الاثنين، 25 مايو 2009

هشام طلعت ضحية زواج المال والسلطة

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

جاء الآن زمن اللعب مع الكبار، لعب على ثقيل، لا يرحم ولا يغفر ولا يتسامح وبالطبع أمراء المال في وطننا لن يتركوه يأكل من الكعكة وحده فمصر او السعودية او بغداد او غيرها من المدن ليست حكرا على واحد فقط من الناس وهنا ظهرت " سوزان تميم "
الطغيان هو الابن الشرعي لزواج المال بالسلطة، ويخبرنا التاريخ منذ قارون وحتى يومنا هذا عن النتائج المأساوية والكارثية التي تنتهي بها هذه العلاقة نهاية وحيدة لا ثاني لها وهي الخسف بالطاغي وفضحه هو وكل من حولة من أهله وأصدقائه وكل من صفق له ودعمه وسانده بالقوة او ربما بالصمت والضعف وهي مسألة مدهشة تدفع العقل البشري ان يتوقف عندها ويتأملها.
يوجز القرآن حال قارون وأهله وأصدقائه والمحيطين به من الوجهاء والأمراء ومن المنافقين وحتى من البسطاء والكادحين الذين استعبدهم بماله فيقول "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ" ثم ينتقل بنا القرآن بدعوة قارون ان بنتهي عن ممارسة هذا السلوك الشائن فيقول " وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ " ولكن قارون يسوقه غرورة وثروته وسلطته فيعند ويتكبر ويفسد ويظلم ويقتل متباهيا انه فوق القانون وفوق الله نفسه حاشا لله حتى تقفز بنا روايته إلى سيناريو النهاية أو النتيجة التي يخبرنا عنها القرآن فيقول " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ. " واذكر ان أسعفتني الذاكرة بعضاً من التاريخ المسموح بتداوله إعلاميا عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى حيث كان والده رجل الأعمال طلعت مصطفي صاحب شركة الإسكندرية للمقاولات والتي أشرفت أو آل إليها عملية إنشاء حي سكني بمدينة السلام منخفضة التكاليف بشرق القاهرة تم إطلاق اسم الشركة عليه فيما بعد وحتى يومنا هذا " حي الإسكندرية بمدينة السلام" كانت هذه العملية هي قطرة الماء الأولى لبداية الغيث إذ لم يكن أي من أصحاب ما يسمى بالشركات العملاقة للمقاولات أو أي نوع من الشركات في عهد جمال عبد الناصر - الذي صادر أموال الكل وأفقر الجميع - يمتلك واحد على ألف مما يمتلكه اليوم إذ جاءت ثروة الجميع في عصر ما يسمى بالانفتاح على العالم كمكافأة على ما تم من معاهدة السلام المشهورة بين مصر والكيان الصهيوني، ونرجع لطلعت مصطفي الذي أدت شركته مهمتها على أكمل وجه وبنزاهة في مدينة السلام دفعها لأن تكون من الشركات " الثقة " في مجال البناء والتشييد لكنها ثقة لا تمتلك مال قارون بل مجرد رأس مال يستطيع ان يعينها على إقامة مشروعات كبيرة وليست عملاقة داخل مصر بالشكل المتعارف عليه بيروقراطيا، ولما كان الطموح الإنساني ليس له حدود والعلاقات التحتية ليس لها حدود أيضا فقد كان حتميا من الوصول إلى أعلى نقطة في الجاه والمال والثروة ومن ثم السلطة والإمارة والسلطان، وهنا فكر الأب والابن معا في بيع ارض فندق " الفور سيزون " المطل على نيل جار دن سيتي وقتها لبنك الدقهلية – أو هكذا قيل حينها - للحصول على سيولة نقدية تمكنهم من دفع الشركة للإمام فتصبح عملاقة وبالفعل تم البيع والشراء بشكل ما أو بآخر، لكن فعل القدر مالم يكن يتخيله لا الأب ولا الابن معاً اذ رسا عطاء عملية مترو الأنفاق المرحلة الثانية في فرنسا على طلعت مصطفى الأب وتحول مابين عشية وضحاها ومن خلال الشركة الفرنسية وفي لحظة الى بليونير، ماذا كان رد الفعل؟ .. ببساطة أراد أن يرجع في بيع ارض " الفور سيزون " ولما رفض المشترون كانت هنا بداية ارتداء عباءة قارون وسيناريو الطغيان الذي يمكننا أن نتخيله وانتهي مشروع المترو ومات الأب واكتمل بناء الفندق الذي تم استرداد أرضه أو ربما اغتصابها والتي أفلس فيها بنك الدقهلية ودانت لهشام طلعت الدنيا بحذافيرها وصار رجل البناء الأول في مصر ومن مدينة لمدينة ومن مشروع لآخر حتى صار مليار ديرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولم يتبق له إلا أن يتزوج السلطة فكان له ما كان من مناصب سياسية يعلمها الجميع وليست خافية على احد بل أنها في عالمنا المعاصر تكاد تكون مألوفة في العالم الأول والثاني والثالث، ومن خلال السلطة أصبح هشام عضوا فيما يسمى بلوبي المال والأعمال والسلطة في العالم العربي وهو لوبي مجازي يحوي إلى جانب رجال الأعمال والسياسة أمراء وسلاطين وعمم.
إذن فقد جاء الآن زمن اللعب مع الكبار، لعب على ثقيل، لا يرحم ولا يغفر ولا يتسامح والخطأ الصغير فيه بموتة لا قيامة بعدها في الدنيا أبداً، وبالطبع أمراء المال وسلاطين الجاه في وطننا العربي لن يتركوه يأكل من الكعكة وحده فمصر او السعودية او غزة او بغداد او غيرها من المدن ليست حكرا على احد او واحد فقط من الناس وهنا ظهرت " سوزان تميم " امرأة وضعت أنوثتها في بورصة الاستثمار مع الكبار في وطننا العربي، وشرب هشام بغروره الطعم ووقع في فخ لوبي العمالقة الكبار وتزوج سوزان عرفياً وانشأ لها شقة في الدور 21 بفندق الفور سيزون وصارت تتمتع بما لا تتمتع به ام أولاده وهو لا يدري أنها تلعب دورا آخر لصالح قوى اكبر منه يريدون فيه التخلص منه كما يريد العرب التخلص من الكيان الصهيوني بأن يلقوه هو وشركته في البحر.
كان يمكن ان يتخلص هشام من سوزان بنفس الأسلوب الذي يتخلص فيه رجال الأعمال في الغرب من عشيقاتهم قبل انفضاح أمرهم وشيوع الفضيحة بأن يتنازل عن جزء من الكعكة ولو مؤقتاً للطامعين فيه، لكن ساقه غروره للانتقام وان يعلن لها انه سيضع نهاية لحياتها وانه قادر على أن يحييها لو رضخت أو يميتها لو عاندت وكأنه الله حاشا لله فدخل هنا في عباءة قارون واندمج في عرق ملابسه الداخلية وأصبح بغروره وقلة إيمانه يمارس سيناريو النهاية.
رأيته من خلال عدسات التليفزيون وهو يمسك المصحف الشريف داخل الزنزانة ويبكي، الآن ظهر الله !!، أنا لا اشك لحظة في كونة مظلوما بنسبة او على الأقل لم يقتل وان المسألة بينه وبين سوزان لا تتعدي نوع من أنواع التهديد بالقتل التي يشتهر بها المصريون حتى مع أبنائهم عندما يقول الأب لابنة اذا لم تفعل كذا سأقتلك كتعبير مجازي لكن ما جعل المجازي حقيقة هو استعانته بضابط امن الدولة اللغز – المفصول من الخدمة - وهو يعلم ان هذا الضابط ليس أمين شرطة أو غفير درك ولكنه لغزا وأسطورة وداهية في علم الجريمة الناعمة وتدور حوله شائعات كثيرة أهمها عملية النصب التي نصب فيها على ساويرس " رجل الأعمال المصري " بأن ذهب للعراق أثناء ما كان يستخدمه ساويرس لصالحة في حماية قنواته التليفزيونية الفضائية ببغداد وكذلك شركة المحمول الخاصة به هناك واتفق مع عصابة على خطفه مقابل 2 مليون دولار لإطلاق سراحه وبلع ساويرس الطعم ودفع الدولارات فاقتسمها السكري بينه وبين العصابة التي استأجرها للنصب على سيده الذي وثق فيه، إن هذه الإشاعة من اهم الإشاعات التي أطلقها الناس على السكري وقتها ولو كان هشام طلعت ذكيا كما كان في السابق أو كما عهدتاه قبل ان يرتدي عباءة قارون ويندمج في عرق ملابسه الداخلية لكان عليه ان يعمل بالمثل القلاحي المصري الذي يقول " العيار اللي مايصبش يدوش " لكن الغرور والسلطة وحاشيتة من حوله الذين لا هم لهم سوى التسبيح بحمده واصطناع الخوف منه واجتناب النصح له دفعوه للحمق وانعدام الرؤية.
أن هذه جريمة قتل غامضة حتى هذه اللحظة ضحيتها أمرآة استثمرت أنوثتها في اللعب مع الكبار والكسب والثراء ولكنها جريمة أخذت أبعادا أعظم بكثير من كونها جريمة قتل فقط ويظهر جليا أنها مسألة تصفية حسابات قاسية يديرها فارون آخر " ذكي " من " قوارين " المال والسلطة في وطننا واعتقد أنهم لن يسمحوا بإعدام هشام وأنها مجرد " قرصة ودن " كما نقول نحن الفلاحون في مصر وسيخرج منها هشام بشكل ما او بآخر خاصة وانه لم تحدث سابقة في القضاء المصري ان تم إعدام المحرض على القتل وان كنت اشك ان السكري سيعدم لا محالة.
إن الله لا يحاسبنا على أفعالنا حتى وان كانت خطأ ولكن يحاسبنا على درجة الوعي بممارسة الفعل ودرجة إدراك نتيجة ما نقوم به من أعمال فليس العالم كالجاهل.
على هشام طلعت مصطفى أن يطلب من إدارة سجن مزرعة طرة ورقة وقلم ويكتب في الورقة أسماء كل من مارس عليهم دور " قارون " وان يعيد لهم كرامتهم التي أهدرها وسينجو، لا يعلم أسماء هؤلاء الناس المغدورين إلا هشام نفسه ولن ينجو إلا بعد أن يصفحوا هم عنه أولاً وان نجا عليه أن يحرق عباءة قارون وان يطلق السلطة والنفوذ طلاقا بائنا ويدرك ويعي أن لا عز إلا لله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق