الاثنين، 30 يونيو 2003

صعلوك في حواري الملوك

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم

كلامك مرتب قوي يااستاذ .. لكن ماتآخذنيش يعني .. انا مش فاهم منه ولاكلمة .. انا احب البلدى يااستاذ والكلام البلدي اللي كله جدعنة ومفهومية .. انما الكلام اللي عامل زي سمك البربوني ده .. لامؤاخذة مخي مايهضموش .. ماافهموش ..
 احيانا كثيرة تنتابني حالة من الملل، فالاحداث لاتتغير، والوجوه كما هي، وعقارب الساعة دائمة العناد حتى انها تسير ببطئ معلنة عن رفضها المطلق لرغبتي فى ان يمر الزمن سريعا حتى يقطع ساعات الملل التي احياها مابين غربة الذات والاهل والوطن رغم اني احيا بين ذاتي واهلى وفي وطني.
احمل نفسي وقدماي وافكاري المتعبة في محاولة للثورة على مابداخلى من ملل، اكسر الحاجز واتجول باختياري في قاع المدينة حيث الاحداث تتلاحق والوجوه في تغير مستمر وبساطة الناس تتراجع معها وتنهزم كل معادلات الملل ونظرياته.
• ** شوف ياباشا .. ربنا عرفوه بالعقل مش كدة .. والواد الحمصاني انا عامله من غير مؤاخذة الكابتن بتاع القهاوي اللي ملكي كلها .. يعني يقعد يلف طول النهار على قهوة سوق السلاح وبعدين يطلع على قهوة شيخون ومن شيخون يطلع على قهوة القلعة.. لازم يطمن على التموين وان كل حاجة ماشية ألسطة وتمام التمام .. وعلى مايكمل اللف يكون الوقت أزف وبنشطب .. وآهو عالحال ده كل يوم.. يبقى ازاي بقى ياباشا لما تحصل خناقة بين اتنين افندية في قهوة شيخون يتقبض عليه ويكتبوا في الجرانين انه عاطل؟ .. انت عارف ياباشا يومية العاطل دي كام؟ .. يوميته 100 جنية مصري صحيحة .. عليا الطلاق بياخدها منى صحيحة ورقة واحدة .. يبقى عاطل ازاى بقى ياباشا .. طب عليا الطلاق كمان مرة شافعي ومالكي وابو حنيفة ان الظابط اللي قبض عليه ظلم في القهوة يوميته ماتحصل 7 جنيه وتلاته صاغ من الحكومة والاسم ظابط وله حيثية لامؤاخذة .. يعني مرتب الحمصاني في الشهر قد مرتب الظابط اللي قبض عليه 30 مرة .. تقول ايه بقى .. حقد ياباشا بعيد عنك ..( وماتكنعنيش ) بغير كدة .. آه .. لان ولامؤاخذة احنا مشكلتنا في البلد دي عدم الاحترام .. ساعة ماتعلق دبورة على كتفك .. خلاص .. بقى كل الخلق حواليك زي العبيد .. واللي مايقبلش يكون عبد ويضربللك سلام في الرايحة والجاية تسجنه .. ومش بعيد تشرده وتشرد عياله .. الدبورة كأنها بتحولك لرب استغفر الله العظيم .. وياريت رب عادل كنا نبلعها .. انما رب جبار ظالم .
هذا هو الفرق بين النصر والهزيمة .. بين تقدم الأمة وتخاذلها .. انه الاحترام ولغة الحوار بين افراد الوطن الواحد والامة الواحدة .. ان انهيار الحضارات يبدأ بفقدان لغة الحوار وأدب الحوار وفتح نوافذ الفضيلة للتواصل الانساني بعيدا عن سلوكيات العبد والسيد التي تلاشت ملامحها في كل العالم الا عالمنا المحاصر بمثلث الرعب واضلاعه الثلاثة، الجهل والغضب والفقر، وهو مثلث يكفي ضلع واحد من اضلاعة الثلاثة فقط لتلاشي اي امة من الوجود.
شتان بين ان تحمل شعار القيمة وانت تجهله .. بين ان تشهد الله على مافي قلبك وانت الد الخصام .. انه التحايل على الله والحضارة والعالم الذي سيجر الجميع حتماً للهزيمة ومن ثم التلاشي ليصبح الجميع انا وانت والكل أثراً بعد عين.
• ** كلامك مرتب قوي يااستاذ .. لكن ماتآخذنيش يعني .. انا مش فاهم منه ولاكلمة .. انا احب البلدى يااستاذ والكلام البلدي اللي كله جدعنة ومفهومية .. انما الكلام اللي عامل زي سمك البربوني ده .. لامؤاخذة مخي مايهضموش .. ماافهموش .. انا صحيح مراكبي أرزوقي على باب الله، ومااعرفش من بلاد ربنا الواسعة غير بندر ابو قير وبحر ابو قير وسوق السمك بتاع ابو قير .. لكن وجلال الله ماأشوف اسرائيلي لأكون دابحه.. امال .. وان كان زي مابتقول مضحوك عليه ومايعرفش انه عايش في بلد واخدها غصب وغدر .. احنا مسلمين برضه .. وهنعاملوه بما يرضي الله .. ونفهموه ونعلموه تمام التمام لحد مايبقى " بريفكس " وبعد كدة وجلال الله برضه لندبحوه .. يااستاذ سيرتهم بتعكر دمي .. دول نجاسة ولاد خنازير وحلال فيهم الدبح .. طب اغضب ربنا وماادبحوش .. ده انا اخللي نهارة ازرق كمان .. دي بلادنا ياخلق .. ديننا ياهوو .. ده حتى يبقى حرام واخش جهنم حدف.
لن تجد اعظم من هذا الشعب في العالم كله، ولايعرف هذه الحقيقة سوى الذين اختلطوا بغالب اهل الارض وسافروا معظم اصقاع الدنيا، إن فطرة هذا الشعب رغم كل مايعانية، لم تطمس ملمحاً واحداً من ملامح اصالته وفروسيته، حقاً ان المانع الوحيد بين هذا الشعب وبين ان يحكم العالم من جديد كما كان يحكمه من قبل، هو ان تعود له من جديد ثقته في نفسه التي اختلستها النظم المتغيرة واختلاف المناهج السياسية عما يؤمن ويعتقد وتأتلف معها فطرته، ان فقر الشعوب ليس دافعاً لتخلفها انها مقولة باطلة، ولكن فقر الحكمة والميراث الحضاري هما اصل السقوط وهذا الشعب بما يحمله من حكمة وتراث حضاري بحق غير قابل للسقوط ولن يعرف السقوط، ان عودة الثقة في ضمير الامة ووجدانها هو المعول الرئيس والذي بدونه ماتحطمت صخرة فقر او جدران جهل او انظمة تخلف.
كانت قدماي تؤلماني من كثرة التجوال، لامفر من ان استقل سيارة اجرة لمكان هادئ انجو فيه برأسي من زخم الحكايات وزحام الاحداث التي مرت به.
• ** يعني ايه ياسعادة البيه آخدك على مكان حلو؟ .. هو فيه في بلدنا مكان حلو ومكان لامؤاخذة وحش .. بلدنا كلها زي العروسة وربنا .. بس محدش مقدر .. وناسها كلهم زي الفل ورسول الله ومايتخيروش عن سعادتك.
• ** ماشي يااسطى .. مادام انت شايف كدة .. خدني على قصر بشتاك اغا في سيدنا الحسين وامري لله.
محيي ابراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق