الأحد، 21 أبريل 2002

وطن يضيع !

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
من هنا يتحول المغالون في الدين إلى أرباب صغيرة متشاحنة متطاحنة متنابذة لكل رب منهم فريق يأتمر بأمره ويقتدي بمنهجه ومسلكه في محاولة دءوبة للسيطرة على البسطاء بزخرف الكلام لاقتناص مراكز العلا والسلطان بالنصب والاحتيال وربما القتل!
ليس بين الطائع والآثم سوى غلالة رقيقة من ستر الله سبحانه وتعالى ان زالت تساوى كل منهما في السلوك.
وقد انبأنا الشرع في غير موضع ان الرضا لايأتي بعمل الانسان ولكن يأتي برحمة الله والاحاديث على ذلك كثيرة.
وعليه فإن التصورات الهائلة التي تسيطر على اي دين جعلت كثير من الناس تحصر اهتمام الدين ( في هذا العصر الذي نحياه ) في ذات الله فقط ومن ثم فهم يندفعون من خلال هذا التصور ليصيروا آلهه في محاولة ظنية للتشبث بكينونته سبحانة وتعالى رغم تنزيهه وكون ذاته كما قال عن نفسه ( ليس كمثله شئ ) وهنا يتحول هؤلاء المغالون - من خلال هذا التصور الى ارباب صغيرة متشاحنة متطاحنة متنابذة لكل رب منهم فريق يأتمر بأمرة ويقتدى بمنهجة ومسلكة في محاولة دؤوبة للسيطرة على البسطاء بزخرف الكلام لأقتناص مراكز العلا والسلطان بالنصب والاحتيال وربما القتل أو كما قال " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام" ومن هنا تمارس الرزائل بأسم الدين فيقابلوا الشر بالشر نفسه أو ربما بأعظم منه شراً وتنكيلاً فتزل الاقدام ( حكاما ومحكومين ) في مستنقع الطغيان البعيد كل البعد عن اخلاق الله فيفقدوا انفسهم ومرتبة ان يكونوا ربانيين.
يقول السيد المسيح"لاتقاوموا الشر"
ويقول الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام " تخلقوا بأخلاق الله ان ربي على صراط مستقيم" لكن بعض المغالين يريدون ان يقنعونا بأنهم اكثر ألوهية من الله نفسه - حاشا لله - ومن ثم يقسموا مهام الفضيلة والتزماتها من فوق منابرهم بينهم وبين الناس قسمة ظالمة جائرة ليختاروا لأنفسهم مهمة التبليغ فقط وعلى بقية البشر مهمة التنفيذ فعم الكرة والهرج بعد ان ضغطوا على الناس وأرهقوهم فسئم الغالب منهم العمل الصالح وتراخت العقول عن الفضيلة وبيعت اوطاننا في سوق النخاسة ومازال الخونة فوق منابرهم يستقتلون باستبسال للحفاظ على استئثارهم بمهمة التبليغ حتى ولو فنى العالم كله.
ولعلي اتذكر قصة نقلها لنا الاستاذ المبدع خالد محمد خالد عن ماوتسي تونج حينما تم القبض على احد رجاله الخونة حيث باع اسرار قومه لغريمهم شيانج كاي شيك وبتفتيش هذا الخائن تم العثور معه على بعض الدولارات الامريكية فقال يعتذر عن فعلته وقد اصفر وجهه وامتقع: لقد أغواني الشيطان فأجابه ماو تسي تونج وقد استل دولارا من الدولارات التي ضبطت معه: اذا كنت تقصد هذا الشيطان ( يقصد الدولار ) فقد صدقت بالفعل أما ان كنت تعني شيطانا آخر فدلنا عليه في جسمك لنريحك منه ونستريح.
ان الخبثاء الخونة الذين اعتلوا منابرنا واوطاننا مثل هذا الخائن السابق امروا الناس بالدفاع والجهاد والفضيلة وجيوبهم ملطخة بالاموال التي باعوا بها الوطن وابناء الوطن.
والمتأمل لواقعنا العربي بشكل خاص وليس الواقع الاممي الاسلامي بمشموله العام يجد اننا امة لم تقدم للعالم الذي نحياه على مدار الخمسين عاما الماضية الا كل صراع وكل فتنة، حتى لنجد حين نتأمل خارطة هذا الوطن المبتلى بفقهاؤه وحكامه ان هذا الوطن قد اضحى في غيبوبة التنابذ والتناحر حتى لاتستطيع ان تستثني قطرا واحدا من اقطاره الا وتجده قطرا مبعثرا اضنته الحروب الاهليه أو القبلية أو الطائفية لتهلك في هذه الخمسين سنه مالا يقل عن أربعة ملايين انسان كانوا ضحية التجبر الذاتي والطغيان السياسي وغيبوبة الفقهاء الدينيين الذين اضاعوا على الوطن لذة الايمان وهم المكلفون بتوجيهة.
فالفتنة الطائفية في لبنان ومجازر سورية للمسلمين السنة على يد العلويين وحروب العراق وايران وغزو الكويت ومحاولة الابادة الجماعية للأكراد والشيعة في الشمال والجنوب وحروب اليمن والانتحار الذاتي للجزائر ومستنقع السودان واشكالية المغرب وجبهة البوليساريو وابادة الابرياء في تشاد في غزو ليبيا لها والتصفية الجسدية للقبائل الصومالية وارهابيوا مصر والاقباط والكثير الكثير الذي صار مفضوحا يبرر الجميع دوافعة لمرضاة الله وماهي لمرضاته ولم يكلف فقهاء الوطن انفسهم عناء ان يضعوا الله حكما في الصراع حيث اصبحت كل دوله لها فقهها الخاص ورجال دينها الخاص فخسرنا الله والحضارة وضحينا بشعوبنا حتى اصبحنا متلحفين برداء العار والهزيمة ترتفع فوق معابدنا الاعلام الامريكية بتبريكات الخونة وفقهاؤهم الذين اصبحوا هم المنتصرين الفعليين في هذه الحرب بعد ان خسرها التحالف والمواطن العربي بل والعالم كله على حد سواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق