الأربعاء، 2 فبراير 2011

على مُبَارك أن يرحل


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عنه، كنت أتصور أنه رجال غلاظ، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة لنا وجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش وفوجئنا بقائد  يمسك ميكرفونا وينادي فينا بصوت هادئ يا شباب مصر العظيم، كلمة صغيرة حولتني من صعلوك تم امتهان كرامته لمولود جديد له كبرياء وكرامة.
على مبارك أن يرحل، هذا ما رددناه جميعاً ومازلنا نردده وبقوة، عليه أن يرحل الآن، أن يرحل عن رئاسة مصر، عن زعامة مصر، نحن لا نريد بالرحيل أن يرحل خارج مصر، فنحن المصريون لن نرضى أن نطرد مبارك للخارج وقد كان له ماضيا عسكرياً مشرفاً لوطنه في لحظات الحرب والسلم الذي وللأسف تحول إلى حاضر غير شريف بسبب ابنه جمال، لقد كان جمال مبارك لعنة أبيه وأمه، كان لعنة على مصر كلها، لطخ حاضر أبيه بالسواد، وكاد أن يلحق بمصر كلها العار، عار الوراثة، وربما أرى أن ما يعيشه مبارك اليوم من لحظات رفض شعبي عارم وبإجماع الكل رغم عطاءه العسكري هو بسبب ابنه جمال ( لعنة جمال مبارك ) الذي ظن أنه سيرث بلداً في حجم مصر بعدما اعتبرها ( عزبة ) يمرح فيها وبها كيفما شاء، وهو الذي لا يحمل أي مؤهلات وطنية تؤهله لهذا المنصب سوى انه مجرد مواطن مصري كملايين المواطنين المصرين أما غير ذلك فلا يوجد لديه شئ على الإطلاق، ومن هنا كانت الطغمة الفاسدة التي أحاطت به وأحاط بها حتى أحاطت بهم جميعا خطيئتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون، إن خطأ مبارك الذي دق مسمار النعش الأخير في مسيرة رئاسته لمصر، أكرر .. كان جمال مبارك، اللعنة المنسابة التي لم تلحق بنا كشعب ومن ثم أظن أننا لن نوصم تاريخنا كمصريين بعار طرد رئيس مصر السابق حسني مبارك ولكن فقط نريده أن يرحل عن كرسي الرئاسة، خارج أي عمل سياسي، يرحل وليقضي المتبقي له من العمر في شرم الشيخ ويتابع كمواطن مصري ما سيفعله المصريون من انجازات – بإذن الله – من بعده، بعدما تم إغلاق ملف التوريث إلى الأبد.
وتحت مظلة هذا السيناريو، سيناريو الرحيل الذي ننادي به جميعاً لمبارك، نجد أنه كلما عصفت بنا الأزمات في مصر، لا يقف بصلابة في تحديها وعبورها إلا جيش مصر ورجالاته.
إننا كمصريون نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي لم يعتريها فساد طيلة وجودها الحضاري، نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي أثبتت أنها حامي مصر الوحيد والأب الشرعي الوحيد لمصر ولأمن مصر.
إن الحياد الذي التزمت به المؤسسة العسكرية تجاه الأحداث الأخيرة لابد أن يجعلنا نتأمل عظمة هذه المؤسسة وإثباتها بما لا يدع مجالاً لشك أنها لم تنحاز لطرف على حساب طرف لكون الكل أمامها مصريون، وأنها ما وجدت إلا للدفاع عن المصريين لا لقتلهم كما فعل جهاز الشرطة في يوم العار الذي سيلاحقهم للأبد.
المؤسسة العسكرية لم تنحاز للنظام رغم أن رأس النظام رجل عسكري، لم تأخذ دور وزارة الداخلية وتركت نفسها أداه غير شريفة في يد النظام يضغط بها على الناس متى شاء ويقهرهم ويقمعهم ويذبحهم متى شاء مقابل بقاءه في الحكم، ومن هنا أثبت الجيش بتلك المسألة استقلاله الكامل وسيادته الكاملة في مثل هكذا ظروف كالتي تمر بها مصر الآن حتى ولو كان رأس النظام هو أحد رجاله.
لقد فعلت المؤسسة العسكرية في ثورة الشباب المصري مالم تفعله أي مؤسسة عسكرية من حولنا، لم تطلق رصاصة واحدة، لم ترهب الناس، بل أنها وبعظمة الجندي المصري والعسكرية المصرية استطاعت أن تمتص غضب الشباب والناس وتحول خوفهم وريبتهم منها إلى حب ومن ثم احتضان، لتغرس في قلوبهم وفي هكذا ظروف حرجة أروع نبضات الانتماء الوطني الحقيقي والذي لم نر من خلاله سوى علم مصر فقط الذي يرفرف فوق رؤوس الجميع، دون تحزب ولا مذهبية ولا دينية ولا طائفية ولكن مصرية وطنية خالصة من شباب مصر حبات لؤلؤ ذلك الوطن.
إن مشاهدة الشباب المصري وهو يعتلي الدبابات مع جنوده وإخوته من العسكريين المصريين مشهداً أراهن عليه إن حدث في أي بلد من بلدان العالم حتى أميركا، لكون هذا المشهد لا يحدث إلا في مصر.
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عن جيشنا، كنت أتصور أن الجيش مجموعة أوامر من رجال غلاظ عتاة يثيروا في قلبك الرعب فتكرههم حينما تطالعهم عيناك، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة بكل الوسائل القمعية والغازات التي كانت تطلقها علينا فتصيبنا بحالة من الشلل المؤقت لدقائق ينهالوا فيها علينا ضربا وسحلاً بكل ما أوتوا من قوة وجبروت، جعلني حينما رأيت مدرعات الجيش أن آمنت بأننا هالكون لا محالة وأننا لن نذهب إلى منازلنا إلا جثثا هامدة خاصة بعدما سارت بيننا إشاعة أن مبارك بحكم كونه طيارا عسكرياً فسيأمر حتماً رجال القوات الجوية بقصفنا بطائرات أف 16 من فوق أسطح المنازل!، ولكن بعد أن حاوطتنا الدبابات وكنت لم أر دبابة حقيقية طيلة عمري - وبالمناسبة فإن منظرها مرعبا ومخيفاً – حينما حاوطتنا ووجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش ومدرعاتهم من كل جانب فوجئنا بقائد عسكري منهم يمسك ميكرفونا وينادي فينا ويقول بنبرة صوت هادئة ومطمئنة ياشباب مصر العظيم، وحينما سمعنا هذا النداء، عندما سمعنا ياشباب مصر العظيم بكى معظمنا، أنا نفسي بكيت يااستاذ محيي، بكيت بجد، حسيت أن هذه الكلمة الصغيرة حولتني من صعلوك حقير تم امتهان كرامته وآدميته على يد جهاز الشرطة لمدة ثلاثة أيام متواصلة لمولود جديد يحمل كبرياء وكرامة، لقد أعاد لي الجيش بنداء صغير كرامتي وآدميتي وكبريائي الذي انتهكته شرطة حبيب العادلي، قال لي احدهم وكان بجواري ينزف من أثر احدي الطلقات المطاطية التي اخترقت ذراعه، أنها خدعة وسيقتلوننا جميعا، الجيش جاء بعد العادلي ليقضي علينا جميعاً، إنه جيش مبارك ياحمار الذي ننادي بسقوطه، لقد هلك الجميع، وهنا وجدتني أهرول بهستيرية متوجهاً نحو إحدى الدبابات القريبة منا، كنت اصرخ بكلمات غير مفهومة في معظم مخارجها اللفظية لكوني كنت مازلت متأثرا بالغاز الذي استنشقته وافقدني القدرة على الحركة وجعل لساني ثقيلا كأنه تحت تأثير مخدر طبيب الأسنان، كنت أصرخ وحاولت أن اصعد فوق الدبابة وأبصق في وجوههم جميعا مادمت ميتا ميتا، كان عقلي شبه متوقف، وكنت مجهداً وغارقا في الدماء من أثر الضرب والقمع والسحل، ولكن كان عندي إصرار بليد أن ابصق في وجوههم جميعاً، أصرخ في وجوههم جميعاً، الصراخ في وجه كل شئ، كنت أريد أن أقفز فوق الدبابة لأصرخ وابصق في كل الوجوه قبل أن يطلقوا على رأسي ورأس الجميع الرصاص، فشلت في الصعود عدة مرات، ولكني فوجئت بالجندي الذي يعتلي الدبابة يمد لي يده فمسكتها ليرفعني بجواره ويرفع يده بيدي عاليا ويهزها كالحكم في حلبة المصارعة الذي يمسك بيد اللاعب الفائز في نهاية المباراة، كان يهزها عالياً وهو يبتسم للشباب، وهنا صرخ الجميع مبتهجاً ولحظات وكانت دبابات الميدان كلها يعتليها المئات من الشباب المصري الذي أعاد لهم الجيش الوجود في أسود وأحلك وأسوأ لحظة يمكن أن تمر ببشر انتهكتهم فيها أجهزة الشرطة القمعية ونحن أبناء هذا الوطن وأحباؤه ومستقبله، أعاد لنا الجيش المصري إحساسنا بالقوة في ادني لحظات الضعف، أعاد لنا كبريائنا المجروح وكرامتنا المهدرة لدرجة أنه حينما جاء أحدنا ليكتب عبارات ضد النظام على جسم دبابة قمنا جميعا باستنكار ذلك الفعل وخشينا أن ينقلب رجال الجيش بهذا الفعل علينا لكوننا وحتى الآن لا نثق بأحد ثقة كاملة بعد مارأيناه من العادلي والذين معه، هرعنا إليه وحاولنا خطف أنبوبة اللون الأسود التي بيده وحاولنا منعه من كتابة تلك العبارات على الدبابة، ولكن كانت المفاجأة لنا جميعاً حين قال لنا ضابط كان يقف بجوار الدبابة: دعوه .. إنه غاضب .. دعوه يكتب ما يشاء، انه مصري وهذه دبابة مصرية .. دعوه يكتب ما يشاء، وهنا لم نتمالك أنفسنا، حملنا الضابط على أعناقنا وصرنا نهتف ونحن نحمله على الأعناق نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي لأكثر من ثلاثين دقيقة، نحمله ونغني ونبكي ونضحك ونصرخ، لقد كان الجيش في هذه اللحظة بمثابة الأب الذي عثر على ابنه الصغير التائه في أحد الموالد الشعبية وحينما عثر عليه احتضنه في صدره فزال في حضن الأب ضياع المستقبل والإحساس بالخوف وعودة الشعور بالأمن النفسي، لن أنسى هذه اللحظة العظيمة طيلة عمري، لن أنساها ما حييت وسأذكرها لأبنائي وأحفادي، وأقول لهم أن مصر أمة لن تموت مادام فيها هذا الجيش العظيم.
حقاً لولا حياد الجيش المصري والمؤسسة العسكرية ما انتصرت الثورة، وما أنتصر الشباب المصري في عرض مطالبهم وحصولهم على معظمها حتى قبل انتهاء الثورة في سابقة لم تحدث في التاريخ إذ أن مكاسب الثورة تأتي دائما كنتيجة لما بعد حدوثها لا أثناء حدوثها كما يحدث الآن في ثورة اللوتس ثورة شباب مصر نحو دولة الحرية والعدل والمساواة، ثورة شباب مصر الخالية من الشعارات الحزبية والمذهبية، وتحية لجنود مصر وجيش مصر درع مصر الواقي وحارسها الأمين على حياده.


على مُبَارك أن يرحل


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عنه، كنت أتصور أنه رجال غلاظ، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة لنا وجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش وفوجئنا بقائد  يمسك ميكرفونا وينادي فينا بصوت هادئ يا شباب مصر العظيم، كلمة صغيرة حولتني من صعلوك تم امتهان كرامته لمولود جديد له كبرياء وكرامة.
على مبارك أن يرحل، هذا ما رددناه جميعاً ومازلنا نردده وبقوة، عليه أن يرحل الآن، أن يرحل عن رئاسة مصر، عن زعامة مصر، نحن لا نريد بالرحيل أن يرحل خارج مصر، فنحن المصريون لن نرضى أن نطرد مبارك للخارج وقد كان له ماضيا عسكرياً مشرفاً لوطنه في لحظات الحرب والسلم الذي وللأسف تحول إلى حاضر غير شريف بسبب ابنه جمال، لقد كان جمال مبارك لعنة أبيه وأمه، كان لعنة على مصر كلها، لطخ حاضر أبيه بالسواد، وكاد أن يلحق بمصر كلها العار، عار الوراثة، وربما أرى أن ما يعيشه مبارك اليوم من لحظات رفض شعبي عارم وبإجماع الكل رغم عطاءه العسكري هو بسبب ابنه جمال ( لعنة جمال مبارك ) الذي ظن أنه سيرث بلداً في حجم مصر بعدما اعتبرها ( عزبة ) يمرح فيها وبها كيفما شاء، وهو الذي لا يحمل أي مؤهلات وطنية تؤهله لهذا المنصب سوى انه مجرد مواطن مصري كملايين المواطنين المصرين أما غير ذلك فلا يوجد لديه شئ على الإطلاق، ومن هنا كانت الطغمة الفاسدة التي أحاطت به وأحاط بها حتى أحاطت بهم جميعا خطيئتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون، إن خطأ مبارك الذي دق مسمار النعش الأخير في مسيرة رئاسته لمصر، أكرر .. كان جمال مبارك، اللعنة المنسابة التي لم تلحق بنا كشعب ومن ثم أظن أننا لن نوصم تاريخنا كمصريين بعار طرد رئيس مصر السابق حسني مبارك ولكن فقط نريده أن يرحل عن كرسي الرئاسة، خارج أي عمل سياسي، يرحل وليقضي المتبقي له من العمر في شرم الشيخ ويتابع كمواطن مصري ما سيفعله المصريون من انجازات – بإذن الله – من بعده، بعدما تم إغلاق ملف التوريث إلى الأبد.
وتحت مظلة هذا السيناريو، سيناريو الرحيل الذي ننادي به جميعاً لمبارك، نجد أنه كلما عصفت بنا الأزمات في مصر، لا يقف بصلابة في تحديها وعبورها إلا جيش مصر ورجالاته.
إننا كمصريون نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي لم يعتريها فساد طيلة وجودها الحضاري، نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي أثبتت أنها حامي مصر الوحيد والأب الشرعي الوحيد لمصر ولأمن مصر.
إن الحياد الذي التزمت به المؤسسة العسكرية تجاه الأحداث الأخيرة لابد أن يجعلنا نتأمل عظمة هذه المؤسسة وإثباتها بما لا يدع مجالاً لشك أنها لم تنحاز لطرف على حساب طرف لكون الكل أمامها مصريون، وأنها ما وجدت إلا للدفاع عن المصريين لا لقتلهم كما فعل جهاز الشرطة في يوم العار الذي سيلاحقهم للأبد.
المؤسسة العسكرية لم تنحاز للنظام رغم أن رأس النظام رجل عسكري، لم تأخذ دور وزارة الداخلية وتركت نفسها أداه غير شريفة في يد النظام يضغط بها على الناس متى شاء ويقهرهم ويقمعهم ويذبحهم متى شاء مقابل بقاءه في الحكم، ومن هنا أثبت الجيش بتلك المسألة استقلاله الكامل وسيادته الكاملة في مثل هكذا ظروف كالتي تمر بها مصر الآن حتى ولو كان رأس النظام هو أحد رجاله.
لقد فعلت المؤسسة العسكرية في ثورة الشباب المصري مالم تفعله أي مؤسسة عسكرية من حولنا، لم تطلق رصاصة واحدة، لم ترهب الناس، بل أنها وبعظمة الجندي المصري والعسكرية المصرية استطاعت أن تمتص غضب الشباب والناس وتحول خوفهم وريبتهم منها إلى حب ومن ثم احتضان، لتغرس في قلوبهم وفي هكذا ظروف حرجة أروع نبضات الانتماء الوطني الحقيقي والذي لم نر من خلاله سوى علم مصر فقط الذي يرفرف فوق رؤوس الجميع، دون تحزب ولا مذهبية ولا دينية ولا طائفية ولكن مصرية وطنية خالصة من شباب مصر حبات لؤلؤ ذلك الوطن.
إن مشاهدة الشباب المصري وهو يعتلي الدبابات مع جنوده وإخوته من العسكريين المصريين مشهداً أراهن عليه إن حدث في أي بلد من بلدان العالم حتى أميركا، لكون هذا المشهد لا يحدث إلا في مصر.
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عن جيشنا، كنت أتصور أن الجيش مجموعة أوامر من رجال غلاظ عتاة يثيروا في قلبك الرعب فتكرههم حينما تطالعهم عيناك، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة بكل الوسائل القمعية والغازات التي كانت تطلقها علينا فتصيبنا بحالة من الشلل المؤقت لدقائق ينهالوا فيها علينا ضربا وسحلاً بكل ما أوتوا من قوة وجبروت، جعلني حينما رأيت مدرعات الجيش أن آمنت بأننا هالكون لا محالة وأننا لن نذهب إلى منازلنا إلا جثثا هامدة خاصة بعدما سارت بيننا إشاعة أن مبارك بحكم كونه طيارا عسكرياً فسيأمر حتماً رجال القوات الجوية بقصفنا بطائرات أف 16 من فوق أسطح المنازل!، ولكن بعد أن حاوطتنا الدبابات وكنت لم أر دبابة حقيقية طيلة عمري - وبالمناسبة فإن منظرها مرعبا ومخيفاً – حينما حاوطتنا ووجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش ومدرعاتهم من كل جانب فوجئنا بقائد عسكري منهم يمسك ميكرفونا وينادي فينا ويقول بنبرة صوت هادئة ومطمئنة ياشباب مصر العظيم، وحينما سمعنا هذا النداء، عندما سمعنا ياشباب مصر العظيم بكى معظمنا، أنا نفسي بكيت يااستاذ محيي، بكيت بجد، حسيت أن هذه الكلمة الصغيرة حولتني من صعلوك حقير تم امتهان كرامته وآدميته على يد جهاز الشرطة لمدة ثلاثة أيام متواصلة لمولود جديد يحمل كبرياء وكرامة، لقد أعاد لي الجيش بنداء صغير كرامتي وآدميتي وكبريائي الذي انتهكته شرطة حبيب العادلي، قال لي احدهم وكان بجواري ينزف من أثر احدي الطلقات المطاطية التي اخترقت ذراعه، أنها خدعة وسيقتلوننا جميعا، الجيش جاء بعد العادلي ليقضي علينا جميعاً، إنه جيش مبارك ياحمار الذي ننادي بسقوطه، لقد هلك الجميع، وهنا وجدتني أهرول بهستيرية متوجهاً نحو إحدى الدبابات القريبة منا، كنت اصرخ بكلمات غير مفهومة في معظم مخارجها اللفظية لكوني كنت مازلت متأثرا بالغاز الذي استنشقته وافقدني القدرة على الحركة وجعل لساني ثقيلا كأنه تحت تأثير مخدر طبيب الأسنان، كنت أصرخ وحاولت أن اصعد فوق الدبابة وأبصق في وجوههم جميعا مادمت ميتا ميتا، كان عقلي شبه متوقف، وكنت مجهداً وغارقا في الدماء من أثر الضرب والقمع والسحل، ولكن كان عندي إصرار بليد أن ابصق في وجوههم جميعاً، أصرخ في وجوههم جميعاً، الصراخ في وجه كل شئ، كنت أريد أن أقفز فوق الدبابة لأصرخ وابصق في كل الوجوه قبل أن يطلقوا على رأسي ورأس الجميع الرصاص، فشلت في الصعود عدة مرات، ولكني فوجئت بالجندي الذي يعتلي الدبابة يمد لي يده فمسكتها ليرفعني بجواره ويرفع يده بيدي عاليا ويهزها كالحكم في حلبة المصارعة الذي يمسك بيد اللاعب الفائز في نهاية المباراة، كان يهزها عالياً وهو يبتسم للشباب، وهنا صرخ الجميع مبتهجاً ولحظات وكانت دبابات الميدان كلها يعتليها المئات من الشباب المصري الذي أعاد لهم الجيش الوجود في أسود وأحلك وأسوأ لحظة يمكن أن تمر ببشر انتهكتهم فيها أجهزة الشرطة القمعية ونحن أبناء هذا الوطن وأحباؤه ومستقبله، أعاد لنا الجيش المصري إحساسنا بالقوة في ادني لحظات الضعف، أعاد لنا كبريائنا المجروح وكرامتنا المهدرة لدرجة أنه حينما جاء أحدنا ليكتب عبارات ضد النظام على جسم دبابة قمنا جميعا باستنكار ذلك الفعل وخشينا أن ينقلب رجال الجيش بهذا الفعل علينا لكوننا وحتى الآن لا نثق بأحد ثقة كاملة بعد مارأيناه من العادلي والذين معه، هرعنا إليه وحاولنا خطف أنبوبة اللون الأسود التي بيده وحاولنا منعه من كتابة تلك العبارات على الدبابة، ولكن كانت المفاجأة لنا جميعاً حين قال لنا ضابط كان يقف بجوار الدبابة: دعوه .. إنه غاضب .. دعوه يكتب ما يشاء، انه مصري وهذه دبابة مصرية .. دعوه يكتب ما يشاء، وهنا لم نتمالك أنفسنا، حملنا الضابط على أعناقنا وصرنا نهتف ونحن نحمله على الأعناق نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي لأكثر من ثلاثين دقيقة، نحمله ونغني ونبكي ونضحك ونصرخ، لقد كان الجيش في هذه اللحظة بمثابة الأب الذي عثر على ابنه الصغير التائه في أحد الموالد الشعبية وحينما عثر عليه احتضنه في صدره فزال في حضن الأب ضياع المستقبل والإحساس بالخوف وعودة الشعور بالأمن النفسي، لن أنسى هذه اللحظة العظيمة طيلة عمري، لن أنساها ما حييت وسأذكرها لأبنائي وأحفادي، وأقول لهم أن مصر أمة لن تموت مادام فيها هذا الجيش العظيم.
حقاً لولا حياد الجيش المصري والمؤسسة العسكرية ما انتصرت الثورة، وما أنتصر الشباب المصري في عرض مطالبهم وحصولهم على معظمها حتى قبل انتهاء الثورة في سابقة لم تحدث في التاريخ إذ أن مكاسب الثورة تأتي دائما كنتيجة لما بعد حدوثها لا أثناء حدوثها كما يحدث الآن في ثورة اللوتس ثورة شباب مصر نحو دولة الحرية والعدل والمساواة، ثورة شباب مصر الخالية من الشعارات الحزبية والمذهبية، وتحية لجنود مصر وجيش مصر درع مصر الواقي وحارسها الأمين على حياده.


الثلاثاء، 1 فبراير 2011

السيد عمرو سليمان .. انحاز للمصريين وكن بطلاً شعبياً


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
أنت من القلائل الذين يحمل لهم الشعب المصري احتراماً وتقديراً عظيمين، فأنت تحمل من الشرف العسكري والوطني ما يزخر به تاريخك الذي نعتبره جزءاً من تاريخ مصر المضئ، ولكن إذا اصطدم الشرف العسكري بالشرف الوطني فإن الجندي الشريف ينحاز حتماً للشرف الوطني وأنت جندي مصري شريف، لم تلوثك الأحداث ولم تثار حولك الإشاعات ولا الأقاويل ولا الفضائح التي طالت الكل.
إن مبارك لاشك جندي مصري يحمل تاريخه العسكري شرفاً ونبلا وطنيا ولكنه اليوم وبعناد لم نره في هتلر يضحي بشرف هذا الوطن مقابل شرفه العسكري الذي حتما سينساه التاريخ أمام تجاهله – عن عمد - للإجماع الشعبي، وتجويعه شعب مصر طيلة ايام انتفاضته التي تعلم أنها انتفاضة شرعية وحرة، ويعلم الله كم سيستمر تجويع هذا الشعب وحبسه الذي يستمر 17 ساعة يوميا في سابقة لم تحدث لأي شعب في العالم حتى في زمن الحرب العالمية الثانية، فأي جبروت هذا وأي طغيان ذلك الذي يفرض على أمة قوامها أكثر من ثمانين مليون في أن يقوم شخص واحد فيها لمجرد انه الرئيس أن يحبس شعبها كله بأكمله لمدة 17 ساعة يومياً، ويفرض عليه حظر التجول والحرية!!.
حبس شعب كامل وعزل وتحويل وطن بالكامل إلى بلد يحيا في العصور الوسطى ويتفوق بعزلته تلك على أفغانستان وكوريا الشمالية في انقطاعه عن العالم، عزل أمة كاملة وقطع شبكات اتصالها بالعالم الخارجي ( عمداً ) من اجل ماذا؟ كل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الحفاظ على شخص واحد لكونه كان في يوم من الأيام رئيساً لمصر!! وأوشك بالفعل على الموت لكونه قد قارب على التسعين من عمره؟ ، فهل هذا هو الشرف العسكري؟، حرق وطن بالكامل من اجل شخص هل هذا هو الشرف العسكري؟ انهيار البورصة والبنية التحية وأسعار النفط من أجل الحفاظ على رجل واحد!!، غرق الأمة كلها في طين العوز والخوف والانفلات والفراغ الأمني على مرأى ومسمع منكم جميعاً وخسارتها اقتصاديا في عدة ساعات خسارة بحجم يتفوق على حجم خسارتها الاقتصادية في أيام النكسة، بسبب الحفاظ على رجل واحد!!، أي منطق وطني تدار به الأمور أيها الجندي الشريف عمر سليمان؟ أي شرف وطني يمكن أن نتوهمه ونتوهم أنه سيقفز على صدورنا بنياشين الشرف بسبب مؤازرة ديكتاتور وحرق وطن وترهيب وتجويع شعب كامل لمجرد أنه يريد أن يتنفس بعض شهيق من حرية تم حرمانه منها لأكثر من ثلاثين عاماً ولمجرد أنه لا يريد شخص – مبارك - أن يظل رئيساً عليه بالإكراه.
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
إن مبارك استطاع أن يرسم خطة الأرض المحروقة على شرفكم العسكري والوطني، أن يستخدم صداقتكم له وشرفكم العسكري ليجعله جسراً يدوس عليه فوق شرف الوطن وشرفكم بل وتاريخه كله أيضاً الذي قدم فيه أعظم صور التضحية كجندي وطني مصري، ليضيع كل شئ، كل شئ، يضيع وتضيعون، لكون التاريخ حتى ولو انتصر مبارك في خطته الحالية لإجهاض الثورة وإطفاء النور - وأؤمن أنه لن ينجح - فأن انتصاره هذا لن يتعدى بضعة أسابيع كانتصار شخصي خالي تماما من كل شرف وطني أو إنساني، وسينهار بعدها كل شئ، كل شئ، وستنهارون معه للأبد.
إن ما فعله حبيب العادلي الذي يطالب المصريون اليوم برأسه وسيحصلون عليها وأنت تعلم يا سيدي أنهم سيحصلون عليها لكون مطالب الشعوب مهما تأجلت فأنها واقعة كالقدر واللعنة في آن واحد على كل من وقف ضد حركة الأمة، ما فعله حبيب العادلي من قمع وترهيب وقتل وسحل وتكميم أفواه بل وتهديد الرئيس نفسه أمامكم في أيام العادلي الأخيرة بأنه لو نزل الجيش للشارع فإنه سيترك الساحة ويرحل ويفعل بكم جميعا المفاجآت لصالح أجنده تخصه وقد فعلها حقاً وبقدره لا يقوى على استبداعها الشيطان الرجيم لدرجة وصلت به لقتل زملائه مثلما فعل في اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم؛ لقد لوث هذا القائد حبيب العادلي الذي اختاره النظام ليحرق به الشعب تاريخ الشرطة المصرية كلها وألحق بها وبمستقبلها وبكل رجالتها العار الذي لن ينمحي أبدا في يوم عيدها وعيدهم والذي لم يعد عيدها وعيدهم بعد الآن بل عيد انتفاضة شباب مصر وشهداء مصر الثورة وحيث سيتزامن في مستقبل مصر مع ذكرى يوم العار للشرطة، ذلك الكيان الذي كان جباراً كجبروت هامان وزير الفرعون ثم اكتشفنا في أيام الفراغ الأمني أن الذي يؤدي دور هذا الجهاز الجبار وبكل كفاءة ونزاهة هم طلبة المدارس الثانوي من أبناء مصر، هذا الجهاز الفزاعة الكبير الذي كان يموج بمليون ونصف مليون جندي ( ضعف حجم الجيش المصري ) صار يؤدي دوره بكفاءة طلبة المدارس الثانوية المصرية بعدما اختفى ليحقق مفاجأته للوطن بممارسة البلطجة وترويع الناس وهو يرتدي بدلا من زى رجال الشرطة حماة امن مصر الداخلي أزياء النساء المنقبات ويعتلي أسطح المنازل في منتصف الليل داخل جميع محافظات مصر ليجبر الشعب على قبول الأمر الواقع والرئيس الذي لا يريده؛ فهل ستكونون كالعادلي تحافظون على بقاء مبارك كرئيس دولة مرفوض بإبادة الشعب أو تجويعه؟.
هل إن استمر الشعب على إصراره سيطلق الجيش، جيش الأمة وجيش الشعب، الجيش الذي لم تلطخ يده بدماء شعب مصر طيلة وجوده منذ آلاف السنين ، هل سيطلق طائراته الأف 16 بأوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الطيار وصاحب الضربة الجوية الأولى ضد شعب مصر الأعزل ليصبح بذلك الجندي الطيار حسني مبارك هو صاحب الضربتين الأولتين واحدة ضد العدو وواحدة ضد الشعب؟ .. هل ستعاونونه على ذلك ضد شعب مصر؟، وهل إذا لم يرضخ الشعب الذي يتظاهر اليوم وفيه الكثير يرتدي كفنه تحت إصرار الحرية أو الموت وأصر بالفعل هذا الشعب الرائع ( خير أجناد الأرض ) على موقفه تجاه رحيل مبارك هل سيقرر قادة الجيش وأنت واحد منهم تصويب مدافع الجيش المصري ودبابات الجيش المصري ضد شعب مصر حتى يقبلوا مبارك رئيسا طوعاً أو كرها ؟.
كيف يمكن أن يظل مبارك يا سيدي رئيسا بلا كرامة، وأرجو أن لا تغضبك هذه الكلمة التي لم أكن أجرؤ أن أتفوه بها قبل أيام من الآن لكوني كنت احمل له احتراما كاملاً بسبب ماضيه الشريف كجندي مصري ولكن الآن في هذه المحنة التي تمر بها مصر بسببه أصبح حاضره غير وطني وغير شريف ولا نحمل له أي بقايا من احترام حيث أحرق بحاضره البليد كل ماضيه الناصع الرائع ولم يعد يمتلك والذين سيكونون في معيته مستقبلاً سوى العار الذي سيلاحق الكل في كتب التاريخ حتى يوم القيامة، كيف يمكن أن يقبل مبارك أن يستمر رئيساً بلا كبرياء مستجديا كرسيا لعينا على حساب تاريخه وشرف الجندية الذي امتلكه حربا وسلما؟ كيف سيكون حال أحفاده حينما يدرسون في كتب التاريخ أن مصر كان يحكمها في يوم من الأيام ديكتاتور يدعى حسني مبارك لم يترك كرسي حكمه إلا بعدما أحرق مصر بمعاونة حلفاؤه ورفقاء السلاح معه في الماضي وحيث سيعدد التاريخ أسماء هؤلاء اسما اسما كما عدد اسم خنفس وأصدقائه ممن تحالفوا مع السراي ضد الشعب فدخل الإنجليز مصر واحتلوها ثمانين عاما وربما يريد مبارك بكل سيناريوهاته العنيفة والغير منطقية والغير وطنية تلك أن تحتلنا إسرائيل كما احتلتنا انجلترا بعدما انقسم الجيش على نفسه وعلى بعضه بعضاً، وانه ربما من وراء ظهوركم عقد مع إسرائيل صفقة بخصوص تلك المسألة ويستخدمكم اليوم بكل شياطين نفسه وجبروته في أخريات أيامه لتحقيق هذا المأرب الشرير؟!.
لقد ثار الملايين في مصر والعالم يريدون من مبارك التنحي، يقولون لا نريدك، يصفونه بالديكتاتور وقد صار بفعلته ( العار ) هذه ديكتاتوراً بالفعل، كيف سيواجه الشعب لو انتصر في جولته تلك بكم، بل كيف ستواجه أنت يا سيدي أمتك ووطنك وشعبك وقد آزرته ودعمته وساندته ضد رغبة الشعب بعد أن تنتهي مدة خدمته في نوفمبر القادم – إذا تسنى له الانتصار في هذه الجولة ولن ينتصر - وحينما يتغير الدستور وتقام الانتخابات الحرة ويرفضك الشعب لكونك كنت ( سوطاً ) في يده، سوطاً في يد الزعيم الديكتاتور يصوبه كيف شاء على ظهور شعبه وشعبك، ولولا مؤازرتك ودعمك ومساندتك ( أنت بالذات وتحديداً ) ما فعل كل ذلك الذي يفعله الآن بمصر وبشعب مصر، ولنجت مصر من المحرقة.
سيدي عمر سليمان إن اللحظة التي نعيشها جميعا الآن ليست محاولة اغتيال سيادة الرئيس مبارك من مجموعة أجنبية تريد أنت أن تنقذه منها كما فعلت معه سابقاً كجندي مصري شريف في أديس أبابا، لكون هذه اللحظة تختلف، هذه اللحظة هي لحظة قرار أمه، قرار شعب، قرار وطن، الكل يرفض مبارك رئيساً ويريده أن يرحل، لكونه صار رئيساً يكره هذه الأمة ويكره هذا الشعب ويكره هذا الوطن، ويجب أن تعلم أنه الآن هو الذي يغتال نفسه بالفعل وأنك لن تحيي الموتى يا سيدي لكونك لست إلهاً، ولن تستطيع أن تنقذه هذه المرة حتى ولو كنت نصف إله!!، لماذا؟ .. لأن وقت إنقاذه قد فات تماماً وقلب الشرف الوطني الذي كان يمتلكه قد توقف في صدر شعب مصر كله ولم يعد ينبض، شعب مصر الذي يستعد الآن لإقامة سرادق العزاء بعد أن ينتهي من دفن أسوأ فترة سوداء حالكة مرت عليه في فترات وجوده المعاصر واستمرت لأكثر من ثلاثين عاما وكان يريدها مبارك أن تمتد مائة عام أخرى بتوريثه حكم مصر لأبنائه وأحفاده من بعده.
الجندي المصري الشريف عمر سليمان، إن انحيازك للسراي لن يكتبه التاريخ في صفحات الشرف العسكري والوطني لكونه انحيازا لديكتاتور، نحن جميعا شعب مصر نكن لك كل الاحترام والتقدير ونضعك مثالا وطنيا للبطولة والشرف والفداء، لذلك فالشعب يرى فيك ومنذ زمن انك لن تصلح لأي دور سوى دور البطولة، البطولة التي تردد مآثرها ومواقفها حكايات الفلاحين والبسطاء من شعب مصر على طول التاريخ في المستقبل، نأبى بكل ما تحمله أنت من شرف نعلمه ولا نعلمه إلا أن تنحاز للشعب يا سيدي، انحاز لجموع الشعب المصري الطيب لتصبح بمصر وبالتاريخ بطلاً شعبيا، إنها فرصتك الأخيرة للنجاة، فرصتك الأخيرة للخلود، ألا تستحق مصر الحقيقية منك ذلك؟


