الاثنين، 29 سبتمبر 2003

حتى انت يابروتس

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
حينما حزمت الادارة الامريكية امرها بشن حرب في الشرق الاوسط قد استبشرت اقليات عديدة فيه بقدومها الذي سيزيح عنهم كاهل الديكتاتوريات التي يحيون في كنفها وسيعجل بمطالبهم من خلالها والتي يسعون اليها 
 
عبارة يوليوس قيصر لحظة اغتيالة على يد قوادة وخلصاؤه تذكرتها حينما طالعتنا وكالات الانباء هذا الشهر بدعوة حفيد الامام الخوميني للرئيس بوش أن يتدخل عسكرياً في ايران وان يفعل بها مافعله بالعراق؟
إن دعوة حفيد الخوميني – ان كانت صحيحة – فهي تحمل في طياتها لاشك كثير من علامات الاستفهام وكثير من النوايا التي اظن انها ليست نواياه وحده ولكنها نوايا من هم وراءه او دفعوه لمثل هذه الفعلة في محاوله منهم لجر امريكا اكثر مماهي فيه داخل وحل الصراع في الشرق الاوسط ومن ثم التمكن منها بعد ان تنهك تماما وينهك جيشها ليتم استئصال هيمنتها على العالم وتؤول من جديد لكل القوى التي ازدرتها الادارة الامريكية وهمشتها وخاضت الحرب دون مشورتها و رغما عنها، وعليه نحن نسأل، من وراء حفيد الخوميني ؟
إن استجداء الإدارة الأمريكية لأموال العالم وجنوده الآن لأنقاذها مماأقدمت عليه من حرب ضد العراق كانت دوافعها كلها عبارة عن اكاذيب قد كشف عن مدى هشاشة القوة الامريكية امام حلفائها الالداء في اوروبا واظهر 
ايضا ان امريكا لاتجيد لعبة النفس الطويل اذ لم يمر اكثر من اربعة اشهر فقط على احتلال العراق حتى افلست الخزانة وازداد عدد الفقراء بما يقرب من مليون وسبعمائة الف مواطن امريكي هذا بخلاف البطالة التي اصبحت تضج مضاجع الامريكان تماما كما تضج مضاجع شعوب العالم الثالث!، الامر الذي اثبت بما لايدع مجالا لشك امام القوى المكافئة لأمريكا في اوروبا واسيا ان امريكا التي اوحت للعالم كله بانها اله هي في واقع الامر قوة محدودة فضحتها الحرب كما فضحت موسوليني قديما والذى كانت اوروبا كلها تخشاه ولكنها بعد ان اكتشفت مدى هشاشة قوته ورجاله بخوضه حروب فاشلة ضد جيرانه تمكنوا منه ومن ايطاليا بعد ان سحلوه في شوارع روما.
ان العار الذي جلبته الادارة الامريكية على نفسها يتلخص في دفعها بستة عشرة لواءً من اجمالي ثلاثة وثلاثين لواء هم اجمالي حجم الجيش الامريكي ( اعظم قوة في العالم ) الى العراق ولم يتمكن للآن من العثور على صدام حسين ! بل واكثر من عامين ولم يعثر قرنائهم في افغانستان ( لواءان كاملان ) من العثور على بن لادن رغم ادعاءاتهم في اكثر من مرة طيلة السنوات العشر الماضية ان جيشهم ومخابراتهم واقمارهم الصناعية استطاعت ان تحدد الوان الملابس الداخلية لصدام حسين ورجاله في كثير من اجتماعات مجلس قيادة الثورة العراقي! فأين صدام حسين وكل هذه العده الامريكية والعتاد الاميريكي داخل العراق بالفعل الان ؟ اننا لانريد معرفة الوان ملابس صدام الداخلية ولكننا نود ان تعرفوا بدلا من ذلك بأقماركم الاصتناعية التي اشتمت رائحة بول الفيتناميين في الحرب فحصدتهم – كما زعموا - اين يختبئ صدام؟، اليس ذلك عارا جلبته الادارة الامريكية على نفسها وشعبها؟وهي التي كان يظنها غالب البسطاء في مشارق الارض ومغاربها وكأنها الله نفسه – حاشا لله - 
ان حلفاء امريكا الالداء بكل مالديهم من خبرات التاريخ في الحروب والمستعمرات يعلمون الان تمام العلم أن امريكا لن تستطيع الخروج من الشرق الاوسط حتى ولو ارادت هي الخروج وجاهرت بالاستسلام للأمر الواقع فلن يدعها الطامعين في سلطان العالم ا ن تخرج لان وجودها داخل الصراع في صحراء العرب هو فرصتهم الوحيدة بل والنادرة والتي ربما لن تتكرر للإنقضاض عليها وسلب هيمنتها على العالم التي سلبتها منهم عشية الانتصار في الحرب العالمية الثانية.
على الادارة الامريكية بعد ان اوحلت نفسها في مستنقع الصراع في الشرق الاوسط ان تحتاط للألعاب القذرة التي ستلعبها كل القوى المكافئة او المناوئة لها حتى تورطها وجيشها اكثر فاكثر داخل مستنقع الصراع الى ان تنتهي اللعبة كما انتهت بروسيا في صراع افغانستان الذي دام عشرة سنوات وانتهزتها امريكا ومارست فيها كل مااستطاعت ان تمارسه فيها لتتفرد بقيادة العالم الذي آل لها بالفعل ولكن دارت نفس دائرة السوء عليها الان ومن نفس جنس العمل مع اختلاف بسيط هو ان اعداء روسيا كانوا من اتجاه واحد اما اعداء الجيش الامريكي وادارته صاحبة قرار الحرب فمن جميع الاتجاهات بحيث اصبحت لاتدري من معها ومن ضدها كما قال رئيس تحرير جريدة التريبيون بريفو في احدى مقالاته.
ان حفيد الخوميني ماهو الا دمية تحركها اياد كثيرة يهمها في المقام الاول ورطة اميركا في اكثر من جبهة بل ويهمها ايضاً ان ترسل امريكا بكل لواءتها الثلاثة والثلاثين الى الحرب خارج حدود ها حتى تستنزف تماما وعليه فإن فشلت دمية حفيد الخوميني في تسييل لعاب اميركا لفتح اكثر من جبهة بجانب العراق فسيتم البحث عن دمية اخرى ذات جنسية اخرى حتى يتمكن الطامعين في الهيمنة من الوصول لاهدافهم فوق الجسد الانجلو اميركي خاصة بعد ان آمن الجميع وحتى قادة الامريكان انفسهم داخل الكونجرس – وهذا ليس خافيا على احد – ان البيت الابيض يعيش الآن ظرفاً حرجا للغاية بل ومأزق في غاية التعقيد دفع بالسيادة الى الملعب الاوروبي الذي اصبح يماطل بكبرياء " السيد " استجداءات امريكا له وتوسلاتها لمساندته بعد ان همشته وازدرت نصائحه .
واخيرا نقول انه لاشك حينما حزمت الادارة الامريكية امرها بشن حرب في الشرق الاوسط قد استبشرت اقليات عديدة فيه بقدومها الذي سيزيح عنهم كاهل الديكتاتوريات التي يحيون في كنفها وسيعجل بمطالبهم من خلالها والتي يسعون اليها وربما تفيض عليهم الادارة الامريكية من كرمها ايضا عشية النصر الذي لم يحدث حتى الان ولن يحدث وتمنحهم حق الحكم الذاتي او جمهوريات انفصالية وهو الامر الذي اثبت الواقع الفعلى داخل العراق وافغانستان انه مجرد احلام عصافير بعد ان اصبح واضحا للعميان قبل المبصرين حالة التخبط التي يحياها الامريكان والانجليز والتي حتما ستدفع بكل القوى المتطرفة والمتعصبة والخارجية الى الانتقام واحداث الفوضى حتى لأراني امام مذابح جماعية لقرى باكملها في بلادنا العربية تحوي ضحايا هذه الأقليات كنتيجة حتمية لماأفرزته فوضى الايدولوجيات التي تخبطتت فيها قوى الاحتلال وجعلتنا نتخبط معها فيها من تسيب وخروج عن القانون.
ان هذه الاقليات المستبشرة لن تجد كما كان الظن من جيوش الاحتلال الا محاولات النجاة بالذات من وحل الصراع والخروج من المأزق حتى ولو كان الثمن المساهمة في ذبح هذه الاقليات ايضا كعرض مقابل النجاه.
لقد حذر الكثير من حلول اللعنة حتى الشعب الامريكي نفسه حذر ادارته منها وخرج بالملايين يجوب الشوارع منددا بالحرب ولم يستمع لهذه الاصوات احد حتى حلت اللعنة بالفعل واصبحنا نلمح بشائرها في كل اطراف الصراع سواء كانوا عربا او محتلين.
لم يعد لدينا الان الا ان نحيا اللعنة التي فرضتها علينا وعليها الادارة الامريكية، لم تعد هناك سبلاً للنجاة، فقد جفت الاقلام وطويت الصحف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق