الجمعة، 11 مارس 2016

مصطفى النحاس يقود شعب مصر بثورة تطيح بأحلام الملك الديكتاتور فؤاد الأول

بقلم محيي الدين إبراهيم
هذه حكاية تحتوي على حادثة وانتصار من صفحات شعب مصر كان بطلها الزعيم مصطفى النحاس باشا بعد وفاة الملك فؤاد الأول وهي غير مدونة في كتب التاريخ ولكني عثرت عليها مصادفة في مكتبة اللواء سعيد مختار ابن مختار باشا كاتم اسرار الأمير محمد على أثناء حواري معه عام 2009 حتى ان هذه الحادثة خافية على كل الوفديين المعاصرين حالياً.

لم يلبث الملك أحمد فؤاد كثيراً بعد إقالة وزارة "توفيق نسيم" في 30 يناير من عام 1936 وحيث لم يعين حكومة اخرى بدلا منها لينفرد وحده بحكم مصر حتي تدهورت حالته الصحية ووافته المنية فجأة في 28 أبريل عام 1936م إثر مشادة عنيفة بينه وبين السير "مايلز لامبسون" المندوب السامي البريطاني بسبب أن السير "مايلز لامبسون" أعتبر الملك فؤاد ما عاد صديقا لإنجلترا كما كان وان فؤاد يميل الآن للشعب تحت ضغط حزب الوفد الذي يحاول اكمال بنود معاهدة 1936 التي بموجبها تحصل مصر على استقلالها، مات فؤاد في قصره بينما كان النحاس باشا يوقع بالأحرف الأولى في قصر الزعفران بالعباسية معاهدة 1936، مات فجأة هماً وكمداً وبوفاته الفجائية صارت مصر بين عشية وضحاها مملكة بلا حكومة وبلا برلمان وبلا ملك إذ كان فاروق حينها دون السن القانونية لاعتلاء عرش مصر.
ليس في مصر سوى مجموعة من الهلافيت أتي بهم فؤاد ليديروا شئون البلاد من خلاله ( قائمين بأعمال ) – كما فعل مبارك بمصر - ليتشفى فؤاد من خلالهم في حزب الوفد وفي النحاس باشا زعيم الوفد الذي يصر على طرد الإنجليز من داخل جدران قصر " خوشيار هانم " المسمى بقصر الزعفران ( جامعة عين شمس حالياً ) وحيث مصر كلها كانت في قبضته، مصير شعب مصر والسودان كله في قبضة طاغية، ولكن رغم كآبة المنظر كانت نقطة النور الوحيدة في ذلك المشهد الصعب هو أن مصر تمتلك دستوراً على الرغم من أنه كان دستورا يعظم الملك إذ أن الملك فؤاد بعد أن ناصب حزب الوفد ذا الشعبية العريضة العداء، وأدت مؤامراته لاستقالة وزارات مصطفي النحاس عدة مرات أتي بأكثر الوزارات بطشاً وهي وزارة اسماعيل صدقي باشا ليلغي بها دستور 1923 ويقوم بتفصيل دستور جديد يعظم به سلطاته وسلطات من سيأتي من بعده لذلك كان فؤاد أعظم ديكتاتور مصري شهده القرن العشرين.
في عهد فؤاد كان كل شيء جاهز لاغتصاب مصر مرة أخرى لصالح الإنجليز، لكن وفاته جعلت المصريين يستبشرون خيرا في مستقبلهم، ولكن فؤاد كان جبارا حتى بعد موته، فمستقبل مصر رغم الموت يتوقف على وصيته التي يحدد فيها الوصي على عرش مصر حتى يصل فاروق للسن القانونية التي حددها الدستور.
الكل مطمئن إلى أن الملك الراحل اختار أحد أفراد العائلة للوصاية على العرش، فالمصريون ليس من عاداتهم قبول شخص من خارج العائلة المالكة ليكون وصيا على العرش إذ أن الوصي دائما ما يكون في حكم الوالد ولن يطيق المصريون ان شخصاً غريبا حتى لو كان مصريا يدخل ويخرج على ملكة مصر هكذا بحجة وصايته على فاروق وكأنه زوجها، كان الشعب مطمئن الى أن الوصية لن تخرج عن اطار العائلة ولكن خيب الملك الراحل فؤاد الأول آمال المصريين ولم تكن الوصية كما توقعها الشعب.
كانت الوصية من ثلاث نسخ، نسخة في خزانة القصر ونسخة في خزانة الحكومة المنحلة ونسخة في خزانة البرلمان المنحل، وكان الأمير "محمد على" وهو رئيس مجلس العائلة المالكة آنذاك عليه مسئولية قراءة الوصية في حضور المتبقي من النظام السابق وهي حكومة "توفيق نسيم" التي اقيلت في شهر يناير السابق لوفاة فؤاد وحيث لا وجود للبرلمان.
جاءت وصية الملك فؤاد بتكليف احمد زيوار باشا ليكون وصيا على العرش، كارثة حلت على مصر وعلى نازلي، فأحمد زيوار باشا تربطه بالملك فؤاد ليس اواصر صداقة ولكن أواصر مؤامرة حينما نجح سعد زغلول في عمل دستور 1923 الذي اعطى الاستقلال لمصر واوشك على طرد الانجليز الذين يحتمي بهم الملك فؤاد بل وصار بمقتضاه رئيسا للوزارة في 28 يناير 1924 استشاط فؤاد غيظاً وكاد يموت من شدة القهر وحينها استعان بالمؤامرة مع الانجليز واحمد زيوار باشا في طرد سعد زغلول من الوزارة التي لم تستمر سوى بضعة شهور لتنتهي في 24 نوفمبر من نفس العام 1924 ويتولى احمد زيوار رئاسة الوزارة الجديدة في نفس اليوم ولمدة عامين كاملين وبرعاية بريطانية.
كان فؤاد يعلم أن وصاية احمد زيوار باشا على العرش لن تمكن الوفد صاحب الأغلبية الشعبية من الاستيلاء على الحكومة.
كان ولاء فؤاد للإنجليز عظيما حتى بعد وفاته.
ثار الشعب المصري في وجه الوصية، وذهبت الملكة نازلي إلى قصر المنيل لتجثو على ركبتيها باكية أمام الأمير محمد على رئيس مجلس العائلة المالكة في أنها لاتريد احمد زيوار باشا وصيا على فاروق.
في تلك الآثناء كان مصطفى النحاس باشا مهموما مع نخبة من رجالات مصر في التفاوض بشأن معاهدة 1936 بقصر الزعفران مع الانجليز ووفود عظيمة من سياسي الدول وقناصلها ولم يختلف غضبه عن غضب جموع المصريين.
بموجب الدستور كان أمام مصر كلها عشرة أيام لترفض وصية فؤاد، على أن يكون الرفض بإجماع اعضاء البرلمان واعضاء الحكومة وعمد ومشايخ قرى مصر من اسكندرية وحتى أسوان.
عشرة أيام مدة مستحيلة في ظل عدم وجود أي شكل من اشكال النظام في البلد، فالملك ميت والبرلمان والحكومة لاوجود لهما.
48 ساعة، يومان كاملان لم ينم فيهما الأمير محمد على ومصطفى النحاس يبحثان الخروج من الأزمة.
لابد ان يكون هناك برلمان منتخب في مدة اسبوع على اقصى تقدير وبعدها يتم تكليف الحكومة ثم النظر في وصية فؤاد ورفضها رفضا قاطعا امتثالا لرغبة الشعب المصري الذي يرفض احمد زيوار بسبب موقفة من سعد زغلول ليكون وصيا على العرش.
كانت مهمة مصطفى النحاس شبه مستحيلة ولكنه أكد للأمير محمد على ان مصر قادرة على نصر سياسي جديد ضد الانجليز وسيخوض المصريون الانتخابات في خمسة ايام وليس اسبوع قبل انقضاء المهلة الدستورية لرفض وصية فؤاد.
هكذا اذن كان المصريون يحترمون دستور البلاد حتى ولو كان تفصيلا على طاغية مثل فؤاد الاول.
خرج مصطفى النحاس باشا من قصر الأمير محمد على بن الخديوي توفيق شقيق الملك فؤاد يوم 2مايو 1936 وبرفقته علي ماهر باشا و محمد شريف صبرى باشا ، وعزيز عزت باشا ورؤسهم تكاد تنهار من وطأة الكارثة التي وضعهم فيها فؤاد ووضع فيها مصر أيضا.
علم الثوار في شوارع القاهرة بما دار في قصر المنيل عن طريق خطبة خطبها مصطفى النحاس في الناس بل وألزمهم فيها مسئولية الحفاظ على مااكتسبوه من انتصارات سياسية ضد الانجليز يمكن أن تضيع في لحظة لو لم تتم الانتخابات في خمسة ايام على الأكثر في عموم مصر كلها، ليتم للمصرين عن طريق نواب الشعب والحكومة من رفض وصية فؤاد وقطع باب الرجعة امام الانجليز الذين يحاولون المراوغة في معاهدة الاستقلال التي لم تكتمل بعد، يراوغون في الموافقة خاصة بعدما فقدوا حليفهم القوي الملك فؤاد.
طار الخبر كالنار في الهشيم وقبل فجر 3 مايو 1936 كان المصريون يدركون اهمية المسئولية التي ألقاها عليهم النحاس باشا في الحفاظ على الاستقلال ومحاربة فؤاد حتى بعد موته وانتخاب اعضاء البرلمان.
لم تنم مصر طيلة خمسة ايام كاملة، حتى الأطفال في القرى والنجوع كانت لهم مهمة حمل الفوانيس ولمبات الجاز ليلا ليضيئوا الطرق أمام الناخبين من الفلاحين والبسطاء في اقاصي مصر لينتهوا من انتخاب نواب الشعب.
ملحمة شعبية لم نرها في أي شعب.
شعب آمن بقدرته ووثق في رجالاته فوقف معهم وآزرهم.
وانتهت انتخابات البرلمان الساعة الخامسة يوم 7 مايو 1936 في اربعة ايام فقط وفي يوم 8 مايو تم دعوة النواب الجدد وكل عمد ومشايخ مصر للحضور إلى القاهرة.
باقي يومان وينتصر فؤاد حتى بعد موته على شعب مصر إذا لم يدرك الناس هول المسئولية وقيمة الوقت.
اجتمع النواب الجدد والعمد والمشايخ وجموع بالملايين يوم 9 مايو 1936 أمام بيت سعد زغلول، بيت الأمة، وساروا في مظاهرة وطنية عظيمة حتى وصلوا للبرلمان ولم يعترض طريقهم انجليزي واحد بسبب أن قناصل العالم كله كانوا في هذه الاثناء بمصر للتفاوض بشأن معاهدة الاستقلال واي خطأ ستفعله عسكر الانجليز ضد المتظاهرين السلميين الذين تحملوا مسئولية الحفاظ على الاستقلال حتما ستفضح انجلترا في جميع انحاء العالم.
دخل اعضاء البرلمان الجدد للبرلمان واقيمت السرادقات حول مجلس الأمة حيث جلس العمد والمشايخ واعيان شعب مصر كلهم في انتظار نصر الشعب السياسي الجديد.
باقي من الزمن 18 ساعة فقط وينتصر فؤاد على شعب مصر كله، لذا فالكل وجل صامت مترقب.
وبدأت جلسة البرلمان الجديد والجديدة.
كان لابد ان لا يخل المصريون بأي مادة من مواد الدستور حتى ولو كان الذي وضعة ديكتاتور القرن العشرين الملك فؤاد.
لا يجوز الان رفض وصية فؤاد من خلال نواب البرلمان الجدد والعمد والاعيان فقط بل لابد من رفض اعضاء الحكومة ايضاً لتتم عملية الرفض بشكل دستوري ووطني، ولكن مصر ليس بها حكومة.
بالاتفاق بين الامير محمد علي ومصطفى النحاس وثقة الناس في السياسيين الوطنيين من أمثال مصطفى النحاس قرر المجلس تكليف حكومة انقاذ وطني في الساعة الرابعة عصرا يترأسها علي ماهر باشا وهي اقصر حكومة انقاذ وطني حقيقية في تاريخ البشر لم يذكرها أو يتوقف عندها المؤرخون بشيء من التأمل، لتتم عملية التصويت بهذه الحكومة وبأعضاء البرلمان والعمد والمشايخ والأعيان والاتفاق على رفض وصية فؤاد بشكل دستوري مقدس.
وتم التصويت في الساعة السابعة مساءً على رفض الوصية وانتصر المصريون.
في الساعة التاسعة ثم سحب الثقة من حكومة علي ماهر باشا وتكليف رئيس الأغلبية البرلمانية الجديدة مصطفى النحاس باشا بتشكيل حكومة وطنية.
في الساعة العاشرة مساءً تم تشكيل حكومة الوفد الوطنية برئاسة مصطفى النحاس باشا.
في نفس التوقيت اعلن مصطفى النحاس باشا في خطابه الأول بعمل استفتاء على أن يكون الأمير محمد علي هو الواصي على العرش.
في الحادية عشرة خرجت جموع المصريين تحتفل بالنصر السياسي على فؤاد وعلى الإنجليز ولم تنم في ليلة لم يمر على مصر ليلة نصر مثلها حتى بعد ثورة 1952.
في صباح 10 مايو وفي أقل من اسبوع وقبل انتهاء المدة الدستورية لفرض الوصية على الشعب بثماني ساعات فقط كانت مصر بلداً آخر ديموقراطي له رئيس وحكومة وبرلمان.
هذه هي مصر التي كانت دوما تتحرك داخل العقل لتنتصر حينما تعصف بها الأزمات، فهل تتحرك اليوم ؟؟, 

الأحد، 6 مارس 2016

في رحاب القصة - 11 قصة قصيرة جداً

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

استعان العمده بمن ثار عليهم الناس ليعينوه على حُكمه .. فأغتالوه ليستعيدوا ملكهم الذي انتزعته الناس .. بينما لم يحرك الثوار في لحظة اغتيال العمدة الجديد ساكناً بعد أن استنزفوا ( فترة حكمه ) كل النور في محاولة البقاء على قيد الحياة .. انتفض عبيط القرية صارخاً : ربما يثوروا على نفس من ظلموهم مرة أخرى .. ربما يتعلموا حقيقة أن لا يخدعهم أحد .. أخذ يكرر هذه العبارة وهو يتراقص محدثاً فوضى .. حتى غاب عن الأنظار !!

لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة تسامحه .. تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.

لم ينتظر الأسانسير حتى ينزل للطابق الأرضي فيصعد به الطابق التاسع .. ركض على ( السلم ) كشاب في العشرين .. وصل .. أخذ يطرق الباب طرقات قوية .. سريعة .. متلاحقة .. فوضى عارمة يحدثها لأول مرة وهو رجل في الخمسين .. فتحت الباب ..احتضنها بعنف كأنه أول مرة يحتضن إمرأة .. أخذ يلوح لها في الهواء بكتاب يحمله في يده اليمنى .. حملها وأخذ يدور بها حتى كادت تنفجر السعاده من قلبه وتنتشر في كل الأرجاء .. كانت النسخة الأولى من الطبعة الأولى لروايتها الأولى التي كانت تحلم بنشرها منذ أن كانت في الجامعة .. هدأ .. نظر في عينيها بدفء الأيام الخوالي .. كان يشعر بفخر عميق لكونه شاركها تحقيق حلمها .. مد لها يده بروايتها الأولى .. نظرت له ولها .. وضعتها برفق فوق منضدة قريبة .. ألقت برأسها فوق صدره .. حاوطت خصره بذراعيها .. في صوت شديدة العشق همست : أنت روايتي الأولى وستظل روايتي الأبدية بينما أنطفأت الأنوار وأضاءت بدلاً منها مصابيح العشق معلنة عن بداية رواية جديدة.

كانت تعلم أنه سيأتي يوم ويعود .. سينبهر حتماً في هذا السن بهذه الفتاة الصغيرة .. سيندهش .. سيتصابى .. سيزهد فيمن شاركته تاريخه .. لكنه سيعود .. كذبت على أبنائها لأول مرة في حياتها .. أباكم في إعارة .. ورغم شك الأولاد حيث لم يتغير نمط الحياة للأفضل .. لم يكذبوها .. أخفت عن أهلها فراره من المنزل تحت تأثير نزوة .. مواعيد عملها تنتهي في الثالثة لتبدأ بإعداد الولائم في منزلها بالأجر حتى العاشرة مساءً لجاراتها ممن لا يجيدون الطهي لتدخر مايمدها للعيش بكرامة .. تسع سنوات كاملة لم تر وجهه .. تسع سنوات كاملة لم ير وجه أبناءه .. لم تفقد الأمل .. وحين استعدت للخروج في الثامنة صباحاً للعمل بعد خروج الأبناء للمدارس وجدته أمامها .. واجماً .. صامتاً .. منكسراً .. أرتبكت لحظة .. لكنها ودون أن تدري .. مدت يدها نحو رأسه ورفعتها فهي ضد الإنكسار .. حين دخل المنزل لأول مرة منذ تسع سنوات .. بكى كطفل بين ذراعيها بينما كانت تمسح بكف حنون رأسه وعلى شفتيها إبتسامة رضا.

نظرت لنفسها في المرآة .. دققت النظر في كل تفاصيلها كأنثى .. فاتنة .. رائعة .. شهية .. لماذا إذن أقبلت على عامها الثاني والثلاثين ولم يطرق الحب والزواج بابها حتى الآن .. ماذا يريد الرجال أكثر من الإرتباط بأنثى مثلي .. تردد صوت أمها في عقلها بأن وضع البلد جعل الكل يخشى الزواج الذي اصبح باهظ التكاليف .. هزت رأسها بالنفي أمام المرآة .. وماذا كان يفعل البشر قبل أختراع ( الفلوس ) ؟ .. هل أصبح عقاباً للفتاة أن تنتظر رجل ليرتبط بها وربما يأتي وربما لايأتي !! .. لماذا لا ينتظر الرجل الفتاة لترتبط به ؟ .. أنا أريد الحياة .. لن تمنعني هذه العادات السخيفة من أن أحرم نفسي من حقي في الحياة .. سأختار أنا الرجل الذي اريده وأتزوج به قبل أن أفقد القدرة على أن أكون أماً وزوجة في يوم من الأيام .. لكن كيف؟ .. لو خاطبت الفتاة أي رجل عن رغبتها في الزواج منه لوصفها بكل قبح العالم .. ليكن .. لن أستسلم لمن يريدون سلبي حقوقي .. سأتزوج .. ولكن ممن ؟ .. سؤال سخيف بالطبع !! .. سأتزوج ممن أريد أن أتزوج به .. سأتزوج بمن أجد فيه معظم الصفات التي أتمناها .. سأتزوجه على الفور .. على الفور .. لن أنتظر هنا كبضاعة فاسدة حتى يأتي من يختارني لأسباب أجهلها وربما تكون أسباب شاذة .. وضعت خطة تحافظ بها على كرامتها كأنثى وعلى رغبتها في تكوين أسرة لايمكن أن تكون حكراً فقط على اختيار الرجل .. الآن هي حكر أيضاً على المرأة .. كان زميلاً لها في المرحلة الثانوية .. تعرفه جيداً .. عاد لتوه من من انجلترا بعد ثمانية أعوام درس فيها الطب .. كان مرتبكاً قليلاً وهو يتجول بين المدعويين حين رمقته هي بعينيها .. بكي الطفل النائم بجوارها .. مدت يدها فوق صدره ليطمئن ويهدأ ويعود لنومه .. نظرت للطفل .. نظرت للرجل الذي يغرق في النوم بجوارهما .. سبحان الله .. الحفيد يشبه جده تماماً .. ربما هذا الشبه هو ماجعله يصر على أن ينام بينهما كما كانا يفعلان بأمه وهي في مثل سنه .. ستعود غداً لتصحبه إلى المنزل بعد عودتها من رحلة العمل في المحافظة الساحلية .. نظرت مرة أخرى لزوجها الغارق في النوم بجوار حفيده وهي تبتسم متمتمة: ماأروع هذا الرجل الذي اخترته بنفسي وتزوجته برغبتي وأحبه الآن أكثر من محبتي لذاتي .. أغلقت ألبوم الصور .. وضعته فوق ( الكومودينو ) أغلقت نور ( الأباجورة ) .. سمعت شخيراً مفاجئاً من زوجها فانزعجت لتضئ الأباجورة مرة أخرى وتطمئن على الحفيد .. وجدته في حضن جده يمص في اصبعه .. قالت بصوت مرتفع قليلاً قبل أن تطفئ النور مرة أخرى وتنام: كم احب هذان الرجلان.

غداً يحتفل به زملاء العمل لخروجه على المعاش .. لماذا هذه الطاقة السلبية التي يستشعرها في روحه؟ .. نظر في ألمرآة وهو يحلق ذقنه .. ثلاثون عاماً مضت كأنها سن رمح يمرق في الفراغ .. ثلاثون عاماً يذهب إلى مكتبه في الصباح كل يوم ليعمل .. ولكن ماذا كنت أعمل؟ .. لاشئ !! .. ثلاثون عاماً قضيتها في الثرثرة وقراءة الصحف واحتساء قهوة بحليب لاتقاضى مرتبي على ذلك كل أول شهر .. لم أفعل شيئاً .. ياإلهي !! .. أنا بالفعل لم أفعل شيئاً !! .. هرب العمر مني وأنا أثرثر وأتصفح أخبار الحوادث واتقاضى راتب !! .. هل يمكن أن يحيا الإنسان عمره داخل كذبة بإرادته الحرة ؟ .. وهل للكذبة إرادة حرة ؟ .. نظر لنفسه في المرآه بأسى وهو يسألها: هل أنت فخور الآن بثلاثين عاماً ضاعت منك بارادتك الحرة؟ .. تمنى لو عاد الزمن للوراء .. شعر بانهيار .. تمدد على السرير .. غاب في نوم مؤلم .. انتفض في الصباح على صوت زوجته تنبهه أن ابنهما عادل سيذهب يومه الأول في ( الحضانة ) وعليهما ألا يتأخرا على مواعيد العمل .. عادل ؟ .. حضانة ؟ .. عادل مهندس في دبي منذ تسع سنوات !! .. من هذه المرأة الشابة التي تنام بجواري ؟ .. قفز من السرير خائفاً ومرعوباً .. صادفته مرآة غرفة النوم وهو يقفز فصرخ صرخة كادت تفطر قلبه .. من هذا؟ .. تسمر أمام المرآة .. تفحص وجهه جيداً .. لقد عاد الزمن ثلاثين عاماً للخلف .. أووه ياإلهي .. لقد عدت شاباً .. شاباً .. شاباً .. وصل لمكتبه في تمام الثامنة صباحاً بعد أن اطمئن على ارسال عادل ابنه للحضانة .. فتح موضوع العلاوة السنوية مع زملاء العمل وأخذ يثرثر ويصيح بينما في يدة جريدة الصباح على صفحة اخبار الحوادث وبين الحين والحين ( يزعق ) وهو يسب الفراش لتأخرة في احضار القهوة بحليب قبل ان يحين موعد انصرافه من العمل!!

أعطته خصله من شعرها حفظتها بعناية بين ورقتي وردة ليحتفظ بها في غربته ويتذكرها وحدها للأبد .. أخذ الخصلة في رقة .. وضع قبلة دافئة على راحة يدها ومسح دمعة نقية هربت في لحظة الوداع .. وضع خصلتها في حقيبة سفره بجوار عشرات الخصلات الأخرى .. رحل بنعومة لا يتذكر من صاحبات الخصلات أي واحدة منهن !!

حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد هي آخر صورة في ألبوم الصور القديم الذي تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

قاومت الحياة في إنتظار أن يعود إليها بكل الحياة .. ( عاد ) .. فعرفت أنه استلب حياتها بلا مقابل منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها أن تنتظره !!

رأى في منامه أنها ( تخونه ) فظل يراقبها .. حتى إكتشفت خيانته !!

في رحاب القصة - 11 قصة قصيرة جداً

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

استعان العمده بمن ثار عليهم الناس ليعينوه على حُكمه .. فأغتالوه ليستعيدوا ملكهم الذي انتزعته الناس .. بينما لم يحرك الثوار في لحظة اغتيال العمدة الجديد ساكناً بعد أن استنزفوا ( فترة حكمه ) كل النور في محاولة البقاء على قيد الحياة .. انتفض عبيط القرية صارخاً : ربما يثوروا على نفس من ظلموهم مرة أخرى .. ربما يتعلموا حقيقة أن لا يخدعهم أحد .. أخذ يكرر هذه العبارة وهو يتراقص محدثاً فوضى .. حتى غاب عن الأنظار !!

لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة تسامحه .. تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.

لم ينتظر الأسانسير حتى ينزل للطابق الأرضي فيصعد به الطابق التاسع .. ركض على ( السلم ) كشاب في العشرين .. وصل .. أخذ يطرق الباب طرقات قوية .. سريعة .. متلاحقة .. فوضى عارمة يحدثها لأول مرة وهو رجل في الخمسين .. فتحت الباب ..احتضنها بعنف كأنه أول مرة يحتضن إمرأة .. أخذ يلوح لها في الهواء بكتاب يحمله في يده اليمنى .. حملها وأخذ يدور بها حتى كادت تنفجر السعاده من قلبه وتنتشر في كل الأرجاء .. كانت النسخة الأولى من الطبعة الأولى لروايتها الأولى التي كانت تحلم بنشرها منذ أن كانت في الجامعة .. هدأ .. نظر في عينيها بدفء الأيام الخوالي .. كان يشعر بفخر عميق لكونه شاركها تحقيق حلمها .. مد لها يده بروايتها الأولى .. نظرت له ولها .. وضعتها برفق فوق منضدة قريبة .. ألقت برأسها فوق صدره .. حاوطت خصره بذراعيها .. في صوت شديدة العشق همست : أنت روايتي الأولى وستظل روايتي الأبدية بينما أنطفأت الأنوار وأضاءت بدلاً منها مصابيح العشق معلنة عن بداية رواية جديدة.

كانت تعلم أنه سيأتي يوم ويعود .. سينبهر حتماً في هذا السن بهذه الفتاة الصغيرة .. سيندهش .. سيتصابى .. سيزهد فيمن شاركته تاريخه .. لكنه سيعود .. كذبت على أبنائها لأول مرة في حياتها .. أباكم في إعارة .. ورغم شك الأولاد حيث لم يتغير نمط الحياة للأفضل .. لم يكذبوها .. أخفت عن أهلها فراره من المنزل تحت تأثير نزوة .. مواعيد عملها تنتهي في الثالثة لتبدأ بإعداد الولائم في منزلها بالأجر حتى العاشرة مساءً لجاراتها ممن لا يجيدون الطهي لتدخر مايمدها للعيش بكرامة .. تسع سنوات كاملة لم تر وجهه .. تسع سنوات كاملة لم ير وجه أبناءه .. لم تفقد الأمل .. وحين استعدت للخروج في الثامنة صباحاً للعمل بعد خروج الأبناء للمدارس وجدته أمامها .. واجماً .. صامتاً .. منكسراً .. أرتبكت لحظة .. لكنها ودون أن تدري .. مدت يدها نحو رأسه ورفعتها فهي ضد الإنكسار .. حين دخل المنزل لأول مرة منذ تسع سنوات .. بكى كطفل بين ذراعيها بينما كانت تمسح بكف حنون رأسه وعلى شفتيها إبتسامة رضا.

نظرت لنفسها في المرآة .. دققت النظر في كل تفاصيلها كأنثى .. فاتنة .. رائعة .. شهية .. لماذا إذن أقبلت على عامها الثاني والثلاثين ولم يطرق الحب والزواج بابها حتى الآن .. ماذا يريد الرجال أكثر من الإرتباط بأنثى مثلي .. تردد صوت أمها في عقلها بأن وضع البلد جعل الكل يخشى الزواج الذي اصبح باهظ التكاليف .. هزت رأسها بالنفي أمام المرآة .. وماذا كان يفعل البشر قبل أختراع ( الفلوس ) ؟ .. هل أصبح عقاباً للفتاة أن تنتظر رجل ليرتبط بها وربما يأتي وربما لايأتي !! .. لماذا لا ينتظر الرجل الفتاة لترتبط به ؟ .. أنا أريد الحياة .. لن تمنعني هذه العادات السخيفة من أن أحرم نفسي من حقي في الحياة .. سأختار أنا الرجل الذي اريده وأتزوج به قبل أن أفقد القدرة على أن أكون أماً وزوجة في يوم من الأيام .. لكن كيف؟ .. لو خاطبت الفتاة أي رجل عن رغبتها في الزواج منه لوصفها بكل قبح العالم .. ليكن .. لن أستسلم لمن يريدون سلبي حقوقي .. سأتزوج .. ولكن ممن ؟ .. سؤال سخيف بالطبع !! .. سأتزوج ممن أريد أن أتزوج به .. سأتزوج بمن أجد فيه معظم الصفات التي أتمناها .. سأتزوجه على الفور .. على الفور .. لن أنتظر هنا كبضاعة فاسدة حتى يأتي من يختارني لأسباب أجهلها وربما تكون أسباب شاذة .. وضعت خطة تحافظ بها على كرامتها كأنثى وعلى رغبتها في تكوين أسرة لايمكن أن تكون حكراً فقط على اختيار الرجل .. الآن هي حكر أيضاً على المرأة .. كان زميلاً لها في المرحلة الثانوية .. تعرفه جيداً .. عاد لتوه من من انجلترا بعد ثمانية أعوام درس فيها الطب .. كان مرتبكاً قليلاً وهو يتجول بين المدعويين حين رمقته هي بعينيها .. بكي الطفل النائم بجوارها .. مدت يدها فوق صدره ليطمئن ويهدأ ويعود لنومه .. نظرت للطفل .. نظرت للرجل الذي يغرق في النوم بجوارهما .. سبحان الله .. الحفيد يشبه جده تماماً .. ربما هذا الشبه هو ماجعله يصر على أن ينام بينهما كما كانا يفعلان بأمه وهي في مثل سنه .. ستعود غداً لتصحبه إلى المنزل بعد عودتها من رحلة العمل في المحافظة الساحلية .. نظرت مرة أخرى لزوجها الغارق في النوم بجوار حفيده وهي تبتسم متمتمة: ماأروع هذا الرجل الذي اخترته بنفسي وتزوجته برغبتي وأحبه الآن أكثر من محبتي لذاتي .. أغلقت ألبوم الصور .. وضعته فوق ( الكومودينو ) أغلقت نور ( الأباجورة ) .. سمعت شخيراً مفاجئاً من زوجها فانزعجت لتضئ الأباجورة مرة أخرى وتطمئن على الحفيد .. وجدته في حضن جده يمص في اصبعه .. قالت بصوت مرتفع قليلاً قبل أن تطفئ النور مرة أخرى وتنام: كم احب هذان الرجلان.

غداً يحتفل به زملاء العمل لخروجه على المعاش .. لماذا هذه الطاقة السلبية التي يستشعرها في روحه؟ .. نظر في ألمرآة وهو يحلق ذقنه .. ثلاثون عاماً مضت كأنها سن رمح يمرق في الفراغ .. ثلاثون عاماً يذهب إلى مكتبه في الصباح كل يوم ليعمل .. ولكن ماذا كنت أعمل؟ .. لاشئ !! .. ثلاثون عاماً قضيتها في الثرثرة وقراءة الصحف واحتساء قهوة بحليب لاتقاضى مرتبي على ذلك كل أول شهر .. لم أفعل شيئاً .. ياإلهي !! .. أنا بالفعل لم أفعل شيئاً !! .. هرب العمر مني وأنا أثرثر وأتصفح أخبار الحوادث واتقاضى راتب !! .. هل يمكن أن يحيا الإنسان عمره داخل كذبة بإرادته الحرة ؟ .. وهل للكذبة إرادة حرة ؟ .. نظر لنفسه في المرآه بأسى وهو يسألها: هل أنت فخور الآن بثلاثين عاماً ضاعت منك بارادتك الحرة؟ .. تمنى لو عاد الزمن للوراء .. شعر بانهيار .. تمدد على السرير .. غاب في نوم مؤلم .. انتفض في الصباح على صوت زوجته تنبهه أن ابنهما عادل سيذهب يومه الأول في ( الحضانة ) وعليهما ألا يتأخرا على مواعيد العمل .. عادل ؟ .. حضانة ؟ .. عادل مهندس في دبي منذ تسع سنوات !! .. من هذه المرأة الشابة التي تنام بجواري ؟ .. قفز من السرير خائفاً ومرعوباً .. صادفته مرآة غرفة النوم وهو يقفز فصرخ صرخة كادت تفطر قلبه .. من هذا؟ .. تسمر أمام المرآة .. تفحص وجهه جيداً .. لقد عاد الزمن ثلاثين عاماً للخلف .. أووه ياإلهي .. لقد عدت شاباً .. شاباً .. شاباً .. وصل لمكتبه في تمام الثامنة صباحاً بعد أن اطمئن على ارسال عادل ابنه للحضانة .. فتح موضوع العلاوة السنوية مع زملاء العمل وأخذ يثرثر ويصيح بينما في يدة جريدة الصباح على صفحة اخبار الحوادث وبين الحين والحين ( يزعق ) وهو يسب الفراش لتأخرة في احضار القهوة بحليب قبل ان يحين موعد انصرافه من العمل!!

أعطته خصله من شعرها حفظتها بعناية بين ورقتي وردة ليحتفظ بها في غربته ويتذكرها وحدها للأبد .. أخذ الخصلة في رقة .. وضع قبلة دافئة على راحة يدها ومسح دمعة نقية هربت في لحظة الوداع .. وضع خصلتها في حقيبة سفره بجوار عشرات الخصلات الأخرى .. رحل بنعومة لا يتذكر من صاحبات الخصلات أي واحدة منهن !!

حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد هي آخر صورة في ألبوم الصور القديم الذي تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

تأمل ذاته في لحظة استرجاع الذكريات فلم يجد سوى الحزن وتذكرة قطار قديمة لمدينة الفرح فقدها وهو مهموم بتحقيق حلم مستحيل !!

قاومت الحياة في إنتظار أن يعود إليها بكل الحياة .. ( عاد ) .. فعرفت أنه استلب حياتها بلا مقابل منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها أن تنتظره !!

رأى في منامه أنها ( تخونه ) فظل يراقبها .. حتى إكتشفت خيانته !!

الجمعة، 4 مارس 2016

كثيرٌ من الفن .. قليلٌ عن السياسة

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر .. ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل ومن ثم الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!

• حياؤك يخصك أما وعيك فيخصني !!



• لا قيمة للسرعة حين احتواء المسافة !!



• المتعة .. إدراك الظاهر من الحضور .. واللذة .. إدراك الباطن من الغياب !!



• الزمن عدو شرس إن لم تستطع عقد هدنة معه .. كن حليفه !!



• ضياعك في النور .. وجود !!



• في الحب .. نصر .. وفي الكره .. تفرقك !!



• إن أخلصت فلنفسك حتى تشهد .. فإن شهدت .. كنت في صفر كونك وجود !!



• كلما حالفك الحظ في معرفة من تكون .. كن في معرفة الحظ حليفه !!



• العقل ( منطق ) حاضرك .. والقلب ( بصيرة ) حضورك !!



• في غفلة الحمقى .. كن وعياً !!



• الحياة فرصة واحدة فقط لمجازفة واحدة فقط إن لم تغتنمها .. يستعبدوك !!



• خسر قدرته على العفو فضاع رجاؤه !!



• ظل يغرد وحيداً .. حتى آمنت به الكلمات !!



• ظل طيلة حياته يرتب الأحرف ليصنع كلمة .. حين أتمها أدرك أنه على وشك الوجود !!



• ظل يردد العبارة كغيره ولا يعرف لها غاية .. حين عرف نفسه .. وعاها !!



• الفكرة عذراء عنيدة .. إن لم تٌلهمها وجودك .. ألهمها الوجود غيرك ولا تبالي !!



• وجود المتعة فاق معرفة اللذة .. بينما .. لذة المعرفة فاقت متعة الوجود



• لم يؤمن .. حتى رآها .. فغاب معها برفقة بقايا وعيه لعله ينتصر !!



• سكرة الكلمات وعي .. والإنتشاء بالعبارة تجلي.. والغياب في المعنى خلود !!



• دولة الخوف لا يعرفها الرخاء !!



• حين سألها عن إسمها أجابت: ( أنت ) .. فصار نوراً !!



• دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر.



• ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل.



• الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!



• من يعتلي القمة .. لا يرى القاع !!



• الطاغية لا تؤلمه إلا .. أصوات الحق !!



• ستظل ( نكرة ) حتى .. تنتفض !!



• إن رضيت بالطاغية .. لا يحق لك رفض ( كرباجه ) فوق ظهرك !!



• كاذب من ادعي الإيمان و بطنه جائع !!



• حتى الحركة حتى للخلف تحتاج ( محرك ) قوي !!



• فلتحب من تشاء .. إن لم يعد من تشاء .. يحب !!



• سرعة الحياة ( صفر ) تعني أنك .. ميت !!



• إن راودك الحب .. كن سفينة نوح .. بمن تحب !!



• لا تدعه يخدعك .. فلم يعد في العمر ( غفلة ) !!



• الحب بالكلمات .. لا يساوي نصف رغيف !!



• لا تدعها تفلت .. كلما سنحت لك الفرصة أن تموت عشقاً !!



• إن راودك العشق عن نفسه .. هيت له !!



• لا تدعيه يختلق من الفراغ كلمات العشق .. بينما أنت ملهمته !!



• في النسيان ( لذة ) التجديد !!



• ظل يحفر بأظافره نحو الشمس .. حتى مات وهو يسبح بحمد النور الذي أحبه !!



• حين تنفس النور من ( عينيها ) .. دخل الجنة !!



• أعمى .. بالعشق صار نوراً فأبصر !!



• إن لم تعشق أنثى ( عنيدة ومشاكسة ) فأنت لم تعرف العشق ولم تذق حلاوته !!



• العشق بوابة الفرح والفرح بوابة الوصول والوصول بوابة وجودك في نقطة النور .. إن عشقت تشبث بالعفو في غاية المحبوب تنعم بمذاق محبته !!



• ظل يلاحقها حتى ظنت أنه العشق وحين إقتربت بحذر .. تلاشى .. فأدركت أن زمن الفروسية لم يحن بعد !!



• حين أعلن عن نفسه بفرح .. قطعوا شريانه .. فرسم بدمائه ( وردة ) !!



• حين نظن أننا مختلفون تخاطبنا الشجرة أن لا فرع فيها .. مختلف !!



• لا تتعجل الإجابة ففي السؤال دائما ما تكمن متعة .. وجودك !!






• إذا كان السؤال ( إمرأة ) فمستحيل أن تكون الإجابة .. رجل !!

"رباعيـــــــــــات من نافذة الحكاية" 

أنا قلبي لو مش جدع كان اتمزع م .. الخوف
بيشوف تمللي الحقايق وياريته ما .. بيشوف
نصحته يوم يتغاضى .. بعض التغاضي عبادة
قال وازاي أسيب البلادة تلعب على .. المكشوف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خَدني وقال هسجنك مادمت لسة .. حمار
كل البهايم عَدت على طايفة .. الشُطار
حتى القرود ع الحبل .. والنطاطين والهُبل
أنا قلت سجن وعقل ولا يلاحقني .. العار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو مَلْ قلبك م السياسة .. إعمل عبيط
واخلع التوب المشاكس قبل ما .. يرموك في غيط
وإن خانوك في الضهر لأحمر .. إوعى تكفر
بكرة سكر .. للي بس .. يمشي جوة أي حيط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حاول تبص ع الدنيا بعين طيبة .. بتحب
وأحذر من اللي بيعشق طلتك .. بالكدب
دا الغُلب في الحياة للي ضميره تاه
أما اللي ( عفوه ) معاه لازمن يعوم .. ويقب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو منحوك الدهب ذهب الدهب .. بالملوك 
يا وطننا ليك العجب مملوك ورا .. مملوك
وإن حكموك ياظلم تيجي يوم .. وتتكلم
هيقول آجي ايه أنا يابشر دنا وسط ظلمكم .. صعلوك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رحت لديوان المظالم يمكن ألاقي .. مغيث
تاري الديوان مملكة سلطانها مين ؟ .. إبليس
قعدت فوق الرصيف .. أحلم بنص رغيف
سرقوا الرغيف م الحلم ورموني للكوابيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على كل لون اترسم وشك يابو .. وشين
فين طب لون الكرامة تتلونه .. ياحزين
قاللي الزمن ده كده .. معدتش فيه الرضا
ومنين نجيب الهدى في عالم الـ .. مجانين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا الحنش ف الجُحر خليك هنا .. ياولداه
وإن كنت فاكره يصاحبك يبقى انت عقلك .. تاه 
قام قال دنا مربيه .. ومعلمه وقاريه
ولما راح يخاويه أكله الحنش .. ف عشاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا إن عشقت اعشق قمر فضحكت .. خخ
قالوا أن سرقت أسرق جمل أنا قلت .. أخ
اشجاب لجاب العشق لسريقة الجمل .. قال محتمل 
إيه العمل مادمنا ياصاحبي فوطن عايشين ف .. فخ

كثيرٌ من الفن .. قليلٌ عن السياسة

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر .. ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل ومن ثم الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!

• حياؤك يخصك أما وعيك فيخصني !!



• لا قيمة للسرعة حين احتواء المسافة !!



• المتعة .. إدراك الظاهر من الحضور .. واللذة .. إدراك الباطن من الغياب !!



• الزمن عدو شرس إن لم تستطع عقد هدنة معه .. كن حليفه !!



• ضياعك في النور .. وجود !!



• في الحب .. نصر .. وفي الكره .. تفرقك !!



• إن أخلصت فلنفسك حتى تشهد .. فإن شهدت .. كنت في صفر كونك وجود !!



• كلما حالفك الحظ في معرفة من تكون .. كن في معرفة الحظ حليفه !!



• العقل ( منطق ) حاضرك .. والقلب ( بصيرة ) حضورك !!



• في غفلة الحمقى .. كن وعياً !!



• الحياة فرصة واحدة فقط لمجازفة واحدة فقط إن لم تغتنمها .. يستعبدوك !!



• خسر قدرته على العفو فضاع رجاؤه !!



• ظل يغرد وحيداً .. حتى آمنت به الكلمات !!



• ظل طيلة حياته يرتب الأحرف ليصنع كلمة .. حين أتمها أدرك أنه على وشك الوجود !!



• ظل يردد العبارة كغيره ولا يعرف لها غاية .. حين عرف نفسه .. وعاها !!



• الفكرة عذراء عنيدة .. إن لم تٌلهمها وجودك .. ألهمها الوجود غيرك ولا تبالي !!



• وجود المتعة فاق معرفة اللذة .. بينما .. لذة المعرفة فاقت متعة الوجود



• لم يؤمن .. حتى رآها .. فغاب معها برفقة بقايا وعيه لعله ينتصر !!



• سكرة الكلمات وعي .. والإنتشاء بالعبارة تجلي.. والغياب في المعنى خلود !!



• دولة الخوف لا يعرفها الرخاء !!



• حين سألها عن إسمها أجابت: ( أنت ) .. فصار نوراً !!



• دولة الخوف تسعة صفات: الديكتاتورية .. التعالي .. الجهل .. السطحية .. العشوائية .. اللامبالاة .. المؤامرة .. الشكوى .. الفقر.



• ودولة الحرية ميزة واحدة: العدل.



• الأوطان لا تسقط ولكن .. يسقط المواطنون !!



• من يعتلي القمة .. لا يرى القاع !!



• الطاغية لا تؤلمه إلا .. أصوات الحق !!



• ستظل ( نكرة ) حتى .. تنتفض !!



• إن رضيت بالطاغية .. لا يحق لك رفض ( كرباجه ) فوق ظهرك !!



• كاذب من ادعي الإيمان و بطنه جائع !!



• حتى الحركة حتى للخلف تحتاج ( محرك ) قوي !!



• فلتحب من تشاء .. إن لم يعد من تشاء .. يحب !!



• سرعة الحياة ( صفر ) تعني أنك .. ميت !!



• إن راودك الحب .. كن سفينة نوح .. بمن تحب !!



• لا تدعه يخدعك .. فلم يعد في العمر ( غفلة ) !!



• الحب بالكلمات .. لا يساوي نصف رغيف !!



• لا تدعها تفلت .. كلما سنحت لك الفرصة أن تموت عشقاً !!



• إن راودك العشق عن نفسه .. هيت له !!



• لا تدعيه يختلق من الفراغ كلمات العشق .. بينما أنت ملهمته !!



• في النسيان ( لذة ) التجديد !!



• ظل يحفر بأظافره نحو الشمس .. حتى مات وهو يسبح بحمد النور الذي أحبه !!



• حين تنفس النور من ( عينيها ) .. دخل الجنة !!



• أعمى .. بالعشق صار نوراً فأبصر !!



• إن لم تعشق أنثى ( عنيدة ومشاكسة ) فأنت لم تعرف العشق ولم تذق حلاوته !!



• العشق بوابة الفرح والفرح بوابة الوصول والوصول بوابة وجودك في نقطة النور .. إن عشقت تشبث بالعفو في غاية المحبوب تنعم بمذاق محبته !!



• ظل يلاحقها حتى ظنت أنه العشق وحين إقتربت بحذر .. تلاشى .. فأدركت أن زمن الفروسية لم يحن بعد !!



• حين أعلن عن نفسه بفرح .. قطعوا شريانه .. فرسم بدمائه ( وردة ) !!



• حين نظن أننا مختلفون تخاطبنا الشجرة أن لا فرع فيها .. مختلف !!



• لا تتعجل الإجابة ففي السؤال دائما ما تكمن متعة .. وجودك !!






• إذا كان السؤال ( إمرأة ) فمستحيل أن تكون الإجابة .. رجل !!

"رباعيـــــــــــات من نافذة الحكاية" 

أنا قلبي لو مش جدع كان اتمزع م .. الخوف
بيشوف تمللي الحقايق وياريته ما .. بيشوف
نصحته يوم يتغاضى .. بعض التغاضي عبادة
قال وازاي أسيب البلادة تلعب على .. المكشوف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خَدني وقال هسجنك مادمت لسة .. حمار
كل البهايم عَدت على طايفة .. الشُطار
حتى القرود ع الحبل .. والنطاطين والهُبل
أنا قلت سجن وعقل ولا يلاحقني .. العار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو مَلْ قلبك م السياسة .. إعمل عبيط
واخلع التوب المشاكس قبل ما .. يرموك في غيط
وإن خانوك في الضهر لأحمر .. إوعى تكفر
بكرة سكر .. للي بس .. يمشي جوة أي حيط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حاول تبص ع الدنيا بعين طيبة .. بتحب
وأحذر من اللي بيعشق طلتك .. بالكدب
دا الغُلب في الحياة للي ضميره تاه
أما اللي ( عفوه ) معاه لازمن يعوم .. ويقب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو دارت الأيام واتشقلبت فوق راس .. وجودك
وكل من هب ودب سب ولعن سنسفيل .. جدودك
لابد تعرف أن خوفك أزمتك .. من لازمتك
وإن إنت من غير الكرامة .. فرطت ياحلو في .. حدودك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو منحوك الدهب ذهب الدهب .. بالملوك 
يا وطننا ليك العجب مملوك ورا .. مملوك
وإن حكموك ياظلم تيجي يوم .. وتتكلم
هيقول آجي ايه أنا يابشر دنا وسط ظلمكم .. صعلوك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رحت لديوان المظالم يمكن ألاقي .. مغيث
تاري الديوان مملكة سلطانها مين ؟ .. إبليس
قعدت فوق الرصيف .. أحلم بنص رغيف
سرقوا الرغيف م الحلم ورموني للكوابيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على كل لون اترسم وشك يابو .. وشين
فين طب لون الكرامة تتلونه .. ياحزين
قاللي الزمن ده كده .. معدتش فيه الرضا
ومنين نجيب الهدى في عالم الـ .. مجانين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا الحنش ف الجُحر خليك هنا .. ياولداه
وإن كنت فاكره يصاحبك يبقى انت عقلك .. تاه 
قام قال دنا مربيه .. ومعلمه وقاريه
ولما راح يخاويه أكله الحنش .. ف عشاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا إن عشقت اعشق قمر فضحكت .. خخ
قالوا أن سرقت أسرق جمل أنا قلت .. أخ
اشجاب لجاب العشق لسريقة الجمل .. قال محتمل 
إيه العمل مادمنا ياصاحبي فوطن عايشين ف .. فخ

الأحد، 28 فبراير 2016

على ناصية الشارع

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ 



في احدي معارض القاهرة للفنون رأى نفسه مرسوما في أحدى اللوحات .. واقفا خلف نافذة منزل يراه دوما في احلامه .. هذه الشجرة ! .. هذا الطريق ! .. الفتاه التي تقود الدراجة ! .. كل هؤلاء يعرفهم جيدا .. لكن .. لكن أين؟ من اين جاء الرسام بكل تلك التفاصيل؟ وأين عاش هو كل تلك التفاصيل التي يشعر كما لو كانت أمس؟ هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ حاول أن يقرأ اسم الفنان ولكنه لم يتمكن من نطق الاسم صحيحا .. همس في أذنه شاب بأنها لوحة لفنان مات منذ مائة وخمسين عاما وهذه صورة زيتية له رسمها صديقة قبل وفاته بعامين .. نظر للوجه .. دقق النظر .. حينها ادرك الشاب حجم الدهشة في عيني الرجل فهمس في أذنه مرة أخرى بالسر الذي لايخفى على أحد ولكنه حتي الآن لا يصدقه حتى بعدأن اصطحبه لمقبرة تحوي قبرا يعلوه شاهد وهنا قال له الشاب: هذا انت .. منذ ١٢ فبراير عام ١٨٥٧ ؟؟!!



على ناصية الشارع

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ 



في احدي معارض القاهرة للفنون رأى نفسه مرسوما في أحدى اللوحات .. واقفا خلف نافذة منزل يراه دوما في احلامه .. هذه الشجرة ! .. هذا الطريق ! .. الفتاه التي تقود الدراجة ! .. كل هؤلاء يعرفهم جيدا .. لكن .. لكن أين؟ من اين جاء الرسام بكل تلك التفاصيل؟ وأين عاش هو كل تلك التفاصيل التي يشعر كما لو كانت أمس؟ هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ حاول أن يقرأ اسم الفنان ولكنه لم يتمكن من نطق الاسم صحيحا .. همس في أذنه شاب بأنها لوحة لفنان مات منذ مائة وخمسين عاما وهذه صورة زيتية له رسمها صديقة قبل وفاته بعامين .. نظر للوجه .. دقق النظر .. حينها ادرك الشاب حجم الدهشة في عيني الرجل فهمس في أذنه مرة أخرى بالسر الذي لايخفى على أحد ولكنه حتي الآن لا يصدقه حتى بعدأن اصطحبه لمقبرة تحوي قبرا يعلوه شاهد وهنا قال له الشاب: هذا انت .. منذ ١٢ فبراير عام ١٨٥٧ ؟؟!!



السبت، 27 فبراير 2016

الحب في زمن الغضب - رواية قصيرة جداً

بقلم محيي الدين إبراهيم
لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. فقررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها.



يوليو .. 18 .. الساعة السادسة .. ينظر إليها العجوز من بعيد بينما يضع الدخان في فوهة ( الغليون ) قبل أن يشعله ويدخن يبطئ ليتأملها وهي شاردة تنظر في الفراغ .. كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها برجل .. المرة الأولى التي يداعب فيها رجل خصلات شعرها بأنامله .. كادت أن تتوقف عن التنفس من شدة الخوف .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها من شدة الارتباك بينما هو يضحك مندهشاً ومحاولاً التودد لها بالمصالحة وأن لا يفعلها معها ثانية .. لن أداعب شعرك ثانية .. بل سأجلس على بعد مترين منك مادمت هكذا .. تضحك هي الأخرى .. تلكزة في كتفه من الغيظ وهي في قرارة نفسها تكاد تنفجر من السعادة .. لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. قررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها .. عملت في مصنع ( الجوت ) بشبرا الخيمة بأجر زهيد في صناعة أجولة ( الخيش ) حتى تم بيعه لأحد المستثمرين كأرض فضاء بنى عليها أبراج سكنية ليتم فصلها هي و كل العمال دون رحمة عام 2001 .. الحياة لا تعطي كل شئ .. لكنها كأم اختارت أن تعمل كخادمة في البيوت لتنفق على ابنتها التي لم تبلغ سنها العاشرة بعد .. لم تعرف رجلاً بعد زوجها الهارب .. لم يدخل منزلها رجل واحد منذ أن هجرهما و ( طفش ) حتى جاء الشيخ رجب .. كان رئيس وردية في مصنع الخيش .. يعلم حكايتها تماماً ويعتبرها كأبنته .. كفر الشيخ هي الحل .. هناك مصنع سجاد يحتاج لعاملات ذوي خبرة ومرتب محترم .. مرة ونصف ما كانت تتقاضاه في مصنع الخيش .. لم يعد لها وأبنتها في القاهرة ما يدفعهما للبقاء فيها .. تتنهد .. كانت سنتها الثانية في كلية التجارة حين زارت أمها في مصنع السجاد لأول مرة .. كانت تنتظرها في غرفة العاملات بالمصنع حتى تنتهي من ورديتها حين سمعت صوتاً عالياً يصيح بالخارج منادياً على احداهن ويدفع الباب بقدمه ليجدها أمامه فيتسمر في مكانه وكأنه ابتلع لسانه .. مهندساً وسيماً ويبدو من مظهره أنه لا يهوى المشاكل رغم صوته العالي الذي رأته فيه أول مرة .. لا تعرف كيف وافقت على أن يتحدث معها ساعتين كاملتين حينما زارها فجأة في كلية التجارة .. إنه جرئ جداً .. وكان كل خمس دقائق يهدئ من روعها الذي كادت بسببه وبسبب عيون زميلاتها اللواتي فجأة لم تغب منهن واحدة أن تنهار .. تنهار تماماً .. هذا بخلاف أنها لم تستطع أن تفتح فمها معه طيلة الساعتين .. فقط هو يتكلم .. فقط هو يحمل عذوبة في كلماته .. فقط هو .. لقد تأخرت كثيراً عن أمها وعليها الرحيل للمنزل الآن .. عام كامل يذهب للجامعة كي يراها ويتحدث معها في كل شئ .. كانت الأجازة الصيفية بالنسبة له كالمعتقل حيث تمنعها أمها من الخروج تماماً .. كان يحتال أحياناً على الأم بعمل حفلة للعمال يأتون فيها بأبنائهن بين الحين والآخر .. لكن هذه الحفلات لم تكن تروي ظمأ عشقه .. أصر يوم ظهور النتيجة أن يأخذها في رحلة على دراجته البخارية .. صرخت بأن ذلك لن يحدث .. لن يحدث .. ولكنها لم تشعر بأنها انثى إلا وهي تحتضن خاصرته وتضع رأسها فوق كتفه بينما يقود دراجته في شوارع مدينة كفر الشيخ التي تكاد تراها لأول مرة حتى توقفا هنا .. 18 يوليو الساعة السادسة عام 2010 .. أجلسها بجواره وحين نظرت اليه وهي خائفة وجدت عجوزاً يدخن غليوناً في هدوء ويتأملهما في تأني .. خافت .. تشك أن يكون العجوز على معرفة بأمها .. تريد أن ترحل الآن .. الآن .. لكنه طمأنها .. أقترب منها .. داعب خصلات شعرها بأنامله .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها .. سينهي رسالة الماجيستير خلال عام ثم تكون زوجته .. سيعلن للعالم كله أنه الرجل الوحيد في العالم الذي حظى بالسعادة في هذا الوجود .. قام من جوارها .. سحبها من يدها .. قفز .. صرخ .. دار بها في المكان .. ليس على العاشق حرج .. هكذا قالها العجوز وهو يراهما ويبتسم بين دخان غليونه .. خرجت الجموع بعشرات الآلاف غاضبة .. عيش حرية عدالة اجتماعية .. يسقط يسقط حكم الظلمة .. ظلت تجري وسط الجموع باحثة عنه .. كان يؤمن بأن هذا الشعب يستحق حياة أفضل .. ظلت تبحث عنه .. لم تكن ملامحة بين الجموع .. اختفى .. أفاقت على صوته وهو يداعبها وفي يده زجاجتي مياة غازية .. لقد غابت عن الوعي .. غابت تماماً .. نظرت في عين زوجها معتذرة .. دعنا لا نأتي هذا المكان مرة أخرى .. كانت على وشك ولادة مولودهما الأول .. استعادة الذكرى خيانة هكذا راودتها هذه العبارة وهي تسير متثاقلة بجوار زوجها .. لن تخون زوجها حتى بمجرد استعادة ذكرى أول حب في حياتها .. لن تعود لهذا المكان الذي أضيئت أنوثتها فيه لأول مرة .. من مات سيظل في أعماق الروح سراً من أسرارها .. أما من هو على قيد الحياة فمن حقه أن ينعم بزوجة لا تسترجع ذكرى حبها القديم ولو سراً .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. فتح باب سيارته وهو يعدها .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. كانت السيارة تقلهما عائدة بينما العجوز وسط دخان غليونه ينظر في اتجاههما حتى تلاشيا عن الأنظار.


الحب في زمن الغضب - رواية قصيرة جداً

بقلم محيي الدين إبراهيم
لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. فقررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها.



يوليو .. 18 .. الساعة السادسة .. ينظر إليها العجوز من بعيد بينما يضع الدخان في فوهة ( الغليون ) قبل أن يشعله ويدخن يبطئ ليتأملها وهي شاردة تنظر في الفراغ .. كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها برجل .. المرة الأولى التي يداعب فيها رجل خصلات شعرها بأنامله .. كادت أن تتوقف عن التنفس من شدة الخوف .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها من شدة الارتباك بينما هو يضحك مندهشاً ومحاولاً التودد لها بالمصالحة وأن لا يفعلها معها ثانية .. لن أداعب شعرك ثانية .. بل سأجلس على بعد مترين منك مادمت هكذا .. تضحك هي الأخرى .. تلكزة في كتفه من الغيظ وهي في قرارة نفسها تكاد تنفجر من السعادة .. لم تعرف الحياة مع رجل أبداً .. أي رجل .. تركها الأب مع أمها ولم يعد .. خرج ولم يعد منذ أن كانت في الثانية من عمرها .. صارت الأم كورقة شجر انتزعتها الرياح في يوم هائج فتاهت وسط العاصفة .. لا هي زوجة .. ولا مطلقة .. ولا أرملة .. هكذا يفعل الرجال ( غالباً ) في مجتمعاتنا .. يتركونها كالمعلقة .. قررت أن تكون الأب والأم معاً لأبنتها .. عملت في مصنع ( الجوت ) بشبرا الخيمة بأجر زهيد في صناعة أجولة ( الخيش ) حتى تم بيعه لأحد المستثمرين كأرض فضاء بنى عليها أبراج سكنية ليتم فصلها هي و كل العمال دون رحمة عام 2001 .. الحياة لا تعطي كل شئ .. لكنها كأم اختارت أن تعمل كخادمة في البيوت لتنفق على ابنتها التي لم تبلغ سنها العاشرة بعد .. لم تعرف رجلاً بعد زوجها الهارب .. لم يدخل منزلها رجل واحد منذ أن هجرهما و ( طفش ) حتى جاء الشيخ رجب .. كان رئيس وردية في مصنع الخيش .. يعلم حكايتها تماماً ويعتبرها كأبنته .. كفر الشيخ هي الحل .. هناك مصنع سجاد يحتاج لعاملات ذوي خبرة ومرتب محترم .. مرة ونصف ما كانت تتقاضاه في مصنع الخيش .. لم يعد لها وأبنتها في القاهرة ما يدفعهما للبقاء فيها .. تتنهد .. كانت سنتها الثانية في كلية التجارة حين زارت أمها في مصنع السجاد لأول مرة .. كانت تنتظرها في غرفة العاملات بالمصنع حتى تنتهي من ورديتها حين سمعت صوتاً عالياً يصيح بالخارج منادياً على احداهن ويدفع الباب بقدمه ليجدها أمامه فيتسمر في مكانه وكأنه ابتلع لسانه .. مهندساً وسيماً ويبدو من مظهره أنه لا يهوى المشاكل رغم صوته العالي الذي رأته فيه أول مرة .. لا تعرف كيف وافقت على أن يتحدث معها ساعتين كاملتين حينما زارها فجأة في كلية التجارة .. إنه جرئ جداً .. وكان كل خمس دقائق يهدئ من روعها الذي كادت بسببه وبسبب عيون زميلاتها اللواتي فجأة لم تغب منهن واحدة أن تنهار .. تنهار تماماً .. هذا بخلاف أنها لم تستطع أن تفتح فمها معه طيلة الساعتين .. فقط هو يتكلم .. فقط هو يحمل عذوبة في كلماته .. فقط هو .. لقد تأخرت كثيراً عن أمها وعليها الرحيل للمنزل الآن .. عام كامل يذهب للجامعة كي يراها ويتحدث معها في كل شئ .. كانت الأجازة الصيفية بالنسبة له كالمعتقل حيث تمنعها أمها من الخروج تماماً .. كان يحتال أحياناً على الأم بعمل حفلة للعمال يأتون فيها بأبنائهن بين الحين والآخر .. لكن هذه الحفلات لم تكن تروي ظمأ عشقه .. أصر يوم ظهور النتيجة أن يأخذها في رحلة على دراجته البخارية .. صرخت بأن ذلك لن يحدث .. لن يحدث .. ولكنها لم تشعر بأنها انثى إلا وهي تحتضن خاصرته وتضع رأسها فوق كتفه بينما يقود دراجته في شوارع مدينة كفر الشيخ التي تكاد تراها لأول مرة حتى توقفا هنا .. 18 يوليو الساعة السادسة عام 2010 .. أجلسها بجواره وحين نظرت اليه وهي خائفة وجدت عجوزاً يدخن غليوناً في هدوء ويتأملهما في تأني .. خافت .. تشك أن يكون العجوز على معرفة بأمها .. تريد أن ترحل الآن .. الآن .. لكنه طمأنها .. أقترب منها .. داعب خصلات شعرها بأنامله .. قامت منتفضة حتى كادت أن تقع على وجهها .. سينهي رسالة الماجيستير خلال عام ثم تكون زوجته .. سيعلن للعالم كله أنه الرجل الوحيد في العالم الذي حظى بالسعادة في هذا الوجود .. قام من جوارها .. سحبها من يدها .. قفز .. صرخ .. دار بها في المكان .. ليس على العاشق حرج .. هكذا قالها العجوز وهو يراهما ويبتسم بين دخان غليونه .. خرجت الجموع بعشرات الآلاف غاضبة .. عيش حرية عدالة اجتماعية .. يسقط يسقط حكم الظلمة .. ظلت تجري وسط الجموع باحثة عنه .. كان يؤمن بأن هذا الشعب يستحق حياة أفضل .. ظلت تبحث عنه .. لم تكن ملامحة بين الجموع .. اختفى .. أفاقت على صوته وهو يداعبها وفي يده زجاجتي مياة غازية .. لقد غابت عن الوعي .. غابت تماماً .. نظرت في عين زوجها معتذرة .. دعنا لا نأتي هذا المكان مرة أخرى .. كانت على وشك ولادة مولودهما الأول .. استعادة الذكرى خيانة هكذا راودتها هذه العبارة وهي تسير متثاقلة بجوار زوجها .. لن تخون زوجها حتى بمجرد استعادة ذكرى أول حب في حياتها .. لن تعود لهذا المكان الذي أضيئت أنوثتها فيه لأول مرة .. من مات سيظل في أعماق الروح سراً من أسرارها .. أما من هو على قيد الحياة فمن حقه أن ينعم بزوجة لا تسترجع ذكرى حبها القديم ولو سراً .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. فتح باب سيارته وهو يعدها .. لن نعود لهذا المكان ثانية .. كانت السيارة تقلهما عائدة بينما العجوز وسط دخان غليونه ينظر في اتجاههما حتى تلاشيا عن الأنظار.