " أبو زيد بك علي" في دير مواس بمثابة مركز سياسي لتوعية الناس وتأييداً لسعد زغلول ورفاقه بل وضد الوفد الثاني الذي يقوده محمد سعيد باشا وعمر طوسون باشا بحضور أبو المجد أفندي محمد الناظر نائب المأمور ومصطفى أفندي ملاحظ بوليس دير مواس مما أثار حفيظة محمد سعيد باشا(2) وكل أعضاء نادي الأعيان الذي تم تشكيله وأعضائه كنوع من الثورة المضادة، لقد اعتبروا "أبو زيد بك علي" يسير في ركب سعد زغلول ضد القصر وسلطانه فأعلنوا الحرب عليه خاصة أبنه الدكتور "خليل أبو زيد" الذي جعل من قصر أبيه وكأنه برلماناً شعبياً ومركزاً ثورياً خطيراً لمبايعة سعد زغلول ورفاقه.
كان الانتقام الأول لإزاحة خليل أبو زيد من المشهد السياسي بالصعيد - رغم أنه لم يمر على عودته من إنجلترا سوى بضعة أشهر - أن يتم قتل "كوكسن" باشا مدير الزراعة الإنجليزي بعيار خرطوش من بندقية انجليزية تمت سرقتها من أحد الجنود الأستراليين، ثم تم إطلاق الشائعات في مديرية أسيوط وإلمنيا بأن قتل ( كوكسن باشا ) إنما جاء بعد رجوع الدكتور خليل أبو زيد من انجلترا كرسالة من الفلاحين للإنجليز بأننا تخلصنا من مفتش الري الإنجليزي ونريد خليل أبو زيد ( المصري ) بدلاً منه، وهو ما دفع بعض باشوات "نادي الأعيان" الذي شكله "محمد سعيد باشا" الذين يعملون لصالح الانجليز في أن يقوم بالإبلاغ عن أن المحرض على قتل كوكسن هو الدكتور خليل أبو زيد نفسه، وعليه جاء بناء على هذا البلاغ حملة كبيرة من رجال الشرطة وعساكر الهجانة ( السودانية ) بحثاً عن قاتل كوكسن وظلت أكثر من ثلاثة أيام تحقق مع عائلة أبوزيد فيما نسبته إليهم أقوال الباشا بشأن التحريض على قتل كوكسن، ولكنهم لم يجدوا دليلاً مادياً واحداً ضد خليل أبو زيد ولم يستطيعوا الحصول على أي معلومة من الفلاحين فرحلوا ، بينما نادي الأعيان أضمرها وتوعد بالقضاء على نفوذ عائلة ابو زيد التحريضية ضد السلطان والقصر في الصعيد.
قبل أن يغادر الانجليز والهجانة دير مواس للتحقيق في مقتل كوكسن باشا كنوا قد اضمروا الحريق في عديد من القرى والبيوت، الناس كانت في غاية الغضب، كانت قلوب المصريين ( الصعايدة ) تمتلئ حقداً وغضباً على الإنجليز ومواليهم.
في 9 مارس1919 عرض السلطان فؤاد الأول على حسين رشدي تشكيل وزارة جديدة بعد تنفيذ المطالب من الإفراج عن سعد زغلول والسماح لهم بالسفر، فقبل رشدي تشكيل الوزارة، حيث كانت وزارة حسين رشدي مستقيلة منذ ديسمبر 1918 وقبل السلطان الاستقالة في أول مارس 1919. وحيث ظلت الدولة دون حكومة طوال فترة واشتعال الثورة،ولكن هل تم الإفراج عن سعد زغلول؟، لقد خدع السلطان شعب مصر ولم يفرج عن سعد فاشتعلت الثورة في كل إنحاء مصر.
في يوم 16 مارس 1919، وفى مشهد لم يسبق له مثيل خرجت مظاهرات حاشدة ووصلت إلي بيت الأمة حيث أكد بيان لصفية زغلول ألقته سكرتيرتها أمام المتظاهرين الذين أحاطوا منزلها أن المصريين جميعاً والمرأة المصرية قادرة علي قيادة ثورة بحجم ثورة 1919 .وألمحت في البيان "إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذى وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية" .
اتفق الجميع خليل أبو زيد ومن معه أن يلتقوا بأعيان بندر منفلوط للاجتماع التحضيري الذي سيتم اجراؤه في بندر ديروط قبل السفر للقاهرة لمؤازرة الثورة وفي يوم الرجوع من منفلوط صباحاً لدير مواس خطب خليل أبو زيد في الناس أمام محطة قطار منفلوط فأثار حماستهم وغيرتهم الوطنية وألهبها، ثم خطب من بعده جرجس حنا المحامي ثم خطب عين أعيان منفلوط ومن بعده خطب عمدة ملوي ثم عبد الرحمن، كل منهم كان يخطب في جماعة وفي نفر من الناس، كان صياح الناس يملأ الأجواء، عشرات الآلاف احتشدوا أمام محطة قطار منفلوط، ثم دخل خليل أبو زيد بصحبة الأعيان لمحطة القطار متوجهين لرصيف المحطة ليستقلوا القطار، ووسط الزحام الشديد كأنه يوم الحشر، أعلن مستر ( فورد ) ناظر المحطة ( الإنجليزي ) بتعطل القطار المتجه لديروط، فقرر الجمع أن ينتظروا قطار الإكسبريس القادم من الأقصر ليستقلونه إلى ديروط، ولما جاء قطار الإكسبريس في الساعة العاشرة، زحفت الناس بالمئات نحو عربات القطار تستقله على أمل حضور اجتماع ديروط، حتى أن سطح القطار لم يكن فيه شبراً واحداً ليجلس فيه رجل في حجم طفل، دخل خليل أبو زيد ومن معه القطار بصعوبة بالغة حتى أنهم هرعوا لعربة الطعام في القطار على أمل أن يجدوا فيها موضع.
كان هناك ثمانية من الضباط الإنجليز في عربة الطعام يشهرون أسلحتهم في وجه خليل أبو زيد ومن معه وينظرون للموقف بأكمله بعين التوجس والريبة، شاحبي الوجوه وقد جزوا على نواجذهم وفي وضع الاستعداد لإطلاق الرصاص وهم: القائمقام "بوب بك" مفتش السجون في الوجه القبلي، والميجور "جارفر" والملازم "وللبي" وخمسة جنود.
تحدث خليل أبو زيد للضباط الإنجليز بأن لا يخافوا، فهم لم يستقلوا القطار ليقتلوهم، وبين المسافة من منفلوط وحتى ديروط تحدث معهم خليل أبو زيد عن ضرورة انهاء الاحتلال فوراً والإفراج عن سعد زغلول.
لم يعجب هذا الكلام الكولونيل ( بوب ) وأخذ يتحدث باستعلاء وغطرسة مع خليل أبو زيد، هنا كان القطار قد وصل لمحطة ديروط وقد ملأ الغضب قلوب المصريين الجالسين في نفس العربة مع الإنجليز، حتى خليل أبو زيد نفسه كان غاضباً غضباً شديداً من ( بوب ) الضابط الإنجليزي.
كانت الجموع البشرية في محطة ديروط لا تقل زحاماً عن منفلوط في استقبال خليل أبو زيد ومن معه من أعيان الصعيد باللافتات والأعلام والهتاف لمصر وحين نزل خليل أبو زيد وأعيان الصعيد من القطار أخذتهم الناس بالأحضان بينما أعلنت صافرة المحطة بمغادرة قطار الإكسبريس محطة ديروط متوجهاً للقاهرة، وهنا قفز جرجس حنا مخاطباً في الناس بأن لايدعوا القطار يرحل، ثم نظر للدكتور خليل أبو زيد ، حيث صاح عبد الرحمن أبو زيد من شدة الغضب: يا أهل مصر عليكم أن تفعلوا اليوم ماكان يجب عليكم فعله منذ زمن فهاهو القطار يجلس فيه قائد انجليزي سليط اللسان لا يريد لمصر خيراً، وقبل أن يكمل عبد الرحمن هب الناس مندفعين صائحين لعربة الطعام بالقطار محاولين الفتك بالضباط الإنجليز، وهنا قفز السائق الإنجليزي إلى غرفة قيادة القطار وتحرك بالقطار في طريق ذهابه للقاهرة، فدهس العشرات وتمزقت أجساد العشرات من الفلاحين تحت عجلاته والمدهش أن في تطاير الأشلاء وبحار الدم التي مازال ( يفرمها ) القطار لم تنهزم عزيمة المصريين من الصعود للقطار والفتك بالضباط الأنجليز الذين لم تنفعهم أسلحتهم، وحين وصل القطار دير مواس كانت جموع الغاضبين قد قتلت كل الضباط الإنجليز ومزقتهم تمزيقاً عنيفاً، وتوقف القطار في دير مواس حيث ( خلع ) الفلاحون قضبان السكة الحديد لمنع وصول أي قطارات محملة بعساكر انجليز، وأخذوا ينقلون جثث الضباط من شبابيك القطار ومن بينها جثة "بوب" الضابط الإنجليزي وألقوها على الأرض، وأخذوا يهتفون: تحيا مصر، يحيا سعد، يسقط الإنجليز وكان ذلك في يوم 18 مارس 1919.
في 17 أبريل في قنا وأسوان، أُذيع منشور بضرورة تحية الضباط البريطانيين، وأنذر كل من يخالف القرار من الأهالي، فأُتلف أهالي الصعيد من أسوان وحتى محافظة الجيزة خطوط السكك الحديدية.
في 21 أبريل لم توفق وزارة رشدي بإقناع الموظفين بإنهاء الإضراب، فتقدم رشدي باستقالته، وقبلت استقالته في اليوم التالي.
في 20 مايو 1919 تحقق حلم "محمد سعيد باشا" بتشكيل الحكومة وتولى فيها إلى جانب رئاسة الوزراء مسئولية وزارة الداخلية وهنا تفجرت من جديد قضية دير مواس (3) وأصرت انجلترا على عقد محاكمة عسكرية حازمة لمحاكمة المتورطين في قتل الضباط الإنجليز في قطار الصعيد ومن ثم تم القبض على 91 مصرياً بتهمة أنهم في 18 مارس 1919 بديروط ودير مواس قتلوا أو ساعدوا على قتل بعض الضباط والجنود الإنجليز وأنهم تجمهروا مسلحين بالنبابيت والعصي والطوب وأسلحة أخرى بقصد مهاجمة البريطانيين الذين قد يوجدون بالقطار عند وصوله دير مواس، وقد بدأ نظر هذه القضية أمام المحكمة العسكرية البريطانية العليا التي انعقدت في أسيوط بدءاً من يوم 17 مايو 1919 وكانت مؤلفة من سبعة أعضاء من ضباط الجيش الإنجليزي برئاسة اللفتننت كولونيل ( دونس Downes ) وسمعت المحكمة شهادة 51 شاهد إثبات ونحو 155 شاهد نفي وانتهت المحاكمة يوم 19 يونيه وتم حكم الإعدام في 51 منهم رمياً بالرصاص وعفا القائد العام عن واحد منهم وتم تعديل عقوبة الإعدام إلى الأشغال الشاقة بالنسبة لعشرة آخرين وبعد وساطة رئيس الوزراء " محمد سعيد باشا " عدلت عقوبة الإعدام للأشغال الشاقة بالنسبة إلى ستة آخرين وتم إعدام الباقين وعددهم 34 متهماً كان على رأسهم الدكتور خليل أبو زيد وعبد الرحمن ابن عمه، إلى جانب كل من: عبد العليم فولي، عبد المجيد فولي، محمد مرسي شحاتة، رزق مراد عبد الله، محمد مرسي محجوب، عبد الحكيم عبد الباقي، فرغلي محمد مبارك، عبد اللطيف علي عبد الله، تغيان سليمان حسان، عبد الجابر حمدان موسى، عبد الباقي علي حامد، عبد الله محروس، عبد الملك فرحات، راغب سويفي علي، أبو المجد محمد عبدالله، عبد الملك سليم إبراهيم، راغب عبد العال هلال، محمد علي مكادي، عبد العزيز عثمان شرابي، أحمد إبراهيم موسى الصعيدي، عباس عبد العال البحيري، عباس عبد العال الفلاح، أحمد عثمان، أحمد محمد إبراهيم، عبد الجابر أبو العلا، إسماعيل الدباح، قاسم محمد قايد، محمد أبو العلا، سيف أحمد عبدالله الغرابي، هلالي جنيدي، عبد السلام أبو العلا، محمد إبراهيم عبيد.
رحم الله الشهداء. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحسب الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق – جريدة الوطن عدد السبت 06-09-2014 
(2) استبدل محمد سعيد باشا عام 1924 حكم الإعدام بالأشغال الشاقة في المحاكم العسكرية بدافع الندم من قضية دير مواس.
(3) عبد الرحمن الرافعي – ثورة 1919 تاريخ مصر القومي من سنة 1914 إلى سنة 1921 صفحة 377 - 383

الثورة المضادة وكيف اغتالت مفجر ثورة الصعيد في مصر 1919

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

كان الانتقام الأول لإزاحة مفجر ثورة الصعيد في مصر 1919 الدكتور خليل أبو زيد من المشهد السياسي - رغم أنه لم يمر على عودته من إنجلترا سوى بضعة أشهر - أن يتم قتل "كوكسن" باشا مدير الزراعة الإنجليزي بعيار خرطوش من بندقية انجليزية تمت سرقتها من أحد الجنود الأستراليين.
أكدت الوثائق أن هناك عدداً من الأعيان كانوا على تواصل مع الإنجليز عام 1919، وحاولوا تأسيس ما يُسمى بـ «نادى الأعيان»، بهدف منازعة «الوفد» فى حق تمثيل المصريين، ومن بين هؤلاء الأعيان الذين وصفتهم الوثائق بـ«الخونة»: الشريعى باشا وكامل جلال ومصطفى ماهر وتوفيق شهاب الدين ومحمد هلال. (1)

بعدما ألقى سعد زغلول أول خطاب له في أول اجتماع بعد تأليف الوفد في 13 يناير 1919، بمنزل" حمد الباسل" الذي أعلن فيه أن الحماية باطلة بموجب القانون الدولي، وبعد أن أيد حسين رشدي باشا رئيس الوزراء حينها سعد زغلول وما جاء في خطابه بل وأيضاً حركة التوكيلات التي سيقوم بها الشعب لسعد زغلول، كانت غضبة القصر وغضبة الإنجليز التي استشعر منها "محمد سعيد باشا" أنه حتماً سيقع عليه اختيار القصر ليكون رئيس الوزراء القادم خاصة في ظل ذلك الموقف المتأزم التي تمر به البلاد من صراع بين القصر والوزارة وتقديم حسين رشدي باشا استقالة الوزارة أكثر من مرة، لكن لن تكون الوزارة الجديدة من نصيب "محمد سعيد باشا" إلا في حال نفذ سيناريو القصر وطالب بوفد ثان يشكّله مع الأمير " عمر طوسون" لمواجهة وفد" سعد زغلول" وزملائه، ولكن "محمد سعيد باشا" كان يؤمن بأنه لن يستطيع القيام بذلك إلا بتكوين جماعة قوية من أعيان مصر تستطيع بناء شرعية لهذا الوفد الثاني المواجه لوفد سعد زغلول ومن ثم طرأت في ذهنه فكرة "نادي الأعيان" الذين دعاهم لقصره بالقاهرة.
أقترح أحد هؤلاء الأعيان على "محمد سعيد باشا" اسم "أبو زيد بك علي" عين أعيان دير مواس ليكون واحداً من أهم أعضاء نادي الأعيان ضد سعد زغلول، فهو متفتح الذهن لدرجة أن أرسل أبنه " خليل أبو زيد علي" ليدرس في إحدى جامعات إنجلترا ومن ثم فهو معنا لاشك في ذلك، ورغم تحفظ " محمد سعيد باشا" على اقتراح أسم " أبو زيد بك علي" بسبب رفض أبنه خليل أبو زيد تولي مسئولية معاونة " كوكسن باشا" الإنجليزي مدير الزراعة بسبب كونه إنجليزياً وأنه ربما يكون الابن شبيه أباه إلا أن أحدهم طمأن رئيس الوزراء بأن "أبو زيد بك علي" لن يرفض طلباً يرضى عنه السلطان فؤاد – الملك فؤاد الأول فيما بعد – ورغم عدم ارتياح محمد سعيد باشا إلا أن الاجتماع انتهى بميلاد كيان الثورة المضادة ضد سعد زغلول ورفاقه، ميلاد "نادي الأعيان".
رفض "أبو زيد بك علي" أن يكون عضواً في نادي الأعيان الذي شكله "محمد سعيد باشا"، خاصة وأنه أحد أهم أعيان الصعيد المؤيدين لسعد زغلول ومن أهم أعيان مصر الذين قاموا بعمل توكيلات له خاصة بعد أن أصدر رئيس الحكومة ووزير الداخلية حسين باشا رشدي تعليمات صريحة إلى مديرى الأقاليم بعدم التعرض لحركة التوقيع على توكيلات الوفد تلك التوكيلات التي ساهمت في أن يقدم من خلالها "سعد زغلول" خطابًا في 2 مارس 1919 للسلطان فؤاد ليُعلن عن رفضه في قبوله استقالة الوزارة وخطابًا آخر في 4 مارس إلى ممثلي الدول الأجنبية يحتج فيه على منع الانجليز المصريين من السفر إلى مؤتمر السلام المنعقد في باريس. والذي بسببهما استدعى الجنرال "وطسن" قائد القواتْ البريطانية سعد زغلول وأعضاء الوفد. وقام بتحذيرهم وتحذير كل من يؤيدونهم بل وكل من قاموا بعمل توكيلات لهم القيام بأي عمل يعيق الحماية البريطانية على مصر، لأنه سيكون الدافع لأن يجعل الجميع عرضة للأحكام العرفية.
كان قصر " أبو زيد بك علي" في دير مواس بمثابة مركز سياسي لتوعية الناس وتأييداً لسعد زغلول ورفاقه بل وضد الوفد الثاني الذي يقوده محمد سعيد باشا وعمر طوسون باشا بحضور أبو المجد أفندي محمد الناظر نائب المأمور ومصطفى أفندي ملاحظ بوليس دير مواس مما أثار حفيظة محمد سعيد باشا(2) وكل أعضاء نادي الأعيان الذي تم تشكيله وأعضائه كنوع من الثورة المضادة، لقد اعتبروا "أبو زيد بك علي" يسير في ركب سعد زغلول ضد القصر وسلطانه فأعلنوا الحرب عليه خاصة أبنه الدكتور "خليل أبو زيد" الذي جعل من قصر أبيه وكأنه برلماناً شعبياً ومركزاً ثورياً خطيراً لمبايعة سعد زغلول ورفاقه.
كان الانتقام الأول لإزاحة خليل أبو زيد من المشهد السياسي بالصعيد - رغم أنه لم يمر على عودته من إنجلترا سوى بضعة أشهر - أن يتم قتل "كوكسن" باشا مدير الزراعة الإنجليزي بعيار خرطوش من بندقية انجليزية تمت سرقتها من أحد الجنود الأستراليين، ثم تم إطلاق الشائعات في مديرية أسيوط وإلمنيا بأن قتل ( كوكسن باشا ) إنما جاء بعد رجوع الدكتور خليل أبو زيد من انجلترا كرسالة من الفلاحين للإنجليز بأننا تخلصنا من مفتش الري الإنجليزي ونريد خليل أبو زيد ( المصري ) بدلاً منه، وهو ما دفع بعض باشوات "نادي الأعيان" الذي شكله "محمد سعيد باشا" الذين يعملون لصالح الانجليز في أن يقوم بالإبلاغ عن أن المحرض على قتل كوكسن هو الدكتور خليل أبو زيد نفسه، وعليه جاء بناء على هذا البلاغ حملة كبيرة من رجال الشرطة وعساكر الهجانة ( السودانية ) بحثاً عن قاتل كوكسن وظلت أكثر من ثلاثة أيام تحقق مع عائلة أبوزيد فيما نسبته إليهم أقوال الباشا بشأن التحريض على قتل كوكسن، ولكنهم لم يجدوا دليلاً مادياً واحداً ضد خليل أبو زيد ولم يستطيعوا الحصول على أي معلومة من الفلاحين فرحلوا ، بينما نادي الأعيان أضمرها وتوعد بالقضاء على نفوذ عائلة ابو زيد التحريضية ضد السلطان والقصر في الصعيد.
قبل أن يغادر الانجليز والهجانة دير مواس للتحقيق في مقتل كوكسن باشا كنوا قد اضمروا الحريق في عديد من القرى والبيوت، الناس كانت في غاية الغضب، كانت قلوب المصريين ( الصعايدة ) تمتلئ حقداً وغضباً على الإنجليز ومواليهم.
في 9 مارس1919 عرض السلطان فؤاد الأول على حسين رشدي تشكيل وزارة جديدة بعد تنفيذ المطالب من الإفراج عن سعد زغلول والسماح لهم بالسفر، فقبل رشدي تشكيل الوزارة، حيث كانت وزارة حسين رشدي مستقيلة منذ ديسمبر 1918 وقبل السلطان الاستقالة في أول مارس 1919. وحيث ظلت الدولة دون حكومة طوال فترة واشتعال الثورة،ولكن هل تم الإفراج عن سعد زغلول؟، لقد خدع السلطان شعب مصر ولم يفرج عن سعد فاشتعلت الثورة في كل إنحاء مصر.
في يوم 16 مارس 1919، وفى مشهد لم يسبق له مثيل خرجت مظاهرات حاشدة ووصلت إلي بيت الأمة حيث أكد بيان لصفية زغلول ألقته سكرتيرتها أمام المتظاهرين الذين أحاطوا منزلها أن المصريين جميعاً والمرأة المصرية قادرة علي قيادة ثورة بحجم ثورة 1919 .وألمحت في البيان "إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذى وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية" .
اتفق الجميع خليل أبو زيد ومن معه أن يلتقوا بأعيان بندر منفلوط للاجتماع التحضيري الذي سيتم اجراؤه في بندر ديروط قبل السفر للقاهرة لمؤازرة الثورة وفي يوم الرجوع من منفلوط صباحاً لدير مواس خطب خليل أبو زيد في الناس أمام محطة قطار منفلوط فأثار حماستهم وغيرتهم الوطنية وألهبها، ثم خطب من بعده جرجس حنا المحامي ثم خطب عين أعيان منفلوط ومن بعده خطب عمدة ملوي ثم عبد الرحمن، كل منهم كان يخطب في جماعة وفي نفر من الناس، كان صياح الناس يملأ الأجواء، عشرات الآلاف احتشدوا أمام محطة قطار منفلوط، ثم دخل خليل أبو زيد بصحبة الأعيان لمحطة القطار متوجهين لرصيف المحطة ليستقلوا القطار، ووسط الزحام الشديد كأنه يوم الحشر، أعلن مستر ( فورد ) ناظر المحطة ( الإنجليزي ) بتعطل القطار المتجه لديروط، فقرر الجمع أن ينتظروا قطار الإكسبريس القادم من الأقصر ليستقلونه إلى ديروط، ولما جاء قطار الإكسبريس في الساعة العاشرة، زحفت الناس بالمئات نحو عربات القطار تستقله على أمل حضور اجتماع ديروط، حتى أن سطح القطار لم يكن فيه شبراً واحداً ليجلس فيه رجل في حجم طفل، دخل خليل أبو زيد ومن معه القطار بصعوبة بالغة حتى أنهم هرعوا لعربة الطعام في القطار على أمل أن يجدوا فيها موضع.
كان هناك ثمانية من الضباط الإنجليز في عربة الطعام يشهرون أسلحتهم في وجه خليل أبو زيد ومن معه وينظرون للموقف بأكمله بعين التوجس والريبة، شاحبي الوجوه وقد جزوا على نواجذهم وفي وضع الاستعداد لإطلاق الرصاص وهم: القائمقام "بوب بك" مفتش السجون في الوجه القبلي، والميجور "جارفر" والملازم "وللبي" وخمسة جنود.
تحدث خليل أبو زيد للضباط الإنجليز بأن لا يخافوا، فهم لم يستقلوا القطار ليقتلوهم، وبين المسافة من منفلوط وحتى ديروط تحدث معهم خليل أبو زيد عن ضرورة انهاء الاحتلال فوراً والإفراج عن سعد زغلول.
لم يعجب هذا الكلام الكولونيل ( بوب ) وأخذ يتحدث باستعلاء وغطرسة مع خليل أبو زيد، هنا كان القطار قد وصل لمحطة ديروط وقد ملأ الغضب قلوب المصريين الجالسين في نفس العربة مع الإنجليز، حتى خليل أبو زيد نفسه كان غاضباً غضباً شديداً من ( بوب ) الضابط الإنجليزي.
كانت الجموع البشرية في محطة ديروط لا تقل زحاماً عن منفلوط في استقبال خليل أبو زيد ومن معه من أعيان الصعيد باللافتات والأعلام والهتاف لمصر وحين نزل خليل أبو زيد وأعيان الصعيد من القطار أخذتهم الناس بالأحضان بينما أعلنت صافرة المحطة بمغادرة قطار الإكسبريس محطة ديروط متوجهاً للقاهرة، وهنا قفز جرجس حنا مخاطباً في الناس بأن لايدعوا القطار يرحل، ثم نظر للدكتور خليل أبو زيد ، حيث صاح عبد الرحمن أبو زيد من شدة الغضب: يا أهل مصر عليكم أن تفعلوا اليوم ماكان يجب عليكم فعله منذ زمن فهاهو القطار يجلس فيه قائد انجليزي سليط اللسان لا يريد لمصر خيراً، وقبل أن يكمل عبد الرحمن هب الناس مندفعين صائحين لعربة الطعام بالقطار محاولين الفتك بالضباط الإنجليز، وهنا قفز السائق الإنجليزي إلى غرفة قيادة القطار وتحرك بالقطار في طريق ذهابه للقاهرة، فدهس العشرات وتمزقت أجساد العشرات من الفلاحين تحت عجلاته والمدهش أن في تطاير الأشلاء وبحار الدم التي مازال ( يفرمها ) القطار لم تنهزم عزيمة المصريين من الصعود للقطار والفتك بالضباط الأنجليز الذين لم تنفعهم أسلحتهم، وحين وصل القطار دير مواس كانت جموع الغاضبين قد قتلت كل الضباط الإنجليز ومزقتهم تمزيقاً عنيفاً، وتوقف القطار في دير مواس حيث ( خلع ) الفلاحون قضبان السكة الحديد لمنع وصول أي قطارات محملة بعساكر انجليز، وأخذوا ينقلون جثث الضباط من شبابيك القطار ومن بينها جثة "بوب" الضابط الإنجليزي وألقوها على الأرض، وأخذوا يهتفون: تحيا مصر، يحيا سعد، يسقط الإنجليز وكان ذلك في يوم 18 مارس 1919.
في 17 أبريل في قنا وأسوان، أُذيع منشور بضرورة تحية الضباط البريطانيين، وأنذر كل من يخالف القرار من الأهالي، فأُتلف أهالي الصعيد من أسوان وحتى محافظة الجيزة خطوط السكك الحديدية.
في 21 أبريل لم توفق وزارة رشدي بإقناع الموظفين بإنهاء الإضراب، فتقدم رشدي باستقالته، وقبلت استقالته في اليوم التالي.
في 20 مايو 1919 تحقق حلم "محمد سعيد باشا" بتشكيل الحكومة وتولى فيها إلى جانب رئاسة الوزراء مسئولية وزارة الداخلية وهنا تفجرت من جديد قضية دير مواس (3) وأصرت انجلترا على عقد محاكمة عسكرية حازمة لمحاكمة المتورطين في قتل الضباط الإنجليز في قطار الصعيد ومن ثم تم القبض على 91 مصرياً بتهمة أنهم في 18 مارس 1919 بديروط ودير مواس قتلوا أو ساعدوا على قتل بعض الضباط والجنود الإنجليز وأنهم تجمهروا مسلحين بالنبابيت والعصي والطوب وأسلحة أخرى بقصد مهاجمة البريطانيين الذين قد يوجدون بالقطار عند وصوله دير مواس، وقد بدأ نظر هذه القضية أمام المحكمة العسكرية البريطانية العليا التي انعقدت في أسيوط بدءاً من يوم 17 مايو 1919 وكانت مؤلفة من سبعة أعضاء من ضباط الجيش الإنجليزي برئاسة اللفتننت كولونيل ( دونس Downes ) وسمعت المحكمة شهادة 51 شاهد إثبات ونحو 155 شاهد نفي وانتهت المحاكمة يوم 19 يونيه وتم حكم الإعدام في 51 منهم رمياً بالرصاص وعفا القائد العام عن واحد منهم وتم تعديل عقوبة الإعدام إلى الأشغال الشاقة بالنسبة لعشرة آخرين وبعد وساطة رئيس الوزراء " محمد سعيد باشا " عدلت عقوبة الإعدام للأشغال الشاقة بالنسبة إلى ستة آخرين وتم إعدام الباقين وعددهم 34 متهماً كان على رأسهم الدكتور خليل أبو زيد وعبد الرحمن ابن عمه، إلى جانب كل من: عبد العليم فولي، عبد المجيد فولي، محمد مرسي شحاتة، رزق مراد عبد الله، محمد مرسي محجوب، عبد الحكيم عبد الباقي، فرغلي محمد مبارك، عبد اللطيف علي عبد الله، تغيان سليمان حسان، عبد الجابر حمدان موسى، عبد الباقي علي حامد، عبد الله محروس، عبد الملك فرحات، راغب سويفي علي، أبو المجد محمد عبدالله، عبد الملك سليم إبراهيم، راغب عبد العال هلال، محمد علي مكادي، عبد العزيز عثمان شرابي، أحمد إبراهيم موسى الصعيدي، عباس عبد العال البحيري، عباس عبد العال الفلاح، أحمد عثمان، أحمد محمد إبراهيم، عبد الجابر أبو العلا، إسماعيل الدباح، قاسم محمد قايد، محمد أبو العلا، سيف أحمد عبدالله الغرابي، هلالي جنيدي، عبد السلام أبو العلا، محمد إبراهيم عبيد.
رحم الله الشهداء. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحسب الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق – جريدة الوطن عدد السبت 06-09-2014 
(2) استبدل محمد سعيد باشا عام 1924 حكم الإعدام بالأشغال الشاقة في المحاكم العسكرية بدافع الندم من قضية دير مواس.
(3) عبد الرحمن الرافعي – ثورة 1919 تاريخ مصر القومي من سنة 1914 إلى سنة 1921 صفحة 377 - 383

الخميس، 1 مارس 2012

تويتر

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
رحم الله ( شكوكو ) صنع الأراجوز وتجول به في كل انحاء مصر مع المخرج العبقري صلاح السقا ليعلما الناس والبسطاء أن من يحدثهم عن الفضيلة والحكم تحركه دوما ايدي خفية من وراء الكواليس فلا تصدقوه.



كل مرشحي الرئاسة في مصر لا يصلحون إلا لوظيفة وزير على أقصى تقدير، وحتى لو نجح أحدهم فهي بروفة للفارس القادم، الذي اراه قادما بقوة قريبا جدا.

الشعب المصري لا يثق إلا في الحاكم ( الفارس ) القادم على ظهر حصان أو دبابة، المصريون ليسو شعبا مدنيا ولكنهم خير أجناد الأرض، لا يحكمهم إلا فارس.

لن تكون مصر ديموقراطية إلا بمشاركة اطيافها الوطنية كلها في دعم الحكم، صعب أن لا نرى على سبيل المثال وجها نوبيا واحدا يشارك في سياسة مصر.

حان الوقت لإنشاء "مجلس الشيوخ المصري" يضم رؤوس الأطياف المصرية أقباط ونوبيون وبدو وعربان تكون مسئوليته دعم مجلس النواب ويغطي قضايا مصر كلها.
مصر دوما لا تبحث عن مخلص يدفعها للنور، بل تلده من رحمها، بعد أن تتخلص - قبل الولادة - من كل المنافقين والكذبة، مصر لا تنحني ابداً.

مصر لا تقف ابدا مكتوفة اليدين، انها بجوار النيل في حالة ولادة، مخاض ستلد فيه "المخلص" الذي سيضم الجميع تحت لوائه بالقوة بعد ان خذلها الكل.

عشرات الائتلافات وعشرات الأحزاب وعشرات الطامحين لحكم مصر وكأن مصر قهوة بلدي، الكل زائل، ومصر ستبقى أقوى وأعظم ولكن بوجوه غير تلك الوجوه!

الثورة مستمرة في حالة واحدة فقط، أن ننكر رغبتنا في اعتلاء منصب قيادي ونذوب في قطار الجندي المجهول لبناء الوطن.

نحن المصريون شعباَ عنيداً لا يحترم إلا القائد القوي، القوة هي التي تفرض القانون وليس الطبطبة، المصريون جنود ذوي بأس وبدون قائد تعمهم الفوضى.

حين تقوم أي ثورة وتزيد بعد قيامها حالة من الانفلات الاخلاقي وترويع الناس فأعلم انها ثورة ناقصة، وثورة بلا وازع كالدبة التي قتلت صاحبها.

الثورة والحرية كلمتان من اجل تعظيم الانتماء والكبرياء الوطني، بمعنى احترام القانون، لا ثورة ولا كبرياء وطني بدون احترامنا الحقيقي للقانون.

رفض مجلس الشعب دخول مصطفى بكري لجنة القيم ليس حبا فيه ولكن خوفا منه ومما سيقوله من فضائح ستطال الكل.

رحم الله ( شكوكو ) صنع الأراجوز وتجول به في كل انحاء مصر مع المخرج العبقري صلاح السقا ليعلما الناس والبسطاء أن من يحدثهم عن الفضيلة والحكم تحركه دوما ايدي خفية من وراء الكواليس فلا تصدقوه.

الثورة ستنتصر رغم الكذابين، ستنتصر رغم الجهل وخراب الذمم، انها الثورة ولن نرجع إلى الخلف.

سمعت المتحدث باسم حزب الأصالة في قناة صدى البلد يتحدث عن ضرورة اقامة المشروع الإسلامي في مصر، وللأسف لم يقل جملة واحدة مفيدة فأساء بدلا من أن يضيف.

رئيس مصر القادم لن يفعل شيئا يرضي الناس، لأن ما يرضي الناس يحتاج لتكلفة مالية تكاد تكون اليوم مستحيلة إلا إذا تم تقديم تنازلات مخزية.

انا شخصيا سأقوم بترشيح الرئيس الذي نال خمسة محاولات اغتيال على الأقل، بشرط ان تكون مصورة بالفيديو ويتم تحميلها على اليوتيوب لمتعة المشاهدة.

سيناريو محاولات الإغتيال قديم وينجح فقط في البلدان ذات الكثافة العالية من الجهل والأمية، سنسمع يوميا عن محاولات اغتيال كأنها مباراة عض اصابع.

رئيس جمهورية مصر القادم هو صاحب أكبر عدد ممكن من محاولات الإغتيال، نفس سيناريو محاولة تسميم فيكتور يوشينكو الذي صار رئيساً لأوكرانيا بعدها.

يحمل كل منا رأياً، كشاف نور يعتبره النور الوحيد ليسلطه في عين أخيه فلا نرى بعضنا البعض، نريد كشافا واحدا فقط لنرى مصر ونرى بعضنا بعضاً كأمة ذات قيمة، نرى بعين واحدة وطنية.

يقول تيم سباستيان: أحدهم أطفأ الضوء في ميدان التحرير، ويبدو أن الأخلاقيات السامية قد شدت رحالها، تبقى فقط الأعمدة وباعة الشائعات والكبدة.

ألف سلامة على كل مصري تطاله يد الإرهاب، وسلامة الدكتور عبد المنعم، ولابد من حل غموض محاولة الاعتداء حتى نفهم.

محاولة اغتيال عبد المنعم أبو الفتوح غباء سياسي حقير لسببين: الأول زيادة الحقد الشعبي على الفلول، الثاني اصرار الناس على اعدام مبارك.

هناك أنواع للاغتيال بعد أي ثورة، اغتيال سياسي وهو تلويث السمعة، اغتيال لتصفية حسابات بالقتل، محاولة اغتيال لصناعة بطل يعتلي الحكم.

منذ ثمانية أشهر أؤكد اننا قادمون على زمن الاغتيالات، ليس هناك ثورة بدون اغتيالات خاصة لشعب ذاق مرارة الذل 30 عاما على يد مبارك.

أقول لنواب الشعب في بلدنا: أدوا الأمانة حتى ولو خانوكم، فمصر اعظم من أن يتم اختزالها في شخص أو شخوص، مصر درة تاج الكون، افهموها أو انتحروا.

إعلانات مبوبة: مطلوب عقد عمل لرئيس جمهورية لايقل عمره عن سبعين عاما يجيد الشرشحة واللعب عالمكشوف ولا يشترط المؤهل الدراسي أو الخبرة.

مجلس الشعب المصري اصبح زي طاحونة حسنين الخولي في بلدنا لما اتجنن، صوت عالي، اتهامات، فضائح .. وطحين قمح ما فيش، والناس لما بتجوع بتقتل بعضها.

الوطن لا يدار بالأخلاق والمبادئ وإنما يدار بالقانون، ومادمنا ندير الوطن كما تدار القهوة البلدي فلا عجب من حياة الضياع والانفلات الأمني.

الجيش لا يقبل الإهانة، ومازالت عند إصراري بأن جيل الوسط في الجيش قد تضرر كثيرا في سمعته واحتمال انقلابه العسكري وارد حتى لو كان ضد رغبة الغرب.

بعدما تضررت سمعة الجيش في أواخر 1969 اجتمع بعض ضباط جيل الوسط بالسويس لاغتيال ناصر والانقلاب عليه لكن حال موته 1970 من حدوث ذلك السيناريو.
المشكلة في مصر الان هي عدم القدرة على الحسم.

الإعلام اليوم يسيطر عليه رجال الاعمال، إنه اعلام تصفية الحسابات والاغتيال السياسي ولا يوجد هذا الاعلام الا في بلادنا ليساهم في سرعة انحطاطها.

الاعلام المصري اليوم هو اعلام النجوم والخصوم وهو بذلك يشكل عارا حضاريا حقيقيا في أدق مراحل مصر الآن.

الغاء المعونة يعني الغاء معاهدة كامب ديفيد وهذا معناه الحرب في الشرق الأوسط لتنمية عجلة انتاج مصانع الاسلحة الغربية لاحتلال بلادنا من جديد.

انتخاب رئيس جمهورية قبل الدستور هو في تقديري فرصة لتفصيل دستور محكم التفاصيل على مقاس الديكتاتور القادم.

ثقافة الخوف بعد الثورة ذهبت بلا عودة .. وحلت محلها ثقافة البلطجة!!

ضوء في نهاية النفق .. لم يقل لنا أحد لماذا النفق طويل إلى هذا الحد؟

‎ إن رفض النائب عمرو حمزاوي لقاء ماكين فممن سنعرف الحقيقة؟، نحن نثق في وطنية نواب الشعب فدعنا نعرف اعدائنا من خلالكم او أنتم أعداء الشعب!.

غرق الناس في الحديث عن ملفات الفساد بعد عام من الثورة هو في حقيقة الأمر ثورة مضادة، متى سننظر بعين العطاء والانتاج لمصر؟

نعم المرأة عورة .. عند شواذ العقل فقط.

المرأة في مجتمعنا الشرقي نصف العقل ونصف الضمير شاركت في صناعة حضارته ونسيان دورها اليوم ردة إلى عصر السقوط الانساني.

غض البصر الشعبي والنخبوي في تهميش دور المرأة الوطني سيحولنا الى أمة مبتورة ذات قدم واحدة وتمشي مستعينة بعكاز في اتجاه زوالها المحتوم.

التسامح مع الفوضى أسهل الأمور التي تقود الأمة إلى طريق الزوال.

تذكرني رغبة الإخوان في حكم مصر بمجازفة شجر الدر إما أن تستميل الجيش والشعب في صالحها أو تنتحر رميا بالقباقيب.

من أراد الخلاص لمصر عليه أن يقود الناس للطرق المستقيمة، فصناعة البطولات المزيفة والتاريخ الذي ليس له وجود هو أول ملامح اللعنة، مصر أو اللعنة.

بشائر الذل لأي أمة ضياع الحكمة .. وبشائر اللعنة لأي أمة ضياع الوطن.

حينما يسب نائب برلماني مصري تحت قبة البرلمان المصري مسئول آخر مصري بأنه "حمار" فأنا لن استطيع إقناع ولدي الصغير بأن الأخلاق هي قمة المسئولية.

أمامنا في مصر أقل من عام لإنجاح اهداف الثورة بمشروع قومي يبتلع كل القوى الشبابية العاطلة، أو سنعاني من الإرهاب والتطرف والترويع 30عاماً.

الثورة المصرية أعطتنا الكثير لنتطور وننهض لكن حتى الآن لم ننجح.

قال لي صديقي وهو يحاورني : صدقني .. بعد أن قام السلفيون بالآذان في مجلس الشعب، سيعتكفون فيه أيضاً العشر ليال الأواخر من رمضان.

أخلص السلفيون في العمل الخدمي والاجتماعي داخل مصر طيلة 50 عاماً .. وضاعوا في لحظة حينما لعبوا سياسة، فالكبابجي لا يصلح على عربة الفول المدمس.

حتى غير المسلمين في مصر الآن .. أطلقوا اللحية.

المرشحين للرئاسة في مصر صنفان: مع الجيش وضده أما الشعب فخارج اللعبة.

ليس امام الإخوان المسلمين لتتمكن من حكم مصر إلا التخلص من قوتين: السلفيين وجهاز الشرطة.

الكل يحمل في مصر كشاف نور ويسلطه في عين أخيه فلا يرى بعضنا بعضاً .. نحتاج لكشاف نور واحد نحيطه بأعيننا لنرى مصر بوضوح.

نحن المصريون إن لم نجد ديكتاتورا يحكمنا .. صنعناه.

مصر دوما تبحث عن المخلص .. حورس، ابو زيد الهلالي، الزناتي خليفة، ادهم الشرقاوي، عبدالله النديم، جمال عبد الناصر ... الديكتاتور قادم لاشك.

القفل الذي لا يوجد له مفتاح ... ينكسر.

الخائن هو من يضلك عن سبيل الوطن باسم الوطن وهو ألد أعدائه.

قبل الثورة عشنا المرحلة ( الانتهازية ) وبعد الثورة المرحلة ( الانتقالية ) .. واليوم نعيش أزهى عصور المرحلة ( الانتقامية ).

في سينما الأكشن الهابطة يجتهد ( المخرج ) في ابقاء ( بطل الفيلم ) حيا حتى لو قتل كل الكومبارس في مجزرة بور سعيد.

أن تبرئ حاكما ظالماً فكأنما حكمت على البشرية كلها بالإعدام، فخطيئة الظلم وخطأ البراءة هما أول ملامح لعنة الأمم وسقوطها للأبد.

قالوا أيهما أحق: كرامة المواطن أم الديموقراطية فقلت أنبوبة البوتاجاز.

الوحيد الذي يستشعر الاستقرار الآن في مصر .... البلطجي.

تويتر

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
رحم الله ( شكوكو ) صنع الأراجوز وتجول به في كل انحاء مصر مع المخرج العبقري صلاح السقا ليعلما الناس والبسطاء أن من يحدثهم عن الفضيلة والحكم تحركه دوما ايدي خفية من وراء الكواليس فلا تصدقوه.



كل مرشحي الرئاسة في مصر لا يصلحون إلا لوظيفة وزير على أقصى تقدير، وحتى لو نجح أحدهم فهي بروفة للفارس القادم، الذي اراه قادما بقوة قريبا جدا.

الشعب المصري لا يثق إلا في الحاكم ( الفارس ) القادم على ظهر حصان أو دبابة، المصريون ليسو شعبا مدنيا ولكنهم خير أجناد الأرض، لا يحكمهم إلا فارس.

لن تكون مصر ديموقراطية إلا بمشاركة اطيافها الوطنية كلها في دعم الحكم، صعب أن لا نرى على سبيل المثال وجها نوبيا واحدا يشارك في سياسة مصر.

حان الوقت لإنشاء "مجلس الشيوخ المصري" يضم رؤوس الأطياف المصرية أقباط ونوبيون وبدو وعربان تكون مسئوليته دعم مجلس النواب ويغطي قضايا مصر كلها.
مصر دوما لا تبحث عن مخلص يدفعها للنور، بل تلده من رحمها، بعد أن تتخلص - قبل الولادة - من كل المنافقين والكذبة، مصر لا تنحني ابداً.

مصر لا تقف ابدا مكتوفة اليدين، انها بجوار النيل في حالة ولادة، مخاض ستلد فيه "المخلص" الذي سيضم الجميع تحت لوائه بالقوة بعد ان خذلها الكل.

عشرات الائتلافات وعشرات الأحزاب وعشرات الطامحين لحكم مصر وكأن مصر قهوة بلدي، الكل زائل، ومصر ستبقى أقوى وأعظم ولكن بوجوه غير تلك الوجوه!

الثورة مستمرة في حالة واحدة فقط، أن ننكر رغبتنا في اعتلاء منصب قيادي ونذوب في قطار الجندي المجهول لبناء الوطن.

نحن المصريون شعباَ عنيداً لا يحترم إلا القائد القوي، القوة هي التي تفرض القانون وليس الطبطبة، المصريون جنود ذوي بأس وبدون قائد تعمهم الفوضى.

حين تقوم أي ثورة وتزيد بعد قيامها حالة من الانفلات الاخلاقي وترويع الناس فأعلم انها ثورة ناقصة، وثورة بلا وازع كالدبة التي قتلت صاحبها.

الثورة والحرية كلمتان من اجل تعظيم الانتماء والكبرياء الوطني، بمعنى احترام القانون، لا ثورة ولا كبرياء وطني بدون احترامنا الحقيقي للقانون.

رفض مجلس الشعب دخول مصطفى بكري لجنة القيم ليس حبا فيه ولكن خوفا منه ومما سيقوله من فضائح ستطال الكل.

رحم الله ( شكوكو ) صنع الأراجوز وتجول به في كل انحاء مصر مع المخرج العبقري صلاح السقا ليعلما الناس والبسطاء أن من يحدثهم عن الفضيلة والحكم تحركه دوما ايدي خفية من وراء الكواليس فلا تصدقوه.

الثورة ستنتصر رغم الكذابين، ستنتصر رغم الجهل وخراب الذمم، انها الثورة ولن نرجع إلى الخلف.

سمعت المتحدث باسم حزب الأصالة في قناة صدى البلد يتحدث عن ضرورة اقامة المشروع الإسلامي في مصر، وللأسف لم يقل جملة واحدة مفيدة فأساء بدلا من أن يضيف.

رئيس مصر القادم لن يفعل شيئا يرضي الناس، لأن ما يرضي الناس يحتاج لتكلفة مالية تكاد تكون اليوم مستحيلة إلا إذا تم تقديم تنازلات مخزية.

انا شخصيا سأقوم بترشيح الرئيس الذي نال خمسة محاولات اغتيال على الأقل، بشرط ان تكون مصورة بالفيديو ويتم تحميلها على اليوتيوب لمتعة المشاهدة.

سيناريو محاولات الإغتيال قديم وينجح فقط في البلدان ذات الكثافة العالية من الجهل والأمية، سنسمع يوميا عن محاولات اغتيال كأنها مباراة عض اصابع.

رئيس جمهورية مصر القادم هو صاحب أكبر عدد ممكن من محاولات الإغتيال، نفس سيناريو محاولة تسميم فيكتور يوشينكو الذي صار رئيساً لأوكرانيا بعدها.

يحمل كل منا رأياً، كشاف نور يعتبره النور الوحيد ليسلطه في عين أخيه فلا نرى بعضنا البعض، نريد كشافا واحدا فقط لنرى مصر ونرى بعضنا بعضاً كأمة ذات قيمة، نرى بعين واحدة وطنية.

يقول تيم سباستيان: أحدهم أطفأ الضوء في ميدان التحرير، ويبدو أن الأخلاقيات السامية قد شدت رحالها، تبقى فقط الأعمدة وباعة الشائعات والكبدة.

ألف سلامة على كل مصري تطاله يد الإرهاب، وسلامة الدكتور عبد المنعم، ولابد من حل غموض محاولة الاعتداء حتى نفهم.

محاولة اغتيال عبد المنعم أبو الفتوح غباء سياسي حقير لسببين: الأول زيادة الحقد الشعبي على الفلول، الثاني اصرار الناس على اعدام مبارك.

هناك أنواع للاغتيال بعد أي ثورة، اغتيال سياسي وهو تلويث السمعة، اغتيال لتصفية حسابات بالقتل، محاولة اغتيال لصناعة بطل يعتلي الحكم.

منذ ثمانية أشهر أؤكد اننا قادمون على زمن الاغتيالات، ليس هناك ثورة بدون اغتيالات خاصة لشعب ذاق مرارة الذل 30 عاما على يد مبارك.

أقول لنواب الشعب في بلدنا: أدوا الأمانة حتى ولو خانوكم، فمصر اعظم من أن يتم اختزالها في شخص أو شخوص، مصر درة تاج الكون، افهموها أو انتحروا.

إعلانات مبوبة: مطلوب عقد عمل لرئيس جمهورية لايقل عمره عن سبعين عاما يجيد الشرشحة واللعب عالمكشوف ولا يشترط المؤهل الدراسي أو الخبرة.

مجلس الشعب المصري اصبح زي طاحونة حسنين الخولي في بلدنا لما اتجنن، صوت عالي، اتهامات، فضائح .. وطحين قمح ما فيش، والناس لما بتجوع بتقتل بعضها.

الوطن لا يدار بالأخلاق والمبادئ وإنما يدار بالقانون، ومادمنا ندير الوطن كما تدار القهوة البلدي فلا عجب من حياة الضياع والانفلات الأمني.

الجيش لا يقبل الإهانة، ومازالت عند إصراري بأن جيل الوسط في الجيش قد تضرر كثيرا في سمعته واحتمال انقلابه العسكري وارد حتى لو كان ضد رغبة الغرب.

بعدما تضررت سمعة الجيش في أواخر 1969 اجتمع بعض ضباط جيل الوسط بالسويس لاغتيال ناصر والانقلاب عليه لكن حال موته 1970 من حدوث ذلك السيناريو.
المشكلة في مصر الان هي عدم القدرة على الحسم.

الإعلام اليوم يسيطر عليه رجال الاعمال، إنه اعلام تصفية الحسابات والاغتيال السياسي ولا يوجد هذا الاعلام الا في بلادنا ليساهم في سرعة انحطاطها.

الاعلام المصري اليوم هو اعلام النجوم والخصوم وهو بذلك يشكل عارا حضاريا حقيقيا في أدق مراحل مصر الآن.

الغاء المعونة يعني الغاء معاهدة كامب ديفيد وهذا معناه الحرب في الشرق الأوسط لتنمية عجلة انتاج مصانع الاسلحة الغربية لاحتلال بلادنا من جديد.

انتخاب رئيس جمهورية قبل الدستور هو في تقديري فرصة لتفصيل دستور محكم التفاصيل على مقاس الديكتاتور القادم.

ثقافة الخوف بعد الثورة ذهبت بلا عودة .. وحلت محلها ثقافة البلطجة!!

ضوء في نهاية النفق .. لم يقل لنا أحد لماذا النفق طويل إلى هذا الحد؟

‎ إن رفض النائب عمرو حمزاوي لقاء ماكين فممن سنعرف الحقيقة؟، نحن نثق في وطنية نواب الشعب فدعنا نعرف اعدائنا من خلالكم او أنتم أعداء الشعب!.

غرق الناس في الحديث عن ملفات الفساد بعد عام من الثورة هو في حقيقة الأمر ثورة مضادة، متى سننظر بعين العطاء والانتاج لمصر؟

نعم المرأة عورة .. عند شواذ العقل فقط.

المرأة في مجتمعنا الشرقي نصف العقل ونصف الضمير شاركت في صناعة حضارته ونسيان دورها اليوم ردة إلى عصر السقوط الانساني.

غض البصر الشعبي والنخبوي في تهميش دور المرأة الوطني سيحولنا الى أمة مبتورة ذات قدم واحدة وتمشي مستعينة بعكاز في اتجاه زوالها المحتوم.

التسامح مع الفوضى أسهل الأمور التي تقود الأمة إلى طريق الزوال.

تذكرني رغبة الإخوان في حكم مصر بمجازفة شجر الدر إما أن تستميل الجيش والشعب في صالحها أو تنتحر رميا بالقباقيب.

من أراد الخلاص لمصر عليه أن يقود الناس للطرق المستقيمة، فصناعة البطولات المزيفة والتاريخ الذي ليس له وجود هو أول ملامح اللعنة، مصر أو اللعنة.

بشائر الذل لأي أمة ضياع الحكمة .. وبشائر اللعنة لأي أمة ضياع الوطن.

حينما يسب نائب برلماني مصري تحت قبة البرلمان المصري مسئول آخر مصري بأنه "حمار" فأنا لن استطيع إقناع ولدي الصغير بأن الأخلاق هي قمة المسئولية.

أمامنا في مصر أقل من عام لإنجاح اهداف الثورة بمشروع قومي يبتلع كل القوى الشبابية العاطلة، أو سنعاني من الإرهاب والتطرف والترويع 30عاماً.

الثورة المصرية أعطتنا الكثير لنتطور وننهض لكن حتى الآن لم ننجح.

قال لي صديقي وهو يحاورني : صدقني .. بعد أن قام السلفيون بالآذان في مجلس الشعب، سيعتكفون فيه أيضاً العشر ليال الأواخر من رمضان.

أخلص السلفيون في العمل الخدمي والاجتماعي داخل مصر طيلة 50 عاماً .. وضاعوا في لحظة حينما لعبوا سياسة، فالكبابجي لا يصلح على عربة الفول المدمس.

حتى غير المسلمين في مصر الآن .. أطلقوا اللحية.

المرشحين للرئاسة في مصر صنفان: مع الجيش وضده أما الشعب فخارج اللعبة.

ليس امام الإخوان المسلمين لتتمكن من حكم مصر إلا التخلص من قوتين: السلفيين وجهاز الشرطة.

الكل يحمل في مصر كشاف نور ويسلطه في عين أخيه فلا يرى بعضنا بعضاً .. نحتاج لكشاف نور واحد نحيطه بأعيننا لنرى مصر بوضوح.

نحن المصريون إن لم نجد ديكتاتورا يحكمنا .. صنعناه.

مصر دوما تبحث عن المخلص .. حورس، ابو زيد الهلالي، الزناتي خليفة، ادهم الشرقاوي، عبدالله النديم، جمال عبد الناصر ... الديكتاتور قادم لاشك.

القفل الذي لا يوجد له مفتاح ... ينكسر.

الخائن هو من يضلك عن سبيل الوطن باسم الوطن وهو ألد أعدائه.

قبل الثورة عشنا المرحلة ( الانتهازية ) وبعد الثورة المرحلة ( الانتقالية ) .. واليوم نعيش أزهى عصور المرحلة ( الانتقامية ).

في سينما الأكشن الهابطة يجتهد ( المخرج ) في ابقاء ( بطل الفيلم ) حيا حتى لو قتل كل الكومبارس في مجزرة بور سعيد.

أن تبرئ حاكما ظالماً فكأنما حكمت على البشرية كلها بالإعدام، فخطيئة الظلم وخطأ البراءة هما أول ملامح لعنة الأمم وسقوطها للأبد.

قالوا أيهما أحق: كرامة المواطن أم الديموقراطية فقلت أنبوبة البوتاجاز.

الوحيد الذي يستشعر الاستقرار الآن في مصر .... البلطجي.

السبت، 11 فبراير 2012

إذن ستبتلع الإخوان المسلمون الطُعم!!

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
أهم الدروس التي أدركناها بعد ( مجزرة بور سعيد ) هو خروج رئيس الوزراء أمام الشعب ليعلن أنه غير مسئول عن فرض الأمن أو تفعيل الملف الاقتصادي وهو الذي اشترط قبل قبوله منصب رئاسة الوزراء أن تكون له صلاحية رئيس جمهورية ليتبين لنا بعد ذلك وعلى لسانه أن حتى صلاحيات رئيس الجمهورية هي قبض ريح، نقش على ماء تلك المرحلة الانتقالية التي تسعى فيها قوى اقليمية وعالمية وداخلية في اسقاط مصر.

في مقال سابق اشرت إلى أن هناك محاولات غير مباشرة لتتورط الإخوان وذراعها السياسي ( حزب الحرية والعدالة ) في تفعيل ما يمكن تسميته مجازاً " ميليشيا أمنية " لتأمين الحفاظ على مكاسب بعضها يصب في مصلحة الوطن وبعضها يصب في صالح الجماعة نفسها لتظل موجودة في الحكم بعد أكثر من ثمانين عاما ( 1927 – 2012 ) في الشارع السياسي المصري دون المشاركة أبداً في الحكم ولو يوما واحداً حتى رغم كون غالب الضباط الأحرار أصحاب 1952 كانوا من تلاميذهم وربما منهم ولكن أداروا لهم الظهور، وذكرت مثال على تفعيل الميليشيا – وإن كان سلميا – لحظة تأمين مجلس الشعب وحصاره بشباب الإخوان لتأمينه من الشباب الغاضب في أول جلسة لانعقاده بعد فوز الإخوان بنسبة 45% من مقاعده.
الآن – اليوم - هناك شبه إجماع لكثير من القوى السياسية – حتى المناوئة للإخوان – تريد دفع حزبها صاحب الأغلبية البرلمانية لتكوين حكومة ائتلاف وطني تحل فوراً محل حكومة الجنزوري الحالية لسببين أهمهما: 
1- تقصير حكومة الجنزوري في الملف الأمني وهو أهم الملفات بالنسبة للشعب المصري حالياً.
وربما تحضرني حادثة قديمة حيث كنت صديقا مقربا للأستاذ فؤاد عبد الشافي ابن أخت فؤاد باشا سراج الدين زعيم الوفد – رحمهما الله - حيث ذكر لي الاستاذ عبد الشافي واقعة حدثت بين فؤاد باشا سراج الدين وبين الرئيس الراحل أنور السادات، إذ تم بينهما لقاءً اتسم بالودية بعد خصومة دامت كثيراً واعتقل فيها الأخوين سراج الدين طويلاً حيث دعا الرئيس أنور السادات فؤاد سراج الدين لتشكيل حكومة وفدية للخروج من أزمة انعدام الثقة في الحكومة الموجودة والتي كشف عن عورتها نواب الوفد المعارضين في البرلمان وقتها، وحينها وعد فؤاد باشا سراج الدين الرئيس السادات بأن يجمع اللجنة العليا لحزب الوفد للنظر في هذا الموضوع إذ لا يمكنه أن يتخذ قرارا منفردا سواء بالقبول أو الرفض دون الرجوع للحزب، وكان الرد بالرفض طبعاً وهو ما أستغربه حتى أقرب أصدقاء فؤاد سراج الدين وأقربائه السياسيين، فالرفض معناه ان يدير الوفد ظهره لأعظم فرصة يمكن أن يغتنمها الوفد بعد أكثر من ثلاثين عاما عاشها الوفد والوفديون في حالة إقصاء كامل واعتقال تعسفي منذ ثورة 1952، والغريب أن فؤاد سراج الدين كان هو صاحب اقتراح الرفض على اعضاء الوفد رغم أنه وعد الرئيس انور السادات بالنظر في المسألة، أما السبب الرئيسي الذي ساقه رئيس الوفد آنذاك لتبرير هذا الرفض هو محاولة ذكية من أنور السادات لتوريط الوفد في حكومة سينظر لها المصريون على أنها حكومة انقاذ وطني لتاريخ الوفد العريق ولكنها في الأصل ستكون حكومة أراجوزات الغرض منها تشويه صورة الوفد أمام الشعب لكون أخطاء النظام سياسيا واقتصاديا تحتاج لعقد من الزمان على الأقل ( عشرة سنوات ) وهو ما لن يصبر عليه الشعب المصري وهو أمر سيعتبره الشعب اخفاقاً للوفد وستضيع سمعته للأبد، بعد أن يقيلها السادات بالطبع ويرد كشف العورة بعورة مثلها أمام الشعب ويخرج منها المنتصر الوحيد، وهنا قال فؤاد باشا سراج الدين كلمته الشهيرة: أكرم لنا أن نظل في صف المعارضة نقوم بتقويم أداء الحكومة على أن نقوم بتشكيل حكومة تداوي اخطاء نظام فشل بالفعل، ولن تداويها وسنسقط أمام الشعب على ذنب لم نرتكبه، ثم اردف عبد الشافي قائلاً: الخلاصة يا محيي هي المثل المصري اللي بيقول: ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه، واحنا هدومنا طول عمرها بيضا، أما النظام فمحتاج حرب عالمية تالتة عشان يخلص من ذنوبه.
هذه الحكاية أسوقها لكونها ذكرتني بحكمة فؤاد باشا في رؤية الفخ قبل أن يقع فيه ولا شك انه كان داهية سياسي، يدرك أن مصر تعاني من ملفين في غاية الأهمية منذ ثورة 1952 وخاصة منذ ما أشيع عن محاولة اغتيال جمال عبد الناصر 1954 ثم حرب 1956، وهما الملف الاقتصادي الذي تفاقم بقوة بعد توريط الجيش المصري في اليمن وما أعقبته الأحداث من نكسة 67 وكذلك الملف الأمني الذي تحولت بسببه مصر إلى شيع وطوائف أغلبها يحمل صبغات أيدولوجية، فكيف سيتم علاج ذلك – وهو ما فطن له فؤاد سراج الدين - في حكومة مدتها أربعة سنوات فقط لن تستطيع حل المشكلة الأمنية ولا الاقتصادية حتى لو كانت تملك عصا موسى.
أن تقبل الأغلبية البرلمانية إذن تشكيل حكومة انتقالية الآن وقبل انتخاب رئيس الجمهورية أو عمل الدستور فهذا معناه تورط الإخوان سياسيا وتلويث سمعتها الشعبية في مرحلة من ادق مراحل الأمة حرجاً إذ لن تسطع أي حكومة مهما كانت قوتها أن تنجح في رأب صدع أي ملف هام من ملفات الدولة خاصة الأمن والاقتصاد لكونها حكومة لا تملك حق اتخاذ القرار إذ أن القرار الآن – لعدم وجود رئيس ودستور – بموجب الإعلان الدستوري في يد ( المجلس العسكري )، ومن ثم سيكونون – شاءوا أم أبوا – مجرد عرائس تحركها الظروف تارة والمجلس العسكري تارة أخرى ولعل من أهم الدروس التي أدركناها بعد ( مجزرة بور سعيد ) هو خروج رئيس الوزراء أمام الشعب ونواب الشعب وتحت قبة مجلس الشعب ليعلن أنه غير مسئول عن فرض الأمن أو التعجيل بتفعيل الملف الاقتصادي وهو الذي اشترط قبل قبوله منصب رئاسة الوزراء أن تكون له صلاحية رئيس جمهورية وتم قبول هذا الشرط وصار رئيساً للوزراء بصلاحيات رئيس جمهورية ليتبين لنا بعد ذلك وعلى لسانه – تحت قبة البرلمان - أن حتى صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الجمهورية نفسه هي قبض ريح، لا شيء، نقش على ماء تلك المرحلة الانتقالية التي تسعى فيها قوى كثيرة اقليمية وعالمية وداخلية في اسقاط مصر.
الحل الوحيد لعدم سقوط الأقنعة هي استعادة الملف الأمني، هو أول شروط اللعبة، أول شروط الشعب، أول شروط الشارع للحكومة القادمة، ولكن في ظل تفكك مؤسسة الشرطة وانقسام قادتها بين من يدينون بالولاء لنزلاء طره وبين من يحاول ارتداء ثوب العهد الجديد، وصراع البلطجية على حكم الشارع، يجعل من المستحيل الثقة إطلاقاً في جهاز الشرطة الحالي نظراً لفوضى الولاء داخله، ومن ثم مستحيل أن تثق حكومة الإخوان في فرض الأمن على الشارع من خلال جهاز انعدمت ثقتهم في كثير من قياداته التي اغتالت وزيرها سياسياً في موقعة بور سعيد وكما قال هو بلسانه لأحد أصدقائه بأحد الاجتماعات بعد أن صار وزيراً: هناك لواءات كبار في الداخلية أصحاب سطوة وانا مش عايز انتحر، وهذا التصريح العفوي وغيره مما تؤكده الأحداث المأساوية تجعل أي قادم لرئاسة حكومة قادمة عليه أن يضحي بجهاز الشرطة بأكمله من أعلى رأس وحتى أصغر جندي لضمان بقائه في الحكم وضمان انحياز الشارع له أكبر فترة ممكنه، ولكن كيف يكون ذلك؟ كيف يتم التضحية بأكثر من نصف مليون شرطي هكذا مرة واحدة؟ ما هو الحل؟
الميليشيا هي الحل.
اذا رجعنا للخلف قليلا نجد أن مليونيات الثورة كانت تحسب كونها مليونيات بسبب تواجد كثير من القوى الإخوانية الكثيفة بها، والتي تقوم بتأمين مداخل ومخارج الميادين والمنشئات العامة واهمها مجلس الشعب الذي قام بحمايته المئات من شباب الإخوان، حتى اللجان الشعبية وقادتها اثناء اختفاء الشرطة بعد يوم 28 يناير وقبل تنحي المخلوع كانت بخبرة إخوانية واثبتت التجربة أنهم اكثر حكمة من جهاز الشرطة نفسه، ومن ثم فالتضحية بجهاز الشرطة وقادة الداخلية أمر سهل سياسيا وان كان مرفوض عند كثير من القوى التي ترفض انفراد الاخوان بالحكم بعد صبر ثمانين عاماً، ولكن رغم سهولة السيناريو سياسياً إلا أنه يحتاج لتنفيذ معقد على ارض الواقع وتدرجي وربما أتصور تصوراً يبدو خيالياً لبعض من أجزاءه مستعيناً بما طرأت بعض أحداثه السياسية على مصر في السابق:
1- تفعيل ( متدرج ) لدور العُمد والمشايخ في القرى والنجوع وشيخ الحارة في المدن. 
2- امداد العمدة بجيل جديد قوي من خفراء شباب مسلحين من أصحاب الثقة والولاء.
3- اعادة سيناريو ( 1943 – 1945 ) في دعم القرى والنجوع بقوى دفاع ذاتية مسلحة تحت إمارة قائد شعبي شاب – وقد كان جدي لأمي أحد هؤلاء القادة الشعبيين والعسكريين في قريته إحدى قرى محافظة الجيزة عام 1943 وحتى عام 1954 بعد الثورة وكان يتمتع بصلاحيات وزير حربية داخل 14 قرية أو ما يُطلق عليه زمام – ولكن إعادة هذا السيناريو سيتطلب تغييراً بسيطاً في المنهج اذ كانت في الأربعينيات تعاوناً بين الاخوان المسلمين والجيش المصري وتحت إمرة الجيش وبسلاح الجيش ضد الألمان والإنجليز بعدما هددوا بإغراق مصر في الحرب العالمية الثانية لتصبح اليوم ضد البلطجية والخارجين عن القانون وبشرعية شعبية وعلى الأقل برضا الجيش وهو التعاون الذي كان قديما أهم ثمرة من ثمراته ولادة تنظيم الضباط الأحرار.
4- احلال جيل القادة الحالي في البوليس المصري بجيل قيادي جديد وقوي من رجال الجيش ( جيل الوسط ) من ذوي الميول الإخوانية.
5- جعل سنوات الدراسة في كلية الشرطة 6 اشهر بدلا من اربعة سنوات وقبول دفعات الالتحاق من خريجي الكليات والمعاهد العليا على أن تكون الدراسة مقصورة على دراسة العلوم الشرطية فقط وإدارة أقسام البوليس ومديريات الأمن، تماماً كما كان عليه الحال قبل ثورة 1952.
6- تفعيل دور اللجان الشعبية المسلحة في أحياء مصر كلها من شباب الثقة والولاء.
7- تكون مدة تفعيل هذا السيناريو في مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن عام على أن يراعى فيها البدء بالمدن الأكثر كثافة والأكثر تضرراً.
إذن لا مفر من أن تبتلع الإخوان الطعم – وكما قلت في مقال سابق: ستبتلعه - أجل ستبتلعه تحت قانون مُكره أخاك لا بطل وستحيي الإخوان ميليشيات الإخوان المسلحة كما فعلتها في الحرب العالمية الثانية ولكن هذه المرة بديلا عن الشرطة تحت مبرر حماية الجبهة الداخلية في ظل انعدام ثقة الشعب في وزارة الداخلية، ستحيي السيناريو القديم سواء في حكومة انتقالية أو حكومة دائمة.
لقد عشنا العنف ابتداءً من 25 يناير وحتى يوم تنحي المخلوع في 11 فبراير، ومنذ 11 فبراير وحتى الآن نعيش الأعنف. لن تهدأ القوى السياسية المختلفة التي تعتلي المشهد السياسي الحالي سواء تحت قبة البرلمان أو في ميادين التحرير المنتشرة بمدن مصر.
لن تنبذ تلك القوى الصدام من اجل القيادة.
لن ترضخ أمام ما يتصورونه من إقصاء.
الأكثر عنفاً لاشك قادم.

إذن ستبتلع الإخوان المسلمون الطُعم!!

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
أهم الدروس التي أدركناها بعد ( مجزرة بور سعيد ) هو خروج رئيس الوزراء أمام الشعب ليعلن أنه غير مسئول عن فرض الأمن أو تفعيل الملف الاقتصادي وهو الذي اشترط قبل قبوله منصب رئاسة الوزراء أن تكون له صلاحية رئيس جمهورية ليتبين لنا بعد ذلك وعلى لسانه أن حتى صلاحيات رئيس الجمهورية هي قبض ريح، نقش على ماء تلك المرحلة الانتقالية التي تسعى فيها قوى اقليمية وعالمية وداخلية في اسقاط مصر.

في مقال سابق اشرت إلى أن هناك محاولات غير مباشرة لتتورط الإخوان وذراعها السياسي ( حزب الحرية والعدالة ) في تفعيل ما يمكن تسميته مجازاً " ميليشيا أمنية " لتأمين الحفاظ على مكاسب بعضها يصب في مصلحة الوطن وبعضها يصب في صالح الجماعة نفسها لتظل موجودة في الحكم بعد أكثر من ثمانين عاما ( 1927 – 2012 ) في الشارع السياسي المصري دون المشاركة أبداً في الحكم ولو يوما واحداً حتى رغم كون غالب الضباط الأحرار أصحاب 1952 كانوا من تلاميذهم وربما منهم ولكن أداروا لهم الظهور، وذكرت مثال على تفعيل الميليشيا – وإن كان سلميا – لحظة تأمين مجلس الشعب وحصاره بشباب الإخوان لتأمينه من الشباب الغاضب في أول جلسة لانعقاده بعد فوز الإخوان بنسبة 45% من مقاعده.
الآن – اليوم - هناك شبه إجماع لكثير من القوى السياسية – حتى المناوئة للإخوان – تريد دفع حزبها صاحب الأغلبية البرلمانية لتكوين حكومة ائتلاف وطني تحل فوراً محل حكومة الجنزوري الحالية لسببين أهمهما: 
1- تقصير حكومة الجنزوري في الملف الأمني وهو أهم الملفات بالنسبة للشعب المصري حالياً.
وربما تحضرني حادثة قديمة حيث كنت صديقا مقربا للأستاذ فؤاد عبد الشافي ابن أخت فؤاد باشا سراج الدين زعيم الوفد – رحمهما الله - حيث ذكر لي الاستاذ عبد الشافي واقعة حدثت بين فؤاد باشا سراج الدين وبين الرئيس الراحل أنور السادات، إذ تم بينهما لقاءً اتسم بالودية بعد خصومة دامت كثيراً واعتقل فيها الأخوين سراج الدين طويلاً حيث دعا الرئيس أنور السادات فؤاد سراج الدين لتشكيل حكومة وفدية للخروج من أزمة انعدام الثقة في الحكومة الموجودة والتي كشف عن عورتها نواب الوفد المعارضين في البرلمان وقتها، وحينها وعد فؤاد باشا سراج الدين الرئيس السادات بأن يجمع اللجنة العليا لحزب الوفد للنظر في هذا الموضوع إذ لا يمكنه أن يتخذ قرارا منفردا سواء بالقبول أو الرفض دون الرجوع للحزب، وكان الرد بالرفض طبعاً وهو ما أستغربه حتى أقرب أصدقاء فؤاد سراج الدين وأقربائه السياسيين، فالرفض معناه ان يدير الوفد ظهره لأعظم فرصة يمكن أن يغتنمها الوفد بعد أكثر من ثلاثين عاما عاشها الوفد والوفديون في حالة إقصاء كامل واعتقال تعسفي منذ ثورة 1952، والغريب أن فؤاد سراج الدين كان هو صاحب اقتراح الرفض على اعضاء الوفد رغم أنه وعد الرئيس انور السادات بالنظر في المسألة، أما السبب الرئيسي الذي ساقه رئيس الوفد آنذاك لتبرير هذا الرفض هو محاولة ذكية من أنور السادات لتوريط الوفد في حكومة سينظر لها المصريون على أنها حكومة انقاذ وطني لتاريخ الوفد العريق ولكنها في الأصل ستكون حكومة أراجوزات الغرض منها تشويه صورة الوفد أمام الشعب لكون أخطاء النظام سياسيا واقتصاديا تحتاج لعقد من الزمان على الأقل ( عشرة سنوات ) وهو ما لن يصبر عليه الشعب المصري وهو أمر سيعتبره الشعب اخفاقاً للوفد وستضيع سمعته للأبد، بعد أن يقيلها السادات بالطبع ويرد كشف العورة بعورة مثلها أمام الشعب ويخرج منها المنتصر الوحيد، وهنا قال فؤاد باشا سراج الدين كلمته الشهيرة: أكرم لنا أن نظل في صف المعارضة نقوم بتقويم أداء الحكومة على أن نقوم بتشكيل حكومة تداوي اخطاء نظام فشل بالفعل، ولن تداويها وسنسقط أمام الشعب على ذنب لم نرتكبه، ثم اردف عبد الشافي قائلاً: الخلاصة يا محيي هي المثل المصري اللي بيقول: ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه، واحنا هدومنا طول عمرها بيضا، أما النظام فمحتاج حرب عالمية تالتة عشان يخلص من ذنوبه.
هذه الحكاية أسوقها لكونها ذكرتني بحكمة فؤاد باشا في رؤية الفخ قبل أن يقع فيه ولا شك انه كان داهية سياسي، يدرك أن مصر تعاني من ملفين في غاية الأهمية منذ ثورة 1952 وخاصة منذ ما أشيع عن محاولة اغتيال جمال عبد الناصر 1954 ثم حرب 1956، وهما الملف الاقتصادي الذي تفاقم بقوة بعد توريط الجيش المصري في اليمن وما أعقبته الأحداث من نكسة 67 وكذلك الملف الأمني الذي تحولت بسببه مصر إلى شيع وطوائف أغلبها يحمل صبغات أيدولوجية، فكيف سيتم علاج ذلك – وهو ما فطن له فؤاد سراج الدين - في حكومة مدتها أربعة سنوات فقط لن تستطيع حل المشكلة الأمنية ولا الاقتصادية حتى لو كانت تملك عصا موسى.
أن تقبل الأغلبية البرلمانية إذن تشكيل حكومة انتقالية الآن وقبل انتخاب رئيس الجمهورية أو عمل الدستور فهذا معناه تورط الإخوان سياسيا وتلويث سمعتها الشعبية في مرحلة من ادق مراحل الأمة حرجاً إذ لن تسطع أي حكومة مهما كانت قوتها أن تنجح في رأب صدع أي ملف هام من ملفات الدولة خاصة الأمن والاقتصاد لكونها حكومة لا تملك حق اتخاذ القرار إذ أن القرار الآن – لعدم وجود رئيس ودستور – بموجب الإعلان الدستوري في يد ( المجلس العسكري )، ومن ثم سيكونون – شاءوا أم أبوا – مجرد عرائس تحركها الظروف تارة والمجلس العسكري تارة أخرى ولعل من أهم الدروس التي أدركناها بعد ( مجزرة بور سعيد ) هو خروج رئيس الوزراء أمام الشعب ونواب الشعب وتحت قبة مجلس الشعب ليعلن أنه غير مسئول عن فرض الأمن أو التعجيل بتفعيل الملف الاقتصادي وهو الذي اشترط قبل قبوله منصب رئاسة الوزراء أن تكون له صلاحية رئيس جمهورية وتم قبول هذا الشرط وصار رئيساً للوزراء بصلاحيات رئيس جمهورية ليتبين لنا بعد ذلك وعلى لسانه – تحت قبة البرلمان - أن حتى صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الجمهورية نفسه هي قبض ريح، لا شيء، نقش على ماء تلك المرحلة الانتقالية التي تسعى فيها قوى كثيرة اقليمية وعالمية وداخلية في اسقاط مصر.
الحل الوحيد لعدم سقوط الأقنعة هي استعادة الملف الأمني، هو أول شروط اللعبة، أول شروط الشعب، أول شروط الشارع للحكومة القادمة، ولكن في ظل تفكك مؤسسة الشرطة وانقسام قادتها بين من يدينون بالولاء لنزلاء طره وبين من يحاول ارتداء ثوب العهد الجديد، وصراع البلطجية على حكم الشارع، يجعل من المستحيل الثقة إطلاقاً في جهاز الشرطة الحالي نظراً لفوضى الولاء داخله، ومن ثم مستحيل أن تثق حكومة الإخوان في فرض الأمن على الشارع من خلال جهاز انعدمت ثقتهم في كثير من قياداته التي اغتالت وزيرها سياسياً في موقعة بور سعيد وكما قال هو بلسانه لأحد أصدقائه بأحد الاجتماعات بعد أن صار وزيراً: هناك لواءات كبار في الداخلية أصحاب سطوة وانا مش عايز انتحر، وهذا التصريح العفوي وغيره مما تؤكده الأحداث المأساوية تجعل أي قادم لرئاسة حكومة قادمة عليه أن يضحي بجهاز الشرطة بأكمله من أعلى رأس وحتى أصغر جندي لضمان بقائه في الحكم وضمان انحياز الشارع له أكبر فترة ممكنه، ولكن كيف يكون ذلك؟ كيف يتم التضحية بأكثر من نصف مليون شرطي هكذا مرة واحدة؟ ما هو الحل؟
الميليشيا هي الحل.
اذا رجعنا للخلف قليلا نجد أن مليونيات الثورة كانت تحسب كونها مليونيات بسبب تواجد كثير من القوى الإخوانية الكثيفة بها، والتي تقوم بتأمين مداخل ومخارج الميادين والمنشئات العامة واهمها مجلس الشعب الذي قام بحمايته المئات من شباب الإخوان، حتى اللجان الشعبية وقادتها اثناء اختفاء الشرطة بعد يوم 28 يناير وقبل تنحي المخلوع كانت بخبرة إخوانية واثبتت التجربة أنهم اكثر حكمة من جهاز الشرطة نفسه، ومن ثم فالتضحية بجهاز الشرطة وقادة الداخلية أمر سهل سياسيا وان كان مرفوض عند كثير من القوى التي ترفض انفراد الاخوان بالحكم بعد صبر ثمانين عاماً، ولكن رغم سهولة السيناريو سياسياً إلا أنه يحتاج لتنفيذ معقد على ارض الواقع وتدرجي وربما أتصور تصوراً يبدو خيالياً لبعض من أجزاءه مستعيناً بما طرأت بعض أحداثه السياسية على مصر في السابق:
1- تفعيل ( متدرج ) لدور العُمد والمشايخ في القرى والنجوع وشيخ الحارة في المدن. 
2- امداد العمدة بجيل جديد قوي من خفراء شباب مسلحين من أصحاب الثقة والولاء.
3- اعادة سيناريو ( 1943 – 1945 ) في دعم القرى والنجوع بقوى دفاع ذاتية مسلحة تحت إمارة قائد شعبي شاب – وقد كان جدي لأمي أحد هؤلاء القادة الشعبيين والعسكريين في قريته إحدى قرى محافظة الجيزة عام 1943 وحتى عام 1954 بعد الثورة وكان يتمتع بصلاحيات وزير حربية داخل 14 قرية أو ما يُطلق عليه زمام – ولكن إعادة هذا السيناريو سيتطلب تغييراً بسيطاً في المنهج اذ كانت في الأربعينيات تعاوناً بين الاخوان المسلمين والجيش المصري وتحت إمرة الجيش وبسلاح الجيش ضد الألمان والإنجليز بعدما هددوا بإغراق مصر في الحرب العالمية الثانية لتصبح اليوم ضد البلطجية والخارجين عن القانون وبشرعية شعبية وعلى الأقل برضا الجيش وهو التعاون الذي كان قديما أهم ثمرة من ثمراته ولادة تنظيم الضباط الأحرار.
4- احلال جيل القادة الحالي في البوليس المصري بجيل قيادي جديد وقوي من رجال الجيش ( جيل الوسط ) من ذوي الميول الإخوانية.
5- جعل سنوات الدراسة في كلية الشرطة 6 اشهر بدلا من اربعة سنوات وقبول دفعات الالتحاق من خريجي الكليات والمعاهد العليا على أن تكون الدراسة مقصورة على دراسة العلوم الشرطية فقط وإدارة أقسام البوليس ومديريات الأمن، تماماً كما كان عليه الحال قبل ثورة 1952.
6- تفعيل دور اللجان الشعبية المسلحة في أحياء مصر كلها من شباب الثقة والولاء.
7- تكون مدة تفعيل هذا السيناريو في مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن عام على أن يراعى فيها البدء بالمدن الأكثر كثافة والأكثر تضرراً.
إذن لا مفر من أن تبتلع الإخوان الطعم – وكما قلت في مقال سابق: ستبتلعه - أجل ستبتلعه تحت قانون مُكره أخاك لا بطل وستحيي الإخوان ميليشيات الإخوان المسلحة كما فعلتها في الحرب العالمية الثانية ولكن هذه المرة بديلا عن الشرطة تحت مبرر حماية الجبهة الداخلية في ظل انعدام ثقة الشعب في وزارة الداخلية، ستحيي السيناريو القديم سواء في حكومة انتقالية أو حكومة دائمة.
لقد عشنا العنف ابتداءً من 25 يناير وحتى يوم تنحي المخلوع في 11 فبراير، ومنذ 11 فبراير وحتى الآن نعيش الأعنف. لن تهدأ القوى السياسية المختلفة التي تعتلي المشهد السياسي الحالي سواء تحت قبة البرلمان أو في ميادين التحرير المنتشرة بمدن مصر.
لن تنبذ تلك القوى الصدام من اجل القيادة.
لن ترضخ أمام ما يتصورونه من إقصاء.
الأكثر عنفاً لاشك قادم.