الجمعة، 4 فبراير 2011

المعارضة لا تصلح لرئاسة مصر ما بعد مبارك


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
المعارضة المصرية تحمل نفس الأمراض التي كان يحملها النظام السابق، على المعارضة أن تغير من دساتيرها هي أيضا قبل أن تطمح في كرسي رئاسة مصر، وإلا كما ثاروا على النظام ( الفولاذي ) وانتصروا عليه فلا أسهل عليهم أن ينهوا بلا ثورة تلك الرموز المعارضة لكونها لا تحمل أي قوة مؤثرة في الشارع، ولا أي مشروع وطني حقيقي لحد الآن.
نسميها في مصر ( دكاكين ) المعارضة، وكل رئيس حزب معارض في مصر لا يقل ديكتاتورية عن فرانكو، فهو ينشئ الحزب ويترأسه حتى الموت، ثم يورثه لأبنائه من بعده، ربما طمعا في ضمان وصول الدعم الحكومي للحزب في جيوب المقربين فقط من رأس النظام في الحزب وربما أيضاً للحصول على أكبر استفادة من خلال هذا القرب وهي مسألة أصيلة في الثقافة المصرية يسميها الناس في مصر ( العشم ) وهذا العشم ليس له أي قواعد منطقية ولا تحكمه أصول ولا تهمه المصلحة العامة للوطن على الإطلاق وإنما تحكمه الغريزة السلطوية والنفعية الشخصية فقط، والعشم – في تقديري - هو ما حول مصر إلى ماهي عليه الآن على يد جمال مبارك – على سبيل المثال – وأوصلها لأن تكون دولة ( خربانة ) يتحكم فيها اقل من 20 شخص فقط من رجال الأعمال المقربين جدا من جمال مبارك وعلى رأسهم احمد عز عازف الدرامز السابق في أفراح أسرة السيد الرئيس والمقربين منهم فقط وحيث صار وهو غير مؤهل تحت مسمى ( العشم )، أصبح الشخصية رقم واحد في مصر سياسيا واقتصاديا رغم انه لا يحمل أي مؤهلات ترفعه إلى هذه المراكز القيادية الحساسة سوى أنه عازف درامز ماهر ومن المقربين لجمال مبارك، ويمكننا أن نتصور – وقد حدث ذلك وشاهدته بنفسي – أن هناك صحفي مغمور كان يعيش في غرفتين وصالة فوق السطوح ولا يستطيع أحيانا دفع إيجارهم الشهري، ولكنه وبمداهناته وحرق كرامته أو كما غنى سيد درويش ( عشان مانعلا ونعلا ونعلا .. لازم نطاطي نطاطي نطاطي ) استطاع هذا الصحفي من خلال وسطاء في نقابة الصحفيين على صلة قوية ومتينة بأسرة السيد الرئيس أن يتقرب من جمال مبارك وفي اقل من شهور وتحت مسمى ( العشم ) استطاع أن ينشئ حزبا ويترأسه هو وزوجته الحاصلة على شهادة ( دبلوم التجارة ) ويجمعان حولهما مجموعة كبيرة من الطامحين لأي فرصة عمل في ظل البطالة الخانقة ليتم استغلالهم في صناعة بوق إعلامي لجمال مبارك في حملة ترشيحه لحكم مصر بعد أبيه ليتحول هذا الصحفي المتواضع بالعشم من ( مديونير ) إلى مليونير ومن غرفتين وصالة في المساكن الشعبية لفيلا في الزمالك في أقل من 14 شهراً، بل حينما سألت ذات يوم أحد ضباط أمن الدولة عن كيف في ظل تضييق الخناق على إقامة وإنشاء الأحزاب المصرية ووضع شروط مستحيلة لإنشائها يتم القبول وببساطة إنشاء حزب لشخص نكرة كشخص هذا الصحفي الذي لا يعرف المصريون عنه شيئا وليس له أي تاريخ سياسي أو وطني سوى أنه أحد صعاليك نقابة الصحفيين المصرية، فاكتفي الضابط بأن قال لي: إن هذا الصحفي المتواضع الذي لا يعجبك ( ولد وابن أبوه ) ولما سألت عن ماذا يعني بكلمة ( ابن أبوه ) فقال لي: إن دعم حملة جمال مبارك من خلال حزب شرعي مكسب كبير لمسألة التوريث المرفوضة من بعض الأحزاب الأخرى!، ومن هنا كان هذا الصحفي داهية وليس متواضع كما تصفه، فكررت عليه سؤالي بصيغة أخرى: ولكن ماذا عن مصر بهذه الأحزاب الطفيلية، فاكتفي بالقول: كل خير!.
ويجب في ظل تلك الظروف ألا نستثني ( جماعة الإخوان المسلمين ) أيضاً من تلك المعادلة على الإطلاق، فهم لا يقلون ديكتاتورية في الحكم عن أقرانهم من رؤساء أحزاب المعارضة، بل يفوقونهم ديكتاتورية من حيث انتهاج أيديولوجية حكم ( الخليفة والخلافة ) في شرعية إدارة الجماعة لدرجة أن ( الخليفة ) أو المرشد العام يظل يحكم حتى يخرج على أكتاف المشيعين إلى قبره ليحل محله خليفة آخر وهكذا، ولا يسمح الخليفة ( المرشد العام ) بمعارضة أوامره ونواهيه ويؤيده في شرعية ذلك مجلس حكم صارم جدا من ما يسمى مجلس الحكماء داخل الجماعة الذي يضم ناطق سياسي وإعلامي وعسكري ورتب ودرجات كثيرة من أعلى لأسفل في نظام محكم بحيث يتمتع الكل بصلاحيات مطلقة مدى الحياة ولا يسألون عما يفعلوا.
الكل يريد أن يقفز على أكتاف الثورة وشباب الثورة ليقيم دولة جديدة تتبع ( المزاج الشخصي ) والطموحات الشخصية بحسابات غالبها لا يصب في مصلحة الوطن حسب تقديري، فحزب التجمع الاشتراكي صاحب الأصول الشيوعية يريد أن يرى مصر اللينينية الإستالينية تعود كعبة للشيوعيين في العالم العربي كما كانت على الأقل، والحزب الناصري يريد إحياء جمال عبد الناصر من قبره، وحزب الوفد يتخبط، والإخوان المسلمون يريدونها أرض الخلافة امتداداً للدولة العثمانية فتمتلئ البلاد بالمساجد وليس فيها مدرسة ولا مستشفى واحد، أما الأقباط فقد عزلتهم الكنيسة تماماً وليس لهم اليوم أي وجود سياسي حقيقي منظم ولذا لايمكن اعتبارهم – رغم أنهم يمثلوا نسبة كبيرة من شعب مصر – لايمكن اعتبارهم مولاة أو معارضة نظراً لانعزالهم شبه الكامل في الفترة الأخيرة داخل جدران الكنيسة دون زعامة سياسية ظاهرة وحقيقية تليق بتاريخهم الوطني و حجمهم الاجتماعي كما كانوا في عهد الزعيم المصري مكرم عبيد!، الكل إذن يريد أن يقفز على كرسي الرئاسة والكل لا يحمل لمصر إلا غرائزه الشخصية، ومخاوفه الشخصية من الآخر، فوبيا الآخر، ولاشك أن المعارضة المصرية بعد الخامس والعشرين من يناير، بعد ثورة المصريين لإقامة دولة الحرية والعدل والمساواة قد انقسموا على أنفسهم انقساما صريحاً وصار كل منهم يصرخ أمام الآخر بماضيه النضالي وحضوره البطولي، الذي بحثنا عنه في السنوات الأخيرة لعلنا نعثر له على قبس من نور فلم نجد سوى علامة فارقة تتجلى في حريق الوفد ( نعمان – أباظة ) واعتبار يوم حريق الوفد هذا هو يوم ثوره التغيير نحو الديمقراطية في مصر!!!، لم نر لأحزاب المعارضة نضالاً وطنياً ملموساً في السنوات الأخيرة تليق بمستوى الحدث الذي قام به شباب مصر بدونهم تماماً، لم نر إلا بعض من أماني وأحلام لزعماء تلك الأحزاب على صفحات جرائدهم الحزبية فقط، تلك الصحف التي لا يشتريها أحد.
ولا يعني كل ماسبق أن المعارضة المصرية سيئة أو دون مستواها الوطني، فلا ننكر وجودها في بعض دورات مجلس الشعب القليلة التي استطاعت أن تنجح فيها على مدار الثلاثين عاما الماضية ( عهد مبارك فقط ) بمقعد أو مقعدين وكانوا يقومون فيها بإحراج الحكومة كثيرا ويعارضون أداءها باستمرار!!.
المعارضة المصرية تحمل نفس الأمراض التي كان يحملها النظام السابق، تلك الأمراض التي ثار بسببها المصريون على النظام وعلى مبارك؛ على المعارضة أن تغير من دساتيرها هي أيضا أولا قبل أن تطمح في كرسي رئاسة مصر، لكون الطموح في اعتلاء كرسي الرئاسة وهم على هذه الشاكلة من الضعف واللاوجود داخل الشارع المصري هو العار الحقيقي في أبهى صوره، العار الذي لن يرضى عنه المصريون ولن يقبلونه ولن يصدقوه، وكما ثاروا على النظام ( الفولاذي ) وانتصروا عليه فلا أسهل عليهم حينما تستقر الأوضاع أن ينهوا بلا ثورة تلك الرموز النضالية المعارضة لكونها لا تحمل أي قوة مؤثرة في الشارع، ولا أي مشروع وطني حقيقي لحد الآن.
علي المعارضة أن تصلح من عفن الإدارة بداخلها أولاً هذا أن كانت بها إدارة لكون 90% من أحزاب مصر الحالية ليس فيها إلا بضع أفراد قليلين ( الأعضاء المؤسسين ) وغالبهم من أسرة واحدة ( أب وأم وأولاد عم وأولاد خال ) يديرون شئون الحزب كما تدار مسامط الكوارع ومطاعم الأكلات الشعبية في السيدة زينب وسيدنا الحسين.
أما الإخوان المسلمين فعليهم أن يؤمنوا بروح العصر الذي نعيش فيه ومدى التحديات التي تواجهنا كأمة لها الحق أن تعيش حياة حرة كريمة، عليهم أن ينتهوا من تقسيم الأمة لصنفين يريدون بها فتنة الناس، صنفان أحدهما إخوان مسلمون، والآخر أخوان أولاد كلب كفره، حان الوقت لأن نعمل جميعاً اليوم تحت لواء واحد وطني، أن نعمل باسم مصر كما يعمل أبناء الأمم الإخري العظيمة رغم اختلاف الدين والعرق واللون فيها وتحت لواء انتمائهم الواحد لوطنهم الواحد.
أخاطب رجال الجيش، الذين يهيمنون على المرحلة الانتقالية في البلاد في مرحلة ما بعد مبارك، نريد أن تتم الانتخابات بموجب الرقم القومي لا بموجب بطاقات الانتخاب التي استولى عليها مشايخ وعمد القرى والنجوع وصاروا يحققون بها غالبية برلمانية غير مؤهلة حسب مصالحهم الشخصية دون الرجوع لصاحب البطاقة نفسه والذي ربما يكون قد مات من سنين لكن مازال على وفاءه في أداء وممارسة حقه الانتخابي بواسطة بطاقته الانتخابية التي استولى عليها العمد والمشايخ، انتم تحققون يا رجال جيش مصر العظيم، تحققون اليوم وبقوة وبحكمة الحفاظ على استقرار مصر وهذا دوركم الذي لا نشك لحظة في أنكم تقومون به بغاية الشرف لصالح مصر دون انتظار لكلمة تشكر أو مقال يمدح، لا نريد أن يقفز على مجلس الشعب والشورى في ظل انتخابات ديمقراطية قادمة وجوه تغير من وجه مصر الجديد بواسطة العمد والمشايخ لوجه قبيح لا نريده، نريد إلغاء 50% عمال وفلاحين فهي مظهر عنصري لا يليق وقد صارت مصر كلها فئات متعلمة ومؤهلة وذابت فيها اليوم مسألة الفلاح والعامل وأصبح لا وجود لتلك المسائل كما كانت عليه أيام أن قامت ثورة يوليو 1952، نريد إلغاء بطاقة الانتخاب لبطاقة الرقم القومي لتتاح لكل القوى الشبابية التي قامت بالتغيير بالفعل دون تحزب أو مذهبية في الحفاظ ( معكم ) على مكاسب مصر من تلك الثورة وأهمها الحرية والليبرالية لا أن نرى مصر باسم الديمقراطية تتحول إلى وجه راديكالي ديكتاتوري قبيح، يدفعنا لدخول نفق مظلم من الحروب الإقليمية ومزيد من التمزق الداخلي والفتنة الطائفية.
أخيرا، حتى تصحح أحزاب المعارضة أوضاعها الداخلية لتسمو وتليق بنور هذه الثورة المصرية التي راح ضحيتها شباب مصري فقط من خارج تلك الأحزاب، بل وفي ظل غيابها، عليهم أن يكتفوا فقط بمقاعد البرلمان، وان لا يفكروا إطلاقا في رئاسة مصر فهي كبيرة جداً عليهم، عليهم ألا يفكروا حفاظاً على مصر وشعبها، لكون نار العسكر اليوم في رئاسة وقيادة هذه المرحلة الحرجة ولا جنة المعارضة المصرية ( الممزقة ) في رئاسة هذا البلد العظيم.

 


المعارضة لا تصلح لرئاسة مصر ما بعد مبارك


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
المعارضة المصرية تحمل نفس الأمراض التي كان يحملها النظام السابق، على المعارضة أن تغير من دساتيرها هي أيضا قبل أن تطمح في كرسي رئاسة مصر، وإلا كما ثاروا على النظام ( الفولاذي ) وانتصروا عليه فلا أسهل عليهم أن ينهوا بلا ثورة تلك الرموز المعارضة لكونها لا تحمل أي قوة مؤثرة في الشارع، ولا أي مشروع وطني حقيقي لحد الآن.
نسميها في مصر ( دكاكين ) المعارضة، وكل رئيس حزب معارض في مصر لا يقل ديكتاتورية عن فرانكو، فهو ينشئ الحزب ويترأسه حتى الموت، ثم يورثه لأبنائه من بعده، ربما طمعا في ضمان وصول الدعم الحكومي للحزب في جيوب المقربين فقط من رأس النظام في الحزب وربما أيضاً للحصول على أكبر استفادة من خلال هذا القرب وهي مسألة أصيلة في الثقافة المصرية يسميها الناس في مصر ( العشم ) وهذا العشم ليس له أي قواعد منطقية ولا تحكمه أصول ولا تهمه المصلحة العامة للوطن على الإطلاق وإنما تحكمه الغريزة السلطوية والنفعية الشخصية فقط، والعشم – في تقديري - هو ما حول مصر إلى ماهي عليه الآن على يد جمال مبارك – على سبيل المثال – وأوصلها لأن تكون دولة ( خربانة ) يتحكم فيها اقل من 20 شخص فقط من رجال الأعمال المقربين جدا من جمال مبارك وعلى رأسهم احمد عز عازف الدرامز السابق في أفراح أسرة السيد الرئيس والمقربين منهم فقط وحيث صار وهو غير مؤهل تحت مسمى ( العشم )، أصبح الشخصية رقم واحد في مصر سياسيا واقتصاديا رغم انه لا يحمل أي مؤهلات ترفعه إلى هذه المراكز القيادية الحساسة سوى أنه عازف درامز ماهر ومن المقربين لجمال مبارك، ويمكننا أن نتصور – وقد حدث ذلك وشاهدته بنفسي – أن هناك صحفي مغمور كان يعيش في غرفتين وصالة فوق السطوح ولا يستطيع أحيانا دفع إيجارهم الشهري، ولكنه وبمداهناته وحرق كرامته أو كما غنى سيد درويش ( عشان مانعلا ونعلا ونعلا .. لازم نطاطي نطاطي نطاطي ) استطاع هذا الصحفي من خلال وسطاء في نقابة الصحفيين على صلة قوية ومتينة بأسرة السيد الرئيس أن يتقرب من جمال مبارك وفي اقل من شهور وتحت مسمى ( العشم ) استطاع أن ينشئ حزبا ويترأسه هو وزوجته الحاصلة على شهادة ( دبلوم التجارة ) ويجمعان حولهما مجموعة كبيرة من الطامحين لأي فرصة عمل في ظل البطالة الخانقة ليتم استغلالهم في صناعة بوق إعلامي لجمال مبارك في حملة ترشيحه لحكم مصر بعد أبيه ليتحول هذا الصحفي المتواضع بالعشم من ( مديونير ) إلى مليونير ومن غرفتين وصالة في المساكن الشعبية لفيلا في الزمالك في أقل من 14 شهراً، بل حينما سألت ذات يوم أحد ضباط أمن الدولة عن كيف في ظل تضييق الخناق على إقامة وإنشاء الأحزاب المصرية ووضع شروط مستحيلة لإنشائها يتم القبول وببساطة إنشاء حزب لشخص نكرة كشخص هذا الصحفي الذي لا يعرف المصريون عنه شيئا وليس له أي تاريخ سياسي أو وطني سوى أنه أحد صعاليك نقابة الصحفيين المصرية، فاكتفي الضابط بأن قال لي: إن هذا الصحفي المتواضع الذي لا يعجبك ( ولد وابن أبوه ) ولما سألت عن ماذا يعني بكلمة ( ابن أبوه ) فقال لي: إن دعم حملة جمال مبارك من خلال حزب شرعي مكسب كبير لمسألة التوريث المرفوضة من بعض الأحزاب الأخرى!، ومن هنا كان هذا الصحفي داهية وليس متواضع كما تصفه، فكررت عليه سؤالي بصيغة أخرى: ولكن ماذا عن مصر بهذه الأحزاب الطفيلية، فاكتفي بالقول: كل خير!.
ويجب في ظل تلك الظروف ألا نستثني ( جماعة الإخوان المسلمين ) أيضاً من تلك المعادلة على الإطلاق، فهم لا يقلون ديكتاتورية في الحكم عن أقرانهم من رؤساء أحزاب المعارضة، بل يفوقونهم ديكتاتورية من حيث انتهاج أيديولوجية حكم ( الخليفة والخلافة ) في شرعية إدارة الجماعة لدرجة أن ( الخليفة ) أو المرشد العام يظل يحكم حتى يخرج على أكتاف المشيعين إلى قبره ليحل محله خليفة آخر وهكذا، ولا يسمح الخليفة ( المرشد العام ) بمعارضة أوامره ونواهيه ويؤيده في شرعية ذلك مجلس حكم صارم جدا من ما يسمى مجلس الحكماء داخل الجماعة الذي يضم ناطق سياسي وإعلامي وعسكري ورتب ودرجات كثيرة من أعلى لأسفل في نظام محكم بحيث يتمتع الكل بصلاحيات مطلقة مدى الحياة ولا يسألون عما يفعلوا.
الكل يريد أن يقفز على أكتاف الثورة وشباب الثورة ليقيم دولة جديدة تتبع ( المزاج الشخصي ) والطموحات الشخصية بحسابات غالبها لا يصب في مصلحة الوطن حسب تقديري، فحزب التجمع الاشتراكي صاحب الأصول الشيوعية يريد أن يرى مصر اللينينية الإستالينية تعود كعبة للشيوعيين في العالم العربي كما كانت على الأقل، والحزب الناصري يريد إحياء جمال عبد الناصر من قبره، وحزب الوفد يتخبط، والإخوان المسلمون يريدونها أرض الخلافة امتداداً للدولة العثمانية فتمتلئ البلاد بالمساجد وليس فيها مدرسة ولا مستشفى واحد، أما الأقباط فقد عزلتهم الكنيسة تماماً وليس لهم اليوم أي وجود سياسي حقيقي منظم ولذا لايمكن اعتبارهم – رغم أنهم يمثلوا نسبة كبيرة من شعب مصر – لايمكن اعتبارهم مولاة أو معارضة نظراً لانعزالهم شبه الكامل في الفترة الأخيرة داخل جدران الكنيسة دون زعامة سياسية ظاهرة وحقيقية تليق بتاريخهم الوطني و حجمهم الاجتماعي كما كانوا في عهد الزعيم المصري مكرم عبيد!، الكل إذن يريد أن يقفز على كرسي الرئاسة والكل لا يحمل لمصر إلا غرائزه الشخصية، ومخاوفه الشخصية من الآخر، فوبيا الآخر، ولاشك أن المعارضة المصرية بعد الخامس والعشرين من يناير، بعد ثورة المصريين لإقامة دولة الحرية والعدل والمساواة قد انقسموا على أنفسهم انقساما صريحاً وصار كل منهم يصرخ أمام الآخر بماضيه النضالي وحضوره البطولي، الذي بحثنا عنه في السنوات الأخيرة لعلنا نعثر له على قبس من نور فلم نجد سوى علامة فارقة تتجلى في حريق الوفد ( نعمان – أباظة ) واعتبار يوم حريق الوفد هذا هو يوم ثوره التغيير نحو الديمقراطية في مصر!!!، لم نر لأحزاب المعارضة نضالاً وطنياً ملموساً في السنوات الأخيرة تليق بمستوى الحدث الذي قام به شباب مصر بدونهم تماماً، لم نر إلا بعض من أماني وأحلام لزعماء تلك الأحزاب على صفحات جرائدهم الحزبية فقط، تلك الصحف التي لا يشتريها أحد.
ولا يعني كل ماسبق أن المعارضة المصرية سيئة أو دون مستواها الوطني، فلا ننكر وجودها في بعض دورات مجلس الشعب القليلة التي استطاعت أن تنجح فيها على مدار الثلاثين عاما الماضية ( عهد مبارك فقط ) بمقعد أو مقعدين وكانوا يقومون فيها بإحراج الحكومة كثيرا ويعارضون أداءها باستمرار!!.
المعارضة المصرية تحمل نفس الأمراض التي كان يحملها النظام السابق، تلك الأمراض التي ثار بسببها المصريون على النظام وعلى مبارك؛ على المعارضة أن تغير من دساتيرها هي أيضا أولا قبل أن تطمح في كرسي رئاسة مصر، لكون الطموح في اعتلاء كرسي الرئاسة وهم على هذه الشاكلة من الضعف واللاوجود داخل الشارع المصري هو العار الحقيقي في أبهى صوره، العار الذي لن يرضى عنه المصريون ولن يقبلونه ولن يصدقوه، وكما ثاروا على النظام ( الفولاذي ) وانتصروا عليه فلا أسهل عليهم حينما تستقر الأوضاع أن ينهوا بلا ثورة تلك الرموز النضالية المعارضة لكونها لا تحمل أي قوة مؤثرة في الشارع، ولا أي مشروع وطني حقيقي لحد الآن.
علي المعارضة أن تصلح من عفن الإدارة بداخلها أولاً هذا أن كانت بها إدارة لكون 90% من أحزاب مصر الحالية ليس فيها إلا بضع أفراد قليلين ( الأعضاء المؤسسين ) وغالبهم من أسرة واحدة ( أب وأم وأولاد عم وأولاد خال ) يديرون شئون الحزب كما تدار مسامط الكوارع ومطاعم الأكلات الشعبية في السيدة زينب وسيدنا الحسين.
أما الإخوان المسلمين فعليهم أن يؤمنوا بروح العصر الذي نعيش فيه ومدى التحديات التي تواجهنا كأمة لها الحق أن تعيش حياة حرة كريمة، عليهم أن ينتهوا من تقسيم الأمة لصنفين يريدون بها فتنة الناس، صنفان أحدهما إخوان مسلمون، والآخر أخوان أولاد كلب كفره، حان الوقت لأن نعمل جميعاً اليوم تحت لواء واحد وطني، أن نعمل باسم مصر كما يعمل أبناء الأمم الإخري العظيمة رغم اختلاف الدين والعرق واللون فيها وتحت لواء انتمائهم الواحد لوطنهم الواحد.
أخاطب رجال الجيش، الذين يهيمنون على المرحلة الانتقالية في البلاد في مرحلة ما بعد مبارك، نريد أن تتم الانتخابات بموجب الرقم القومي لا بموجب بطاقات الانتخاب التي استولى عليها مشايخ وعمد القرى والنجوع وصاروا يحققون بها غالبية برلمانية غير مؤهلة حسب مصالحهم الشخصية دون الرجوع لصاحب البطاقة نفسه والذي ربما يكون قد مات من سنين لكن مازال على وفاءه في أداء وممارسة حقه الانتخابي بواسطة بطاقته الانتخابية التي استولى عليها العمد والمشايخ، انتم تحققون يا رجال جيش مصر العظيم، تحققون اليوم وبقوة وبحكمة الحفاظ على استقرار مصر وهذا دوركم الذي لا نشك لحظة في أنكم تقومون به بغاية الشرف لصالح مصر دون انتظار لكلمة تشكر أو مقال يمدح، لا نريد أن يقفز على مجلس الشعب والشورى في ظل انتخابات ديمقراطية قادمة وجوه تغير من وجه مصر الجديد بواسطة العمد والمشايخ لوجه قبيح لا نريده، نريد إلغاء 50% عمال وفلاحين فهي مظهر عنصري لا يليق وقد صارت مصر كلها فئات متعلمة ومؤهلة وذابت فيها اليوم مسألة الفلاح والعامل وأصبح لا وجود لتلك المسائل كما كانت عليه أيام أن قامت ثورة يوليو 1952، نريد إلغاء بطاقة الانتخاب لبطاقة الرقم القومي لتتاح لكل القوى الشبابية التي قامت بالتغيير بالفعل دون تحزب أو مذهبية في الحفاظ ( معكم ) على مكاسب مصر من تلك الثورة وأهمها الحرية والليبرالية لا أن نرى مصر باسم الديمقراطية تتحول إلى وجه راديكالي ديكتاتوري قبيح، يدفعنا لدخول نفق مظلم من الحروب الإقليمية ومزيد من التمزق الداخلي والفتنة الطائفية.
أخيرا، حتى تصحح أحزاب المعارضة أوضاعها الداخلية لتسمو وتليق بنور هذه الثورة المصرية التي راح ضحيتها شباب مصري فقط من خارج تلك الأحزاب، بل وفي ظل غيابها، عليهم أن يكتفوا فقط بمقاعد البرلمان، وان لا يفكروا إطلاقا في رئاسة مصر فهي كبيرة جداً عليهم، عليهم ألا يفكروا حفاظاً على مصر وشعبها، لكون نار العسكر اليوم في رئاسة وقيادة هذه المرحلة الحرجة ولا جنة المعارضة المصرية ( الممزقة ) في رئاسة هذا البلد العظيم.

 


الخميس، 3 فبراير 2011

مُبَاركْ لا يصدق أنه مات


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
سيادة الرئيس، بقاءك حتى الآن هو بسبب نبل الجيش المصري ورجاله وجنوده الشرفاء، الجيش المصري الذي لا ينقلب على قائده أبدا، رغم انقلابك أنت عليهم بملف التوريث الذي كان سيفقد العسكرية المصرية هيبتها أمام الشعب للأبد، جيش مصر الذي أدرت له ظهرك وأخرجت له لسانك ولسان جمال مبارك، هو سبب بقائك للآن وليس لأي سبب آخر.
ثلاثون عاماً، ثلاثون عاما كانت مصر قبلها في عام 1981 يتراوح عدد سكانها 44 مليون نسمة حينما تولى فيها مبارك مقاليد الحكم في البلاد، وإعلانه الأحكام العرفية فور توليه السلطة لتظل قوانين الطوارئ هي شرعية الحكم وشرعية القضاء وشرعية السلوك برضا قادة العالم ( الحر) الذين لم يقوموا حتى بنصح مبارك في أن مسألة الحكم بقانون الأحكام العرفية طيلة مده حكم أي رئيس دولة هي سابقة لم تحدث في العالم حتى في ظل ديكتاتوريات سابقة كشاوشيسكو وفرانكو وماو تسي تونج، وان ما يتشدقون به أمام قنوات التليفزيون من مناصرتهم للشعوب الطامحة للحرية هي مجرد أكاذيب لكونها تتعارض مع مصالحهم، وحيث سقطت الآن كل الأقنعة وأصبح الجميع يطلق الرصاص على رأسه وينتحر، وربما ظهر جليا وقفة قادة العالم ( الحر ) وردود أفعالهم الساذجة والمترنحة تجاه ذبح الشباب المصري الأعزل المطالب بحريته ومستقبله على يد نظام ديكتاتوري لاقى كل الدعم منهم في ذبح شعبه مقابل البقاء في الحكم بدعم منهم حافظوا من خلاله ومن خلال المنح التي لا ترد وتصب في الجيوب لا في مصلحة الشعوب علي مكاسبهم ومكاسبه وانهالوا عليه لوجيستياً بالمدرعات والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وغاز الخردل والغازات المحرمة دوليا التي تحدث فور استنشاقها عملية شلل مؤقت لأحرار الوطن الأمر الذي من شأنه إعطاء الفرصة لرجال الشرطة أن ينقضوا عليهم بالضرب والسحل والاعتقال وتكميم الأفواه لتمرير مصالح الكل، فوق أجساد عدوهم المشترك والوحيد ألا وهو الشعب، صاحب الوطن الأصلي وصاحب الأرض الحقيقي.
ثلاثون عاما صار فيها تعداد مصر اليوم حسب الإحصاءات الرسمية 81 مليونا بخلاف من لم يشملهم الإحصاء من مواطنين يقطنون في أطراف البلاد ويتراوح عددهم الافتراضي مابين 10 إلى 18 مليون نسمة في مناطق مثل الصحراء الغربية وجنوب الوادي وحلايب وغيرها، ثلاثون عاما أفرزت أجيالا جديدة تقدر رسميا بحوالي 36 مليون نسمة تحت حكم مبارك ولا يعرفون لمصر رئيساً غيره ، ثلاثون عاما تزوج فيها منهم من تزوج وأنجب أطفالا تتراوح أعمارهم الآن مابين عام وخمسة أعوام على أقل تقدير وهم لا يعرفون إلا نفس الشذوذ ونفس الوجوه التي تحكمهم دون تغيير منذ عقود حتى أنهم بسبب كبر سنهم المبالغ فيه وإصرارهم على إدارة دفة البلاد حتى الموت صاروا يحكمون وبعضهم يرتدي حفاضات واقية بين أفخاذهم تماما كأعضاء مجلس الدوما الروسي قبل البرستوريكا بسبب أمراض الشيخوخة والتي من بعض أعراضها وربما أهمها أمراض التبول اللاإرادي الذي ينتاب - بسبب تقدم السن - الكثير منهم والكثير من قيادات الحكم فيهم وكذا قيادات الحزب الوطني الحاكم في مصر والتي أرجو أن لا يعتبرها البعض مزحة بل هي حقيقة ( مأساوية ) يعلمها الكل وتخنق أحرار مصر الذين تم تكميم أفواههم وتقييد حركتهم وحريتهم في السجون والمعتقلات، بل وقتل بعضهم ودفنهم سراً في صحراء الفيوم وحلوان على مدى ثلاثين عاماً.
36 مليون نسمة هم فرق التعداد بين مصر 1981 ومصر 2001 لا يعرفون لهم حاكما سوى مبارك، 36 مليون نسمة يشكلون ما يقرب من 15% من حجم سكان الوطن العربي كله، ولدوا وتعلموا وتزوجوا في قفص نظام مبارك حتى توهم هو والذين معه أن مصر أصبحت بالفعل مملكة وخديوية له ولأبنائه من بعده، لدرجة وصلت به وبقدرة فاقت جبروت هتلر – رغم الفرق الكبير بينه وبين هتلر إذ آمن هتلر بعظمة المواطن الألماني أما مبارك فلم يؤمن إلا بنفسه فقط ) وتحت وهم ( ما أظن أن تبيد هذه أبداً ) قام بالتدخل ( العار ) في تشويه مواد الدستور وأعاد صياغتها بواسطة شياطين القانون المحسوبين من ( شماشرجية ) النظام الذين برعوا في تفصيل دستور جديد يضمن بقائهم للأبد لتتحول مصر بموجبه إلى ( عزبة ) وكل من فيها عبيد إحساناتهم بتصفيق حاد ومباركة من أعضاء البرلمان ( التفصيل ) الذين اشتراهم النظام بأموال الشعب المطحون لزيادة الضغط عليه وإذلاله وإخضاعه لكل سيناريوهات المستقبل التي لا تخدم إلا مصالح النظام، ومصالح الشواذ فيه.
ولا شك – في تقديري - أن ما حدث في الخامس والعشرين من يناير 2011 من وثبة للشعب المصري على قلب رجل واحد ضد طغيان النظام لم تحدث عفوا، فليس هناك ثورة شعبية بهذا القدر العظيم من الإصرار والوطنية و التنظيم تحدث هكذا عفوا أبداً، وفي لحظة واحدة، من مشارق مصر لمغاربها، ولكن ما حدث كان – من المؤكد - وفقا لسيناريو وطني خالص وشديد الوطنية ولا مجال للتلميحات بشأنه الآن لكونه مجرد تحليلات ظنية حتى تأتي ثورة الشباب بنتائجها والمرجو منها، ويكفيني فقط هنا التأكيد على عمق طهارة هذه الثورة من أي تلوث خارجي أو حزبي أو طائفي أو مذهبي أو كما يروج وزير الإعلام المصري الذي فرضته طغمة فاسدة على رأس إعلام اكبر بلد في الشرق الأوسط بعد أن كان يدور في حواري الولايات المتحدة الأمريكية بحقيبة ( سمسونايت ) كمندوب مبيعات لكن ومن خلال كتاب قام بتأليفه ويحكي فيه عن مآثر زوجة السيد الرئيس وتنازله عن فيلا كانت ميراثا له من جده لأمه في مصر الجديدة لصالح جمعية زوجة السيد الرئيس انتقل فيما بين عشية وضحاها ( من ماشا - كما يقول المثل المصري - إلى باشا ) من مندوب مبيعات جاهل لوزير الشباب والرياضة في مصر ثم وفي أقل من شهور وزيرا للإعلام على رأس أخطر مؤسسة داخل البلاد ليفعل بها ما نراه اليوم من تدليس وصل به لأن يتهم منظمة حماس الفلسطينية بأنها وراء ما يحدث مما دفع بعض المحللين الغربيين للسخرية منه إذ كان عليه أن يختار - مادام أراد أن يقوم بعملية غسيل مخ لكافة الشعب المصري – أن يختار منظمة ذات سقف أعلى من سقف حرية الحركة لمنظمة حماس المعتقلة داخل حدود غزة بين نظامين كلاهما مر، ويختار منظمة عالمية كمنظمة القاعدة مثلا ويسند إليها كل ما يحدث وينسج حولها ما شاء من أكاذيب ستبدو حتما أقرب للتصديق نظرا لارتفاع أسهم القاعدة عالميا في سوق الإرهاب ثم يبثها لجموع الناس من خلال الآله الإعلامية المصرية التي شاء القدر أن تقع تحت رئاسة عقل كعقله لا يحمل بين عظام جمجمته سوى القش، وحتما سيتم نثر هذا القش قريباً من خلال محاكمة شعبية فاضحة له على كل ما قام به من تزوير وتسفيه لوجدان الأمة المصرية في أحرج لحظاتها المعاصرة.
وأعود وأقول أن سيناريو حدوث ثورة الشباب المصري الطاهر ربما – في تصوري – قد بدأ الإعداد له منذ مدة ليست بالقصيرة إعدادا وطنيا شريفاً بعدما ظن آل فرعون أنهم قادرون عليها، وربما سبب الترنح الذي بدا على ردود أفعال دول الغرب والولايات المتحدة خاصة تجاه ثورة الخامس والعشرين من يناير جاء بسبب عنصر الصدمة والمفاجأة إذ اكتشفت أميركا ومن والاها من أنظمة الغرب ( الحر ) أن ثورة المصريين تمت في غيبوبة تامة من أجهزة استخبارات تلك الأنظمة والأدهى من ذلك أنها تمت بشكل وطني خالص جعلهم يتخبطون في إعادة حساباتهم وفي بعضهم البعض - ومازالوا يتخبطون - بعد ما فرض عليهم المصريون لغة الأمر الواقع الذي يحاولون من خلاله الآن البحث عن مخرج يضمن لهم مصالحهم بعدما خدعهم وباغتهم الشعب المصري والشباب المصري بثورته الشريفة وفاجأ بها كل طواقم أجهزة مخابراتهم التي اتخمها العهر السياسي وجعلها منذ عقد من الزمن على الأقل غير قادرة على التمييز.
خلاصة ما أود أن أقوله أن ثورة الخامس والعشرين من يناير هي ثورة مصرية وطنية 100% فاجأت الكل حتى سيادة الرئيس نفسه!، إنه حتى هذه اللحظة لا يصدق – بعد عطاء ثلاثين عاما – أن الشعب الذي ولد نصفه على حياة عينه ولا يعرف سواه رئيساً ولا رباً لا يريده الآن رئيسا ولا قائدا ولا رباً، حتى هذه اللحظة يؤمن سيادة الرئيس أن ما يحدث هو انفلات لقلاقل مأجورة تم دفعها لإحراجه أمام شعبه والعالم، ومن هنا كان القمع العنيف في الأيام الأولى للثورة من قبل أجهزة شرطة العادلي الذي تعامل مع شباب مصر الثائر كما تعاملت إسرائيل مع أخوة لنا في الوطن فلسطينيون في حربها الأخيرة على غزة باستثناء – طبعاً - استخدام القنابل العنقودية التي لو كان يمتلكها العادلي لألقاها على شعب مصر دون رحمة أو وازع وطني ليسعد بها السيد الرئيس الذي حتماً يشاهد إخلاص رجاله في ذبح الشعب من خلال شاشات التليفزيون العملاقة في قصره بشرم الشيخ وبعدما أصبح الوطن عند مثل هؤلاء ممن هم على شاكلة العادلي هو الذات فقط التي تأخذها العزة بالإثم وحدودها التي لا تتعدى مسام الجلد وغرائز التسلط.
حتى الآن لا يصدق مبارك أن شعبه يرفضه!، حتى هذه اللحظة يؤمن بأن من يتظاهر ضده ما هم إلا فئة ضالة محسوبة على شعب مصر ناكري لجميل حكمه، مازال لا يصدق أن ثلاثين عاما قضاها وقبلها سنيناً أخرى كنائب للسادات، يمكن أن تذهب هكذا سدى بسبب ثلة ضائعة أولاد كلب من صبية الحواري والمتحرشين جنسياً، إنه يظن حتى وقتنا هذا أنه ضحية مؤامرة ربما من الإخوان المسلمين أو من حماس أو القاعدة أو ربما بسبب حساسيته المفرطة تجاه كل ما هو ديني على وجه الأرض يظن أنه ضحية مؤامرة من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو مؤامرة من الله نفسه! لإقصائه عن حكم مصر وتلك الأنهار التي تجري من تحته، حتى هذه اللحظة يظن أنه على صواب وأن شعب مصر ( الملوث ) على خطأ وان مستقبلا أسوداً سيلاقيه هذا الشعب بدون قائده الذي ساقه وقاده ثلاثين عاماً، انه كلما فاق وأدرك أن ما يحياه الآن ليس كابوسا أو مناما وإنما الرفض الشعبي الحقيقي والواقعي استبدع عذابا جديدا ليذل به الناس، انه يتبع منهج الأرض المحروقة، انه يلعب بالكارت الأخير مع الشعب ليصبح كل شئ خرابا وهو ما يعرف بمنهج الخاسر في اللعب، إن ما فعله بعد خطابه الأخير بشباب مصر من ترويع وقتل ( 1500 قتيل ومصاب في أقل من خمسة ساعات بميدان التحرير بعد خطابة الثاني ) ودخول عشرات من عصابات البدو الموجودة في منطقة نزلة السمان وكرداسة بأموال نائب الهرم عن الحزب الوطني وهم يمتطون الجمال والبغال والخيول مدججين بالسيوف وقنابل الملوتوف الحارقة وطلقات الرصاص الحي، في محاولة لفض المتظاهرين، هو أمر يدل بجلاء إلى أن سيادة الرئيس لا يصدق أن شعب مصر كله لا يريده بل هم مجرد فئة ضالة لا تتعدى عشرات من الشباب المحبط كما يصور له السيد أنس الفقي رأس ( قش ) الإعلام المصري وأنه يمكن القضاء عليها وعودة الأمور إلى سابق عهدها.
يا سيادة الرئيس، أود أن أوجه لك كلمة ربما تكون الأخيرة لسيادتكم قبل أن ترحل: منذ ثمانية سنوات وتحديدا في عام 2003 وجهت كلمة لصدام حسين تنصحه فيها بالتنحي حماية منه للشعب العراقي ومن إراقة الدماء إن كان يحمل في قلبه ذرة وطنية لشعبه، قمت سيادتكم بتوجيه هذه النصيحة لصدام حسين من خلال خطاب جماهيري حي ومتلفز، وصرت تكرر للعالم كله لسنوات أن سبب حمامات الدم التي يعيشها العراق كانت بسبب عدم قبول صدام لنصيحتك له بالتنحي وقلت أيضا أن أي قائد لديه بصيص من كرامة لابد أن ينزل عند رغبات الشعب، ترى يا سيادة الرئيس هل تتذكر هذه النصيحة التي جاء عليك الدور لتفعيلها أم أن بصيص الكرامة قد انفجر مصباحه ولم يعد يضئ؟.
سيادة الرئيس، إن سبب بقاءك حتى الآن هو نبل الجيش المصري وما يحاوطونك اليوم والآن من رجاله وجنوده الشرفاء، الجيش المصري الذي لا ينقلب على قائده أبدا، رغم انقلابك أنت عليهم بملف التوريث ( العار ) الذي كان سيفقد العسكرية المصرية هيبتها أمام الشعب للأبد، نبل وشرف رجال جيش مصر الذين أدرت لهم ظهرك وأخرجت لهم ولنا لسانك ولسان جمال مبارك، هم سبب بقائك للآن يا سيادة الرئيس وليس لأي سبب آخر.
يا سيادة الرئيس صدق أننا لا نريدك ونشكرك على قيادة مصر طيلة ثلاثين عاماً.
أتعرفون ما هي مشكلة الرئيس مبارك الآن؟
مشكلة الرئيس مبارك أنه لا يصدق أنه مات.


مُبَاركْ لا يصدق أنه مات


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
سيادة الرئيس، بقاءك حتى الآن هو بسبب نبل الجيش المصري ورجاله وجنوده الشرفاء، الجيش المصري الذي لا ينقلب على قائده أبدا، رغم انقلابك أنت عليهم بملف التوريث الذي كان سيفقد العسكرية المصرية هيبتها أمام الشعب للأبد، جيش مصر الذي أدرت له ظهرك وأخرجت له لسانك ولسان جمال مبارك، هو سبب بقائك للآن وليس لأي سبب آخر.
ثلاثون عاماً، ثلاثون عاما كانت مصر قبلها في عام 1981 يتراوح عدد سكانها 44 مليون نسمة حينما تولى فيها مبارك مقاليد الحكم في البلاد، وإعلانه الأحكام العرفية فور توليه السلطة لتظل قوانين الطوارئ هي شرعية الحكم وشرعية القضاء وشرعية السلوك برضا قادة العالم ( الحر) الذين لم يقوموا حتى بنصح مبارك في أن مسألة الحكم بقانون الأحكام العرفية طيلة مده حكم أي رئيس دولة هي سابقة لم تحدث في العالم حتى في ظل ديكتاتوريات سابقة كشاوشيسكو وفرانكو وماو تسي تونج، وان ما يتشدقون به أمام قنوات التليفزيون من مناصرتهم للشعوب الطامحة للحرية هي مجرد أكاذيب لكونها تتعارض مع مصالحهم، وحيث سقطت الآن كل الأقنعة وأصبح الجميع يطلق الرصاص على رأسه وينتحر، وربما ظهر جليا وقفة قادة العالم ( الحر ) وردود أفعالهم الساذجة والمترنحة تجاه ذبح الشباب المصري الأعزل المطالب بحريته ومستقبله على يد نظام ديكتاتوري لاقى كل الدعم منهم في ذبح شعبه مقابل البقاء في الحكم بدعم منهم حافظوا من خلاله ومن خلال المنح التي لا ترد وتصب في الجيوب لا في مصلحة الشعوب علي مكاسبهم ومكاسبه وانهالوا عليه لوجيستياً بالمدرعات والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وغاز الخردل والغازات المحرمة دوليا التي تحدث فور استنشاقها عملية شلل مؤقت لأحرار الوطن الأمر الذي من شأنه إعطاء الفرصة لرجال الشرطة أن ينقضوا عليهم بالضرب والسحل والاعتقال وتكميم الأفواه لتمرير مصالح الكل، فوق أجساد عدوهم المشترك والوحيد ألا وهو الشعب، صاحب الوطن الأصلي وصاحب الأرض الحقيقي.
ثلاثون عاما صار فيها تعداد مصر اليوم حسب الإحصاءات الرسمية 81 مليونا بخلاف من لم يشملهم الإحصاء من مواطنين يقطنون في أطراف البلاد ويتراوح عددهم الافتراضي مابين 10 إلى 18 مليون نسمة في مناطق مثل الصحراء الغربية وجنوب الوادي وحلايب وغيرها، ثلاثون عاما أفرزت أجيالا جديدة تقدر رسميا بحوالي 36 مليون نسمة تحت حكم مبارك ولا يعرفون لمصر رئيساً غيره ، ثلاثون عاما تزوج فيها منهم من تزوج وأنجب أطفالا تتراوح أعمارهم الآن مابين عام وخمسة أعوام على أقل تقدير وهم لا يعرفون إلا نفس الشذوذ ونفس الوجوه التي تحكمهم دون تغيير منذ عقود حتى أنهم بسبب كبر سنهم المبالغ فيه وإصرارهم على إدارة دفة البلاد حتى الموت صاروا يحكمون وبعضهم يرتدي حفاضات واقية بين أفخاذهم تماما كأعضاء مجلس الدوما الروسي قبل البرستوريكا بسبب أمراض الشيخوخة والتي من بعض أعراضها وربما أهمها أمراض التبول اللاإرادي الذي ينتاب - بسبب تقدم السن - الكثير منهم والكثير من قيادات الحكم فيهم وكذا قيادات الحزب الوطني الحاكم في مصر والتي أرجو أن لا يعتبرها البعض مزحة بل هي حقيقة ( مأساوية ) يعلمها الكل وتخنق أحرار مصر الذين تم تكميم أفواههم وتقييد حركتهم وحريتهم في السجون والمعتقلات، بل وقتل بعضهم ودفنهم سراً في صحراء الفيوم وحلوان على مدى ثلاثين عاماً.
36 مليون نسمة هم فرق التعداد بين مصر 1981 ومصر 2001 لا يعرفون لهم حاكما سوى مبارك، 36 مليون نسمة يشكلون ما يقرب من 15% من حجم سكان الوطن العربي كله، ولدوا وتعلموا وتزوجوا في قفص نظام مبارك حتى توهم هو والذين معه أن مصر أصبحت بالفعل مملكة وخديوية له ولأبنائه من بعده، لدرجة وصلت به وبقدرة فاقت جبروت هتلر – رغم الفرق الكبير بينه وبين هتلر إذ آمن هتلر بعظمة المواطن الألماني أما مبارك فلم يؤمن إلا بنفسه فقط ) وتحت وهم ( ما أظن أن تبيد هذه أبداً ) قام بالتدخل ( العار ) في تشويه مواد الدستور وأعاد صياغتها بواسطة شياطين القانون المحسوبين من ( شماشرجية ) النظام الذين برعوا في تفصيل دستور جديد يضمن بقائهم للأبد لتتحول مصر بموجبه إلى ( عزبة ) وكل من فيها عبيد إحساناتهم بتصفيق حاد ومباركة من أعضاء البرلمان ( التفصيل ) الذين اشتراهم النظام بأموال الشعب المطحون لزيادة الضغط عليه وإذلاله وإخضاعه لكل سيناريوهات المستقبل التي لا تخدم إلا مصالح النظام، ومصالح الشواذ فيه.
ولا شك – في تقديري - أن ما حدث في الخامس والعشرين من يناير 2011 من وثبة للشعب المصري على قلب رجل واحد ضد طغيان النظام لم تحدث عفوا، فليس هناك ثورة شعبية بهذا القدر العظيم من الإصرار والوطنية و التنظيم تحدث هكذا عفوا أبداً، وفي لحظة واحدة، من مشارق مصر لمغاربها، ولكن ما حدث كان – من المؤكد - وفقا لسيناريو وطني خالص وشديد الوطنية ولا مجال للتلميحات بشأنه الآن لكونه مجرد تحليلات ظنية حتى تأتي ثورة الشباب بنتائجها والمرجو منها، ويكفيني فقط هنا التأكيد على عمق طهارة هذه الثورة من أي تلوث خارجي أو حزبي أو طائفي أو مذهبي أو كما يروج وزير الإعلام المصري الذي فرضته طغمة فاسدة على رأس إعلام اكبر بلد في الشرق الأوسط بعد أن كان يدور في حواري الولايات المتحدة الأمريكية بحقيبة ( سمسونايت ) كمندوب مبيعات لكن ومن خلال كتاب قام بتأليفه ويحكي فيه عن مآثر زوجة السيد الرئيس وتنازله عن فيلا كانت ميراثا له من جده لأمه في مصر الجديدة لصالح جمعية زوجة السيد الرئيس انتقل فيما بين عشية وضحاها ( من ماشا - كما يقول المثل المصري - إلى باشا ) من مندوب مبيعات جاهل لوزير الشباب والرياضة في مصر ثم وفي أقل من شهور وزيرا للإعلام على رأس أخطر مؤسسة داخل البلاد ليفعل بها ما نراه اليوم من تدليس وصل به لأن يتهم منظمة حماس الفلسطينية بأنها وراء ما يحدث مما دفع بعض المحللين الغربيين للسخرية منه إذ كان عليه أن يختار - مادام أراد أن يقوم بعملية غسيل مخ لكافة الشعب المصري – أن يختار منظمة ذات سقف أعلى من سقف حرية الحركة لمنظمة حماس المعتقلة داخل حدود غزة بين نظامين كلاهما مر، ويختار منظمة عالمية كمنظمة القاعدة مثلا ويسند إليها كل ما يحدث وينسج حولها ما شاء من أكاذيب ستبدو حتما أقرب للتصديق نظرا لارتفاع أسهم القاعدة عالميا في سوق الإرهاب ثم يبثها لجموع الناس من خلال الآله الإعلامية المصرية التي شاء القدر أن تقع تحت رئاسة عقل كعقله لا يحمل بين عظام جمجمته سوى القش، وحتما سيتم نثر هذا القش قريباً من خلال محاكمة شعبية فاضحة له على كل ما قام به من تزوير وتسفيه لوجدان الأمة المصرية في أحرج لحظاتها المعاصرة.
وأعود وأقول أن سيناريو حدوث ثورة الشباب المصري الطاهر ربما – في تصوري – قد بدأ الإعداد له منذ مدة ليست بالقصيرة إعدادا وطنيا شريفاً بعدما ظن آل فرعون أنهم قادرون عليها، وربما سبب الترنح الذي بدا على ردود أفعال دول الغرب والولايات المتحدة خاصة تجاه ثورة الخامس والعشرين من يناير جاء بسبب عنصر الصدمة والمفاجأة إذ اكتشفت أميركا ومن والاها من أنظمة الغرب ( الحر ) أن ثورة المصريين تمت في غيبوبة تامة من أجهزة استخبارات تلك الأنظمة والأدهى من ذلك أنها تمت بشكل وطني خالص جعلهم يتخبطون في إعادة حساباتهم وفي بعضهم البعض - ومازالوا يتخبطون - بعد ما فرض عليهم المصريون لغة الأمر الواقع الذي يحاولون من خلاله الآن البحث عن مخرج يضمن لهم مصالحهم بعدما خدعهم وباغتهم الشعب المصري والشباب المصري بثورته الشريفة وفاجأ بها كل طواقم أجهزة مخابراتهم التي اتخمها العهر السياسي وجعلها منذ عقد من الزمن على الأقل غير قادرة على التمييز.
خلاصة ما أود أن أقوله أن ثورة الخامس والعشرين من يناير هي ثورة مصرية وطنية 100% فاجأت الكل حتى سيادة الرئيس نفسه!، إنه حتى هذه اللحظة لا يصدق – بعد عطاء ثلاثين عاما – أن الشعب الذي ولد نصفه على حياة عينه ولا يعرف سواه رئيساً ولا رباً لا يريده الآن رئيسا ولا قائدا ولا رباً، حتى هذه اللحظة يؤمن سيادة الرئيس أن ما يحدث هو انفلات لقلاقل مأجورة تم دفعها لإحراجه أمام شعبه والعالم، ومن هنا كان القمع العنيف في الأيام الأولى للثورة من قبل أجهزة شرطة العادلي الذي تعامل مع شباب مصر الثائر كما تعاملت إسرائيل مع أخوة لنا في الوطن فلسطينيون في حربها الأخيرة على غزة باستثناء – طبعاً - استخدام القنابل العنقودية التي لو كان يمتلكها العادلي لألقاها على شعب مصر دون رحمة أو وازع وطني ليسعد بها السيد الرئيس الذي حتماً يشاهد إخلاص رجاله في ذبح الشعب من خلال شاشات التليفزيون العملاقة في قصره بشرم الشيخ وبعدما أصبح الوطن عند مثل هؤلاء ممن هم على شاكلة العادلي هو الذات فقط التي تأخذها العزة بالإثم وحدودها التي لا تتعدى مسام الجلد وغرائز التسلط.
حتى الآن لا يصدق مبارك أن شعبه يرفضه!، حتى هذه اللحظة يؤمن بأن من يتظاهر ضده ما هم إلا فئة ضالة محسوبة على شعب مصر ناكري لجميل حكمه، مازال لا يصدق أن ثلاثين عاما قضاها وقبلها سنيناً أخرى كنائب للسادات، يمكن أن تذهب هكذا سدى بسبب ثلة ضائعة أولاد كلب من صبية الحواري والمتحرشين جنسياً، إنه يظن حتى وقتنا هذا أنه ضحية مؤامرة ربما من الإخوان المسلمين أو من حماس أو القاعدة أو ربما بسبب حساسيته المفرطة تجاه كل ما هو ديني على وجه الأرض يظن أنه ضحية مؤامرة من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو مؤامرة من الله نفسه! لإقصائه عن حكم مصر وتلك الأنهار التي تجري من تحته، حتى هذه اللحظة يظن أنه على صواب وأن شعب مصر ( الملوث ) على خطأ وان مستقبلا أسوداً سيلاقيه هذا الشعب بدون قائده الذي ساقه وقاده ثلاثين عاماً، انه كلما فاق وأدرك أن ما يحياه الآن ليس كابوسا أو مناما وإنما الرفض الشعبي الحقيقي والواقعي استبدع عذابا جديدا ليذل به الناس، انه يتبع منهج الأرض المحروقة، انه يلعب بالكارت الأخير مع الشعب ليصبح كل شئ خرابا وهو ما يعرف بمنهج الخاسر في اللعب، إن ما فعله بعد خطابه الأخير بشباب مصر من ترويع وقتل ( 1500 قتيل ومصاب في أقل من خمسة ساعات بميدان التحرير بعد خطابة الثاني ) ودخول عشرات من عصابات البدو الموجودة في منطقة نزلة السمان وكرداسة بأموال نائب الهرم عن الحزب الوطني وهم يمتطون الجمال والبغال والخيول مدججين بالسيوف وقنابل الملوتوف الحارقة وطلقات الرصاص الحي، في محاولة لفض المتظاهرين، هو أمر يدل بجلاء إلى أن سيادة الرئيس لا يصدق أن شعب مصر كله لا يريده بل هم مجرد فئة ضالة لا تتعدى عشرات من الشباب المحبط كما يصور له السيد أنس الفقي رأس ( قش ) الإعلام المصري وأنه يمكن القضاء عليها وعودة الأمور إلى سابق عهدها.
يا سيادة الرئيس، أود أن أوجه لك كلمة ربما تكون الأخيرة لسيادتكم قبل أن ترحل: منذ ثمانية سنوات وتحديدا في عام 2003 وجهت كلمة لصدام حسين تنصحه فيها بالتنحي حماية منه للشعب العراقي ومن إراقة الدماء إن كان يحمل في قلبه ذرة وطنية لشعبه، قمت سيادتكم بتوجيه هذه النصيحة لصدام حسين من خلال خطاب جماهيري حي ومتلفز، وصرت تكرر للعالم كله لسنوات أن سبب حمامات الدم التي يعيشها العراق كانت بسبب عدم قبول صدام لنصيحتك له بالتنحي وقلت أيضا أن أي قائد لديه بصيص من كرامة لابد أن ينزل عند رغبات الشعب، ترى يا سيادة الرئيس هل تتذكر هذه النصيحة التي جاء عليك الدور لتفعيلها أم أن بصيص الكرامة قد انفجر مصباحه ولم يعد يضئ؟.
سيادة الرئيس، إن سبب بقاءك حتى الآن هو نبل الجيش المصري وما يحاوطونك اليوم والآن من رجاله وجنوده الشرفاء، الجيش المصري الذي لا ينقلب على قائده أبدا، رغم انقلابك أنت عليهم بملف التوريث ( العار ) الذي كان سيفقد العسكرية المصرية هيبتها أمام الشعب للأبد، نبل وشرف رجال جيش مصر الذين أدرت لهم ظهرك وأخرجت لهم ولنا لسانك ولسان جمال مبارك، هم سبب بقائك للآن يا سيادة الرئيس وليس لأي سبب آخر.
يا سيادة الرئيس صدق أننا لا نريدك ونشكرك على قيادة مصر طيلة ثلاثين عاماً.
أتعرفون ما هي مشكلة الرئيس مبارك الآن؟
مشكلة الرئيس مبارك أنه لا يصدق أنه مات.


الأربعاء، 2 فبراير 2011

على مُبَارك أن يرحل


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عنه، كنت أتصور أنه رجال غلاظ، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة لنا وجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش وفوجئنا بقائد  يمسك ميكرفونا وينادي فينا بصوت هادئ يا شباب مصر العظيم، كلمة صغيرة حولتني من صعلوك تم امتهان كرامته لمولود جديد له كبرياء وكرامة.
على مبارك أن يرحل، هذا ما رددناه جميعاً ومازلنا نردده وبقوة، عليه أن يرحل الآن، أن يرحل عن رئاسة مصر، عن زعامة مصر، نحن لا نريد بالرحيل أن يرحل خارج مصر، فنحن المصريون لن نرضى أن نطرد مبارك للخارج وقد كان له ماضيا عسكرياً مشرفاً لوطنه في لحظات الحرب والسلم الذي وللأسف تحول إلى حاضر غير شريف بسبب ابنه جمال، لقد كان جمال مبارك لعنة أبيه وأمه، كان لعنة على مصر كلها، لطخ حاضر أبيه بالسواد، وكاد أن يلحق بمصر كلها العار، عار الوراثة، وربما أرى أن ما يعيشه مبارك اليوم من لحظات رفض شعبي عارم وبإجماع الكل رغم عطاءه العسكري هو بسبب ابنه جمال ( لعنة جمال مبارك ) الذي ظن أنه سيرث بلداً في حجم مصر بعدما اعتبرها ( عزبة ) يمرح فيها وبها كيفما شاء، وهو الذي لا يحمل أي مؤهلات وطنية تؤهله لهذا المنصب سوى انه مجرد مواطن مصري كملايين المواطنين المصرين أما غير ذلك فلا يوجد لديه شئ على الإطلاق، ومن هنا كانت الطغمة الفاسدة التي أحاطت به وأحاط بها حتى أحاطت بهم جميعا خطيئتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون، إن خطأ مبارك الذي دق مسمار النعش الأخير في مسيرة رئاسته لمصر، أكرر .. كان جمال مبارك، اللعنة المنسابة التي لم تلحق بنا كشعب ومن ثم أظن أننا لن نوصم تاريخنا كمصريين بعار طرد رئيس مصر السابق حسني مبارك ولكن فقط نريده أن يرحل عن كرسي الرئاسة، خارج أي عمل سياسي، يرحل وليقضي المتبقي له من العمر في شرم الشيخ ويتابع كمواطن مصري ما سيفعله المصريون من انجازات – بإذن الله – من بعده، بعدما تم إغلاق ملف التوريث إلى الأبد.
وتحت مظلة هذا السيناريو، سيناريو الرحيل الذي ننادي به جميعاً لمبارك، نجد أنه كلما عصفت بنا الأزمات في مصر، لا يقف بصلابة في تحديها وعبورها إلا جيش مصر ورجالاته.
إننا كمصريون نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي لم يعتريها فساد طيلة وجودها الحضاري، نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي أثبتت أنها حامي مصر الوحيد والأب الشرعي الوحيد لمصر ولأمن مصر.
إن الحياد الذي التزمت به المؤسسة العسكرية تجاه الأحداث الأخيرة لابد أن يجعلنا نتأمل عظمة هذه المؤسسة وإثباتها بما لا يدع مجالاً لشك أنها لم تنحاز لطرف على حساب طرف لكون الكل أمامها مصريون، وأنها ما وجدت إلا للدفاع عن المصريين لا لقتلهم كما فعل جهاز الشرطة في يوم العار الذي سيلاحقهم للأبد.
المؤسسة العسكرية لم تنحاز للنظام رغم أن رأس النظام رجل عسكري، لم تأخذ دور وزارة الداخلية وتركت نفسها أداه غير شريفة في يد النظام يضغط بها على الناس متى شاء ويقهرهم ويقمعهم ويذبحهم متى شاء مقابل بقاءه في الحكم، ومن هنا أثبت الجيش بتلك المسألة استقلاله الكامل وسيادته الكاملة في مثل هكذا ظروف كالتي تمر بها مصر الآن حتى ولو كان رأس النظام هو أحد رجاله.
لقد فعلت المؤسسة العسكرية في ثورة الشباب المصري مالم تفعله أي مؤسسة عسكرية من حولنا، لم تطلق رصاصة واحدة، لم ترهب الناس، بل أنها وبعظمة الجندي المصري والعسكرية المصرية استطاعت أن تمتص غضب الشباب والناس وتحول خوفهم وريبتهم منها إلى حب ومن ثم احتضان، لتغرس في قلوبهم وفي هكذا ظروف حرجة أروع نبضات الانتماء الوطني الحقيقي والذي لم نر من خلاله سوى علم مصر فقط الذي يرفرف فوق رؤوس الجميع، دون تحزب ولا مذهبية ولا دينية ولا طائفية ولكن مصرية وطنية خالصة من شباب مصر حبات لؤلؤ ذلك الوطن.
إن مشاهدة الشباب المصري وهو يعتلي الدبابات مع جنوده وإخوته من العسكريين المصريين مشهداً أراهن عليه إن حدث في أي بلد من بلدان العالم حتى أميركا، لكون هذا المشهد لا يحدث إلا في مصر.
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عن جيشنا، كنت أتصور أن الجيش مجموعة أوامر من رجال غلاظ عتاة يثيروا في قلبك الرعب فتكرههم حينما تطالعهم عيناك، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة بكل الوسائل القمعية والغازات التي كانت تطلقها علينا فتصيبنا بحالة من الشلل المؤقت لدقائق ينهالوا فيها علينا ضربا وسحلاً بكل ما أوتوا من قوة وجبروت، جعلني حينما رأيت مدرعات الجيش أن آمنت بأننا هالكون لا محالة وأننا لن نذهب إلى منازلنا إلا جثثا هامدة خاصة بعدما سارت بيننا إشاعة أن مبارك بحكم كونه طيارا عسكرياً فسيأمر حتماً رجال القوات الجوية بقصفنا بطائرات أف 16 من فوق أسطح المنازل!، ولكن بعد أن حاوطتنا الدبابات وكنت لم أر دبابة حقيقية طيلة عمري - وبالمناسبة فإن منظرها مرعبا ومخيفاً – حينما حاوطتنا ووجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش ومدرعاتهم من كل جانب فوجئنا بقائد عسكري منهم يمسك ميكرفونا وينادي فينا ويقول بنبرة صوت هادئة ومطمئنة ياشباب مصر العظيم، وحينما سمعنا هذا النداء، عندما سمعنا ياشباب مصر العظيم بكى معظمنا، أنا نفسي بكيت يااستاذ محيي، بكيت بجد، حسيت أن هذه الكلمة الصغيرة حولتني من صعلوك حقير تم امتهان كرامته وآدميته على يد جهاز الشرطة لمدة ثلاثة أيام متواصلة لمولود جديد يحمل كبرياء وكرامة، لقد أعاد لي الجيش بنداء صغير كرامتي وآدميتي وكبريائي الذي انتهكته شرطة حبيب العادلي، قال لي احدهم وكان بجواري ينزف من أثر احدي الطلقات المطاطية التي اخترقت ذراعه، أنها خدعة وسيقتلوننا جميعا، الجيش جاء بعد العادلي ليقضي علينا جميعاً، إنه جيش مبارك ياحمار الذي ننادي بسقوطه، لقد هلك الجميع، وهنا وجدتني أهرول بهستيرية متوجهاً نحو إحدى الدبابات القريبة منا، كنت اصرخ بكلمات غير مفهومة في معظم مخارجها اللفظية لكوني كنت مازلت متأثرا بالغاز الذي استنشقته وافقدني القدرة على الحركة وجعل لساني ثقيلا كأنه تحت تأثير مخدر طبيب الأسنان، كنت أصرخ وحاولت أن اصعد فوق الدبابة وأبصق في وجوههم جميعا مادمت ميتا ميتا، كان عقلي شبه متوقف، وكنت مجهداً وغارقا في الدماء من أثر الضرب والقمع والسحل، ولكن كان عندي إصرار بليد أن ابصق في وجوههم جميعاً، أصرخ في وجوههم جميعاً، الصراخ في وجه كل شئ، كنت أريد أن أقفز فوق الدبابة لأصرخ وابصق في كل الوجوه قبل أن يطلقوا على رأسي ورأس الجميع الرصاص، فشلت في الصعود عدة مرات، ولكني فوجئت بالجندي الذي يعتلي الدبابة يمد لي يده فمسكتها ليرفعني بجواره ويرفع يده بيدي عاليا ويهزها كالحكم في حلبة المصارعة الذي يمسك بيد اللاعب الفائز في نهاية المباراة، كان يهزها عالياً وهو يبتسم للشباب، وهنا صرخ الجميع مبتهجاً ولحظات وكانت دبابات الميدان كلها يعتليها المئات من الشباب المصري الذي أعاد لهم الجيش الوجود في أسود وأحلك وأسوأ لحظة يمكن أن تمر ببشر انتهكتهم فيها أجهزة الشرطة القمعية ونحن أبناء هذا الوطن وأحباؤه ومستقبله، أعاد لنا الجيش المصري إحساسنا بالقوة في ادني لحظات الضعف، أعاد لنا كبريائنا المجروح وكرامتنا المهدرة لدرجة أنه حينما جاء أحدنا ليكتب عبارات ضد النظام على جسم دبابة قمنا جميعا باستنكار ذلك الفعل وخشينا أن ينقلب رجال الجيش بهذا الفعل علينا لكوننا وحتى الآن لا نثق بأحد ثقة كاملة بعد مارأيناه من العادلي والذين معه، هرعنا إليه وحاولنا خطف أنبوبة اللون الأسود التي بيده وحاولنا منعه من كتابة تلك العبارات على الدبابة، ولكن كانت المفاجأة لنا جميعاً حين قال لنا ضابط كان يقف بجوار الدبابة: دعوه .. إنه غاضب .. دعوه يكتب ما يشاء، انه مصري وهذه دبابة مصرية .. دعوه يكتب ما يشاء، وهنا لم نتمالك أنفسنا، حملنا الضابط على أعناقنا وصرنا نهتف ونحن نحمله على الأعناق نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي لأكثر من ثلاثين دقيقة، نحمله ونغني ونبكي ونضحك ونصرخ، لقد كان الجيش في هذه اللحظة بمثابة الأب الذي عثر على ابنه الصغير التائه في أحد الموالد الشعبية وحينما عثر عليه احتضنه في صدره فزال في حضن الأب ضياع المستقبل والإحساس بالخوف وعودة الشعور بالأمن النفسي، لن أنسى هذه اللحظة العظيمة طيلة عمري، لن أنساها ما حييت وسأذكرها لأبنائي وأحفادي، وأقول لهم أن مصر أمة لن تموت مادام فيها هذا الجيش العظيم.
حقاً لولا حياد الجيش المصري والمؤسسة العسكرية ما انتصرت الثورة، وما أنتصر الشباب المصري في عرض مطالبهم وحصولهم على معظمها حتى قبل انتهاء الثورة في سابقة لم تحدث في التاريخ إذ أن مكاسب الثورة تأتي دائما كنتيجة لما بعد حدوثها لا أثناء حدوثها كما يحدث الآن في ثورة اللوتس ثورة شباب مصر نحو دولة الحرية والعدل والمساواة، ثورة شباب مصر الخالية من الشعارات الحزبية والمذهبية، وتحية لجنود مصر وجيش مصر درع مصر الواقي وحارسها الأمين على حياده.


على مُبَارك أن يرحل


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عنه، كنت أتصور أنه رجال غلاظ، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة لنا وجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش وفوجئنا بقائد  يمسك ميكرفونا وينادي فينا بصوت هادئ يا شباب مصر العظيم، كلمة صغيرة حولتني من صعلوك تم امتهان كرامته لمولود جديد له كبرياء وكرامة.
على مبارك أن يرحل، هذا ما رددناه جميعاً ومازلنا نردده وبقوة، عليه أن يرحل الآن، أن يرحل عن رئاسة مصر، عن زعامة مصر، نحن لا نريد بالرحيل أن يرحل خارج مصر، فنحن المصريون لن نرضى أن نطرد مبارك للخارج وقد كان له ماضيا عسكرياً مشرفاً لوطنه في لحظات الحرب والسلم الذي وللأسف تحول إلى حاضر غير شريف بسبب ابنه جمال، لقد كان جمال مبارك لعنة أبيه وأمه، كان لعنة على مصر كلها، لطخ حاضر أبيه بالسواد، وكاد أن يلحق بمصر كلها العار، عار الوراثة، وربما أرى أن ما يعيشه مبارك اليوم من لحظات رفض شعبي عارم وبإجماع الكل رغم عطاءه العسكري هو بسبب ابنه جمال ( لعنة جمال مبارك ) الذي ظن أنه سيرث بلداً في حجم مصر بعدما اعتبرها ( عزبة ) يمرح فيها وبها كيفما شاء، وهو الذي لا يحمل أي مؤهلات وطنية تؤهله لهذا المنصب سوى انه مجرد مواطن مصري كملايين المواطنين المصرين أما غير ذلك فلا يوجد لديه شئ على الإطلاق، ومن هنا كانت الطغمة الفاسدة التي أحاطت به وأحاط بها حتى أحاطت بهم جميعا خطيئتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون، إن خطأ مبارك الذي دق مسمار النعش الأخير في مسيرة رئاسته لمصر، أكرر .. كان جمال مبارك، اللعنة المنسابة التي لم تلحق بنا كشعب ومن ثم أظن أننا لن نوصم تاريخنا كمصريين بعار طرد رئيس مصر السابق حسني مبارك ولكن فقط نريده أن يرحل عن كرسي الرئاسة، خارج أي عمل سياسي، يرحل وليقضي المتبقي له من العمر في شرم الشيخ ويتابع كمواطن مصري ما سيفعله المصريون من انجازات – بإذن الله – من بعده، بعدما تم إغلاق ملف التوريث إلى الأبد.
وتحت مظلة هذا السيناريو، سيناريو الرحيل الذي ننادي به جميعاً لمبارك، نجد أنه كلما عصفت بنا الأزمات في مصر، لا يقف بصلابة في تحديها وعبورها إلا جيش مصر ورجالاته.
إننا كمصريون نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي لم يعتريها فساد طيلة وجودها الحضاري، نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي أثبتت أنها حامي مصر الوحيد والأب الشرعي الوحيد لمصر ولأمن مصر.
إن الحياد الذي التزمت به المؤسسة العسكرية تجاه الأحداث الأخيرة لابد أن يجعلنا نتأمل عظمة هذه المؤسسة وإثباتها بما لا يدع مجالاً لشك أنها لم تنحاز لطرف على حساب طرف لكون الكل أمامها مصريون، وأنها ما وجدت إلا للدفاع عن المصريين لا لقتلهم كما فعل جهاز الشرطة في يوم العار الذي سيلاحقهم للأبد.
المؤسسة العسكرية لم تنحاز للنظام رغم أن رأس النظام رجل عسكري، لم تأخذ دور وزارة الداخلية وتركت نفسها أداه غير شريفة في يد النظام يضغط بها على الناس متى شاء ويقهرهم ويقمعهم ويذبحهم متى شاء مقابل بقاءه في الحكم، ومن هنا أثبت الجيش بتلك المسألة استقلاله الكامل وسيادته الكاملة في مثل هكذا ظروف كالتي تمر بها مصر الآن حتى ولو كان رأس النظام هو أحد رجاله.
لقد فعلت المؤسسة العسكرية في ثورة الشباب المصري مالم تفعله أي مؤسسة عسكرية من حولنا، لم تطلق رصاصة واحدة، لم ترهب الناس، بل أنها وبعظمة الجندي المصري والعسكرية المصرية استطاعت أن تمتص غضب الشباب والناس وتحول خوفهم وريبتهم منها إلى حب ومن ثم احتضان، لتغرس في قلوبهم وفي هكذا ظروف حرجة أروع نبضات الانتماء الوطني الحقيقي والذي لم نر من خلاله سوى علم مصر فقط الذي يرفرف فوق رؤوس الجميع، دون تحزب ولا مذهبية ولا دينية ولا طائفية ولكن مصرية وطنية خالصة من شباب مصر حبات لؤلؤ ذلك الوطن.
إن مشاهدة الشباب المصري وهو يعتلي الدبابات مع جنوده وإخوته من العسكريين المصريين مشهداً أراهن عليه إن حدث في أي بلد من بلدان العالم حتى أميركا، لكون هذا المشهد لا يحدث إلا في مصر.
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عن جيشنا، كنت أتصور أن الجيش مجموعة أوامر من رجال غلاظ عتاة يثيروا في قلبك الرعب فتكرههم حينما تطالعهم عيناك، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة بكل الوسائل القمعية والغازات التي كانت تطلقها علينا فتصيبنا بحالة من الشلل المؤقت لدقائق ينهالوا فيها علينا ضربا وسحلاً بكل ما أوتوا من قوة وجبروت، جعلني حينما رأيت مدرعات الجيش أن آمنت بأننا هالكون لا محالة وأننا لن نذهب إلى منازلنا إلا جثثا هامدة خاصة بعدما سارت بيننا إشاعة أن مبارك بحكم كونه طيارا عسكرياً فسيأمر حتماً رجال القوات الجوية بقصفنا بطائرات أف 16 من فوق أسطح المنازل!، ولكن بعد أن حاوطتنا الدبابات وكنت لم أر دبابة حقيقية طيلة عمري - وبالمناسبة فإن منظرها مرعبا ومخيفاً – حينما حاوطتنا ووجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش ومدرعاتهم من كل جانب فوجئنا بقائد عسكري منهم يمسك ميكرفونا وينادي فينا ويقول بنبرة صوت هادئة ومطمئنة ياشباب مصر العظيم، وحينما سمعنا هذا النداء، عندما سمعنا ياشباب مصر العظيم بكى معظمنا، أنا نفسي بكيت يااستاذ محيي، بكيت بجد، حسيت أن هذه الكلمة الصغيرة حولتني من صعلوك حقير تم امتهان كرامته وآدميته على يد جهاز الشرطة لمدة ثلاثة أيام متواصلة لمولود جديد يحمل كبرياء وكرامة، لقد أعاد لي الجيش بنداء صغير كرامتي وآدميتي وكبريائي الذي انتهكته شرطة حبيب العادلي، قال لي احدهم وكان بجواري ينزف من أثر احدي الطلقات المطاطية التي اخترقت ذراعه، أنها خدعة وسيقتلوننا جميعا، الجيش جاء بعد العادلي ليقضي علينا جميعاً، إنه جيش مبارك ياحمار الذي ننادي بسقوطه، لقد هلك الجميع، وهنا وجدتني أهرول بهستيرية متوجهاً نحو إحدى الدبابات القريبة منا، كنت اصرخ بكلمات غير مفهومة في معظم مخارجها اللفظية لكوني كنت مازلت متأثرا بالغاز الذي استنشقته وافقدني القدرة على الحركة وجعل لساني ثقيلا كأنه تحت تأثير مخدر طبيب الأسنان، كنت أصرخ وحاولت أن اصعد فوق الدبابة وأبصق في وجوههم جميعا مادمت ميتا ميتا، كان عقلي شبه متوقف، وكنت مجهداً وغارقا في الدماء من أثر الضرب والقمع والسحل، ولكن كان عندي إصرار بليد أن ابصق في وجوههم جميعاً، أصرخ في وجوههم جميعاً، الصراخ في وجه كل شئ، كنت أريد أن أقفز فوق الدبابة لأصرخ وابصق في كل الوجوه قبل أن يطلقوا على رأسي ورأس الجميع الرصاص، فشلت في الصعود عدة مرات، ولكني فوجئت بالجندي الذي يعتلي الدبابة يمد لي يده فمسكتها ليرفعني بجواره ويرفع يده بيدي عاليا ويهزها كالحكم في حلبة المصارعة الذي يمسك بيد اللاعب الفائز في نهاية المباراة، كان يهزها عالياً وهو يبتسم للشباب، وهنا صرخ الجميع مبتهجاً ولحظات وكانت دبابات الميدان كلها يعتليها المئات من الشباب المصري الذي أعاد لهم الجيش الوجود في أسود وأحلك وأسوأ لحظة يمكن أن تمر ببشر انتهكتهم فيها أجهزة الشرطة القمعية ونحن أبناء هذا الوطن وأحباؤه ومستقبله، أعاد لنا الجيش المصري إحساسنا بالقوة في ادني لحظات الضعف، أعاد لنا كبريائنا المجروح وكرامتنا المهدرة لدرجة أنه حينما جاء أحدنا ليكتب عبارات ضد النظام على جسم دبابة قمنا جميعا باستنكار ذلك الفعل وخشينا أن ينقلب رجال الجيش بهذا الفعل علينا لكوننا وحتى الآن لا نثق بأحد ثقة كاملة بعد مارأيناه من العادلي والذين معه، هرعنا إليه وحاولنا خطف أنبوبة اللون الأسود التي بيده وحاولنا منعه من كتابة تلك العبارات على الدبابة، ولكن كانت المفاجأة لنا جميعاً حين قال لنا ضابط كان يقف بجوار الدبابة: دعوه .. إنه غاضب .. دعوه يكتب ما يشاء، انه مصري وهذه دبابة مصرية .. دعوه يكتب ما يشاء، وهنا لم نتمالك أنفسنا، حملنا الضابط على أعناقنا وصرنا نهتف ونحن نحمله على الأعناق نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي لأكثر من ثلاثين دقيقة، نحمله ونغني ونبكي ونضحك ونصرخ، لقد كان الجيش في هذه اللحظة بمثابة الأب الذي عثر على ابنه الصغير التائه في أحد الموالد الشعبية وحينما عثر عليه احتضنه في صدره فزال في حضن الأب ضياع المستقبل والإحساس بالخوف وعودة الشعور بالأمن النفسي، لن أنسى هذه اللحظة العظيمة طيلة عمري، لن أنساها ما حييت وسأذكرها لأبنائي وأحفادي، وأقول لهم أن مصر أمة لن تموت مادام فيها هذا الجيش العظيم.
حقاً لولا حياد الجيش المصري والمؤسسة العسكرية ما انتصرت الثورة، وما أنتصر الشباب المصري في عرض مطالبهم وحصولهم على معظمها حتى قبل انتهاء الثورة في سابقة لم تحدث في التاريخ إذ أن مكاسب الثورة تأتي دائما كنتيجة لما بعد حدوثها لا أثناء حدوثها كما يحدث الآن في ثورة اللوتس ثورة شباب مصر نحو دولة الحرية والعدل والمساواة، ثورة شباب مصر الخالية من الشعارات الحزبية والمذهبية، وتحية لجنود مصر وجيش مصر درع مصر الواقي وحارسها الأمين على حياده.


الثلاثاء، 1 فبراير 2011

السيد عمرو سليمان .. انحاز للمصريين وكن بطلاً شعبياً


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
أنت من القلائل الذين يحمل لهم الشعب المصري احتراماً وتقديراً عظيمين، فأنت تحمل من الشرف العسكري والوطني ما يزخر به تاريخك الذي نعتبره جزءاً من تاريخ مصر المضئ، ولكن إذا اصطدم الشرف العسكري بالشرف الوطني فإن الجندي الشريف ينحاز حتماً للشرف الوطني وأنت جندي مصري شريف، لم تلوثك الأحداث ولم تثار حولك الإشاعات ولا الأقاويل ولا الفضائح التي طالت الكل.
إن مبارك لاشك جندي مصري يحمل تاريخه العسكري شرفاً ونبلا وطنيا ولكنه اليوم وبعناد لم نره في هتلر يضحي بشرف هذا الوطن مقابل شرفه العسكري الذي حتما سينساه التاريخ أمام تجاهله – عن عمد - للإجماع الشعبي، وتجويعه شعب مصر طيلة ايام انتفاضته التي تعلم أنها انتفاضة شرعية وحرة، ويعلم الله كم سيستمر تجويع هذا الشعب وحبسه الذي يستمر 17 ساعة يوميا في سابقة لم تحدث لأي شعب في العالم حتى في زمن الحرب العالمية الثانية، فأي جبروت هذا وأي طغيان ذلك الذي يفرض على أمة قوامها أكثر من ثمانين مليون في أن يقوم شخص واحد فيها لمجرد انه الرئيس أن يحبس شعبها كله بأكمله لمدة 17 ساعة يومياً، ويفرض عليه حظر التجول والحرية!!.
حبس شعب كامل وعزل وتحويل وطن بالكامل إلى بلد يحيا في العصور الوسطى ويتفوق بعزلته تلك على أفغانستان وكوريا الشمالية في انقطاعه عن العالم، عزل أمة كاملة وقطع شبكات اتصالها بالعالم الخارجي ( عمداً ) من اجل ماذا؟ كل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الحفاظ على شخص واحد لكونه كان في يوم من الأيام رئيساً لمصر!! وأوشك بالفعل على الموت لكونه قد قارب على التسعين من عمره؟ ، فهل هذا هو الشرف العسكري؟، حرق وطن بالكامل من اجل شخص هل هذا هو الشرف العسكري؟ انهيار البورصة والبنية التحية وأسعار النفط من أجل الحفاظ على رجل واحد!!، غرق الأمة كلها في طين العوز والخوف والانفلات والفراغ الأمني على مرأى ومسمع منكم جميعاً وخسارتها اقتصاديا في عدة ساعات خسارة بحجم يتفوق على حجم خسارتها الاقتصادية في أيام النكسة، بسبب الحفاظ على رجل واحد!!، أي منطق وطني تدار به الأمور أيها الجندي الشريف عمر سليمان؟ أي شرف وطني يمكن أن نتوهمه ونتوهم أنه سيقفز على صدورنا بنياشين الشرف بسبب مؤازرة ديكتاتور وحرق وطن وترهيب وتجويع شعب كامل لمجرد أنه يريد أن يتنفس بعض شهيق من حرية تم حرمانه منها لأكثر من ثلاثين عاماً ولمجرد أنه لا يريد شخص – مبارك - أن يظل رئيساً عليه بالإكراه.
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
إن مبارك استطاع أن يرسم خطة الأرض المحروقة على شرفكم العسكري والوطني، أن يستخدم صداقتكم له وشرفكم العسكري ليجعله جسراً يدوس عليه فوق شرف الوطن وشرفكم بل وتاريخه كله أيضاً الذي قدم فيه أعظم صور التضحية كجندي وطني مصري، ليضيع كل شئ، كل شئ، يضيع وتضيعون، لكون التاريخ حتى ولو انتصر مبارك في خطته الحالية لإجهاض الثورة وإطفاء النور - وأؤمن أنه لن ينجح - فأن انتصاره هذا لن يتعدى بضعة أسابيع كانتصار شخصي خالي تماما من كل شرف وطني أو إنساني، وسينهار بعدها كل شئ، كل شئ، وستنهارون معه للأبد.
إن ما فعله حبيب العادلي الذي يطالب المصريون اليوم برأسه وسيحصلون عليها وأنت تعلم يا سيدي أنهم سيحصلون عليها لكون مطالب الشعوب مهما تأجلت فأنها واقعة كالقدر واللعنة في آن واحد على كل من وقف ضد حركة الأمة، ما فعله حبيب العادلي من قمع وترهيب وقتل وسحل وتكميم أفواه بل وتهديد الرئيس نفسه أمامكم في أيام العادلي الأخيرة بأنه لو نزل الجيش للشارع فإنه سيترك الساحة ويرحل ويفعل بكم جميعا المفاجآت لصالح أجنده تخصه وقد فعلها حقاً وبقدره لا يقوى على استبداعها الشيطان الرجيم لدرجة وصلت به لقتل زملائه مثلما فعل في اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم؛ لقد لوث هذا القائد حبيب العادلي الذي اختاره النظام ليحرق به الشعب تاريخ الشرطة المصرية كلها وألحق بها وبمستقبلها وبكل رجالتها العار الذي لن ينمحي أبدا في يوم عيدها وعيدهم والذي لم يعد عيدها وعيدهم بعد الآن بل عيد انتفاضة شباب مصر وشهداء مصر الثورة وحيث سيتزامن في مستقبل مصر مع ذكرى يوم العار للشرطة، ذلك الكيان الذي كان جباراً كجبروت هامان وزير الفرعون ثم اكتشفنا في أيام الفراغ الأمني أن الذي يؤدي دور هذا الجهاز الجبار وبكل كفاءة ونزاهة هم طلبة المدارس الثانوي من أبناء مصر، هذا الجهاز الفزاعة الكبير الذي كان يموج بمليون ونصف مليون جندي ( ضعف حجم الجيش المصري ) صار يؤدي دوره بكفاءة طلبة المدارس الثانوية المصرية بعدما اختفى ليحقق مفاجأته للوطن بممارسة البلطجة وترويع الناس وهو يرتدي بدلا من زى رجال الشرطة حماة امن مصر الداخلي أزياء النساء المنقبات ويعتلي أسطح المنازل في منتصف الليل داخل جميع محافظات مصر ليجبر الشعب على قبول الأمر الواقع والرئيس الذي لا يريده؛ فهل ستكونون كالعادلي تحافظون على بقاء مبارك كرئيس دولة مرفوض بإبادة الشعب أو تجويعه؟.
هل إن استمر الشعب على إصراره سيطلق الجيش، جيش الأمة وجيش الشعب، الجيش الذي لم تلطخ يده بدماء شعب مصر طيلة وجوده منذ آلاف السنين ، هل سيطلق طائراته الأف 16 بأوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الطيار وصاحب الضربة الجوية الأولى ضد شعب مصر الأعزل ليصبح بذلك الجندي الطيار حسني مبارك هو صاحب الضربتين الأولتين واحدة ضد العدو وواحدة ضد الشعب؟ .. هل ستعاونونه على ذلك ضد شعب مصر؟، وهل إذا لم يرضخ الشعب الذي يتظاهر اليوم وفيه الكثير يرتدي كفنه تحت إصرار الحرية أو الموت وأصر بالفعل هذا الشعب الرائع ( خير أجناد الأرض ) على موقفه تجاه رحيل مبارك هل سيقرر قادة الجيش وأنت واحد منهم تصويب مدافع الجيش المصري ودبابات الجيش المصري ضد شعب مصر حتى يقبلوا مبارك رئيسا طوعاً أو كرها ؟.
كيف يمكن أن يظل مبارك يا سيدي رئيسا بلا كرامة، وأرجو أن لا تغضبك هذه الكلمة التي لم أكن أجرؤ أن أتفوه بها قبل أيام من الآن لكوني كنت احمل له احتراما كاملاً بسبب ماضيه الشريف كجندي مصري ولكن الآن في هذه المحنة التي تمر بها مصر بسببه أصبح حاضره غير وطني وغير شريف ولا نحمل له أي بقايا من احترام حيث أحرق بحاضره البليد كل ماضيه الناصع الرائع ولم يعد يمتلك والذين سيكونون في معيته مستقبلاً سوى العار الذي سيلاحق الكل في كتب التاريخ حتى يوم القيامة، كيف يمكن أن يقبل مبارك أن يستمر رئيساً بلا كبرياء مستجديا كرسيا لعينا على حساب تاريخه وشرف الجندية الذي امتلكه حربا وسلما؟ كيف سيكون حال أحفاده حينما يدرسون في كتب التاريخ أن مصر كان يحكمها في يوم من الأيام ديكتاتور يدعى حسني مبارك لم يترك كرسي حكمه إلا بعدما أحرق مصر بمعاونة حلفاؤه ورفقاء السلاح معه في الماضي وحيث سيعدد التاريخ أسماء هؤلاء اسما اسما كما عدد اسم خنفس وأصدقائه ممن تحالفوا مع السراي ضد الشعب فدخل الإنجليز مصر واحتلوها ثمانين عاما وربما يريد مبارك بكل سيناريوهاته العنيفة والغير منطقية والغير وطنية تلك أن تحتلنا إسرائيل كما احتلتنا انجلترا بعدما انقسم الجيش على نفسه وعلى بعضه بعضاً، وانه ربما من وراء ظهوركم عقد مع إسرائيل صفقة بخصوص تلك المسألة ويستخدمكم اليوم بكل شياطين نفسه وجبروته في أخريات أيامه لتحقيق هذا المأرب الشرير؟!.
لقد ثار الملايين في مصر والعالم يريدون من مبارك التنحي، يقولون لا نريدك، يصفونه بالديكتاتور وقد صار بفعلته ( العار ) هذه ديكتاتوراً بالفعل، كيف سيواجه الشعب لو انتصر في جولته تلك بكم، بل كيف ستواجه أنت يا سيدي أمتك ووطنك وشعبك وقد آزرته ودعمته وساندته ضد رغبة الشعب بعد أن تنتهي مدة خدمته في نوفمبر القادم – إذا تسنى له الانتصار في هذه الجولة ولن ينتصر - وحينما يتغير الدستور وتقام الانتخابات الحرة ويرفضك الشعب لكونك كنت ( سوطاً ) في يده، سوطاً في يد الزعيم الديكتاتور يصوبه كيف شاء على ظهور شعبه وشعبك، ولولا مؤازرتك ودعمك ومساندتك ( أنت بالذات وتحديداً ) ما فعل كل ذلك الذي يفعله الآن بمصر وبشعب مصر، ولنجت مصر من المحرقة.
سيدي عمر سليمان إن اللحظة التي نعيشها جميعا الآن ليست محاولة اغتيال سيادة الرئيس مبارك من مجموعة أجنبية تريد أنت أن تنقذه منها كما فعلت معه سابقاً كجندي مصري شريف في أديس أبابا، لكون هذه اللحظة تختلف، هذه اللحظة هي لحظة قرار أمه، قرار شعب، قرار وطن، الكل يرفض مبارك رئيساً ويريده أن يرحل، لكونه صار رئيساً يكره هذه الأمة ويكره هذا الشعب ويكره هذا الوطن، ويجب أن تعلم أنه الآن هو الذي يغتال نفسه بالفعل وأنك لن تحيي الموتى يا سيدي لكونك لست إلهاً، ولن تستطيع أن تنقذه هذه المرة حتى ولو كنت نصف إله!!، لماذا؟ .. لأن وقت إنقاذه قد فات تماماً وقلب الشرف الوطني الذي كان يمتلكه قد توقف في صدر شعب مصر كله ولم يعد ينبض، شعب مصر الذي يستعد الآن لإقامة سرادق العزاء بعد أن ينتهي من دفن أسوأ فترة سوداء حالكة مرت عليه في فترات وجوده المعاصر واستمرت لأكثر من ثلاثين عاما وكان يريدها مبارك أن تمتد مائة عام أخرى بتوريثه حكم مصر لأبنائه وأحفاده من بعده.
الجندي المصري الشريف عمر سليمان، إن انحيازك للسراي لن يكتبه التاريخ في صفحات الشرف العسكري والوطني لكونه انحيازا لديكتاتور، نحن جميعا شعب مصر نكن لك كل الاحترام والتقدير ونضعك مثالا وطنيا للبطولة والشرف والفداء، لذلك فالشعب يرى فيك ومنذ زمن انك لن تصلح لأي دور سوى دور البطولة، البطولة التي تردد مآثرها ومواقفها حكايات الفلاحين والبسطاء من شعب مصر على طول التاريخ في المستقبل، نأبى بكل ما تحمله أنت من شرف نعلمه ولا نعلمه إلا أن تنحاز للشعب يا سيدي، انحاز لجموع الشعب المصري الطيب لتصبح بمصر وبالتاريخ بطلاً شعبيا، إنها فرصتك الأخيرة للنجاة، فرصتك الأخيرة للخلود، ألا تستحق مصر الحقيقية منك ذلك؟


السيد عمرو سليمان .. انحاز للمصريين وكن بطلاً شعبياً


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
أنت من القلائل الذين يحمل لهم الشعب المصري احتراماً وتقديراً عظيمين، فأنت تحمل من الشرف العسكري والوطني ما يزخر به تاريخك الذي نعتبره جزءاً من تاريخ مصر المضئ، ولكن إذا اصطدم الشرف العسكري بالشرف الوطني فإن الجندي الشريف ينحاز حتماً للشرف الوطني وأنت جندي مصري شريف، لم تلوثك الأحداث ولم تثار حولك الإشاعات ولا الأقاويل ولا الفضائح التي طالت الكل.
إن مبارك لاشك جندي مصري يحمل تاريخه العسكري شرفاً ونبلا وطنيا ولكنه اليوم وبعناد لم نره في هتلر يضحي بشرف هذا الوطن مقابل شرفه العسكري الذي حتما سينساه التاريخ أمام تجاهله – عن عمد - للإجماع الشعبي، وتجويعه شعب مصر طيلة ايام انتفاضته التي تعلم أنها انتفاضة شرعية وحرة، ويعلم الله كم سيستمر تجويع هذا الشعب وحبسه الذي يستمر 17 ساعة يوميا في سابقة لم تحدث لأي شعب في العالم حتى في زمن الحرب العالمية الثانية، فأي جبروت هذا وأي طغيان ذلك الذي يفرض على أمة قوامها أكثر من ثمانين مليون في أن يقوم شخص واحد فيها لمجرد انه الرئيس أن يحبس شعبها كله بأكمله لمدة 17 ساعة يومياً، ويفرض عليه حظر التجول والحرية!!.
حبس شعب كامل وعزل وتحويل وطن بالكامل إلى بلد يحيا في العصور الوسطى ويتفوق بعزلته تلك على أفغانستان وكوريا الشمالية في انقطاعه عن العالم، عزل أمة كاملة وقطع شبكات اتصالها بالعالم الخارجي ( عمداً ) من اجل ماذا؟ كل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الحفاظ على شخص واحد لكونه كان في يوم من الأيام رئيساً لمصر!! وأوشك بالفعل على الموت لكونه قد قارب على التسعين من عمره؟ ، فهل هذا هو الشرف العسكري؟، حرق وطن بالكامل من اجل شخص هل هذا هو الشرف العسكري؟ انهيار البورصة والبنية التحية وأسعار النفط من أجل الحفاظ على رجل واحد!!، غرق الأمة كلها في طين العوز والخوف والانفلات والفراغ الأمني على مرأى ومسمع منكم جميعاً وخسارتها اقتصاديا في عدة ساعات خسارة بحجم يتفوق على حجم خسارتها الاقتصادية في أيام النكسة، بسبب الحفاظ على رجل واحد!!، أي منطق وطني تدار به الأمور أيها الجندي الشريف عمر سليمان؟ أي شرف وطني يمكن أن نتوهمه ونتوهم أنه سيقفز على صدورنا بنياشين الشرف بسبب مؤازرة ديكتاتور وحرق وطن وترهيب وتجويع شعب كامل لمجرد أنه يريد أن يتنفس بعض شهيق من حرية تم حرمانه منها لأكثر من ثلاثين عاماً ولمجرد أنه لا يريد شخص – مبارك - أن يظل رئيساً عليه بالإكراه.
لقد شاهدناك جميعاً – أيها الجندي الشريف - أمام كاميرات التليفزيون المصري وأنت تلقي أول بيان لك بعدما أصبحت نائباً للرئيس، كان باديا عليك بجلاء الإجهاد وانك غير مقتنع بحرف واحد مما تقوله، ونؤمن أن عدم اقتناعك هذا ينبع من حسك الوطني وشرفك الوطني، وانك لا تجيد الكذب لكونك رجلاً لم يعرف طيلة عمره سوى الصدق.
إن مبارك استطاع أن يرسم خطة الأرض المحروقة على شرفكم العسكري والوطني، أن يستخدم صداقتكم له وشرفكم العسكري ليجعله جسراً يدوس عليه فوق شرف الوطن وشرفكم بل وتاريخه كله أيضاً الذي قدم فيه أعظم صور التضحية كجندي وطني مصري، ليضيع كل شئ، كل شئ، يضيع وتضيعون، لكون التاريخ حتى ولو انتصر مبارك في خطته الحالية لإجهاض الثورة وإطفاء النور - وأؤمن أنه لن ينجح - فأن انتصاره هذا لن يتعدى بضعة أسابيع كانتصار شخصي خالي تماما من كل شرف وطني أو إنساني، وسينهار بعدها كل شئ، كل شئ، وستنهارون معه للأبد.
إن ما فعله حبيب العادلي الذي يطالب المصريون اليوم برأسه وسيحصلون عليها وأنت تعلم يا سيدي أنهم سيحصلون عليها لكون مطالب الشعوب مهما تأجلت فأنها واقعة كالقدر واللعنة في آن واحد على كل من وقف ضد حركة الأمة، ما فعله حبيب العادلي من قمع وترهيب وقتل وسحل وتكميم أفواه بل وتهديد الرئيس نفسه أمامكم في أيام العادلي الأخيرة بأنه لو نزل الجيش للشارع فإنه سيترك الساحة ويرحل ويفعل بكم جميعا المفاجآت لصالح أجنده تخصه وقد فعلها حقاً وبقدره لا يقوى على استبداعها الشيطان الرجيم لدرجة وصلت به لقتل زملائه مثلما فعل في اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم؛ لقد لوث هذا القائد حبيب العادلي الذي اختاره النظام ليحرق به الشعب تاريخ الشرطة المصرية كلها وألحق بها وبمستقبلها وبكل رجالتها العار الذي لن ينمحي أبدا في يوم عيدها وعيدهم والذي لم يعد عيدها وعيدهم بعد الآن بل عيد انتفاضة شباب مصر وشهداء مصر الثورة وحيث سيتزامن في مستقبل مصر مع ذكرى يوم العار للشرطة، ذلك الكيان الذي كان جباراً كجبروت هامان وزير الفرعون ثم اكتشفنا في أيام الفراغ الأمني أن الذي يؤدي دور هذا الجهاز الجبار وبكل كفاءة ونزاهة هم طلبة المدارس الثانوي من أبناء مصر، هذا الجهاز الفزاعة الكبير الذي كان يموج بمليون ونصف مليون جندي ( ضعف حجم الجيش المصري ) صار يؤدي دوره بكفاءة طلبة المدارس الثانوية المصرية بعدما اختفى ليحقق مفاجأته للوطن بممارسة البلطجة وترويع الناس وهو يرتدي بدلا من زى رجال الشرطة حماة امن مصر الداخلي أزياء النساء المنقبات ويعتلي أسطح المنازل في منتصف الليل داخل جميع محافظات مصر ليجبر الشعب على قبول الأمر الواقع والرئيس الذي لا يريده؛ فهل ستكونون كالعادلي تحافظون على بقاء مبارك كرئيس دولة مرفوض بإبادة الشعب أو تجويعه؟.
هل إن استمر الشعب على إصراره سيطلق الجيش، جيش الأمة وجيش الشعب، الجيش الذي لم تلطخ يده بدماء شعب مصر طيلة وجوده منذ آلاف السنين ، هل سيطلق طائراته الأف 16 بأوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الطيار وصاحب الضربة الجوية الأولى ضد شعب مصر الأعزل ليصبح بذلك الجندي الطيار حسني مبارك هو صاحب الضربتين الأولتين واحدة ضد العدو وواحدة ضد الشعب؟ .. هل ستعاونونه على ذلك ضد شعب مصر؟، وهل إذا لم يرضخ الشعب الذي يتظاهر اليوم وفيه الكثير يرتدي كفنه تحت إصرار الحرية أو الموت وأصر بالفعل هذا الشعب الرائع ( خير أجناد الأرض ) على موقفه تجاه رحيل مبارك هل سيقرر قادة الجيش وأنت واحد منهم تصويب مدافع الجيش المصري ودبابات الجيش المصري ضد شعب مصر حتى يقبلوا مبارك رئيسا طوعاً أو كرها ؟.
كيف يمكن أن يظل مبارك يا سيدي رئيسا بلا كرامة، وأرجو أن لا تغضبك هذه الكلمة التي لم أكن أجرؤ أن أتفوه بها قبل أيام من الآن لكوني كنت احمل له احتراما كاملاً بسبب ماضيه الشريف كجندي مصري ولكن الآن في هذه المحنة التي تمر بها مصر بسببه أصبح حاضره غير وطني وغير شريف ولا نحمل له أي بقايا من احترام حيث أحرق بحاضره البليد كل ماضيه الناصع الرائع ولم يعد يمتلك والذين سيكونون في معيته مستقبلاً سوى العار الذي سيلاحق الكل في كتب التاريخ حتى يوم القيامة، كيف يمكن أن يقبل مبارك أن يستمر رئيساً بلا كبرياء مستجديا كرسيا لعينا على حساب تاريخه وشرف الجندية الذي امتلكه حربا وسلما؟ كيف سيكون حال أحفاده حينما يدرسون في كتب التاريخ أن مصر كان يحكمها في يوم من الأيام ديكتاتور يدعى حسني مبارك لم يترك كرسي حكمه إلا بعدما أحرق مصر بمعاونة حلفاؤه ورفقاء السلاح معه في الماضي وحيث سيعدد التاريخ أسماء هؤلاء اسما اسما كما عدد اسم خنفس وأصدقائه ممن تحالفوا مع السراي ضد الشعب فدخل الإنجليز مصر واحتلوها ثمانين عاما وربما يريد مبارك بكل سيناريوهاته العنيفة والغير منطقية والغير وطنية تلك أن تحتلنا إسرائيل كما احتلتنا انجلترا بعدما انقسم الجيش على نفسه وعلى بعضه بعضاً، وانه ربما من وراء ظهوركم عقد مع إسرائيل صفقة بخصوص تلك المسألة ويستخدمكم اليوم بكل شياطين نفسه وجبروته في أخريات أيامه لتحقيق هذا المأرب الشرير؟!.
لقد ثار الملايين في مصر والعالم يريدون من مبارك التنحي، يقولون لا نريدك، يصفونه بالديكتاتور وقد صار بفعلته ( العار ) هذه ديكتاتوراً بالفعل، كيف سيواجه الشعب لو انتصر في جولته تلك بكم، بل كيف ستواجه أنت يا سيدي أمتك ووطنك وشعبك وقد آزرته ودعمته وساندته ضد رغبة الشعب بعد أن تنتهي مدة خدمته في نوفمبر القادم – إذا تسنى له الانتصار في هذه الجولة ولن ينتصر - وحينما يتغير الدستور وتقام الانتخابات الحرة ويرفضك الشعب لكونك كنت ( سوطاً ) في يده، سوطاً في يد الزعيم الديكتاتور يصوبه كيف شاء على ظهور شعبه وشعبك، ولولا مؤازرتك ودعمك ومساندتك ( أنت بالذات وتحديداً ) ما فعل كل ذلك الذي يفعله الآن بمصر وبشعب مصر، ولنجت مصر من المحرقة.
سيدي عمر سليمان إن اللحظة التي نعيشها جميعا الآن ليست محاولة اغتيال سيادة الرئيس مبارك من مجموعة أجنبية تريد أنت أن تنقذه منها كما فعلت معه سابقاً كجندي مصري شريف في أديس أبابا، لكون هذه اللحظة تختلف، هذه اللحظة هي لحظة قرار أمه، قرار شعب، قرار وطن، الكل يرفض مبارك رئيساً ويريده أن يرحل، لكونه صار رئيساً يكره هذه الأمة ويكره هذا الشعب ويكره هذا الوطن، ويجب أن تعلم أنه الآن هو الذي يغتال نفسه بالفعل وأنك لن تحيي الموتى يا سيدي لكونك لست إلهاً، ولن تستطيع أن تنقذه هذه المرة حتى ولو كنت نصف إله!!، لماذا؟ .. لأن وقت إنقاذه قد فات تماماً وقلب الشرف الوطني الذي كان يمتلكه قد توقف في صدر شعب مصر كله ولم يعد ينبض، شعب مصر الذي يستعد الآن لإقامة سرادق العزاء بعد أن ينتهي من دفن أسوأ فترة سوداء حالكة مرت عليه في فترات وجوده المعاصر واستمرت لأكثر من ثلاثين عاما وكان يريدها مبارك أن تمتد مائة عام أخرى بتوريثه حكم مصر لأبنائه وأحفاده من بعده.
الجندي المصري الشريف عمر سليمان، إن انحيازك للسراي لن يكتبه التاريخ في صفحات الشرف العسكري والوطني لكونه انحيازا لديكتاتور، نحن جميعا شعب مصر نكن لك كل الاحترام والتقدير ونضعك مثالا وطنيا للبطولة والشرف والفداء، لذلك فالشعب يرى فيك ومنذ زمن انك لن تصلح لأي دور سوى دور البطولة، البطولة التي تردد مآثرها ومواقفها حكايات الفلاحين والبسطاء من شعب مصر على طول التاريخ في المستقبل، نأبى بكل ما تحمله أنت من شرف نعلمه ولا نعلمه إلا أن تنحاز للشعب يا سيدي، انحاز لجموع الشعب المصري الطيب لتصبح بمصر وبالتاريخ بطلاً شعبيا، إنها فرصتك الأخيرة للنجاة، فرصتك الأخيرة للخلود، ألا تستحق مصر الحقيقية منك ذلك؟


الاثنين، 31 يناير 2011

إنهم يريدون إجهاض الثورة في مصر


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
مبارك تأخذه العزة بالإثم الآن، إنه لا يتصور أن يكون مرفوضاً من الشعب، لقد أثبت للعالم ( الحر ) أن الشعب هو عدوه الحقيقي بل وعدو العالم ( الحر ) الذي رغم تشدقه بحقوق الإنسان والحرية والعدل والمساواة لا يحرك ساكنا تجاه مبارك الذي يذبح شعبه الآن أيضا باسم الحرية والعدل والمساواة، أو كما قال لي أحد الصحفيين الأمريكيين: أن أميركا في ورطة فهي لا تدري أتضحي بمبارك لكونه ديكتاتور رغم صداقته لكل زعماء الغرب فتنهار بعد التضحية به كل الزعامات الصديقة في المنطقة وتخسر أميركا كل شئ، أم تنحاز لشعاراتها الرنانة التي تنادي بها وهي العدل والحرية والمساواة للشعوب وتنحاز بذلك للشعب المصري فينتج عن انحيازها هذا ديمقراطية ربما تفرز حكماً إسلاميا اخوانياً وتتحول مصر لإيران أخرى ويسير الشرق الأوسط كله على خطاها فتنشب بذلك الحرب العالمية الثالثة، نحن في مأزق يا صديقي ولا حل إلا بمبارك بعد التعديل، مبارك مع بعض الرتوش!!.
ومن هنا كان تعيينه لنائب رئيس ( رتوش ) وتعيينه لرئيس وزراء ( رتوش ) وتضحيته بأحمد عز والعادلي ( رتوش) واجتماعه – بعد الرتوش - بهيئة أركان الحرب وقادة الحرب في مصر داخل غرفة عمليات الحرب لمتابعة تطورات ما يحدث من الشعب في محاولة مستميتة لإجهاضه وقبوله لتلك الرتوش رغما عنه.
أن ذلك كله دليل على الإستماته في ذبح الثورة .. إطفاء النور الذي لم نره منذ ثلاثين عاماً، وأضاء بالشعب وبالشباب المصري دون وصاية من احد أو تحت غطاء أي قوى، وسواء خافت أميركا أو لم تخف، وافقت أو رفضت، انحازت لمبارك أو انحازت للشعب ، فهذا لن يغير من الأمر شيئا لأن الشباب المصري الذي خرج بدافع من ذاته بدافع من ضميره وبدافع من مصريته لا يتلقى أوامره من أحد، ولا يهمه إن انحازت أميركا لمبارك أو انحازت أميركا له، أنها ثورته وسيسجلها التاريخ ناصعة غير ملوثة بالمصالح والحسابات والأحزاب،إنها ثورة شعبية مصرية وطنية للنخاع لا يلوثها حزب أو نظام أو أيديولوجية.
لقد فقد مبارك هدوءه، فقد سيطرته على التمييز بين الشعب الذي هو الوطن والشعب الذي يجب ألا يكون أبدا في خانة الأعداء واجتمع بقادة الحرب في غرفة عمليات الحرب لحرق ثورة الشعب وجذوة الشعب وحرية الشعب بل وحرق الشعب نفسه .. الشعب كله.
نحن نثق في رجال الجيش، جيش مصر الذي لم تلطخ يده بدماء المصريين أبداً طيلة تاريخه، نحن نحترم عمرو سليمان، نحترم شفيق، نحترم سامي عنان، بل ونحترم تاريخ حسني مبارك العسكري وما قدمه لمصر كرجل عسكري وجندي مصري قبل أن يتحول لكل هذا الجبروت وهذا الكره الكبير لشعبه، نحترم كل رجال الجيش الشرفاء، ولكن سؤالنا لكم لماذا تقفون هذا الموقف مع رئيس يكره شعبه كل هذا الكره؟، إن كان بسبب ماضيه العسكري المشرف، فحاضره المدني غير شريف وانتم أول العارفين بذلك بل ونبهتموه أكثر من مرة وأخرها منذ عامين أو ثلاثة في مطار الماظة وقلتم له بعد أن ظهر جمال ابنه على السطح كوريث لعرش مصر الرئاسي أن الثورة ابنة الجيش يا ريس ولن يسمح الجيش بجمال مبارك وريثا فوافق وهو مذعور، أو هكذا جاءتنا المعلومات مؤكدة أو غير مؤكده لا يهم ولكن الذي يهم هو أن مبارك يعلم انه صفرا بدون أصدقائه العسكريين، ولكنه اليوم يستغل شرف أصدقائه العسكريين في حرق الوطن، فالسيد عمر سليمان يعلم أن ( منحة ) نائب الرئيس التي منحها له الرئيس لا قيمة لها على الإطلاق بل أن موقعه كرئيس للمخابرات أكثر قيمة مئات المرات وأكثر شرفاً مما هو عليه الآن، لكون ما هو عليه الآن ليس إلا جسر يحاول أن يدوسه مبارك كرئيس مكروه ومرفوض ليظل رئيساً فقط حفاظاً على كبريائه حتى لو احترق الوطن كله، إنه يريد ويستميت في أن يكون رئيساً بسياسة الأرض المحروقة، إنه يحرق مصر الآن، يقول أنا أو الفوضى كما قال للغرب أنا أو الإسلاميين، إنه يدفع الناس بالفعل لمجزرة مع الجيش لنفقد الثقة فيكم وتفقدوا الثقة فينا فتقتلونا بالآلة العسكرية التي من المفروض أن تصوب في صدور أعداء الوطن لا في قلب الوطن فيزول بأيدي أبنائه، وأرى كما يرى المصريون جميعاً أن التاريخ سيكتب أسمائكم بحروف من نور إن انحزتم للشعب، انتم بفعلتكم هذه وبتعاونكم في اللحظات الأخيرة مع النظام تكونون ضد الشعب وضد التاريخ، إن شرفكم العسكري وتاريخكم الوطني الشريف يأبى عليكم إلا أن يسجل حتماً في صفحات الحرية، نحن كمصريين لا ندعوكم للانقلاب علي الرئيس فلسنا أهل لذلك وربما نعلم أو لا نعلم أن هناك مسائل كثيرة تمنع ذلك منكم، ولكن لا تشاركوه لحظة الجبروت فتكونون كهامان وزير الفرعون، انحازوا للشعب الذي يضمر لكم في قلبه كل الشرف والحب والإكبار ولا تخسروه في لحظات الحكم الأخيرة، واكرر .. إنها لحظات الحكم الأخيرة لكون النظام مات إكلينيكيا بالفعل، ولم يتبق له إلا لحظات لتكتب له رسميا شهادة الوفاة، انحازوا للشعب وسجلوا في سجل خدمتكم شرف الانحياز للأمة، انحازوا للشعب الذي هو انتم ونحن، فأنتم منا ونحن منكم، لا تضيعوا الفرصة وتكتبوا بأيديكم ما فعله خنفس وأصحابه حينما خذلوا الشعب وباعوا عرابي وانحازوا للسراي والخديوي، إن الشرف الوطني الذي تعلمناه على أيديكم يجعلنا نأبى إلا أن تكونوا مع الشعب.
نعلم أن النظام في مصر رغم الفلتان الأمني مازال موجوداً وبقوة بدليل القبض على احمد عز وإرغامه على تقديم استقالته من الحزب الوطني ورئاسة لجنة تنظيم السياسات بناء على مذكرة تقدم بها أيمن نور للنائب العام وتم تنفيذها على الفور وبموجبها تم القبض على احمد عز بالمطار قبل هروبه بخمس وأربعين دقيقة مع زوجته وزوجة جمال مبارك خديجة الجمال وابنتهما فريدة، بل والأكثر من ذلك هو إشاعة القبض على حبيب العادلي بتهمة الخيانة لإعطائه الأوامر باختفاء مليون ونصف مليون ضابط وجندي أمن مركزي فجأة وتماما من كل ربوع مصر لأحداث فراغ وفلتان أمني في الشارع المصري، وكأنهم كانوا جنودا من ورق تم حرقه ببساطة لتذروه الرياح ويختفي، مليون ونصف مليون جندي وضابط أمن مركزي ( ضعف حجم الجيش المصري ) بكل آلياته ومدرعاته وقنابله ورصاصه الحي والمطاطي وغاز الخردل وقنابله الكيماوية الأخرى التي من شأنها أن يفقد الإنسان بها سيطرته على الحركة، ، اختفوا فجأة!!، مليارات الدولارات منح لا ترد من العالم ( الحر) وبمؤازرة العالم ( الحر ) رأيناها بأم أعيننا تقمع وتحرق شعوب عزلاء لا تملك إلا سكاكين المطبخ وأعمدة ستائر غرف نومهم للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، حبيب العادلي الذي بعد أن أعلن مبارك عن تعيين نائب له حرك جموع البلطجية وشاويشية امن الدولة السريين لفتح أبواب السجون لإطلاق سراح آلاف المسجلين خطر وإعطائهم أسلحة اتوماتيكية وانتشارهم في كل مكان بمصر من إسكندرية لأسوان لترويع المتظاهرين وإلهائهم عن الثورة بالدفاع عن ممتلكاتهم في محاولة يائسة شيطانية لتمكن النظام الديكتاتوري في لحظة الإلهاء تلك من أن يتشبث بأخر مالديه من هواء في صدره بكرسي الحكم، لقد علمنا بهروب كل رجال الأعمال المحبوسين في السجون وعلى رأسهم هشام طلعت مصطفي الذي وصلتني معلومات بأنه ينعم الآن بممارسة الجنس في بريطانيا ( العظمى ) بعدما أطلق سراحه وهرب مع قتلة المسيحيين في نجع حمادي ومنهم " الكموني" والذين معه الذين كانوا يواجهون حبل المشنقة بعد أيام، هرب الجميع الذين قتلوا شبابنا وسرقوا أموالنا وسرقوا الدستور والقانون وفصلوا دستورا وقانونا جديدا على مقاسهم ومقاس مصالحهم حتى التصقت بطون الناس بظهورهم من شدة القهر، والمدهش أن تمنح المؤسسات الدينية رغم علمها بكل ذلك في مصر وهي ( الأزهر والكنيسة ) منحة نيشان التهنئة لمبارك على حكمته في اختيار نائباً له في أخريات أيام حكمه الأخيرة، دون النظر - شرعاً ماداموا رجال دين أو المفروض أنهم رجال دين - إلى أنهم يفعلون الحرام ولكنه من خلالهم أصبح بالفعل الحرام المقدس.
إن رجال الشرطة في جهاز الشرطة المنحل والذين رأينا غالبهم منذ يومين فقط وتحديدا في جمعة الغضب وقبل اختفائهم كليا يفرون بملابسهم الداخلية أمام المتظاهرين بعد أن سلموهم الملابس والبنادق الميري وراحوا يستنجدون بربات البيوت والنساء في الشوارع الجانبية أن تحميهم داخل المنازل من بطشة الغاضبين، رأينا هذا في الإسكندرية والسويس والمحلة والمنصورة وعدة عواصم مصرية، حتى جبابرة أمن الدولة استطاعوا أن يحرقوا كل المستندات والوثائق التي تدينهم بحق تلفيق آلاف التهم وجرائم القتل بحق أبرياء مصريون طيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك وهذا ليس كلامي ولكنه كلام رئيس نادي قضاة مصر الذي يطالب اليوم برؤوسهم جميعا بتهمة الخيانة التي قد تُعرض المئات منهم لحبل المشنقة، هؤلاء الجبابرة وبعد اجتماع مبارك بغرفة عمليات الحرب، ظهروا من جديد، قتلوا اللواء محمد البطران مدير سجن الفيوم لرفضه إطلاق سراح خمسة آلاف سجين، قال لهم لن اسمح بخروج المساجين، لن أخون البلد والشعب والدستور، فكانت آخر كلمة سمعها قبل أن يردوه قتيلا في مكتبه بسجن الفيوم (.....) أمك على ( ....) أم الشعب على (....) الدستور.
أطلقوا سراح البلطجية الذين ارتدوا في بعض المناطق زى النساء المنقبات وأطلقوا الرصاص على الناس من أسطح العمارات، ارتدوا ملابس النساء ليدللوا على انتمائهم الجنسي الأصلي وحملوا السلاح وأطلقوه على الشعب الأعزل ليدفعوه لقبول حكم نظام أعلنت وفاته بالفعل وان لم تكتب شهادة وفاته بعد، حملوا السلاح الميري والآلي ليروعوا الناس ويلهو الناس بهم في الدفاع عن حياتهم وينسوا الثورة، هذا هو النظام وأفاعيله التي لم نرها حتى في دولة الصومال وما تحويه من فوضى، إننا نهيب برجال الجيش الشرفاء، جيش مصر الصادق الوعد الأمين، أنت حامي الشعب، فلا تشارك في إجهاض شعلة النور التي نحاول أن نراها منذ ثلاثين عاماً.