الثلاثاء، 24 فبراير 2015

معلم اللغة العربية


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كان في قريتنا معلماً للغة العربية يأتي طوال العام بقميص واحد و( بنطلون ) واحد طالتهما يد ( الراتق ) عشرات المرات حتى لم يستطع في النهاية أخفاء بعض الثقوب التي صارت لا تخفى على أحد .. كنا رغم ذلك ( نحترمه ) الإحترام الكامل لنزاهته في شرح الدروس بإخلاص الأنبياء وقيمته الثقافية الرفيعة التي لم تبخل علينا بفيض العلم والخلق .. وفي المقابل كان معلم الرياضيات أشبه بنجوم السينما في سيارته ذات الدفع الرباعي و( بدلته ) التي يغيرها يومياً حسب تغيرات نشرة الأحوال الجوية .. كان يملأنا بالضحكات دوماً في ( حصته ) دون أن يشرح قاعدة رياضية واحدة .. ولِما لا ! .. فقد كان يبتز عائلاتنا مالياً ثمناً للدروس الخاصة باهظة التكاليف وكأنه يمتص دمائهم كمصاصي الدماء في الأفلام الأمريكية .. وبالرغم من ذلك كنا ( نحبه ) حباً جارفاً لوسامته .. لطفه .. ترفه .. سيارته .. وحتى لؤمه، مات المعلمان في اسبوع واحد منذ ثلاثة أشهر، تقدمت قريتنا ( كلها ) جنازة معلم الرياضيات وتبرع مقرئ المركز على احياء ليلة العزاء مجاناً ليبرز عطاؤه أمام وجهاء القرية الحاضرين .. أما معلم اللغة العربية فلم يكن في جنازته سوى زوجته وأبنة والحانوتي ورجاله من حمله النعش وقد أكتفوا بذلك إذ لم يكن في وسعهم اقامة ليلة عزاء وهو الذي كان كفنه على نفقة المسجد !.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق