الأحد، 6 مارس 2016

في رحاب القصة - 11 قصة قصيرة جداً

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

استعان العمده بمن ثار عليهم الناس ليعينوه على حُكمه .. فأغتالوه ليستعيدوا ملكهم الذي انتزعته الناس .. بينما لم يحرك الثوار في لحظة اغتيال العمدة الجديد ساكناً بعد أن استنزفوا ( فترة حكمه ) كل النور في محاولة البقاء على قيد الحياة .. انتفض عبيط القرية صارخاً : ربما يثوروا على نفس من ظلموهم مرة أخرى .. ربما يتعلموا حقيقة أن لا يخدعهم أحد .. أخذ يكرر هذه العبارة وهو يتراقص محدثاً فوضى .. حتى غاب عن الأنظار !!

لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة تسامحه .. تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.

لم ينتظر الأسانسير حتى ينزل للطابق الأرضي فيصعد به الطابق التاسع .. ركض على ( السلم ) كشاب في العشرين .. وصل .. أخذ يطرق الباب طرقات قوية .. سريعة .. متلاحقة .. فوضى عارمة يحدثها لأول مرة وهو رجل في الخمسين .. فتحت الباب ..احتضنها بعنف كأنه أول مرة يحتضن إمرأة .. أخذ يلوح لها في الهواء بكتاب يحمله في يده اليمنى .. حملها وأخذ يدور بها حتى كادت تنفجر السعاده من قلبه وتنتشر في كل الأرجاء .. كانت النسخة الأولى من الطبعة الأولى لروايتها الأولى التي كانت تحلم بنشرها منذ أن كانت في الجامعة .. هدأ .. نظر في عينيها بدفء الأيام الخوالي .. كان يشعر بفخر عميق لكونه شاركها تحقيق حلمها .. مد لها يده بروايتها الأولى .. نظرت له ولها .. وضعتها برفق فوق منضدة قريبة .. ألقت برأسها فوق صدره .. حاوطت خصره بذراعيها .. في صوت شديدة العشق همست : أنت روايتي الأولى وستظل روايتي الأبدية بينما أنطفأت الأنوار وأضاءت بدلاً منها مصابيح العشق معلنة عن بداية رواية جديدة.

كانت تعلم أنه سيأتي يوم ويعود .. سينبهر حتماً في هذا السن بهذه الفتاة الصغيرة .. سيندهش .. سيتصابى .. سيزهد فيمن شاركته تاريخه .. لكنه سيعود .. كذبت على أبنائها لأول مرة في حياتها .. أباكم في إعارة .. ورغم شك الأولاد حيث لم يتغير نمط الحياة للأفضل .. لم يكذبوها .. أخفت عن أهلها فراره من المنزل تحت تأثير نزوة .. مواعيد عملها تنتهي في الثالثة لتبدأ بإعداد الولائم في منزلها بالأجر حتى العاشرة مساءً لجاراتها ممن لا يجيدون الطهي لتدخر مايمدها للعيش بكرامة .. تسع سنوات كاملة لم تر وجهه .. تسع سنوات كاملة لم ير وجه أبناءه .. لم تفقد الأمل .. وحين استعدت للخروج في الثامنة صباحاً للعمل بعد خروج الأبناء للمدارس وجدته أمامها .. واجماً .. صامتاً .. منكسراً .. أرتبكت لحظة .. لكنها ودون أن تدري .. مدت يدها نحو رأسه ورفعتها فهي ضد الإنكسار .. حين دخل المنزل لأول مرة منذ تسع سنوات .. بكى كطفل بين ذراعيها بينما كانت تمسح بكف حنون رأسه وعلى شفتيها إبتسامة رضا.

نظرت لنفسها في المرآة .. دققت النظر في كل تفاصيلها كأنثى .. فاتنة .. رائعة .. شهية .. لماذا إذن أقبلت على عامها الثاني والثلاثين ولم يطرق الحب والزواج بابها حتى الآن .. ماذا يريد الرجال أكثر من الإرتباط بأنثى مثلي .. تردد صوت أمها في عقلها بأن وضع البلد جعل الكل يخشى الزواج الذي اصبح باهظ التكاليف .. هزت رأسها بالنفي أمام المرآة .. وماذا كان يفعل البشر قبل أختراع ( الفلوس ) ؟ .. هل أصبح عقاباً للفتاة أن تنتظر رجل ليرتبط بها وربما يأتي وربما لايأتي !! .. لماذا لا ينتظر الرجل الفتاة لترتبط به ؟ .. أنا أريد الحياة .. لن تمنعني هذه العادات السخيفة من أن أحرم نفسي من حقي في الحياة .. سأختار أنا الرجل الذي اريده وأتزوج به قبل أن أفقد القدرة على أن أكون أماً وزوجة في يوم من الأيام .. لكن كيف؟ .. لو خاطبت الفتاة أي رجل عن رغبتها في الزواج منه لوصفها بكل قبح العالم .. ليكن .. لن أستسلم لمن يريدون سلبي حقوقي .. سأتزوج .. ولكن ممن ؟ .. سؤال سخيف بالطبع !! .. سأتزوج ممن أريد أن أتزوج به .. سأتزوج بمن أجد فيه معظم الصفات التي أتمناها .. سأتزوجه على الفور .. على الفور .. لن أنتظر هنا كبضاعة فاسدة حتى يأتي من يختارني لأسباب أجهلها وربما تكون أسباب شاذة .. وضعت خطة تحافظ بها على كرامتها كأنثى وعلى رغبتها في تكوين أسرة لايمكن أن تكون حكراً فقط على اختيار الرجل .. الآن هي حكر أيضاً على المرأة .. كان زميلاً لها في المرحلة الثانوية .. تعرفه جيداً .. عاد لتوه من من انجلترا بعد ثمانية أعوام درس فيها الطب .. كان مرتبكاً قليلاً وهو يتجول بين المدعويين حين رمقته هي بعينيها .. بكي الطفل النائم بجوارها .. مدت يدها فوق صدره ليطمئن ويهدأ ويعود لنومه .. نظرت للطفل .. نظرت للرجل الذي يغرق في النوم بجوارهما .. سبحان الله .. الحفيد يشبه جده تماماً .. ربما هذا الشبه هو ماجعله يصر على أن ينام بينهما كما كانا يفعلان بأمه وهي في مثل سنه .. ستعود غداً لتصحبه إلى المنزل بعد عودتها من رحلة العمل في المحافظة الساحلية .. نظرت مرة أخرى لزوجها الغارق في النوم بجوار حفيده وهي تبتسم متمتمة: ماأروع هذا الرجل الذي اخترته بنفسي وتزوجته برغبتي وأحبه الآن أكثر من محبتي لذاتي .. أغلقت ألبوم الصور .. وضعته فوق ( الكومودينو ) أغلقت نور ( الأباجورة ) .. سمعت شخيراً مفاجئاً من زوجها فانزعجت لتضئ الأباجورة مرة أخرى وتطمئن على الحفيد .. وجدته في حضن جده يمص في اصبعه .. قالت بصوت مرتفع قليلاً قبل أن تطفئ النور مرة أخرى وتنام: كم احب هذان الرجلان.

غداً يحتفل به زملاء العمل لخروجه على المعاش .. لماذا هذه الطاقة السلبية التي يستشعرها في روحه؟ .. نظر في ألمرآة وهو يحلق ذقنه .. ثلاثون عاماً مضت كأنها سن رمح يمرق في الفراغ .. ثلاثون عاماً يذهب إلى مكتبه في الصباح كل يوم ليعمل .. ولكن ماذا كنت أعمل؟ .. لاشئ !! .. ثلاثون عاماً قضيتها في الثرثرة وقراءة الصحف واحتساء قهوة بحليب لاتقاضى مرتبي على ذلك كل أول شهر .. لم أفعل شيئاً .. ياإلهي !! .. أنا بالفعل لم أفعل شيئاً !! .. هرب العمر مني وأنا أثرثر وأتصفح أخبار الحوادث واتقاضى راتب !! .. هل يمكن أن يحيا الإنسان عمره داخل كذبة بإرادته الحرة ؟ .. وهل للكذبة إرادة حرة ؟ .. نظر لنفسه في المرآه بأسى وهو يسألها: هل أنت فخور الآن بثلاثين عاماً ضاعت منك بارادتك الحرة؟ .. تمنى لو عاد الزمن للوراء .. شعر بانهيار .. تمدد على السرير .. غاب في نوم مؤلم .. انتفض في الصباح على صوت زوجته تنبهه أن ابنهما عادل سيذهب يومه الأول في ( الحضانة ) وعليهما ألا يتأخرا على مواعيد العمل .. عادل ؟ .. حضانة ؟ .. عادل مهندس في دبي منذ تسع سنوات !! .. من هذه المرأة الشابة التي تنام بجواري ؟ .. قفز من السرير خائفاً ومرعوباً .. صادفته مرآة غرفة النوم وهو يقفز فصرخ صرخة كادت تفطر قلبه .. من هذا؟ .. تسمر أمام المرآة .. تفحص وجهه جيداً .. لقد عاد الزمن ثلاثين عاماً للخلف .. أووه ياإلهي .. لقد عدت شاباً .. شاباً .. شاباً .. وصل لمكتبه في تمام الثامنة صباحاً بعد أن اطمئن على ارسال عادل ابنه للحضانة .. فتح موضوع العلاوة السنوية مع زملاء العمل وأخذ يثرثر ويصيح بينما في يدة جريدة الصباح على صفحة اخبار الحوادث وبين الحين والحين ( يزعق ) وهو يسب الفراش لتأخرة في احضار القهوة بحليب قبل ان يحين موعد انصرافه من العمل!!

أعطته خصله من شعرها حفظتها بعناية بين ورقتي وردة ليحتفظ بها في غربته ويتذكرها وحدها للأبد .. أخذ الخصلة في رقة .. وضع قبلة دافئة على راحة يدها ومسح دمعة نقية هربت في لحظة الوداع .. وضع خصلتها في حقيبة سفره بجوار عشرات الخصلات الأخرى .. رحل بنعومة لا يتذكر من صاحبات الخصلات أي واحدة منهن !!

حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد هي آخر صورة في ألبوم الصور القديم الذي تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

قاومت الحياة في إنتظار أن يعود إليها بكل الحياة .. ( عاد ) .. فعرفت أنه استلب حياتها بلا مقابل منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها أن تنتظره !!

رأى في منامه أنها ( تخونه ) فظل يراقبها .. حتى إكتشفت خيانته !!

في رحاب القصة - 11 قصة قصيرة جداً

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

استعان العمده بمن ثار عليهم الناس ليعينوه على حُكمه .. فأغتالوه ليستعيدوا ملكهم الذي انتزعته الناس .. بينما لم يحرك الثوار في لحظة اغتيال العمدة الجديد ساكناً بعد أن استنزفوا ( فترة حكمه ) كل النور في محاولة البقاء على قيد الحياة .. انتفض عبيط القرية صارخاً : ربما يثوروا على نفس من ظلموهم مرة أخرى .. ربما يتعلموا حقيقة أن لا يخدعهم أحد .. أخذ يكرر هذه العبارة وهو يتراقص محدثاً فوضى .. حتى غاب عن الأنظار !!

لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة تسامحه .. تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.

لم ينتظر الأسانسير حتى ينزل للطابق الأرضي فيصعد به الطابق التاسع .. ركض على ( السلم ) كشاب في العشرين .. وصل .. أخذ يطرق الباب طرقات قوية .. سريعة .. متلاحقة .. فوضى عارمة يحدثها لأول مرة وهو رجل في الخمسين .. فتحت الباب ..احتضنها بعنف كأنه أول مرة يحتضن إمرأة .. أخذ يلوح لها في الهواء بكتاب يحمله في يده اليمنى .. حملها وأخذ يدور بها حتى كادت تنفجر السعاده من قلبه وتنتشر في كل الأرجاء .. كانت النسخة الأولى من الطبعة الأولى لروايتها الأولى التي كانت تحلم بنشرها منذ أن كانت في الجامعة .. هدأ .. نظر في عينيها بدفء الأيام الخوالي .. كان يشعر بفخر عميق لكونه شاركها تحقيق حلمها .. مد لها يده بروايتها الأولى .. نظرت له ولها .. وضعتها برفق فوق منضدة قريبة .. ألقت برأسها فوق صدره .. حاوطت خصره بذراعيها .. في صوت شديدة العشق همست : أنت روايتي الأولى وستظل روايتي الأبدية بينما أنطفأت الأنوار وأضاءت بدلاً منها مصابيح العشق معلنة عن بداية رواية جديدة.

كانت تعلم أنه سيأتي يوم ويعود .. سينبهر حتماً في هذا السن بهذه الفتاة الصغيرة .. سيندهش .. سيتصابى .. سيزهد فيمن شاركته تاريخه .. لكنه سيعود .. كذبت على أبنائها لأول مرة في حياتها .. أباكم في إعارة .. ورغم شك الأولاد حيث لم يتغير نمط الحياة للأفضل .. لم يكذبوها .. أخفت عن أهلها فراره من المنزل تحت تأثير نزوة .. مواعيد عملها تنتهي في الثالثة لتبدأ بإعداد الولائم في منزلها بالأجر حتى العاشرة مساءً لجاراتها ممن لا يجيدون الطهي لتدخر مايمدها للعيش بكرامة .. تسع سنوات كاملة لم تر وجهه .. تسع سنوات كاملة لم ير وجه أبناءه .. لم تفقد الأمل .. وحين استعدت للخروج في الثامنة صباحاً للعمل بعد خروج الأبناء للمدارس وجدته أمامها .. واجماً .. صامتاً .. منكسراً .. أرتبكت لحظة .. لكنها ودون أن تدري .. مدت يدها نحو رأسه ورفعتها فهي ضد الإنكسار .. حين دخل المنزل لأول مرة منذ تسع سنوات .. بكى كطفل بين ذراعيها بينما كانت تمسح بكف حنون رأسه وعلى شفتيها إبتسامة رضا.

نظرت لنفسها في المرآة .. دققت النظر في كل تفاصيلها كأنثى .. فاتنة .. رائعة .. شهية .. لماذا إذن أقبلت على عامها الثاني والثلاثين ولم يطرق الحب والزواج بابها حتى الآن .. ماذا يريد الرجال أكثر من الإرتباط بأنثى مثلي .. تردد صوت أمها في عقلها بأن وضع البلد جعل الكل يخشى الزواج الذي اصبح باهظ التكاليف .. هزت رأسها بالنفي أمام المرآة .. وماذا كان يفعل البشر قبل أختراع ( الفلوس ) ؟ .. هل أصبح عقاباً للفتاة أن تنتظر رجل ليرتبط بها وربما يأتي وربما لايأتي !! .. لماذا لا ينتظر الرجل الفتاة لترتبط به ؟ .. أنا أريد الحياة .. لن تمنعني هذه العادات السخيفة من أن أحرم نفسي من حقي في الحياة .. سأختار أنا الرجل الذي اريده وأتزوج به قبل أن أفقد القدرة على أن أكون أماً وزوجة في يوم من الأيام .. لكن كيف؟ .. لو خاطبت الفتاة أي رجل عن رغبتها في الزواج منه لوصفها بكل قبح العالم .. ليكن .. لن أستسلم لمن يريدون سلبي حقوقي .. سأتزوج .. ولكن ممن ؟ .. سؤال سخيف بالطبع !! .. سأتزوج ممن أريد أن أتزوج به .. سأتزوج بمن أجد فيه معظم الصفات التي أتمناها .. سأتزوجه على الفور .. على الفور .. لن أنتظر هنا كبضاعة فاسدة حتى يأتي من يختارني لأسباب أجهلها وربما تكون أسباب شاذة .. وضعت خطة تحافظ بها على كرامتها كأنثى وعلى رغبتها في تكوين أسرة لايمكن أن تكون حكراً فقط على اختيار الرجل .. الآن هي حكر أيضاً على المرأة .. كان زميلاً لها في المرحلة الثانوية .. تعرفه جيداً .. عاد لتوه من من انجلترا بعد ثمانية أعوام درس فيها الطب .. كان مرتبكاً قليلاً وهو يتجول بين المدعويين حين رمقته هي بعينيها .. بكي الطفل النائم بجوارها .. مدت يدها فوق صدره ليطمئن ويهدأ ويعود لنومه .. نظرت للطفل .. نظرت للرجل الذي يغرق في النوم بجوارهما .. سبحان الله .. الحفيد يشبه جده تماماً .. ربما هذا الشبه هو ماجعله يصر على أن ينام بينهما كما كانا يفعلان بأمه وهي في مثل سنه .. ستعود غداً لتصحبه إلى المنزل بعد عودتها من رحلة العمل في المحافظة الساحلية .. نظرت مرة أخرى لزوجها الغارق في النوم بجوار حفيده وهي تبتسم متمتمة: ماأروع هذا الرجل الذي اخترته بنفسي وتزوجته برغبتي وأحبه الآن أكثر من محبتي لذاتي .. أغلقت ألبوم الصور .. وضعته فوق ( الكومودينو ) أغلقت نور ( الأباجورة ) .. سمعت شخيراً مفاجئاً من زوجها فانزعجت لتضئ الأباجورة مرة أخرى وتطمئن على الحفيد .. وجدته في حضن جده يمص في اصبعه .. قالت بصوت مرتفع قليلاً قبل أن تطفئ النور مرة أخرى وتنام: كم احب هذان الرجلان.

غداً يحتفل به زملاء العمل لخروجه على المعاش .. لماذا هذه الطاقة السلبية التي يستشعرها في روحه؟ .. نظر في ألمرآة وهو يحلق ذقنه .. ثلاثون عاماً مضت كأنها سن رمح يمرق في الفراغ .. ثلاثون عاماً يذهب إلى مكتبه في الصباح كل يوم ليعمل .. ولكن ماذا كنت أعمل؟ .. لاشئ !! .. ثلاثون عاماً قضيتها في الثرثرة وقراءة الصحف واحتساء قهوة بحليب لاتقاضى مرتبي على ذلك كل أول شهر .. لم أفعل شيئاً .. ياإلهي !! .. أنا بالفعل لم أفعل شيئاً !! .. هرب العمر مني وأنا أثرثر وأتصفح أخبار الحوادث واتقاضى راتب !! .. هل يمكن أن يحيا الإنسان عمره داخل كذبة بإرادته الحرة ؟ .. وهل للكذبة إرادة حرة ؟ .. نظر لنفسه في المرآه بأسى وهو يسألها: هل أنت فخور الآن بثلاثين عاماً ضاعت منك بارادتك الحرة؟ .. تمنى لو عاد الزمن للوراء .. شعر بانهيار .. تمدد على السرير .. غاب في نوم مؤلم .. انتفض في الصباح على صوت زوجته تنبهه أن ابنهما عادل سيذهب يومه الأول في ( الحضانة ) وعليهما ألا يتأخرا على مواعيد العمل .. عادل ؟ .. حضانة ؟ .. عادل مهندس في دبي منذ تسع سنوات !! .. من هذه المرأة الشابة التي تنام بجواري ؟ .. قفز من السرير خائفاً ومرعوباً .. صادفته مرآة غرفة النوم وهو يقفز فصرخ صرخة كادت تفطر قلبه .. من هذا؟ .. تسمر أمام المرآة .. تفحص وجهه جيداً .. لقد عاد الزمن ثلاثين عاماً للخلف .. أووه ياإلهي .. لقد عدت شاباً .. شاباً .. شاباً .. وصل لمكتبه في تمام الثامنة صباحاً بعد أن اطمئن على ارسال عادل ابنه للحضانة .. فتح موضوع العلاوة السنوية مع زملاء العمل وأخذ يثرثر ويصيح بينما في يدة جريدة الصباح على صفحة اخبار الحوادث وبين الحين والحين ( يزعق ) وهو يسب الفراش لتأخرة في احضار القهوة بحليب قبل ان يحين موعد انصرافه من العمل!!

أعطته خصله من شعرها حفظتها بعناية بين ورقتي وردة ليحتفظ بها في غربته ويتذكرها وحدها للأبد .. أخذ الخصلة في رقة .. وضع قبلة دافئة على راحة يدها ومسح دمعة نقية هربت في لحظة الوداع .. وضع خصلتها في حقيبة سفره بجوار عشرات الخصلات الأخرى .. رحل بنعومة لا يتذكر من صاحبات الخصلات أي واحدة منهن !!

حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد هي آخر صورة في ألبوم الصور القديم الذي تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

قاومت الحياة في إنتظار أن يعود إليها بكل الحياة .. ( عاد ) .. فعرفت أنه استلب حياتها بلا مقابل منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها أن تنتظره !!

رأى في منامه أنها ( تخونه ) فظل يراقبها .. حتى إكتشفت خيانته !!

الجمعة، 4 مارس 2016

كثيرٌ من الفن .. قليلٌ عن السياسة

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر .. ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل ومن ثم الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!

• حياؤك يخصك أما وعيك فيخصني !!



• لا قيمة للسرعة حين احتواء المسافة !!



• المتعة .. إدراك الظاهر من الحضور .. واللذة .. إدراك الباطن من الغياب !!



• الزمن عدو شرس إن لم تستطع عقد هدنة معه .. كن حليفه !!



• ضياعك في النور .. وجود !!



• في الحب .. نصر .. وفي الكره .. تفرقك !!



• إن أخلصت فلنفسك حتى تشهد .. فإن شهدت .. كنت في صفر كونك وجود !!



• كلما حالفك الحظ في معرفة من تكون .. كن في معرفة الحظ حليفه !!



• العقل ( منطق ) حاضرك .. والقلب ( بصيرة ) حضورك !!



• في غفلة الحمقى .. كن وعياً !!



• الحياة فرصة واحدة فقط لمجازفة واحدة فقط إن لم تغتنمها .. يستعبدوك !!



• خسر قدرته على العفو فضاع رجاؤه !!



• ظل يغرد وحيداً .. حتى آمنت به الكلمات !!



• ظل طيلة حياته يرتب الأحرف ليصنع كلمة .. حين أتمها أدرك أنه على وشك الوجود !!



• ظل يردد العبارة كغيره ولا يعرف لها غاية .. حين عرف نفسه .. وعاها !!



• الفكرة عذراء عنيدة .. إن لم تٌلهمها وجودك .. ألهمها الوجود غيرك ولا تبالي !!



• وجود المتعة فاق معرفة اللذة .. بينما .. لذة المعرفة فاقت متعة الوجود



• لم يؤمن .. حتى رآها .. فغاب معها برفقة بقايا وعيه لعله ينتصر !!



• سكرة الكلمات وعي .. والإنتشاء بالعبارة تجلي.. والغياب في المعنى خلود !!



• دولة الخوف لا يعرفها الرخاء !!



• حين سألها عن إسمها أجابت: ( أنت ) .. فصار نوراً !!



• دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر.



• ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل.



• الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!



• من يعتلي القمة .. لا يرى القاع !!



• الطاغية لا تؤلمه إلا .. أصوات الحق !!



• ستظل ( نكرة ) حتى .. تنتفض !!



• إن رضيت بالطاغية .. لا يحق لك رفض ( كرباجه ) فوق ظهرك !!



• كاذب من ادعي الإيمان و بطنه جائع !!



• حتى الحركة حتى للخلف تحتاج ( محرك ) قوي !!



• فلتحب من تشاء .. إن لم يعد من تشاء .. يحب !!



• سرعة الحياة ( صفر ) تعني أنك .. ميت !!



• إن راودك الحب .. كن سفينة نوح .. بمن تحب !!



• لا تدعه يخدعك .. فلم يعد في العمر ( غفلة ) !!



• الحب بالكلمات .. لا يساوي نصف رغيف !!



• لا تدعها تفلت .. كلما سنحت لك الفرصة أن تموت عشقاً !!



• إن راودك العشق عن نفسه .. هيت له !!



• لا تدعيه يختلق من الفراغ كلمات العشق .. بينما أنت ملهمته !!



• في النسيان ( لذة ) التجديد !!



• ظل يحفر بأظافره نحو الشمس .. حتى مات وهو يسبح بحمد النور الذي أحبه !!



• حين تنفس النور من ( عينيها ) .. دخل الجنة !!



• أعمى .. بالعشق صار نوراً فأبصر !!



• إن لم تعشق أنثى ( عنيدة ومشاكسة ) فأنت لم تعرف العشق ولم تذق حلاوته !!



• العشق بوابة الفرح والفرح بوابة الوصول والوصول بوابة وجودك في نقطة النور .. إن عشقت تشبث بالعفو في غاية المحبوب تنعم بمذاق محبته !!



• ظل يلاحقها حتى ظنت أنه العشق وحين إقتربت بحذر .. تلاشى .. فأدركت أن زمن الفروسية لم يحن بعد !!



• حين أعلن عن نفسه بفرح .. قطعوا شريانه .. فرسم بدمائه ( وردة ) !!



• حين نظن أننا مختلفون تخاطبنا الشجرة أن لا فرع فيها .. مختلف !!



• لا تتعجل الإجابة ففي السؤال دائما ما تكمن متعة .. وجودك !!






• إذا كان السؤال ( إمرأة ) فمستحيل أن تكون الإجابة .. رجل !!

"رباعيـــــــــــات من نافذة الحكاية" 

أنا قلبي لو مش جدع كان اتمزع م .. الخوف
بيشوف تمللي الحقايق وياريته ما .. بيشوف
نصحته يوم يتغاضى .. بعض التغاضي عبادة
قال وازاي أسيب البلادة تلعب على .. المكشوف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خَدني وقال هسجنك مادمت لسة .. حمار
كل البهايم عَدت على طايفة .. الشُطار
حتى القرود ع الحبل .. والنطاطين والهُبل
أنا قلت سجن وعقل ولا يلاحقني .. العار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو مَلْ قلبك م السياسة .. إعمل عبيط
واخلع التوب المشاكس قبل ما .. يرموك في غيط
وإن خانوك في الضهر لأحمر .. إوعى تكفر
بكرة سكر .. للي بس .. يمشي جوة أي حيط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حاول تبص ع الدنيا بعين طيبة .. بتحب
وأحذر من اللي بيعشق طلتك .. بالكدب
دا الغُلب في الحياة للي ضميره تاه
أما اللي ( عفوه ) معاه لازمن يعوم .. ويقب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو منحوك الدهب ذهب الدهب .. بالملوك 
يا وطننا ليك العجب مملوك ورا .. مملوك
وإن حكموك ياظلم تيجي يوم .. وتتكلم
هيقول آجي ايه أنا يابشر دنا وسط ظلمكم .. صعلوك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رحت لديوان المظالم يمكن ألاقي .. مغيث
تاري الديوان مملكة سلطانها مين ؟ .. إبليس
قعدت فوق الرصيف .. أحلم بنص رغيف
سرقوا الرغيف م الحلم ورموني للكوابيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على كل لون اترسم وشك يابو .. وشين
فين طب لون الكرامة تتلونه .. ياحزين
قاللي الزمن ده كده .. معدتش فيه الرضا
ومنين نجيب الهدى في عالم الـ .. مجانين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا الحنش ف الجُحر خليك هنا .. ياولداه
وإن كنت فاكره يصاحبك يبقى انت عقلك .. تاه 
قام قال دنا مربيه .. ومعلمه وقاريه
ولما راح يخاويه أكله الحنش .. ف عشاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا إن عشقت اعشق قمر فضحكت .. خخ
قالوا أن سرقت أسرق جمل أنا قلت .. أخ
اشجاب لجاب العشق لسريقة الجمل .. قال محتمل 
إيه العمل مادمنا ياصاحبي فوطن عايشين ف .. فخ

كثيرٌ من الفن .. قليلٌ عن السياسة

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر .. ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل ومن ثم الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!

• حياؤك يخصك أما وعيك فيخصني !!



• لا قيمة للسرعة حين احتواء المسافة !!



• المتعة .. إدراك الظاهر من الحضور .. واللذة .. إدراك الباطن من الغياب !!



• الزمن عدو شرس إن لم تستطع عقد هدنة معه .. كن حليفه !!



• ضياعك في النور .. وجود !!



• في الحب .. نصر .. وفي الكره .. تفرقك !!



• إن أخلصت فلنفسك حتى تشهد .. فإن شهدت .. كنت في صفر كونك وجود !!



• كلما حالفك الحظ في معرفة من تكون .. كن في معرفة الحظ حليفه !!



• العقل ( منطق ) حاضرك .. والقلب ( بصيرة ) حضورك !!



• في غفلة الحمقى .. كن وعياً !!



• الحياة فرصة واحدة فقط لمجازفة واحدة فقط إن لم تغتنمها .. يستعبدوك !!



• خسر قدرته على العفو فضاع رجاؤه !!



• ظل يغرد وحيداً .. حتى آمنت به الكلمات !!



• ظل طيلة حياته يرتب الأحرف ليصنع كلمة .. حين أتمها أدرك أنه على وشك الوجود !!



• ظل يردد العبارة كغيره ولا يعرف لها غاية .. حين عرف نفسه .. وعاها !!



• الفكرة عذراء عنيدة .. إن لم تٌلهمها وجودك .. ألهمها الوجود غيرك ولا تبالي !!



• وجود المتعة فاق معرفة اللذة .. بينما .. لذة المعرفة فاقت متعة الوجود



• لم يؤمن .. حتى رآها .. فغاب معها برفقة بقايا وعيه لعله ينتصر !!



• سكرة الكلمات وعي .. والإنتشاء بالعبارة تجلي.. والغياب في المعنى خلود !!



• دولة الخوف لا يعرفها الرخاء !!



• حين سألها عن إسمها أجابت: ( أنت ) .. فصار نوراً !!



• دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر.



• ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل.



• الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!



• من يعتلي القمة .. لا يرى القاع !!



• الطاغية لا تؤلمه إلا .. أصوات الحق !!



• ستظل ( نكرة ) حتى .. تنتفض !!



• إن رضيت بالطاغية .. لا يحق لك رفض ( كرباجه ) فوق ظهرك !!



• كاذب من ادعي الإيمان و بطنه جائع !!



• حتى الحركة حتى للخلف تحتاج ( محرك ) قوي !!



• فلتحب من تشاء .. إن لم يعد من تشاء .. يحب !!



• سرعة الحياة ( صفر ) تعني أنك .. ميت !!



• إن راودك الحب .. كن سفينة نوح .. بمن تحب !!



• لا تدعه يخدعك .. فلم يعد في العمر ( غفلة ) !!



• الحب بالكلمات .. لا يساوي نصف رغيف !!



• لا تدعها تفلت .. كلما سنحت لك الفرصة أن تموت عشقاً !!



• إن راودك العشق عن نفسه .. هيت له !!



• لا تدعيه يختلق من الفراغ كلمات العشق .. بينما أنت ملهمته !!



• في النسيان ( لذة ) التجديد !!



• ظل يحفر بأظافره نحو الشمس .. حتى مات وهو يسبح بحمد النور الذي أحبه !!



• حين تنفس النور من ( عينيها ) .. دخل الجنة !!



• أعمى .. بالعشق صار نوراً فأبصر !!



• إن لم تعشق أنثى ( عنيدة ومشاكسة ) فأنت لم تعرف العشق ولم تذق حلاوته !!



• العشق بوابة الفرح والفرح بوابة الوصول والوصول بوابة وجودك في نقطة النور .. إن عشقت تشبث بالعفو في غاية المحبوب تنعم بمذاق محبته !!



• ظل يلاحقها حتى ظنت أنه العشق وحين إقتربت بحذر .. تلاشى .. فأدركت أن زمن الفروسية لم يحن بعد !!



• حين أعلن عن نفسه بفرح .. قطعوا شريانه .. فرسم بدمائه ( وردة ) !!



• حين نظن أننا مختلفون تخاطبنا الشجرة أن لا فرع فيها .. مختلف !!



• لا تتعجل الإجابة ففي السؤال دائما ما تكمن متعة .. وجودك !!






• إذا كان السؤال ( إمرأة ) فمستحيل أن تكون الإجابة .. رجل !!

"رباعيـــــــــــات من نافذة الحكاية" 

أنا قلبي لو مش جدع كان اتمزع م .. الخوف
بيشوف تمللي الحقايق وياريته ما .. بيشوف
نصحته يوم يتغاضى .. بعض التغاضي عبادة
قال وازاي أسيب البلادة تلعب على .. المكشوف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خَدني وقال هسجنك مادمت لسة .. حمار
كل البهايم عَدت على طايفة .. الشُطار
حتى القرود ع الحبل .. والنطاطين والهُبل
أنا قلت سجن وعقل ولا يلاحقني .. العار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو مَلْ قلبك م السياسة .. إعمل عبيط
واخلع التوب المشاكس قبل ما .. يرموك في غيط
وإن خانوك في الضهر لأحمر .. إوعى تكفر
بكرة سكر .. للي بس .. يمشي جوة أي حيط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حاول تبص ع الدنيا بعين طيبة .. بتحب
وأحذر من اللي بيعشق طلتك .. بالكدب
دا الغُلب في الحياة للي ضميره تاه
أما اللي ( عفوه ) معاه لازمن يعوم .. ويقب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو منحوك الدهب ذهب الدهب .. بالملوك 
يا وطننا ليك العجب مملوك ورا .. مملوك
وإن حكموك ياظلم تيجي يوم .. وتتكلم
هيقول آجي ايه أنا يابشر دنا وسط ظلمكم .. صعلوك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رحت لديوان المظالم يمكن ألاقي .. مغيث
تاري الديوان مملكة سلطانها مين ؟ .. إبليس
قعدت فوق الرصيف .. أحلم بنص رغيف
سرقوا الرغيف م الحلم ورموني للكوابيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على كل لون اترسم وشك يابو .. وشين
فين طب لون الكرامة تتلونه .. ياحزين
قاللي الزمن ده كده .. معدتش فيه الرضا
ومنين نجيب الهدى في عالم الـ .. مجانين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا الحنش ف الجُحر خليك هنا .. ياولداه
وإن كنت فاكره يصاحبك يبقى انت عقلك .. تاه 
قام قال دنا مربيه .. ومعلمه وقاريه
ولما راح يخاويه أكله الحنش .. ف عشاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا إن عشقت اعشق قمر فضحكت .. خخ
قالوا أن سرقت أسرق جمل أنا قلت .. أخ
اشجاب لجاب العشق لسريقة الجمل .. قال محتمل 
إيه العمل مادمنا ياصاحبي فوطن عايشين ف .. فخ

الأحد، 28 فبراير 2016

على ناصية الشارع

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ 



في احدي معارض القاهرة للفنون رأى نفسه مرسوما في أحدى اللوحات .. واقفا خلف نافذة منزل يراه دوما في احلامه .. هذه الشجرة ! .. هذا الطريق ! .. الفتاه التي تقود الدراجة ! .. كل هؤلاء يعرفهم جيدا .. لكن .. لكن أين؟ من اين جاء الرسام بكل تلك التفاصيل؟ وأين عاش هو كل تلك التفاصيل التي يشعر كما لو كانت أمس؟ هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ حاول أن يقرأ اسم الفنان ولكنه لم يتمكن من نطق الاسم صحيحا .. همس في أذنه شاب بأنها لوحة لفنان مات منذ مائة وخمسين عاما وهذه صورة زيتية له رسمها صديقة قبل وفاته بعامين .. نظر للوجه .. دقق النظر .. حينها ادرك الشاب حجم الدهشة في عيني الرجل فهمس في أذنه مرة أخرى بالسر الذي لايخفى على أحد ولكنه حتي الآن لا يصدقه حتى بعدأن اصطحبه لمقبرة تحوي قبرا يعلوه شاهد وهنا قال له الشاب: هذا انت .. منذ ١٢ فبراير عام ١٨٥٧ ؟؟!!



على ناصية الشارع

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ 



في احدي معارض القاهرة للفنون رأى نفسه مرسوما في أحدى اللوحات .. واقفا خلف نافذة منزل يراه دوما في احلامه .. هذه الشجرة ! .. هذا الطريق ! .. الفتاه التي تقود الدراجة ! .. كل هؤلاء يعرفهم جيدا .. لكن .. لكن أين؟ من اين جاء الرسام بكل تلك التفاصيل؟ وأين عاش هو كل تلك التفاصيل التي يشعر كما لو كانت أمس؟ هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ حاول أن يقرأ اسم الفنان ولكنه لم يتمكن من نطق الاسم صحيحا .. همس في أذنه شاب بأنها لوحة لفنان مات منذ مائة وخمسين عاما وهذه صورة زيتية له رسمها صديقة قبل وفاته بعامين .. نظر للوجه .. دقق النظر .. حينها ادرك الشاب حجم الدهشة في عيني الرجل فهمس في أذنه مرة أخرى بالسر الذي لايخفى على أحد ولكنه حتي الآن لا يصدقه حتى بعدأن اصطحبه لمقبرة تحوي قبرا يعلوه شاهد وهنا قال له الشاب: هذا انت .. منذ ١٢ فبراير عام ١٨٥٧ ؟؟!!



السبت، 27 فبراير 2016

الحب في زمن الغضب - رواية قصيرة جداً

بقلم محيي الدين إبراهيم
لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. فقررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها.



يوليو .. 18 .. الساعة السادسة .. ينظر إليها العجوز من بعيد بينما يضع الدخان في فوهة ( الغليون ) قبل أن يشعله ويدخن يبطئ ليتأملها وهي شاردة تنظر في الفراغ .. كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها برجل .. المرة الأولى التي يداعب فيها رجل خصلات شعرها بأنامله .. كادت أن تتوقف عن التنفس من شدة الخوف .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها من شدة الارتباك بينما هو يضحك مندهشاً ومحاولاً التودد لها بالمصالحة وأن لا يفعلها معها ثانية .. لن أداعب شعرك ثانية .. بل سأجلس على بعد مترين منك مادمت هكذا .. تضحك هي الأخرى .. تلكزة في كتفه من الغيظ وهي في قرارة نفسها تكاد تنفجر من السعادة .. لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. قررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها .. عملت في مصنع ( الجوت ) بشبرا الخيمة بأجر زهيد في صناعة أجولة ( الخيش ) حتى تم بيعه لأحد المستثمرين كأرض فضاء بنى عليها أبراج سكنية ليتم فصلها هي و كل العمال دون رحمة عام 2001 .. الحياة لا تعطي كل شئ .. لكنها كأم اختارت أن تعمل كخادمة في البيوت لتنفق على ابنتها التي لم تبلغ سنها العاشرة بعد .. لم تعرف رجلاً بعد زوجها الهارب .. لم يدخل منزلها رجل واحد منذ أن هجرهما و ( طفش ) حتى جاء الشيخ رجب .. كان رئيس وردية في مصنع الخيش .. يعلم حكايتها تماماً ويعتبرها كأبنته .. كفر الشيخ هي الحل .. هناك مصنع سجاد يحتاج لعاملات ذوي خبرة ومرتب محترم .. مرة ونصف ما كانت تتقاضاه في مصنع الخيش .. لم يعد لها وأبنتها في القاهرة ما يدفعهما للبقاء فيها .. تتنهد .. كانت سنتها الثانية في كلية التجارة حين زارت أمها في مصنع السجاد لأول مرة .. كانت تنتظرها في غرفة العاملات بالمصنع حتى تنتهي من ورديتها حين سمعت صوتاً عالياً يصيح بالخارج منادياً على احداهن ويدفع الباب بقدمه ليجدها أمامه فيتسمر في مكانه وكأنه ابتلع لسانه .. مهندساً وسيماً ويبدو من مظهره أنه لا يهوى المشاكل رغم صوته العالي الذي رأته فيه أول مرة .. لا تعرف كيف وافقت على أن يتحدث معها ساعتين كاملتين حينما زارها فجأة في كلية التجارة .. إنه جرئ جداً .. وكان كل خمس دقائق يهدئ من روعها الذي كادت بسببه وبسبب عيون زميلاتها اللواتي فجأة لم تغب منهن واحدة أن تنهار .. تنهار تماماً .. هذا بخلاف أنها لم تستطع أن تفتح فمها معه طيلة الساعتين .. فقط هو يتكلم .. فقط هو يحمل عذوبة في كلماته .. فقط هو .. لقد تأخرت كثيراً عن أمها وعليها الرحيل للمنزل الآن .. عام كامل يذهب للجامعة كي يراها ويتحدث معها في كل شئ .. كانت الأجازة الصيفية بالنسبة له كالمعتقل حيث تمنعها أمها من الخروج تماماً .. كان يحتال أحياناً على الأم بعمل حفلة للعمال يأتون فيها بأبنائهن بين الحين والآخر .. لكن هذه الحفلات لم تكن تروي ظمأ عشقه .. أصر يوم ظهور النتيجة أن يأخذها في رحلة على دراجته البخارية .. صرخت بأن ذلك لن يحدث .. لن يحدث .. ولكنها لم تشعر بأنها انثى إلا وهي تحتضن خاصرته وتضع رأسها فوق كتفه بينما يقود دراجته في شوارع مدينة كفر الشيخ التي تكاد تراها لأول مرة حتى توقفا هنا .. 18 يوليو الساعة السادسة عام 2010 .. أجلسها بجواره وحين نظرت اليه وهي خائفة وجدت عجوزاً يدخن غليوناً في هدوء ويتأملهما في تأني .. خافت .. تشك أن يكون العجوز على معرفة بأمها .. تريد أن ترحل الآن .. الآن .. لكنه طمأنها .. أقترب منها .. داعب خصلات شعرها بأنامله .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها .. سينهي رسالة الماجيستير خلال عام ثم تكون زوجته .. سيعلن للعالم كله أنه الرجل الوحيد في العالم الذي حظى بالسعادة في هذا الوجود .. قام من جوارها .. سحبها من يدها .. قفز .. صرخ .. دار بها في المكان .. ليس على العاشق حرج .. هكذا قالها العجوز وهو يراهما ويبتسم بين دخان غليونه .. خرجت الجموع بعشرات الآلاف غاضبة .. عيش حرية عدالة اجتماعية .. يسقط يسقط حكم الظلمة .. ظلت تجري وسط الجموع باحثة عنه .. كان يؤمن بأن هذا الشعب يستحق حياة أفضل .. ظلت تبحث عنه .. لم تكن ملامحة بين الجموع .. اختفى .. أفاقت على صوته وهو يداعبها وفي يده زجاجتي مياة غازية .. لقد غابت عن الوعي .. غابت تماماً .. نظرت في عين زوجها معتذرة .. دعنا لا نأتي هذا المكان مرة أخرى .. كانت على وشك ولادة مولودهما الأول .. استعادة الذكرى خيانة هكذا راودتها هذه العبارة وهي تسير متثاقلة بجوار زوجها .. لن تخون زوجها حتى بمجرد استعادة ذكرى أول حب في حياتها .. لن تعود لهذا المكان الذي أضيئت أنوثتها فيه لأول مرة .. من مات سيظل في أعماق الروح سراً من أسرارها .. أما من هو على قيد الحياة فمن حقه أن ينعم بزوجة لا تسترجع ذكرى حبها القديم ولو سراً .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. فتح باب سيارته وهو يعدها .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. كانت السيارة تقلهما عائدة بينما العجوز وسط دخان غليونه ينظر في اتجاههما حتى تلاشيا عن الأنظار.


الحب في زمن الغضب - رواية قصيرة جداً

بقلم محيي الدين إبراهيم
لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. فقررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها.



يوليو .. 18 .. الساعة السادسة .. ينظر إليها العجوز من بعيد بينما يضع الدخان في فوهة ( الغليون ) قبل أن يشعله ويدخن يبطئ ليتأملها وهي شاردة تنظر في الفراغ .. كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها برجل .. المرة الأولى التي يداعب فيها رجل خصلات شعرها بأنامله .. كادت أن تتوقف عن التنفس من شدة الخوف .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها من شدة الارتباك بينما هو يضحك مندهشاً ومحاولاً التودد لها بالمصالحة وأن لا يفعلها معها ثانية .. لن أداعب شعرك ثانية .. بل سأجلس على بعد مترين منك مادمت هكذا .. تضحك هي الأخرى .. تلكزة في كتفه من الغيظ وهي في قرارة نفسها تكاد تنفجر من السعادة .. لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. قررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها .. عملت في مصنع ( الجوت ) بشبرا الخيمة بأجر زهيد في صناعة أجولة ( الخيش ) حتى تم بيعه لأحد المستثمرين كأرض فضاء بنى عليها أبراج سكنية ليتم فصلها هي و كل العمال دون رحمة عام 2001 .. الحياة لا تعطي كل شئ .. لكنها كأم اختارت أن تعمل كخادمة في البيوت لتنفق على ابنتها التي لم تبلغ سنها العاشرة بعد .. لم تعرف رجلاً بعد زوجها الهارب .. لم يدخل منزلها رجل واحد منذ أن هجرهما و ( طفش ) حتى جاء الشيخ رجب .. كان رئيس وردية في مصنع الخيش .. يعلم حكايتها تماماً ويعتبرها كأبنته .. كفر الشيخ هي الحل .. هناك مصنع سجاد يحتاج لعاملات ذوي خبرة ومرتب محترم .. مرة ونصف ما كانت تتقاضاه في مصنع الخيش .. لم يعد لها وأبنتها في القاهرة ما يدفعهما للبقاء فيها .. تتنهد .. كانت سنتها الثانية في كلية التجارة حين زارت أمها في مصنع السجاد لأول مرة .. كانت تنتظرها في غرفة العاملات بالمصنع حتى تنتهي من ورديتها حين سمعت صوتاً عالياً يصيح بالخارج منادياً على احداهن ويدفع الباب بقدمه ليجدها أمامه فيتسمر في مكانه وكأنه ابتلع لسانه .. مهندساً وسيماً ويبدو من مظهره أنه لا يهوى المشاكل رغم صوته العالي الذي رأته فيه أول مرة .. لا تعرف كيف وافقت على أن يتحدث معها ساعتين كاملتين حينما زارها فجأة في كلية التجارة .. إنه جرئ جداً .. وكان كل خمس دقائق يهدئ من روعها الذي كادت بسببه وبسبب عيون زميلاتها اللواتي فجأة لم تغب منهن واحدة أن تنهار .. تنهار تماماً .. هذا بخلاف أنها لم تستطع أن تفتح فمها معه طيلة الساعتين .. فقط هو يتكلم .. فقط هو يحمل عذوبة في كلماته .. فقط هو .. لقد تأخرت كثيراً عن أمها وعليها الرحيل للمنزل الآن .. عام كامل يذهب للجامعة كي يراها ويتحدث معها في كل شئ .. كانت الأجازة الصيفية بالنسبة له كالمعتقل حيث تمنعها أمها من الخروج تماماً .. كان يحتال أحياناً على الأم بعمل حفلة للعمال يأتون فيها بأبنائهن بين الحين والآخر .. لكن هذه الحفلات لم تكن تروي ظمأ عشقه .. أصر يوم ظهور النتيجة أن يأخذها في رحلة على دراجته البخارية .. صرخت بأن ذلك لن يحدث .. لن يحدث .. ولكنها لم تشعر بأنها انثى إلا وهي تحتضن خاصرته وتضع رأسها فوق كتفه بينما يقود دراجته في شوارع مدينة كفر الشيخ التي تكاد تراها لأول مرة حتى توقفا هنا .. 18 يوليو الساعة السادسة عام 2010 .. أجلسها بجواره وحين نظرت اليه وهي خائفة وجدت عجوزاً يدخن غليوناً في هدوء ويتأملهما في تأني .. خافت .. تشك أن يكون العجوز على معرفة بأمها .. تريد أن ترحل الآن .. الآن .. لكنه طمأنها .. أقترب منها .. داعب خصلات شعرها بأنامله .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها .. سينهي رسالة الماجيستير خلال عام ثم تكون زوجته .. سيعلن للعالم كله أنه الرجل الوحيد في العالم الذي حظى بالسعادة في هذا الوجود .. قام من جوارها .. سحبها من يدها .. قفز .. صرخ .. دار بها في المكان .. ليس على العاشق حرج .. هكذا قالها العجوز وهو يراهما ويبتسم بين دخان غليونه .. خرجت الجموع بعشرات الآلاف غاضبة .. عيش حرية عدالة اجتماعية .. يسقط يسقط حكم الظلمة .. ظلت تجري وسط الجموع باحثة عنه .. كان يؤمن بأن هذا الشعب يستحق حياة أفضل .. ظلت تبحث عنه .. لم تكن ملامحة بين الجموع .. اختفى .. أفاقت على صوته وهو يداعبها وفي يده زجاجتي مياة غازية .. لقد غابت عن الوعي .. غابت تماماً .. نظرت في عين زوجها معتذرة .. دعنا لا نأتي هذا المكان مرة أخرى .. كانت على وشك ولادة مولودهما الأول .. استعادة الذكرى خيانة هكذا راودتها هذه العبارة وهي تسير متثاقلة بجوار زوجها .. لن تخون زوجها حتى بمجرد استعادة ذكرى أول حب في حياتها .. لن تعود لهذا المكان الذي أضيئت أنوثتها فيه لأول مرة .. من مات سيظل في أعماق الروح سراً من أسرارها .. أما من هو على قيد الحياة فمن حقه أن ينعم بزوجة لا تسترجع ذكرى حبها القديم ولو سراً .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. فتح باب سيارته وهو يعدها .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. كانت السيارة تقلهما عائدة بينما العجوز وسط دخان غليونه ينظر في اتجاههما حتى تلاشيا عن الأنظار.


عُمر بن الخطاب .. إمام المظلومين

بقلم محيي الدين إبراهيم
قالوا إذا نقتله، قال: أأقتل إنسانا بالظن ؟ لاوالله، أألقى الله وفي رقبتي دم بالظن ؟ والله لا أفعلها، قالوا غدا ننفيه، قال : أأظلم إنسانا وأخرجه من أرض هو فيها لظني أنه قاتلي ؟، لو كان الله يريد ذلك فإن أمر الله كان قدرا مقدورا، رفض عمر من عمق ورعه وشدة إيمانه أن يحكم على ( كافر ) بالظن فيقتله أو ينفيه، رفض عمر أن يحمل وزر ( الظلم ) في حكمه ولو كان على ( كافرٍ ) مخافة ربه سبحانه وتعالى. 


بقلم: محيي الدين إبراهيم
"أبحث عن رجل إذا كان في القوم وليس أميرهم، كان كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم، لم يشعروا أنه أميرهم .. والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً؛ لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه" هذه بعض كلمات عمر بن الخطاب للناس، كلمات تصور عمق شخصيته كإنسان وصحابي وخليفة، إنسان زاهد وصحابي ورع وخليفة عادل.
كان عمر بن الخطاب رجلاً أيسر ( أشول )، طويل، يفوق الناس طولا، أبيض، أصلع، أشيب، شديد حمرة العين، وفي عارضه خفة، سبلته كثيرة الشعر في أطرافها صهبة، على فخذه شامة سوداء، قليل الضحك، لا يمازح أحدا، مقبلا على شأنه، له هيبة حتى أن عبد الله بن جبير، قال: أنه سمع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يحدث قال: مكثت سنة، و أنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، عن آية فلا أستطيع أن أسأله، هيبة، ويحدثنا في زهده رغم أنه أمير المؤمنين وتحت يده أموال بيت مال المسلمين كلها يحدثنا نافع عن ابن عباس رضي الله عنهما، و كان يحضر له الطعام فيقول: كانت له كل يوم، إحدى عشرة لقمة، إلى مثلها من الغد.
قال عنه الدكتور مايكل هارت مؤلف كتاب "أعظم عظماء التاريخ": (إن مآثر عمر مؤثره حقا، فقد كان شخصية رئيسية في انتشار الإسلام)، وقال عنه الكاتب الألماني وايزمر في كتابه "دراسة في تسامح محمد وخلفائه الذين جاءوا بعده": (عندما تسلم عمر كرسي الخلافة قطع وعدا بحكم عادل نزيه وقال: "والله ما فيكم أحداً أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه" وقد تطبق ما قال بالضبط على أرض الواقع، أما المفكر والكاتب البريطاني توماس أرنولد فقال عنه في كتابه "دعوة الإسلام": ( إن إسلام عمر كان نقطة تحول في تاريخ الإسلام .حيث تمكن المسلمين من اتخاذ مواقف أكثر جرأة وخرج النبي من دار الأرقم وتمكن المسلمين من أداء عباداتهم علنا وجماعة حول الكعبة)، ولعل المدهش فيما صدر عن الموسوعة البريطانية عام 2009 عن عمر: (لقد تحولت الدولة الإسلامية في عصر عمر من إمارة عربية إلى قوة عالمية، وخلال هذه الفتوحات الرائعة وضعت سياسة عمر المنضبطة جدا المبادئ لإدارة البلدان المفتوحة,وان تركيبة الإمبراطورية الإسلامية التي قد حكمت بعده بما تتضمنه من خبرة قانونية يعود الفضل بوجودها إليه).
صاحب عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازمه في كل خطواته ولم يتركه لحظة واحدة منذ أن أشهر إسلامه وحتى وفاة الرسول الكريم، ومن ثم تأمل الرسول بعمق المؤمن، تعلم منه، تتلمذ على يديه، عاش عظمة نبوته، حتى صار بعد أن أصبح خليفة للمسلمين مدة عشر سنوات وستة أشهر وأربعة أيام، الفاروق في عدله بين الرعية .. وصار حتى يومنا هذا إمام المظلومين.
لا ندري لماذا فضله الله سبحانه وتعالى على عمرو بن هشام في الهداية للإسلام حين دعا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ربه بأن ( يعز ) الإسلام بأحد العمرين، عمرو بن هشام أو عمر بن الخطاب فكانت حكمة الله في اسلام عمر بن الخطاب وهدايته رغم أن كلا منهما – بن هشام وأبن الخطاب – رغم ثقافتهما وقدرتهما على القراءة والكتابة واستجلاب المعرفة جبارين في الجاهلية وبنفس القدر من قوة الغضب حتى أن عمرو بن هشام كان لقبه وقتذاك ( أبو جهل ) التي تعني ( سيد الغضب ) وكان عمر بن الخطاب يُعرف بجبروته، وحيث كان العرب حينها يفخرون بإطلاق هذه المسميات ( العنيفة ) التي من شأنها إضفاء ( وابلاً ) من الهيبة على شخصياتهم بين الناس، كان هناك سر ( إنساني ) في أعماق عمر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى جعل الله يختاره هو ليعز الإسلام – وقد أفلح عمر في ذلك - ولا يختار أبا جهل.
كان عام ( الرمادة ) هو عام اختبار حقيقي للخليفة عمر بن الخطاب في حكمه وعدله أثناء توليه أمر الخلافة بعد أبو بكر الصديق رضوان الله عليهم جميعاً، حيث كان في هذا العام جدب عم أرض الحجاز، وخاصة المدينة وما حولها في آخر سنة سبع عشرة ، وأول سنة ثماني عشرة ، وجاع الناس جوعا شديدا وكانوا يتساقطون موتاً من شدة الجوع والبلاء، واسودت الأرض من قلة المطر، حتى عاد لونها شبيها بالرماد، هذا بجانب تفشي طاعون "عمواس" الذي قال فيه "الواقدي" : هذا الطاعون منسوب إلى بلد صغيرة يقال لها : "عمواس" وهي بين القدس والرملة ، لأنها كانت أول ما نجم عنها هذا الداء، ثم انتشر في الشام ومنها لجزيرة العرب فنسب إليها، وقد توفي في طاعون "عمواس" من المسلمين بالشام وحدها خمسة وعشرون ألفا، أو ثلاثون ألفا، وبالرغم من ذلك لم ييأس عمر من رحمة الله في فتنة " الرمادة " وطاعون "عمواس" ووطأة وشدة البلاء على الناس في فترة حكمه، استثمر كل موارد الدولة واللجوء إلى الأغنياء من عماله وشعبه من أجل طلب الغوث من الأقاليم عندما نفدت موارد بيت المال، ونفد ما عند أهل المدينة؛فكتب إلى أمراء الأمصار أن أغيثوا أهل المدينة ومن حولها، فإنه قد بلغ جهدهم، قال سيف بن عمر: «كتب عمر إلى أمراء الأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها، فكان أول من قدم عليه أبوعبيدة بن الجراح فى أربعة آلاف راحلة من طعام»، وروى ابن كثير: «فكتب عمر إلى أبى موسى بالبصرة أن يا غوثاه لأمة محمد، وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر: يا غوثاه لأمة محمد. فبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمة، ووصلت قوافل عمرو بن العاص فى البحر إلى جدة، ومن جدة إلى مكة»، وأيضاً أرسل إلى سعد بن أبى وقاص، فأرسل له بثلاثة آلاف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه بثلاثة آلاف عباءة، وإلى والى الشام، فأرسل إليه بألفى بعير تحمل الدقيق، كان مهموماً برعيته لدرجة أن اسودت بشرته من شدة الجوع وأكل الخبز والزيت وخدمة الناس للحد الذي وصل فيه لحمل الدقيق لهم فوق ظهره بل وقيامه بنفسه لطبخ الطعام لهم واطعامهم حتى يشبعون الامر الذي دفع على بن أبى طالب رضى الله عنه لأن يقول له: «عففت فعفوا يا أمير المؤمنين، ولو رتعت لرتعوا».
ومن عدله وورعه وإنسانيته أيضاً في الحكم ما ذكره الشيخ "شهاب الدين أحمد الأبشيهي" في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف" ما رواه أنس رضي الله عنه قال بينما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قاعد إذ جاءه رجل من أهل مصر فقال يا أمير المؤمنين هذا مقام العائذ بك فقال عمر رضي الله عنه لقد عذت بمجير فما شأنك فقال سابقت بفرسي ابنا لعمرو بن العاص وهو يومئذ أمير على مصر فجعل يقنعني بسوطه ويقول أنا ابن الأكرمين فبلغ ذلك عمرا أباه فخشي أن آتيك فحبسني في السجن فانفلت منه فهذا الحين أتيتك فكتب عمرو بن العاص إذا أتاك كتابي هذا فاشهد الموسم أنت وولدك فلان وقال للمصري أقم حتى يأتيك فأقام حتى قدم عمرو وشهد موسم الحج فلما قضى عمر الحج وهو قاعد مع الناس وعمرو بن العاص وابنه إلى جانبه قام المصري فرمي إليه عمر رضي الله عنه بالدرة قال أنس رضي الله عنه فلقد ضربة ونحن نشتهي أن يضربه فلم ينزع حتى أحببنا أن ينزع من كثرة ما ضربه وعمر يقول اضرب ابن الأكرمين قال يا أمير المؤمنين قد استوفيت واشتفيت قال ضعها على ضلع عمرو فقال يا أمير المؤمنين لقد ضربت الذي ضربني قال أما والله لو فعلت ما منعك أحد حتى تكون أنت الذي تنزع ثم أقبل على عمرو بن العاص وقال يا عمرو متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا فجعل عمرو يعتذر.
أما عن وفاة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أو اغتياله وهو قائم يصلي فمن المدهش أن عمر كان يعرف قاتله وأنه سيقتله، ففي ذات يوم كان يمشي وسط مجموعة من الصحابة ، فمر به أبو لؤلؤة المجوسي ، فقال له عمر مداعبا: سمعت أنك تستطيع أن تصنع رحى يتحدث بها الناس، حيث ظن الناس أنه سيخترع شيئا مثيرا، وهنا نظر إليهم عمر وقال : أسمعتم ؟؟.. إنه يتوعدني ، إنه يريد قتلي . فقالوا إذا نقتله، قال: أأقتل إنسانا بالظن ؟ لاوالله، أألقى الله وفي رقبتي دم بالظن ؟ والله لا أفعلها، قالوا غدا ننفيه، قال : أأظلم إنسانا وأخرجه من أرض هو فيها لظني أنه قاتلي ؟، لو كان الله يريد ذلك فإن أمر الله كان قدرا مقدورا، رفض عمر من عمق ورعه وشدة إيمانه أن يحكم على ( كافر ) بالظن فيقتله أو ينفيه، رفض عمر أن يحمل وزر ( الظلم ) في حكمه ولو كان على ( كافرٍ ) مخافة ربه سبحانه وتعالى.
يقول عمرو بن ميمون – أحد التابعين – حين أغتال أبو لؤلؤة المجوسي " عمر" حمله الناس إلى بيته فأغشي عليه ساعات طويلة ، وظنوه مات .. فدخل عبد الله بن عباس عليه وقال أنا أدري كيف يفيق عمر بن الخطاب، فقالوا: كيف يا ابن عباس، فقال: أعلنوا له أن موعد الصلاة حل، فوقفوا أمامه وقالوا الصلاة يا أمير المؤمنين، الصلاة يا أمير المؤمنين، المدهش أنه انتبه وأستفاق وقال: أأصلى بالناس؟ فقالوا نعم، قال: فوضئوني لأصلي، لكنه كان يغيب بعدها من وطأة الجرح ويُغشى عليه، حتى ظل ثلاثة أيام يفيق ثم يغشى عليه، وكان كلما أفاق يقول: الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني، ثم يسأل إبن عباس الذي لازمة طيلة فترة غيبوبته واستفاقته حتى مات: هل اتفق معه المسلمون يا إبن عباس؟ فيرد ابن عباس يا معشر المسلمين هل تآمر مع أبي لؤلؤة المجوسي أحد .فيقول المهاجرون والأنصار وهم يبكون : والله تمنينا أن نزيد "عمر" من أعمارنا ، فإن عمره نصرة للدين أما أعمارنا فستمضي، ولما إطمأن عمر في أن قتله ودمه لم يتورط فيهما مسلم قال لأبن عباس: إن كان أبو اللؤلؤة المجوسي مازال حيا فلا تمثلوا بجسده ، وإن كان مات فلا تمثلوا بجثته، نظر بعدها لأبن عباس وأسلم الروح.
مات عمر وفي خديه - خشية ربه - خطان أسودان من كثرة البكاء، مات عمر إذن، مات الذي كان إسلامه نصراً، وإمارته فتحاً، مات الذي قال فيه ابن عباس رضي الله عنه: و الله لقد ملأت الأرض عدلاً، ما من اثنين يختصمان إليك، إلاّ انتهيا إلى قولك، رحم الله عمر.