السيد عمرو سليمان .. انحاز للمصريين وكن بطلاً شعبياً


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
أنت من القلائل الذين يحمل لهم الشعب المصري احتراماً وتقديراً عظيمين، فأنت تحمل من الشرف العسكري والوطني ما يزخر به تاريخك الذي نعتبره جزءاً من تاريخ مصر المضئ، ولكن إذا اصطدم الشرف العسكري بالشرف الوطني فإن الجندي الشريف ينحاز حتماً للشرف الوطني وأنت جندي مصري شريف، لم تلوثك الأحداث ولم تثار حولك الإشاعات ولا الأقاويل ولا الفضائح التي طالت الكل.
إن مبارك لاشك جندي مصري يحمل تاريخه العسكري شرفاً ونبلا وطنيا ولكنه اليوم وبعناد لم نره في هتلر يضحي بشرف هذا الوطن مقابل شرفه العسكري الذي حتما سينساه التاريخ أمام تجاهله – عن عمد - للإجماع الشعبي، وتجويعه شعب مصر طيلة ايام انتفاضته التي تعلم أنها انتفاضة شرعية وحرة، ويعلم الله كم سيستمر تجويع هذا الشعب وحبسه الذي يستمر 17 ساعة يوميا في سابقة لم تحدث لأي شعب في العالم حتى في زمن الحرب العالمية الثانية، فأي جبروت هذا وأي طغيان ذلك الذي يفرض على أمة قوامها أكثر من ثمانين مليون في أن يقوم شخص واحد فيها لمجرد انه الرئيس أن يحبس شعبها كله بأكمله لمدة 17 ساعة يومياً، ويفرض عليه حظر التجول والحرية!!.
حبس شعب كامل وعزل وتحويل وطن بالكامل إلى بلد يحيا في العصور الوسطى ويتفوق بعزلته تلك على أفغانستان وكوريا الشمالية في انقطاعه عن العالم، عزل أمة كاملة وقطع شبكات اتصالها بالعالم الخارجي ( عمداً ) من اجل ماذا؟ كل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الحفاظ على شخص واحد لكونه كان في يوم من الأيام رئيساً لمصر!! وأوشك بالفعل على الموت لكونه قد قارب على التسعين من عمره؟ ، فهل هذا هو الشرف العسكري؟، حرق وطن بالكامل من اجل شخص هل هذا هو الشرف العسكري؟ انهيار البورصة والبنية التحية وأسعار النفط من أجل الحفاظ على رجل واحد!!، غرق الأمة كلها في طين العوز والخوف والانفلات والفراغ الأمني على مرأى ومسمع منكم جميعاً وخسارتها اقتصاديا في عدة ساعات خسارة بحجم يتفوق على حجم خسارتها الاقتصادية في أيام النكسة، بسبب الحفاظ على رجل واحد!!، أي منطق وطني تدار به الأمور أيها الجندي الشريف عمر سليمان؟ أي شرف وطني يمكن أن نتوهمه ونتوهم أنه سيقفز على صدورنا بنياشين الشرف بسبب مؤازرة ديكتاتور وحرق وطن وترهيب وتجويع شعب كامل لمجرد أنه يريد أن يتنفس بعض شهيق من حرية تم حرمانه منها لأكثر من ثلاثين عاماً ولمجرد أنه لا يريد شخص – مبارك - أن يظل رئيساً عليه بالإكراه.
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
إن مبارك استطاع أن يرسم خطة الأرض المحروقة على شرفكم العسكري والوطني، أن يستخدم صداقتكم له وشرفكم العسكري ليجعله جسراً يدوس عليه فوق شرف الوطن وشرفكم بل وتاريخه كله أيضاً الذي قدم فيه أعظم صور التضحية كجندي وطني مصري، ليضيع كل شئ، كل شئ، يضيع وتضيعون، لكون التاريخ حتى ولو انتصر مبارك في خطته الحالية لإجهاض الثورة وإطفاء النور - وأؤمن أنه لن ينجح - فأن انتصاره هذا لن يتعدى بضعة أسابيع كانتصار شخصي خالي تماما من كل شرف وطني أو إنساني، وسينهار بعدها كل شئ، كل شئ، وستنهارون معه للأبد.
إن ما فعله حبيب العادلي الذي يطالب المصريون اليوم برأسه وسيحصلون عليها وأنت تعلم يا سيدي أنهم سيحصلون عليها لكون مطالب الشعوب مهما تأجلت فأنها واقعة كالقدر واللعنة في آن واحد على كل من وقف ضد حركة الأمة، ما فعله حبيب العادلي من قمع وترهيب وقتل وسحل وتكميم أفواه بل وتهديد الرئيس نفسه أمامكم في أيام العادلي الأخيرة بأنه لو نزل الجيش للشارع فإنه سيترك الساحة ويرحل ويفعل بكم جميعا المفاجآت لصالح أجنده تخصه وقد فعلها حقاً وبقدره لا يقوى على استبداعها الشيطان الرجيم لدرجة وصلت به لقتل زملائه مثلما فعل في اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم؛ لقد لوث هذا القائد حبيب العادلي الذي اختاره النظام ليحرق به الشعب تاريخ الشرطة المصرية كلها وألحق بها وبمستقبلها وبكل رجالتها العار الذي لن ينمحي أبدا في يوم عيدها وعيدهم والذي لم يعد عيدها وعيدهم بعد الآن بل عيد انتفاضة شباب مصر وشهداء مصر الثورة وحيث سيتزامن في مستقبل مصر مع ذكرى يوم العار للشرطة، ذلك الكيان الذي كان جباراً كجبروت هامان وزير الفرعون ثم اكتشفنا في أيام الفراغ الأمني أن الذي يؤدي دور هذا الجهاز الجبار وبكل كفاءة ونزاهة هم طلبة المدارس الثانوي من أبناء مصر، هذا الجهاز الفزاعة الكبير الذي كان يموج بمليون ونصف مليون جندي ( ضعف حجم الجيش المصري ) صار يؤدي دوره بكفاءة طلبة المدارس الثانوية المصرية بعدما اختفى ليحقق مفاجأته للوطن بممارسة البلطجة وترويع الناس وهو يرتدي بدلا من زى رجال الشرطة حماة امن مصر الداخلي أزياء النساء المنقبات ويعتلي أسطح المنازل في منتصف الليل داخل جميع محافظات مصر ليجبر الشعب على قبول الأمر الواقع والرئيس الذي لا يريده؛ فهل ستكونون كالعادلي تحافظون على بقاء مبارك كرئيس دولة مرفوض بإبادة الشعب أو تجويعه؟.
هل إن استمر الشعب على إصراره سيطلق الجيش، جيش الأمة وجيش الشعب، الجيش الذي لم تلطخ يده بدماء شعب مصر طيلة وجوده منذ آلاف السنين ، هل سيطلق طائراته الأف 16 بأوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الطيار وصاحب الضربة الجوية الأولى ضد شعب مصر الأعزل ليصبح بذلك الجندي الطيار حسني مبارك هو صاحب الضربتين الأولتين واحدة ضد العدو وواحدة ضد الشعب؟ .. هل ستعاونونه على ذلك ضد شعب مصر؟، وهل إذا لم يرضخ الشعب الذي يتظاهر اليوم وفيه الكثير يرتدي كفنه تحت إصرار الحرية أو الموت وأصر بالفعل هذا الشعب الرائع ( خير أجناد الأرض ) على موقفه تجاه رحيل مبارك هل سيقرر قادة الجيش وأنت واحد منهم تصويب مدافع الجيش المصري ودبابات الجيش المصري ضد شعب مصر حتى يقبلوا مبارك رئيسا طوعاً أو كرها ؟.
كيف يمكن أن يظل مبارك يا سيدي رئيسا بلا كرامة، وأرجو أن لا تغضبك هذه الكلمة التي لم أكن أجرؤ أن أتفوه بها قبل أيام من الآن لكوني كنت احمل له احتراما كاملاً بسبب ماضيه الشريف كجندي مصري ولكن الآن في هذه المحنة التي تمر بها مصر بسببه أصبح حاضره غير وطني وغير شريف ولا نحمل له أي بقايا من احترام حيث أحرق بحاضره البليد كل ماضيه الناصع الرائع ولم يعد يمتلك والذين سيكونون في معيته مستقبلاً سوى العار الذي سيلاحق الكل في كتب التاريخ حتى يوم القيامة، كيف يمكن أن يقبل مبارك أن يستمر رئيساً بلا كبرياء مستجديا كرسيا لعينا على حساب تاريخه وشرف الجندية الذي امتلكه حربا وسلما؟ كيف سيكون حال أحفاده حينما يدرسون في كتب التاريخ أن مصر كان يحكمها في يوم من الأيام ديكتاتور يدعى حسني مبارك لم يترك كرسي حكمه إلا بعدما أحرق مصر بمعاونة حلفاؤه ورفقاء السلاح معه في الماضي وحيث سيعدد التاريخ أسماء هؤلاء اسما اسما كما عدد اسم خنفس وأصدقائه ممن تحالفوا مع السراي ضد الشعب فدخل الإنجليز مصر واحتلوها ثمانين عاما وربما يريد مبارك بكل سيناريوهاته العنيفة والغير منطقية والغير وطنية تلك أن تحتلنا إسرائيل كما احتلتنا انجلترا بعدما انقسم الجيش على نفسه وعلى بعضه بعضاً، وانه ربما من وراء ظهوركم عقد مع إسرائيل صفقة بخصوص تلك المسألة ويستخدمكم اليوم بكل شياطين نفسه وجبروته في أخريات أيامه لتحقيق هذا المأرب الشرير؟!.
لقد ثار الملايين في مصر والعالم يريدون من مبارك التنحي، يقولون لا نريدك، يصفونه بالديكتاتور وقد صار بفعلته ( العار ) هذه ديكتاتوراً بالفعل، كيف سيواجه الشعب لو انتصر في جولته تلك بكم، بل كيف ستواجه أنت يا سيدي أمتك ووطنك وشعبك وقد آزرته ودعمته وساندته ضد رغبة الشعب بعد أن تنتهي مدة خدمته في نوفمبر القادم – إذا تسنى له الانتصار في هذه الجولة ولن ينتصر - وحينما يتغير الدستور وتقام الانتخابات الحرة ويرفضك الشعب لكونك كنت ( سوطاً ) في يده، سوطاً في يد الزعيم الديكتاتور يصوبه كيف شاء على ظهور شعبه وشعبك، ولولا مؤازرتك ودعمك ومساندتك ( أنت بالذات وتحديداً ) ما فعل كل ذلك الذي يفعله الآن بمصر وبشعب مصر، ولنجت مصر من المحرقة.
سيدي عمر سليمان إن اللحظة التي نعيشها جميعا الآن ليست محاولة اغتيال سيادة الرئيس مبارك من مجموعة أجنبية تريد أنت أن تنقذه منها كما فعلت معه سابقاً كجندي مصري شريف في أديس أبابا، لكون هذه اللحظة تختلف، هذه اللحظة هي لحظة قرار أمه، قرار شعب، قرار وطن، الكل يرفض مبارك رئيساً ويريده أن يرحل، لكونه صار رئيساً يكره هذه الأمة ويكره هذا الشعب ويكره هذا الوطن، ويجب أن تعلم أنه الآن هو الذي يغتال نفسه بالفعل وأنك لن تحيي الموتى يا سيدي لكونك لست إلهاً، ولن تستطيع أن تنقذه هذه المرة حتى ولو كنت نصف إله!!، لماذا؟ .. لأن وقت إنقاذه قد فات تماماً وقلب الشرف الوطني الذي كان يمتلكه قد توقف في صدر شعب مصر كله ولم يعد ينبض، شعب مصر الذي يستعد الآن لإقامة سرادق العزاء بعد أن ينتهي من دفن أسوأ فترة سوداء حالكة مرت عليه في فترات وجوده المعاصر واستمرت لأكثر من ثلاثين عاما وكان يريدها مبارك أن تمتد مائة عام أخرى بتوريثه حكم مصر لأبنائه وأحفاده من بعده.
الجندي المصري الشريف عمر سليمان، إن انحيازك للسراي لن يكتبه التاريخ في صفحات الشرف العسكري والوطني لكونه انحيازا لديكتاتور، نحن جميعا شعب مصر نكن لك كل الاحترام والتقدير ونضعك مثالا وطنيا للبطولة والشرف والفداء، لذلك فالشعب يرى فيك ومنذ زمن انك لن تصلح لأي دور سوى دور البطولة، البطولة التي تردد مآثرها ومواقفها حكايات الفلاحين والبسطاء من شعب مصر على طول التاريخ في المستقبل، نأبى بكل ما تحمله أنت من شرف نعلمه ولا نعلمه إلا أن تنحاز للشعب يا سيدي، انحاز لجموع الشعب المصري الطيب لتصبح بمصر وبالتاريخ بطلاً شعبيا، إنها فرصتك الأخيرة للنجاة، فرصتك الأخيرة للخلود، ألا تستحق مصر الحقيقية منك ذلك؟


الاثنين، 31 يناير 2011

إنهم يريدون إجهاض الثورة في مصر


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
مبارك تأخذه العزة بالإثم الآن، إنه لا يتصور أن يكون مرفوضاً من الشعب، لقد أثبت للعالم ( الحر ) أن الشعب هو عدوه الحقيقي بل وعدو العالم ( الحر ) الذي رغم تشدقه بحقوق الإنسان والحرية والعدل والمساواة لا يحرك ساكنا تجاه مبارك الذي يذبح شعبه الآن أيضا باسم الحرية والعدل والمساواة، أو كما قال لي أحد الصحفيين الأمريكيين: أن أميركا في ورطة فهي لا تدري أتضحي بمبارك لكونه ديكتاتور رغم صداقته لكل زعماء الغرب فتنهار بعد التضحية به كل الزعامات الصديقة في المنطقة وتخسر أميركا كل شئ، أم تنحاز لشعاراتها الرنانة التي تنادي بها وهي العدل والحرية والمساواة للشعوب وتنحاز بذلك للشعب المصري فينتج عن انحيازها هذا ديمقراطية ربما تفرز حكماً إسلاميا اخوانياً وتتحول مصر لإيران أخرى ويسير الشرق الأوسط كله على خطاها فتنشب بذلك الحرب العالمية الثالثة، نحن في مأزق يا صديقي ولا حل إلا بمبارك بعد التعديل، مبارك مع بعض الرتوش!!.
ومن هنا كان تعيينه لنائب رئيس ( رتوش ) وتعيينه لرئيس وزراء ( رتوش ) وتضحيته بأحمد عز والعادلي ( رتوش) واجتماعه – بعد الرتوش - بهيئة أركان الحرب وقادة الحرب في مصر داخل غرفة عمليات الحرب لمتابعة تطورات ما يحدث من الشعب في محاولة مستميتة لإجهاضه وقبوله لتلك الرتوش رغما عنه.
أن ذلك كله دليل على الإستماته في ذبح الثورة .. إطفاء النور الذي لم نره منذ ثلاثين عاماً، وأضاء بالشعب وبالشباب المصري دون وصاية من احد أو تحت غطاء أي قوى، وسواء خافت أميركا أو لم تخف، وافقت أو رفضت، انحازت لمبارك أو انحازت للشعب ، فهذا لن يغير من الأمر شيئا لأن الشباب المصري الذي خرج بدافع من ذاته بدافع من ضميره وبدافع من مصريته لا يتلقى أوامره من أحد، ولا يهمه إن انحازت أميركا لمبارك أو انحازت أميركا له، أنها ثورته وسيسجلها التاريخ ناصعة غير ملوثة بالمصالح والحسابات والأحزاب،إنها ثورة شعبية مصرية وطنية للنخاع لا يلوثها حزب أو نظام أو أيديولوجية.
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
نحن نثق في رجال الجيش، جيش مصر الذي لم تلطخ يده بدماء المصريين أبداً طيلة تاريخه، نحن نحترم عمرو سليمان، نحترم شفيق، نحترم سامي عنان، بل ونحترم تاريخ حسني مبارك العسكري وما قدمه لمصر كرجل عسكري وجندي مصري قبل أن يتحول لكل هذا الجبروت وهذا الكره الكبير لشعبه، نحترم كل رجال الجيش الشرفاء، ولكن سؤالنا لكم لماذا تقفون هذا الموقف مع رئيس يكره شعبه كل هذا الكره؟، إن كان بسبب ماضيه العسكري المشرف، فحاضره المدني غير شريف وانتم أول العارفين بذلك بل ونبهتموه أكثر من مرة وأخرها منذ عامين أو ثلاثة في مطار الماظة وقلتم له بعد أن ظهر جمال ابنه على السطح كوريث لعرش مصر الرئاسي أن الثورة ابنة الجيش يا ريس ولن يسمح الجيش بجمال مبارك وريثا فوافق وهو مذعور، أو هكذا جاءتنا المعلومات مؤكدة أو غير مؤكده لا يهم ولكن الذي يهم هو أن مبارك يعلم انه صفرا بدون أصدقائه العسكريين، ولكنه اليوم يستغل شرف أصدقائه العسكريين في حرق الوطن، فالسيد عمر سليمان يعلم أن ( منحة ) نائب الرئيس التي منحها له الرئيس لا قيمة لها على الإطلاق بل أن موقعه كرئيس للمخابرات أكثر قيمة مئات المرات وأكثر شرفاً مما هو عليه الآن، لكون ما هو عليه الآن ليس إلا جسر يحاول أن يدوسه مبارك كرئيس مكروه ومرفوض ليظل رئيساً فقط حفاظاً على كبريائه حتى لو احترق الوطن كله، إنه يريد ويستميت في أن يكون رئيساً بسياسة الأرض المحروقة، إنه يحرق مصر الآن، يقول أنا أو الفوضى كما قال للغرب أنا أو الإسلاميين، إنه يدفع الناس بالفعل لمجزرة مع الجيش لنفقد الثقة فيكم وتفقدوا الثقة فينا فتقتلونا بالآلة العسكرية التي من المفروض أن تصوب في صدور أعداء الوطن لا في قلب الوطن فيزول بأيدي أبنائه، وأرى كما يرى المصريون جميعاً أن التاريخ سيكتب أسمائكم بحروف من نور إن انحزتم للشعب، انتم بفعلتكم هذه وبتعاونكم في اللحظات الأخيرة مع النظام تكونون ضد الشعب وضد التاريخ، إن شرفكم العسكري وتاريخكم الوطني الشريف يأبى عليكم إلا أن يسجل حتماً في صفحات الحرية، نحن كمصريين لا ندعوكم للانقلاب علي الرئيس فلسنا أهل لذلك وربما نعلم أو لا نعلم أن هناك مسائل كثيرة تمنع ذلك منكم، ولكن لا تشاركوه لحظة الجبروت فتكونون كهامان وزير الفرعون، انحازوا للشعب الذي يضمر لكم في قلبه كل الشرف والحب والإكبار ولا تخسروه في لحظات الحكم الأخيرة، واكرر .. إنها لحظات الحكم الأخيرة لكون النظام مات إكلينيكيا بالفعل، ولم يتبق له إلا لحظات لتكتب له رسميا شهادة الوفاة، انحازوا للشعب وسجلوا في سجل خدمتكم شرف الانحياز للأمة، انحازوا للشعب الذي هو انتم ونحن، فأنتم منا ونحن منكم، لا تضيعوا الفرصة وتكتبوا بأيديكم ما فعله خنفس وأصحابه حينما خذلوا الشعب وباعوا عرابي وانحازوا للسراي والخديوي، إن الشرف الوطني الذي تعلمناه على أيديكم يجعلنا نأبى إلا أن تكونوا مع الشعب.
نعلم أن النظام في مصر رغم الفلتان الأمني مازال موجوداً وبقوة بدليل القبض على احمد عز وإرغامه على تقديم استقالته من الحزب الوطني ورئاسة لجنة تنظيم السياسات بناء على مذكرة تقدم بها أيمن نور للنائب العام وتم تنفيذها على الفور وبموجبها تم القبض على احمد عز بالمطار قبل هروبه بخمس وأربعين دقيقة مع زوجته وزوجة جمال مبارك خديجة الجمال وابنتهما فريدة، بل والأكثر من ذلك هو إشاعة القبض على حبيب العادلي بتهمة الخيانة لإعطائه الأوامر باختفاء مليون ونصف مليون ضابط وجندي أمن مركزي فجأة وتماما من كل ربوع مصر لأحداث فراغ وفلتان أمني في الشارع المصري، وكأنهم كانوا جنودا من ورق تم حرقه ببساطة لتذروه الرياح ويختفي، مليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) بكل آلياته ومدرعاته وقنابله ورصاصه الحي والمطاطي وغاز الخردل وقنابله الكيماوية الأخرى التي من شأنها أن يفقد الإنسان بها سيطرته على الحركة، ، اختفوا فجأة!!، مليارات الدولارات منح لا ترد من العالم ( الحر) وبمؤازرة العالم ( الحر ) رأيناها بأم أعيننا تقمع وتحرق شعوب عزلاء لا تملك إلا سكاكين المطبخ وأعمدة ستائر غرف نومهم للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، حبيب العادلي الذي بعد أن أعلن مبارك عن تعيين نائب له حرك جموع البلطجية وشاويشية امن الدولة السريين لفتح أبواب السجون لإطلاق سراح آلاف المسجلين خطر وإعطائهم أسلحة اتوماتيكية وانتشارهم في كل مكان بمصر من إسكندرية لأسوان لترويع المتظاهرين وإلهائهم عن الثورة بالدفاع عن ممتلكاتهم في محاولة يائسة شيطانية لتمكن النظام الديكتاتوري في لحظة الإلهاء تلك من أن يتشبث بأخر مالديه من هواء في صدره بكرسي الحكم، لقد علمنا بهروب كل رجال الأعمال المحبوسين في السجون وعلى رأسهم هشام طلعت مصطفي الذي وصلتني معلومات بأنه ينعم الآن بممارسة الجنس في بريطانيا ( العظمى ) بعدما أطلق سراحه وهرب مع قتلة المسيحيين في نجع حمادي ومنهم " الكموني" والذين معه الذين كانوا يواجهون حبل المشنقة بعد أيام، هرب الجميع الذين قتلوا شبابنا وسرقوا أموالنا وسرقوا الدستور والقانون وفصلوا دستورا وقانونا جديدا على مقاسهم ومقاس مصالحهم حتى التصقت بطون الناس بظهورهم من شدة القهر، والمدهش أن تمنح المؤسسات الدينية رغم علمها بكل ذلك في مصر وهي ( الأزهر والكنيسة ) منحة نيشان التهنئة لمبارك على حكمته في اختيار نائباً له في أخريات أيام حكمه الأخيرة، دون النظر - شرعاً ماداموا رجال دين أو المفروض أنهم رجال دين - إلى أنهم يفعلون الحرام ولكنه من خلالهم أصبح بالفعل الحرام المقدس.
إن رجال الشرطة في جهاز الشرطة المنحل والذين رأينا غالبهم منذ يومين فقط وتحديدا في جمعة الغضب وقبل اختفائهم كليا يفرون بملابسهم الداخلية أمام المتظاهرين بعد أن سلموهم الملابس والبنادق الميري وراحوا يستنجدون بربات البيوت والنساء في الشوارع الجانبية أن تحميهم داخل المنازل من بطشة الغاضبين، رأينا هذا في الإسكندرية والسويس والمحلة والمنصورة وعدة عواصم مصرية، حتى جبابرة أمن الدولة استطاعوا أن يحرقوا كل المستندات والوثائق التي تدينهم بحق تلفيق آلاف التهم وجرائم القتل بحق أبرياء مصريون طيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك وهذا ليس كلامي ولكنه كلام رئيس نادي قضاة مصر الذي يطالب اليوم برؤوسهم جميعا بتهمة الخيانة التي قد تُعرض المئات منهم لحبل المشنقة، هؤلاء الجبابرة وبعد اجتماع مبارك بغرفة عمليات الحرب، ظهروا من جديد، قتلوا اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم لرفضه إطلاق سراح خمسة آلاف سجين، قال لهم لن اسمح بخروج المساجين، لن أخون البلد والشعب والدستور، فكانت آخر كلمة سمعها قبل أن يردوه قتيلا في مكتبه بسجن الفيوم (.....) أمك على ( ....) أم الشعب على (....) الدستور.
أطلقوا سراح البلطجية الذين ارتدوا في بعض المناطق زى النساء المنقبات وأطلقوا الرصاص على الناس من أسطح العمارات، ارتدوا ملابس النساء ليدللوا على انتمائهم الجنسي الأصلي وحملوا السلاح وأطلقوه على الشعب الأعزل ليدفعوه لقبول حكم نظام أعلنت وفاته بالفعل وان لم تكتب شهادة وفاته بعد، حملوا السلاح الميري والآلي ليروعوا الناس ويلهو الناس بهم في الدفاع عن حياتهم وينسوا الثورة، هذا هو النظام وأفاعيله التي لم نرها حتى في دولة الصومال وما تحويه من فوضى، إننا نهيب برجال الجيش الشرفاء، جيش مصر الصادق الوعد الأمين، أنت حامي الشعب، فلا تشارك في إجهاض شعلة النور التي نحاول أن نراها منذ ثلاثين عاماً.


إنهم يريدون إجهاض الثورة في مصر


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
مبارك تأخذه العزة بالإثم الآن، إنه لا يتصور أن يكون مرفوضاً من الشعب، لقد أثبت للعالم ( الحر ) أن الشعب هو عدوه الحقيقي بل وعدو العالم ( الحر ) الذي رغم تشدقه بحقوق الإنسان والحرية والعدل والمساواة لا يحرك ساكنا تجاه مبارك الذي يذبح شعبه الآن أيضا باسم الحرية والعدل والمساواة، أو كما قال لي أحد الصحفيين الأمريكيين: أن أميركا في ورطة فهي لا تدري أتضحي بمبارك لكونه ديكتاتور رغم صداقته لكل زعماء الغرب فتنهار بعد التضحية به كل الزعامات الصديقة في المنطقة وتخسر أميركا كل شئ، أم تنحاز لشعاراتها الرنانة التي تنادي بها وهي العدل والحرية والمساواة للشعوب وتنحاز بذلك للشعب المصري فينتج عن انحيازها هذا ديمقراطية ربما تفرز حكماً إسلاميا اخوانياً وتتحول مصر لإيران أخرى ويسير الشرق الأوسط كله على خطاها فتنشب بذلك الحرب العالمية الثالثة، نحن في مأزق يا صديقي ولا حل إلا بمبارك بعد التعديل، مبارك مع بعض الرتوش!!.
ومن هنا كان تعيينه لنائب رئيس ( رتوش ) وتعيينه لرئيس وزراء ( رتوش ) وتضحيته بأحمد عز والعادلي ( رتوش) واجتماعه – بعد الرتوش - بهيئة أركان الحرب وقادة الحرب في مصر داخل غرفة عمليات الحرب لمتابعة تطورات ما يحدث من الشعب في محاولة مستميتة لإجهاضه وقبوله لتلك الرتوش رغما عنه.
أن ذلك كله دليل على الإستماته في ذبح الثورة .. إطفاء النور الذي لم نره منذ ثلاثين عاماً، وأضاء بالشعب وبالشباب المصري دون وصاية من احد أو تحت غطاء أي قوى، وسواء خافت أميركا أو لم تخف، وافقت أو رفضت، انحازت لمبارك أو انحازت للشعب ، فهذا لن يغير من الأمر شيئا لأن الشباب المصري الذي خرج بدافع من ذاته بدافع من ضميره وبدافع من مصريته لا يتلقى أوامره من أحد، ولا يهمه إن انحازت أميركا لمبارك أو انحازت أميركا له، أنها ثورته وسيسجلها التاريخ ناصعة غير ملوثة بالمصالح والحسابات والأحزاب،إنها ثورة شعبية مصرية وطنية للنخاع لا يلوثها حزب أو نظام أو أيديولوجية.
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
نحن نثق في رجال الجيش، جيش مصر الذي لم تلطخ يده بدماء المصريين أبداً طيلة تاريخه، نحن نحترم عمرو سليمان، نحترم شفيق، نحترم سامي عنان، بل ونحترم تاريخ حسني مبارك العسكري وما قدمه لمصر كرجل عسكري وجندي مصري قبل أن يتحول لكل هذا الجبروت وهذا الكره الكبير لشعبه، نحترم كل رجال الجيش الشرفاء، ولكن سؤالنا لكم لماذا تقفون هذا الموقف مع رئيس يكره شعبه كل هذا الكره؟، إن كان بسبب ماضيه العسكري المشرف، فحاضره المدني غير شريف وانتم أول العارفين بذلك بل ونبهتموه أكثر من مرة وأخرها منذ عامين أو ثلاثة في مطار الماظة وقلتم له بعد أن ظهر جمال ابنه على السطح كوريث لعرش مصر الرئاسي أن الثورة ابنة الجيش يا ريس ولن يسمح الجيش بجمال مبارك وريثا فوافق وهو مذعور، أو هكذا جاءتنا المعلومات مؤكدة أو غير مؤكده لا يهم ولكن الذي يهم هو أن مبارك يعلم انه صفرا بدون أصدقائه العسكريين، ولكنه اليوم يستغل شرف أصدقائه العسكريين في حرق الوطن، فالسيد عمر سليمان يعلم أن ( منحة ) نائب الرئيس التي منحها له الرئيس لا قيمة لها على الإطلاق بل أن موقعه كرئيس للمخابرات أكثر قيمة مئات المرات وأكثر شرفاً مما هو عليه الآن، لكون ما هو عليه الآن ليس إلا جسر يحاول أن يدوسه مبارك كرئيس مكروه ومرفوض ليظل رئيساً فقط حفاظاً على كبريائه حتى لو احترق الوطن كله، إنه يريد ويستميت في أن يكون رئيساً بسياسة الأرض المحروقة، إنه يحرق مصر الآن، يقول أنا أو الفوضى كما قال للغرب أنا أو الإسلاميين، إنه يدفع الناس بالفعل لمجزرة مع الجيش لنفقد الثقة فيكم وتفقدوا الثقة فينا فتقتلونا بالآلة العسكرية التي من المفروض أن تصوب في صدور أعداء الوطن لا في قلب الوطن فيزول بأيدي أبنائه، وأرى كما يرى المصريون جميعاً أن التاريخ سيكتب أسمائكم بحروف من نور إن انحزتم للشعب، انتم بفعلتكم هذه وبتعاونكم في اللحظات الأخيرة مع النظام تكونون ضد الشعب وضد التاريخ، إن شرفكم العسكري وتاريخكم الوطني الشريف يأبى عليكم إلا أن يسجل حتماً في صفحات الحرية، نحن كمصريين لا ندعوكم للانقلاب علي الرئيس فلسنا أهل لذلك وربما نعلم أو لا نعلم أن هناك مسائل كثيرة تمنع ذلك منكم، ولكن لا تشاركوه لحظة الجبروت فتكونون كهامان وزير الفرعون، انحازوا للشعب الذي يضمر لكم في قلبه كل الشرف والحب والإكبار ولا تخسروه في لحظات الحكم الأخيرة، واكرر .. إنها لحظات الحكم الأخيرة لكون النظام مات إكلينيكيا بالفعل، ولم يتبق له إلا لحظات لتكتب له رسميا شهادة الوفاة، انحازوا للشعب وسجلوا في سجل خدمتكم شرف الانحياز للأمة، انحازوا للشعب الذي هو انتم ونحن، فأنتم منا ونحن منكم، لا تضيعوا الفرصة وتكتبوا بأيديكم ما فعله خنفس وأصحابه حينما خذلوا الشعب وباعوا عرابي وانحازوا للسراي والخديوي، إن الشرف الوطني الذي تعلمناه على أيديكم يجعلنا نأبى إلا أن تكونوا مع الشعب.
نعلم أن النظام في مصر رغم الفلتان الأمني مازال موجوداً وبقوة بدليل القبض على احمد عز وإرغامه على تقديم استقالته من الحزب الوطني ورئاسة لجنة تنظيم السياسات بناء على مذكرة تقدم بها أيمن نور للنائب العام وتم تنفيذها على الفور وبموجبها تم القبض على احمد عز بالمطار قبل هروبه بخمس وأربعين دقيقة مع زوجته وزوجة جمال مبارك خديجة الجمال وابنتهما فريدة، بل والأكثر من ذلك هو إشاعة القبض على حبيب العادلي بتهمة الخيانة لإعطائه الأوامر باختفاء مليون ونصف مليون ضابط وجندي أمن مركزي فجأة وتماما من كل ربوع مصر لأحداث فراغ وفلتان أمني في الشارع المصري، وكأنهم كانوا جنودا من ورق تم حرقه ببساطة لتذروه الرياح ويختفي، مليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) بكل آلياته ومدرعاته وقنابله ورصاصه الحي والمطاطي وغاز الخردل وقنابله الكيماوية الأخرى التي من شأنها أن يفقد الإنسان بها سيطرته على الحركة، ، اختفوا فجأة!!، مليارات الدولارات منح لا ترد من العالم ( الحر) وبمؤازرة العالم ( الحر ) رأيناها بأم أعيننا تقمع وتحرق شعوب عزلاء لا تملك إلا سكاكين المطبخ وأعمدة ستائر غرف نومهم للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، حبيب العادلي الذي بعد أن أعلن مبارك عن تعيين نائب له حرك جموع البلطجية وشاويشية امن الدولة السريين لفتح أبواب السجون لإطلاق سراح آلاف المسجلين خطر وإعطائهم أسلحة اتوماتيكية وانتشارهم في كل مكان بمصر من إسكندرية لأسوان لترويع المتظاهرين وإلهائهم عن الثورة بالدفاع عن ممتلكاتهم في محاولة يائسة شيطانية لتمكن النظام الديكتاتوري في لحظة الإلهاء تلك من أن يتشبث بأخر مالديه من هواء في صدره بكرسي الحكم، لقد علمنا بهروب كل رجال الأعمال المحبوسين في السجون وعلى رأسهم هشام طلعت مصطفي الذي وصلتني معلومات بأنه ينعم الآن بممارسة الجنس في بريطانيا ( العظمى ) بعدما أطلق سراحه وهرب مع قتلة المسيحيين في نجع حمادي ومنهم " الكموني" والذين معه الذين كانوا يواجهون حبل المشنقة بعد أيام، هرب الجميع الذين قتلوا شبابنا وسرقوا أموالنا وسرقوا الدستور والقانون وفصلوا دستورا وقانونا جديدا على مقاسهم ومقاس مصالحهم حتى التصقت بطون الناس بظهورهم من شدة القهر، والمدهش أن تمنح المؤسسات الدينية رغم علمها بكل ذلك في مصر وهي ( الأزهر والكنيسة ) منحة نيشان التهنئة لمبارك على حكمته في اختيار نائباً له في أخريات أيام حكمه الأخيرة، دون النظر - شرعاً ماداموا رجال دين أو المفروض أنهم رجال دين - إلى أنهم يفعلون الحرام ولكنه من خلالهم أصبح بالفعل الحرام المقدس.
إن رجال الشرطة في جهاز الشرطة المنحل والذين رأينا غالبهم منذ يومين فقط وتحديدا في جمعة الغضب وقبل اختفائهم كليا يفرون بملابسهم الداخلية أمام المتظاهرين بعد أن سلموهم الملابس والبنادق الميري وراحوا يستنجدون بربات البيوت والنساء في الشوارع الجانبية أن تحميهم داخل المنازل من بطشة الغاضبين، رأينا هذا في الإسكندرية والسويس والمحلة والمنصورة وعدة عواصم مصرية، حتى جبابرة أمن الدولة استطاعوا أن يحرقوا كل المستندات والوثائق التي تدينهم بحق تلفيق آلاف التهم وجرائم القتل بحق أبرياء مصريون طيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك وهذا ليس كلامي ولكنه كلام رئيس نادي قضاة مصر الذي يطالب اليوم برؤوسهم جميعا بتهمة الخيانة التي قد تُعرض المئات منهم لحبل المشنقة، هؤلاء الجبابرة وبعد اجتماع مبارك بغرفة عمليات الحرب، ظهروا من جديد، قتلوا اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم لرفضه إطلاق سراح خمسة آلاف سجين، قال لهم لن اسمح بخروج المساجين، لن أخون البلد والشعب والدستور، فكانت آخر كلمة سمعها قبل أن يردوه قتيلا في مكتبه بسجن الفيوم (.....) أمك على ( ....) أم الشعب على (....) الدستور.
أطلقوا سراح البلطجية الذين ارتدوا في بعض المناطق زى النساء المنقبات وأطلقوا الرصاص على الناس من أسطح العمارات، ارتدوا ملابس النساء ليدللوا على انتمائهم الجنسي الأصلي وحملوا السلاح وأطلقوه على الشعب الأعزل ليدفعوه لقبول حكم نظام أعلنت وفاته بالفعل وان لم تكتب شهادة وفاته بعد، حملوا السلاح الميري والآلي ليروعوا الناس ويلهو الناس بهم في الدفاع عن حياتهم وينسوا الثورة، هذا هو النظام وأفاعيله التي لم نرها حتى في دولة الصومال وما تحويه من فوضى، إننا نهيب برجال الجيش الشرفاء، جيش مصر الصادق الوعد الأمين، أنت حامي الشعب، فلا تشارك في إجهاض شعلة النور التي نحاول أن نراها منذ ثلاثين عاماً.


السبت، 29 يناير 2011

يا أقباط مصر .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
مصر تلتهب منذ أربعة أيام، في فوضى أمنية حقيقية، خلت من عساكر الأمن بعد أن فروا في محافظات مصر، والآن .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ضابط واحد، ولم تسجل حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة. 

يا أقباط مصر ..
أناديكم .. أشد على أياديكم .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء
إذا وصلكم هذا المقال فسأكون قد نجحت في توصيل صوت الكثير من المصريين عبر هذا المنبر الحر رغم تحويل مصر إلى دولة من القرون الوسطى وبعدما عزلها النظام عن العالم في فضيحة لم نرها حتى في جمهوريات الموز.
هذه هي مصر تمر بأصعب مراحل تاريخها منذ حريق القاهرة في يناير 1951 وحتى يناير 2011 ، مصر الذي كشر فيها العادلي عن أنيابه وخان شعبه وخرج علينا بمليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي مدججين بالمصفحات والقنابل وغاز الخردل والرصاص المطاطي الأشد فتكاً من الرصاص الحي إذ يقتل الناس ببطء ليبيد شعب اعزل لصالح نظام عجوز تحت سمع وبصر الكل والعالم أجمع، 96 مليون مصري في اكبر قوة عربية ( مصر ) تركها العالم تتمخض في دمائها حتى يحسنون صنع حساباتهم ومصالحهم، شعب مصر الذي تركه العالم ( الحر ) بين مطرقة حكومة ونظام فاشستي وسندان خونة أمتهم كالسيد صفوت الشريف والسيد احمد عز اللذان جلبا العار لمصر ولفقا وأبدعا واستبدعا كل فساد في مصر حتى فساد نتائج الانتخابات بنسبة 99.99 % لصالح الحزب الوطني وكأن شعب مصر عبارة عن شعب من النعاج يمكن خداعهم بهذه المسرحية الهزلية المقيتة، لقد هرب الكل الآن، لم ينفع الشريف آلته الإعلامية الملفقة والتي تديرها رؤوس من القش ومجموعة من الكومبارس الفاشلين هم عار على مصر وشعبها ووجودها الحضاري، لم ينفع احمد عز ملايينه ونهبه لمقدرات شعب مصر بدءا من سرقة مصانع حديد الدخيلة التي أنشأها المصريون بكفاحهم وثورتهم وانتهاء بسرقته لكرامة مصر وكبريائها بتحكمه في برلمانها وإفساده وملئه بالبلطجية وقطاع الطرق وهو البرلمان الذي قال عنه يوما حكماء أوروبا عام 1924 أنه أعظم برلمانات الأرض، لم ينفع العادلي المليون ونصف المليون جندي أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) من أن يهرب من مصر نافدا بجلده، مليون ونصف مليون جندي وضابط امن مركزي قام بإعدادهم العادلي على أعلى مستويات الشراسة والتبلد في الشعور لحماية نفسه والنظام ضد شعب اعزل وبأموال شعب أعزل كل طموحه الحفاظ على كرامته وكرامة أبناءه في وطن هو بالفعل وطنه ووطن أجداده.
لقد هربت غالب رموز النظام والحكومة ولم تكن عمليه إقالة الحكومة التي ينادي بها الرئيس في أخريات أيامه مفاجأة إذ حتى إن لم يسقطها فهي غير موجودة بالفعل على ارض مصر لكونهم هربوا ونفدوا بجلدهم إلى انجلترا في صباح جمعة الغضب وقبل صلاة البرادعي في ساحة ميدان الجيزة.
لن أنسى خلع رجال الشرطة لملابسهم وتسليمهم السلاح والملابس للمتظاهرين وفرارهم عرايا يستنجدون بربات البيوت في الشوارع الجانبية من بطشة الشعب الأعزل الذي خانه وزير داخليتهـا، وبعد أن أدار العادلي ( أبوهم الروحي) لهم ظهره وهرب، وتركهم يتامى تحت قوانين القصاص الشعبي.
كانت عساكر الأمن وضباط الأمن يجرون عرايا بملابسهم الداخلية في الإسكندرية والسويس والشيخ زويد والمحلة والمنصورة على سبيل المثال بعد أن أزاقوا الناس مرارة الظلم والقتل والتنكيل وآخرها خالد سعيد وضحايا حرق كنائس شركاء الوطن الأقباط من الكشح وحتى الإسكندرية ليلة رأس السنة.
أعلنها أمام العالم كله، هذه مصر تلتهب منذ أربعة أيام، هذه مصر في فوضى أمنية حقيقية، هذه مصر خلت من عساكر الأمن وضباط الأمن بعد أن فروا في السويس وسيناء والإسكندرية، وهذه الآن .. اليوم .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ليس عليها ضابط أمن واحد، ولم تسجل في مصر حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة من مصري واحد، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة.
كل من ادعوا وأوهموا الناس بأن الشعب المصري هو من دعاة الفتنة وان مسلمي مصر يكرهون أقباطها فليخرج علينا الآن و يقول – ولو بالكذب – أن هناك حالة اعتداء واحدة تمت في هذا الغياب الأمني الغير مسبوق على كنيسة واحدة .. في أي محافظة أو قرية أو نجع، وليعلم مروجو الفتنه ومعهم كل الشرفاء في العالم أن ما حدث من حرق سابق وقتل سابق وتنكيل سابق لإخواننا الشرفاء أقباط مصر، هو بفعل رجال وزير الداخلية السابق ليثبت للعالم من خلال أجندة حقيرة أن الفعل لمسلمين متطرفين ومصريين متطرفين، وليثبت أنه - أي النظام الحالي – هو الدرع الواقي للعالم الحر وللأقليات وعلى رأسهم الأقباط من هؤلاء المتطرفين الساعين لكرسي الحكم ليحولوها إلى إيران أخرى والكل يعلم أن المصريون الذين ذاقوا حلاوة دستور 1923 لن يقبلوا حكما دينيا أبداً،.. وهذا السيناريو المقيت هو في في حقيقة الأمر لعبة سياسية حقيرة وواضحة راح ضحيتها العشرات ممن لا ذنب لهم من شباب قبطي مسالم وشباب مسلم مسالم أيضاً يبحث عن الحرية وكرامة العيش في دولة يريد أن تحقق له ولو الحد الأدنى من العدل والمساواة، ورغم أني لا أطيق تكرار أو حديث كلمة مسلم وقبطي بل مصريون، فإن كثيرين من هؤلاء المصريين الشرفاء ، زهرة شباب مصر راحوا ضحايا تلك الأجندة السياسية المقيتة والتي كانت – بواسطة العادلي والشريف وعز - تحاول بشراسة الإبقاء على النظام، والكارثة أن صدقها الأقباط أنفسهم ورددوها حتى أنهم اليوم وفي أحلك لحظات مصر التهابا واحتياجا لهم ولكل وطني شريف، انصاعوا لأوامر رجال الدين في الكنيسة وحرموا مصر في أيامها الحرجة من أن ترى أبناءها الأقباط يثورون جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين والكاثوليك والنوبيين والبروتستانت، لقد حرم رجال الكنيسة الأرثوذكسية مصر وحضن مصر من أن يلتحم معها في أيامها التاريخية تلك أبنائها الأقباط، لقد التزموا ( بالأمر ) بيوتهم ولم يخرجوا في ساعة الخلاص، وأقول لهم حان الوقت الآن .. ثوروا على أنفسكم ولا تحرموا مصر وطننا جميعا من وجودكم الحر الشريف الذي نعرفه.. أخرجوا .. شاركوا مصر لحظة الميلاد الجديد ولا تديروا ظهوركم لها .. كنائسكم لم يمسها مسلم واحد رغم الفوضى الأمنية .. لا تصدقوا دعاة الفتنة فنحن شعب واحد ومصير واحد .. وان كنتم معنا تطالبون بدولة مدنية شعارها الدين لله والوطن للجميع، فلتديروا ظهوركم لرجال الدين حتى تكون دعوة الدولة المدنية صادقة، فمن غير المعقول أن يطالب بالدولة المدنية من يسعون وراء زعيم ديني، مصر بحاجة إليكم وانتم جزء كبير وقوي ومخلص وشريف من شعب مصر، لا تتركوا هذه اللحظة التاريخية تفلت من أيديكم، لقد خرج رامي لكح وهو كاثوليكي مصري وتقبل الإهانة والضرب مع المتظاهرين وهو يصرخ في وجوه الطغاة أنا مصري مسيحي ورجل أعمال ولن اترك الناس حتى لا تكذبوا علينا غداً وتقولوا انتفاضة حرامية، لقد تحول ميدان التحرير إلى مسجد وكنيسة وصلي المصريون مسلمين مسيحيين صلاة واحدة مشتركة لمصر في أعظم صورة من صور التلاحم الوطني والديني منذ ثورة 19 ولكن لم يكن هناك أقباطاً كثيرين بل كاثوليك وبروتستانت !
مصر تريدكم يا إخواننا في الوطن .. تريدكم يا أقباط مصر، كذبوا عليكم وهاهي كنائسكم لا يحميها إلا شباب مصر، فأخرجوا إن كنتم تريدون مشاركة حقيقية في مستقبل مصر، لابد أن نرفض نصائح من تجاوزوا التسعين من العمر ليحرمونا من أن ندير وجوهنا شطر نهضة مصر في أحرج لحظاتها التاريخية.


يا أقباط مصر .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
مصر تلتهب منذ أربعة أيام، في فوضى أمنية حقيقية، خلت من عساكر الأمن بعد أن فروا في محافظات مصر، والآن .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ضابط واحد، ولم تسجل حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة. 

يا أقباط مصر ..
أناديكم .. أشد على أياديكم .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء
إذا وصلكم هذا المقال فسأكون قد نجحت في توصيل صوت الكثير من المصريين عبر هذا المنبر الحر رغم تحويل مصر إلى دولة من القرون الوسطى وبعدما عزلها النظام عن العالم في فضيحة لم نرها حتى في جمهوريات الموز.
هذه هي مصر تمر بأصعب مراحل تاريخها منذ حريق القاهرة في يناير 1951 وحتى يناير 2011 ، مصر الذي كشر فيها العادلي عن أنيابه وخان شعبه وخرج علينا بمليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي مدججين بالمصفحات والقنابل وغاز الخردل والرصاص المطاطي الأشد فتكاً من الرصاص الحي إذ يقتل الناس ببطء ليبيد شعب اعزل لصالح نظام عجوز تحت سمع وبصر الكل والعالم أجمع، 96 مليون مصري في اكبر قوة عربية ( مصر ) تركها العالم تتمخض في دمائها حتى يحسنون صنع حساباتهم ومصالحهم، شعب مصر الذي تركه العالم ( الحر ) بين مطرقة حكومة ونظام فاشستي وسندان خونة أمتهم كالسيد صفوت الشريف والسيد احمد عز اللذان جلبا العار لمصر ولفقا وأبدعا واستبدعا كل فساد في مصر حتى فساد نتائج الانتخابات بنسبة 99.99 % لصالح الحزب الوطني وكأن شعب مصر عبارة عن شعب من النعاج يمكن خداعهم بهذه المسرحية الهزلية المقيتة، لقد هرب الكل الآن، لم ينفع الشريف آلته الإعلامية الملفقة والتي تديرها رؤوس من القش ومجموعة من الكومبارس الفاشلين هم عار على مصر وشعبها ووجودها الحضاري، لم ينفع احمد عز ملايينه ونهبه لمقدرات شعب مصر بدءا من سرقة مصانع حديد الدخيلة التي أنشأها المصريون بكفاحهم وثورتهم وانتهاء بسرقته لكرامة مصر وكبريائها بتحكمه في برلمانها وإفساده وملئه بالبلطجية وقطاع الطرق وهو البرلمان الذي قال عنه يوما حكماء أوروبا عام 1924 أنه أعظم برلمانات الأرض، لم ينفع العادلي المليون ونصف المليون جندي أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) من أن يهرب من مصر نافدا بجلده، مليون ونصف مليون جندي وضابط امن مركزي قام بإعدادهم العادلي على أعلى مستويات الشراسة والتبلد في الشعور لحماية نفسه والنظام ضد شعب اعزل وبأموال شعب أعزل كل طموحه الحفاظ على كرامته وكرامة أبناءه في وطن هو بالفعل وطنه ووطن أجداده.
لقد هربت غالب رموز النظام والحكومة ولم تكن عمليه إقالة الحكومة التي ينادي بها الرئيس في أخريات أيامه مفاجأة إذ حتى إن لم يسقطها فهي غير موجودة بالفعل على ارض مصر لكونهم هربوا ونفدوا بجلدهم إلى انجلترا في صباح جمعة الغضب وقبل صلاة البرادعي في ساحة ميدان الجيزة.
لن أنسى خلع رجال الشرطة لملابسهم وتسليمهم السلاح والملابس للمتظاهرين وفرارهم عرايا يستنجدون بربات البيوت في الشوارع الجانبية من بطشة الشعب الأعزل الذي خانه وزير داخليتهـا، وبعد أن أدار العادلي ( أبوهم الروحي) لهم ظهره وهرب، وتركهم يتامى تحت قوانين القصاص الشعبي.
كانت عساكر الأمن وضباط الأمن يجرون عرايا بملابسهم الداخلية في الإسكندرية والسويس والشيخ زويد والمحلة والمنصورة على سبيل المثال بعد أن أزاقوا الناس مرارة الظلم والقتل والتنكيل وآخرها خالد سعيد وضحايا حرق كنائس شركاء الوطن الأقباط من الكشح وحتى الإسكندرية ليلة رأس السنة.
أعلنها أمام العالم كله، هذه مصر تلتهب منذ أربعة أيام، هذه مصر في فوضى أمنية حقيقية، هذه مصر خلت من عساكر الأمن وضباط الأمن بعد أن فروا في السويس وسيناء والإسكندرية، وهذه الآن .. اليوم .. كنائس مصر ليس عليها حارس أمن واحد، ليس عليها ضابط أمن واحد، ولم تسجل في مصر حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة من مصري واحد، المصريون شرفاء .. ليسوا دعاة فتنة .. وان ما حدث للأقباط من عنف سابق ليوم 25 يناير هو تنفيذ لأجندة سياسية حقيرة.
كل من ادعوا وأوهموا الناس بأن الشعب المصري هو من دعاة الفتنة وان مسلمي مصر يكرهون أقباطها فليخرج علينا الآن و يقول – ولو بالكذب – أن هناك حالة اعتداء واحدة تمت في هذا الغياب الأمني الغير مسبوق على كنيسة واحدة .. في أي محافظة أو قرية أو نجع، وليعلم مروجو الفتنه ومعهم كل الشرفاء في العالم أن ما حدث من حرق سابق وقتل سابق وتنكيل سابق لإخواننا الشرفاء أقباط مصر، هو بفعل رجال وزير الداخلية السابق ليثبت للعالم من خلال أجندة حقيرة أن الفعل لمسلمين متطرفين ومصريين متطرفين، وليثبت أنه - أي النظام الحالي – هو الدرع الواقي للعالم الحر وللأقليات وعلى رأسهم الأقباط من هؤلاء المتطرفين الساعين لكرسي الحكم ليحولوها إلى إيران أخرى والكل يعلم أن المصريون الذين ذاقوا حلاوة دستور 1923 لن يقبلوا حكما دينيا أبداً،.. وهذا السيناريو المقيت هو في في حقيقة الأمر لعبة سياسية حقيرة وواضحة راح ضحيتها العشرات ممن لا ذنب لهم من شباب قبطي مسالم وشباب مسلم مسالم أيضاً يبحث عن الحرية وكرامة العيش في دولة يريد أن تحقق له ولو الحد الأدنى من العدل والمساواة، ورغم أني لا أطيق تكرار أو حديث كلمة مسلم وقبطي بل مصريون، فإن كثيرين من هؤلاء المصريين الشرفاء ، زهرة شباب مصر راحوا ضحايا تلك الأجندة السياسية المقيتة والتي كانت – بواسطة العادلي والشريف وعز - تحاول بشراسة الإبقاء على النظام، والكارثة أن صدقها الأقباط أنفسهم ورددوها حتى أنهم اليوم وفي أحلك لحظات مصر التهابا واحتياجا لهم ولكل وطني شريف، انصاعوا لأوامر رجال الدين في الكنيسة وحرموا مصر في أيامها الحرجة من أن ترى أبناءها الأقباط يثورون جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين والكاثوليك والنوبيين والبروتستانت، لقد حرم رجال الكنيسة الأرثوذكسية مصر وحضن مصر من أن يلتحم معها في أيامها التاريخية تلك أبنائها الأقباط، لقد التزموا ( بالأمر ) بيوتهم ولم يخرجوا في ساعة الخلاص، وأقول لهم حان الوقت الآن .. ثوروا على أنفسكم ولا تحرموا مصر وطننا جميعا من وجودكم الحر الشريف الذي نعرفه.. أخرجوا .. شاركوا مصر لحظة الميلاد الجديد ولا تديروا ظهوركم لها .. كنائسكم لم يمسها مسلم واحد رغم الفوضى الأمنية .. لا تصدقوا دعاة الفتنة فنحن شعب واحد ومصير واحد .. وان كنتم معنا تطالبون بدولة مدنية شعارها الدين لله والوطن للجميع، فلتديروا ظهوركم لرجال الدين حتى تكون دعوة الدولة المدنية صادقة، فمن غير المعقول أن يطالب بالدولة المدنية من يسعون وراء زعيم ديني، مصر بحاجة إليكم وانتم جزء كبير وقوي ومخلص وشريف من شعب مصر، لا تتركوا هذه اللحظة التاريخية تفلت من أيديكم، لقد خرج رامي لكح وهو كاثوليكي مصري وتقبل الإهانة والضرب مع المتظاهرين وهو يصرخ في وجوه الطغاة أنا مصري مسيحي ورجل أعمال ولن اترك الناس حتى لا تكذبوا علينا غداً وتقولوا انتفاضة حرامية، لقد تحول ميدان التحرير إلى مسجد وكنيسة وصلي المصريون مسلمين مسيحيين صلاة واحدة مشتركة لمصر في أعظم صورة من صور التلاحم الوطني والديني منذ ثورة 19 ولكن لم يكن هناك أقباطاً كثيرين بل كاثوليك وبروتستانت !
مصر تريدكم يا إخواننا في الوطن .. تريدكم يا أقباط مصر، كذبوا عليكم وهاهي كنائسكم لا يحميها إلا شباب مصر، فأخرجوا إن كنتم تريدون مشاركة حقيقية في مستقبل مصر، لابد أن نرفض نصائح من تجاوزوا التسعين من العمر ليحرمونا من أن ندير وجوهنا شطر نهضة مصر في أحرج لحظاتها التاريخية.


السبت، 15 يناير 2011

عملوها التوانسة

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.

حكامنا لا يقرأون، وإذا قرأوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا يسمعون، وإذا سمعوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا ينظرون، وإذا نظروا أقاموا علينا الحد!!
ومن ثم فمن الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدمر قادتها الذين لا يقرأون شعوبهم ولا يسمعون ولا يسدوا رمق أحلام البسطاء ببصيص من نور أو بقليل من حياة أفضل.
من الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدق أعناق جلاديها التي تراهم عبئا حضاريا عليها وعلى وجودها الإنساني كأمة ذات ضمير وكبرياء وكرامة.
– في عالمنا الثالث – الديكتاتور هو صاحب التغيير، ووحده صاحب الثورة، ووحده صاحب السلطة، ووحده مالك الدستور وحاكم الشعب. 
يحكم بانقلاب دموي أو سلمي ثم يعد الناس بدولة العدل والمساواة ثم في أقل من عام يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة له ولعائلته، ومن كان يتغنى الأمس بالحرية، نراه يعتقل الناس اليوم في زنازين اليأس والبطالة والكبت والاغتيالات ليتسنى له " حَلب " الوطن تحت حماية وزراء داخليته الغلاظ والذين يختارهم بعناية، ومظلة تهميش الجيش بعدما يترأس هو قمته العليا رغم أنف الجيش نفسه.
الناس في بلادنا قد تصبر على الظلم، قد تصبر على الطغيان، الجوع، الحبس، القتل العشوائي، ، الفتنة، لكنها حين تغضب فلا عاصم لغضبتهم ولا نجاة من ثأرهم قبل ثورتهم، وان كانت تظن الديكتاتوريات أنها بمنأى من غضبة الناس وثورتهم وغليانهم فهذا وهم عاشه كل ديكتاتور سابق لإيمانه بما يأتيه من تقارير مفادها تفيد أن الجميع يسبحون بحمده وأن الكل ربما يتوجه إليه بالدعاء من دون الله - حاشا لله - والغريب أنه يصدق والتصديق هنا مرحلة من مراحل اللعنة حتى تحيط به خطيئته فيغتاله شعبه .
لم ينجو ديكتاتور واحد من شعبه، ولا ديكتاتور واحد نجا، بل أن نهاية كل واحد فيهم كانت من أقبح وأشنع النهايات التي يلقاها فاسد على وجه الأرض.
وربما يحضرني قول غسان المفلح وهو ناشط سوري يعيش في سويسرا "عندما يرغب ديكتاتورٌ أو حالمٌ بتنصيب نفسه ديكتاتوراً، يسارياً كان أو يمينياً، في أي مكان من العالم، وفي أي وقت كان، عندما يرغب في ذلك فهو يعزل المجتمع عن العالم أو يلجأ إلى القسوة ضد الحراك الديمقراطي وحيث يتبع برنامجاً محدداً بعشرة خطوات تقليدية، وهي (1)الإدعاء بوجود مؤامرة، وفتن طائفية وقبلية(2)تأسيس معتقلات سرية، (3) توظيف واستخدام ميليشيات مدنية مسلحة رديف له، (4) تأسيس جهاز مراقبة وتجسس، (5) اعتقال مواطنين بأسلوب تعسفي، (6) اختراق التجمعات/المنظمات الأهلية، (7) استهداف شخصيات هامة، (8) ملاحقة الصحفيين، (9) وصف كل انتقاد بأنه "خيانة" و (10) تدمير دولة القانون."
أما شاكر النابلسي وهو كاتب وباحث أردني فيقول في مبحث رائع له تحت اسم "العرب من حكم الخلافة المطلق إلى الديكتاتورية الطاغية": ما الفرق بين الخليفة الكلاسيكي والخليفة المعاصر؟ الخليفة الكلاسيكي كان يمسك بالسلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن هنا جاء الاستبداد والظلم الذي كان يقويه السلطان والمال في الوقت نفسه. وكان الخليفة هو ”ظل اللـه على الأرض“ كما قال الخليفة المنصور، وهو الأمين على بيت المال الذي هو مال اللـه، باعتباره ظل اللـه وخليفة رسول اللـه، كما قال معاوية بن أبي سفيان. أما الخليفة المعاصر، فهو الآن يفعل الشيء ذاته. بيده نفس السلطات الثلاث، وإن بدت هذه السلطات - ظاهريا - مستقلة ومنفصلة عن الخليفة، إلا أنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، وإنما كلها بيد الخليفة المعاصر. وما انتشار الاستبداد الحالي في العالم العربي إلا نتيجة لذلك. ويستشهد شاكر النابلسي بما قاله السيد العلوي عن الخلافة المعاصرة في كتابه ( أضرار الحكم القبلي في دول الخليج العربية، 2003 ) بالقول: ”لقد اعتمدت الديكتاتوريات على مر التاريخ على فلسفات واهية لتبرير احتكارها للسلطة وحرمان الآخرين، كالحق الإلهي في الحكم، وكحق الأسرة والسلالة في القرون الغابرة، والقرون المتأخرة حيث تنامت فلسفة المجموعة الطليعية والريادية التي تقود الأمة ولو بالقهر إلى تطورها المأمول على مختلف الأصعدة. ونشأت على ضوئها الدول الشمولية، وتحورت في شكل سياسي عبرت عنه بوضوح دول الحزب الواحد. وقد حاولت مختلف هذه الصور التلبس بالدين عندما ترى احتياجا لذلك، فتوظيف الأحاديث والمفاهيم الدينية من أجل تبرير وصولها إلى اعتلاء السلطة واحتكارها لها. إلا أن أقبح الفلسفات في نظري هي فلسفة الحق الإلهي في الحكم المنحصر في شخص بعينه أو أسرة بعينها اعتمادا على جدلية كاذبة، تتمحور حول ادعاء أن اللـه تعالى خص هذه الأسرة بالحكم والسيطرة على القرار، وأن باقي الأسر أو التشكيلات أو الأمة بأسرها عليها التسليم والرضي بذلك، ويحدد الكاتب على ألشمري في مجـــلـــــــة النبـــــــــأ - العــــــدد55 - مارس 2001م، مساوئ الديكتاتورية التي يصنعها الديكتاتور دون أن يدري - لكونه ديكتاتوراً - فلا يراها ولا يستشعرها وتكون هي وقود الشعوب والشرارة الأولى دائما في الثورة والإطاحة به في عدة نقاط أهمها أن الديكتاتورية تمثل بذرة الاستبداد الذي يقدم للمجتمع مُثلاً،محدودة و مكررة، وهذه المثل غير قادرة على مد المجتمع بالطاقة الكافية لبدء مسيرة البناء الحضاري ومواصلتها، ومن ثم فلابد أن يرتكس المجتمع في براثن التخلف الحضاري، والتمزق المجتمعي، لان من طبيعة النظام المستبد أو الفرعوني - بالمصطلح القرآني - أن يقسّم الناس إلى طبقات وفئات بحسب قربهم أو بعدهم من النظام، وبحسب موقفهم منه، وهو ما يعد جزءاً من آلية السيطرة على المجتمع والتحكم فيه مما يحمل أبناء المجتمع الرافضين له على التفكير بأساليب عنيفة في مواجهته، وهذا يفتح الباب أمام العنف والعمل المسلح لحل المشكلة السياسية المتمثلة بوجود السلطة الإرهابية التي كان لها السبق في استخدام العنف في التعامل مع الناس، ومجتمع يعيش دوامة العنف والتوتر الداخلي لا يمكنه أن يسلك الطريق المؤدي إلى النهوض الحضاري
.وهذا ربما ما أراه أنا أيضا في كونه الدافع الحقيقي وربما الوحيد وراء مايسمى بالفتن الطائفية والصراعات الأهلية التي دائما ما تكون بداية سيناريو الإطاحة بالنظام الحاكم، إذ تنمي الفتن الطائفية والصراعات الأهلية عند المتصارعين والضحايا على حد سواء مشاعر الشجاعة وعدم الشعور بالخوف ومواجهة الصراع وكلها أمور تمهد السبيل المعنوي عند المضطهدين – مستقبلاً – في قبول الصراع والموت وتحدي النظام بثورة شعبية كحل وحيد وحتمي للحرية والعدالة والمساواة.
ولعل من أدق ما قرأته في وصف الديكتاتورية كواقع معاش ذلك الذي نقله لنا الكاتب والناقد والأكاديمي المصري رشيد العناني من وصف "هرِتا مُولر" Herta Muller الروائية الألمانية الرومانية، الفائزة بجائزة نوبل في الأدب لعام 2009، في أشهر رواياتها، "حيوان القلب"، التي نُشرت لأول مرة في ألمانيا سنة 1993 بعد سقوط شاوشيسكو ونظامه، وقبل أن تترجم إلى الإنجليزية بعنوان «أرض البرقوق الأخضر» سنة 1996، حيث تصف حال العيش في ظل حكم الديكتاتور الروماني نيقولاى شاوشيسكو 1918 ــ 1989 قبل سقوط نظامه وإعدامه مع زوجته، فتقول: بإمكانك أن تحس بهم متربصين، يوزّعون الخوف». (ص 48 من الترجمة الإنجليزية).هكذا تصف وتسترسل بالقول: العيش في ظل دولة شمولية، في ظل القمع الأمني، تحت المراقبة المستمرة، في خطر دائم من الملاحقة والاعتقال لسبب أو لغير ما سبب، في خطر الطرد من الوظيفة، في خطر الأخذ بالشبهات، في خطر امتهان الكرامة والإذلال، مثل هذا العيش لا يترك في نفس المواطن، إن عجز عن المقاومة، سوى الرغبة في الهرب، في الخروج إلى بلد آخر. فقط الطبقة الحاكمة يطيب لها العيش في ظل نظامها، "كان كل فرد يعيش على أمل الهروب. كانوا يفكرون في السباحة عبر نهر «الدانوب» إلى أن تصبح المياه بلدا آخر، في الجري خلال حقول الذرة إلى أن تصبح التربة بلدا آخر. كان بإمكانك أن ترى في عيونهم أنهم لن يلبثوا أن يصرفوا كل قرش في جيوبهم من أجل الحصول على خرائط تفصيلية (...) الوحيدون الذين لم يكونوا يريدون الهرب هم الديكتاتور وحراسه. كنت تستطيع أن ترى ذلك في عيونهم، وأيديهم، وشفاههم. اليوم وغدا وبعد غد سوف يصنعون المقابر بكلابهم، وبرصاصهم (...) بإمكانك أن تحس بالديكتاتور وحراسه يحومون حول كل خطط الهروب السرية" ، إن اليأس يبلغ حدا يصبح الكره معه خدمة تُوظف لمصلحة النظام إذ لم أكن أعرف أن الحراس يحتاجون تلك الكراهية لكي يمارسوا عملهم الدموي بدقة يومية، أنهم يحتاجونها لكي يتصرفوا في المصائر لقاء رواتبهم، وأنهم لا يمكنهم أن يصدروا الأحكام إلا ضد أعدائهم. إنما يثبت الحراس جدارتهم بقدر ما يكون لهم من أعداء".
وصف دقيق لكل ما تعانيه أي امة تحت حكم ديكتاتور، ممارسة العمل الدموي اليومي لحرس الديكتاتور بكل دقة لقاء رواتبهم!!.
ولعل ذلك الوصف ينحت لنا بعناية ملامح ديكتاتور اسبانيا فرانشيسكو فرانكو بهاموند وهو صورة بالكربون من كل الديكتاتوريات السابقة والمعاصرة، ذلك الديكتاتور الذي حكم أسبانيا حكما مستبدا، حتى انه كان يعين كل أعضاء البرلمان الاسباني ‘الكارتز’ بمعرفته عن طريق حرسه الخاص إذ انشأ البرلمان فقط كديكور ليقال عنه انه يمارس الديمقراطية في بلاده رغم انه كمم فيها الأفواه، وملأ السجون بالمعتقلين وكان لا يطيق أن يسمع من احد كلمة ‘لا‘.
كانت الأحكام العرفية هي السائدة طوال فترة حكمه.. أما المحاكمات فكان أغلبها يقام أمام محاكم عسكرية! وهنا يقول الدكتور محمود متولي: ‘لقد قام فرانكو خلال فترة حكمه بنفي أكثر من نصف مليون مواطن بعيدا عن الوطن الأم، واستمر الناس في موات.. وامتلأت السجون بالأحرار، وقيل إن حكم فرانكو قام بإعدام أكثر من 250 ألف مواطن‘!، أن فرانكو ككل طاغية في التاريخ عاش معزولا عن شعبه، يحكم من خلال البندقية ويظن انه مبعوث العناية الإلهية.. ولولا المعونات الأمريكية لكانت اسبانيا تعاني مجاعات متكررة..و بدلا من أن يحمي الشعب كان هو عذابا للشعب.
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.
إن ماحدث في تونس من غليان شعبي أطاح برئيس الجمهورية هو رد فعل طبيعي للشعوب التي لديها بصيص من كبرياء وبصيص من كرامة.
إن ما حدث في تونس دعوة للجميع أن يقرأوا ولا يقيموا علينا الحد وأن يسمعوا دون أن يقيموا علينا الحد وأن ينظروا حتى يقيموا بنا ولنا دولة العدل والحرية والمساواة، فنحن شعوب تملك كل مقومات المشاركة الحضارية في ذلك العالم الذي نحياه، وقد فعلتها تونس، فعلها شعب يأبى إلا أن يكون سيداً في وطنه.

عملوها التوانسة

بقلم محيي الدين إبراهيم
aupbcmohi@gmail.com
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.

حكامنا لا يقرأون، وإذا قرأوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا يسمعون، وإذا سمعوا أقاموا علينا الحد!! 
حكامنا لا ينظرون، وإذا نظروا أقاموا علينا الحد!!
ومن ثم فمن الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدمر قادتها الذين لا يقرأون شعوبهم ولا يسمعون ولا يسدوا رمق أحلام البسطاء ببصيص من نور أو بقليل من حياة أفضل.
من الطبيعي أن تثور الشعوب، أن تدق أعناق جلاديها التي تراهم عبئا حضاريا عليها وعلى وجودها الإنساني كأمة ذات ضمير وكبرياء وكرامة.
– في عالمنا الثالث – الديكتاتور هو صاحب التغيير، ووحده صاحب الثورة، ووحده صاحب السلطة، ووحده مالك الدستور وحاكم الشعب. 
يحكم بانقلاب دموي أو سلمي ثم يعد الناس بدولة العدل والمساواة ثم في أقل من عام يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة له ولعائلته، ومن كان يتغنى الأمس بالحرية، نراه يعتقل الناس اليوم في زنازين اليأس والبطالة والكبت والاغتيالات ليتسنى له " حَلب " الوطن تحت حماية وزراء داخليته الغلاظ والذين يختارهم بعناية، ومظلة تهميش الجيش بعدما يترأس هو قمته العليا رغم أنف الجيش نفسه.
الناس في بلادنا قد تصبر على الظلم، قد تصبر على الطغيان، الجوع، الحبس، القتل العشوائي، ، الفتنة، لكنها حين تغضب فلا عاصم لغضبتهم ولا نجاة من ثأرهم قبل ثورتهم، وان كانت تظن الديكتاتوريات أنها بمنأى من غضبة الناس وثورتهم وغليانهم فهذا وهم عاشه كل ديكتاتور سابق لإيمانه بما يأتيه من تقارير مفادها تفيد أن الجميع يسبحون بحمده وأن الكل ربما يتوجه إليه بالدعاء من دون الله - حاشا لله - والغريب أنه يصدق والتصديق هنا مرحلة من مراحل اللعنة حتى تحيط به خطيئته فيغتاله شعبه .
لم ينجو ديكتاتور واحد من شعبه، ولا ديكتاتور واحد نجا، بل أن نهاية كل واحد فيهم كانت من أقبح وأشنع النهايات التي يلقاها فاسد على وجه الأرض.
وربما يحضرني قول غسان المفلح وهو ناشط سوري يعيش في سويسرا "عندما يرغب ديكتاتورٌ أو حالمٌ بتنصيب نفسه ديكتاتوراً، يسارياً كان أو يمينياً، في أي مكان من العالم، وفي أي وقت كان، عندما يرغب في ذلك فهو يعزل المجتمع عن العالم أو يلجأ إلى القسوة ضد الحراك الديمقراطي وحيث يتبع برنامجاً محدداً بعشرة خطوات تقليدية، وهي (1)الإدعاء بوجود مؤامرة، وفتن طائفية وقبلية(2)تأسيس معتقلات سرية، (3) توظيف واستخدام ميليشيات مدنية مسلحة رديف له، (4) تأسيس جهاز مراقبة وتجسس، (5) اعتقال مواطنين بأسلوب تعسفي، (6) اختراق التجمعات/المنظمات الأهلية، (7) استهداف شخصيات هامة، (8) ملاحقة الصحفيين، (9) وصف كل انتقاد بأنه "خيانة" و (10) تدمير دولة القانون."
أما شاكر النابلسي وهو كاتب وباحث أردني فيقول في مبحث رائع له تحت اسم "العرب من حكم الخلافة المطلق إلى الديكتاتورية الطاغية": ما الفرق بين الخليفة الكلاسيكي والخليفة المعاصر؟ الخليفة الكلاسيكي كان يمسك بالسلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن هنا جاء الاستبداد والظلم الذي كان يقويه السلطان والمال في الوقت نفسه. وكان الخليفة هو ”ظل اللـه على الأرض“ كما قال الخليفة المنصور، وهو الأمين على بيت المال الذي هو مال اللـه، باعتباره ظل اللـه وخليفة رسول اللـه، كما قال معاوية بن أبي سفيان. أما الخليفة المعاصر، فهو الآن يفعل الشيء ذاته. بيده نفس السلطات الثلاث، وإن بدت هذه السلطات - ظاهريا - مستقلة ومنفصلة عن الخليفة، إلا أنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، وإنما كلها بيد الخليفة المعاصر. وما انتشار الاستبداد الحالي في العالم العربي إلا نتيجة لذلك. ويستشهد شاكر النابلسي بما قاله السيد العلوي عن الخلافة المعاصرة في كتابه ( أضرار الحكم القبلي في دول الخليج العربية، 2003 ) بالقول: ”لقد اعتمدت الديكتاتوريات على مر التاريخ على فلسفات واهية لتبرير احتكارها للسلطة وحرمان الآخرين، كالحق الإلهي في الحكم، وكحق الأسرة والسلالة في القرون الغابرة، والقرون المتأخرة حيث تنامت فلسفة المجموعة الطليعية والريادية التي تقود الأمة ولو بالقهر إلى تطورها المأمول على مختلف الأصعدة. ونشأت على ضوئها الدول الشمولية، وتحورت في شكل سياسي عبرت عنه بوضوح دول الحزب الواحد. وقد حاولت مختلف هذه الصور التلبس بالدين عندما ترى احتياجا لذلك، فتوظيف الأحاديث والمفاهيم الدينية من أجل تبرير وصولها إلى اعتلاء السلطة واحتكارها لها. إلا أن أقبح الفلسفات في نظري هي فلسفة الحق الإلهي في الحكم المنحصر في شخص بعينه أو أسرة بعينها اعتمادا على جدلية كاذبة، تتمحور حول ادعاء أن اللـه تعالى خص هذه الأسرة بالحكم والسيطرة على القرار، وأن باقي الأسر أو التشكيلات أو الأمة بأسرها عليها التسليم والرضي بذلك، ويحدد الكاتب على ألشمري في مجـــلـــــــة النبـــــــــأ - العــــــدد55 - مارس 2001م، مساوئ الديكتاتورية التي يصنعها الديكتاتور دون أن يدري - لكونه ديكتاتوراً - فلا يراها ولا يستشعرها وتكون هي وقود الشعوب والشرارة الأولى دائما في الثورة والإطاحة به في عدة نقاط أهمها أن الديكتاتورية تمثل بذرة الاستبداد الذي يقدم للمجتمع مُثلاً،محدودة و مكررة، وهذه المثل غير قادرة على مد المجتمع بالطاقة الكافية لبدء مسيرة البناء الحضاري ومواصلتها، ومن ثم فلابد أن يرتكس المجتمع في براثن التخلف الحضاري، والتمزق المجتمعي، لان من طبيعة النظام المستبد أو الفرعوني - بالمصطلح القرآني - أن يقسّم الناس إلى طبقات وفئات بحسب قربهم أو بعدهم من النظام، وبحسب موقفهم منه، وهو ما يعد جزءاً من آلية السيطرة على المجتمع والتحكم فيه مما يحمل أبناء المجتمع الرافضين له على التفكير بأساليب عنيفة في مواجهته، وهذا يفتح الباب أمام العنف والعمل المسلح لحل المشكلة السياسية المتمثلة بوجود السلطة الإرهابية التي كان لها السبق في استخدام العنف في التعامل مع الناس، ومجتمع يعيش دوامة العنف والتوتر الداخلي لا يمكنه أن يسلك الطريق المؤدي إلى النهوض الحضاري
.وهذا ربما ما أراه أنا أيضا في كونه الدافع الحقيقي وربما الوحيد وراء مايسمى بالفتن الطائفية والصراعات الأهلية التي دائما ما تكون بداية سيناريو الإطاحة بالنظام الحاكم، إذ تنمي الفتن الطائفية والصراعات الأهلية عند المتصارعين والضحايا على حد سواء مشاعر الشجاعة وعدم الشعور بالخوف ومواجهة الصراع وكلها أمور تمهد السبيل المعنوي عند المضطهدين – مستقبلاً – في قبول الصراع والموت وتحدي النظام بثورة شعبية كحل وحيد وحتمي للحرية والعدالة والمساواة.
ولعل من أدق ما قرأته في وصف الديكتاتورية كواقع معاش ذلك الذي نقله لنا الكاتب والناقد والأكاديمي المصري رشيد العناني من وصف "هرِتا مُولر" Herta Muller الروائية الألمانية الرومانية، الفائزة بجائزة نوبل في الأدب لعام 2009، في أشهر رواياتها، "حيوان القلب"، التي نُشرت لأول مرة في ألمانيا سنة 1993 بعد سقوط شاوشيسكو ونظامه، وقبل أن تترجم إلى الإنجليزية بعنوان «أرض البرقوق الأخضر» سنة 1996، حيث تصف حال العيش في ظل حكم الديكتاتور الروماني نيقولاى شاوشيسكو 1918 ــ 1989 قبل سقوط نظامه وإعدامه مع زوجته، فتقول: بإمكانك أن تحس بهم متربصين، يوزّعون الخوف». (ص 48 من الترجمة الإنجليزية).هكذا تصف وتسترسل بالقول: العيش في ظل دولة شمولية، في ظل القمع الأمني، تحت المراقبة المستمرة، في خطر دائم من الملاحقة والاعتقال لسبب أو لغير ما سبب، في خطر الطرد من الوظيفة، في خطر الأخذ بالشبهات، في خطر امتهان الكرامة والإذلال، مثل هذا العيش لا يترك في نفس المواطن، إن عجز عن المقاومة، سوى الرغبة في الهرب، في الخروج إلى بلد آخر. فقط الطبقة الحاكمة يطيب لها العيش في ظل نظامها، "كان كل فرد يعيش على أمل الهروب. كانوا يفكرون في السباحة عبر نهر «الدانوب» إلى أن تصبح المياه بلدا آخر، في الجري خلال حقول الذرة إلى أن تصبح التربة بلدا آخر. كان بإمكانك أن ترى في عيونهم أنهم لن يلبثوا أن يصرفوا كل قرش في جيوبهم من أجل الحصول على خرائط تفصيلية (...) الوحيدون الذين لم يكونوا يريدون الهرب هم الديكتاتور وحراسه. كنت تستطيع أن ترى ذلك في عيونهم، وأيديهم، وشفاههم. اليوم وغدا وبعد غد سوف يصنعون المقابر بكلابهم، وبرصاصهم (...) بإمكانك أن تحس بالديكتاتور وحراسه يحومون حول كل خطط الهروب السرية" ، إن اليأس يبلغ حدا يصبح الكره معه خدمة تُوظف لمصلحة النظام إذ لم أكن أعرف أن الحراس يحتاجون تلك الكراهية لكي يمارسوا عملهم الدموي بدقة يومية، أنهم يحتاجونها لكي يتصرفوا في المصائر لقاء رواتبهم، وأنهم لا يمكنهم أن يصدروا الأحكام إلا ضد أعدائهم. إنما يثبت الحراس جدارتهم بقدر ما يكون لهم من أعداء".
وصف دقيق لكل ما تعانيه أي امة تحت حكم ديكتاتور، ممارسة العمل الدموي اليومي لحرس الديكتاتور بكل دقة لقاء رواتبهم!!.
ولعل ذلك الوصف ينحت لنا بعناية ملامح ديكتاتور اسبانيا فرانشيسكو فرانكو بهاموند وهو صورة بالكربون من كل الديكتاتوريات السابقة والمعاصرة، ذلك الديكتاتور الذي حكم أسبانيا حكما مستبدا، حتى انه كان يعين كل أعضاء البرلمان الاسباني ‘الكارتز’ بمعرفته عن طريق حرسه الخاص إذ انشأ البرلمان فقط كديكور ليقال عنه انه يمارس الديمقراطية في بلاده رغم انه كمم فيها الأفواه، وملأ السجون بالمعتقلين وكان لا يطيق أن يسمع من احد كلمة ‘لا‘.
كانت الأحكام العرفية هي السائدة طوال فترة حكمه.. أما المحاكمات فكان أغلبها يقام أمام محاكم عسكرية! وهنا يقول الدكتور محمود متولي: ‘لقد قام فرانكو خلال فترة حكمه بنفي أكثر من نصف مليون مواطن بعيدا عن الوطن الأم، واستمر الناس في موات.. وامتلأت السجون بالأحرار، وقيل إن حكم فرانكو قام بإعدام أكثر من 250 ألف مواطن‘!، أن فرانكو ككل طاغية في التاريخ عاش معزولا عن شعبه، يحكم من خلال البندقية ويظن انه مبعوث العناية الإلهية.. ولولا المعونات الأمريكية لكانت اسبانيا تعاني مجاعات متكررة..و بدلا من أن يحمي الشعب كان هو عذابا للشعب.
لقد فعلها التوانسة إذن حيث لم يختلف زين العابدين بن علي كثيرا عن فرانكو أو أي ديكتاتور آخر سابق أو معاصر، فعلها التوانسة بعدما داهمهم اليأس وقتل الحريات وانهيار الأحلام على عتبات محاسيب السلطة والسلطان وحيث لا قانون ولا عدل ولا رموز وطنية وأصبح الكل أشبه بدوائر صغيرة عنصرية منغلقة على نفسها يضغط بعضها على بعض ويفتت بعضها بعضا في أحلك فترات شعوبنا العربية سواداً وظلمة.
إن ماحدث في تونس من غليان شعبي أطاح برئيس الجمهورية هو رد فعل طبيعي للشعوب التي لديها بصيص من كبرياء وبصيص من كرامة.
إن ما حدث في تونس دعوة للجميع أن يقرأوا ولا يقيموا علينا الحد وأن يسمعوا دون أن يقيموا علينا الحد وأن ينظروا حتى يقيموا بنا ولنا دولة العدل والحرية والمساواة، فنحن شعوب تملك كل مقومات المشاركة الحضارية في ذلك العالم الذي نحياه، وقد فعلتها تونس، فعلها شعب يأبى إلا أن يكون سيداً في وطنه.