الأحد، 10 مايو 2009

حوار مع اللواء زهيري قائد مقر الرئيس السادات - الحلقة الاولى

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

كان هناك ناس معينة تدخل للسادات بدون مواعيد مثل " عثمان احمد عثمان " والكاتب الصحفي " انيس منصور" ورئيس مجلس الشعب " سيد مرعى " لكن غالب الزيارات كانت بمواعيد مسبقة وكان المسئول عنها وعن اعطائي جدول بها سكرتيره الخاص " فوزى عبد الحافظ ".
اللواء عاطف زهيري
لكل زعيم أمة جانباً انسانياً لايراه فيه إلا المقربين منه أو الذين حاوطوه وشاركوه جزءاً ولو بسيطاً من حياته ، ولما كان الرئيس الرئيس الراحل محمد انور السادات من ضمن هؤلاء الرؤساء الذين حكموا مصر في فترات ساخنة وحرجة فقد راودتنا فكرة أن نحاول الكشف عن بعض الجوانب الإنسانية في حياة هذا الرجل والتي غفل عنها التاريخ وبشهادة رجال ونساء كانوا معه يقاسمونه الحياه ويشاركونه الفعل ورد الفعل ويرونه من زوايتهم لا من زاوية التاريخ، ومن ضمن هؤلاء الرجال الذين رافقوا الرئيس انور السادات لمدة ثماني سنوات كاملة اللواء اركان حرب عاطف زهيري الذي استمر قائداً لمقر الرئيس انور السادات حتى قبل وفاتة بثلاثة اسابيع فقط، قابلناه وحاورناه ووجدناه رغم تحفظه في كثير من المسائل بسبب تربيته العسكرية رجلاً يمثل الأصالة المصرية في اروع صورها كرجل عسكري وكمواطن مصري تجري في عروقة وحتى النخاع دماء تذوب عشقاً لمصر وشعب مصر ورموزها وسألناه:

كيف تعرفت سيادة اللواء عاطف زهيري على الرئيس السادات وكيف بدأت العلاقة؟التحقنا بالحرس الجمهورى فى أبريل 1971 وأول مرة ارى فيها السادات كانت فى الحرس الجمهورى عندما كلف الفريق المرحوم الليثى ناصر بالقبض على المجموعة التي عارضته وكانت تريد قلب نظام الحكم، تلك المجموعة التي جعلته يقوم بما اسماه " ثورة مايو " لقد شاهدتهم وهم أمام مكتب الليثى ناصر بعد القبض عليهم.

كيف جاء الأمر من السادات للفريق الليثي؟ قال له السادات بالحرف الواحد: " تقدر تقبض عليهم ياليثي خلال 24 ساعه ؟ فقال الفريق الليثي: يافندم خلال 4 ساعات سيكونون امام سعادتك. وبالفعل ذهب السادات مكتب الفريق الليثي في الحرس الجمهوري وجلس فيه مدة اربعة ساعات حتى جاءة الفريق الليثي بعد اربعة ساعات مقبوضاً عليهم.

اربعة ساعات؟اربعة ساعات او أقل.

كيف؟عن طريق ضباط خرجوا وكل واحد يقود سيارة جيب ومعة عدد من الجنود، عدد بسيط من الجنود وقبضوا عليهم جميعاً وكان أول المقبوض عليهم " محمد فوزى " و شعراوى جمعه وفايق محمد فايق ومجموعة إخرى من الوزراء والباقى تم أعتقالهم عن طريق الداخليه.

لهذه الدرجة وصلت حالة غضب السادات منهم إلى حد الإعتقال؟قدموا استقاله جماعيه ووضعوا البلد فى وضع محرج، وبعدين اهانوه في احد اجتمعاتهم.

اهانوه ازاي؟كانوا معتقدين انهم وضعوه كرئيس جمهوريه مؤقت على أساس أن يكون مجرد لعبه فى ايديهم يفرضوا عليه قرارات أو شخصيات تتولى الحكم فى البلد.

وهل هذا دافع للإعتقال؟السادات رجل قائد والبلد كانت في وضع حرج جداً وكان في اعتقاده انه مادام اصبح في موضع المسئولية فعليه أن يتخذ القرار الذي يراه صواباً وفي مصلحة الوضع الذي كانت تمر به مصر وقتذاك، وبعدين السادات لم يكن حديث عهد بالعمل السياسي بل سياسي محنك وتاريخه حافل بالأحداث من قبل قيام الثورة بزمن.

إذن كانت هذه اللحظة – لحظة الإعتقلات – هي المرة الإولى التي ترى فيها السادت؟بالضبط

ولكن هناك من يقول أن دافع السادات لإعتقال هؤلاء الوزراء اهانته الشخصية وسب امه في احدى المجالس؟كانت جلسات مجلس الوزارء المصرى وكانت معلنه وقام شعراوي جمعه وقال له: يا أبن "البربريه " انت فاكر نفسك رئيس الجمهوريه بصحيح ؟! إحنا اللي عملناك رئيس جمهوريه .. إحنا إللي حاطيناك على الكرسى .. ومحطوط منظر كمان.

ياخبر اسود؟ومادمت بتبحث عن الجانب الإنساني في شخصية السادات لازم تعرف انه بالرغم من اهانة شعراوي جمعة له وبشكل علني إلا انه راعى حالته الصحيه ووضعه بعد الاعتقال فى مستشفى ثم أفرج عنه بل أفرج عنهم كلهم بعد كده.

وكان تعيينك بعدها قائداً لمقر السادات؟أتعينت من ضمن أربعه ضباط من الحرس الجمهورى وكنا مسئولين عن تأمين مقر الرئيس وكنا تحت مسمى القائد منوب المقر يعنى بنطلع بالإنابه يعنى واحد وراء واحد كنا أربعه ومن خلال خدماتى كنت بمسك يوم نبطشى 24ساعه كل أربعة أيام.

كان دورك حماية المقر أم حماية الرئيس؟شخص الرئيس بالنسبة لي كمسئول عن الحماية هو المقر .. بمعنى أن مكان تواجد الرئيس انا مسئول عن حمايته مع رجالي .. لكن انا كنت دائماً في معيته اينما ذهب.

 
محيي ابراهيم في لقاءة مع اللواء عاطف زهيري
هل كان لك شخصياً علاقة باسرة السادات بحكم عملك؟تعرفنا على السادات والعائله كلها بالطبع وكان أولاده مازالوا صغارا وكثيراً ماكانوا يلعبون بجوارنا وتحت حمايتنا في بيت الجيزة بشارع الجيزة الواقع على النيلً.

وماذا عن السيدة جيهان السادات؟كانت السيده جيهان السادات كل يوم الصبح بنفسها تنزل تتطمن على الاحوال فى مكتب قائد المقر تشوف الثلاجه بتاعته تشوف الإحتياجات الاداريه للمشروبات وخلافه وتشوف نظافه المقر ومبنى اداره قيادة الحرس الجمهورى وكذلك مقر السكرتاريه والنظام كله وهل هل هناك مشاكل أداريه أم لا.

هل كانت السيدة جيهان تتدخل في الأمور الفنية للحماية؟ اطلاقاً.. لم تتدخل فى المشاكل الفنيه أو فى العمل كان همها كله منصب حول راحة الحرس وانه ليس هناك مشاكل ادارية.

ماهي حدود مسئولياتك آنذاك؟مسئول عن أخراج الحراسها الخاصة بالسادات وأى حد يدخل مقر السادات لابد يدخل عن طريقى.

هل كل لقاءات السادات كانت تتم بميعاد مسبق؟كان هناك ناس معينة تدخل للسادات بدون مواعيد مثل " عثمان احمد عثمان " والكاتب الصحفي " انيس منصور" ورئيس مجلس الشعب " سيد مرعى " لكن غالب الزيارات كانت بمواعيد مسبقة وكان المسئول عنها وعن اعطائي جدول بها سكرتيره الخاص " فوزى عبد الحافظ ".

من هي أبرز الشخصيات التي كانت دائما تتردد على السادات فى مجالات الفن بلاش السياسة ولكن مجالات الفن والثقافة؟في الحقيقة لم يكن يقابل السادات احداً إلا بناء على ميعاد سابق أو بطلب شخصي منه، وهو في الحقيقة كان يحب الفن والفنانين ورجال الادب والثقافة لكن النيس منصور هو الوحيد منهم الذي كان متواجداً باستمرار مع السادات دون ميعاد سابق.

اشمعنى انيس منصور؟أنيس منصور كان فى هذا الوقت الصحفى الوحيد المقرب للرئيس السادات لدرجة انه كان يكتب له خطبه احياناً ويطلعه على بعض أفكاره وكان اللقاء بينهما يوميا ولمدة ساعة على الأقل مع عثمان أحمد عثمان يمشوا لمدة ساعة كل يوم من الساعة 4 بعد الظهر للساعة 5 لابسين شورت أو تريننيج وبعدين أنيس منصور رجل فليسوف وصاحب فكر وله تجارب عريضه وتجارب صحفيه وأنسانيه وله علاقاته العامه التي كان يحترمها السادات فكان يستفيد منها من خلال طرح بعض المشاكل عليه ليتلقى منه الحلول أو الردود التي تساعده على أتخاذ قراره أنيس منصور فى هذا الوقت كان أنسان مخلص وأنسان يعطي أفكاره وأراءه لصالح البلد ولصالح سمعة مصر وقيادة الرئيس السادات.

هل كان هناك مواضيع معينة كانت ثابته في الحوار؟موضوعات عامه وكثيراً ماكانت موضوعات تخص البلد ، يعني أفكار جديده فى بعض العلاقات الخاصه بالدول الاجنبيه مثل أمريكا وأسرئيل، حيث فكان دائما أثناء المشى ينتهز الفرصة وتواجد عثمان وأنيس ويطرح عليهم أفكاره ويتقبل منهم كلامهم ثم بعد المشى يطلع يأخذ الدش ويتغدى.

هل كان السادات يميل للروحانيات وعلوم السحر؟يميل الى الروحنيات نعم لكن يميل للسحر اطلاقاً لانه كان أنسان مؤمن وكان مصلى وكان بيصوم كل يوم أثنين وخميس وكان الرئيس السادات ينفر من ممارسات السحر والسحرة ، وكان كثيراً مايردد في هذه الحوارات الخاصة بالسحر أنا لا أحب هذه الممارسات، لكن جيهان تحب ذلك!.

إذن كان يؤمن بالروحانيات فقط ؟كان يقرأ كثيراً فيها وكان دليله في ذلك انيس منصور وكان عشقه لكتب الدكتور ابو الخير في علم الروح وللدكتور ابو الخير نفسه.

اهم حادثة روحانية تعلمها وآمن بها السادات؟حادثه خطيره الله يرحم الدكتور عبد الحليم محمود كان شيخ الازهر فى السبعنيات قبل حرب 73 مباشرة يعنى أقل من شهر أو فى حدود شهر وقتها طلب مقابلة الرئيس السادات وقال له فى هذه المقابلة أننا رأيت رؤيه فى المنام أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرنى بالنصر وأذا حاربتم أسرائيل هتنتصروا عليها.

والسادات صدق؟الرئيس السادات أعتقد تماما فى هذا الكلام وأعتقد تمام فى أنه لو دخل المعركه هينتصر بإذن الله رغم انه كان معلوماً في ذلك الوقت لو تم مقارنه عامه للقوات بين الجانب المصرى والجانب الاسرائيلي المدعوم بالجانب الامريكى نجد أستحاله أن القوات المصريه تتقدم خطوه واحدة بعد قناة السويس.

يعني رؤيا الشيخ عبد الحليم كانت السبب؟ربنا سبحانه وتعالى ساعد الجيش المصرى فى أنه ينتصر هذا النصر العظيم فى اكتوبر 73 وايمان شعب مصر بكل طوائفه مسلمين ومسيحيين بوطنهم كان الحافز الرئيس للنصر.

بمناسبة الحديث عن النصر ألم تكن مظاهرات المصريين هي الدافع للسادات بخوض الحرب؟السادات من أول يوم تولى فيه الحكم كان حاطت فى أسبقيه أولى ضمن أهدافه وهي تحريك وضع اللا حرب واللا سلم الذي كانت تحياه مصر ربما يعود على مصر بوضع أفضل.

ولكن المظاهرات حدثت بالفعل وكان فيه نوع من الاعتقالات سنه 72 ضد السادات لدفعه للحرب ؟
لانه وعدهم بالحرب، فهو كان بيوعد فى كل خطاب من أول يوم كان بيوعدهم بانه سيحارب أسرئيل وكان يسمي الأعوام تارة بعام الحزم وتارة بعام الحسم فالناس أستعجلت هذا العام أو أستعجلت هذا القرار فكانوا دائما يدفعوا السادات أنه يتخذ قرار الحرب بسرعة.

وهل السادات لم يكن يريد اتخاذه؟تقصد قرار الحرب؟ أنا حضرت عدد من مجالس عسكريه للحرب، و الخطه كانت جاهزه قبل 73 ولكن السادات كان يرى بعض قصور فى الخطه وهذا القصور كان من وجهة نظر السادات يتركز في الجانب الروسى حيث لم يكن يمدنا بالسلاح طبقا للاتفاقيات أو طبقا للعهود ويبدو ان قرار استبعادهم من مصر كان هدف السادات قبل اتخاذ قرار الحرب حتى لايكون هناك فضل لأحد على مصر في حالة النصر الا الله وقدرة الجندي المصري.

هل قرار وقف الحرب بعد العبور كان قراراً صائباً؟الروس منعوا عنا امداد السلاح، واثناء الحرب استهلكنا اكثر من الكمية التي خططنا لها من السلاح والوقود واحتياطات الذخيرة، ولو لم يتخذ قرار الوقف ربما كانت حصلت كارثة.

ولكن لم يفصح السادات عن ذلك وقال فقط انه لايستطيع محاربة امريكا؟هل تريد من قائد اعلى للقوات المسلحة اثناء الحرب يقول سأوقف الحرب لأنني لاأمتلك سلاحاً؟ لقد عثرنا على دبابات اسرائيلية عدادات الكيلوميترات الخاص بها على 15 كيلو فقط اي انها طازة نازلة من الجو لإمداد الجيش الإسرائيلي، فكان لابد من خدعة خاصة ونحن بمفردنا في الحرب بدون ذخيرة تكفي يوم أو يومين، والحرب خدعة، فقال لن احارب اميركا، وبعدين استراتيجياً هذا القرار تم اتخاذه من منطق قوة .. انت استوليت على البر الشرقي كله وحركت الماء الراكد و ذلينا إسرائيل خاصة بعد مقال حسنين هيكل عن الثغرة وقد كان بمثابة نقطة ضعف لمصر.

هل تعتقد أن هذا القرار – قرار وقف الحرب - أكتسب به السادات كارت عند الامريكان خاصة لما قال أنا مقدرش أحارب امريكا؟
السادات كان 
رجل ذكى جدا ووجد ان العالم كله بما فيها أمريكا والدول ألأروبية وأسرئيل نفسها كانت بتسعى لوقف الحرب بأى صوره لدرجة إن جولدا مائير أيامها كانت بتصرخ فى أمريكا و بتقول لهم إن المصريين سيدخلوا أسرائيل فألحقونا أنجدونا لذلك أمريكا دخلت بكل ثقلها فى المعركه فلما العالم وجد السادات اعطى قرار أيقاف الحرب اعتبروا أن المصريين اعظم شعوب مارست العسكرية في القرن العشرين حيث اتخذوا قرار الحرب وحطموا خط بارليف الذي لايقهر واتخذوا قرار وقف الحرب حيناما رأوا انهم حصلوا على ماسعوا إليه وانتصروا واحترمهم العالم كله ونحن ايضاً كنا في قمة احترامنا لأنفسنا، لو كانت استمرت الحرب ونحن بلاذخيره بينما اسرائيل يأتيها المدد من الجو وحدث شئ غير النصر خاصة واننا خرجنا مهزومين عام 67 لكان ذلك اصبح قصمة ظهر للشعب المصري والعربي، وبعدين لم يكن قرار ايقاف حرب ولكنه أعطى قرار بأيقاف القوات المسلحة عند هذا الحد من التقدم نحو الشرق في سيناء وقال بالحرف الواحد لاتتقدموا بعد هذا الحد واعتقد ان قراره هذا كا في عظمة قراره باتخاذ قرار الحرب تماماً يمكن فيه بعض العسكريين ولا داعى لذكر الاسماء عارضوه فى هذا القرار لكن لم يكن هناك خياراً بديلاً


انتظروا الحلقة الثانية العدد القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق