الاثنين، 25 مايو 2009

هشام طلعت ضحية زواج المال والسلطة

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

جاء الآن زمن اللعب مع الكبار، لعب على ثقيل، لا يرحم ولا يغفر ولا يتسامح وبالطبع أمراء المال في وطننا لن يتركوه يأكل من الكعكة وحده فمصر او السعودية او بغداد او غيرها من المدن ليست حكرا على واحد فقط من الناس وهنا ظهرت " سوزان تميم "
الطغيان هو الابن الشرعي لزواج المال بالسلطة، ويخبرنا التاريخ منذ قارون وحتى يومنا هذا عن النتائج المأساوية والكارثية التي تنتهي بها هذه العلاقة نهاية وحيدة لا ثاني لها وهي الخسف بالطاغي وفضحه هو وكل من حولة من أهله وأصدقائه وكل من صفق له ودعمه وسانده بالقوة او ربما بالصمت والضعف وهي مسألة مدهشة تدفع العقل البشري ان يتوقف عندها ويتأملها.
يوجز القرآن حال قارون وأهله وأصدقائه والمحيطين به من الوجهاء والأمراء ومن المنافقين وحتى من البسطاء والكادحين الذين استعبدهم بماله فيقول "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ" ثم ينتقل بنا القرآن بدعوة قارون ان بنتهي عن ممارسة هذا السلوك الشائن فيقول " وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ " ولكن قارون يسوقه غرورة وثروته وسلطته فيعند ويتكبر ويفسد ويظلم ويقتل متباهيا انه فوق القانون وفوق الله نفسه حاشا لله حتى تقفز بنا روايته إلى سيناريو النهاية أو النتيجة التي يخبرنا عنها القرآن فيقول " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ. " واذكر ان أسعفتني الذاكرة بعضاً من التاريخ المسموح بتداوله إعلاميا عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى حيث كان والده رجل الأعمال طلعت مصطفي صاحب شركة الإسكندرية للمقاولات والتي أشرفت أو آل إليها عملية إنشاء حي سكني بمدينة السلام منخفضة التكاليف بشرق القاهرة تم إطلاق اسم الشركة عليه فيما بعد وحتى يومنا هذا " حي الإسكندرية بمدينة السلام" كانت هذه العملية هي قطرة الماء الأولى لبداية الغيث إذ لم يكن أي من أصحاب ما يسمى بالشركات العملاقة للمقاولات أو أي نوع من الشركات في عهد جمال عبد الناصر - الذي صادر أموال الكل وأفقر الجميع - يمتلك واحد على ألف مما يمتلكه اليوم إذ جاءت ثروة الجميع في عصر ما يسمى بالانفتاح على العالم كمكافأة على ما تم من معاهدة السلام المشهورة بين مصر والكيان الصهيوني، ونرجع لطلعت مصطفي الذي أدت شركته مهمتها على أكمل وجه وبنزاهة في مدينة السلام دفعها لأن تكون من الشركات " الثقة " في مجال البناء والتشييد لكنها ثقة لا تمتلك مال قارون بل مجرد رأس مال يستطيع ان يعينها على إقامة مشروعات كبيرة وليست عملاقة داخل مصر بالشكل المتعارف عليه بيروقراطيا، ولما كان الطموح الإنساني ليس له حدود والعلاقات التحتية ليس لها حدود أيضا فقد كان حتميا من الوصول إلى أعلى نقطة في الجاه والمال والثروة ومن ثم السلطة والإمارة والسلطان، وهنا فكر الأب والابن معا في بيع ارض فندق " الفور سيزون " المطل على نيل جار دن سيتي وقتها لبنك الدقهلية – أو هكذا قيل حينها - للحصول على سيولة نقدية تمكنهم من دفع الشركة للإمام فتصبح عملاقة وبالفعل تم البيع والشراء بشكل ما أو بآخر، لكن فعل القدر مالم يكن يتخيله لا الأب ولا الابن معاً اذ رسا عطاء عملية مترو الأنفاق المرحلة الثانية في فرنسا على طلعت مصطفى الأب وتحول مابين عشية وضحاها ومن خلال الشركة الفرنسية وفي لحظة الى بليونير، ماذا كان رد الفعل؟ .. ببساطة أراد أن يرجع في بيع ارض " الفور سيزون " ولما رفض المشترون كانت هنا بداية ارتداء عباءة قارون وسيناريو الطغيان الذي يمكننا أن نتخيله وانتهي مشروع المترو ومات الأب واكتمل بناء الفندق الذي تم استرداد أرضه أو ربما اغتصابها والتي أفلس فيها بنك الدقهلية ودانت لهشام طلعت الدنيا بحذافيرها وصار رجل البناء الأول في مصر ومن مدينة لمدينة ومن مشروع لآخر حتى صار مليار ديرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولم يتبق له إلا أن يتزوج السلطة فكان له ما كان من مناصب سياسية يعلمها الجميع وليست خافية على احد بل أنها في عالمنا المعاصر تكاد تكون مألوفة في العالم الأول والثاني والثالث، ومن خلال السلطة أصبح هشام عضوا فيما يسمى بلوبي المال والأعمال والسلطة في العالم العربي وهو لوبي مجازي يحوي إلى جانب رجال الأعمال والسياسة أمراء وسلاطين وعمم.
إذن فقد جاء الآن زمن اللعب مع الكبار، لعب على ثقيل، لا يرحم ولا يغفر ولا يتسامح والخطأ الصغير فيه بموتة لا قيامة بعدها في الدنيا أبداً، وبالطبع أمراء المال وسلاطين الجاه في وطننا العربي لن يتركوه يأكل من الكعكة وحده فمصر او السعودية او غزة او بغداد او غيرها من المدن ليست حكرا على احد او واحد فقط من الناس وهنا ظهرت " سوزان تميم " امرأة وضعت أنوثتها في بورصة الاستثمار مع الكبار في وطننا العربي، وشرب هشام بغروره الطعم ووقع في فخ لوبي العمالقة الكبار وتزوج سوزان عرفياً وانشأ لها شقة في الدور 21 بفندق الفور سيزون وصارت تتمتع بما لا تتمتع به ام أولاده وهو لا يدري أنها تلعب دورا آخر لصالح قوى اكبر منه يريدون فيه التخلص منه كما يريد العرب التخلص من الكيان الصهيوني بأن يلقوه هو وشركته في البحر.
كان يمكن ان يتخلص هشام من سوزان بنفس الأسلوب الذي يتخلص فيه رجال الأعمال في الغرب من عشيقاتهم قبل انفضاح أمرهم وشيوع الفضيحة بأن يتنازل عن جزء من الكعكة ولو مؤقتاً للطامعين فيه، لكن ساقه غروره للانتقام وان يعلن لها انه سيضع نهاية لحياتها وانه قادر على أن يحييها لو رضخت أو يميتها لو عاندت وكأنه الله حاشا لله فدخل هنا في عباءة قارون واندمج في عرق ملابسه الداخلية وأصبح بغروره وقلة إيمانه يمارس سيناريو النهاية.
رأيته من خلال عدسات التليفزيون وهو يمسك المصحف الشريف داخل الزنزانة ويبكي، الآن ظهر الله !!، أنا لا اشك لحظة في كونة مظلوما بنسبة او على الأقل لم يقتل وان المسألة بينه وبين سوزان لا تتعدي نوع من أنواع التهديد بالقتل التي يشتهر بها المصريون حتى مع أبنائهم عندما يقول الأب لابنة اذا لم تفعل كذا سأقتلك كتعبير مجازي لكن ما جعل المجازي حقيقة هو استعانته بضابط امن الدولة اللغز – المفصول من الخدمة - وهو يعلم ان هذا الضابط ليس أمين شرطة أو غفير درك ولكنه لغزا وأسطورة وداهية في علم الجريمة الناعمة وتدور حوله شائعات كثيرة أهمها عملية النصب التي نصب فيها على ساويرس " رجل الأعمال المصري " بأن ذهب للعراق أثناء ما كان يستخدمه ساويرس لصالحة في حماية قنواته التليفزيونية الفضائية ببغداد وكذلك شركة المحمول الخاصة به هناك واتفق مع عصابة على خطفه مقابل 2 مليون دولار لإطلاق سراحه وبلع ساويرس الطعم ودفع الدولارات فاقتسمها السكري بينه وبين العصابة التي استأجرها للنصب على سيده الذي وثق فيه، إن هذه الإشاعة من اهم الإشاعات التي أطلقها الناس على السكري وقتها ولو كان هشام طلعت ذكيا كما كان في السابق أو كما عهدتاه قبل ان يرتدي عباءة قارون ويندمج في عرق ملابسه الداخلية لكان عليه ان يعمل بالمثل القلاحي المصري الذي يقول " العيار اللي مايصبش يدوش " لكن الغرور والسلطة وحاشيتة من حوله الذين لا هم لهم سوى التسبيح بحمده واصطناع الخوف منه واجتناب النصح له دفعوه للحمق وانعدام الرؤية.
أن هذه جريمة قتل غامضة حتى هذه اللحظة ضحيتها أمرآة استثمرت أنوثتها في اللعب مع الكبار والكسب والثراء ولكنها جريمة أخذت أبعادا أعظم بكثير من كونها جريمة قتل فقط ويظهر جليا أنها مسألة تصفية حسابات قاسية يديرها فارون آخر " ذكي " من " قوارين " المال والسلطة في وطننا واعتقد أنهم لن يسمحوا بإعدام هشام وأنها مجرد " قرصة ودن " كما نقول نحن الفلاحون في مصر وسيخرج منها هشام بشكل ما او بآخر خاصة وانه لم تحدث سابقة في القضاء المصري ان تم إعدام المحرض على القتل وان كنت اشك ان السكري سيعدم لا محالة.
إن الله لا يحاسبنا على أفعالنا حتى وان كانت خطأ ولكن يحاسبنا على درجة الوعي بممارسة الفعل ودرجة إدراك نتيجة ما نقوم به من أعمال فليس العالم كالجاهل.
على هشام طلعت مصطفى أن يطلب من إدارة سجن مزرعة طرة ورقة وقلم ويكتب في الورقة أسماء كل من مارس عليهم دور " قارون " وان يعيد لهم كرامتهم التي أهدرها وسينجو، لا يعلم أسماء هؤلاء الناس المغدورين إلا هشام نفسه ولن ينجو إلا بعد أن يصفحوا هم عنه أولاً وان نجا عليه أن يحرق عباءة قارون وان يطلق السلطة والنفوذ طلاقا بائنا ويدرك ويعي أن لا عز إلا لله.

هشام طلعت ضحية زواج المال والسلطة

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

جاء الآن زمن اللعب مع الكبار، لعب على ثقيل، لا يرحم ولا يغفر ولا يتسامح وبالطبع أمراء المال في وطننا لن يتركوه يأكل من الكعكة وحده فمصر او السعودية او بغداد او غيرها من المدن ليست حكرا على واحد فقط من الناس وهنا ظهرت " سوزان تميم "
الطغيان هو الابن الشرعي لزواج المال بالسلطة، ويخبرنا التاريخ منذ قارون وحتى يومنا هذا عن النتائج المأساوية والكارثية التي تنتهي بها هذه العلاقة نهاية وحيدة لا ثاني لها وهي الخسف بالطاغي وفضحه هو وكل من حولة من أهله وأصدقائه وكل من صفق له ودعمه وسانده بالقوة او ربما بالصمت والضعف وهي مسألة مدهشة تدفع العقل البشري ان يتوقف عندها ويتأملها.
يوجز القرآن حال قارون وأهله وأصدقائه والمحيطين به من الوجهاء والأمراء ومن المنافقين وحتى من البسطاء والكادحين الذين استعبدهم بماله فيقول "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ" ثم ينتقل بنا القرآن بدعوة قارون ان بنتهي عن ممارسة هذا السلوك الشائن فيقول " وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ " ولكن قارون يسوقه غرورة وثروته وسلطته فيعند ويتكبر ويفسد ويظلم ويقتل متباهيا انه فوق القانون وفوق الله نفسه حاشا لله حتى تقفز بنا روايته إلى سيناريو النهاية أو النتيجة التي يخبرنا عنها القرآن فيقول " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ. " واذكر ان أسعفتني الذاكرة بعضاً من التاريخ المسموح بتداوله إعلاميا عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى حيث كان والده رجل الأعمال طلعت مصطفي صاحب شركة الإسكندرية للمقاولات والتي أشرفت أو آل إليها عملية إنشاء حي سكني بمدينة السلام منخفضة التكاليف بشرق القاهرة تم إطلاق اسم الشركة عليه فيما بعد وحتى يومنا هذا " حي الإسكندرية بمدينة السلام" كانت هذه العملية هي قطرة الماء الأولى لبداية الغيث إذ لم يكن أي من أصحاب ما يسمى بالشركات العملاقة للمقاولات أو أي نوع من الشركات في عهد جمال عبد الناصر - الذي صادر أموال الكل وأفقر الجميع - يمتلك واحد على ألف مما يمتلكه اليوم إذ جاءت ثروة الجميع في عصر ما يسمى بالانفتاح على العالم كمكافأة على ما تم من معاهدة السلام المشهورة بين مصر والكيان الصهيوني، ونرجع لطلعت مصطفي الذي أدت شركته مهمتها على أكمل وجه وبنزاهة في مدينة السلام دفعها لأن تكون من الشركات " الثقة " في مجال البناء والتشييد لكنها ثقة لا تمتلك مال قارون بل مجرد رأس مال يستطيع ان يعينها على إقامة مشروعات كبيرة وليست عملاقة داخل مصر بالشكل المتعارف عليه بيروقراطيا، ولما كان الطموح الإنساني ليس له حدود والعلاقات التحتية ليس لها حدود أيضا فقد كان حتميا من الوصول إلى أعلى نقطة في الجاه والمال والثروة ومن ثم السلطة والإمارة والسلطان، وهنا فكر الأب والابن معا في بيع ارض فندق " الفور سيزون " المطل على نيل جار دن سيتي وقتها لبنك الدقهلية – أو هكذا قيل حينها - للحصول على سيولة نقدية تمكنهم من دفع الشركة للإمام فتصبح عملاقة وبالفعل تم البيع والشراء بشكل ما أو بآخر، لكن فعل القدر مالم يكن يتخيله لا الأب ولا الابن معاً اذ رسا عطاء عملية مترو الأنفاق المرحلة الثانية في فرنسا على طلعت مصطفى الأب وتحول مابين عشية وضحاها ومن خلال الشركة الفرنسية وفي لحظة الى بليونير، ماذا كان رد الفعل؟ .. ببساطة أراد أن يرجع في بيع ارض " الفور سيزون " ولما رفض المشترون كانت هنا بداية ارتداء عباءة قارون وسيناريو الطغيان الذي يمكننا أن نتخيله وانتهي مشروع المترو ومات الأب واكتمل بناء الفندق الذي تم استرداد أرضه أو ربما اغتصابها والتي أفلس فيها بنك الدقهلية ودانت لهشام طلعت الدنيا بحذافيرها وصار رجل البناء الأول في مصر ومن مدينة لمدينة ومن مشروع لآخر حتى صار مليار ديرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولم يتبق له إلا أن يتزوج السلطة فكان له ما كان من مناصب سياسية يعلمها الجميع وليست خافية على احد بل أنها في عالمنا المعاصر تكاد تكون مألوفة في العالم الأول والثاني والثالث، ومن خلال السلطة أصبح هشام عضوا فيما يسمى بلوبي المال والأعمال والسلطة في العالم العربي وهو لوبي مجازي يحوي إلى جانب رجال الأعمال والسياسة أمراء وسلاطين وعمم.
إذن فقد جاء الآن زمن اللعب مع الكبار، لعب على ثقيل، لا يرحم ولا يغفر ولا يتسامح والخطأ الصغير فيه بموتة لا قيامة بعدها في الدنيا أبداً، وبالطبع أمراء المال وسلاطين الجاه في وطننا العربي لن يتركوه يأكل من الكعكة وحده فمصر او السعودية او غزة او بغداد او غيرها من المدن ليست حكرا على احد او واحد فقط من الناس وهنا ظهرت " سوزان تميم " امرأة وضعت أنوثتها في بورصة الاستثمار مع الكبار في وطننا العربي، وشرب هشام بغروره الطعم ووقع في فخ لوبي العمالقة الكبار وتزوج سوزان عرفياً وانشأ لها شقة في الدور 21 بفندق الفور سيزون وصارت تتمتع بما لا تتمتع به ام أولاده وهو لا يدري أنها تلعب دورا آخر لصالح قوى اكبر منه يريدون فيه التخلص منه كما يريد العرب التخلص من الكيان الصهيوني بأن يلقوه هو وشركته في البحر.
كان يمكن ان يتخلص هشام من سوزان بنفس الأسلوب الذي يتخلص فيه رجال الأعمال في الغرب من عشيقاتهم قبل انفضاح أمرهم وشيوع الفضيحة بأن يتنازل عن جزء من الكعكة ولو مؤقتاً للطامعين فيه، لكن ساقه غروره للانتقام وان يعلن لها انه سيضع نهاية لحياتها وانه قادر على أن يحييها لو رضخت أو يميتها لو عاندت وكأنه الله حاشا لله فدخل هنا في عباءة قارون واندمج في عرق ملابسه الداخلية وأصبح بغروره وقلة إيمانه يمارس سيناريو النهاية.
رأيته من خلال عدسات التليفزيون وهو يمسك المصحف الشريف داخل الزنزانة ويبكي، الآن ظهر الله !!، أنا لا اشك لحظة في كونة مظلوما بنسبة او على الأقل لم يقتل وان المسألة بينه وبين سوزان لا تتعدي نوع من أنواع التهديد بالقتل التي يشتهر بها المصريون حتى مع أبنائهم عندما يقول الأب لابنة اذا لم تفعل كذا سأقتلك كتعبير مجازي لكن ما جعل المجازي حقيقة هو استعانته بضابط امن الدولة اللغز – المفصول من الخدمة - وهو يعلم ان هذا الضابط ليس أمين شرطة أو غفير درك ولكنه لغزا وأسطورة وداهية في علم الجريمة الناعمة وتدور حوله شائعات كثيرة أهمها عملية النصب التي نصب فيها على ساويرس " رجل الأعمال المصري " بأن ذهب للعراق أثناء ما كان يستخدمه ساويرس لصالحة في حماية قنواته التليفزيونية الفضائية ببغداد وكذلك شركة المحمول الخاصة به هناك واتفق مع عصابة على خطفه مقابل 2 مليون دولار لإطلاق سراحه وبلع ساويرس الطعم ودفع الدولارات فاقتسمها السكري بينه وبين العصابة التي استأجرها للنصب على سيده الذي وثق فيه، إن هذه الإشاعة من اهم الإشاعات التي أطلقها الناس على السكري وقتها ولو كان هشام طلعت ذكيا كما كان في السابق أو كما عهدتاه قبل ان يرتدي عباءة قارون ويندمج في عرق ملابسه الداخلية لكان عليه ان يعمل بالمثل القلاحي المصري الذي يقول " العيار اللي مايصبش يدوش " لكن الغرور والسلطة وحاشيتة من حوله الذين لا هم لهم سوى التسبيح بحمده واصطناع الخوف منه واجتناب النصح له دفعوه للحمق وانعدام الرؤية.
أن هذه جريمة قتل غامضة حتى هذه اللحظة ضحيتها أمرآة استثمرت أنوثتها في اللعب مع الكبار والكسب والثراء ولكنها جريمة أخذت أبعادا أعظم بكثير من كونها جريمة قتل فقط ويظهر جليا أنها مسألة تصفية حسابات قاسية يديرها فارون آخر " ذكي " من " قوارين " المال والسلطة في وطننا واعتقد أنهم لن يسمحوا بإعدام هشام وأنها مجرد " قرصة ودن " كما نقول نحن الفلاحون في مصر وسيخرج منها هشام بشكل ما او بآخر خاصة وانه لم تحدث سابقة في القضاء المصري ان تم إعدام المحرض على القتل وان كنت اشك ان السكري سيعدم لا محالة.
إن الله لا يحاسبنا على أفعالنا حتى وان كانت خطأ ولكن يحاسبنا على درجة الوعي بممارسة الفعل ودرجة إدراك نتيجة ما نقوم به من أعمال فليس العالم كالجاهل.
على هشام طلعت مصطفى أن يطلب من إدارة سجن مزرعة طرة ورقة وقلم ويكتب في الورقة أسماء كل من مارس عليهم دور " قارون " وان يعيد لهم كرامتهم التي أهدرها وسينجو، لا يعلم أسماء هؤلاء الناس المغدورين إلا هشام نفسه ولن ينجو إلا بعد أن يصفحوا هم عنه أولاً وان نجا عليه أن يحرق عباءة قارون وان يطلق السلطة والنفوذ طلاقا بائنا ويدرك ويعي أن لا عز إلا لله.

الأحد، 10 مايو 2009

حوار مع اللواء زهيري قائد مقر الرئيس السادات - الحلقة الاولى

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

كان هناك ناس معينة تدخل للسادات بدون مواعيد مثل " عثمان احمد عثمان " والكاتب الصحفي " انيس منصور" ورئيس مجلس الشعب " سيد مرعى " لكن غالب الزيارات كانت بمواعيد مسبقة وكان المسئول عنها وعن اعطائي جدول بها سكرتيره الخاص " فوزى عبد الحافظ ".
اللواء عاطف زهيري
لكل زعيم أمة جانباً انسانياً لايراه فيه إلا المقربين منه أو الذين حاوطوه وشاركوه جزءاً ولو بسيطاً من حياته ، ولما كان الرئيس الرئيس الراحل محمد انور السادات من ضمن هؤلاء الرؤساء الذين حكموا مصر في فترات ساخنة وحرجة فقد راودتنا فكرة أن نحاول الكشف عن بعض الجوانب الإنسانية في حياة هذا الرجل والتي غفل عنها التاريخ وبشهادة رجال ونساء كانوا معه يقاسمونه الحياه ويشاركونه الفعل ورد الفعل ويرونه من زوايتهم لا من زاوية التاريخ، ومن ضمن هؤلاء الرجال الذين رافقوا الرئيس انور السادات لمدة ثماني سنوات كاملة اللواء اركان حرب عاطف زهيري الذي استمر قائداً لمقر الرئيس انور السادات حتى قبل وفاتة بثلاثة اسابيع فقط، قابلناه وحاورناه ووجدناه رغم تحفظه في كثير من المسائل بسبب تربيته العسكرية رجلاً يمثل الأصالة المصرية في اروع صورها كرجل عسكري وكمواطن مصري تجري في عروقة وحتى النخاع دماء تذوب عشقاً لمصر وشعب مصر ورموزها وسألناه:

كيف تعرفت سيادة اللواء عاطف زهيري على الرئيس السادات وكيف بدأت العلاقة؟التحقنا بالحرس الجمهورى فى أبريل 1971 وأول مرة ارى فيها السادات كانت فى الحرس الجمهورى عندما كلف الفريق المرحوم الليثى ناصر بالقبض على المجموعة التي عارضته وكانت تريد قلب نظام الحكم، تلك المجموعة التي جعلته يقوم بما اسماه " ثورة مايو " لقد شاهدتهم وهم أمام مكتب الليثى ناصر بعد القبض عليهم.

كيف جاء الأمر من السادات للفريق الليثي؟ قال له السادات بالحرف الواحد: " تقدر تقبض عليهم ياليثي خلال 24 ساعه ؟ فقال الفريق الليثي: يافندم خلال 4 ساعات سيكونون امام سعادتك. وبالفعل ذهب السادات مكتب الفريق الليثي في الحرس الجمهوري وجلس فيه مدة اربعة ساعات حتى جاءة الفريق الليثي بعد اربعة ساعات مقبوضاً عليهم.

اربعة ساعات؟اربعة ساعات او أقل.

كيف؟عن طريق ضباط خرجوا وكل واحد يقود سيارة جيب ومعة عدد من الجنود، عدد بسيط من الجنود وقبضوا عليهم جميعاً وكان أول المقبوض عليهم " محمد فوزى " و شعراوى جمعه وفايق محمد فايق ومجموعة إخرى من الوزراء والباقى تم أعتقالهم عن طريق الداخليه.

لهذه الدرجة وصلت حالة غضب السادات منهم إلى حد الإعتقال؟قدموا استقاله جماعيه ووضعوا البلد فى وضع محرج، وبعدين اهانوه في احد اجتمعاتهم.

اهانوه ازاي؟كانوا معتقدين انهم وضعوه كرئيس جمهوريه مؤقت على أساس أن يكون مجرد لعبه فى ايديهم يفرضوا عليه قرارات أو شخصيات تتولى الحكم فى البلد.

وهل هذا دافع للإعتقال؟السادات رجل قائد والبلد كانت في وضع حرج جداً وكان في اعتقاده انه مادام اصبح في موضع المسئولية فعليه أن يتخذ القرار الذي يراه صواباً وفي مصلحة الوضع الذي كانت تمر به مصر وقتذاك، وبعدين السادات لم يكن حديث عهد بالعمل السياسي بل سياسي محنك وتاريخه حافل بالأحداث من قبل قيام الثورة بزمن.

إذن كانت هذه اللحظة – لحظة الإعتقلات – هي المرة الإولى التي ترى فيها السادت؟بالضبط

ولكن هناك من يقول أن دافع السادات لإعتقال هؤلاء الوزراء اهانته الشخصية وسب امه في احدى المجالس؟كانت جلسات مجلس الوزارء المصرى وكانت معلنه وقام شعراوي جمعه وقال له: يا أبن "البربريه " انت فاكر نفسك رئيس الجمهوريه بصحيح ؟! إحنا اللي عملناك رئيس جمهوريه .. إحنا إللي حاطيناك على الكرسى .. ومحطوط منظر كمان.

ياخبر اسود؟ومادمت بتبحث عن الجانب الإنساني في شخصية السادات لازم تعرف انه بالرغم من اهانة شعراوي جمعة له وبشكل علني إلا انه راعى حالته الصحيه ووضعه بعد الاعتقال فى مستشفى ثم أفرج عنه بل أفرج عنهم كلهم بعد كده.

وكان تعيينك بعدها قائداً لمقر السادات؟أتعينت من ضمن أربعه ضباط من الحرس الجمهورى وكنا مسئولين عن تأمين مقر الرئيس وكنا تحت مسمى القائد منوب المقر يعنى بنطلع بالإنابه يعنى واحد وراء واحد كنا أربعه ومن خلال خدماتى كنت بمسك يوم نبطشى 24ساعه كل أربعة أيام.

كان دورك حماية المقر أم حماية الرئيس؟شخص الرئيس بالنسبة لي كمسئول عن الحماية هو المقر .. بمعنى أن مكان تواجد الرئيس انا مسئول عن حمايته مع رجالي .. لكن انا كنت دائماً في معيته اينما ذهب.

 
محيي ابراهيم في لقاءة مع اللواء عاطف زهيري
هل كان لك شخصياً علاقة باسرة السادات بحكم عملك؟تعرفنا على السادات والعائله كلها بالطبع وكان أولاده مازالوا صغارا وكثيراً ماكانوا يلعبون بجوارنا وتحت حمايتنا في بيت الجيزة بشارع الجيزة الواقع على النيلً.

وماذا عن السيدة جيهان السادات؟كانت السيده جيهان السادات كل يوم الصبح بنفسها تنزل تتطمن على الاحوال فى مكتب قائد المقر تشوف الثلاجه بتاعته تشوف الإحتياجات الاداريه للمشروبات وخلافه وتشوف نظافه المقر ومبنى اداره قيادة الحرس الجمهورى وكذلك مقر السكرتاريه والنظام كله وهل هل هناك مشاكل أداريه أم لا.

هل كانت السيدة جيهان تتدخل في الأمور الفنية للحماية؟ اطلاقاً.. لم تتدخل فى المشاكل الفنيه أو فى العمل كان همها كله منصب حول راحة الحرس وانه ليس هناك مشاكل ادارية.

ماهي حدود مسئولياتك آنذاك؟مسئول عن أخراج الحراسها الخاصة بالسادات وأى حد يدخل مقر السادات لابد يدخل عن طريقى.

هل كل لقاءات السادات كانت تتم بميعاد مسبق؟كان هناك ناس معينة تدخل للسادات بدون مواعيد مثل " عثمان احمد عثمان " والكاتب الصحفي " انيس منصور" ورئيس مجلس الشعب " سيد مرعى " لكن غالب الزيارات كانت بمواعيد مسبقة وكان المسئول عنها وعن اعطائي جدول بها سكرتيره الخاص " فوزى عبد الحافظ ".

من هي أبرز الشخصيات التي كانت دائما تتردد على السادات فى مجالات الفن بلاش السياسة ولكن مجالات الفن والثقافة؟في الحقيقة لم يكن يقابل السادات احداً إلا بناء على ميعاد سابق أو بطلب شخصي منه، وهو في الحقيقة كان يحب الفن والفنانين ورجال الادب والثقافة لكن النيس منصور هو الوحيد منهم الذي كان متواجداً باستمرار مع السادات دون ميعاد سابق.

اشمعنى انيس منصور؟أنيس منصور كان فى هذا الوقت الصحفى الوحيد المقرب للرئيس السادات لدرجة انه كان يكتب له خطبه احياناً ويطلعه على بعض أفكاره وكان اللقاء بينهما يوميا ولمدة ساعة على الأقل مع عثمان أحمد عثمان يمشوا لمدة ساعة كل يوم من الساعة 4 بعد الظهر للساعة 5 لابسين شورت أو تريننيج وبعدين أنيس منصور رجل فليسوف وصاحب فكر وله تجارب عريضه وتجارب صحفيه وأنسانيه وله علاقاته العامه التي كان يحترمها السادات فكان يستفيد منها من خلال طرح بعض المشاكل عليه ليتلقى منه الحلول أو الردود التي تساعده على أتخاذ قراره أنيس منصور فى هذا الوقت كان أنسان مخلص وأنسان يعطي أفكاره وأراءه لصالح البلد ولصالح سمعة مصر وقيادة الرئيس السادات.

هل كان هناك مواضيع معينة كانت ثابته في الحوار؟موضوعات عامه وكثيراً ماكانت موضوعات تخص البلد ، يعني أفكار جديده فى بعض العلاقات الخاصه بالدول الاجنبيه مثل أمريكا وأسرئيل، حيث فكان دائما أثناء المشى ينتهز الفرصة وتواجد عثمان وأنيس ويطرح عليهم أفكاره ويتقبل منهم كلامهم ثم بعد المشى يطلع يأخذ الدش ويتغدى.

هل كان السادات يميل للروحانيات وعلوم السحر؟يميل الى الروحنيات نعم لكن يميل للسحر اطلاقاً لانه كان أنسان مؤمن وكان مصلى وكان بيصوم كل يوم أثنين وخميس وكان الرئيس السادات ينفر من ممارسات السحر والسحرة ، وكان كثيراً مايردد في هذه الحوارات الخاصة بالسحر أنا لا أحب هذه الممارسات، لكن جيهان تحب ذلك!.

إذن كان يؤمن بالروحانيات فقط ؟كان يقرأ كثيراً فيها وكان دليله في ذلك انيس منصور وكان عشقه لكتب الدكتور ابو الخير في علم الروح وللدكتور ابو الخير نفسه.

اهم حادثة روحانية تعلمها وآمن بها السادات؟حادثه خطيره الله يرحم الدكتور عبد الحليم محمود كان شيخ الازهر فى السبعنيات قبل حرب 73 مباشرة يعنى أقل من شهر أو فى حدود شهر وقتها طلب مقابلة الرئيس السادات وقال له فى هذه المقابلة أننا رأيت رؤيه فى المنام أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرنى بالنصر وأذا حاربتم أسرائيل هتنتصروا عليها.

والسادات صدق؟الرئيس السادات أعتقد تماما فى هذا الكلام وأعتقد تمام فى أنه لو دخل المعركه هينتصر بإذن الله رغم انه كان معلوماً في ذلك الوقت لو تم مقارنه عامه للقوات بين الجانب المصرى والجانب الاسرائيلي المدعوم بالجانب الامريكى نجد أستحاله أن القوات المصريه تتقدم خطوه واحدة بعد قناة السويس.

يعني رؤيا الشيخ عبد الحليم كانت السبب؟ربنا سبحانه وتعالى ساعد الجيش المصرى فى أنه ينتصر هذا النصر العظيم فى اكتوبر 73 وايمان شعب مصر بكل طوائفه مسلمين ومسيحيين بوطنهم كان الحافز الرئيس للنصر.

بمناسبة الحديث عن النصر ألم تكن مظاهرات المصريين هي الدافع للسادات بخوض الحرب؟السادات من أول يوم تولى فيه الحكم كان حاطت فى أسبقيه أولى ضمن أهدافه وهي تحريك وضع اللا حرب واللا سلم الذي كانت تحياه مصر ربما يعود على مصر بوضع أفضل.

ولكن المظاهرات حدثت بالفعل وكان فيه نوع من الاعتقالات سنه 72 ضد السادات لدفعه للحرب ؟
لانه وعدهم بالحرب، فهو كان بيوعد فى كل خطاب من أول يوم كان بيوعدهم بانه سيحارب أسرئيل وكان يسمي الأعوام تارة بعام الحزم وتارة بعام الحسم فالناس أستعجلت هذا العام أو أستعجلت هذا القرار فكانوا دائما يدفعوا السادات أنه يتخذ قرار الحرب بسرعة.

وهل السادات لم يكن يريد اتخاذه؟تقصد قرار الحرب؟ أنا حضرت عدد من مجالس عسكريه للحرب، و الخطه كانت جاهزه قبل 73 ولكن السادات كان يرى بعض قصور فى الخطه وهذا القصور كان من وجهة نظر السادات يتركز في الجانب الروسى حيث لم يكن يمدنا بالسلاح طبقا للاتفاقيات أو طبقا للعهود ويبدو ان قرار استبعادهم من مصر كان هدف السادات قبل اتخاذ قرار الحرب حتى لايكون هناك فضل لأحد على مصر في حالة النصر الا الله وقدرة الجندي المصري.

هل قرار وقف الحرب بعد العبور كان قراراً صائباً؟الروس منعوا عنا امداد السلاح، واثناء الحرب استهلكنا اكثر من الكمية التي خططنا لها من السلاح والوقود واحتياطات الذخيرة، ولو لم يتخذ قرار الوقف ربما كانت حصلت كارثة.

ولكن لم يفصح السادات عن ذلك وقال فقط انه لايستطيع محاربة امريكا؟هل تريد من قائد اعلى للقوات المسلحة اثناء الحرب يقول سأوقف الحرب لأنني لاأمتلك سلاحاً؟ لقد عثرنا على دبابات اسرائيلية عدادات الكيلوميترات الخاص بها على 15 كيلو فقط اي انها طازة نازلة من الجو لإمداد الجيش الإسرائيلي، فكان لابد من خدعة خاصة ونحن بمفردنا في الحرب بدون ذخيرة تكفي يوم أو يومين، والحرب خدعة، فقال لن احارب اميركا، وبعدين استراتيجياً هذا القرار تم اتخاذه من منطق قوة .. انت استوليت على البر الشرقي كله وحركت الماء الراكد و ذلينا إسرائيل خاصة بعد مقال حسنين هيكل عن الثغرة وقد كان بمثابة نقطة ضعف لمصر.

هل تعتقد أن هذا القرار – قرار وقف الحرب - أكتسب به السادات كارت عند الامريكان خاصة لما قال أنا مقدرش أحارب امريكا؟
السادات كان 
رجل ذكى جدا ووجد ان العالم كله بما فيها أمريكا والدول ألأروبية وأسرئيل نفسها كانت بتسعى لوقف الحرب بأى صوره لدرجة إن جولدا مائير أيامها كانت بتصرخ فى أمريكا و بتقول لهم إن المصريين سيدخلوا أسرائيل فألحقونا أنجدونا لذلك أمريكا دخلت بكل ثقلها فى المعركه فلما العالم وجد السادات اعطى قرار أيقاف الحرب اعتبروا أن المصريين اعظم شعوب مارست العسكرية في القرن العشرين حيث اتخذوا قرار الحرب وحطموا خط بارليف الذي لايقهر واتخذوا قرار وقف الحرب حيناما رأوا انهم حصلوا على ماسعوا إليه وانتصروا واحترمهم العالم كله ونحن ايضاً كنا في قمة احترامنا لأنفسنا، لو كانت استمرت الحرب ونحن بلاذخيره بينما اسرائيل يأتيها المدد من الجو وحدث شئ غير النصر خاصة واننا خرجنا مهزومين عام 67 لكان ذلك اصبح قصمة ظهر للشعب المصري والعربي، وبعدين لم يكن قرار ايقاف حرب ولكنه أعطى قرار بأيقاف القوات المسلحة عند هذا الحد من التقدم نحو الشرق في سيناء وقال بالحرف الواحد لاتتقدموا بعد هذا الحد واعتقد ان قراره هذا كا في عظمة قراره باتخاذ قرار الحرب تماماً يمكن فيه بعض العسكريين ولا داعى لذكر الاسماء عارضوه فى هذا القرار لكن لم يكن هناك خياراً بديلاً


انتظروا الحلقة الثانية العدد القادم

حوار مع اللواء زهيري قائد مقر الرئيس السادات - الحلقة الاولى

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com

كان هناك ناس معينة تدخل للسادات بدون مواعيد مثل " عثمان احمد عثمان " والكاتب الصحفي " انيس منصور" ورئيس مجلس الشعب " سيد مرعى " لكن غالب الزيارات كانت بمواعيد مسبقة وكان المسئول عنها وعن اعطائي جدول بها سكرتيره الخاص " فوزى عبد الحافظ ".
اللواء عاطف زهيري
لكل زعيم أمة جانباً انسانياً لايراه فيه إلا المقربين منه أو الذين حاوطوه وشاركوه جزءاً ولو بسيطاً من حياته ، ولما كان الرئيس الرئيس الراحل محمد انور السادات من ضمن هؤلاء الرؤساء الذين حكموا مصر في فترات ساخنة وحرجة فقد راودتنا فكرة أن نحاول الكشف عن بعض الجوانب الإنسانية في حياة هذا الرجل والتي غفل عنها التاريخ وبشهادة رجال ونساء كانوا معه يقاسمونه الحياه ويشاركونه الفعل ورد الفعل ويرونه من زوايتهم لا من زاوية التاريخ، ومن ضمن هؤلاء الرجال الذين رافقوا الرئيس انور السادات لمدة ثماني سنوات كاملة اللواء اركان حرب عاطف زهيري الذي استمر قائداً لمقر الرئيس انور السادات حتى قبل وفاتة بثلاثة اسابيع فقط، قابلناه وحاورناه ووجدناه رغم تحفظه في كثير من المسائل بسبب تربيته العسكرية رجلاً يمثل الأصالة المصرية في اروع صورها كرجل عسكري وكمواطن مصري تجري في عروقة وحتى النخاع دماء تذوب عشقاً لمصر وشعب مصر ورموزها وسألناه:

كيف تعرفت سيادة اللواء عاطف زهيري على الرئيس السادات وكيف بدأت العلاقة؟التحقنا بالحرس الجمهورى فى أبريل 1971 وأول مرة ارى فيها السادات كانت فى الحرس الجمهورى عندما كلف الفريق المرحوم الليثى ناصر بالقبض على المجموعة التي عارضته وكانت تريد قلب نظام الحكم، تلك المجموعة التي جعلته يقوم بما اسماه " ثورة مايو " لقد شاهدتهم وهم أمام مكتب الليثى ناصر بعد القبض عليهم.

كيف جاء الأمر من السادات للفريق الليثي؟ قال له السادات بالحرف الواحد: " تقدر تقبض عليهم ياليثي خلال 24 ساعه ؟ فقال الفريق الليثي: يافندم خلال 4 ساعات سيكونون امام سعادتك. وبالفعل ذهب السادات مكتب الفريق الليثي في الحرس الجمهوري وجلس فيه مدة اربعة ساعات حتى جاءة الفريق الليثي بعد اربعة ساعات مقبوضاً عليهم.

اربعة ساعات؟اربعة ساعات او أقل.

كيف؟عن طريق ضباط خرجوا وكل واحد يقود سيارة جيب ومعة عدد من الجنود، عدد بسيط من الجنود وقبضوا عليهم جميعاً وكان أول المقبوض عليهم " محمد فوزى " و شعراوى جمعه وفايق محمد فايق ومجموعة إخرى من الوزراء والباقى تم أعتقالهم عن طريق الداخليه.

لهذه الدرجة وصلت حالة غضب السادات منهم إلى حد الإعتقال؟قدموا استقاله جماعيه ووضعوا البلد فى وضع محرج، وبعدين اهانوه في احد اجتمعاتهم.

اهانوه ازاي؟كانوا معتقدين انهم وضعوه كرئيس جمهوريه مؤقت على أساس أن يكون مجرد لعبه فى ايديهم يفرضوا عليه قرارات أو شخصيات تتولى الحكم فى البلد.

وهل هذا دافع للإعتقال؟السادات رجل قائد والبلد كانت في وضع حرج جداً وكان في اعتقاده انه مادام اصبح في موضع المسئولية فعليه أن يتخذ القرار الذي يراه صواباً وفي مصلحة الوضع الذي كانت تمر به مصر وقتذاك، وبعدين السادات لم يكن حديث عهد بالعمل السياسي بل سياسي محنك وتاريخه حافل بالأحداث من قبل قيام الثورة بزمن.

إذن كانت هذه اللحظة – لحظة الإعتقلات – هي المرة الإولى التي ترى فيها السادت؟بالضبط

ولكن هناك من يقول أن دافع السادات لإعتقال هؤلاء الوزراء اهانته الشخصية وسب امه في احدى المجالس؟كانت جلسات مجلس الوزارء المصرى وكانت معلنه وقام شعراوي جمعه وقال له: يا أبن "البربريه " انت فاكر نفسك رئيس الجمهوريه بصحيح ؟! إحنا اللي عملناك رئيس جمهوريه .. إحنا إللي حاطيناك على الكرسى .. ومحطوط منظر كمان.

ياخبر اسود؟ومادمت بتبحث عن الجانب الإنساني في شخصية السادات لازم تعرف انه بالرغم من اهانة شعراوي جمعة له وبشكل علني إلا انه راعى حالته الصحيه ووضعه بعد الاعتقال فى مستشفى ثم أفرج عنه بل أفرج عنهم كلهم بعد كده.

وكان تعيينك بعدها قائداً لمقر السادات؟أتعينت من ضمن أربعه ضباط من الحرس الجمهورى وكنا مسئولين عن تأمين مقر الرئيس وكنا تحت مسمى القائد منوب المقر يعنى بنطلع بالإنابه يعنى واحد وراء واحد كنا أربعه ومن خلال خدماتى كنت بمسك يوم نبطشى 24ساعه كل أربعة أيام.

كان دورك حماية المقر أم حماية الرئيس؟شخص الرئيس بالنسبة لي كمسئول عن الحماية هو المقر .. بمعنى أن مكان تواجد الرئيس انا مسئول عن حمايته مع رجالي .. لكن انا كنت دائماً في معيته اينما ذهب.

 
محيي ابراهيم في لقاءة مع اللواء عاطف زهيري
هل كان لك شخصياً علاقة باسرة السادات بحكم عملك؟تعرفنا على السادات والعائله كلها بالطبع وكان أولاده مازالوا صغارا وكثيراً ماكانوا يلعبون بجوارنا وتحت حمايتنا في بيت الجيزة بشارع الجيزة الواقع على النيلً.

وماذا عن السيدة جيهان السادات؟كانت السيده جيهان السادات كل يوم الصبح بنفسها تنزل تتطمن على الاحوال فى مكتب قائد المقر تشوف الثلاجه بتاعته تشوف الإحتياجات الاداريه للمشروبات وخلافه وتشوف نظافه المقر ومبنى اداره قيادة الحرس الجمهورى وكذلك مقر السكرتاريه والنظام كله وهل هل هناك مشاكل أداريه أم لا.

هل كانت السيدة جيهان تتدخل في الأمور الفنية للحماية؟ اطلاقاً.. لم تتدخل فى المشاكل الفنيه أو فى العمل كان همها كله منصب حول راحة الحرس وانه ليس هناك مشاكل ادارية.

ماهي حدود مسئولياتك آنذاك؟مسئول عن أخراج الحراسها الخاصة بالسادات وأى حد يدخل مقر السادات لابد يدخل عن طريقى.

هل كل لقاءات السادات كانت تتم بميعاد مسبق؟كان هناك ناس معينة تدخل للسادات بدون مواعيد مثل " عثمان احمد عثمان " والكاتب الصحفي " انيس منصور" ورئيس مجلس الشعب " سيد مرعى " لكن غالب الزيارات كانت بمواعيد مسبقة وكان المسئول عنها وعن اعطائي جدول بها سكرتيره الخاص " فوزى عبد الحافظ ".

من هي أبرز الشخصيات التي كانت دائما تتردد على السادات فى مجالات الفن بلاش السياسة ولكن مجالات الفن والثقافة؟في الحقيقة لم يكن يقابل السادات احداً إلا بناء على ميعاد سابق أو بطلب شخصي منه، وهو في الحقيقة كان يحب الفن والفنانين ورجال الادب والثقافة لكن النيس منصور هو الوحيد منهم الذي كان متواجداً باستمرار مع السادات دون ميعاد سابق.

اشمعنى انيس منصور؟أنيس منصور كان فى هذا الوقت الصحفى الوحيد المقرب للرئيس السادات لدرجة انه كان يكتب له خطبه احياناً ويطلعه على بعض أفكاره وكان اللقاء بينهما يوميا ولمدة ساعة على الأقل مع عثمان أحمد عثمان يمشوا لمدة ساعة كل يوم من الساعة 4 بعد الظهر للساعة 5 لابسين شورت أو تريننيج وبعدين أنيس منصور رجل فليسوف وصاحب فكر وله تجارب عريضه وتجارب صحفيه وأنسانيه وله علاقاته العامه التي كان يحترمها السادات فكان يستفيد منها من خلال طرح بعض المشاكل عليه ليتلقى منه الحلول أو الردود التي تساعده على أتخاذ قراره أنيس منصور فى هذا الوقت كان أنسان مخلص وأنسان يعطي أفكاره وأراءه لصالح البلد ولصالح سمعة مصر وقيادة الرئيس السادات.

هل كان هناك مواضيع معينة كانت ثابته في الحوار؟موضوعات عامه وكثيراً ماكانت موضوعات تخص البلد ، يعني أفكار جديده فى بعض العلاقات الخاصه بالدول الاجنبيه مثل أمريكا وأسرئيل، حيث فكان دائما أثناء المشى ينتهز الفرصة وتواجد عثمان وأنيس ويطرح عليهم أفكاره ويتقبل منهم كلامهم ثم بعد المشى يطلع يأخذ الدش ويتغدى.

هل كان السادات يميل للروحانيات وعلوم السحر؟يميل الى الروحنيات نعم لكن يميل للسحر اطلاقاً لانه كان أنسان مؤمن وكان مصلى وكان بيصوم كل يوم أثنين وخميس وكان الرئيس السادات ينفر من ممارسات السحر والسحرة ، وكان كثيراً مايردد في هذه الحوارات الخاصة بالسحر أنا لا أحب هذه الممارسات، لكن جيهان تحب ذلك!.

إذن كان يؤمن بالروحانيات فقط ؟كان يقرأ كثيراً فيها وكان دليله في ذلك انيس منصور وكان عشقه لكتب الدكتور ابو الخير في علم الروح وللدكتور ابو الخير نفسه.

اهم حادثة روحانية تعلمها وآمن بها السادات؟حادثه خطيره الله يرحم الدكتور عبد الحليم محمود كان شيخ الازهر فى السبعنيات قبل حرب 73 مباشرة يعنى أقل من شهر أو فى حدود شهر وقتها طلب مقابلة الرئيس السادات وقال له فى هذه المقابلة أننا رأيت رؤيه فى المنام أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرنى بالنصر وأذا حاربتم أسرائيل هتنتصروا عليها.

والسادات صدق؟الرئيس السادات أعتقد تماما فى هذا الكلام وأعتقد تمام فى أنه لو دخل المعركه هينتصر بإذن الله رغم انه كان معلوماً في ذلك الوقت لو تم مقارنه عامه للقوات بين الجانب المصرى والجانب الاسرائيلي المدعوم بالجانب الامريكى نجد أستحاله أن القوات المصريه تتقدم خطوه واحدة بعد قناة السويس.

يعني رؤيا الشيخ عبد الحليم كانت السبب؟ربنا سبحانه وتعالى ساعد الجيش المصرى فى أنه ينتصر هذا النصر العظيم فى اكتوبر 73 وايمان شعب مصر بكل طوائفه مسلمين ومسيحيين بوطنهم كان الحافز الرئيس للنصر.

بمناسبة الحديث عن النصر ألم تكن مظاهرات المصريين هي الدافع للسادات بخوض الحرب؟السادات من أول يوم تولى فيه الحكم كان حاطت فى أسبقيه أولى ضمن أهدافه وهي تحريك وضع اللا حرب واللا سلم الذي كانت تحياه مصر ربما يعود على مصر بوضع أفضل.

ولكن المظاهرات حدثت بالفعل وكان فيه نوع من الاعتقالات سنه 72 ضد السادات لدفعه للحرب ؟
لانه وعدهم بالحرب، فهو كان بيوعد فى كل خطاب من أول يوم كان بيوعدهم بانه سيحارب أسرئيل وكان يسمي الأعوام تارة بعام الحزم وتارة بعام الحسم فالناس أستعجلت هذا العام أو أستعجلت هذا القرار فكانوا دائما يدفعوا السادات أنه يتخذ قرار الحرب بسرعة.

وهل السادات لم يكن يريد اتخاذه؟تقصد قرار الحرب؟ أنا حضرت عدد من مجالس عسكريه للحرب، و الخطه كانت جاهزه قبل 73 ولكن السادات كان يرى بعض قصور فى الخطه وهذا القصور كان من وجهة نظر السادات يتركز في الجانب الروسى حيث لم يكن يمدنا بالسلاح طبقا للاتفاقيات أو طبقا للعهود ويبدو ان قرار استبعادهم من مصر كان هدف السادات قبل اتخاذ قرار الحرب حتى لايكون هناك فضل لأحد على مصر في حالة النصر الا الله وقدرة الجندي المصري.

هل قرار وقف الحرب بعد العبور كان قراراً صائباً؟الروس منعوا عنا امداد السلاح، واثناء الحرب استهلكنا اكثر من الكمية التي خططنا لها من السلاح والوقود واحتياطات الذخيرة، ولو لم يتخذ قرار الوقف ربما كانت حصلت كارثة.

ولكن لم يفصح السادات عن ذلك وقال فقط انه لايستطيع محاربة امريكا؟هل تريد من قائد اعلى للقوات المسلحة اثناء الحرب يقول سأوقف الحرب لأنني لاأمتلك سلاحاً؟ لقد عثرنا على دبابات اسرائيلية عدادات الكيلوميترات الخاص بها على 15 كيلو فقط اي انها طازة نازلة من الجو لإمداد الجيش الإسرائيلي، فكان لابد من خدعة خاصة ونحن بمفردنا في الحرب بدون ذخيرة تكفي يوم أو يومين، والحرب خدعة، فقال لن احارب اميركا، وبعدين استراتيجياً هذا القرار تم اتخاذه من منطق قوة .. انت استوليت على البر الشرقي كله وحركت الماء الراكد و ذلينا إسرائيل خاصة بعد مقال حسنين هيكل عن الثغرة وقد كان بمثابة نقطة ضعف لمصر.

هل تعتقد أن هذا القرار – قرار وقف الحرب - أكتسب به السادات كارت عند الامريكان خاصة لما قال أنا مقدرش أحارب امريكا؟
السادات كان 
رجل ذكى جدا ووجد ان العالم كله بما فيها أمريكا والدول ألأروبية وأسرئيل نفسها كانت بتسعى لوقف الحرب بأى صوره لدرجة إن جولدا مائير أيامها كانت بتصرخ فى أمريكا و بتقول لهم إن المصريين سيدخلوا أسرائيل فألحقونا أنجدونا لذلك أمريكا دخلت بكل ثقلها فى المعركه فلما العالم وجد السادات اعطى قرار أيقاف الحرب اعتبروا أن المصريين اعظم شعوب مارست العسكرية في القرن العشرين حيث اتخذوا قرار الحرب وحطموا خط بارليف الذي لايقهر واتخذوا قرار وقف الحرب حيناما رأوا انهم حصلوا على ماسعوا إليه وانتصروا واحترمهم العالم كله ونحن ايضاً كنا في قمة احترامنا لأنفسنا، لو كانت استمرت الحرب ونحن بلاذخيره بينما اسرائيل يأتيها المدد من الجو وحدث شئ غير النصر خاصة واننا خرجنا مهزومين عام 67 لكان ذلك اصبح قصمة ظهر للشعب المصري والعربي، وبعدين لم يكن قرار ايقاف حرب ولكنه أعطى قرار بأيقاف القوات المسلحة عند هذا الحد من التقدم نحو الشرق في سيناء وقال بالحرف الواحد لاتتقدموا بعد هذا الحد واعتقد ان قراره هذا كا في عظمة قراره باتخاذ قرار الحرب تماماً يمكن فيه بعض العسكريين ولا داعى لذكر الاسماء عارضوه فى هذا القرار لكن لم يكن هناك خياراً بديلاً


انتظروا الحلقة الثانية العدد القادم

الخميس، 1 يناير 2009

حكومة العالم الخفية


من أجل !!

الواصلون هم الذين من أجل ما إتصلوا، اتصلوا .. والمنقطعون هم الذين من أجل ما إنقطعوا، انقطعوا !!

لايفزعك سوء

إن أوجدته في عفوك أوجدك في مغفرته .. حتى لا يستوحشك شئ .. وإن وصلته باحسانك وصلك بعرفانه .. حتى لايفزعك سوء !!

لايفزعك سوء

إن أوجدته في عفوك أوجدك في مغفرته .. حتى لا يستوحشك شئ .. وإن وصلته باحسانك وصلك بعرفانه .. حتى لايفزعك سوء !!

من أجل !!

الواصلون هم الذين من أجل ما إتصلوا، اتصلوا .. والمنقطعون هم الذين من أجل ما إنقطعوا، انقطعوا !!

حكومة العالم الخفية


الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

حوار مع جالا فهمي


أجرى الحوار: محيي الدين إبراهيم - محمود عبد الوهاب
noonptm@gmail.com
انا بطبيعتي وبكل الخلفيات التي ذكرتها لك عن طفولتي ونشأتي ارفض دور المرأة المغلوبة على أمرها، المسألة دى مزعجة جداً، خاصة إن المرأة العربية كانت مؤثرة جداً في صناعة التاريخ الإنساني قبل المرأة الغربية بآلاف السنين، فهل يصح أن تتحول ببساطة الى ارتداء هذا الدور الهامشي.


إنها اميرة السينما المصرية إنها جالا فهمي ابنة المخرج أشرف فهمي، التي حيرت النقاد بتعدد مشاربها الثقافية والفنية وتنوع اعمالها التي غرقت في اعماق المجتمع المصري وصورته كأروع مايكون التصوير وبلمسة من روح هذة الفنانة المتألقة جالا فهمي. واميرة السينما المصرية جالا فهمي من مواليد 1962 حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1986، وعملت في الاذاعة التليفزيونية بالاضافة إلي ممارستها للتمثيل، بدات حياتها الفنية في سن مبكرة، كانت لا تزال في الثانية عشر من عمرها . ثم عادت كمذيعة لبرنامج إذاعي بعنوان حكايات راوية وفكرى، ومنه إلى التلفزيون ثم تفرغت للسينما وذاقت طعم النجاح فى مجموعة الافلام الممصرة التى قدمتها مع المخرج شريف شعبان.
بعضهم قال أن جالا فهمي اشبه بعالم كامل ولكن يمشي على قدمين هل هذا صحيح؟
صحيح.. فأنا وخلال النصف الأول من حياتي كنت احيا في مدينة " سانتياجو" بدولة شيلي وبعدها عشت مع الأسرة في مدريد اسبانيا وطبعاً اتحدث الاسبانية كأولاد بلدها واتمتع بصداقة فنانيين وشخصيات اسبانية كثيرين، ولأن ماما خريجة آداب قسم فرنساوي فكان من الطبيعي أن تحتل فرنسا جزء كبير من حياتي فقد كنا نزورها كثيراً اثناء تواجدنا بأسبانيا ومازلت حتى الآن ازورها كثيرا وساعدني ايضا على محبة هذا البلد كوني اتحدث الفرنسية بطلاقة، واتذكر أن جدتي وهي خريجة مدارس فرنساوي كانت لاتتحدث معي في البيت وانا طفلة إلا بالفرنسية وهي ايضاً التي صممت على ان تدخل ماما آداب قرنساوي، ولما درست آداب انجليزي اصبحت ثقافتي تتنوع مابين العربية والأسبانية والفرنسية والإنجليزية وهي امور ساعدتني كثيراً فنياً واجتماعياً في التعريف بوطني بل انني الآن احاول التعريف بالثقافات من خلال استثمار درايتي الكاملة باربعة لغات عالمية في محاولة مني للتقريب بين الثقافة الشرقية والغربية عن طريق افلامي وايضاً عن طريق المهرجانات التي احضرها في شتى بلدان العالم.

معروف عنك انك صريحة جداً .. هل هذه الصراحة سببت لك متاعب؟اساساً الصراحة والحقيقة اصل المتاعب، وانا انسانة مستقلة، تعلمت من كثرة الحياة بالخارج كيف يكون الإنسان مستقلاً في قراراته، وهذا لايعني الإستبداد بالرأي بالعكس، ولكن قدرتك على قبول الاستشارة المنطقية، يعني ليس كل مايقال لك تقوم بتنفيذه ولكن تقبل منه الحدث المنطقي وإلا ستتحول الأمور كلها إلى فوضى.




ولكن هذا الامر – المنطق يعني – اصبح امر متعب جداً في ايامنا هذه؟ولذلك فانا من وجهة نظر البعض شرسة.


وهل جالا فهمي فنانة شرسة؟شوف يامحيي ، انا جدي احمد بك فهمي كان عميداً لكلية الطب وكان رحيما جداً وعطوفا لأقصى حد هذا بجانب روحة الرياضية العالية إذ كان رئيساً لنادى الصبد وهو ماأكسينا روح التفاؤل وحب الحياة والتعامل مع الأمور ببساطة وتعاون ناهيك طبعاً عن كون عائلتي كلها عاشقة للفن والفن اولاً واخيراً تهذيب للعقل والسلوك، وهذ ورثته ايضاً عن والدى الفنان والمخرج اشرف فهمي والذي تشربت منه سلوكيات كثيرة في غاية النبل فإلى جانب انسانيته البديعة قد كان يتوجها دائما بثقافته إذ كان حاصلاً على شهادات عليا من مصر وامريكا في التاريخ والسينما من اعرق الجامعات المصرية والأمريكية، هذه كلها اصول ونسب أو كما يقول اهل بلدي " سلسال " واعتقد انه طيب ويحمل كل مقومات السلوك الانساني الرفيع الذي تربيت فيه ووعيته، ربما انا مختلفة لكن لست شرسة.

المخرج اشرف فهمي كان صاحب صالون ادبي وفني .. ماتأثير هذا الصالون على جالا قهمي ؟تأثير عظيم جداً، بل انه اصبح جزءاً من تكويني الشخصي كجالا فهمي على المستويين الانساني والفني، انت لايمكن تتخيل وانا طفلة وارى في بيت بابا وفي غرفة الصالون امثال محمود مرسي وعادل ادهم وشادية ونادية لطفي ونبيلة عبيد نجلاء فتحي ويسرا عالم راقي من اعلام السينما والفن في عالمنا.

هل جالا فهمي كفنانة تأثرت بالفنانة لبنى عبد العزيز؟ليه بتقول السؤال ده؟

ادوار جالا فهمي كلها ادوار متمردة على وضع المرأة أو النظرة العامة تجاه المرأة في الشرق اليس كذلك؟
انا بطبيعتي وبكل الخلفيات التي ذكرتها لك عن طفولتي ونشأتي ارفض دور المرأة المستكينة او المغلوبة على أمرها، المسألة دى مزعجة جداً، خاصة إن المرأة العربية كانت مؤثرة جداً في صناعة التاريخ الإنساني قبل المرأة الغربية بآلاف السنين، فهل يصح أن تتحول ببساطة هكذا الى ارتداء هذا الدور الهامشي، بل ليس هامشياً وحسب بل ايضاً يضاف عليه الضعف وكونها كائناً ثانوياً، لبنى عبد الغزيز تمرددت على هذا الوضع وماجدة الصباحي كانت رائدة التمرد على هذا الوضع وانا ايضاً متمردة عليه ولكن لكل منا وجهة نظره حسب مناخة ولغة الجيل الذي يتحدث معه وقضايا زمنه وان كان هناك تأثير كما تفضلت بالسؤال فهو ليس عيباً خاصة انهن فنانات عظام وان كنت لم اضعهن امامي لانني امارس شخصيتي الطبيعية في الحياة التي ربما تتشابه مع منهجهن في الحياة وهذا شئ كويس وليس عيباً.



غنيتي لفلسطين جالا؟أغنية فيديو كليب بعنوان "الشعب الصامد" تأليف أحمد فؤاد نجم وإخراج جميل مغازي، وهي أغنية تحيي صمود الشعب الفلسطيني، وكنت أنوي ضمها إلي ألبوم غنائي لي سيطرح في الأسواق قريبا ولكن رأيت أن أسرع بتسجيلها وتصويرها وإهدائها إلي الفضائيات العربية لإذاعتها مشاركة مني في دعم الصمود الفلسطيني وفضح ممارسات إسرائيل العنصرية ضد الفلسطينيين.


هل يضاف لرصيدك الفني كونك فنانة ثورية؟انا جالا فهمي فنانة مصرية حرة ومن سلالة احرار ومؤمنة جداً بوطني وبقضاياه، ولو كان هذا الإيمان يقع تحت مسمى ثورية فانا ثورية، لانك كفنان ان لم تؤمن بقضاياك وقضايا وطنك ستصبح مجرد حالة تظهر ثم تموت وتتلاشى ولايذكرها احد كأنك لم تكن، الفنان الحقيقي هو الفنان الذي يحمل مسئولية وطنه من خلال فنه، وأنا أؤمن بأن حريتي في قلبي، وفلسطين يامحيي جزء غالي جداً من هذا القلب.


وماهي المسئولية تجاة الوطن من خلال ماسوف تقدمينه للجمهور في المستقبل؟فيلم يغوص في اخطر قضايا الشباب ويسلط الضوء عليها لينتبه الجميع إلى وجه الخطر الذي إن تغاضينا عنه ربما يؤثر على الوطن ومصر تأئيراً سلبياً لاتحمد عقباه.


ممكن نتعرف على العمل؟مستحيل .. ده مفاجأة


يعني فيلم الموسم؟هذا اتركه للنقاد .. لكن انا كفنانة لااستطيع حرق الفيلم قبل عرضة.


نوع من الالتزام؟تقدر تقول كدة.

هل جالا فهمي راضية عن احوال السينما في مصر؟الفنان المصري فنان عظيم عالمياً لكن النهاردة يتم استغلاله بصورة غير مرضية دفعت كثير من نجومه للإعتزال أو دفعتهم للقيام بعمل واحد كل ثلاث سنوات مثلاً.


من الذي يقوم باستغلاله وماهي طرق الإستغلال؟عندك مثلاً قنوات الافلام المتخصصة والتي يديرها امراء عرب، القنوات دي عايزة افلام من كلاس سي بمعنى افلام لايزيد انتاجها عن نصف مليون جنية وبوجوه غير معروفة، والنتيجة ان كل الافلام الموجودة على الساحة افلام درجة ثالثة وبوجوه ليس لها تاريخ وربما اكبر مثال مهرجان دمشق الذي شاركت فيه مصر بأفلام تسئ لتاريخ القنان المصري، وهو امر مقصود للإساءة الى الفنان المصري وتاريخه وريادته، وانا اقول ياجماعة إذا كنتم تريدون وجوهاً جديدة وبنصف مليون جنية للفيلم فلتتيحوا لي الفرصة بإعطائي هذا المبلغ وانا انتج افلاماً عظيمة بخريجي معهد السينما بدلا من الأفلام التجارية وستكون من اروع ماتنتج السينما في وقتنا الحالي لان معاهدنا الفنية تفرز فنانون شبان رائعون.


ولكن بالنسبة للسينما لم يعد هناك افلاما تحمل مسمى فيلما فنياً خالداً؟مانا قلت لك .. الافلام كلها تجارية من طراز سي ، اوكي ياجماعة .. لتكن افلام تجارية من طراز سي ، لكن اجعلوا بينها ولو فيلما واحدا يحمل فنا .. يحمل خلودا، يحافظ على مجد الريادة للسينما المصرية، لانه على سبيل المثال امريكا تنتج 1200 فيلماً في العام الواحد ولايحصل على الاوسكار الا فيلما واحدا، نريد في مصر فيلما واحدا كل عام يظهر قيمة الفن المصري قبل ان نبكي في المستقبل على اللبن المسكوب ولانجد على سبيل المثال إلا فيلم على شاكلة "حاحا وتفاحة" للدخول به مهرجانات امثال مهرجان كان وبرلين، دي فضيحة.


هل هذا يدفعنا للإيمان بأن هناك يد تخرب صناعة السينما في مصر؟لا.. ولكن اياد تريد الربح السريع وليس الخراب لإن لو خربت صناعة السينما في مصر لن يجدوا فنانا عربيا يحمل مايحمله الفنان المصري من تاريخ وخبره وتنوع، اكرر ليس هناك تخريب ولكن رغبة في التربح السريع.

فنان شاب ترى فيه جالا فهمي فناناً متميزاً؟محمد سعد .. فنان شاب يحمل كل مقومات الفنان المتميز .. محمد سعد لو قام بأدوار تراجيدي سيبكيك بجد .. ولكن اعتقد انه لم يحن الأوان بعد.


هل اي فنان يمكن أن يمثل ادواراً كوميدية ؟لا طبعاً .. الكوميديا يلزمها ايقاع وسرعة بديهه وخفة ظل، والفنان الكوميدي لابد أن يحمل ميول لدى الفن الكوميدي، ليس كل فنان بالطبع قادر على اداء الأدوار الكوميدي.


هل هناك عتاب ما تختزنه جالا فهمي في قلبها ولايعلمه احد؟هذا حقيقي .. وعتاب يحمل علامة استفهام ايضاً .. وهو ان الفنان اشرف فهمي لم يكرم ولا في مهرجان سينما مصري حتى الآن !! لماذا ؟؟ اليس اشرف فهمي فناناً عظيماً ومخرجاً وطنياً قديراً آمن بقضايا وطنه وترجمها من فكره وفنه، هذا هو عتابي.


حوار مع جالا فهمي


أجرى الحوار: محيي الدين إبراهيم - محمود عبد الوهاب
noonptm@gmail.com
انا بطبيعتي وبكل الخلفيات التي ذكرتها لك عن طفولتي ونشأتي ارفض دور المرأة المغلوبة على أمرها، المسألة دى مزعجة جداً، خاصة إن المرأة العربية كانت مؤثرة جداً في صناعة التاريخ الإنساني قبل المرأة الغربية بآلاف السنين، فهل يصح أن تتحول ببساطة الى ارتداء هذا الدور الهامشي.


إنها اميرة السينما المصرية إنها جالا فهمي ابنة المخرج أشرف فهمي، التي حيرت النقاد بتعدد مشاربها الثقافية والفنية وتنوع اعمالها التي غرقت في اعماق المجتمع المصري وصورته كأروع مايكون التصوير وبلمسة من روح هذة الفنانة المتألقة جالا فهمي. واميرة السينما المصرية جالا فهمي من مواليد 1962 حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1986، وعملت في الاذاعة التليفزيونية بالاضافة إلي ممارستها للتمثيل، بدات حياتها الفنية في سن مبكرة، كانت لا تزال في الثانية عشر من عمرها . ثم عادت كمذيعة لبرنامج إذاعي بعنوان حكايات راوية وفكرى، ومنه إلى التلفزيون ثم تفرغت للسينما وذاقت طعم النجاح فى مجموعة الافلام الممصرة التى قدمتها مع المخرج شريف شعبان.
بعضهم قال أن جالا فهمي اشبه بعالم كامل ولكن يمشي على قدمين هل هذا صحيح؟
صحيح.. فأنا وخلال النصف الأول من حياتي كنت احيا في مدينة " سانتياجو" بدولة شيلي وبعدها عشت مع الأسرة في مدريد اسبانيا وطبعاً اتحدث الاسبانية كأولاد بلدها واتمتع بصداقة فنانيين وشخصيات اسبانية كثيرين، ولأن ماما خريجة آداب قسم فرنساوي فكان من الطبيعي أن تحتل فرنسا جزء كبير من حياتي فقد كنا نزورها كثيراً اثناء تواجدنا بأسبانيا ومازلت حتى الآن ازورها كثيرا وساعدني ايضا على محبة هذا البلد كوني اتحدث الفرنسية بطلاقة، واتذكر أن جدتي وهي خريجة مدارس فرنساوي كانت لاتتحدث معي في البيت وانا طفلة إلا بالفرنسية وهي ايضاً التي صممت على ان تدخل ماما آداب قرنساوي، ولما درست آداب انجليزي اصبحت ثقافتي تتنوع مابين العربية والأسبانية والفرنسية والإنجليزية وهي امور ساعدتني كثيراً فنياً واجتماعياً في التعريف بوطني بل انني الآن احاول التعريف بالثقافات من خلال استثمار درايتي الكاملة باربعة لغات عالمية في محاولة مني للتقريب بين الثقافة الشرقية والغربية عن طريق افلامي وايضاً عن طريق المهرجانات التي احضرها في شتى بلدان العالم.

معروف عنك انك صريحة جداً .. هل هذه الصراحة سببت لك متاعب؟اساساً الصراحة والحقيقة اصل المتاعب، وانا انسانة مستقلة، تعلمت من كثرة الحياة بالخارج كيف يكون الإنسان مستقلاً في قراراته، وهذا لايعني الإستبداد بالرأي بالعكس، ولكن قدرتك على قبول الاستشارة المنطقية، يعني ليس كل مايقال لك تقوم بتنفيذه ولكن تقبل منه الحدث المنطقي وإلا ستتحول الأمور كلها إلى فوضى.




ولكن هذا الامر – المنطق يعني – اصبح امر متعب جداً في ايامنا هذه؟ولذلك فانا من وجهة نظر البعض شرسة.


وهل جالا فهمي فنانة شرسة؟شوف يامحيي ، انا جدي احمد بك فهمي كان عميداً لكلية الطب وكان رحيما جداً وعطوفا لأقصى حد هذا بجانب روحة الرياضية العالية إذ كان رئيساً لنادى الصبد وهو ماأكسينا روح التفاؤل وحب الحياة والتعامل مع الأمور ببساطة وتعاون ناهيك طبعاً عن كون عائلتي كلها عاشقة للفن والفن اولاً واخيراً تهذيب للعقل والسلوك، وهذ ورثته ايضاً عن والدى الفنان والمخرج اشرف فهمي والذي تشربت منه سلوكيات كثيرة في غاية النبل فإلى جانب انسانيته البديعة قد كان يتوجها دائما بثقافته إذ كان حاصلاً على شهادات عليا من مصر وامريكا في التاريخ والسينما من اعرق الجامعات المصرية والأمريكية، هذه كلها اصول ونسب أو كما يقول اهل بلدي " سلسال " واعتقد انه طيب ويحمل كل مقومات السلوك الانساني الرفيع الذي تربيت فيه ووعيته، ربما انا مختلفة لكن لست شرسة.

المخرج اشرف فهمي كان صاحب صالون ادبي وفني .. ماتأثير هذا الصالون على جالا قهمي ؟تأثير عظيم جداً، بل انه اصبح جزءاً من تكويني الشخصي كجالا فهمي على المستويين الانساني والفني، انت لايمكن تتخيل وانا طفلة وارى في بيت بابا وفي غرفة الصالون امثال محمود مرسي وعادل ادهم وشادية ونادية لطفي ونبيلة عبيد نجلاء فتحي ويسرا عالم راقي من اعلام السينما والفن في عالمنا.

هل جالا فهمي كفنانة تأثرت بالفنانة لبنى عبد العزيز؟ليه بتقول السؤال ده؟

ادوار جالا فهمي كلها ادوار متمردة على وضع المرأة أو النظرة العامة تجاه المرأة في الشرق اليس كذلك؟
انا بطبيعتي وبكل الخلفيات التي ذكرتها لك عن طفولتي ونشأتي ارفض دور المرأة المستكينة او المغلوبة على أمرها، المسألة دى مزعجة جداً، خاصة إن المرأة العربية كانت مؤثرة جداً في صناعة التاريخ الإنساني قبل المرأة الغربية بآلاف السنين، فهل يصح أن تتحول ببساطة هكذا الى ارتداء هذا الدور الهامشي، بل ليس هامشياً وحسب بل ايضاً يضاف عليه الضعف وكونها كائناً ثانوياً، لبنى عبد الغزيز تمرددت على هذا الوضع وماجدة الصباحي كانت رائدة التمرد على هذا الوضع وانا ايضاً متمردة عليه ولكن لكل منا وجهة نظره حسب مناخة ولغة الجيل الذي يتحدث معه وقضايا زمنه وان كان هناك تأثير كما تفضلت بالسؤال فهو ليس عيباً خاصة انهن فنانات عظام وان كنت لم اضعهن امامي لانني امارس شخصيتي الطبيعية في الحياة التي ربما تتشابه مع منهجهن في الحياة وهذا شئ كويس وليس عيباً.



غنيتي لفلسطين جالا؟أغنية فيديو كليب بعنوان "الشعب الصامد" تأليف أحمد فؤاد نجم وإخراج جميل مغازي، وهي أغنية تحيي صمود الشعب الفلسطيني، وكنت أنوي ضمها إلي ألبوم غنائي لي سيطرح في الأسواق قريبا ولكن رأيت أن أسرع بتسجيلها وتصويرها وإهدائها إلي الفضائيات العربية لإذاعتها مشاركة مني في دعم الصمود الفلسطيني وفضح ممارسات إسرائيل العنصرية ضد الفلسطينيين.


هل يضاف لرصيدك الفني كونك فنانة ثورية؟انا جالا فهمي فنانة مصرية حرة ومن سلالة احرار ومؤمنة جداً بوطني وبقضاياه، ولو كان هذا الإيمان يقع تحت مسمى ثورية فانا ثورية، لانك كفنان ان لم تؤمن بقضاياك وقضايا وطنك ستصبح مجرد حالة تظهر ثم تموت وتتلاشى ولايذكرها احد كأنك لم تكن، الفنان الحقيقي هو الفنان الذي يحمل مسئولية وطنه من خلال فنه، وأنا أؤمن بأن حريتي في قلبي، وفلسطين يامحيي جزء غالي جداً من هذا القلب.


وماهي المسئولية تجاة الوطن من خلال ماسوف تقدمينه للجمهور في المستقبل؟فيلم يغوص في اخطر قضايا الشباب ويسلط الضوء عليها لينتبه الجميع إلى وجه الخطر الذي إن تغاضينا عنه ربما يؤثر على الوطن ومصر تأئيراً سلبياً لاتحمد عقباه.


ممكن نتعرف على العمل؟مستحيل .. ده مفاجأة


يعني فيلم الموسم؟هذا اتركه للنقاد .. لكن انا كفنانة لااستطيع حرق الفيلم قبل عرضة.


نوع من الالتزام؟تقدر تقول كدة.

هل جالا فهمي راضية عن احوال السينما في مصر؟الفنان المصري فنان عظيم عالمياً لكن النهاردة يتم استغلاله بصورة غير مرضية دفعت كثير من نجومه للإعتزال أو دفعتهم للقيام بعمل واحد كل ثلاث سنوات مثلاً.


من الذي يقوم باستغلاله وماهي طرق الإستغلال؟عندك مثلاً قنوات الافلام المتخصصة والتي يديرها امراء عرب، القنوات دي عايزة افلام من كلاس سي بمعنى افلام لايزيد انتاجها عن نصف مليون جنية وبوجوه غير معروفة، والنتيجة ان كل الافلام الموجودة على الساحة افلام درجة ثالثة وبوجوه ليس لها تاريخ وربما اكبر مثال مهرجان دمشق الذي شاركت فيه مصر بأفلام تسئ لتاريخ القنان المصري، وهو امر مقصود للإساءة الى الفنان المصري وتاريخه وريادته، وانا اقول ياجماعة إذا كنتم تريدون وجوهاً جديدة وبنصف مليون جنية للفيلم فلتتيحوا لي الفرصة بإعطائي هذا المبلغ وانا انتج افلاماً عظيمة بخريجي معهد السينما بدلا من الأفلام التجارية وستكون من اروع ماتنتج السينما في وقتنا الحالي لان معاهدنا الفنية تفرز فنانون شبان رائعون.


ولكن بالنسبة للسينما لم يعد هناك افلاما تحمل مسمى فيلما فنياً خالداً؟مانا قلت لك .. الافلام كلها تجارية من طراز سي ، اوكي ياجماعة .. لتكن افلام تجارية من طراز سي ، لكن اجعلوا بينها ولو فيلما واحدا يحمل فنا .. يحمل خلودا، يحافظ على مجد الريادة للسينما المصرية، لانه على سبيل المثال امريكا تنتج 1200 فيلماً في العام الواحد ولايحصل على الاوسكار الا فيلما واحدا، نريد في مصر فيلما واحدا كل عام يظهر قيمة الفن المصري قبل ان نبكي في المستقبل على اللبن المسكوب ولانجد على سبيل المثال إلا فيلم على شاكلة "حاحا وتفاحة" للدخول به مهرجانات امثال مهرجان كان وبرلين، دي فضيحة.


هل هذا يدفعنا للإيمان بأن هناك يد تخرب صناعة السينما في مصر؟لا.. ولكن اياد تريد الربح السريع وليس الخراب لإن لو خربت صناعة السينما في مصر لن يجدوا فنانا عربيا يحمل مايحمله الفنان المصري من تاريخ وخبره وتنوع، اكرر ليس هناك تخريب ولكن رغبة في التربح السريع.

فنان شاب ترى فيه جالا فهمي فناناً متميزاً؟محمد سعد .. فنان شاب يحمل كل مقومات الفنان المتميز .. محمد سعد لو قام بأدوار تراجيدي سيبكيك بجد .. ولكن اعتقد انه لم يحن الأوان بعد.


هل اي فنان يمكن أن يمثل ادواراً كوميدية ؟لا طبعاً .. الكوميديا يلزمها ايقاع وسرعة بديهه وخفة ظل، والفنان الكوميدي لابد أن يحمل ميول لدى الفن الكوميدي، ليس كل فنان بالطبع قادر على اداء الأدوار الكوميدي.


هل هناك عتاب ما تختزنه جالا فهمي في قلبها ولايعلمه احد؟هذا حقيقي .. وعتاب يحمل علامة استفهام ايضاً .. وهو ان الفنان اشرف فهمي لم يكرم ولا في مهرجان سينما مصري حتى الآن !! لماذا ؟؟ اليس اشرف فهمي فناناً عظيماً ومخرجاً وطنياً قديراً آمن بقضايا وطنه وترجمها من فكره وفنه، هذا هو عتابي.


الاثنين، 13 أكتوبر 2008

حين لا يأتي الخميس

بقلم د. حنان فاروق

aupbc@yahoo.com

متعب هو الآخر من المشاوير .. ينظر إلى الحقائب بنفاذ صبر .. (يبدو أنكم ستحتاجون حقيبة إضافية) .. ابتسِم .. (هل أنتم ذاهبون إلى الصحراء؟ ماهذه التخمة التى مرضت بها حقائبكم؟).. لا أرد .. أتشاغل بإعداد الغداء .


حقائبى المكتظة بأحلامي المختبئة بين أكوام ملابسي ملقاة على أرض .. صالة بيتى تستعجلني للرحيل .. للأسف لا أستطيع تقديم موعد سفرى دقيقة واحدة .. فجواز سفرى لا أتسلمه من الجهة التى أعمل بها إلا يوم السفر وحجز الطيران الذى منّ علي بموعده بعدما جلست فى قوائم الانتظار طويلاً لايمكن تبديله. هدّأت من إلحاح الحقائب وتشاغلت بإعدادات اليوم الموعود .. باقى من الزمن يومان .. يالطولهما المجهد .. يبدو أنه أغرقني فى دوامة أفكار لا تتوقف .. تخيلت لحظة وصولى ودمعات أمي تحتضننى قبل أن ألقي بنفسي بين ذراعيها .. أعرف معنى بكائها جيداً. أجفف مطر عينيها بمنديل وصولى فتبكى ثانية لخوفها من رحيلى الجديد .. منذ اليوم الأول للوصول يبدأ العد العكسي وكأن الأيام تحمل ساعة إيقاف تنبهنى لموعد انتهاء فرحتى .. ماالذى أفكر فيه الآن؟ لماذا لا أحتضن سعادتى بجناحي الجاهزين للانطلاق وليحدث ما يحدث بعد ذلك؟ يدق جرس الباب .. يدخل زوجي محملاً بما تبقى من متطلبات السفر .. متعب هو الآخر من المشاوير .. ينظر إلى الحقائب بنفاذ صبر .. (يبدو أنكم ستحتاجون حقيبة إضافية) .. ابتسِم .. (هل أنتم ذاهبون إلى الصحراء؟ ماهذه التخمة التى مرضت بها حقائبكم؟).. لا أرد .. أتشاغل بإعداد الغداء .. لو كنت أستطيع ترك حقائبى وتخفيف حملى والعودة بلا أحمال لفعلت لكن. يقتحم ابني دوامة فكري: أمي .. هل سنسافر الأربعاء أم الخميس؟ أنهره دون أن أجيب .. كل الذى أعرفه أن اليوم هو الاثنين .. لا أريد أن أغرق في مزيد من الأفكار .. تتداخل الصور .. لا أدري في أي عام أنا .. مشهد الفيلم يتكرر .. هل أنا فى حلم أم فى حقيقة .. أختنق .. أريد الخروج من تلك الدوامة. أضع عباءتى فوقي .. يناديني كل من في البيت .. لا ألتفت .. شيء ما يسحبني للخارج .. يجتذبني .. أفتح بوابة البيت .. أخرج إلى الشارع .. يتنفسني الهواء .. يملأ عباءتي .. يملؤني .. جسدي يخف .. قدماي ترتفعان عن الأرض .. أحاول التوازن .. أرتفع .. أرتفع .. ابتعد عن الأرض .. أتركني للريح دون مقاومة .. لم أعد أتذكر شيئاً.

حين لا يأتي الخميس

بقلم د. حنان فاروق

aupbc@yahoo.com

متعب هو الآخر من المشاوير .. ينظر إلى الحقائب بنفاذ صبر .. (يبدو أنكم ستحتاجون حقيبة إضافية) .. ابتسِم .. (هل أنتم ذاهبون إلى الصحراء؟ ماهذه التخمة التى مرضت بها حقائبكم؟).. لا أرد .. أتشاغل بإعداد الغداء .


حقائبى المكتظة بأحلامي المختبئة بين أكوام ملابسي ملقاة على أرض .. صالة بيتى تستعجلني للرحيل .. للأسف لا أستطيع تقديم موعد سفرى دقيقة واحدة .. فجواز سفرى لا أتسلمه من الجهة التى أعمل بها إلا يوم السفر وحجز الطيران الذى منّ علي بموعده بعدما جلست فى قوائم الانتظار طويلاً لايمكن تبديله. هدّأت من إلحاح الحقائب وتشاغلت بإعدادات اليوم الموعود .. باقى من الزمن يومان .. يالطولهما المجهد .. يبدو أنه أغرقني فى دوامة أفكار لا تتوقف .. تخيلت لحظة وصولى ودمعات أمي تحتضننى قبل أن ألقي بنفسي بين ذراعيها .. أعرف معنى بكائها جيداً. أجفف مطر عينيها بمنديل وصولى فتبكى ثانية لخوفها من رحيلى الجديد .. منذ اليوم الأول للوصول يبدأ العد العكسي وكأن الأيام تحمل ساعة إيقاف تنبهنى لموعد انتهاء فرحتى .. ماالذى أفكر فيه الآن؟ لماذا لا أحتضن سعادتى بجناحي الجاهزين للانطلاق وليحدث ما يحدث بعد ذلك؟ يدق جرس الباب .. يدخل زوجي محملاً بما تبقى من متطلبات السفر .. متعب هو الآخر من المشاوير .. ينظر إلى الحقائب بنفاذ صبر .. (يبدو أنكم ستحتاجون حقيبة إضافية) .. ابتسِم .. (هل أنتم ذاهبون إلى الصحراء؟ ماهذه التخمة التى مرضت بها حقائبكم؟).. لا أرد .. أتشاغل بإعداد الغداء .. لو كنت أستطيع ترك حقائبى وتخفيف حملى والعودة بلا أحمال لفعلت لكن. يقتحم ابني دوامة فكري: أمي .. هل سنسافر الأربعاء أم الخميس؟ أنهره دون أن أجيب .. كل الذى أعرفه أن اليوم هو الاثنين .. لا أريد أن أغرق في مزيد من الأفكار .. تتداخل الصور .. لا أدري في أي عام أنا .. مشهد الفيلم يتكرر .. هل أنا فى حلم أم فى حقيقة .. أختنق .. أريد الخروج من تلك الدوامة. أضع عباءتى فوقي .. يناديني كل من في البيت .. لا ألتفت .. شيء ما يسحبني للخارج .. يجتذبني .. أفتح بوابة البيت .. أخرج إلى الشارع .. يتنفسني الهواء .. يملأ عباءتي .. يملؤني .. جسدي يخف .. قدماي ترتفعان عن الأرض .. أحاول التوازن .. أرتفع .. أرتفع .. ابتعد عن الأرض .. أتركني للريح دون مقاومة .. لم أعد أتذكر شيئاً.

السبت، 4 أكتوبر 2008

نماذج مصرية بين كمال وقلدس

بقلم الناقد الكبير توفيق حنا - الولايات المتحدة

noonptm@gmail.com

الصداقة -من وجهة نظري- هى قمة العلاقات الإنسانية.. لعلها تسمو على علاقة الحب.. الصداقة الحقة لا تنتهى ولا تموت.. ويلازمها دائما هذا الوفاء الخلاق. وفى أعمال نجيب محفوظ وفى حياته أيضا.. يتردد لحنان رئيسيان هما: الصداقة والوفاء ونجدهما فى أجمل تحققاتهما فى ثلاثية بين القصرين فى علاقة السيد أحمد عبدالجواد وأصدقاء العمر محمد عفت وإبراهيم الفار وعلى عبدالرحيم.


