الاثنين، 4 مايو 2015

ورحل الأبنودي .. رحل ( خال ) المصريين

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
تحدثت مع الأستاذ والناقد الكبير توفيق حنا وأقنعته بنشر كتاب شرط أن يقدم الكتاب شخصية مشهورة جداً واقترحت الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي .. حينها لمعت الفكرة في عقل الأستاذ توفيق حنا وقال لي: انت اخترت تلميذي .. عبد الرحمن الأبنودي تلميذي ولن يرفض .. أنا هكلمه فوراً
رحم الله الخال الذي وجه رسالة بمثابة وصيته للمصريين، حين قال: أنا عبد الرحمن
الأستاذ وتلميذه .. ا.توفيق حنا مع تلميذه عبد الرحمن الأبنودي بالإسماعيلية
الأبنودي، عشت حياتي طفلاً، أكلوا ذراعي عملت بالذراع الآخر، ظلموني فرفضت أن أظلم، من أحبوني كان رد فعلي هو غرامي بهم، أنا أحببت هذا الوطن وأحببت هذه الأرض، وأحببت الناس وأنا ابن ناس فقراء للغاية، وعملت في الأرض بيدي”. ثم أكمل الأبنودي قائلاً “اسمحوا لي أن أحيي الشعب المصري وأقول لهم (لا تنسوني)”، مشيراً إلى كونه يعيش في قرية بعيدة، في إشارة إلى منزله بمحافظة الإسماعيلية، كما أن مقبرته شيدها في مكان بعيد، لا يريد أن يتم لفه بالعلم أو حتى بـ “ملايه” وقت دفنه. كما تحدث عمن يدين لهم بالمال “في ناس ليهم عندي فلوس، فاللي ليه عندي فلوس يسامحني، واللي ليا عنده فلوس، بناتي لسن أقل غلاوة من بناته”. وفي ختام كلماته تحدث الأبنودي عن الوضع السياسي “إحنا في زمن السيسي، نحن تلوثنا بما فيه الكفاية، وهذا الرجل جاء قطعة طيبة من عند الله، في زمن سيء بمصر”، داعيا الله أن يحسن أحواله وظروفه، لأنه جاء ومصر بحالة غير جيدة، وطالما أن الجيش المصري موجود ستظل مصر موجودة.

ولد الأبنودي عام 1939 في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذونا شرعيا وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا وتحديداً في شارع بني علي، حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها، وهو متزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور. من أشهر أعماله السيرة الهلالية التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها، ومن أشهر كتبه كتاب أيامي الحلوة الذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام تم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصاً وأحداثاً مختلفة من حياته في صعيد مصر. يذكر أن الأبنودي قدم العديد من الأعمال الغنائية الدرامية لعدد من المسلسلات التي عرضت خلال السنوات الأخيرة، ومنها مسلسل “الرحايا”، وكتب أول قصيدة بعد ثورة 25 يناير اسمها “الميدان”، والتي كانت من تمائم الثورة في تلك الفترة، ثم كتب العديد من الأعمال في ثورة 30 يونيو. وحصل الأبنودي على لقب تميمة الثورات المصرية، فهو مغني الشعب بعد نكسة 67 بأغنية “وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها”، وصاحب صرخة “مسيح”، إضافة إلى العديد من الأعمال الإبداعية منذ منتصف الخمسينيات، وحتى الآن مروراً “بالسيرة الهلالية” و”الأحزان العادية” و”المشروع الممنوع” و”صمت الجرس”، و”عمليات” و”أحمد سماعين”، وأعمال كثيرة أثرى بها الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي.

حين قررت أنشاء دار نشر وإعلام في مصر كان من المهم أن يكون أول عمل يتم نشره لكاتب كبير .. تحدثت مع الأستاذ والناقد الكبير توفيق حنا – أطال الله لنا في عمره – وأقنعته بنشر كتاب له ولكن شرط أن يقدم الكتاب شخصية مصرية مشهورة جداً وليكن على سبيل المثال الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي .. حينها لمعت الفكرة في عقل الأستاذ توفيق حنا وقال لي: يامحيي ياابراهيم انت اخترت تلميذي .. عبد الرحمن الأبنودي تلميذي ولن يرفض .. أنا هكلمه فوراً .. فقلت:  ولكن يااستاذ توفيق أخشى أن يطلب مبلغاً كبيراً مقابل أن يكتب مقدمة الكتاب .. فقال الاستاذ توفيق حنا كلمة واحدة هي: مستحيل.
مر اسبوع واحد وكنت حينها في الولايات المتحدة بولاية مسيسيبي وفوجئت بمكالمة تليفونية .. آلو مين معايا .. أنا عبد الرحمن الأبنودي .. عبد الرحمن الأبنودي؟؟؟؟ .. عبد الرحمن الأبنودي مين؟؟ .. عبد الرحمن الأبنودي  بتاعنا؟؟ .. أيوة ياوليدي أنا خالك عبد الرحمن وعمك توفيق حنا هو اللي كتب لي رقم تليفونك وقال لي اتصل بيك .. لم اتمالك نفسي من السعادة .. قيمة كبيرة تساندك حتى تقف على قدميك .. قيمة كبيرة تدفعك للأمام دون مقابل .. قيمة كبيرة كان شرطها الوحيد للعمل أن تصبح دار النشر في زمن قصير دار كبيرة ومحترمة .. قيمة كبيرة لم يكتف بالدعم المعنوي والإبداعي بل ودعانا جميعاً لزيارته في منزله بقرية الضبعية بمحافظة الإسماعيلية لنقضي معه يوماً كاملاً من أروع أيام العمر حكى لنا فيها كثير من مواقفه وحياته ولحظاته الحرجة وربما أهمها علاقته بأم كلثوم وعبد الحليم ونجيب محفوظ بل واستاذه توفيق حنا الذي أكتشفه وهو مازال ( عود أخضر ) وقدمه للأضواء في القاهرة حيث قال الأبنودي عن استاذه توفيق حنا بعرفان حي ورد جميل واضح وروح مبدع عملاق واثق في نفسه:
الأستاذ “توفيق حنا” هو الكتاب الأهم الذي قرأناه فى تلك الفترة – منذ نصف قرن.
الأستاذ توفيق حنا سلط علينا ضوءه العبقري فأشرقت فى أرواحنا البكر آهات رائعة خضراء جديدة وكأنه استصلح أرضا لم تُزرع من قبل.
أستاذنا “توفيق حنا” هو الذي تسبب فى بداية شهرتنا. هو الذي أطلق الشرارة الأولى.
ولكنه اليوم يصر دائما على أن هذا لم يحدث … لاشك .. فمثل الأستاذ توفيق حنا المتصالح المصالح بصوره مطلقه يمكن له أن يطرد تلميذا مشاغبا من فصله.
على الرغم من ذلك أؤكد له دائما انه طردني من حصته الأولى بعد أن تطاولت عليه كعادتي فى استقبال المدرسين الجدد.
كان الأستاذ توفيق حنا نحيلا بصورة ملفتة، لم يختلف كثيراً عما هو عليه الآن. بهذا استقويت ولهذا طردت من الفصل الى الفناء كعادتي.
هو يصر دائما على أن هذا لم يحدث.
واظننى لم أر ذلك فى مشهد سينمائي كنت بطله .. فتشت فى ذاكرتي ربما حدث ذلك لي مع معلم آخر فاشتبكا فى ذاكرتي.
ماهى إلا أيام حتى اكتشفنا أن مدرسنا ليس مدرسا وإنما هو عاشق رومانسي لا يرى فى الحياة سوى خيرها وفى البشر سوى الجوانب الطيبة التي لم يلتفتوا إليها.
كنا فى الجنوب المصرى الأعلى، فى مدينة قنا. كنا نعانى فقرا حياتيا وثقافيا إذ كانت الكتب تنهك شديدا قبل أن تصل إلينا، ولم يكن يصل الى أيدينا منها سوى ما يفرّط فيه أصحابه.
كان الأستاذ “توفيق حنا” هو الكتاب الأهم الذي قرأناه فى تلك الفترة – منذ نصف قرن.

هبط بيننا كالمبشر الذي قرر أن يهدى شعب الغابة الى النور الذي لا ينطفئ.
كنا مجموعة من نابهين موهوبين فقيري الثقافة. الواقع يحاصر بلا رحمة، الحياة الاجتماعية، بُعد المكان الذي كان يبدو كالمنفى، ندرة الكتب أو المال الذي يأتي بها صاغرة الى عالمنا البعيد البعيد.
أبو الوفا القاضي الشاعر والمخرج المسرحي، أمل دنقل الشاعر الفذ المضئ الذي انتشر شعره فى الأمة العربية كلها. محمد سلامه آدم، أنا، لقد رحلوا جميعا الآن عداي.
فجأة اكتشفنا ذلك الأستاذ المختلف، أو اكتشفنا هو ليلتقطنا كلا على حده فتتحقق أخّوة ما سعى إليها معلم من قبل فى حياتنا الدراسية. راح يحدثنا عن القرية المصرية – كان يعرف عددها وكم أهْوّلنا الرقم فى زمن لم نكن رأينا فيه حتى قرى بعضنا البعض رغم صداقة أهالينا”.
أشبه بقطع الحلوى راح يخرج من جيوبه مواويل وأغنيات وكلمات نور من حولها ويرينا ما غفلت أعيننا عن التقاط جمالياته المختبئة في استعمالاتنا اليومية لها. لنكتشف أننا نملك كنوزا حقيقية نتجاهلها بحثا عن غير الجوهري.

المواويل التي كانت تنزلق على الأذن اليومية، سلط الأستاذ توفيق حنا عليها ضوءه العبقري فأشرقت فى أرواحنا البكر آهات رائعة خضراء جديدة وكأنه استصلح أرضا لم تُزرع من قبل.
جرى “محمد سلامة آدم” ليكتب عن قريته (البارود)، وكتب “أبو الوفا القاضي” ملحمته الشعبية بلغة المحكية فى بلدته (فرشوط) أما شاعرنا العظيم “أمل دنقل” فراح يكتب قاموسا متواضعا للألفاظ اليومية المغايرة للسان المصرى من قريته (القلعة).
أما أنا فقد عدت من مدينة “قنا” الى قريتي (أبنود) أحاول أن أستمع الى أغنيات السواقي ونوارج درس السنابل والصراخ في الشواديف التي تنقل الماء الى الأرض العطشى. اغانى الرعاة ومواويل الشباب وحكايات الكهول وأغنيات الحياة فرحا وحزنا وحياة وموتا.
بل لا أبالغ أن أستاذ المدرسة الثانوية هو الذي دفع بى دون أن يدرى أن أطارد شعراء الرباب والسير الشعبية لثلاثين عاما وأكثر لجمع “السيرة الهلالية”.
وقبل كل ذلك وبعده، فإن أستاذنا “توفيق حنا” هو الذي تسبب فى بداية شهرتنا. هو الذي أطلق الشرارة الأولى.

هو أول من اعترف بنا – بخلاف أصدقائنا- ورأى أننا نستحق أن نُسمع فى القاهرة، فأتفق – بعد انتهاء فترة انتدابه وعودته الى العاصمة – مع مركز الفنون الشعبية وكان مؤسسة جديدة النشأة لكي نقيم أمسية شعرية: أمل دنقل وأنا كنا قد بدأنا وضع أقدامنا على أعتاب نضج، ونجحت الأمسية بعد أن قدمنا الأستاذ الى حضور كثيف لأدباء ومثقفي مصر من أحباب الأستاذ توفيق ليصير معظمهم أصدقاء لنا بعد ذلك وعدنا وقد وهبتنا تلك الأمسية ثقة لا حدود لها فيما نفعل.

ورحل الأبنودي .. رحل ( خال ) المصريين

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
تحدثت مع الأستاذ والناقد الكبير توفيق حنا وأقنعته بنشر كتاب شرط أن يقدم الكتاب شخصية مشهورة جداً واقترحت الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي .. حينها لمعت الفكرة في عقل الأستاذ توفيق حنا وقال لي: انت اخترت تلميذي .. عبد الرحمن الأبنودي تلميذي ولن يرفض .. أنا هكلمه فوراً
رحم الله الخال الذي وجه رسالة بمثابة وصيته للمصريين، حين قال: أنا عبد الرحمن
الأستاذ وتلميذه .. ا.توفيق حنا مع تلميذه عبد الرحمن الأبنودي بالإسماعيلية
الأبنودي، عشت حياتي طفلاً، أكلوا ذراعي عملت بالذراع الآخر، ظلموني فرفضت أن أظلم، من أحبوني كان رد فعلي هو غرامي بهم، أنا أحببت هذا الوطن وأحببت هذه الأرض، وأحببت الناس وأنا ابن ناس فقراء للغاية، وعملت في الأرض بيدي”. ثم أكمل الأبنودي قائلاً “اسمحوا لي أن أحيي الشعب المصري وأقول لهم (لا تنسوني)”، مشيراً إلى كونه يعيش في قرية بعيدة، في إشارة إلى منزله بمحافظة الإسماعيلية، كما أن مقبرته شيدها في مكان بعيد، لا يريد أن يتم لفه بالعلم أو حتى بـ “ملايه” وقت دفنه. كما تحدث عمن يدين لهم بالمال “في ناس ليهم عندي فلوس، فاللي ليه عندي فلوس يسامحني، واللي ليا عنده فلوس، بناتي لسن أقل غلاوة من بناته”. وفي ختام كلماته تحدث الأبنودي عن الوضع السياسي “إحنا في زمن السيسي، نحن تلوثنا بما فيه الكفاية، وهذا الرجل جاء قطعة طيبة من عند الله، في زمن سيء بمصر”، داعيا الله أن يحسن أحواله وظروفه، لأنه جاء ومصر بحالة غير جيدة، وطالما أن الجيش المصري موجود ستظل مصر موجودة.

ولد الأبنودي عام 1939 في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذونا شرعيا وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا وتحديداً في شارع بني علي، حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها، وهو متزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور. من أشهر أعماله السيرة الهلالية التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها، ومن أشهر كتبه كتاب أيامي الحلوة الذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام تم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصاً وأحداثاً مختلفة من حياته في صعيد مصر. يذكر أن الأبنودي قدم العديد من الأعمال الغنائية الدرامية لعدد من المسلسلات التي عرضت خلال السنوات الأخيرة، ومنها مسلسل “الرحايا”، وكتب أول قصيدة بعد ثورة 25 يناير اسمها “الميدان”، والتي كانت من تمائم الثورة في تلك الفترة، ثم كتب العديد من الأعمال في ثورة 30 يونيو. وحصل الأبنودي على لقب تميمة الثورات المصرية، فهو مغني الشعب بعد نكسة 67 بأغنية “وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها”، وصاحب صرخة “مسيح”، إضافة إلى العديد من الأعمال الإبداعية منذ منتصف الخمسينيات، وحتى الآن مروراً “بالسيرة الهلالية” و”الأحزان العادية” و”المشروع الممنوع” و”صمت الجرس”، و”عمليات” و”أحمد سماعين”، وأعمال كثيرة أثرى بها الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي.

حين قررت أنشاء دار نشر وإعلام في مصر كان من المهم أن يكون أول عمل يتم نشره لكاتب كبير .. تحدثت مع الأستاذ والناقد الكبير توفيق حنا – أطال الله لنا في عمره – وأقنعته بنشر كتاب له ولكن شرط أن يقدم الكتاب شخصية مصرية مشهورة جداً وليكن على سبيل المثال الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي .. حينها لمعت الفكرة في عقل الأستاذ توفيق حنا وقال لي: يامحيي ياابراهيم انت اخترت تلميذي .. عبد الرحمن الأبنودي تلميذي ولن يرفض .. أنا هكلمه فوراً .. فقلت:  ولكن يااستاذ توفيق أخشى أن يطلب مبلغاً كبيراً مقابل أن يكتب مقدمة الكتاب .. فقال الاستاذ توفيق حنا كلمة واحدة هي: مستحيل.
مر اسبوع واحد وكنت حينها في الولايات المتحدة بولاية مسيسيبي وفوجئت بمكالمة تليفونية .. آلو مين معايا .. أنا عبد الرحمن الأبنودي .. عبد الرحمن الأبنودي؟؟؟؟ .. عبد الرحمن الأبنودي مين؟؟ .. عبد الرحمن الأبنودي  بتاعنا؟؟ .. أيوة ياوليدي أنا خالك عبد الرحمن وعمك توفيق حنا هو اللي كتب لي رقم تليفونك وقال لي اتصل بيك .. لم اتمالك نفسي من السعادة .. قيمة كبيرة تساندك حتى تقف على قدميك .. قيمة كبيرة تدفعك للأمام دون مقابل .. قيمة كبيرة كان شرطها الوحيد للعمل أن تصبح دار النشر في زمن قصير دار كبيرة ومحترمة .. قيمة كبيرة لم يكتف بالدعم المعنوي والإبداعي بل ودعانا جميعاً لزيارته في منزله بقرية الضبعية بمحافظة الإسماعيلية لنقضي معه يوماً كاملاً من أروع أيام العمر حكى لنا فيها كثير من مواقفه وحياته ولحظاته الحرجة وربما أهمها علاقته بأم كلثوم وعبد الحليم ونجيب محفوظ بل واستاذه توفيق حنا الذي أكتشفه وهو مازال ( عود أخضر ) وقدمه للأضواء في القاهرة حيث قال الأبنودي عن استاذه توفيق حنا بعرفان حي ورد جميل واضح وروح مبدع عملاق واثق في نفسه:
الأستاذ “توفيق حنا” هو الكتاب الأهم الذي قرأناه فى تلك الفترة – منذ نصف قرن.
الأستاذ توفيق حنا سلط علينا ضوءه العبقري فأشرقت فى أرواحنا البكر آهات رائعة خضراء جديدة وكأنه استصلح أرضا لم تُزرع من قبل.
أستاذنا “توفيق حنا” هو الذي تسبب فى بداية شهرتنا. هو الذي أطلق الشرارة الأولى.
ولكنه اليوم يصر دائما على أن هذا لم يحدث … لاشك .. فمثل الأستاذ توفيق حنا المتصالح المصالح بصوره مطلقه يمكن له أن يطرد تلميذا مشاغبا من فصله.
على الرغم من ذلك أؤكد له دائما انه طردني من حصته الأولى بعد أن تطاولت عليه كعادتي فى استقبال المدرسين الجدد.
كان الأستاذ توفيق حنا نحيلا بصورة ملفتة، لم يختلف كثيراً عما هو عليه الآن. بهذا استقويت ولهذا طردت من الفصل الى الفناء كعادتي.
هو يصر دائما على أن هذا لم يحدث.
واظننى لم أر ذلك فى مشهد سينمائي كنت بطله .. فتشت فى ذاكرتي ربما حدث ذلك لي مع معلم آخر فاشتبكا فى ذاكرتي.
ماهى إلا أيام حتى اكتشفنا أن مدرسنا ليس مدرسا وإنما هو عاشق رومانسي لا يرى فى الحياة سوى خيرها وفى البشر سوى الجوانب الطيبة التي لم يلتفتوا إليها.
كنا فى الجنوب المصرى الأعلى، فى مدينة قنا. كنا نعانى فقرا حياتيا وثقافيا إذ كانت الكتب تنهك شديدا قبل أن تصل إلينا، ولم يكن يصل الى أيدينا منها سوى ما يفرّط فيه أصحابه.
كان الأستاذ “توفيق حنا” هو الكتاب الأهم الذي قرأناه فى تلك الفترة – منذ نصف قرن.

هبط بيننا كالمبشر الذي قرر أن يهدى شعب الغابة الى النور الذي لا ينطفئ.
كنا مجموعة من نابهين موهوبين فقيري الثقافة. الواقع يحاصر بلا رحمة، الحياة الاجتماعية، بُعد المكان الذي كان يبدو كالمنفى، ندرة الكتب أو المال الذي يأتي بها صاغرة الى عالمنا البعيد البعيد.
أبو الوفا القاضي الشاعر والمخرج المسرحي، أمل دنقل الشاعر الفذ المضئ الذي انتشر شعره فى الأمة العربية كلها. محمد سلامه آدم، أنا، لقد رحلوا جميعا الآن عداي.
فجأة اكتشفنا ذلك الأستاذ المختلف، أو اكتشفنا هو ليلتقطنا كلا على حده فتتحقق أخّوة ما سعى إليها معلم من قبل فى حياتنا الدراسية. راح يحدثنا عن القرية المصرية – كان يعرف عددها وكم أهْوّلنا الرقم فى زمن لم نكن رأينا فيه حتى قرى بعضنا البعض رغم صداقة أهالينا”.
أشبه بقطع الحلوى راح يخرج من جيوبه مواويل وأغنيات وكلمات نور من حولها ويرينا ما غفلت أعيننا عن التقاط جمالياته المختبئة في استعمالاتنا اليومية لها. لنكتشف أننا نملك كنوزا حقيقية نتجاهلها بحثا عن غير الجوهري.

المواويل التي كانت تنزلق على الأذن اليومية، سلط الأستاذ توفيق حنا عليها ضوءه العبقري فأشرقت فى أرواحنا البكر آهات رائعة خضراء جديدة وكأنه استصلح أرضا لم تُزرع من قبل.
جرى “محمد سلامة آدم” ليكتب عن قريته (البارود)، وكتب “أبو الوفا القاضي” ملحمته الشعبية بلغة المحكية فى بلدته (فرشوط) أما شاعرنا العظيم “أمل دنقل” فراح يكتب قاموسا متواضعا للألفاظ اليومية المغايرة للسان المصرى من قريته (القلعة).
أما أنا فقد عدت من مدينة “قنا” الى قريتي (أبنود) أحاول أن أستمع الى أغنيات السواقي ونوارج درس السنابل والصراخ في الشواديف التي تنقل الماء الى الأرض العطشى. اغانى الرعاة ومواويل الشباب وحكايات الكهول وأغنيات الحياة فرحا وحزنا وحياة وموتا.
بل لا أبالغ أن أستاذ المدرسة الثانوية هو الذي دفع بى دون أن يدرى أن أطارد شعراء الرباب والسير الشعبية لثلاثين عاما وأكثر لجمع “السيرة الهلالية”.
وقبل كل ذلك وبعده، فإن أستاذنا “توفيق حنا” هو الذي تسبب فى بداية شهرتنا. هو الذي أطلق الشرارة الأولى.

هو أول من اعترف بنا – بخلاف أصدقائنا- ورأى أننا نستحق أن نُسمع فى القاهرة، فأتفق – بعد انتهاء فترة انتدابه وعودته الى العاصمة – مع مركز الفنون الشعبية وكان مؤسسة جديدة النشأة لكي نقيم أمسية شعرية: أمل دنقل وأنا كنا قد بدأنا وضع أقدامنا على أعتاب نضج، ونجحت الأمسية بعد أن قدمنا الأستاذ الى حضور كثيف لأدباء ومثقفي مصر من أحباب الأستاذ توفيق ليصير معظمهم أصدقاء لنا بعد ذلك وعدنا وقد وهبتنا تلك الأمسية ثقة لا حدود لها فيما نفعل.

الجمعة، 6 مارس 2015

الشيطان لم يعد غريباً

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
ساعة كاملة وهو يتمتم بعبارات كل كلماتها مفهومة  ولكن العبارات نفسها غير مفهومة، رفضنا أن نشرب القهوة، رفضنا الكلام والشراب، كان ينظر إلينا وكأنه يستجدي كلمة، بينما لم يتكلم أحد.
  
كل الأديان منذ بدأت الإنسانية خطواتها على الأرض تؤكد أن الشيطان كان من أهم المخلوقات المقربة للخالق وأنه كان في صورة ملاك جميل لكنه بعد خلق آدم غار واستكبر فحلت عليه اللعنة، وفي نفس الوقت ، في نفس اللحظة، في نفس النص، تصف كل الأديان منذ عشرات الآلاف من السنين الشيطان بصورة مرعبة قبيحة، بل أن التاريخ الإنساني، الخيال الإنساني، الإيمان الإنساني، يصوره دوماً بقرون وآذان طويلة ويخرج ناراً من فمه، رباه !!، كيف اجتمع هذان الوصفان النقيضان في قلب الإنسانية منذ خلقها الأول وحتى يومنا هذا!، خاصة في قلوب المؤمنين الذين آمنوا بكل دين ظهر على وجه الأرض منذ نشأتها، بل وكيف لم يسأل أحد منهم قط عن هل الشيطان جميل كان ملاكاً ثم عصى فتشيطن أم أنه قبيح كما تصوره خيالاتنا؟ وهل معنى كونه شريراً أن يكون بشعاً وقبيحاً مملوءاً بالقيح والنار!!، إن أعظم البشر الأشرار وأكثرهم دموية في تاريخ الإنسانية كانوا يحملون جمالاً ووسامة، وليس معنى كونهم أشراراً أن يكون انطباعنا عنهم مبني على القبح والدمامة، سيداتي سادتي: الشيطان مخلوق من أجمل مخلوقات الخالق، يتمتع بمظهر ملاك، كان في يوم من الأيام يحظى بحب الخالق ورعايته وعنايته، كان قبل أن يصبح شيطاناً يرجو رضا خالقه ويصلي له في كل وقت، بل كان أحد أهم وأجمل المخلوقات المدللة من خالقها على الإطلاق.
لم يخبرنا أحد ممن يعبدون " الشيطان " هذه الأيام أو ممن يدعون أنهم يجلسون معه ويقابلونه أو ممن يدعون أنهم حلفاؤه الذين يضعهم هو موضع رعايته وعنايته، لم يخبرنا أحد منهم أنه في إحدى اللقاءات التي إلتقاها معه سأله عن تفاصيل سيناريو عصيانه وخروجه من الجنة وعلاقته بآدم وحواء وكيف تكلم مع الله قبل خلق آدم وبعد خلقه، بالتأكيد هناك تفاصيل دقيقة لم ترد في الكتب المقدسة ويعرفها الشيطان ( الخالد ) بالطبع لكونه كان بطل تلك الرواية ونجمها الأكثر شهرة، لم يخبرنا أحد ولن يخبرنا أحد، فلا أحد رأي الشيطان ولا قابله ولا حالفه ولا بايعه ولا شئ، كل ما في الأمر هو احتيال إنساني على النصوص المقدسة من بعض الشواذ ومن معظم رجال الدين أصحاب اللحى الذين ظهروا طيلة تاريخنا الإنساني منذ ( هبوط ) آدم وحتى يومنا هذا، بل أنه قد تم التحدي ملايين المرات على أن يثبت من يدعي انه حليفاً للشيطان ويجالسه ويخاطبه أن يثبت ذلك ولو بأبسط الإثباتات لكنه لم يفعل والتاريخ ملئ بكثير من تلك الحكايات بل وواقعنا المعاصر أيضاً فقد حاول الكثير أن يتحالف مع الشيطان وأن يعبده وأن يكون خادمه، تابعه، عبداً له  مقابل أن يراه ويتلقى الأوامر منه شخصياً، شفاهة، شفاهة، وجهاً لوجه، لكن لم يحدث شئ، لم يظهر، لم يأتي، وكأن الشيطان ليس له وجود !!، هل حاولت أن تتحدى الشيطان وجهاً لوجه، أن تناديه في جوف الليل أو في فترات النهار، أن تدعوه لتراه ويراك، حاول، جرب، اطلبه إن شئت، في أي وقت شئت، لن يحدث شئ، لن يظهر شئ، مجرد أوهام تملأ رأس الإنسانية منذ بداية الخلق وليس لها وجود ( واقعي ) مرئي محسوس ملموس.
خرجت كل الأديان والقيم من منطقة الشرق الأوسط، وأعتنقها العالم كله من أقصى الأرض لأقصى الأرض، وكذلك خرجت كل الرذائل والشذوذ الجنسي والإلحاد من نفس منطقة الشرق الأوسط والتي يمارسها اليوم معظم سكان الأرض من أقصاها لأقصاها، أليس هذا غريباً؟، هذا التناقض العجيب ألا يبدو غريباً؟، أين الشيطان إذن من كل تلك المسائل؟.
ذات يوم من عام 2006 بالقاهرة العاصمة المصرية اتصل بي صديق يعمل بالسياسة وله منصب حزبي رفيع المستوى، كان عليه أن يذهب لمقابلة أحد ( العارفين ) الذين يدعون علاقتهم بالشيطان، وأنه قادراً على فعل أي شئ كأن يجعلم مليونيراً أو أن يرسل أليك كل ليلة امرأة ( حسب الطلب ) تشبه أي جميلة من جميلات السينما العالمية لتمارس معها الجنس !، وأنه الوحيد في العالم القادر على إنهاء جميع مشاكلك حتى ولو كانت مرضاً عضالاً لاشفاء منه !!
كان الهدف من الزيارة هي أن يبتعد الشيطان عن ابن أخو هذا الصديق السياسي بعد تأكده  من أن ( إبن الأخ ) هذا قد وقع تحت سيطرة ( عمل سفلي ) أعدته له امرأة شريرة قريبة له سافرت خصيصاً لإعداده في الهند كي تتحول حياة هذا الشاب الصغير لجحيم لا يمكن نسيانه !!
ذهبنا للصحراء في أطراف محافظة بصعيد مصر، اتفقنا سوياً على ألا يتفوه أحد منا بكلمة واحدة، فالهدف هو استدعاء شيطان صغير يدلنا على طريقة فك هذا العمل السفلي مقابل عتقه من العبودية لهذا الساحر الذي ذهبنا إليه على أن يأخذ الساحر منا في سبيل عتق هذا الشيطان الصغير من خدمته مبلغ يصل لمائة ألف جنيه، لأنه حسب قوله – قول الساحر أو العراف – فإن هذا الشيطان الصغير هو أشطر شيطان عنده وأن عتقه من الخدمة خسارة كبيرة وعظيمة، ووافق صديقنا السياسي وكانت بصحبته أم الشاب المسكين الثرية والتي وافقت على أي مبلغ مادام ذلك سيخفف من معاناة ابنها.
كان هذا العراف أو الساحر من أشهر العرافين في مصر الذين تأتي إليهم المشاهير من جميع أنحاء العالم، ويأتمر بأمره فنانين وسياسيين ولاعبي كرة وملوك ورؤساء وكأنه نبي، بل أنه في إحدى سفرياته لدولة من دول روسيا الاتحادية قوبل وكأنة هبط من السماء بجناحي ملاك وليس من إحدى نجوع صحراء مصر بالصعيد!!
ساعة كاملة وهو يتمتم بعبارات كل كلماتها مفهومة  ولكن العبارات نفسها غير مفهومة، رفضنا أن نشرب القهوة، رفضنا الكلام والشراب، كان ينظر إلينا وكأنه يستجدي كلمة، بينما لم يتكلم أحد.
فجأة صرخ فيه صديقي ( السياسي ) عن سبب عدم حدوث أي شئ، ساعة كاملة أو تزيد قليلاً ولم يحدث تغيير، لم نشاهد عفريتاً، جناً، ولا حتى شيطاناً عجوزاً أوشك على الموت.
بكلمات يائسة رد ( العراف) بأنه لم يجد شيطانه الصغير حتى الآن لعله يلعب في مكان ما على كوكب ما من كواكب الكون، إنه شيطان صغير ماكر، شيطان صغير شقي، إنه لا يجد سوى شيطانا عمره ثمانية ألاف عام وهو شيطان لن يستطيع فعل شئ لنا اليوم.
أخرج صديقي ( السياسي ) مسدسه الشخصي المرخص من جيبه، ولم أكن على علم بأنه يحمل مسدساً، ثم أشهره في وجه العراف وهو يصرخ في وجهه ويأمره بأن يأتي بهذا الشيطان العجوز، فجأه تحول الصديق ( السياسي ) المهذب إلى أحد جبابرة التاريخ، صرخ مره أخرى بانفعال شديد في وجه العراف: هذا الشيطان الذي عمرة ثمانية آلاف عام من المؤكد يعلم كل شئ عن كنوز الفراعنة المدفونة في ارض مصر ولا نستطيع العثور عليها، استدعيه الآن وأمره أن يدلنا على أماكن هذه الكنوز وإلا أفرغت رصاص المسدس في رأسك الآن، استدعيه واطلب منه أن يرينا وجهه فنحن لانخاف منه ونريده الآن في التو واللحظة.
كانت أم الشاب المسكين في حالة ذهول وكادت أن يغشى عليها، أما الساحر فقد كاد أن تنتابه أزمة قلبية أمام ( مسدس ) صديقنا السياسي الغاضب، كرر صديقنا السؤال بغضب على العراف واضعاً اصبعه على زر زناد المسدس: أين العفريت، أريد هذا العفريت، لماذا لا تأتي به؟، تحدث، لكن العراف لم يتفوه سوى بكلمة واحدة، لا استطيع، لماذا؟، فلم يرد، إذن أنت دجال، محتال، نصاب، ثم وضع فوهة المسدس على جبهته وهو يأمره بأن يردد ورائه: أنا نصاب، محتال، أنا ابن كلب دجال، وهنا تراجع صديقنا ووضع المسدس أمامه على طاولة صغيرة ناظراً للعراف الدجال وهو يتحدث كأنما يدافع عن نفسه فوق خشبة مسرح أمام ملايين المشاهدين:
منذ أكثر من 35 عاماً وأنا أحاول أن أتحالف مع الشيطان ليجعلني ثرياً ومشهوراً، سافرت كل البلدان التي عرفت ان بها أشهر العرافين وعبده الشيطان، قرأت كل الكتب المتعلقة بهذا الأمر، مارست كل التعاويذ، تبولت على كل الكتب المقدسة، نادينه في جوف الليل والنهار، عشت في الصحراء أعواماً، مارست كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن، رجوته أن يأتي، يصبح لي رباً، معبوداً، إلهاً، سجدت بالساعات يومياً لعله موجوداً فيرأف بحالي ويظهر لي ويلبي لي رغباتي، لم يحدث أي تغيير، حتى وصل بي الأمر أن كنت أشتري بعض أطفال الشوارع بالمال من بعض تجار الأعضاء البشرية وقتلت ثلاثة منهم في جبل الموتى بواحة سيوة تقرباً للشيطان لعله يأتي أو يظهر أو يعطف على حالي، لكن لم يحدث، 35 عاماً حاولت وناضلت وكافحت والنتيجة كانت دوماً صفراً كبيراً، شاع اسمي بين أصحاب المهنة ( مهنة السحر والكهانة ) وببعض المهارات الشخصية أوحيت لهم بأني الذراع اليمنى للشيطان وأنه من فرط محبته لي يرسل لي  ابنته الصغرى رائعة الجمال لأعاشرها كلما رغبت في ممارسة الجنس، فحولوني لمعلم، جعلوني كبيرهم، ولما تعلمت الكثير من الكتب، صدقني الناس ومن ثم أصبحت على ما أصبحت عليه، أصبحت أشهر عراف في المنطقة، أتقاضى الملايين، أما مسألة شياطين وجن وعفاريت، فأنا لم أحظ طيلة حياتي بمعرفة أحدهم أو مقابلة أحدهم، ووصلت لحقيقة واحدة مفادها أننا نحن الشيطان، أو ربما ( أن كان موجوداً وحيُ يرزق ) ربما نحن اليوم أساتذته يتعلم منا مالم يخطر بباله على الإطلاق طيلة مرحلة خلوده.

الشيطان لم يعد غريباً

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
ساعة كاملة وهو يتمتم بعبارات كل كلماتها مفهومة  ولكن العبارات نفسها غير مفهومة، رفضنا أن نشرب القهوة، رفضنا الكلام والشراب، كان ينظر إلينا وكأنه يستجدي كلمة، بينما لم يتكلم أحد.
  
كل الأديان منذ بدأت الإنسانية خطواتها على الأرض تؤكد أن الشيطان كان من أهم المخلوقات المقربة للخالق وأنه كان في صورة ملاك جميل لكنه بعد خلق آدم غار واستكبر فحلت عليه اللعنة، وفي نفس الوقت ، في نفس اللحظة، في نفس النص، تصف كل الأديان منذ عشرات الآلاف من السنين الشيطان بصورة مرعبة قبيحة، بل أن التاريخ الإنساني، الخيال الإنساني، الإيمان الإنساني، يصوره دوماً بقرون وآذان طويلة ويخرج ناراً من فمه، رباه !!، كيف اجتمع هذان الوصفان النقيضان في قلب الإنسانية منذ خلقها الأول وحتى يومنا هذا!، خاصة في قلوب المؤمنين الذين آمنوا بكل دين ظهر على وجه الأرض منذ نشأتها، بل وكيف لم يسأل أحد منهم قط عن هل الشيطان جميل كان ملاكاً ثم عصى فتشيطن أم أنه قبيح كما تصوره خيالاتنا؟ وهل معنى كونه شريراً أن يكون بشعاً وقبيحاً مملوءاً بالقيح والنار!!، إن أعظم البشر الأشرار وأكثرهم دموية في تاريخ الإنسانية كانوا يحملون جمالاً ووسامة، وليس معنى كونهم أشراراً أن يكون انطباعنا عنهم مبني على القبح والدمامة، سيداتي سادتي: الشيطان مخلوق من أجمل مخلوقات الخالق، يتمتع بمظهر ملاك، كان في يوم من الأيام يحظى بحب الخالق ورعايته وعنايته، كان قبل أن يصبح شيطاناً يرجو رضا خالقه ويصلي له في كل وقت، بل كان أحد أهم وأجمل المخلوقات المدللة من خالقها على الإطلاق.
لم يخبرنا أحد ممن يعبدون " الشيطان " هذه الأيام أو ممن يدعون أنهم يجلسون معه ويقابلونه أو ممن يدعون أنهم حلفاؤه الذين يضعهم هو موضع رعايته وعنايته، لم يخبرنا أحد منهم أنه في إحدى اللقاءات التي إلتقاها معه سأله عن تفاصيل سيناريو عصيانه وخروجه من الجنة وعلاقته بآدم وحواء وكيف تكلم مع الله قبل خلق آدم وبعد خلقه، بالتأكيد هناك تفاصيل دقيقة لم ترد في الكتب المقدسة ويعرفها الشيطان ( الخالد ) بالطبع لكونه كان بطل تلك الرواية ونجمها الأكثر شهرة، لم يخبرنا أحد ولن يخبرنا أحد، فلا أحد رأي الشيطان ولا قابله ولا حالفه ولا بايعه ولا شئ، كل ما في الأمر هو احتيال إنساني على النصوص المقدسة من بعض الشواذ ومن معظم رجال الدين أصحاب اللحى الذين ظهروا طيلة تاريخنا الإنساني منذ ( هبوط ) آدم وحتى يومنا هذا، بل أنه قد تم التحدي ملايين المرات على أن يثبت من يدعي انه حليفاً للشيطان ويجالسه ويخاطبه أن يثبت ذلك ولو بأبسط الإثباتات لكنه لم يفعل والتاريخ ملئ بكثير من تلك الحكايات بل وواقعنا المعاصر أيضاً فقد حاول الكثير أن يتحالف مع الشيطان وأن يعبده وأن يكون خادمه، تابعه، عبداً له  مقابل أن يراه ويتلقى الأوامر منه شخصياً، شفاهة، شفاهة، وجهاً لوجه، لكن لم يحدث شئ، لم يظهر، لم يأتي، وكأن الشيطان ليس له وجود !!، هل حاولت أن تتحدى الشيطان وجهاً لوجه، أن تناديه في جوف الليل أو في فترات النهار، أن تدعوه لتراه ويراك، حاول، جرب، اطلبه إن شئت، في أي وقت شئت، لن يحدث شئ، لن يظهر شئ، مجرد أوهام تملأ رأس الإنسانية منذ بداية الخلق وليس لها وجود ( واقعي ) مرئي محسوس ملموس.
خرجت كل الأديان والقيم من منطقة الشرق الأوسط، وأعتنقها العالم كله من أقصى الأرض لأقصى الأرض، وكذلك خرجت كل الرذائل والشذوذ الجنسي والإلحاد من نفس منطقة الشرق الأوسط والتي يمارسها اليوم معظم سكان الأرض من أقصاها لأقصاها، أليس هذا غريباً؟، هذا التناقض العجيب ألا يبدو غريباً؟، أين الشيطان إذن من كل تلك المسائل؟.
ذات يوم من عام 2006 بالقاهرة العاصمة المصرية اتصل بي صديق يعمل بالسياسة وله منصب حزبي رفيع المستوى، كان عليه أن يذهب لمقابلة أحد ( العارفين ) الذين يدعون علاقتهم بالشيطان، وأنه قادراً على فعل أي شئ كأن يجعلم مليونيراً أو أن يرسل أليك كل ليلة امرأة ( حسب الطلب ) تشبه أي جميلة من جميلات السينما العالمية لتمارس معها الجنس !، وأنه الوحيد في العالم القادر على إنهاء جميع مشاكلك حتى ولو كانت مرضاً عضالاً لاشفاء منه !!
كان الهدف من الزيارة هي أن يبتعد الشيطان عن ابن أخو هذا الصديق السياسي بعد تأكده  من أن ( إبن الأخ ) هذا قد وقع تحت سيطرة ( عمل سفلي ) أعدته له امرأة شريرة قريبة له سافرت خصيصاً لإعداده في الهند كي تتحول حياة هذا الشاب الصغير لجحيم لا يمكن نسيانه !!
ذهبنا للصحراء في أطراف محافظة بصعيد مصر، اتفقنا سوياً على ألا يتفوه أحد منا بكلمة واحدة، فالهدف هو استدعاء شيطان صغير يدلنا على طريقة فك هذا العمل السفلي مقابل عتقه من العبودية لهذا الساحر الذي ذهبنا إليه على أن يأخذ الساحر منا في سبيل عتق هذا الشيطان الصغير من خدمته مبلغ يصل لمائة ألف جنيه، لأنه حسب قوله – قول الساحر أو العراف – فإن هذا الشيطان الصغير هو أشطر شيطان عنده وأن عتقه من الخدمة خسارة كبيرة وعظيمة، ووافق صديقنا السياسي وكانت بصحبته أم الشاب المسكين الثرية والتي وافقت على أي مبلغ مادام ذلك سيخفف من معاناة ابنها.
كان هذا العراف أو الساحر من أشهر العرافين في مصر الذين تأتي إليهم المشاهير من جميع أنحاء العالم، ويأتمر بأمره فنانين وسياسيين ولاعبي كرة وملوك ورؤساء وكأنه نبي، بل أنه في إحدى سفرياته لدولة من دول روسيا الاتحادية قوبل وكأنة هبط من السماء بجناحي ملاك وليس من إحدى نجوع صحراء مصر بالصعيد!!
ساعة كاملة وهو يتمتم بعبارات كل كلماتها مفهومة  ولكن العبارات نفسها غير مفهومة، رفضنا أن نشرب القهوة، رفضنا الكلام والشراب، كان ينظر إلينا وكأنه يستجدي كلمة، بينما لم يتكلم أحد.
فجأة صرخ فيه صديقي ( السياسي ) عن سبب عدم حدوث أي شئ، ساعة كاملة أو تزيد قليلاً ولم يحدث تغيير، لم نشاهد عفريتاً، جناً، ولا حتى شيطاناً عجوزاً أوشك على الموت.
بكلمات يائسة رد ( العراف) بأنه لم يجد شيطانه الصغير حتى الآن لعله يلعب في مكان ما على كوكب ما من كواكب الكون، إنه شيطان صغير ماكر، شيطان صغير شقي، إنه لا يجد سوى شيطانا عمره ثمانية ألاف عام وهو شيطان لن يستطيع فعل شئ لنا اليوم.
أخرج صديقي ( السياسي ) مسدسه الشخصي المرخص من جيبه، ولم أكن على علم بأنه يحمل مسدساً، ثم أشهره في وجه العراف وهو يصرخ في وجهه ويأمره بأن يأتي بهذا الشيطان العجوز، فجأه تحول الصديق ( السياسي ) المهذب إلى أحد جبابرة التاريخ، صرخ مره أخرى بانفعال شديد في وجه العراف: هذا الشيطان الذي عمرة ثمانية آلاف عام من المؤكد يعلم كل شئ عن كنوز الفراعنة المدفونة في ارض مصر ولا نستطيع العثور عليها، استدعيه الآن وأمره أن يدلنا على أماكن هذه الكنوز وإلا أفرغت رصاص المسدس في رأسك الآن، استدعيه واطلب منه أن يرينا وجهه فنحن لانخاف منه ونريده الآن في التو واللحظة.
كانت أم الشاب المسكين في حالة ذهول وكادت أن يغشى عليها، أما الساحر فقد كاد أن تنتابه أزمة قلبية أمام ( مسدس ) صديقنا السياسي الغاضب، كرر صديقنا السؤال بغضب على العراف واضعاً اصبعه على زر زناد المسدس: أين العفريت، أريد هذا العفريت، لماذا لا تأتي به؟، تحدث، لكن العراف لم يتفوه سوى بكلمة واحدة، لا استطيع، لماذا؟، فلم يرد، إذن أنت دجال، محتال، نصاب، ثم وضع فوهة المسدس على جبهته وهو يأمره بأن يردد ورائه: أنا نصاب، محتال، أنا ابن كلب دجال، وهنا تراجع صديقنا ووضع المسدس أمامه على طاولة صغيرة ناظراً للعراف الدجال وهو يتحدث كأنما يدافع عن نفسه فوق خشبة مسرح أمام ملايين المشاهدين:
منذ أكثر من 35 عاماً وأنا أحاول أن أتحالف مع الشيطان ليجعلني ثرياً ومشهوراً، سافرت كل البلدان التي عرفت ان بها أشهر العرافين وعبده الشيطان، قرأت كل الكتب المتعلقة بهذا الأمر، مارست كل التعاويذ، تبولت على كل الكتب المقدسة، نادينه في جوف الليل والنهار، عشت في الصحراء أعواماً، مارست كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن، رجوته أن يأتي، يصبح لي رباً، معبوداً، إلهاً، سجدت بالساعات يومياً لعله موجوداً فيرأف بحالي ويظهر لي ويلبي لي رغباتي، لم يحدث أي تغيير، حتى وصل بي الأمر أن كنت أشتري بعض أطفال الشوارع بالمال من بعض تجار الأعضاء البشرية وقتلت ثلاثة منهم في جبل الموتى بواحة سيوة تقرباً للشيطان لعله يأتي أو يظهر أو يعطف على حالي، لكن لم يحدث، 35 عاماً حاولت وناضلت وكافحت والنتيجة كانت دوماً صفراً كبيراً، شاع اسمي بين أصحاب المهنة ( مهنة السحر والكهانة ) وببعض المهارات الشخصية أوحيت لهم بأني الذراع اليمنى للشيطان وأنه من فرط محبته لي يرسل لي  ابنته الصغرى رائعة الجمال لأعاشرها كلما رغبت في ممارسة الجنس، فحولوني لمعلم، جعلوني كبيرهم، ولما تعلمت الكثير من الكتب، صدقني الناس ومن ثم أصبحت على ما أصبحت عليه، أصبحت أشهر عراف في المنطقة، أتقاضى الملايين، أما مسألة شياطين وجن وعفاريت، فأنا لم أحظ طيلة حياتي بمعرفة أحدهم أو مقابلة أحدهم، ووصلت لحقيقة واحدة مفادها أننا نحن الشيطان، أو ربما ( أن كان موجوداً وحيُ يرزق ) ربما نحن اليوم أساتذته يتعلم منا مالم يخطر بباله على الإطلاق طيلة مرحلة خلوده.

الثلاثاء، 24 فبراير 2015

معلم اللغة العربية


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كان في قريتنا معلماً للغة العربية يأتي طوال العام بقميص واحد و( بنطلون ) واحد طالتهما يد ( الراتق ) عشرات المرات حتى لم يستطع في النهاية أخفاء بعض الثقوب التي صارت لا تخفى على أحد .. كنا رغم ذلك ( نحترمه ) الإحترام الكامل لنزاهته في شرح الدروس بإخلاص الأنبياء وقيمته الثقافية الرفيعة التي لم تبخل علينا بفيض العلم والخلق .. وفي المقابل كان معلم الرياضيات أشبه بنجوم السينما في سيارته ذات الدفع الرباعي و( بدلته ) التي يغيرها يومياً حسب تغيرات نشرة الأحوال الجوية .. كان يملأنا بالضحكات دوماً في ( حصته ) دون أن يشرح قاعدة رياضية واحدة .. ولِما لا ! .. فقد كان يبتز عائلاتنا مالياً ثمناً للدروس الخاصة باهظة التكاليف وكأنه يمتص دمائهم كمصاصي الدماء في الأفلام الأمريكية .. وبالرغم من ذلك كنا ( نحبه ) حباً جارفاً لوسامته .. لطفه .. ترفه .. سيارته .. وحتى لؤمه، مات المعلمان في اسبوع واحد منذ ثلاثة أشهر، تقدمت قريتنا ( كلها ) جنازة معلم الرياضيات وتبرع مقرئ المركز على احياء ليلة العزاء مجاناً ليبرز عطاؤه أمام وجهاء القرية الحاضرين .. أما معلم اللغة العربية فلم يكن في جنازته سوى زوجته وأبنة والحانوتي ورجاله من حمله النعش وقد أكتفوا بذلك إذ لم يكن في وسعهم اقامة ليلة عزاء وهو الذي كان كفنه على نفقة المسجد !.

معلم اللغة العربية


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كان في قريتنا معلماً للغة العربية يأتي طوال العام بقميص واحد و( بنطلون ) واحد طالتهما يد ( الراتق ) عشرات المرات حتى لم يستطع في النهاية أخفاء بعض الثقوب التي صارت لا تخفى على أحد .. كنا رغم ذلك ( نحترمه ) الإحترام الكامل لنزاهته في شرح الدروس بإخلاص الأنبياء وقيمته الثقافية الرفيعة التي لم تبخل علينا بفيض العلم والخلق .. وفي المقابل كان معلم الرياضيات أشبه بنجوم السينما في سيارته ذات الدفع الرباعي و( بدلته ) التي يغيرها يومياً حسب تغيرات نشرة الأحوال الجوية .. كان يملأنا بالضحكات دوماً في ( حصته ) دون أن يشرح قاعدة رياضية واحدة .. ولِما لا ! .. فقد كان يبتز عائلاتنا مالياً ثمناً للدروس الخاصة باهظة التكاليف وكأنه يمتص دمائهم كمصاصي الدماء في الأفلام الأمريكية .. وبالرغم من ذلك كنا ( نحبه ) حباً جارفاً لوسامته .. لطفه .. ترفه .. سيارته .. وحتى لؤمه، مات المعلمان في اسبوع واحد منذ ثلاثة أشهر، تقدمت قريتنا ( كلها ) جنازة معلم الرياضيات وتبرع مقرئ المركز على احياء ليلة العزاء مجاناً ليبرز عطاؤه أمام وجهاء القرية الحاضرين .. أما معلم اللغة العربية فلم يكن في جنازته سوى زوجته وأبنة والحانوتي ورجاله من حمله النعش وقد أكتفوا بذلك إذ لم يكن في وسعهم اقامة ليلة عزاء وهو الذي كان كفنه على نفقة المسجد !.

الأحد، 22 فبراير 2015

مجروح العبيط .. قصة من رابع المستحيلات

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم

لأول مرة تنزل عربات البوليس والأمن المركزي قريتنا .. صافرات إنذار .. عساكر .. ضباط .. مدرعات ومدافع .. منظر مهول جعل الناس تهلع وتضرب أخماساً في أسداساً عن الإرهابيين الموجودين في قريتنا وتبحث عنهم الحكومة .

كان في قريتنا ( عبيط ) إسمه ( مجروح ) لكن كان على ما يبدو ( عبطه ) يحمل روح فنان .. فهو لا يبرح ( قهوة ) عم ( بلال ) كل ليلة سبت بسبب وجود المنشد ( سيد عواجة ) .. كان يردد ورائه بعض المقاطع التي تعجبه بلسان ثقيل مع كثير من اللعاب السائل على صدره وهو يصفق بإعجاب شديد .. وحين ينهره ( السميعة ) يرفع لهم يديه معتذراً ( ببلاهة ) وهو يردد: أنا الضايع ( وإبن الكلب ) والغلطان .. بنص لسان .. ياخلق ياهوو .. أنا الأهبل .. أنا المجنون .. أنا الغلبان .. هكذا حتى يسحبه ويلقيه صبي القهوة ( شيبوب الأعرج ) خارج الدكان.
كان معنى أن يسحبه ( شيبوب الأعرج ) خارج المقهى كأنما سحب روحه من جسده .. فالمنشد ( سيد عواجه ) بالداخل .. روح ( مجروح العبيط ) بالداخل .. حياة ( مجروح العبيط ) بالداخل .. حلمه .. وجوده .. لا حل إذن سوى وساطة دكتور ( رجب ) .. هو الوحيد الذي يستطيع إدخاله المقهى مرة أخرى .. دكتور ( رجب ) هو الوحيد في ( البلد ) الذي يشفق عليه .. هو الوحيد الذي يرسل له الطعام ويفتح له حساب مستمر في ( القهوة ) ليشرب الشاي مجاناً .. دكتور ( رجب ) هو الوحيد الذي يعيده للمقهى كلما طرده ( السميعة ) كي يستمع للمنشد ( سيد عواجه ) في كل ليلة سبت.
لم يكن أهل قريتنا يعرفون ( لمجروح العبيط ) أماً أو أباً .. لكن بعض الأساطير كانت تشيع أن له ( خال ) يعيش في ( بحري ) .. لكن ( بحري ) أين ؟ .. الله أعلم!! .. بعضهم يقول في ( دمنهور ) والبعض الآخر يقول في ( طنطا ) وآخرين يجمعوا على أن خال ( مجروح العبيط ) لا يفارق مقام سيدي ( الدسوقي ) .. يختبئ في زاوية من زواياه لكونه هربان من جناية ( قتل ) .. يقولون أنه قتل أخته أم مجروح لأنها إمرأة ( زانية ) وكانت نتيجة ( زناها ) أن أنجبت ( مجروح ) الذي ألقى به خاله في قطار الأسكندرية فألتقطته ( أم بدوي ) بائعة البيض وظلت تربيه هنا في قريتنا وأحياناً ( تشحت ) عليه في أزقة الأسكندرية حتى ماتت وهو في سن الرابعة وحينها أشفق عليه الحاج ( منصور ) أبو دكتور رجب وعهد بتربيته لأحد رجاله ممن يعملون في ( وابور الطحين ) الخاص به .. ولما جاوز الثامنة أكتشفوا أنه ( عبيط ) وخاف العامل منه على بناته الصغار .. أشفق عليه الحاج ( منصور ) أبو دكتور رجب من أن يلقي به في الشارع وجعله يقوم بحمل أجولة الدقيق نهاراً في ( وابور الطحين ) وينام فيه ليلاً .. ولما كان ( وابور الطحين ) بجوار قهوة ( عم بلال ) فقد عشق ( مجروح العبيط ) الفن من خلال مديح الشيخ ( سيد عواجة ) كل ليلة سبت.
لأول مرة تنزل عربات البوليس والأمن المركزي قريتنا .. صافرات إنذار .. عساكر .. ضباط .. مدرعات ومدافع .. منظر مهول جعل الناس تهلع وتضرب أخماساً في أسداساً عن الإرهابيين الموجودين في قريتنا وتبحث عنهم الحكومة .. بعضهم قال أنهم يبحثون عن حسونة ( الفقي ) .. بلطجي و( وش ) إجرام .. منذ أسبوع كان يسير مع ثلاثة رجال ليسوا من قريتنا .. يقال أن أحدهم شارك في أغتيال وزير الداخلية .. أما البعض الآخر فكان يؤكد على أن المقصود ( الواد رفعت ) إبن حسنين البقال .. إنه وأبوه يتاجران في ( العمله ) .. أقسم ( جلال ) الحلاق أنهم يتاجرون في العملة لصالح الإرهابيين .. لقد بنوا عمارة وأشتروا عشرة فدادين من مال ( السحت ) واليعاذ بالله .. خرج ضابط الشرطة من دوار العمدة بينما العمدة ورائه يأمر شيخ الغفر بالبحث عن ( مجروح العبيط ) فوراً وحالاً وهو يضرب كفاً بكف ويردد كالمذهول: ( مجروح العبيط .. الواد العبيط داهو .. سبحان الله .. طب عليا الطلاق سبحان الله.
حين سمع وشاهد ( جلال ) الحلاق العمدة على هذه الحاله أقسم أن ( مجروح العبيط ) هو الإرهابي الذي جلب العار لقريتنا .. إنه لا عبيط ولا يحزنون .. إنه يعمل لصالح الحاج منصور .. وكنا ( بنقول ) عليه حاج .. من زمان وأنا شاكك فيه وعارف إن المسألة فيها ملعوب.
جاء ( مجروح العبيط ) يغطيه التراب واللعاب السائل من فمه بجلباب ممزق ومسحولاً بيد بعض العساكر الذين ألقوه ( بقرف ) تحت أقدام الضابط والعمدة ومن خلفهم يهرع الحاج منصور وإبنه دكتور رجب لأستبيان الأمر بينما خرجت القرية كلها عن بكرة أبيها تشاهد ماحدث حتى أحاط بهم الذهول.
معقول !! .. ( مجروح العبيط ) يصبح بين ساعة ليل وساعة نهار ( ثروت الباجي شيخ ) إبن الحسب والنسب و( الفلوس ) .. سبحان الله .. طب عليا الطلاق سبحان الله .. كان العمدة يردد هذه العبارة في كل جلسة مع مشايخ القرية وكبرائها وبالطبع سيستولى على الليلة كلها الحاج منصور وأبنه دكتور رجب فهو من رباه .. سبحان الله .. عليا الطلاق سبحان الله.
كانت حادثة سيارة في منتصف الليل بطريق مصر اسكندرية الزراعي منذ ستة عشرة عاماً حيث أنقلبت بأبيه وأمه ومات الكل وبقي هو على قيد الحياة وبعد الفجر بينما تخرج ( أم بدوي ) بائعة البيض من إحدي العزب المتناثرة حول الطريق الزراعي فجراً سمعت أنينا يصدر من سيارة محطمة مات كل من فيها إلا طفلاً صغيراً مغطى بالدم والجروح يصدر أنيناً خفيفاً وأوشك على الهلاك فألتقطته وأنقذته من موت محدق إذ إنفجرت السيارة بعدما أخرجته بدقائق فأضطرت ( خائفة ) من البوليس أن تأخذه معها لتربيته رغم فقرها ولسان حالها يقول: لقمة صغيرة بمقام فدان .. تكفي مادام الأمر لله.
لم يعد مجروح العبيط .. مجروحاً أو عبيطاً .. أصبح الكل يعرفه بأسم ثروت الباجي شيخ .. أصر دكتور رجب بعد أن ورث صاحبنا أموالاً طائلة أن يسافر به إلى ( ألمانيا ) لإجراء عملية جراحية تنقذ هذا الشاب من مآساة ( عبطه ) التي يرى دكتور رجب أنها ما جاءت إلا بفعل حادثة السيارة التي مات فيها أبوه وأمه وربما أصابته بتجمع دموي هنا أو هناك وكان لها تأثير حاد على مراكز الأعصاب في المخ.
عامين عاد بعدها ( مجروح العبيط ) أو ثروت الباجي شيخ من ( ألمانيا ) بعد نجاح أربعة عشرة عملية منهم ثلاثة في النخاع الشوكي.
بنى مستشفى كبير .. مجمع تعليمي .. وتوسع في بناء ( وابور الطحين ) لرد الجميل إلى الحاج منصور الذي رباه حتى أصبح أكبر ( شونة ) لتخزين وطحن القمح في المحافظة ويعمل فيه ثلاثة آلاف عامل .. وحين أصبح في سن الخامسة والعشرين توسط له الحاج منصور والدكتور رجب في الزواج من إبنة الشيخ ( سيد عواجة ) المنشد والذي أنشأ له قناة تليفزيونية خاصة بالإنشاد.
اليوم خرجت أنا والعمدة من مكتب النائب ( مجروح العبيط ) .. معذرة .. أقصد ثروت ( بك ) الباجي شيخ بعدما زرناه ليقص عليه العمدة مسألة الصرف الصحي في البلد بحكم كونه أصبح إبن الدائرة ونائبها في البرلمان .. وبينما نحن نهبط درجات السلم أوقفني العمدة بعدما شد يدي بقوة أوجعتني وقال لي: مجروح العبيط يادكتور رجب؟ .. مجروح العبيط أنا جاي أحكيله على ( حزن ) الصرف الصحي في بلدنا لأنه بقى نايب الدايرة في البرلمان ! .. سبحان الله .. عليا الطلاق ( بحق وحقيق ) سبحان الله !!

مجروح العبيط .. قصة من رابع المستحيلات

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم

لأول مرة تنزل عربات البوليس والأمن المركزي قريتنا .. صافرات إنذار .. عساكر .. ضباط .. مدرعات ومدافع .. منظر مهول جعل الناس تهلع وتضرب أخماساً في أسداساً عن الإرهابيين الموجودين في قريتنا وتبحث عنهم الحكومة .

كان في قريتنا ( عبيط ) إسمه ( مجروح ) لكن كان على ما يبدو ( عبطه ) يحمل روح فنان .. فهو لا يبرح ( قهوة ) عم ( بلال ) كل ليلة سبت بسبب وجود المنشد ( سيد عواجة ) .. كان يردد ورائه بعض المقاطع التي تعجبه بلسان ثقيل مع كثير من اللعاب السائل على صدره وهو يصفق بإعجاب شديد .. وحين ينهره ( السميعة ) يرفع لهم يديه معتذراً ( ببلاهة ) وهو يردد: أنا الضايع ( وإبن الكلب ) والغلطان .. بنص لسان .. ياخلق ياهوو .. أنا الأهبل .. أنا المجنون .. أنا الغلبان .. هكذا حتى يسحبه ويلقيه صبي القهوة ( شيبوب الأعرج ) خارج الدكان.
كان معنى أن يسحبه ( شيبوب الأعرج ) خارج المقهى كأنما سحب روحه من جسده .. فالمنشد ( سيد عواجه ) بالداخل .. روح ( مجروح العبيط ) بالداخل .. حياة ( مجروح العبيط ) بالداخل .. حلمه .. وجوده .. لا حل إذن سوى وساطة دكتور ( رجب ) .. هو الوحيد الذي يستطيع إدخاله المقهى مرة أخرى .. دكتور ( رجب ) هو الوحيد في ( البلد ) الذي يشفق عليه .. هو الوحيد الذي يرسل له الطعام ويفتح له حساب مستمر في ( القهوة ) ليشرب الشاي مجاناً .. دكتور ( رجب ) هو الوحيد الذي يعيده للمقهى كلما طرده ( السميعة ) كي يستمع للمنشد ( سيد عواجه ) في كل ليلة سبت.
لم يكن أهل قريتنا يعرفون ( لمجروح العبيط ) أماً أو أباً .. لكن بعض الأساطير كانت تشيع أن له ( خال ) يعيش في ( بحري ) .. لكن ( بحري ) أين ؟ .. الله أعلم!! .. بعضهم يقول في ( دمنهور ) والبعض الآخر يقول في ( طنطا ) وآخرين يجمعوا على أن خال ( مجروح العبيط ) لا يفارق مقام سيدي ( الدسوقي ) .. يختبئ في زاوية من زواياه لكونه هربان من جناية ( قتل ) .. يقولون أنه قتل أخته أم مجروح لأنها إمرأة ( زانية ) وكانت نتيجة ( زناها ) أن أنجبت ( مجروح ) الذي ألقى به خاله في قطار الأسكندرية فألتقطته ( أم بدوي ) بائعة البيض وظلت تربيه هنا في قريتنا وأحياناً ( تشحت ) عليه في أزقة الأسكندرية حتى ماتت وهو في سن الرابعة وحينها أشفق عليه الحاج ( منصور ) أبو دكتور رجب وعهد بتربيته لأحد رجاله ممن يعملون في ( وابور الطحين ) الخاص به .. ولما جاوز الثامنة أكتشفوا أنه ( عبيط ) وخاف العامل منه على بناته الصغار .. أشفق عليه الحاج ( منصور ) أبو دكتور رجب من أن يلقي به في الشارع وجعله يقوم بحمل أجولة الدقيق نهاراً في ( وابور الطحين ) وينام فيه ليلاً .. ولما كان ( وابور الطحين ) بجوار قهوة ( عم بلال ) فقد عشق ( مجروح العبيط ) الفن من خلال مديح الشيخ ( سيد عواجة ) كل ليلة سبت.
لأول مرة تنزل عربات البوليس والأمن المركزي قريتنا .. صافرات إنذار .. عساكر .. ضباط .. مدرعات ومدافع .. منظر مهول جعل الناس تهلع وتضرب أخماساً في أسداساً عن الإرهابيين الموجودين في قريتنا وتبحث عنهم الحكومة .. بعضهم قال أنهم يبحثون عن حسونة ( الفقي ) .. بلطجي و( وش ) إجرام .. منذ أسبوع كان يسير مع ثلاثة رجال ليسوا من قريتنا .. يقال أن أحدهم شارك في أغتيال وزير الداخلية .. أما البعض الآخر فكان يؤكد على أن المقصود ( الواد رفعت ) إبن حسنين البقال .. إنه وأبوه يتاجران في ( العمله ) .. أقسم ( جلال ) الحلاق أنهم يتاجرون في العملة لصالح الإرهابيين .. لقد بنوا عمارة وأشتروا عشرة فدادين من مال ( السحت ) واليعاذ بالله .. خرج ضابط الشرطة من دوار العمدة بينما العمدة ورائه يأمر شيخ الغفر بالبحث عن ( مجروح العبيط ) فوراً وحالاً وهو يضرب كفاً بكف ويردد كالمذهول: ( مجروح العبيط .. الواد العبيط داهو .. سبحان الله .. طب عليا الطلاق سبحان الله.
حين سمع وشاهد ( جلال ) الحلاق العمدة على هذه الحاله أقسم أن ( مجروح العبيط ) هو الإرهابي الذي جلب العار لقريتنا .. إنه لا عبيط ولا يحزنون .. إنه يعمل لصالح الحاج منصور .. وكنا ( بنقول ) عليه حاج .. من زمان وأنا شاكك فيه وعارف إن المسألة فيها ملعوب.
جاء ( مجروح العبيط ) يغطيه التراب واللعاب السائل من فمه بجلباب ممزق ومسحولاً بيد بعض العساكر الذين ألقوه ( بقرف ) تحت أقدام الضابط والعمدة ومن خلفهم يهرع الحاج منصور وإبنه دكتور رجب لأستبيان الأمر بينما خرجت القرية كلها عن بكرة أبيها تشاهد ماحدث حتى أحاط بهم الذهول.
معقول !! .. ( مجروح العبيط ) يصبح بين ساعة ليل وساعة نهار ( ثروت الباجي شيخ ) إبن الحسب والنسب و( الفلوس ) .. سبحان الله .. طب عليا الطلاق سبحان الله .. كان العمدة يردد هذه العبارة في كل جلسة مع مشايخ القرية وكبرائها وبالطبع سيستولى على الليلة كلها الحاج منصور وأبنه دكتور رجب فهو من رباه .. سبحان الله .. عليا الطلاق سبحان الله.
كانت حادثة سيارة في منتصف الليل بطريق مصر اسكندرية الزراعي منذ ستة عشرة عاماً حيث أنقلبت بأبيه وأمه ومات الكل وبقي هو على قيد الحياة وبعد الفجر بينما تخرج ( أم بدوي ) بائعة البيض من إحدي العزب المتناثرة حول الطريق الزراعي فجراً سمعت أنينا يصدر من سيارة محطمة مات كل من فيها إلا طفلاً صغيراً مغطى بالدم والجروح يصدر أنيناً خفيفاً وأوشك على الهلاك فألتقطته وأنقذته من موت محدق إذ إنفجرت السيارة بعدما أخرجته بدقائق فأضطرت ( خائفة ) من البوليس أن تأخذه معها لتربيته رغم فقرها ولسان حالها يقول: لقمة صغيرة بمقام فدان .. تكفي مادام الأمر لله.
لم يعد مجروح العبيط .. مجروحاً أو عبيطاً .. أصبح الكل يعرفه بأسم ثروت الباجي شيخ .. أصر دكتور رجب بعد أن ورث صاحبنا أموالاً طائلة أن يسافر به إلى ( ألمانيا ) لإجراء عملية جراحية تنقذ هذا الشاب من مآساة ( عبطه ) التي يرى دكتور رجب أنها ما جاءت إلا بفعل حادثة السيارة التي مات فيها أبوه وأمه وربما أصابته بتجمع دموي هنا أو هناك وكان لها تأثير حاد على مراكز الأعصاب في المخ.
عامين عاد بعدها ( مجروح العبيط ) أو ثروت الباجي شيخ من ( ألمانيا ) بعد نجاح أربعة عشرة عملية منهم ثلاثة في النخاع الشوكي.
بنى مستشفى كبير .. مجمع تعليمي .. وتوسع في بناء ( وابور الطحين ) لرد الجميل إلى الحاج منصور الذي رباه حتى أصبح أكبر ( شونة ) لتخزين وطحن القمح في المحافظة ويعمل فيه ثلاثة آلاف عامل .. وحين أصبح في سن الخامسة والعشرين توسط له الحاج منصور والدكتور رجب في الزواج من إبنة الشيخ ( سيد عواجة ) المنشد والذي أنشأ له قناة تليفزيونية خاصة بالإنشاد.
اليوم خرجت أنا والعمدة من مكتب النائب ( مجروح العبيط ) .. معذرة .. أقصد ثروت ( بك ) الباجي شيخ بعدما زرناه ليقص عليه العمدة مسألة الصرف الصحي في البلد بحكم كونه أصبح إبن الدائرة ونائبها في البرلمان .. وبينما نحن نهبط درجات السلم أوقفني العمدة بعدما شد يدي بقوة أوجعتني وقال لي: مجروح العبيط يادكتور رجب؟ .. مجروح العبيط أنا جاي أحكيله على ( حزن ) الصرف الصحي في بلدنا لأنه بقى نايب الدايرة في البرلمان ! .. سبحان الله .. عليا الطلاق ( بحق وحقيق ) سبحان الله !!

الأحد، 15 فبراير 2015

مجرد وجهة نظر

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
لو لم تكن مصر محروسة بالله فعلاً ماأخطأت ميليشيا المرتزقة الأمريكية ووقعت فيما وقعت فيه من أخطاء التي ظهرت عليهم بجلاء منقطع النظير وهم يذبحون 21 مصرياً وكأنهم يقولون نحن مرتزقة أمريكيين .. فلولا هذه الأخطاء التي أظهرها الله جلية وواضحة لصارت مصر في فتنة .. لن نستطيع بالتأكيد محاربة جيش أمريكا ولا جيوش الغرب لكن يكفي أنهم أنفسهم مفضوحون أمام التاريخ ولن ينساها لهم التاريخ .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب جميعاً.
صفقة طائرات ( رافال ) الفرنسية هي اعتراف واضح وعلني وجاد بماحدث في مصر يوم 30 يونيو واعتراف واضح وعلني وجاد بالنظام الحالي في مصر من الغرب وبالذات دول مايسمى بحلف الناتو والإتحاد الأوروبي وفرنسا من أقوى دول الغرب وتكاد تكون زعيمة الإتحاد الأوروبي ... ولذلك وبسبب هذا الإعتراف الواضح الذي ستتغير بسببة سيناريوهات كثيرة في المستقبل القريب سنجد ( تشويش ) هائل من منظمات وربما دول وكتاب وإعلاميين وأحزاب ضد هذه الصفقة في محاولة لتشويهها واثارة امور غامضة حولها والتقليل من شأنها بل وربما اتهامات ضد فرنسا وضد مصر .. لكن للحق هذه الصفقة ضربة ( معلم ) من مصر .. كما قلت سابقاً وأكرر .. العالم تعب .. فجأة سنجد كل ماكنا نعيشه من ارهاب انتهى بمكالمة تليفون ( لدولة كبرى ) .. على أي الحالات ( أعجبتني ) فكرة صفقة الطائرات الفرنسية .. فكرة عبقرية .. لو لم تكن عبقرية لرفضها الحليف الأقوى لمصر وهو ( روسيا ) ولكن روسيا رغم أن طائراتها العسكرية اسرع وبحاجة لبيعها إلا أنها وقفت على الحياد مع مصر في صفقة الطائرات الفرنسية ولم تعترض .. واضح جداً أن العالم يعطي اشارات لنفسه بأنه سيتغير .. شهر مارس القادم ملئ بالمفاجآت أكرر نحن جزء من خطة أكبر من وعينا المعزول داخل أحلامنا الضيقة .. كن ( مع ) أو كن ( ضد ) أنت في النهاية مجرد ( نفر ) تمارس دورك باتقان شديد ( حتى ولو لم تكن تعلم ذلك ) لصالح الغاية الحتمية للخطة الكبرى .. أنا في النهاية مجرد ( نفر ) طموحي محصور في حلم ضيق من لقمة العيش والجنس الآمن .. هذه هي المدرسة الغربية والصينية والأمريكية في قيادة البشر .. لاداعي للتفكير كثيراً الآن .. حتماً تفكيري وتفكيرك لن يذهب لأبعد من حدود الجلد ولن يتخطى حاجز الملابس الداخلية .. على أي الحالات دعونا نحلم جميعاً أننا حتماً وربما مع نهاية العام سنحقق طموحنا المحصور في الحلم الضيق.. لقمة العيش والجنس الآمن!!

الملابس التي كان يرتديها الضحايا المصريين الذين ذبحتهم داعش بوحشية في ليبيا هي ملابس سجناء ( جوانتنامو ) من أين أتى هؤلاء الدواعش بهذه الملابس الأمريكية وهل نحن في بلادنا نحارب جهاز مخابرات دولي يبعث بجنود مرتزقة؟؟ وطننا محتاج وقفة العقلاء فيه كما وقفوا وقفتهم الوحيدة والفريدة في حرب 73 أو فإن زمن الإحتلال ( الفعلي ) قادم.

للمتناحرين والمختلفين سياسياً داخل مصر .. هل اتضحت الرؤية لنا الآن أن مصر بالفعل في حالة حرب أم لم تتضح بعد ؟!! .. هل آن الآوان أن ندرك جميعاً أننا في مركب واحد وكمصريين نحمل في جيناتنا أصالة التاريخ كله يجب علينا انقاذ السفينة المصرية أولاً قبل البحث عن خلافاتنا في الداخل ؟؟ .. إن لم نتحد صفاً واحداً الآن ونضع خلافتنا قليلاً وراء ظهورنا فإن مصر وشعب مصر سندخل نفقاً مظلماً كما دخلناه في 8 أغسطس 1516 لمدة 400 عام من الاحتلال التركي وكما دخلناه في سبتمبر عام 1881 لمدة 80 عام من الاحتلال الانجليزي .. نفس السيناريو نمر به اليوم جماعات متناحرة داخلياً وعدو متربص خارجياً حتى ( بوكو حرام ) دخلت ( تشاد ) وأصبحت على مرمى حجر من جنوب مصر .. وقوفنا صفاً واحداً هو الحل الوحيد .. لاحل سواه.. اللهم احفظ مصر وبلادنا العربية كلها.

لو لم تكن مصر محروسة بالله فعلاً ماأخطأت ميليشيا المرتزقة الأمريكية ووقعت فيما وقعت فيه من أخطاء التي ظهرت عليهم بجلاء منقطع النظير وهم يذبحون 21 مصرياً وكأنهم يقولون نحن مرتزقة أمريكيين .. فلولا هذه الأخطاء التي أظهرها الله جلية وواضحة لصارت مصر في فتنة .. لن نستطيع بالتأكيد محاربة جيش أمريكا ولا جيوش الغرب لكن يكفي أنهم أنفسهم مفضوحون أمام التاريخ ولن ينساها لهم التاريخ .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب جميعاً.

القراءة الصحيحة في تقديري هي أن مجلس الأمن وقع في الفخ المصري فمصر كانت تعلم أن موافقة مجلس الأمن على عمل قوات تحالف لمحاربة الإرهاب في ليبيا هو أمر مستحيل خاصة أن قوات التحالف ( غارقة ) في محاربة التنظيم في العراق وسوريا ( إذا جاز التعبير ) ومن ثم فليس أمام مجلس الأمن إلا أقتراح حكومة وحدة وطنية في ليبيا من 1700 منظمة وميليشيا وتنظيم داخل ليبيا وهو يعلم أن هذه الحكومة لايمكن أن تظهر للنور ومن ثم وبموجب هذا القرار أصبح محاربة الارهاب في ليبيا شأن مصري صرف ولكن ( بمظلة عربية فقط أي بموافقة أكثر من نصف أعضاء جامعة الدول العربية 50 +1 ) وعليه في حال اعتداء اي تنظيم داخل ليبيا على الأراضي المصرية وفشل مجلس الأمن في تكوين حكومة وحدة وطنية فإن التدخل المصري للدفاع عن نفسها يصبح بشكل اوتوماتيكي حقاً مشروعاً لايمكن ادانته في مجلس الأمن .. أعتقد أن مصر كانت تريد هذا السيناريو بالتحديد ولذلك في تقديري أن مجلس الأمن ابتلع الفخ المصري وأصبح ( مشروعاً ) أن تتخذ مصر قرارها منفردة بعيداً عن موافقة مجلس الأمن والأمم المتحدة وبعيداً عن الإدانة الدولية تحت عنوان الحق الشرعي للدول في الدفاع عن نفسها.

أمريكا ( زعلانة ) من مصر لعدم اعلامها بضرب مواقع داعش في ليبيا .. في تقديري لو تم التنسيق بين مصر وأميركا لعلمت داعش بالضربة وأخذت احتياطها ولقامت مصر بعد ذلك بضرب طواحين الهواء .. ضربة المعلم هي أن الضربة الجوية المصرية كانت بقرار مصري فقط وبسرعة جعلت حلفاء ( داعش ) داخلياً وخارجياً في حالة فوضى .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب.

يبدو أن العملية البرية أو بالأصح عملية الإنزال البري في درنة التي قام بها الجيش المصري في ليبيا يوم الأربعاء 19 فبراير والتي لم يعلن عن تفاصيلها الكاملة حتى الآن كان من ضمن الأسرى فيها ( مواطن قطري ) ويبدو أنه شخصية عسكرية أو شخصية هامة وفي تقديري أن هذه الشخصية القطرية المأسورة تسبب أزمة كبيرة جداً عند قطر وربما هو الأمر الذي دفعها لتغيير نبرة قناة الجزيرة منذ أمس .. يبدو أن الشخصية القطرية المأسورة ( إذا صح الخبر ) هو مفتاح مسائل كثيرة كانت غامضة ونافذة لفضائح كثيرة سيعلن عنها قريباً .. فالملاحظ على سبيل المثال لا الحصر هو: فجأه استدعاء قطر لسفيرها في مصر يوم الخميس 20 فبراير .. فجأة ارسلت أميركا ثلاثة آلاف جندي مارينز في العراق لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير !! وفجأه تحركت قوات مصراته ( فجر ليبيا ) المدعومة من الأخوان المسلمين الموالين لأميركا بالتحرك نحو سرت لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير!! وفجأه انسحب الأكراد تاركين الساحة الحربية للمارينز الأمريكان لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير!! .. فجأة تم أعادة فتح مكتب حركة طالبان أفغانستان في قطر والتسيق الفوري لعقد اجتماع بينهم وبين أميركا برعاية قطرية يوم الخميس 20 فبراير .. فجأة تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وقعتا في أنقرة اتفاقا بشأن برنامج "تدريب وتسليح " قوات المعارضة السورية المعتدلة لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير !! .. وفجأة خرج أوباما على غير العادة ( وكأن على رأسه بطحة ) ليلقي بخطاب لمدة ساعة ونصف من البيت الأبيض يعلن فيه أن لاعلاقة له بداعش ولا يحارب الأسلام أيضاً يوم الخميس 20 فبراير ..كل شئ يوم الخميس 20 فبراير بعد العملية البرية للجيش المصري وأسر مجموعة من تنظيم داعش بأقل من 36 ساعة !! .. لو صح الخبر فإن فضيحة كبيرة جداً ستطال أميركا وحلفاء اميركا وتركيا في المنطقة .. ستسفر الأيام المقبلة عن كل غموض نراه ونشاهده اليوم أو كما يقول المثل المصري ( ياخبر بفلوس ).

قضى مقاتل ( من حركة حماس ) يدعى محمد طلال أبو مطر نحبه اليوم متأثراً بجراحه أثناء عبوره أحد الأنفاق من غزة إلى داخل الأراضي المصرية في عملية قالت عنها حماس وكتائب القسام انها عملية « إعداد وتجهيز» وقد نعت كتائب القسام على موقعها الإلكتروني مقاتلها الذي قضى داخل النفق كما نشرت صورته، وخرجوا بجثمانه من مسجد «الهدى» في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، وقد تسببت هذه الحادثة في ترديد اسئلة كثيرة داخل الشارع المصري حول طبيعة المقاتل الحمساوي وطبيعة العملية التي كان يعبر الأنفاق فيها داخلاً إلى مصر بشكل غير شرعي وهل هي عملية انتحارية؟ وقد كشفت تلك الحادثة عن ثبوت انتقال المقاتلين من حركة حماس لداخل الأراضي المصر ية بالفعل بطرق غير شرعية للقيام بعمليات عسكرية وهو ماكانت تنفيه حماس دوماً وتدعي انكاره بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

31% من عدد المرشحين لمجلس الشعب تحت سن 40 سنة .. أي أن 31% من المرشحين هم من شباب مصر .. إذن كل مانسمعة عن عزوف الشباب في العملية السياسية هو ( عبث ) .. نتمنى أن تحتل المرأة المصرية قريباً نفس النسبة فنحن أحوج مانكون لمشاركة المرأة المصرية سياسياً خاصة بعد ماأظهرته من قوة وقيمة واصرار في الأربعة سنوات الماضية.

نبيل العربي .. حان وقت خروجك فوراً من رئاسة جامعة الدول العربية .. حتى مواقفك التي من المفروض أن تكون لصالح العرب هي للأسف في صالح أعداء العرب ولانعرف هل هذا عن قصد أو عن ( غيبوبة ) .. لقد تحولت من شخصية سياسية محترمة إلى شخصية غامضة ملتوية تلعب لصالح أعداء الأمة .. واللهي عيب.

مايحدث في اليمن من الحوثيين بدعم أيراني علني ( في تقديري ) ليس الهدف منه سيطرة ايران على ( باب المندب ) ولكن الهدف هو تهديد المملكة العربية السعودية بتصدير الفوضى إلى الأراضي السعودية في مقابل أن ترفع السعودية يدها تماماً عن دعم الأسرة الحاكمة في البحرين .. وأتصور أن السعودية الآن في أزمة كبرى .. أزمة تخليها عن البحرين أو أزمة تصدير الفوضى لأراضيها وبالنسبة لإنفصال اليمن الشمالي عن الجنوبي فأعتقد أن أمريكا تحديداً ستقاتل من اجل منع الإنفصال بسبب أن النخبة في اليمن الجنوبي يسارية الهوى وتميل للتعاون مع روسيا وهو الأمر الذي يعطي الفرصة لروسيا أن تتواجد في باب المندب وهو ملا تريده أميركا حتى لو قامت حرب عالمية ثالثة بسبب عدم حدوث سيناريو الإنفصال هذا .. القراءات السياسية تؤكد أن غداً ملئ بالمفاجآت .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب.

مجرد وجهة نظر

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
لو لم تكن مصر محروسة بالله فعلاً ماأخطأت ميليشيا المرتزقة الأمريكية ووقعت فيما وقعت فيه من أخطاء التي ظهرت عليهم بجلاء منقطع النظير وهم يذبحون 21 مصرياً وكأنهم يقولون نحن مرتزقة أمريكيين .. فلولا هذه الأخطاء التي أظهرها الله جلية وواضحة لصارت مصر في فتنة .. لن نستطيع بالتأكيد محاربة جيش أمريكا ولا جيوش الغرب لكن يكفي أنهم أنفسهم مفضوحون أمام التاريخ ولن ينساها لهم التاريخ .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب جميعاً.
صفقة طائرات ( رافال ) الفرنسية هي اعتراف واضح وعلني وجاد بماحدث في مصر يوم 30 يونيو واعتراف واضح وعلني وجاد بالنظام الحالي في مصر من الغرب وبالذات دول مايسمى بحلف الناتو والإتحاد الأوروبي وفرنسا من أقوى دول الغرب وتكاد تكون زعيمة الإتحاد الأوروبي ... ولذلك وبسبب هذا الإعتراف الواضح الذي ستتغير بسببة سيناريوهات كثيرة في المستقبل القريب سنجد ( تشويش ) هائل من منظمات وربما دول وكتاب وإعلاميين وأحزاب ضد هذه الصفقة في محاولة لتشويهها واثارة امور غامضة حولها والتقليل من شأنها بل وربما اتهامات ضد فرنسا وضد مصر .. لكن للحق هذه الصفقة ضربة ( معلم ) من مصر .. كما قلت سابقاً وأكرر .. العالم تعب .. فجأة سنجد كل ماكنا نعيشه من ارهاب انتهى بمكالمة تليفون ( لدولة كبرى ) .. على أي الحالات ( أعجبتني ) فكرة صفقة الطائرات الفرنسية .. فكرة عبقرية .. لو لم تكن عبقرية لرفضها الحليف الأقوى لمصر وهو ( روسيا ) ولكن روسيا رغم أن طائراتها العسكرية اسرع وبحاجة لبيعها إلا أنها وقفت على الحياد مع مصر في صفقة الطائرات الفرنسية ولم تعترض .. واضح جداً أن العالم يعطي اشارات لنفسه بأنه سيتغير .. شهر مارس القادم ملئ بالمفاجآت أكرر نحن جزء من خطة أكبر من وعينا المعزول داخل أحلامنا الضيقة .. كن ( مع ) أو كن ( ضد ) أنت في النهاية مجرد ( نفر ) تمارس دورك باتقان شديد ( حتى ولو لم تكن تعلم ذلك ) لصالح الغاية الحتمية للخطة الكبرى .. أنا في النهاية مجرد ( نفر ) طموحي محصور في حلم ضيق من لقمة العيش والجنس الآمن .. هذه هي المدرسة الغربية والصينية والأمريكية في قيادة البشر .. لاداعي للتفكير كثيراً الآن .. حتماً تفكيري وتفكيرك لن يذهب لأبعد من حدود الجلد ولن يتخطى حاجز الملابس الداخلية .. على أي الحالات دعونا نحلم جميعاً أننا حتماً وربما مع نهاية العام سنحقق طموحنا المحصور في الحلم الضيق.. لقمة العيش والجنس الآمن!!

الملابس التي كان يرتديها الضحايا المصريين الذين ذبحتهم داعش بوحشية في ليبيا هي ملابس سجناء ( جوانتنامو ) من أين أتى هؤلاء الدواعش بهذه الملابس الأمريكية وهل نحن في بلادنا نحارب جهاز مخابرات دولي يبعث بجنود مرتزقة؟؟ وطننا محتاج وقفة العقلاء فيه كما وقفوا وقفتهم الوحيدة والفريدة في حرب 73 أو فإن زمن الإحتلال ( الفعلي ) قادم.

للمتناحرين والمختلفين سياسياً داخل مصر .. هل اتضحت الرؤية لنا الآن أن مصر بالفعل في حالة حرب أم لم تتضح بعد ؟!! .. هل آن الآوان أن ندرك جميعاً أننا في مركب واحد وكمصريين نحمل في جيناتنا أصالة التاريخ كله يجب علينا انقاذ السفينة المصرية أولاً قبل البحث عن خلافاتنا في الداخل ؟؟ .. إن لم نتحد صفاً واحداً الآن ونضع خلافتنا قليلاً وراء ظهورنا فإن مصر وشعب مصر سندخل نفقاً مظلماً كما دخلناه في 8 أغسطس 1516 لمدة 400 عام من الاحتلال التركي وكما دخلناه في سبتمبر عام 1881 لمدة 80 عام من الاحتلال الانجليزي .. نفس السيناريو نمر به اليوم جماعات متناحرة داخلياً وعدو متربص خارجياً حتى ( بوكو حرام ) دخلت ( تشاد ) وأصبحت على مرمى حجر من جنوب مصر .. وقوفنا صفاً واحداً هو الحل الوحيد .. لاحل سواه.. اللهم احفظ مصر وبلادنا العربية كلها.

لو لم تكن مصر محروسة بالله فعلاً ماأخطأت ميليشيا المرتزقة الأمريكية ووقعت فيما وقعت فيه من أخطاء التي ظهرت عليهم بجلاء منقطع النظير وهم يذبحون 21 مصرياً وكأنهم يقولون نحن مرتزقة أمريكيين .. فلولا هذه الأخطاء التي أظهرها الله جلية وواضحة لصارت مصر في فتنة .. لن نستطيع بالتأكيد محاربة جيش أمريكا ولا جيوش الغرب لكن يكفي أنهم أنفسهم مفضوحون أمام التاريخ ولن ينساها لهم التاريخ .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب جميعاً.

القراءة الصحيحة في تقديري هي أن مجلس الأمن وقع في الفخ المصري فمصر كانت تعلم أن موافقة مجلس الأمن على عمل قوات تحالف لمحاربة الإرهاب في ليبيا هو أمر مستحيل خاصة أن قوات التحالف ( غارقة ) في محاربة التنظيم في العراق وسوريا ( إذا جاز التعبير ) ومن ثم فليس أمام مجلس الأمن إلا أقتراح حكومة وحدة وطنية في ليبيا من 1700 منظمة وميليشيا وتنظيم داخل ليبيا وهو يعلم أن هذه الحكومة لايمكن أن تظهر للنور ومن ثم وبموجب هذا القرار أصبح محاربة الارهاب في ليبيا شأن مصري صرف ولكن ( بمظلة عربية فقط أي بموافقة أكثر من نصف أعضاء جامعة الدول العربية 50 +1 ) وعليه في حال اعتداء اي تنظيم داخل ليبيا على الأراضي المصرية وفشل مجلس الأمن في تكوين حكومة وحدة وطنية فإن التدخل المصري للدفاع عن نفسها يصبح بشكل اوتوماتيكي حقاً مشروعاً لايمكن ادانته في مجلس الأمن .. أعتقد أن مصر كانت تريد هذا السيناريو بالتحديد ولذلك في تقديري أن مجلس الأمن ابتلع الفخ المصري وأصبح ( مشروعاً ) أن تتخذ مصر قرارها منفردة بعيداً عن موافقة مجلس الأمن والأمم المتحدة وبعيداً عن الإدانة الدولية تحت عنوان الحق الشرعي للدول في الدفاع عن نفسها.

أمريكا ( زعلانة ) من مصر لعدم اعلامها بضرب مواقع داعش في ليبيا .. في تقديري لو تم التنسيق بين مصر وأميركا لعلمت داعش بالضربة وأخذت احتياطها ولقامت مصر بعد ذلك بضرب طواحين الهواء .. ضربة المعلم هي أن الضربة الجوية المصرية كانت بقرار مصري فقط وبسرعة جعلت حلفاء ( داعش ) داخلياً وخارجياً في حالة فوضى .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب.

يبدو أن العملية البرية أو بالأصح عملية الإنزال البري في درنة التي قام بها الجيش المصري في ليبيا يوم الأربعاء 19 فبراير والتي لم يعلن عن تفاصيلها الكاملة حتى الآن كان من ضمن الأسرى فيها ( مواطن قطري ) ويبدو أنه شخصية عسكرية أو شخصية هامة وفي تقديري أن هذه الشخصية القطرية المأسورة تسبب أزمة كبيرة جداً عند قطر وربما هو الأمر الذي دفعها لتغيير نبرة قناة الجزيرة منذ أمس .. يبدو أن الشخصية القطرية المأسورة ( إذا صح الخبر ) هو مفتاح مسائل كثيرة كانت غامضة ونافذة لفضائح كثيرة سيعلن عنها قريباً .. فالملاحظ على سبيل المثال لا الحصر هو: فجأه استدعاء قطر لسفيرها في مصر يوم الخميس 20 فبراير .. فجأة ارسلت أميركا ثلاثة آلاف جندي مارينز في العراق لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير !! وفجأه تحركت قوات مصراته ( فجر ليبيا ) المدعومة من الأخوان المسلمين الموالين لأميركا بالتحرك نحو سرت لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير!! وفجأه انسحب الأكراد تاركين الساحة الحربية للمارينز الأمريكان لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير!! .. فجأة تم أعادة فتح مكتب حركة طالبان أفغانستان في قطر والتسيق الفوري لعقد اجتماع بينهم وبين أميركا برعاية قطرية يوم الخميس 20 فبراير .. فجأة تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وقعتا في أنقرة اتفاقا بشأن برنامج "تدريب وتسليح " قوات المعارضة السورية المعتدلة لمحاربة داعش يوم الخميس 20 فبراير !! .. وفجأة خرج أوباما على غير العادة ( وكأن على رأسه بطحة ) ليلقي بخطاب لمدة ساعة ونصف من البيت الأبيض يعلن فيه أن لاعلاقة له بداعش ولا يحارب الأسلام أيضاً يوم الخميس 20 فبراير ..كل شئ يوم الخميس 20 فبراير بعد العملية البرية للجيش المصري وأسر مجموعة من تنظيم داعش بأقل من 36 ساعة !! .. لو صح الخبر فإن فضيحة كبيرة جداً ستطال أميركا وحلفاء اميركا وتركيا في المنطقة .. ستسفر الأيام المقبلة عن كل غموض نراه ونشاهده اليوم أو كما يقول المثل المصري ( ياخبر بفلوس ).

قضى مقاتل ( من حركة حماس ) يدعى محمد طلال أبو مطر نحبه اليوم متأثراً بجراحه أثناء عبوره أحد الأنفاق من غزة إلى داخل الأراضي المصرية في عملية قالت عنها حماس وكتائب القسام انها عملية « إعداد وتجهيز» وقد نعت كتائب القسام على موقعها الإلكتروني مقاتلها الذي قضى داخل النفق كما نشرت صورته، وخرجوا بجثمانه من مسجد «الهدى» في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، وقد تسببت هذه الحادثة في ترديد اسئلة كثيرة داخل الشارع المصري حول طبيعة المقاتل الحمساوي وطبيعة العملية التي كان يعبر الأنفاق فيها داخلاً إلى مصر بشكل غير شرعي وهل هي عملية انتحارية؟ وقد كشفت تلك الحادثة عن ثبوت انتقال المقاتلين من حركة حماس لداخل الأراضي المصر ية بالفعل بطرق غير شرعية للقيام بعمليات عسكرية وهو ماكانت تنفيه حماس دوماً وتدعي انكاره بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

31% من عدد المرشحين لمجلس الشعب تحت سن 40 سنة .. أي أن 31% من المرشحين هم من شباب مصر .. إذن كل مانسمعة عن عزوف الشباب في العملية السياسية هو ( عبث ) .. نتمنى أن تحتل المرأة المصرية قريباً نفس النسبة فنحن أحوج مانكون لمشاركة المرأة المصرية سياسياً خاصة بعد ماأظهرته من قوة وقيمة واصرار في الأربعة سنوات الماضية.

نبيل العربي .. حان وقت خروجك فوراً من رئاسة جامعة الدول العربية .. حتى مواقفك التي من المفروض أن تكون لصالح العرب هي للأسف في صالح أعداء العرب ولانعرف هل هذا عن قصد أو عن ( غيبوبة ) .. لقد تحولت من شخصية سياسية محترمة إلى شخصية غامضة ملتوية تلعب لصالح أعداء الأمة .. واللهي عيب.

مايحدث في اليمن من الحوثيين بدعم أيراني علني ( في تقديري ) ليس الهدف منه سيطرة ايران على ( باب المندب ) ولكن الهدف هو تهديد المملكة العربية السعودية بتصدير الفوضى إلى الأراضي السعودية في مقابل أن ترفع السعودية يدها تماماً عن دعم الأسرة الحاكمة في البحرين .. وأتصور أن السعودية الآن في أزمة كبرى .. أزمة تخليها عن البحرين أو أزمة تصدير الفوضى لأراضيها وبالنسبة لإنفصال اليمن الشمالي عن الجنوبي فأعتقد أن أمريكا تحديداً ستقاتل من اجل منع الإنفصال بسبب أن النخبة في اليمن الجنوبي يسارية الهوى وتميل للتعاون مع روسيا وهو الأمر الذي يعطي الفرصة لروسيا أن تتواجد في باب المندب وهو ملا تريده أميركا حتى لو قامت حرب عالمية ثالثة بسبب عدم حدوث سيناريو الإنفصال هذا .. القراءات السياسية تؤكد أن غداً ملئ بالمفاجآت .. اللهم احفظ مصر وبلاد العرب.

الأحد، 11 يناير 2015

خونانوب المصري



mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
الفلاح الفصيح في مصر القديمة .. بقراءة التاريخ بتأني وجدنا أنه كان مدعوماً من الفرعون .. بمعنى أنه كان معارضة مرضي عنها وعن سلوكها من النظام .. فحين قرر حاكم الفيوم بالقبض عليه وسجنه أراد الفرعون أن يظهر للمصرين عدل حكمه فأمر حاكم الفيوم أن يعفو عنه ويتركه يتحدث بحرية!! .. إنها لعبة السياسة في امتصاص غضب الشعب بأن يترك حاكم الأمة أحد رعاياه البسطاء يتزعم حركة المعارضة المدعومة من النظام .. لا تكن مصدوماً .. هذا هو التاريخ في الماضي والحاضر والمستقبل .. بل ويجب عليك ملاحظة أن كل شواهد التاريخ لا تظهر إلا أعمال الملوك ومشاريعهم القومية العظمى كالمعابد والاهرامات والتماثيل الشاهقة أما الشعب ( الغلبان ) فلا تجد له أثراً على الإطلاق لا في تاريخ ولا في جغرافيا وحتى قراهم وطرق معيشتهم لانعرف عنها شيئاً .. لا يكتب التاريخ ويدونه ايها العالم إلا أقلام السلاطين والحكام ومعهم المستبدين بالحكم.

خونانوب المصري



mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
الفلاح الفصيح في مصر القديمة .. بقراءة التاريخ بتأني وجدنا أنه كان مدعوماً من الفرعون .. بمعنى أنه كان معارضة مرضي عنها وعن سلوكها من النظام .. فحين قرر حاكم الفيوم بالقبض عليه وسجنه أراد الفرعون أن يظهر للمصرين عدل حكمه فأمر حاكم الفيوم أن يعفو عنه ويتركه يتحدث بحرية!! .. إنها لعبة السياسة في امتصاص غضب الشعب بأن يترك حاكم الأمة أحد رعاياه البسطاء يتزعم حركة المعارضة المدعومة من النظام .. لا تكن مصدوماً .. هذا هو التاريخ في الماضي والحاضر والمستقبل .. بل ويجب عليك ملاحظة أن كل شواهد التاريخ لا تظهر إلا أعمال الملوك ومشاريعهم القومية العظمى كالمعابد والاهرامات والتماثيل الشاهقة أما الشعب ( الغلبان ) فلا تجد له أثراً على الإطلاق لا في تاريخ ولا في جغرافيا وحتى قراهم وطرق معيشتهم لانعرف عنها شيئاً .. لا يكتب التاريخ ويدونه ايها العالم إلا أقلام السلاطين والحكام ومعهم المستبدين بالحكم.