‏إظهار الرسائل ذات التسميات صالون القصة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صالون القصة. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 17 أبريل 2018

عربية البسبوسة


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonmagazin@gmail.com
أضطرته الظروف والفقر المذل أن يخرج لأول مرة بعربة بسبوسة ليبيعها للناس في الشارع بحي الجمالية، لم يكن في بيته ( درهم ) واحد ليفي به حاجة تسعة ( عيال ) وأمهم .. لكنه في ذات الوقت لم يكن يعلم أن السلطان خليل بن قلاوون قد قتل القائد الشجاعي قائد حاشية الأمير طرنطاي، وجعل الجنود يطوفون برأسه المقطوعه والمعلقة على سن رمح أحد الجند بشوارع مصر المحروسة كلها !!
الجمالية حالياً في حالة فوضى .. ترقب .. شبه كساد .. أما هو فأختار لعربته زاوية بالقرب من "درب النحاسين" ليبيع البسبوسة ولا شأن له بالسياسة التي قتلت الشجاعي!!
وقف ( نقاش صواني) أمام العربة يملأ صحناً من البسبوسة بالزبدة وهو يقول: كيف لا تعلم ذلك وقد كان الناس لثلاثة أيام كاملة يعطون لحاملي الرمح المعلقة فيه رأس الشجاعي أموالاً مقابل أن يدخلوا بالرأس إلى بيوتهم ليركلوها باقدامهم مقابل درهمين للركلة!!
قال عربجي ( صاحب عربة يجرها بغل ) وهو يلعق أصابعه من أثر الزبدة: لقد أصرت زوجتي أن تجعل الجنود يدخلون بالرأس إلى منزلنا وأخذت هي وجاراتها يصفعون الرأس بالقباقيب والنعال حتى أغشي على أبنتي، لقد كلفتني تلك الصفعات ( مائة درهم ) أخذها الجنود مقابل السماح بصفع زوجتي لرأس الشجاعي .. كررها بأسى: مائة درهم ( ولاد الكلب ) !!
قال اسكافي ( صانع احذية ) وهو يملأ صحنه الثالث: حامد ( بك ) أجبر عبيده وصبيانه أن يبولوا علي رأس الشجاعي .. حدد الجند البولة بعشرة دراهم .. أما أنت فتقف هنا لتبيع البسبوسة وربما لن تجني اكثر من عشرين درهما بينما اجمالي ما تبول به العبيد والعيال على رأس الشجاعي خمسةعشرة ألف درهم!!.
قال العربجي: خمسةعشرة ألف درهم ( ولاد الكلب ) !!.
جاء جندي مملوكي أمام عربة البسبوسة، نظر لها بنهم، ونظر للمحيطين بها بكل غضب ففروا وإنفضوا من حول العربة حتى أن بعضهم لم يدفع ثمن ما أكله من شدة الخوف، مد الجندي يده في الصينية واغترف قطعه كبيرة من البسبوسة ألقى بها في فمه وهو يقول: هل تعلم لماذا قبض السلطان خليل بن قلاوون على القائد الشجاعي، كما قبض على نسائه وسراريه، وأحضر لهم المعاصير( حبال ضخمة يلفوها حول جسد الضحيه ويعصروه بها عصراً حتى تنفجر الدماء من جسده )، وعصرهم بها عصراً حتى فارت الدماء من آذانهم، بل وقتل الشجاعي نفسه؟؟ .. ( إغترف غرفة ثانية من البسبوسة أعظم من سابقتها ) وهو يقول: الشجاعي كان لصاً .. ( كررها ): لصاً .. سرق أموال الدولة .. واشترى بها ذخائر لينقلب على حكم السلطنة .. أي لص يسرق .. سيحدث له ماحدث للشجاعي .. خاصة أموال الدولة .. مرة أخرى يمد يده في صحن الزبدة ثم في صينية البسبوسة ويغترف قطعة ثالثة عظيمة وهو يسأل: هل دفعت مكوس ( أي ضرائب ) لكي تقف في الشارع تبيع البسبوسة هكذا؟ .. هل التزمت بشروط شاه بندر تجار الجمالية في دفع ألف ( درهم ) كل اسبوع حتى تقف وتبيع بضاعتك كما تبيعها الآن ؟ .. مسح يده في سرواله من أثر البسبوسة والزبدة ثم أشهر رمحه متأهباً لقتال وقال مهدداً: أم أنك أكلت مال السلطنة بالباطل أيها اللص كما أكلها الشجاعي ؟؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فانتازيا" بقلم: محيي الدين إبراهيم
مستوحاة من حدث إعدام القائد الشجاعي المملوكي عام 689هـ، 1290 م في عهد السلطان خليل بن قلاوون المملوكي.

عربية البسبوسة


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonmagazin@gmail.com
أضطرته الظروف والفقر المذل أن يخرج لأول مرة بعربة بسبوسة ليبيعها للناس في الشارع بحي الجمالية، لم يكن في بيته ( درهم ) واحد ليفي به حاجة تسعة ( عيال ) وأمهم .. لكنه في ذات الوقت لم يكن يعلم أن السلطان خليل بن قلاوون قد قتل القائد الشجاعي قائد حاشية الأمير طرنطاي، وجعل الجنود يطوفون برأسه المقطوعه والمعلقة على سن رمح أحد الجند بشوارع مصر المحروسة كلها !!
الجمالية حالياً في حالة فوضى .. ترقب .. شبه كساد .. أما هو فأختار لعربته زاوية بالقرب من "درب النحاسين" ليبيع البسبوسة ولا شأن له بالسياسة التي قتلت الشجاعي!!
وقف ( نقاش صواني) أمام العربة يملأ صحناً من البسبوسة بالزبدة وهو يقول: كيف لا تعلم ذلك وقد كان الناس لثلاثة أيام كاملة يعطون لحاملي الرمح المعلقة فيه رأس الشجاعي أموالاً مقابل أن يدخلوا بالرأس إلى بيوتهم ليركلوها باقدامهم مقابل درهمين للركلة!!
قال عربجي ( صاحب عربة يجرها بغل ) وهو يلعق أصابعه من أثر الزبدة: لقد أصرت زوجتي أن تجعل الجنود يدخلون بالرأس إلى منزلنا وأخذت هي وجاراتها يصفعون الرأس بالقباقيب والنعال حتى أغشي على أبنتي، لقد كلفتني تلك الصفعات ( مائة درهم ) أخذها الجنود مقابل السماح بصفع زوجتي لرأس الشجاعي .. كررها بأسى: مائة درهم ( ولاد الكلب ) !!
قال اسكافي ( صانع احذية ) وهو يملأ صحنه الثالث: حامد ( بك ) أجبر عبيده وصبيانه أن يبولوا علي رأس الشجاعي .. حدد الجند البولة بعشرة دراهم .. أما أنت فتقف هنا لتبيع البسبوسة وربما لن تجني اكثر من عشرين درهما بينما اجمالي ما تبول به العبيد والعيال على رأس الشجاعي خمسةعشرة ألف درهم!!.
قال العربجي: خمسةعشرة ألف درهم ( ولاد الكلب ) !!.
جاء جندي مملوكي أمام عربة البسبوسة، نظر لها بنهم، ونظر للمحيطين بها بكل غضب ففروا وإنفضوا من حول العربة حتى أن بعضهم لم يدفع ثمن ما أكله من شدة الخوف، مد الجندي يده في الصينية واغترف قطعه كبيرة من البسبوسة ألقى بها في فمه وهو يقول: هل تعلم لماذا قبض السلطان خليل بن قلاوون على القائد الشجاعي، كما قبض على نسائه وسراريه، وأحضر لهم المعاصير( حبال ضخمة يلفوها حول جسد الضحيه ويعصروه بها عصراً حتى تنفجر الدماء من جسده )، وعصرهم بها عصراً حتى فارت الدماء من آذانهم، بل وقتل الشجاعي نفسه؟؟ .. ( إغترف غرفة ثانية من البسبوسة أعظم من سابقتها ) وهو يقول: الشجاعي كان لصاً .. ( كررها ): لصاً .. سرق أموال الدولة .. واشترى بها ذخائر لينقلب على حكم السلطنة .. أي لص يسرق .. سيحدث له ماحدث للشجاعي .. خاصة أموال الدولة .. مرة أخرى يمد يده في صحن الزبدة ثم في صينية البسبوسة ويغترف قطعة ثالثة عظيمة وهو يسأل: هل دفعت مكوس ( أي ضرائب ) لكي تقف في الشارع تبيع البسبوسة هكذا؟ .. هل التزمت بشروط شاه بندر تجار الجمالية في دفع ألف ( درهم ) كل اسبوع حتى تقف وتبيع بضاعتك كما تبيعها الآن ؟ .. مسح يده في سرواله من أثر البسبوسة والزبدة ثم أشهر رمحه متأهباً لقتال وقال مهدداً: أم أنك أكلت مال السلطنة بالباطل أيها اللص كما أكلها الشجاعي ؟؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فانتازيا" بقلم: محيي الدين إبراهيم
مستوحاة من حدث إعدام القائد الشجاعي المملوكي عام 689هـ، 1290 م في عهد السلطان خليل بن قلاوون المملوكي.

الجمعة، 13 أبريل 2018

الجوع

قال لسجانه: جدران الزنازين لا تتحطم بالبكاء بينما أبواب الحرية تتفتح بالكلمات المخلصة أما الأوطان فمهما ثقلت الأغلال ستطفو فوق ظلمة القهر وتتنفس. لم يفهم السجان معنى هذه الكلمات فاليوم آخر يوم في ( قبض ) الراتب وفي مصلحة السجون لو وصلت وشاية أنه استمع لهذا السجين - تحديداً - ربما يفقد راتبه للأبد وتموت ( عياله ) من الجوع .. رفع السوط بكل مايمتلك من عزم وسطا به على السجين وهو يصرخ فيه: خائن .. خائن .. خائن !

الجوع

قال لسجانه: جدران الزنازين لا تتحطم بالبكاء بينما أبواب الحرية تتفتح بالكلمات المخلصة أما الأوطان فمهما ثقلت الأغلال ستطفو فوق ظلمة القهر وتتنفس. لم يفهم السجان معنى هذه الكلمات فاليوم آخر يوم في ( قبض ) الراتب وفي مصلحة السجون لو وصلت وشاية أنه استمع لهذا السجين - تحديداً - ربما يفقد راتبه للأبد وتموت ( عياله ) من الجوع .. رفع السوط بكل مايمتلك من عزم وسطا به على السجين وهو يصرخ فيه: خائن .. خائن .. خائن !

الأربعاء، 14 مارس 2018

عبد السلام أفندي

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
أصر صبي المقهى أن يأخذ ثمن فنجان القهوة من عبد السلام أفندي الذي ظن أنه سيبيع روايته التي كتبها منذ عامين، عامين كاملين يدلل عليها كي يبيعها بأي مبلغ ولكن ما من مشتري، لقد أصبح مفلساً تماماً، كان صبي المقهى يمسك عبد السلام أفندي من تلابيب جاكيته البالي ويطالبه بالخمسة جنيهات فنجان ( الزفت ) الذي أنهاه في رشفتين بينما عبد السلام أفندي يصرخ فزعاً مستنجداً بالناس ومحاولا التملص من صبي المقهى العنيف قائلاً : إن رأيتم الرجل ( يقرأ ويكتب ) فدعموه .. إن لم تفعلوا يكن جهلاً في الأرض ! .. أخذ يرددها والناس يضحكون ويضربون كفاً بكف حتى ظن الجميع أنه مجنون وهنا فقط عفا عنه المعلم درويش ودعاه لحال سبيله شريطة أن لا يعود لهذا المقهى ثانية ( أبداً ) فخرج عبد السلام أفندي ناجياً يركض ومترنحاً من أثر المهانة ومبتعداً عن الحارة التي مازال صدى ضحكات أهلها يتردد في مسامعه حتى بعد أن استقر على كرسيه الخشبي بغرفته الكائنة فوق السطوح !

عبد السلام أفندي

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
أصر صبي المقهى أن يأخذ ثمن فنجان القهوة من عبد السلام أفندي الذي ظن أنه سيبيع روايته التي كتبها منذ عامين، عامين كاملين يدلل عليها كي يبيعها بأي مبلغ ولكن ما من مشتري، لقد أصبح مفلساً تماماً، كان صبي المقهى يمسك عبد السلام أفندي من تلابيب جاكيته البالي ويطالبه بالخمسة جنيهات فنجان ( الزفت ) الذي أنهاه في رشفتين بينما عبد السلام أفندي يصرخ فزعاً مستنجداً بالناس ومحاولا التملص من صبي المقهى العنيف قائلاً : إن رأيتم الرجل ( يقرأ ويكتب ) فدعموه .. إن لم تفعلوا يكن جهلاً في الأرض ! .. أخذ يرددها والناس يضحكون ويضربون كفاً بكف حتى ظن الجميع أنه مجنون وهنا فقط عفا عنه المعلم درويش ودعاه لحال سبيله شريطة أن لا يعود لهذا المقهى ثانية ( أبداً ) فخرج عبد السلام أفندي ناجياً يركض ومترنحاً من أثر المهانة ومبتعداً عن الحارة التي مازال صدى ضحكات أهلها يتردد في مسامعه حتى بعد أن استقر على كرسيه الخشبي بغرفته الكائنة فوق السطوح !

الثلاثاء، 13 مارس 2018

الفنان

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
في احدي معارض القاهرة للفنون رأى نفسه مرسوما في أحدى اللوحات .. واقفا خلف نافذة منزل يراه دوما في احلامه .. هذه الشجرة ! .. هذا الطريق ! .. الفتاه التي تقود الدراجة ! .. كل هؤلاء يعرفهم جيدا .. لكن .. لكن أين؟ من اين جاء الرسام بكل تلك التفاصيل؟ وأين عاش هو كل تلك التفاصيل التي يشعر كما لو كانت أمس؟ هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ حاول أن يقرأ اسم الفنان ولكنه لم يتمكن من نطق الاسم صحيحا .. همس في أذنه شاب بأنها لوحة لفنان مات منذ مائة وخمسين عاما وهذه صورة زيتية له رسمها صديقة قبل وفاته بعامين .. نظر للوجه .. دقق النظر .. حينها ادرك الشاب حجم الدهشة في عيني الرجل فهمس في أذنه مرة أخرى بالسر الذي لايخفى على أحد ولكنه حتي الآن لا يصدقه حتى بعد أن اصطحبه لمقبرة تحوي قبرا يعلوه شاهد وهنا قال له الشاب: هذا انت .. منذ ١٢ فبراير عام ١٨٥٧ ؟؟!! 

الفنان

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
في احدي معارض القاهرة للفنون رأى نفسه مرسوما في أحدى اللوحات .. واقفا خلف نافذة منزل يراه دوما في احلامه .. هذه الشجرة ! .. هذا الطريق ! .. الفتاه التي تقود الدراجة ! .. كل هؤلاء يعرفهم جيدا .. لكن .. لكن أين؟ من اين جاء الرسام بكل تلك التفاصيل؟ وأين عاش هو كل تلك التفاصيل التي يشعر كما لو كانت أمس؟ هل كانت أحلامه حقيقة ؟ وحتى لو كانت حقيقة كيف علم بها هذا الفنان ودونها في لوحته وهو لايعرفه ولم يقابله ؟ حاول أن يقرأ اسم الفنان ولكنه لم يتمكن من نطق الاسم صحيحا .. همس في أذنه شاب بأنها لوحة لفنان مات منذ مائة وخمسين عاما وهذه صورة زيتية له رسمها صديقة قبل وفاته بعامين .. نظر للوجه .. دقق النظر .. حينها ادرك الشاب حجم الدهشة في عيني الرجل فهمس في أذنه مرة أخرى بالسر الذي لايخفى على أحد ولكنه حتي الآن لا يصدقه حتى بعد أن اصطحبه لمقبرة تحوي قبرا يعلوه شاهد وهنا قال له الشاب: هذا انت .. منذ ١٢ فبراير عام ١٨٥٧ ؟؟!! 

وطن



بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
قابل عصفور ذات يوم طائر الطاووس فأعجبه جمال الريش وانعكاس وبهاء الألوان وكبرياء القامة فأشفق على نفسه وهو العصفور رمادي اللون ضئيل الحجم تكاد رأسه تلتحم في جسده فينعدم مع التحامها كبرياؤه، وهنا قال له: أظن أن لجمالك هذا علاقه بالأرض التي ولدت فيها ولوطنك الأم؟، فأجابه الطاووس: مؤكد، فقال له العصفور: هل تحب وطنك؟، فأجابه الطاووس: إنه اجمل بقعة في الأرض رأتها عيني، فرد العصفور في حسد: لو أن لي وطن كوطنك ما فرطت فيه أبداً .. فهل لك أن تريني وطنك هذا؟، هل لك أن تريني تلك البقعة التي تجدها أنت اجمل بقاع الدنيا، ربما إن رأيتها معك نال حظي نصيباً من جمالك، فوافق الطاووس ورافق العصفور حتى وصلا إلى أرض قاحلة جرداء أقرب للصحراء منها إلى وديان الأنهار، ثم انعطف الطاووس إلى شجرة صبار كبيرة تحيطها بعض جذوع متناثرة لشجرة سدر جرداء، وعندها أطبق الطاووس ذيله المضيء ونكسه كما تنكس الأعلام من صواريها حتى توارت ألوانه الزاهية ولم يعد لها وجود، ثم سجد على منقاره لحظات في جلال مقدس، وهنا صرخ العصفور في وجه الطاووس وقال له: قبحك الله ايها الطاووس الغبي، هل هذا هو وطنك؟، هل هذه الأرض البوار هي اجمل بقاع الدنيا؟ ما أبلدك من طائر أيها البليد وما أحقرني من عصفور سمح لنفسه أن يصدق طاووس مجنون مثلك تحدث عن وطنه وكأنه جنة عدن فإذا به صحراء قافلة مقبضة، طز في وطنك هذا وتباً لك، طـُز، طـُز، طـُز، وهنا نظر إليه الطاووس نظرة شفقه وقال له: ايها الغبي، تكمن قيمة الوطن في معنى أنه وطن حتى ولو كان صحراء واسعة، لأنك في فقدان المعنى أيها التعس تفقد الذات وينحط قدرك، الوطن هو نقطة الوجود التي لولاها ما وجدت لي انتماءً ولكان لفظني العالم، الوطن هو نقطة النور التي إن فرطت فيها لعشت ظلاماً للأبد، ربما وطني من وجهة نظرك ليس واحة غناء وجنة خضراء ولكنه بالنسبة لي هو أجمل بقاع الأرض، الحياة والموت معاً حيث يولد من الحياة الإيمان ويولد من الموت الحكمة، إنه وطني الذي فيه ولدت وفيه لعبت ومنه تعلمت وحين ينتهي أجلي سأدفن فيه بين أحضان الآباء وتاريخ الجدود مطمئنا بين احشائه أن لي وطن.
( من القصص العربي بتصرف من الكاتب )

وطن



بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
قابل عصفور ذات يوم طائر الطاووس فأعجبه جمال الريش وانعكاس وبهاء الألوان وكبرياء القامة فأشفق على نفسه وهو العصفور رمادي اللون ضئيل الحجم تكاد رأسه تلتحم في جسده فينعدم مع التحامها كبرياؤه، وهنا قال له: أظن أن لجمالك هذا علاقه بالأرض التي ولدت فيها ولوطنك الأم؟، فأجابه الطاووس: مؤكد، فقال له العصفور: هل تحب وطنك؟، فأجابه الطاووس: إنه اجمل بقعة في الأرض رأتها عيني، فرد العصفور في حسد: لو أن لي وطن كوطنك ما فرطت فيه أبداً .. فهل لك أن تريني وطنك هذا؟، هل لك أن تريني تلك البقعة التي تجدها أنت اجمل بقاع الدنيا، ربما إن رأيتها معك نال حظي نصيباً من جمالك، فوافق الطاووس ورافق العصفور حتى وصلا إلى أرض قاحلة جرداء أقرب للصحراء منها إلى وديان الأنهار، ثم انعطف الطاووس إلى شجرة صبار كبيرة تحيطها بعض جذوع متناثرة لشجرة سدر جرداء، وعندها أطبق الطاووس ذيله المضيء ونكسه كما تنكس الأعلام من صواريها حتى توارت ألوانه الزاهية ولم يعد لها وجود، ثم سجد على منقاره لحظات في جلال مقدس، وهنا صرخ العصفور في وجه الطاووس وقال له: قبحك الله ايها الطاووس الغبي، هل هذا هو وطنك؟، هل هذه الأرض البوار هي اجمل بقاع الدنيا؟ ما أبلدك من طائر أيها البليد وما أحقرني من عصفور سمح لنفسه أن يصدق طاووس مجنون مثلك تحدث عن وطنه وكأنه جنة عدن فإذا به صحراء قافلة مقبضة، طز في وطنك هذا وتباً لك، طـُز، طـُز، طـُز، وهنا نظر إليه الطاووس نظرة شفقه وقال له: ايها الغبي، تكمن قيمة الوطن في معنى أنه وطن حتى ولو كان صحراء واسعة، لأنك في فقدان المعنى أيها التعس تفقد الذات وينحط قدرك، الوطن هو نقطة الوجود التي لولاها ما وجدت لي انتماءً ولكان لفظني العالم، الوطن هو نقطة النور التي إن فرطت فيها لعشت ظلاماً للأبد، ربما وطني من وجهة نظرك ليس واحة غناء وجنة خضراء ولكنه بالنسبة لي هو أجمل بقاع الأرض، الحياة والموت معاً حيث يولد من الحياة الإيمان ويولد من الموت الحكمة، إنه وطني الذي فيه ولدت وفيه لعبت ومنه تعلمت وحين ينتهي أجلي سأدفن فيه بين أحضان الآباء وتاريخ الجدود مطمئنا بين احشائه أن لي وطن.
( من القصص العربي بتصرف من الكاتب )

الاثنين، 5 مارس 2018

قيامة النبي في .. طوكيو ! ( ليست قصة من وحي الخيال )

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي ..



جامعة طوكيو اليابان .. معمل " آكيو آسا " - ومعناها الولد الذكي المعالج - لابحاث الجينات .. بعد نجاح نقل ذاكرة ( جينوم ) الفرعون المصري "تحتمس الثالث" بحقن البروتينات المستخلصة من أسنان المومياء وزرعها في بروتينات الحمض النووي للمتبرع الأسترالي "جون ستيوارت" قامت اللجنة الدولية للأطباء المتخصصين بعد موافقة اللجنة الدينية العليا بالفاتيكان ودار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية ومجلس الحاخامات اليهودي الأعلى الشروع في نقل ذاكرة جينوم ( نبي ) من أنبياء ( الله ) في العهد القديم عن طريق حقن بروتينات مستخلصة من أظافر ( موميائه ) الموجودة في جنوب مدينة القدس وحقنها في بروتينات الحمض النووي لمتبرع من نوع خاص .. الفيلسوف الألماني الملحد "إيميري أهارين" .. لكن لماذا " ملحد" ؟؟ .. لماذا لم يتبرع شخصاً عادياً ولو كان بوذياً أو طاوياً أو هندوسياً ؟؟ .. كيف وافقت المجالس الدينية في مراكز الأديان الثلاثة بالعالم على إجراء مثل هذه التجربة ؟؟ .. لكن العالم لا يهتم بمثل هكذا صرخات .. العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي .. لم يفصح العلماء عن اسم ( النبي ) الذي أخذت منه العينة .. سيدعوه يفصح عن نفسه ورسالته من خلال الشخص الحي " إيميري أهارين" بعد نقل الذاكرة التي صارت حيه في عص المخ لذاكرة الكومبيوتر .. المتشككين عقدوا مؤتمراتهم .. وعمت مظاهرات المؤمنين الغاضبة في كل أرجاء الأرض .. مدن كثيرة تم حرقها .. نيويورك .. طوكيو .. تل أبيب .. روما .. الرياض .. القاهرة .. برلين .. موسكو .. مونتريال .. استشعر أصحاب البصائر نهاية العالم .. العالم كله تحول إلى قرية " سدوم وعمورية" .. ملائكة الله ستنزل لتسليط العقاب على البشر الملاحدة.
اليوم هو يوم خروج المتبرع الفيلسوف من غيبوبة مابعد العملية .. تم توصيل المجسات العصبية برأس الفيلسوف .. كان صامتاً تماماً .. كان مذهولاً تماماً .. كان شخصاً آخر غير ذلك الشخص الذي تعرفه الدنيا .. لكنه كان كمسلوب الإرادة بين يدي العلماء الذين يوصلون المجسات العصبية من رأسه لذاكرة الكومبيوتر .. يبدو أن الأمر قد نجح .. تنتقل الآن ذاكرة النبي لذاكرة الكومبيوتر .. أعلنت وكالات الانباء أنها ساعات وسيتم نشر كل المعلومات على العالم كله .. أعلنت وكالات الأنباء عن نجاح قفزة العلم لبيان حقيقة الوجود .. سكنت كل المظاهرات في العالم كله .. كف الغاضبين عن حرق المدن .. الكل .. كل العالم أمام كاميرات التليفزيون .. ومابين البكاء .. الفرح .. الترقب .. الخوف .. وحتى السكتات والأزمات القلبية .. الكل ينتظر أن يسمع صوت النبي الذي قام من الأموات في طوكيو .. الكل ينتظر أن يعرف أسم النبي .. أخباره .. أحداثه .. رسالته .. الوقت يمر ببطئ شديد .. ومن خلف احدى النوافذ .. إمرأة تصلي في خشوع جليل .. ترفع رأسها للسماء في ذل مهيب .. تبتهل .. تتمتم بكلمات من نور .. تبكي .. ربما تحدث معجزة بعد أن تجاوز العالم بشطحاته .. كل خطيئة !


قيامة النبي في .. طوكيو ! ( ليست قصة من وحي الخيال )

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي ..



جامعة طوكيو اليابان .. معمل " آكيو آسا " - ومعناها الولد الذكي المعالج - لابحاث الجينات .. بعد نجاح نقل ذاكرة ( جينوم ) الفرعون المصري "تحتمس الثالث" بحقن البروتينات المستخلصة من أسنان المومياء وزرعها في بروتينات الحمض النووي للمتبرع الأسترالي "جون ستيوارت" قامت اللجنة الدولية للأطباء المتخصصين بعد موافقة اللجنة الدينية العليا بالفاتيكان ودار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية ومجلس الحاخامات اليهودي الأعلى الشروع في نقل ذاكرة جينوم ( نبي ) من أنبياء ( الله ) في العهد القديم عن طريق حقن بروتينات مستخلصة من أظافر ( موميائه ) الموجودة في جنوب مدينة القدس وحقنها في بروتينات الحمض النووي لمتبرع من نوع خاص .. الفيلسوف الألماني الملحد "إيميري أهارين" .. لكن لماذا " ملحد" ؟؟ .. لماذا لم يتبرع شخصاً عادياً ولو كان بوذياً أو طاوياً أو هندوسياً ؟؟ .. كيف وافقت المجالس الدينية في مراكز الأديان الثلاثة بالعالم على إجراء مثل هذه التجربة ؟؟ .. لكن العالم لا يهتم بمثل هكذا صرخات .. العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي .. لم يفصح العلماء عن اسم ( النبي ) الذي أخذت منه العينة .. سيدعوه يفصح عن نفسه ورسالته من خلال الشخص الحي " إيميري أهارين" بعد نقل الذاكرة التي صارت حيه في عص المخ لذاكرة الكومبيوتر .. المتشككين عقدوا مؤتمراتهم .. وعمت مظاهرات المؤمنين الغاضبة في كل أرجاء الأرض .. مدن كثيرة تم حرقها .. نيويورك .. طوكيو .. تل أبيب .. روما .. الرياض .. القاهرة .. برلين .. موسكو .. مونتريال .. استشعر أصحاب البصائر نهاية العالم .. العالم كله تحول إلى قرية " سدوم وعمورية" .. ملائكة الله ستنزل لتسليط العقاب على البشر الملاحدة.
اليوم هو يوم خروج المتبرع الفيلسوف من غيبوبة مابعد العملية .. تم توصيل المجسات العصبية برأس الفيلسوف .. كان صامتاً تماماً .. كان مذهولاً تماماً .. كان شخصاً آخر غير ذلك الشخص الذي تعرفه الدنيا .. لكنه كان كمسلوب الإرادة بين يدي العلماء الذين يوصلون المجسات العصبية من رأسه لذاكرة الكومبيوتر .. يبدو أن الأمر قد نجح .. تنتقل الآن ذاكرة النبي لذاكرة الكومبيوتر .. أعلنت وكالات الانباء أنها ساعات وسيتم نشر كل المعلومات على العالم كله .. أعلنت وكالات الأنباء عن نجاح قفزة العلم لبيان حقيقة الوجود .. سكنت كل المظاهرات في العالم كله .. كف الغاضبين عن حرق المدن .. الكل .. كل العالم أمام كاميرات التليفزيون .. ومابين البكاء .. الفرح .. الترقب .. الخوف .. وحتى السكتات والأزمات القلبية .. الكل ينتظر أن يسمع صوت النبي الذي قام من الأموات في طوكيو .. الكل ينتظر أن يعرف أسم النبي .. أخباره .. أحداثه .. رسالته .. الوقت يمر ببطئ شديد .. ومن خلف احدى النوافذ .. إمرأة تصلي في خشوع جليل .. ترفع رأسها للسماء في ذل مهيب .. تبتهل .. تتمتم بكلمات من نور .. تبكي .. ربما تحدث معجزة بعد أن تجاوز العالم بشطحاته .. كل خطيئة !


السبت، 3 مارس 2018

أبدية النظرة الأولى 


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
رآها تبكي بكاءً خفياً وهي تقف أمام المرآه تنظر لبعض شعيرات بيضاء ظهرن حديثاً بين خصيلاتها الحريرية السوداء، لم تعد الفتاة الصغيرة التي أحبها وأفتتن بها وتزوجها .. باغتها من الخلف وطوقها بذراعيه بحنان دافئ كان يقصده ودون أن يسألها همس في أذنها: ماأروع خيوط القمر تلك التي تخللت خصلات شعرك فأضاء وجه طفلتي وغمرني بسحرها كما لو كنت أراها للمرة الإولى لأعيش نفس السحر الأبدي الذي عرفته معها .. استدارت .. ألقت برأسها فوق صدرة .. مسح دمعة دافئة تلألأت فوق وجنتيها ودعاها لتطفئ معه شمعة عيد زواجهما الخامس والعشرين.

أبدية النظرة الأولى 


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
رآها تبكي بكاءً خفياً وهي تقف أمام المرآه تنظر لبعض شعيرات بيضاء ظهرن حديثاً بين خصيلاتها الحريرية السوداء، لم تعد الفتاة الصغيرة التي أحبها وأفتتن بها وتزوجها .. باغتها من الخلف وطوقها بذراعيه بحنان دافئ كان يقصده ودون أن يسألها همس في أذنها: ماأروع خيوط القمر تلك التي تخللت خصلات شعرك فأضاء وجه طفلتي وغمرني بسحرها كما لو كنت أراها للمرة الإولى لأعيش نفس السحر الأبدي الذي عرفته معها .. استدارت .. ألقت برأسها فوق صدرة .. مسح دمعة دافئة تلألأت فوق وجنتيها ودعاها لتطفئ معه شمعة عيد زواجهما الخامس والعشرين.

قفزة من زمن قديم


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة منها تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد .. هي آخر صورة لهما معاً في ألبوم الصور القديم ألبوم تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

قفزة من زمن قديم


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة منها تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد .. هي آخر صورة لهما معاً في ألبوم الصور القديم ألبوم تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

هزمني المطر


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كنا ونحن صغاراً إذا أمطرت الدنيا نهرول من بيوتنا عبر الشارع .. ندور في الهواء .. نجرى برشاقة .. نصرخ بفرح .. كنا جميعاً نقفز وأفواهنا مفتوحه نحو السماء لنلتقط قطرة مطر .. واحدة .. اثنان .. مائة .. كنا نتنافس فيما بيننا على من سيمتلئ فمه قبل الآخر .. ساعات .. ساعات طويلة .. 

ثم نعود إلى بيوتنا مجهدين إلى حد السعادة .. مبتلين إلى حد الغرق .. نسقط من شدة المرح في سبات عظيم .. ونصحو ليحكي كل منا حكايته مع المطر بفروسية وكأننا كنا في معركة حربية خرجنا منها منتصرين .. راودتني الفكرة منذ ثلاثة أيام حين أمطرت الدنيا بعد منتصف الليل .. راودني الحنين القديم .. تركت الكل نائماً حتى لا ينفضح أمري وانسلخت كاللص عبر الباب الخارجي حتى وصلت للشارع .. فتحت فمي في إتجاه السماء وسرت وحيداً تحت المطر أمرح بين نفسي وذكرياتي .. بعد خمسة عشرة دقيقة هزتني رعدة في جسدي .. يبدو أنني لم أتحمل زخات المطر اليوم .. لم أتحملها وقد كنت ألتهمها بالساعات قديماً .. عدت للمنزل ليس مطأطئ الرأس .. عدت في حالة إنهزام كامل .. هزمني المطر .. وهزمني السن .. وأمتطت جسدي ( الإنفلوانزا ) .. قابلني إبني الذي استيقظ فجأة على صوت الفوضى التي أحدثتها وأنا أترنح من شدة الإعياء .. قال لي الطبيب مداعباً: ( مش هتبطل شقاوة بقى ياعمو ) !!



هزمني المطر


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كنا ونحن صغاراً إذا أمطرت الدنيا نهرول من بيوتنا عبر الشارع .. ندور في الهواء .. نجرى برشاقة .. نصرخ بفرح .. كنا جميعاً نقفز وأفواهنا مفتوحه نحو السماء لنلتقط قطرة مطر .. واحدة .. اثنان .. مائة .. كنا نتنافس فيما بيننا على من سيمتلئ فمه قبل الآخر .. ساعات .. ساعات طويلة .. 

ثم نعود إلى بيوتنا مجهدين إلى حد السعادة .. مبتلين إلى حد الغرق .. نسقط من شدة المرح في سبات عظيم .. ونصحو ليحكي كل منا حكايته مع المطر بفروسية وكأننا كنا في معركة حربية خرجنا منها منتصرين .. راودتني الفكرة منذ ثلاثة أيام حين أمطرت الدنيا بعد منتصف الليل .. راودني الحنين القديم .. تركت الكل نائماً حتى لا ينفضح أمري وانسلخت كاللص عبر الباب الخارجي حتى وصلت للشارع .. فتحت فمي في إتجاه السماء وسرت وحيداً تحت المطر أمرح بين نفسي وذكرياتي .. بعد خمسة عشرة دقيقة هزتني رعدة في جسدي .. يبدو أنني لم أتحمل زخات المطر اليوم .. لم أتحملها وقد كنت ألتهمها بالساعات قديماً .. عدت للمنزل ليس مطأطئ الرأس .. عدت في حالة إنهزام كامل .. هزمني المطر .. وهزمني السن .. وأمتطت جسدي ( الإنفلوانزا ) .. قابلني إبني الذي استيقظ فجأة على صوت الفوضى التي أحدثتها وأنا أترنح من شدة الإعياء .. قال لي الطبيب مداعباً: ( مش هتبطل شقاوة بقى ياعمو ) !!



إمرأة أخري


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة .. كانت تسامحه ..

تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.






إمرأة أخري


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة .. كانت تسامحه ..

تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.