وبخاصة محمد عفت.. كما نجدهما فى علاقة كمال وحسين شداد قصر الشوق.. هذه الصداقة التى قادتهما إلى تجربة رومانسية.. تجربة حب كمال لعايدة -أخت حسين شداد، هذه التجربه الفاشله .. وهذا الحب الخائب الذى لعله كان وراء عزوبة كمال وعزوفه عن الزواج. كما نجد لحن الصداقه يتردد فى "السكريه" بين كمال ورياض قلدس.. هذه الشخصيه الروائيه التى صور فيها وبها نجيب محفوظ صداقته فى حياته مع الروائى المصرى عادل كامل كما صور فى "السكريه" ايضا شخصية استاذه سلامه موسى تحت اسم عدلى كريم .. والسكريه هى الجزء الثالث والاخير لثلاثية " بين القصرين" كان اللقاء الاول بين كمال عبد الجواد ورياض قلدس فى مجلة "الفكر" لصاحبها الكاتب الاسلامى "عبد العزيز الاسيوطى".. وعن مقر مجلة "الفكر" يحدثنا نجيب محفوظ بلهجة ساخرة وناقدة – ايضا- يقول: مجلة "الفكر" تشغل الدور الارضى فى احدى عمارات شارع عبد العزيز.. كانت حجرة صاحبها الاستاذ عبد العزيز الاسيوطى تطل بنافذة ذات قضبان على عطفة "بركات" المظلمة، فكانت تضاء ليل نهار.. والحق انه كلما اقبل كمال على ادارة المجلة، ذكره موضعها الارضى ورثاثة اثاثها بمكانة الفكر فى بلده وبمكانته هو فى مجتمعه" ويقول نجيب محفوظ وهو يمهد لهذا اللقاء الاول بين كمال ورياض قلدس: "وما كان يستقر المجلس بكمال حتى دخل الحجرة رجل فى مثل سنه، يرتدى بذله من التيل الرمادى، طويل القامه، وان كان دون كمال طولا، نحيفا، ولكنه اكثر امتلاء منه، مستطيل الوجه، متوسط الجبين، متتلئ الشفتين، ذو انف دقيق وذقن مدبب اضفى على سحنته طابعا خاصا" ونلمس هنا حرص نجيب محفوظ على تقديم صورة شخصية –بورتريه- لريلض قلدس، الذى يقدمه عبد العزيز الاسيوطى: "الاستاذ رياض قلدس، مترجم بوزارة المعارف، انضم حديثا الى جماعة كتاب "الفكر" وقد امد مجلتنا بدم جديد بتلخيصه الشهرى للمسرحيات العالميه، وكتابه القصة القصيرة" ويكتفى بتقديم كمال عبد الجواد قائلا: "الاستاذ كمال احمد عبد الجواد.. لعل قرأت مقالاته. ويرد رياض قلدس معبرا عن اعجابه: "انى اقرأ مقالاته منذ سنوات، مقالاته قيمه بكل معنى الكلمه." ..وهكذا تم اللقاء الاول بين كمال ورياض وتبادلا الحديث حول الاطب والفلسفة.. قال رياض قلدس: تتبعت مقالاتك منذ سنوات منذ بدأت عن فلاسفة الاغريق وهى مقالات متنوعة واحيانا تكون متناقضه بالقياس الى ناتعرض من فلسفات، فادركت انك مؤرخ ميدانى حاولت عبثا ان اهتدى الى موقفك انت مما تكتب واى فلسفه تنتمى اليها! وكان رد كمال على تساؤل صديقه "انى سائح فى متحف لا املك فيه شيئا، مؤرخ فحسب، لاادرى.."واستمر هذا الحوار بين الصديقين حتى قال رياض : اذكر انك عرضت الفلسفة المادية بحماس يدعو للريبه.. وكان رد كمال وكأنه يدفع عن نفسه تهمه: كان حماسا صادقا ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واستمر رياض فى تساؤله: - لعلها الفلسفة العقلية؟ ولكن كمال رد على تساؤل رياض. - ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واضاف كمال: "الفلسفات قصور جميله ولكنها لاتصلح للسكنى" ولكن رياض واصل تحقيقه: هنالك العلم ، فلعله نجا من شكك؟ ولكن لم ينج شئ من شك وارتياب كمال.. ورد على سؤال رياض: انه دنيا مغلقه حيالنا لانعرف الا بعض نتائجها القريبة .. ثم اطلعت على اراء نخبة من العلماء يرتابون فى مطابقة الحقيقه العلميه للحقيقه الواقعيه، وآخرين ينوهون بقانون الاحتمال، وغيرهم ممن تراجعوا عن ادعاء الحقيقه المطلقه..." واكد كمال موقفه وكرره قائلا: "فلم البث ان حركت رأسى مرتابا" وكان تعليق عبد العزيز على موقف كمال العقلى.. والفكرى.. والانسانى ايضا: انت اعزب فى فكرك، كما انت اعزب فى حياتك! ولكن رد رياض قلدس على تعليق عبد العزيز الاسيوطى: العزوبة حال مؤقته، وربما كان الشك كذلك. وقال رياض وكأنه يضع نهاية مؤقته لهذا الحوار .. الذى دار –ايضا- حول العلم والفن: العلم يجمع البشر فى نور افكاره، والفن يجمعهم فى عاطفة ساميه انسانيه، وكلاهما يطور البشريه ويدقعها الى مستقبل افضل" وقال رياض قلدس لصديقه الجديد كمال عبد الجواد: "ان حديثنا لن ينقطع، او هذا مااوده، انعد انفسنا اصدقاء؟ وبحماسة صادقه مخلصه جاء رد كمال: بكل تأكيد، يجب ان نتقابل فى كل فرصه. ويقرر نجيب محفوظ اهمية الصداقة فى حياته وفى حياة كل انسان: "شمل كمال احساس بالسعادة لهذه الصداقه الجديدة كان يشعر بان جانبا ساميا من قلبه استيقظ بعد سبات عميق، فاقتنع اكثر من قبل بخطورة الدور الذى تلعبه الصداقه فى حياته، وبانها عنصر حيوى لاغنى عنه" والصداقه فى حياة نجيب محفوظ وفى اعماله فى حاجه من النقاد الى دراسات متونعه ووافيه وشامله. ويقدم لنا نجيب محفوظ هذا اللقاء بين الصديقين كمال ورياض فى حى الحسين.. ذات مساء يوم من ايام الشتاء: "وكان قد مضى على تعارفهما فى مجلة "الفكر" اكثر من عام ونصف عام، لم يمر اسبوع خلاله دون ان يتقابلا مرة او مرتيت، بخلاف العطله التى تجمع بينهما كل مساء على وجه التقريب فى مجلة "الفكر" او فى بيت "بين القصرين" او فى بيت رايض بمنشية البكرى، او مقاهى عماد الدين، او قهوة الحسين الكبرى التى لجأ اليها كمال بعد ان أتت المعاول على قهوة احمد عبده الناريخيه فمحتها من الوجود الى الابد ويتذكر –فى حنين ووفاء- صديقه حسين شداد: "جعلت افتقد حسين شداد اعواما، وظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" وهنا نلمس وفاء نجيب محفوظ، وفاء يشمل المكان والانسان.. انه يفتقد قهوة احمد عبده بكل ما تحمله من ذكريات ولقاءات واصدقاءه، كما يفتقد صديقه حسين شداد "الذى ظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" ويحدثنا نجيب محفوظ عن هذا اللقاء: "ورغم برودة الجو.. سار كمال ورياض من حى الحسين حتى عماد الدين.. ولم يكن رياض قلدس سعيدا ذلك المساء.. واخذ الصديقان يتحدثان عن 4 فبراير 1942، وعن موقف النحاس.. لم يكن كمال غارقا فى السياسة كرياض .. كان كمال يؤمن بحقوق الشعب بقلبه، وان كان عقله لايدرى اين المفر؟، عقله يقول حينا "حقوق الانسان" وحينا آخر يقول "بل البقاء للاصلح" ويحدد لنا نجيب محفوظ مدى علاقه رياض قلدس بالسياسة: "اما رياض فكانت السياسه جوهرا اصيلا فى نشاطه الذهنى.." "عندما يقول رياض لصديقه غاضبا: ايمكن ان ننسى الاهانه التى تلقاها مكرم فى ميدان عابدين؟ وهذه الاقاله المجرمه؟ يرد عليه كمال مداعبا: انت غاضب لمكرم. فقال رياض دون تردد: ان الأقباط جميعا وفديون، ذلك ان الوفد حزب القوميه الخالصه، ليس حزبا دينيا تركياً كالحزب الوطني، ولكنه حزب القوميه التى تجعل مصر وطنا حرا للمصريين على اختلاف عناصرهم واديانهم. اعداء الشعب يعلمون ذلك، ولذلك كان الاقباط هدفا للاضطهاد السافر طوال عهد صدقى، وسيعانون ذلك منذ اليوم" ويجب هنا ان نفرد هذه الحقيقه ان نجيب محفوظ كان وفديا صميما وصادقا. وتساءل كمال فى دعابه: ها انت نتحدث عن الاقباط ! انت الذى لايؤمن الا بالعلم والفن. ثم قال رياض بعد صمت طويل: اليس من الجبن ان ننسى قومى؟ شئ واحد خليق بأن نذكره الاوهو الفناء فى القومية المصرية الخالصة كما ارادها سعد زغلول. ان النحاس مسلم دينا ولكنه قومى بكل معنى الكلمه ايضا، فلا نشعر حياله الا باننا مصريون لامسلم ولا قبطى. بوسعى ان اعيش سعيدا دون ان اكدر صدرى بهذه الافكار، ولكن الحياة الحقه مسئولية فى الوقت نفسه" وكأن نجيب محفوظ يلخص لنا فلسفته العلميه والاجتماعيه والانسانيه فى هذه العبارة الواضحه: ".. ولكن الحياه الحقه مسئوليه فى الوقت نفسه" ويقول كمال (وهو الذى يحمل التعبير روائيا عن نجيب محفوظ) لصديقه: لاتؤاخذنى فقد عشت حتى الآن دون ان اصطدم بمشكلة العنصريه، فمنذ البدء لقنتنى امى ان احب الجميع، ثم شببت فى جو الثورة المطهر (ثورة 1919) من شوائب التعصب، فلم اعرف هذه المشكله. ويسأل كمال صديقه (ولايزال السؤال قائما حتى الآن..): وكيف نستأصل هذه المشكله من جذورها؟ يرد عليه رياض قلدس: من حسن الحظ انها ذابت فى مشكله الشعب كله، مشكله الاقباط اليوم هى مشكلة الشعب.. اذا اضطهد اضطهدنا، واذا تحرر تحررنا" (اذا ترجمنا كلمة "اليوم" فانها تعنى بداية الاربعينيات.. وبالتحديد عام 1942) واستأنف الصديقان الحديث عن الفن والعلم.... ثم تطرق الحديث الى المذاهب السياسيه التى تسود العالم.. عالم الاربعينيات فى القرن الماذى.. حتى وصل الصديقان الى شارع فؤاد.. وهنا توقف رياض وسأل صديقه. ما رايك فى عشاء من المكرونه والنبيذ الجيد؟ ورد كمال على دعوة صديقه: لا أشرب فى الاماكن المأهوله، فلنذهب الى قهوة عكاشه اذا شئت. فضحك رياض قائلا: كيف تطيق هذا الوقار كله؟ نظارة وشارب وتقاليد! حررت عقلك من كل قيد، اما جسمك فكله قيود. انت خلقت – بجسمك على الاقل- لتكون مدرسا. وجذبه رياض من ذراعه وهو يقول: هلم نشرب نبيذا ونتحدث عن فن القصه. وهناك لقاء اخر ويصف لنا نجيب محفوظ مكان وزمان هذا اللقاء: "كان الجو شديد البرودة، ولم يكن خان الخليلى مما يؤثر فى الشتاء، ولكن رياض قلدس نفسه الذى اشار ذلك المساء بالذهاب الى قهوة خان الخليلى التى شيدت مكان قهوة احمد عبده فوق سطح الارض" وانضم الى الصديقين فى هذا اللقاء صديق قديم لكمال من شلة الاصدقاء الذين كانوا يجتمعون فى بيت حسين شداد.. وفى تلك الفترة بدأ تعلق كمال وحبه لعايده –اخت حسين شداد، هذا الحب الخائب الذى دمر قلبه ولون حياته بالوان الاسى والحزن واحال حياته كلها الى مساء خريفى. وفى هذا اللقاء يخبرنا رياض عن صديقه بانه ينوى ان ينضم الى جماعة المتزوجين ولقد اقلق هذا الخبر كمال الى ابعد حد.. وتصور نفسه وحيدا بعد زواج رياض، مثلما كان وحيدا بعد ذهاب حسين شداد وبعد نهاية حبه لعايده.. ويعبر نجيب محفوظ عن وحدة كمال القادمه. "كأنما قضى عليه ان يفتقد دواما صديقا لروحه المعذبه ويعود الحديث فى هذا اللقاء الى 4 فبراير 1942 بدأ رياض هذا الحديث يقول كمال: دعونا من حديث الزواج، لقد انتهيت منه وعقبى لك" ويشير الى حدث 4 فبراير: "على ان ثمة احداثا سياسيه هامه هى التى ينبغى ان تستأثر اليوم باهتمامنا" ولخص اسماعيل لطيف –الصديق الذى انضم اليهما- هذا الحدث وهو يقول ضاحكا: عرف النحاس كيف ينتقم لاقالة ديسمبر 1937 فاقتحم عابدين (مقر الملك فاروق) على رأس الدبابات البريطانيه. فقال رياض فى لهجة متهجمه: انتقام؟! ان خيالك يصور لك المسألة على وجه ابعد مايكون عن الحقيقه.. ليس النحاس بالرجل الذى يتآمر مع الانجليز فى سبيل العوده الى الحكم، ان احمد ماهر مجنون وهو الذى خان الشعب وانضم الى الملك،ثم اراد ان يغطى مركزه المضعضع بتصريحه الأحمق الذى اعلنه امام الصحفيين! وعلق كمال قائلا. لاشك ان النحاس قد انتقد الموقف، ولست اشك فى وطنيته مطلقا، ان الانسان لاينقلب فى هذا السن الى خائن ليتولى وظيفه تولاها خمس مرات او ستا من قبل.. ولكن هل كان تصرفه هو التصرف المثالى. ويرد عليه ريلض: انت شكاك لانهاية لشكك، وما الموقف المثالى؟ ويرد عليه كمال: ان يصر على رفض الوزارة حتى لايخضع للانذار البريطانى وليكن ما يكون.. وفى لقاء آخر يعود الحديث بين كمال ورياض حول مكرم عبيد وفصله من الوفد يقول نجيب محفوظ: "كان رياض حزينا كما ينبغى لرجل مثله تستأثر السياسه باهتمامه.. وقال لكمال بأنفعال غير خافى: يفصل مكرم من الوفد! كيف تقع هذه الكوارث؟! هز كمال رأسه فى وجوم دون ان ينبس قال رياض: انها كارثه قوميه ياكمال، ماكان ينبغى ان تتهاوى الامور حتى هذا الحضيض. نعم، ولكن من المسئول؟ النحاس! قد يكون مكرم عصبيا، ولكن الفساد الذى تسرب الى الحكومه امر واقع ولايصح السكوت عليه. فقال كمال باسما: دعنا من الفساد الحكومى، ثورة مكرم ليست على الفساد بقدر ماهى لضياع النفوذ" ثم اضاف: مكرم عصبى، شاعر ومغن، عنده ان يكون كل شئ اولا يكون شيئا على الاطلاق، ووجد نفوذه المأثور يتقلص فثار، ثم وقف لهم وقفته فى مجلس الوزراء مندداً علانية بالاستثناءات فاستحال التفاهم او التعاون. حدث يؤسفل له. ويقول رياض: سيجد الاقباط انفسهم بلا مأوى او يأوون الى حصن عدوهم اللدود الملك وهو مأوى لن يدوم طويلا، واذا اضطهدنا الوفد كما تضطهدنا الاقليات فكيف يكون الحال؟ فتساءل كمال متغابيا: لماذا تدفع بالامر خارج حدود الطبيعه، مكرم ليس الاقباط، والاقباط ليسوا مكرم.. انه شخص ذهب اما مبدأ الوفد القومى فلن يذهب. فهز رياض رأسه فى اسف ساخر وقال. هذا ما قد يكتب فى الجرائد! وفى بيت كمال فى مكتبه يتم هذا اللقاء الآخر والاخير بين الصديقين يبدأ الحديث عن مرض امينه –ام كمال- يقول رياض. سألت عنك فى المدرسة فاخبرنى السكرتير بالخبر.. كيف حالها؟ اصيبت بشلل واخبرنى الطبيب بانها ستنتهى فى ظرف ثلاثة ايام. وفى اثناء حديثهما عن الموت يقول رياض: لنسأل انفسنا عند الموت –اى موت- ماذا صنعنا بحياتنا؟ وكان رد كمال: اما انا فلم اصنع بحياتى شيئا، هذا ماكنت افكر فيه.. حسبتنى قد اديت للحياه واجبها بالاخلاص لمهنتى كمعلم وبكتابة المقالات الفلسفيه ثم يقول معترفا فى مرارة واسى: ولكننى عشت معذب الضمير كما ينبغى لكل خائن. خائن؟ فتنهد كمال وقال: دعنى اخبرك بما قال لى احمد ابن اختى عندما زرته فى سجن القسم قبل نقله الى المعتقل. (اعتقل احمد بسبب اتهامه بالشيوعيه كما اعتقل اخوه عبد المنعم بسبب اتهامه بانه من الاخوان المسلمين): قال لى ان الحياة عمل وزواج وواجب انسانى عام، اما الواجب الانسانى العام فهوة الثورة الابديه، وما ذالك الا العمل الدائب على تحقيق ارادة الحياه ممثله فى تطورها نحو المثل الاعلى" ثم طلب رياض من كمال ان يصحبه حتى محطة الترام.. وعندما وصلا الى الصنادقية صادفا الشيخ متولى عبد الصمد يدلف منها الى الغوريه متوكئا على عصاه.. (الشيخ متولى عبد الصمد من مجاذيب حى الجماليه) وكان يتلفت فيما حوله متسائلا بصوت مرتفع من اين طريق الجنه؟ فاجابه مار وهو يضحك: اول عطفه على يمينك."

نماذج مصرية بين كمال وقلدس

بقلم الناقد الكبير توفيق حنا - الولايات المتحدة

noonptm@gmail.com

الصداقة -من وجهة نظري- هى قمة العلاقات الإنسانية.. لعلها تسمو على علاقة الحب.. الصداقة الحقة لا تنتهى ولا تموت.. ويلازمها دائما هذا الوفاء الخلاق. وفى أعمال نجيب محفوظ وفى حياته أيضا.. يتردد لحنان رئيسيان هما: الصداقة والوفاء ونجدهما فى أجمل تحققاتهما فى ثلاثية بين القصرين فى علاقة السيد أحمد عبدالجواد وأصدقاء العمر محمد عفت وإبراهيم الفار وعلى عبدالرحيم.


وبخاصة محمد عفت.. كما نجدهما فى علاقة كمال وحسين شداد قصر الشوق.. هذه الصداقة التى قادتهما إلى تجربة رومانسية.. تجربة حب كمال لعايدة -أخت حسين شداد، هذه التجربه الفاشله .. وهذا الحب الخائب الذى لعله كان وراء عزوبة كمال وعزوفه عن الزواج. كما نجد لحن الصداقه يتردد فى "السكريه" بين كمال ورياض قلدس.. هذه الشخصيه الروائيه التى صور فيها وبها نجيب محفوظ صداقته فى حياته مع الروائى المصرى عادل كامل كما صور فى "السكريه" ايضا شخصية استاذه سلامه موسى تحت اسم عدلى كريم .. والسكريه هى الجزء الثالث والاخير لثلاثية " بين القصرين" كان اللقاء الاول بين كمال عبد الجواد ورياض قلدس فى مجلة "الفكر" لصاحبها الكاتب الاسلامى "عبد العزيز الاسيوطى".. وعن مقر مجلة "الفكر" يحدثنا نجيب محفوظ بلهجة ساخرة وناقدة – ايضا- يقول: مجلة "الفكر" تشغل الدور الارضى فى احدى عمارات شارع عبد العزيز.. كانت حجرة صاحبها الاستاذ عبد العزيز الاسيوطى تطل بنافذة ذات قضبان على عطفة "بركات" المظلمة، فكانت تضاء ليل نهار.. والحق انه كلما اقبل كمال على ادارة المجلة، ذكره موضعها الارضى ورثاثة اثاثها بمكانة الفكر فى بلده وبمكانته هو فى مجتمعه" ويقول نجيب محفوظ وهو يمهد لهذا اللقاء الاول بين كمال ورياض قلدس: "وما كان يستقر المجلس بكمال حتى دخل الحجرة رجل فى مثل سنه، يرتدى بذله من التيل الرمادى، طويل القامه، وان كان دون كمال طولا، نحيفا، ولكنه اكثر امتلاء منه، مستطيل الوجه، متوسط الجبين، متتلئ الشفتين، ذو انف دقيق وذقن مدبب اضفى على سحنته طابعا خاصا" ونلمس هنا حرص نجيب محفوظ على تقديم صورة شخصية –بورتريه- لريلض قلدس، الذى يقدمه عبد العزيز الاسيوطى: "الاستاذ رياض قلدس، مترجم بوزارة المعارف، انضم حديثا الى جماعة كتاب "الفكر" وقد امد مجلتنا بدم جديد بتلخيصه الشهرى للمسرحيات العالميه، وكتابه القصة القصيرة" ويكتفى بتقديم كمال عبد الجواد قائلا: "الاستاذ كمال احمد عبد الجواد.. لعل قرأت مقالاته. ويرد رياض قلدس معبرا عن اعجابه: "انى اقرأ مقالاته منذ سنوات، مقالاته قيمه بكل معنى الكلمه." ..وهكذا تم اللقاء الاول بين كمال ورياض وتبادلا الحديث حول الاطب والفلسفة.. قال رياض قلدس: تتبعت مقالاتك منذ سنوات منذ بدأت عن فلاسفة الاغريق وهى مقالات متنوعة واحيانا تكون متناقضه بالقياس الى ناتعرض من فلسفات، فادركت انك مؤرخ ميدانى حاولت عبثا ان اهتدى الى موقفك انت مما تكتب واى فلسفه تنتمى اليها! وكان رد كمال على تساؤل صديقه "انى سائح فى متحف لا املك فيه شيئا، مؤرخ فحسب، لاادرى.."واستمر هذا الحوار بين الصديقين حتى قال رياض : اذكر انك عرضت الفلسفة المادية بحماس يدعو للريبه.. وكان رد كمال وكأنه يدفع عن نفسه تهمه: كان حماسا صادقا ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واستمر رياض فى تساؤله: - لعلها الفلسفة العقلية؟ ولكن كمال رد على تساؤل رياض. - ثم لم البث ان حركت رأسى مرتابا.. واضاف كمال: "الفلسفات قصور جميله ولكنها لاتصلح للسكنى" ولكن رياض واصل تحقيقه: هنالك العلم ، فلعله نجا من شكك؟ ولكن لم ينج شئ من شك وارتياب كمال.. ورد على سؤال رياض: انه دنيا مغلقه حيالنا لانعرف الا بعض نتائجها القريبة .. ثم اطلعت على اراء نخبة من العلماء يرتابون فى مطابقة الحقيقه العلميه للحقيقه الواقعيه، وآخرين ينوهون بقانون الاحتمال، وغيرهم ممن تراجعوا عن ادعاء الحقيقه المطلقه..." واكد كمال موقفه وكرره قائلا: "فلم البث ان حركت رأسى مرتابا" وكان تعليق عبد العزيز على موقف كمال العقلى.. والفكرى.. والانسانى ايضا: انت اعزب فى فكرك، كما انت اعزب فى حياتك! ولكن رد رياض قلدس على تعليق عبد العزيز الاسيوطى: العزوبة حال مؤقته، وربما كان الشك كذلك. وقال رياض وكأنه يضع نهاية مؤقته لهذا الحوار .. الذى دار –ايضا- حول العلم والفن: العلم يجمع البشر فى نور افكاره، والفن يجمعهم فى عاطفة ساميه انسانيه، وكلاهما يطور البشريه ويدقعها الى مستقبل افضل" وقال رياض قلدس لصديقه الجديد كمال عبد الجواد: "ان حديثنا لن ينقطع، او هذا مااوده، انعد انفسنا اصدقاء؟ وبحماسة صادقه مخلصه جاء رد كمال: بكل تأكيد، يجب ان نتقابل فى كل فرصه. ويقرر نجيب محفوظ اهمية الصداقة فى حياته وفى حياة كل انسان: "شمل كمال احساس بالسعادة لهذه الصداقه الجديدة كان يشعر بان جانبا ساميا من قلبه استيقظ بعد سبات عميق، فاقتنع اكثر من قبل بخطورة الدور الذى تلعبه الصداقه فى حياته، وبانها عنصر حيوى لاغنى عنه" والصداقه فى حياة نجيب محفوظ وفى اعماله فى حاجه من النقاد الى دراسات متونعه ووافيه وشامله. ويقدم لنا نجيب محفوظ هذا اللقاء بين الصديقين كمال ورياض فى حى الحسين.. ذات مساء يوم من ايام الشتاء: "وكان قد مضى على تعارفهما فى مجلة "الفكر" اكثر من عام ونصف عام، لم يمر اسبوع خلاله دون ان يتقابلا مرة او مرتيت، بخلاف العطله التى تجمع بينهما كل مساء على وجه التقريب فى مجلة "الفكر" او فى بيت "بين القصرين" او فى بيت رايض بمنشية البكرى، او مقاهى عماد الدين، او قهوة الحسين الكبرى التى لجأ اليها كمال بعد ان أتت المعاول على قهوة احمد عبده الناريخيه فمحتها من الوجود الى الابد ويتذكر –فى حنين ووفاء- صديقه حسين شداد: "جعلت افتقد حسين شداد اعواما، وظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" وهنا نلمس وفاء نجيب محفوظ، وفاء يشمل المكان والانسان.. انه يفتقد قهوة احمد عبده بكل ما تحمله من ذكريات ولقاءات واصدقاءه، كما يفتقد صديقه حسين شداد "الذى ظل مكانه شاغرا حتى ملأه رياض قلدس" ويحدثنا نجيب محفوظ عن هذا اللقاء: "ورغم برودة الجو.. سار كمال ورياض من حى الحسين حتى عماد الدين.. ولم يكن رياض قلدس سعيدا ذلك المساء.. واخذ الصديقان يتحدثان عن 4 فبراير 1942، وعن موقف النحاس.. لم يكن كمال غارقا فى السياسة كرياض .. كان كمال يؤمن بحقوق الشعب بقلبه، وان كان عقله لايدرى اين المفر؟، عقله يقول حينا "حقوق الانسان" وحينا آخر يقول "بل البقاء للاصلح" ويحدد لنا نجيب محفوظ مدى علاقه رياض قلدس بالسياسة: "اما رياض فكانت السياسه جوهرا اصيلا فى نشاطه الذهنى.." "عندما يقول رياض لصديقه غاضبا: ايمكن ان ننسى الاهانه التى تلقاها مكرم فى ميدان عابدين؟ وهذه الاقاله المجرمه؟ يرد عليه كمال مداعبا: انت غاضب لمكرم. فقال رياض دون تردد: ان الأقباط جميعا وفديون، ذلك ان الوفد حزب القوميه الخالصه، ليس حزبا دينيا تركياً كالحزب الوطني، ولكنه حزب القوميه التى تجعل مصر وطنا حرا للمصريين على اختلاف عناصرهم واديانهم. اعداء الشعب يعلمون ذلك، ولذلك كان الاقباط هدفا للاضطهاد السافر طوال عهد صدقى، وسيعانون ذلك منذ اليوم" ويجب هنا ان نفرد هذه الحقيقه ان نجيب محفوظ كان وفديا صميما وصادقا. وتساءل كمال فى دعابه: ها انت نتحدث عن الاقباط ! انت الذى لايؤمن الا بالعلم والفن. ثم قال رياض بعد صمت طويل: اليس من الجبن ان ننسى قومى؟ شئ واحد خليق بأن نذكره الاوهو الفناء فى القومية المصرية الخالصة كما ارادها سعد زغلول. ان النحاس مسلم دينا ولكنه قومى بكل معنى الكلمه ايضا، فلا نشعر حياله الا باننا مصريون لامسلم ولا قبطى. بوسعى ان اعيش سعيدا دون ان اكدر صدرى بهذه الافكار، ولكن الحياة الحقه مسئولية فى الوقت نفسه" وكأن نجيب محفوظ يلخص لنا فلسفته العلميه والاجتماعيه والانسانيه فى هذه العبارة الواضحه: ".. ولكن الحياه الحقه مسئوليه فى الوقت نفسه" ويقول كمال (وهو الذى يحمل التعبير روائيا عن نجيب محفوظ) لصديقه: لاتؤاخذنى فقد عشت حتى الآن دون ان اصطدم بمشكلة العنصريه، فمنذ البدء لقنتنى امى ان احب الجميع، ثم شببت فى جو الثورة المطهر (ثورة 1919) من شوائب التعصب، فلم اعرف هذه المشكله. ويسأل كمال صديقه (ولايزال السؤال قائما حتى الآن..): وكيف نستأصل هذه المشكله من جذورها؟ يرد عليه رياض قلدس: من حسن الحظ انها ذابت فى مشكله الشعب كله، مشكله الاقباط اليوم هى مشكلة الشعب.. اذا اضطهد اضطهدنا، واذا تحرر تحررنا" (اذا ترجمنا كلمة "اليوم" فانها تعنى بداية الاربعينيات.. وبالتحديد عام 1942) واستأنف الصديقان الحديث عن الفن والعلم.... ثم تطرق الحديث الى المذاهب السياسيه التى تسود العالم.. عالم الاربعينيات فى القرن الماذى.. حتى وصل الصديقان الى شارع فؤاد.. وهنا توقف رياض وسأل صديقه. ما رايك فى عشاء من المكرونه والنبيذ الجيد؟ ورد كمال على دعوة صديقه: لا أشرب فى الاماكن المأهوله، فلنذهب الى قهوة عكاشه اذا شئت. فضحك رياض قائلا: كيف تطيق هذا الوقار كله؟ نظارة وشارب وتقاليد! حررت عقلك من كل قيد، اما جسمك فكله قيود. انت خلقت – بجسمك على الاقل- لتكون مدرسا. وجذبه رياض من ذراعه وهو يقول: هلم نشرب نبيذا ونتحدث عن فن القصه. وهناك لقاء اخر ويصف لنا نجيب محفوظ مكان وزمان هذا اللقاء: "كان الجو شديد البرودة، ولم يكن خان الخليلى مما يؤثر فى الشتاء، ولكن رياض قلدس نفسه الذى اشار ذلك المساء بالذهاب الى قهوة خان الخليلى التى شيدت مكان قهوة احمد عبده فوق سطح الارض" وانضم الى الصديقين فى هذا اللقاء صديق قديم لكمال من شلة الاصدقاء الذين كانوا يجتمعون فى بيت حسين شداد.. وفى تلك الفترة بدأ تعلق كمال وحبه لعايده –اخت حسين شداد، هذا الحب الخائب الذى دمر قلبه ولون حياته بالوان الاسى والحزن واحال حياته كلها الى مساء خريفى. وفى هذا اللقاء يخبرنا رياض عن صديقه بانه ينوى ان ينضم الى جماعة المتزوجين ولقد اقلق هذا الخبر كمال الى ابعد حد.. وتصور نفسه وحيدا بعد زواج رياض، مثلما كان وحيدا بعد ذهاب حسين شداد وبعد نهاية حبه لعايده.. ويعبر نجيب محفوظ عن وحدة كمال القادمه. "كأنما قضى عليه ان يفتقد دواما صديقا لروحه المعذبه ويعود الحديث فى هذا اللقاء الى 4 فبراير 1942 بدأ رياض هذا الحديث يقول كمال: دعونا من حديث الزواج، لقد انتهيت منه وعقبى لك" ويشير الى حدث 4 فبراير: "على ان ثمة احداثا سياسيه هامه هى التى ينبغى ان تستأثر اليوم باهتمامنا" ولخص اسماعيل لطيف –الصديق الذى انضم اليهما- هذا الحدث وهو يقول ضاحكا: عرف النحاس كيف ينتقم لاقالة ديسمبر 1937 فاقتحم عابدين (مقر الملك فاروق) على رأس الدبابات البريطانيه. فقال رياض فى لهجة متهجمه: انتقام؟! ان خيالك يصور لك المسألة على وجه ابعد مايكون عن الحقيقه.. ليس النحاس بالرجل الذى يتآمر مع الانجليز فى سبيل العوده الى الحكم، ان احمد ماهر مجنون وهو الذى خان الشعب وانضم الى الملك،ثم اراد ان يغطى مركزه المضعضع بتصريحه الأحمق الذى اعلنه امام الصحفيين! وعلق كمال قائلا. لاشك ان النحاس قد انتقد الموقف، ولست اشك فى وطنيته مطلقا، ان الانسان لاينقلب فى هذا السن الى خائن ليتولى وظيفه تولاها خمس مرات او ستا من قبل.. ولكن هل كان تصرفه هو التصرف المثالى. ويرد عليه ريلض: انت شكاك لانهاية لشكك، وما الموقف المثالى؟ ويرد عليه كمال: ان يصر على رفض الوزارة حتى لايخضع للانذار البريطانى وليكن ما يكون.. وفى لقاء آخر يعود الحديث بين كمال ورياض حول مكرم عبيد وفصله من الوفد يقول نجيب محفوظ: "كان رياض حزينا كما ينبغى لرجل مثله تستأثر السياسه باهتمامه.. وقال لكمال بأنفعال غير خافى: يفصل مكرم من الوفد! كيف تقع هذه الكوارث؟! هز كمال رأسه فى وجوم دون ان ينبس قال رياض: انها كارثه قوميه ياكمال، ماكان ينبغى ان تتهاوى الامور حتى هذا الحضيض. نعم، ولكن من المسئول؟ النحاس! قد يكون مكرم عصبيا، ولكن الفساد الذى تسرب الى الحكومه امر واقع ولايصح السكوت عليه. فقال كمال باسما: دعنا من الفساد الحكومى، ثورة مكرم ليست على الفساد بقدر ماهى لضياع النفوذ" ثم اضاف: مكرم عصبى، شاعر ومغن، عنده ان يكون كل شئ اولا يكون شيئا على الاطلاق، ووجد نفوذه المأثور يتقلص فثار، ثم وقف لهم وقفته فى مجلس الوزراء مندداً علانية بالاستثناءات فاستحال التفاهم او التعاون. حدث يؤسفل له. ويقول رياض: سيجد الاقباط انفسهم بلا مأوى او يأوون الى حصن عدوهم اللدود الملك وهو مأوى لن يدوم طويلا، واذا اضطهدنا الوفد كما تضطهدنا الاقليات فكيف يكون الحال؟ فتساءل كمال متغابيا: لماذا تدفع بالامر خارج حدود الطبيعه، مكرم ليس الاقباط، والاقباط ليسوا مكرم.. انه شخص ذهب اما مبدأ الوفد القومى فلن يذهب. فهز رياض رأسه فى اسف ساخر وقال. هذا ما قد يكتب فى الجرائد! وفى بيت كمال فى مكتبه يتم هذا اللقاء الآخر والاخير بين الصديقين يبدأ الحديث عن مرض امينه –ام كمال- يقول رياض. سألت عنك فى المدرسة فاخبرنى السكرتير بالخبر.. كيف حالها؟ اصيبت بشلل واخبرنى الطبيب بانها ستنتهى فى ظرف ثلاثة ايام. وفى اثناء حديثهما عن الموت يقول رياض: لنسأل انفسنا عند الموت –اى موت- ماذا صنعنا بحياتنا؟ وكان رد كمال: اما انا فلم اصنع بحياتى شيئا، هذا ماكنت افكر فيه.. حسبتنى قد اديت للحياه واجبها بالاخلاص لمهنتى كمعلم وبكتابة المقالات الفلسفيه ثم يقول معترفا فى مرارة واسى: ولكننى عشت معذب الضمير كما ينبغى لكل خائن. خائن؟ فتنهد كمال وقال: دعنى اخبرك بما قال لى احمد ابن اختى عندما زرته فى سجن القسم قبل نقله الى المعتقل. (اعتقل احمد بسبب اتهامه بالشيوعيه كما اعتقل اخوه عبد المنعم بسبب اتهامه بانه من الاخوان المسلمين): قال لى ان الحياة عمل وزواج وواجب انسانى عام، اما الواجب الانسانى العام فهوة الثورة الابديه، وما ذالك الا العمل الدائب على تحقيق ارادة الحياه ممثله فى تطورها نحو المثل الاعلى" ثم طلب رياض من كمال ان يصحبه حتى محطة الترام.. وعندما وصلا الى الصنادقية صادفا الشيخ متولى عبد الصمد يدلف منها الى الغوريه متوكئا على عصاه.. (الشيخ متولى عبد الصمد من مجاذيب حى الجماليه) وكان يتلفت فيما حوله متسائلا بصوت مرتفع من اين طريق الجنه؟ فاجابه مار وهو يضحك: اول عطفه على يمينك."