الأحد، 11 يونيو 2006

الحلقة الثانية: حوار مع خطيب ثورة يوليو الضابط الحر وحيد رمضان

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم

اغتيال مشرفة باشا جاء بسبب موقفة الوطني تجاه وطنه وامته .. أليست هذه سياسة؟ .. لقد دفع حياته ثمنا لموقف واحد وقد كان من الممكن لو مال قليلا لصار علماً آخر .. لقد كان وطنياً للنخاع.

  

وطنية مشرفة باشا هي التي أدت لاغتياله

دخلت الحربية بواسطة مفتي الديار المصرية

أول يوم لي في الحربية اشتعلت شرارة الحرب العالمية الثانية

ملاحظة عجيبة وتكاد تكون مدهشة تلك التي لاحظتها في كل من قابلتهم منذ قررت البحث في التاريخ القديم والمعاصر وهي أن صناع التاريخ يحملون عناداً متشابهاً وذوي إرادة حديدية ولا يعرفون الهزيمة إطلاقا ولا يؤمنون إلا بما تمليه عليهم ضمائرهم، وبرغم السجن والنفي وربما التجويع والتعذيب لا يعترفون بالاضطهاد حتى وإن وقع – وقد وقع بالفعل على اغلبهم – ليقين استشعرته فيهم - من خبرة حواراتي معهم – أن مجرد الإحساس بتلك المشاعر السلبية تعني النهاية وعدم استحقاق الحياة، إذ أن الحياة لا تليق بمن داسته الأقدام فأرتضى عيشة النعال متلذذاً بمهانة كونه من شلة المضطهدين حتى وان كان لا يدري، لذلك فهم نجوم ساطعة ولا يتجاوبون أو يتشاركون في صناعة التاريخ إلا مع نجوم مثلهم.. هذا هو حالهم .. حال المنتصرين دائما .. حال من مسهم الضر فأصروا على المقاومة لتضئ دولة العدل داخلهم رغم الطغاة، وهاهو سعادة السفير وحيد رمضان أحد من شاركوا في صناعة تاريخ مصر المعاصر نلتقي به مرة أخرى لنستضئ من ذكريات كفاحة لعلها تأتينا بقبس.

وقفنا في الحلقة السابقة سعادة السفير على أن علي مصطفى مشرفة باشا عميد كلية العلوم استدعاكم في مكتبه وحذركم مع بقية الزملاء من نقل الكلية من العباسية للجيزة وكان دافعة في ذلك وخاصة معك انت على وجه الخصوص أن هناك علاقة إنسانية تربط بينكما فما هي تلك العلاقة سعادة السفير؟
كانت هناك علاقة انسانية بالفعل، هذا بالأضافة إلى كونه رئيس اتحاد كلية العلوم وانا سكرتير هذا الإتحاد

إذن هذه العلاقة المهنية هي ما أدت لحدوث علاقة إنسانية؟
ليست مهنية ولكنها علاقة نشاط كان له اهميته وقتذاك.

بالطبع .. ولكني كنت اقصد بمهنية اشتراكم في عمل واحد؟
هذا حقيقي .. خاصة أن الاتحادات في ذلك الوقت كان لها من الأهمية ما يدفع المؤسسات السياسية لأن تعمل لها ألف حساب.

وهل ارتضى هذه العلاقة رغم كونك طالب وهو دكتور؟
كان هناك نضج في كل شئ .. ثم أنك كنت بمجرد حصولك على الثانوية العامة تصير " أفندي " يعني شخص مسئول، وعليه فإن الإتحاد كان اتحاداً بمعناه السياسي المسئول، كنا جميعاً مسئولون.

يعني الإتحادات لم تكن لعب عيال أو واجهه " كوموفلاج " لإظهار أن في البلد ديموقراطية؟
 انتخابات الإتحاد كانت أقرب لانتخابات البرلمان، وكان المرشحون الطلبة أعضاء في أحزاب سياسية وأنا ترشحت تحت عباءة الوفد.

لكن ألم تكن هناك زيارات عائلية بمعنى صالون ثقافي أو سياسي أو ربما علمي في منزل مشرفة باشا؟
لا لم يكن هناك شئ من هذا القبيل.

إذن لم تحدث مثل هذه اللقاءات المنزلية؟
لا لم تحدث، وربما لم تحدث إلا في منزل النحاس باشا ومكرم عبيد باشا كما سبق وأشرت في حديث سابق.

هل هذا يعني أن مشرفة باشا لم يعنى بالسياسة أو لم يكن رجل سياسة على الأطلاق؟
اغتيال مشرفة باشا جاء بسبب موقفة الوطني تجاه وطنه وامته .. أليست هذه سياسة؟ .. لقد دفع حياته ثمنا لموقف واحد وقد كان من الممكن لو مال قليلا لصار علماً آخر .. لقد كان وطنياً للنخاع.

إذن كان له انتماءً حزبياً؟
بالطبع

ماذا كان انتماؤه؟
كان وفدياً .. بل أن حكومة الوفد هي التي قامت بتعيينه عميداً لكلية العلوم.

هل رأيتم منه موقفاً سياسياً معلنا يشهد عليه؟
الجميع في ذلك الوقت يا محيي كان لهم موقف معلن ضد الاحتلال والإنجليز والفساد، يعني كان موقفه مثل موقف كل المصريين الشرفاء وقد كنا جميعاً ضد الإحتلال.
هل توافقني الرأي سعادة السفير في انك وانت بإعدادي طب كنت طالباً نجماً بين زملاءه؟
أطلق عليها ما شئت .. لكني كنت ثورياً .. وكان موقفي واضح من الإنجليز .. وهذا –  ربما - ما جعلني ظاهراً بين أقراني .. أو ماتطلق عليه انت بلغة الدراما والمسرح نجومية.

معذرة سعادة السفير لكني اقصد كونك شاب في مقتبل العمر ويحمل ظهوراً متألقاً مادم تعبير نجومية لا تقبله ..
أقبله يا محيي مادامت أنت الذي تطلقه.. فأنت رجل مسرح أليس كذلك؟

قبولك هذا شرف لي سعادة السفير .. واسمح لي بشرق تكملة سؤالي لكم ....  كنتم تحملون ظهوراً متألقاً وفي مقتبل العمر وبدايات سلم المستقبل المضمون داخل كلية لها وزنها وقيمتها وهيبتها ستحقق لاريب هذا المستقبل وبترف، ثم فجأة تتحولون منها إلى الحربية، ألم يكن هذا اندفاعا في اتخاذ القرار سعادة السفير؟
كيف يكون الطموح اندفاعاً؟؟ .. من أول يوم دخلت فيه الثانوي قررت أن أدخل الحربية .. قرار الحربية لم يكن انفعال لحظة ولكنه جزء من ضميري الثوري .. أن لحظة كتابتي وأنا في الثانوي ببني سويف بطاقة الرغبات الخاصة بالجامعات ملأت الرغبات كلها باسم الكلية الحربية، كنت أؤمن لحظتها بأن الحربية هي سبيلي الوحيد للخلاص من الإنجليز، مهما كان مستقبل الطب رفيعاً ومترفاً.

لكنك قدمت أوراقك للطب أولاً ولم تقدمها للحربية؟
بالعكس انا قدمت اوراقي اولا للحربية وفور حصولي على الثانوية العامة عام 1937 ولكنني لم انجح في الكشف الطبي فدخلت الطب، ولكني لم أيأس وعليه قدمت أوراقي مرة اخرى عام 1939 للحربية مرة اخرى.

وهل قبلتك الحربية؟
قبلتني ونجحت والتحقت بها فعلياً في اول سبتمبر 1939

في اول يوم هاجمت القوات الألمانية بولندا مشعلةالشرارة الأولى للحرب العالمية الثانية؟
تمام .. انا دخلت الكلية في الظروف دي وهذه لها حكاية خاصة سنرويها لاحقاً.

إذن ضحيت بعامين كاملين في الطب مقابل أن تكون ضابطاً مصرياً
بالفعل هذا ما حدث .. الحربية بالنسبة لي كانت هدفاً مهماً وحينما اجتزته صار نقطة تحول في حياتي.

لكن ألم يعترض الوالد أو العائلة على قرارك هذا؟
بالطبع اعترض الوالد، فهو لم يكن يريدني في الحربية وامام عنادي واصراري استسلم لرغبتي ودخلت الحربية.

معرفتي بأحوال الجيش وقتذاك كانت لاتقبل إلا الواسطة فهل كان لك واسطة؟
نعم .. كان واسطتي في دخول الحربية الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية في ذلك الوقت.

وهل قبل فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم أن يكون واسطتك للحربية ضد رغبة الوالد؟
هو كان صديق الوالد .. ولما استسلم الوالد لرغبتي تحدث مع صديقه الشيخ عبد المجيد سليم بشأن دخولي الحربية.

هل كان رفض الوالد دخولك الحربية نابعاً من ابتعاده عن السياسة أم أنه كان يقابل العناد بالعناد؟
والدي كان عالماً بالأزهر، وكان ككل علماء الأزهر في ذلك الوقت لهم موقف سياسي معلن وفي غاية القوة وهو ما ستندهش إذا ما عرفته.

وماهو ذلك الموقف سعادة السفير؟

وإلى الحلقة القادمة ان شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق