الخميس، 17 مارس 2011

ثورة مصر والانتهازيون الجدد

بقلم محيي الدين إبراهيم

عبود الزمر هو أحد أكبر هؤلاء الانتهازيين الجدد، مايكل منير،السيد البدوي شحاتة رئيس حزب الوفد وقناة الحياة، يحي الجمل، عمرو موسى، ألبرادعي، ساويرس صاحب قناة اون تي في، أيمن نور، احمد بهجت صاحب قناة دريم، والداعية عمرو خالد، والكثير الكثير الذين نشفق على أنفسنا من تعدادهم لكثرتهم وهم نجوم النظام السابق الذين لم يقدموا شيئا لمصر ولكن أخذوا منها أكثر مما أعطوا.

ليس هناك عدم .. بل هناك فناء وجود في وجود .. فناء ذات في ذات .. كفناء ألوان الطيف في اللون الأبيض على سبيل التوضيح .. وفناء ثورة 25 يناير المصرية في ذات الانتهازيين الجدد.
قال لي سيادة اللواء "بدر حميد" احد الضباط الأحرار في ثورة 1952 وكان وقت الثورة يبلغ من العمر 25 عاماً: إن الثورة – أي ثورة – يقوم بها الحالمون بالتغيير لدرجة الاستشهاد لكن لا يستفيد منها ومن جثث الشهداء بعد نجاحها إلا أبناء الأفاعي والحيات، فالشعب بارك الثورة واعتقلناه بمراكز القوى في ستينيات القرن الماضي وحين ثار السادات في مايو 1971 وبارك الشعب هذا التغيير اعتقلناه أيضا بأمن الدولة ابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي.
الثائرون إذن جسر تطأه أقدام الانتهازيين ليعبروا عليه إلى مطامحهم الخاصة التي لم ينالوها لولا دماء الشهداء التي سالت من اجل الحرية، فنرى بعد الثورة أسماء غير أسماء الذين قاموا بها ووجوه غير تلك الوجوه التي هللنا لها ساعة الثورة، لا نجد إلا مصالح تطفو فوق الكرامة ومخالب تعلو على إنكار الذات، ومعاقل ثورية يتم بها اعتقال أصحاب القيم في جلودهم أو في قبور جديدة تختلف في الاسم فقط عما كانت عليه أسماء القبور قديما قبل التغيير، الشعب بارك ثورة 25 يناير لكن يبدو انه سيتم اعتقاله أيضاً بالمسمى الجديد، سيتم اعتقاله بالأمن الوطني وحيث تبدأ ملامح وبشائر الاعتقال بظهور العصا الكهربائية في الشوارع ولكن بأيدي غير تلك الأيادي التي كانت تحملها قديماً، أو ربما نفس الأيادي القديمة ولكن مع تغيير القفازات، كما أشارت لي الزميلة الصحفية سامية أبو زيد في أحد تعليقاتها!. 
إنها دوائر التغيير الحتمي لا شك، لا تتلاشى أبداً ولكنها تقترب أو تبتعد، وتفنى في بعضها البعض، ولا يفني بعضها بعضاً، فيتغير الشكل فقط وتتغير الملامح لكنها تظل – شكلاً وملمحاً - محمله بنفس السيناريو، محملة بالقهر والانتهازية والوصولية، حيث باشاوات الأمس يصبحون فقراء اليوم وانتهازيوا اليوم يصبحوا ديكتاتوريو الثورة الجدد، هذا هو مسار التغيير في عالمنا الثالث، في عالمنا الشرق أوسطي الذي لا يعرف الاعتدال ولكنة تطرف من تطرف من عنترية رعناء تخلص كل أطوارها في النهاية إلى نقطة شديدة الظلمة تختزل في رحم نواتها المعتمة كل أجنة الانتهازية والشر، فلا فرق بين فاروق الملك ومبارك الخديوي، ولا فرق بين مبارك الخديوي وكل شماشرجية قصره ونظامه السابق الذين يرشحون أنفسهم اليوم لرئاسة مصر بانتهازية الجنين ( الطري ) المولود فيما بعد 25 يناير!. 
محاولة فاشلة لاغتيال عمر سليمان، ومحاولة فاشلة لانقلاب الحرس الجمهوري على الثورة، ومحاولة فاشلة لدخول أسلحة عبر حدود السودان إلى مصر، ألغاز غير قابلة لفك شفرتها، ألغاز تحمل في صدر صفحاتها الأولى شفرات شديدة التعقيد إلا لغزاً واحداً تم فك شفرته ببساطة، إنه لغز زيارة هيلاري كلينتون الناجحة لعودة ضخ الغاز المصري لإسرائيل بسعره القديم ( الانتهازي ) لصالح وزارة بنيامين ناتنياهو في تل أبيب ومحمد طويلة رئيس هيئة البترول، وحسين سالم صهر عائلة مبارك المخلوع، بخسائر سنوية مقدارها خمسة مليارات دولار بواقع 13 مليون دولار يومياً حسب ما كشف عنه السفير إبراهيم يسرى صاحب دعوى منع بيع الغاز المصري لإسرائيل!.
عبود الزمر ( مانديلا المصري كما صورته الآلات الإعلامية الفاشلة وأدمغة القش من الإعلاميين المحسوبين على مصر) هو أحد أكبر هؤلاء الانتهازيين الجدد، مايكل منير،السيد البدوي شحاتة رئيس حزب الوفد وقناة الحياة، يحي الجمل، عمرو موسى، ألبرادعي، ساويرس صاحب قناة اون تي في، أيمن نور، احمد بهجت صاحب قناة دريم، والداعية عمرو خالد، والكثير الكثير الذين نشفق على أنفسنا من تعدادهم لكثرتهم وهم نجوم النظام السابق الذين لم يقدموا شيئا لمصر ولكن أخذوا منها أكثر مما أعطوا، وضحكوا علينا أكثر مما صدقوا، هذا بخلاف مجموعة ( عظمى ) تحسب نفسها على الشباب الثوري وشباب التغيير من أنصاف وأشباه الإعلاميين ورؤساء تحرير وكتاب للسينما ومطربي وفناني الدرجة الثالثة في مصر، الذين يملأوون الدنيا اليوم ضجيجاً وصراخا عن انجازاتهم وثوريتهم وتاريخهم النضالي التنويري ولبناتهم الصلبة في بناء الهرم الرابع في مصر، هرم النهضة، ودولة الحرية والعدل والمساواة!.
لا وجود اليوم للوجوه التي كانت تمتلئ بالبراءة والحرية في 25 يناير 2011، لا نعرف حتى أسماء أكثر من 800 ثوري قتلته أيادي الشرطة ونظام مبارك حتى الأول من فبراير 2011، لا وجود لمن دفعوا بأرواحهم - وهم يعلمون - فداء لما آمنوا به، فداء لحرية مصر ونهضة مصر وثورية مصر، دون النظر لمنصب أو دخل، أو الطمع في ملجأ أو وظيفة تحقق لهم البصيص من أحلامهم الإنسانية المشروعة، هناك فرق هائل بين من رأيناهم في بداية الثورة من وجوه وبين من رأيناهم في بداية جمعة الشيخ القرضاوي من وجوه أخرى تماماً، وجوه تبدلت ونفوس تحولت ومطامع نُحتت، لا نرى اليوم سوى نفس الوجوه القديمة ( القبيحة أحياناً ) والتي تخرج علينا – كلما خرجت - بإعلان أقرب لإعلان السيد للعبد، فهي لا تملك – أمام طموحها - وقتاً في أن تتحاور معك أو أن تناقشها، فطموحها أعظم من أن تستشعر معها روح التواضع والأخوة بل والوطنية أحياناً في مسألة قبولك من عدمه، هم يريدونك مجرد رقم، رقم يضاف لرصيد مؤيديهم فتعلو بالأرقام أسهم مناصبهم الجديدة التي في انتظارهم وهم في انتظارها، لذا فأنت لا تلقى منهم سوى فقط إعلان، إعلان على صفحاتهم ( الشهيرة ) بالفيس بوك أو تويتر، أو صفحات الجرائد المثيرة للجدل أو شاشات تليفزيوناتهم التي جعلوها سداحا مداحا لرؤوس النظام الجديد كنوع من الحماية - بصداقتهم لأعضاء هذا النظام - من أن تتحول سمعتهم ودفاترهم ( القديمة ) للنائب العام بتهمة التربح والمحسوبية والثراء الفاحش السهل والسريع على حساب البسطاء وكذا كنوع من تطبيق المثل ( الفلاحي المصري ) الذي يقول: اطعم الفم تستحي العين، بمعنى أن أحولك ( كانتهازي ) إلى نجم شعبي وطني ثوري بتليفزيوناتي وطاقمي الإعلامي والصحفي مقابل أن تتغاضى ( قانوناً ) كصديق ( نظامي ) عن ما فعلت يداي من آثام في الماضي وتحميني، هذا هو المشهد العام في مصر الآن، المشهد الانتهازي، المشهد الذي تتحكم فيه فقط ثلاث تليفزيونات خاصة وثلاثة صحف شخصية، ومادون ذلك هو مجرد ذر الرماد في العيون، لكون لا أحد يطيق اليوم الإعلام الحكومي، أو الصحف القومية، أو مواقع الأخبار التابعة للنظام على صفحات الإنترنت.
وليس مستغربا في واقع هذا المشهد العام في مصر أن نجد في المستقبل وربما قريبا جدا الكثير من هؤلاء الانتهازيين وقد ابتكروا آليات ( شيطانية ) تمكنهم من اعتلاء صهوة الثورة والتغيير وصهوة النفوذ ورأس الوطن فنجدهم ينادون بمجلس حكماء لكل قطاع في مصر، للتليفزيون يكون على رأسه مثلاً حسين عبد الغني، مدير مكتب الجزيرة السابق في القاهرة، ومؤسس إذاعة الثورة المصرية في ميدان التحرير، وحافظ الميرازي مدير مكتب الجزيرة السابق في واشنطن، ومجلس حكماء للإعلام ومجلس حكماء للصحافة ومجلس حكماء للصناعة والتجارة والقرى والنجوع وشئون الأمن القومي والأمن الوطني وهكذا في كل قطاع من القطاعات الحيوية والحساسة في مصر وحيث يقفز عليه هؤلاء الذين يمكن أن نطلق عليهم لقب "الانتهازيون الجدد" المتلونون باسم الثورة والثورية والثوار ومنهج التغيير!.
كلمة وفاء لوطني ...
بشرت المسيحية بالحب والحب ضد التطرف، وبشر الإسلام بالحق والحق ضد الظلم، ما أروع أن نكون في وطن يحتضن أتباع الحب وأتباع الحق، الحب والحق في مصر إن تآلفا واندمجا ستصبح مصر أمة عظمى كما كانت، ستصبح مصر الجديدة، مصر التي كانت وستظل أم الدنيا.

ثورة مصر والانتهازيون الجدد

بقلم محيي الدين إبراهيم

عبود الزمر هو أحد أكبر هؤلاء الانتهازيين الجدد، مايكل منير،السيد البدوي شحاتة رئيس حزب الوفد وقناة الحياة، يحي الجمل، عمرو موسى، ألبرادعي، ساويرس صاحب قناة اون تي في، أيمن نور، احمد بهجت صاحب قناة دريم، والداعية عمرو خالد، والكثير الكثير الذين نشفق على أنفسنا من تعدادهم لكثرتهم وهم نجوم النظام السابق الذين لم يقدموا شيئا لمصر ولكن أخذوا منها أكثر مما أعطوا.

ليس هناك عدم .. بل هناك فناء وجود في وجود .. فناء ذات في ذات .. كفناء ألوان الطيف في اللون الأبيض على سبيل التوضيح .. وفناء ثورة 25 يناير المصرية في ذات الانتهازيين الجدد.
قال لي سيادة اللواء "بدر حميد" احد الضباط الأحرار في ثورة 1952 وكان وقت الثورة يبلغ من العمر 25 عاماً: إن الثورة – أي ثورة – يقوم بها الحالمون بالتغيير لدرجة الاستشهاد لكن لا يستفيد منها ومن جثث الشهداء بعد نجاحها إلا أبناء الأفاعي والحيات، فالشعب بارك الثورة واعتقلناه بمراكز القوى في ستينيات القرن الماضي وحين ثار السادات في مايو 1971 وبارك الشعب هذا التغيير اعتقلناه أيضا بأمن الدولة ابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي.
الثائرون إذن جسر تطأه أقدام الانتهازيين ليعبروا عليه إلى مطامحهم الخاصة التي لم ينالوها لولا دماء الشهداء التي سالت من اجل الحرية، فنرى بعد الثورة أسماء غير أسماء الذين قاموا بها ووجوه غير تلك الوجوه التي هللنا لها ساعة الثورة، لا نجد إلا مصالح تطفو فوق الكرامة ومخالب تعلو على إنكار الذات، ومعاقل ثورية يتم بها اعتقال أصحاب القيم في جلودهم أو في قبور جديدة تختلف في الاسم فقط عما كانت عليه أسماء القبور قديما قبل التغيير، الشعب بارك ثورة 25 يناير لكن يبدو انه سيتم اعتقاله أيضاً بالمسمى الجديد، سيتم اعتقاله بالأمن الوطني وحيث تبدأ ملامح وبشائر الاعتقال بظهور العصا الكهربائية في الشوارع ولكن بأيدي غير تلك الأيادي التي كانت تحملها قديماً، أو ربما نفس الأيادي القديمة ولكن مع تغيير القفازات، كما أشارت لي الزميلة الصحفية سامية أبو زيد في أحد تعليقاتها!. 
إنها دوائر التغيير الحتمي لا شك، لا تتلاشى أبداً ولكنها تقترب أو تبتعد، وتفنى في بعضها البعض، ولا يفني بعضها بعضاً، فيتغير الشكل فقط وتتغير الملامح لكنها تظل – شكلاً وملمحاً - محمله بنفس السيناريو، محملة بالقهر والانتهازية والوصولية، حيث باشاوات الأمس يصبحون فقراء اليوم وانتهازيوا اليوم يصبحوا ديكتاتوريو الثورة الجدد، هذا هو مسار التغيير في عالمنا الثالث، في عالمنا الشرق أوسطي الذي لا يعرف الاعتدال ولكنة تطرف من تطرف من عنترية رعناء تخلص كل أطوارها في النهاية إلى نقطة شديدة الظلمة تختزل في رحم نواتها المعتمة كل أجنة الانتهازية والشر، فلا فرق بين فاروق الملك ومبارك الخديوي، ولا فرق بين مبارك الخديوي وكل شماشرجية قصره ونظامه السابق الذين يرشحون أنفسهم اليوم لرئاسة مصر بانتهازية الجنين ( الطري ) المولود فيما بعد 25 يناير!. 
محاولة فاشلة لاغتيال عمر سليمان، ومحاولة فاشلة لانقلاب الحرس الجمهوري على الثورة، ومحاولة فاشلة لدخول أسلحة عبر حدود السودان إلى مصر، ألغاز غير قابلة لفك شفرتها، ألغاز تحمل في صدر صفحاتها الأولى شفرات شديدة التعقيد إلا لغزاً واحداً تم فك شفرته ببساطة، إنه لغز زيارة هيلاري كلينتون الناجحة لعودة ضخ الغاز المصري لإسرائيل بسعره القديم ( الانتهازي ) لصالح وزارة بنيامين ناتنياهو في تل أبيب ومحمد طويلة رئيس هيئة البترول، وحسين سالم صهر عائلة مبارك المخلوع، بخسائر سنوية مقدارها خمسة مليارات دولار بواقع 13 مليون دولار يومياً حسب ما كشف عنه السفير إبراهيم يسرى صاحب دعوى منع بيع الغاز المصري لإسرائيل!.
عبود الزمر ( مانديلا المصري كما صورته الآلات الإعلامية الفاشلة وأدمغة القش من الإعلاميين المحسوبين على مصر) هو أحد أكبر هؤلاء الانتهازيين الجدد، مايكل منير،السيد البدوي شحاتة رئيس حزب الوفد وقناة الحياة، يحي الجمل، عمرو موسى، ألبرادعي، ساويرس صاحب قناة اون تي في، أيمن نور، احمد بهجت صاحب قناة دريم، والداعية عمرو خالد، والكثير الكثير الذين نشفق على أنفسنا من تعدادهم لكثرتهم وهم نجوم النظام السابق الذين لم يقدموا شيئا لمصر ولكن أخذوا منها أكثر مما أعطوا، وضحكوا علينا أكثر مما صدقوا، هذا بخلاف مجموعة ( عظمى ) تحسب نفسها على الشباب الثوري وشباب التغيير من أنصاف وأشباه الإعلاميين ورؤساء تحرير وكتاب للسينما ومطربي وفناني الدرجة الثالثة في مصر، الذين يملأوون الدنيا اليوم ضجيجاً وصراخا عن انجازاتهم وثوريتهم وتاريخهم النضالي التنويري ولبناتهم الصلبة في بناء الهرم الرابع في مصر، هرم النهضة، ودولة الحرية والعدل والمساواة!.
لا وجود اليوم للوجوه التي كانت تمتلئ بالبراءة والحرية في 25 يناير 2011، لا نعرف حتى أسماء أكثر من 800 ثوري قتلته أيادي الشرطة ونظام مبارك حتى الأول من فبراير 2011، لا وجود لمن دفعوا بأرواحهم - وهم يعلمون - فداء لما آمنوا به، فداء لحرية مصر ونهضة مصر وثورية مصر، دون النظر لمنصب أو دخل، أو الطمع في ملجأ أو وظيفة تحقق لهم البصيص من أحلامهم الإنسانية المشروعة، هناك فرق هائل بين من رأيناهم في بداية الثورة من وجوه وبين من رأيناهم في بداية جمعة الشيخ القرضاوي من وجوه أخرى تماماً، وجوه تبدلت ونفوس تحولت ومطامع نُحتت، لا نرى اليوم سوى نفس الوجوه القديمة ( القبيحة أحياناً ) والتي تخرج علينا – كلما خرجت - بإعلان أقرب لإعلان السيد للعبد، فهي لا تملك – أمام طموحها - وقتاً في أن تتحاور معك أو أن تناقشها، فطموحها أعظم من أن تستشعر معها روح التواضع والأخوة بل والوطنية أحياناً في مسألة قبولك من عدمه، هم يريدونك مجرد رقم، رقم يضاف لرصيد مؤيديهم فتعلو بالأرقام أسهم مناصبهم الجديدة التي في انتظارهم وهم في انتظارها، لذا فأنت لا تلقى منهم سوى فقط إعلان، إعلان على صفحاتهم ( الشهيرة ) بالفيس بوك أو تويتر، أو صفحات الجرائد المثيرة للجدل أو شاشات تليفزيوناتهم التي جعلوها سداحا مداحا لرؤوس النظام الجديد كنوع من الحماية - بصداقتهم لأعضاء هذا النظام - من أن تتحول سمعتهم ودفاترهم ( القديمة ) للنائب العام بتهمة التربح والمحسوبية والثراء الفاحش السهل والسريع على حساب البسطاء وكذا كنوع من تطبيق المثل ( الفلاحي المصري ) الذي يقول: اطعم الفم تستحي العين، بمعنى أن أحولك ( كانتهازي ) إلى نجم شعبي وطني ثوري بتليفزيوناتي وطاقمي الإعلامي والصحفي مقابل أن تتغاضى ( قانوناً ) كصديق ( نظامي ) عن ما فعلت يداي من آثام في الماضي وتحميني، هذا هو المشهد العام في مصر الآن، المشهد الانتهازي، المشهد الذي تتحكم فيه فقط ثلاث تليفزيونات خاصة وثلاثة صحف شخصية، ومادون ذلك هو مجرد ذر الرماد في العيون، لكون لا أحد يطيق اليوم الإعلام الحكومي، أو الصحف القومية، أو مواقع الأخبار التابعة للنظام على صفحات الإنترنت.
وليس مستغربا في واقع هذا المشهد العام في مصر أن نجد في المستقبل وربما قريبا جدا الكثير من هؤلاء الانتهازيين وقد ابتكروا آليات ( شيطانية ) تمكنهم من اعتلاء صهوة الثورة والتغيير وصهوة النفوذ ورأس الوطن فنجدهم ينادون بمجلس حكماء لكل قطاع في مصر، للتليفزيون يكون على رأسه مثلاً حسين عبد الغني، مدير مكتب الجزيرة السابق في القاهرة، ومؤسس إذاعة الثورة المصرية في ميدان التحرير، وحافظ الميرازي مدير مكتب الجزيرة السابق في واشنطن، ومجلس حكماء للإعلام ومجلس حكماء للصحافة ومجلس حكماء للصناعة والتجارة والقرى والنجوع وشئون الأمن القومي والأمن الوطني وهكذا في كل قطاع من القطاعات الحيوية والحساسة في مصر وحيث يقفز عليه هؤلاء الذين يمكن أن نطلق عليهم لقب "الانتهازيون الجدد" المتلونون باسم الثورة والثورية والثوار ومنهج التغيير!.
كلمة وفاء لوطني ...
بشرت المسيحية بالحب والحب ضد التطرف، وبشر الإسلام بالحق والحق ضد الظلم، ما أروع أن نكون في وطن يحتضن أتباع الحب وأتباع الحق، الحب والحق في مصر إن تآلفا واندمجا ستصبح مصر أمة عظمى كما كانت، ستصبح مصر الجديدة، مصر التي كانت وستظل أم الدنيا.

الاثنين، 14 مارس 2011

الأحزاب الدينية في مصر هل هي بداية لولاية الفقيه؟


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
يبدو أن تركيا ( العدالة والتنمية ) لا تريد لأحزاب الاخوان المشابهة لها في مصر أن تقع في نفس خطأ حزب الرفاة التركي، وربما من هذه الزاوية جاءت زيارة عبد الله جول السريعة لمصر رغم وفاة أستاذه اربكان منذ 36 ساعة لحظة وصوله القاهرة ليقابل في مبنى السفارة التركية بمصر كل رموز جماعة الإخوان، مقابلة رسمية ودبلوماسية.
بثورة 25 يناير نالت الجماعات الدينية في مصر حريتها كاملة، بل وحرية تحقيق طموحها السياسي والحزبي والوطني، وأصبحت بين عشية وضحاها من محظورة لمشروعة، بل أنه يمكننا الجزم بأن 25 يناير 2011 هو العصر الذهبي للجماعات الإسلامية في مصر ومن ثم في الوطن العربي والشرق وربما من بعدهما في العالم أجمع.
نحن لسنا ضد أن يخدم مصر أي من أبنائها الشرفاء مهما كانت انتماءتهم العقائدية، فالوطن لا يسأل الفلاح عن ديانته قبل أن يغرس في أعماقه شتله، ولا يضير ماكينة الإنتاج أن كان القائم عليها مؤمن أو غير ذلك، لأن الوطن لا يعرف سوى كونه واحداً بجهد أبنائه وكفاحهم أو صفراً بتناحرهم وتشتتهم ومن ثم فنحن لا نعلم أن كان هذا التاريخ - 25 يناير - سيكون بداية فتح لعهد يتولى فيه أمراء ومرشدي الجماعات الدينية الحكم العادل في البلاد على أسس وطنية أم أنه سيكون بداية لصراعهم المذهبي حول تفعيل مسائلهم الفقهية المختلف عليها فيما بينهم لمحاولة تطبيقها وفرضها على الفعل السياسي من تحت قبة البرلمان؟، أو كصراع دون كيشوت ضد طواحين الهواء يستنزف قوى الوطن والمستقبل دون عائد كما كان يتصارع أمراء المماليك واستنزفوا بصراعهم طيلة أربعة قرون قوى الوطن ومستقبله!.
لا يجوز لنا أن نغض البصر عن مسألة هامة وهي أن دخول أي جماعة دينية بوابة السياسة لممارسة دور سياسي يعني في المقام الأول أن رؤيتهم الدينية والمذهبية للأمور العامة والخاصة هي صلب أجندتهم السياسية وإلا ما جدوى أن يمارسوا السياسة من أصله إن لم يكن لهم هدفا دينيا يؤمنون به ويريدون تفعيله سياسيا ( دنيوياً ) عن طريق صناديق الاقتراع وبصيص الديمقراطية التي ربما تتمتع به أو ستتمتع به دولة ما بعد الثورة.
تركيا هي أول بلد استشعرت واقع الحال في مصر بعد الثورة مباشرة واستشعرت معه – بحسب خبرتها السياسودينية أن جاز لي إطلاق هذا التعبير –استشعرت سيناريوهات الواقع وملامح المستقبل لتلك الجماعات الدينية التي تحررت من المعتقلات بعد الثورة وتريد المشاركة السياسية وممارسة العمل السياسي في مصر بجانب ممارستها للعمل الديني والدعوي، وعلى رأس هذه الجماعات في مصر جماعة الإخوان المسلمون، فحزب العدالة والتنمية التركي هو حزب غالب مؤسسيه وأعضاءه لهم مرجعية دينية تقترب في منهجها من مرجعية أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وهو حزب قائم على أنقاض حزب الرفاة لزعيمه نجم الدين اربكان، وحزب الرفاة تم تأسيسه سياسيا في ظروف كانت تتطلع فيه تركيا – ومازالت - لأن تُظهر أمام العالم سلوكا ديمقراطياً على النسق الغربي طمعا في رغبة انضمامها لأوروبا، ولهذا ظهر الرفاة بموافقة النظام وقتذاك كدليل على هذه المظاهر الديمقراطية التي كانت بمثابة نقلة ( ثورية ) على المنهج الأتاتوركي ( الكلاسيكي ) للدولة وبداية سطوع شمس العصر الذهبي للجماعات الدينية في تركيا ومشاركتها الفعلية في العملية السياسية هناك حتى رغم أنف الجيش التركي الذي يحكم تركيا من خلف كواليس السياسة بقبضة علمانية من حديد، ولكن وتحت حكمة أن بداية تعلم السير على الأقدام تتخلله الأخطاء التي تؤدي للسقوط فقد سقط الرفاة وتم حرمان اربكان من العمل السياسي حتى مات رغم عطاءه الوطني ورغم أنه يعتبر أبو الاقتصاد التركي الحديث.
أدى سقوط اربكان وسقوط حزبه إلى إعادة ترتيب الأوراق، ومعروف أن أي جماعة دينية في العالم لا تيأس من السقوط أو الهزيمة لكونها محددة الهدف ومؤمنة بقيمة لا تخطئها القلوب ولا تعرف الضمائر فيها معنى الانهزام، وحيث شتان مابين الهزيمة والانهزام، وعليه فإنها تخمد لفترة ثم تعاود الظهور بقوه بعد الخمود – وربما بعد الاعتقال والنفي والتعذيب - مستفيدة من كل أخطاء الماضي التي تحولها لمكاسب لا تعجزها الصراعات، وليظهر من صلب الصراع حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الله جول تلميذ اربكان النجيب وكاتم أسراره والأقرب له في المثل من قرب فتى موسى لمعلمه النبي.
يبدو أن تركيا ( العدالة والتنمية ) لا يريد للأحزاب المشابهة له في مصر أن تقع في نفس خطأ حزب الرفاة التركي حينما قام، وربما – في تقديري - من هذه الزاوية تحديداً كانت زيارة عبد الله جول السريعة لمصر رغم وفاة أستاذه ومعلمه اربكان والذي لم تمر على وفاته 36 ساعة على أقصى تقدير حين جاء القاهرة ليقابل في مبنى السفارة التركية بمصر كل رموز الجماعة، مقابلة رسمية ودبلوماسية.
اختارت إذن الجماعات الدينية في مصر النموذج التركي في العمل السياسي، واختارت معه في أول خروج رسمي لها في مهمة خارج مصر أن تذهب لتركيا لتقديم واجب العزاء في وفاة نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاة، و ربما لا يخلو الأمر أثناء تقديم واجب العزاء من طلب بصيص من النصح وبعض ملامح من مشورة، فهل سيحكم الجيش المصري مصر من خلف كواليس السياسة بقبضة من حديد كما في النموذج التركي، وتكون الأحزاب واجهة مدنية للحكم وتصريف شئون المجتمع، أم أن الوضع سينقلب ليتحول إلى ما يشبه حكم الفقيه في إيران؟ ضبابية السيناريو تجعلنا لا نرجح كفة على أخرى لكون الفعل السياسي مازال في طور التكوين ولكن وبالرغم من عدم القدرة على التكهن ( بجلاء) في تحديد ماهية ما سيؤول له الأمر إلا أنه لا يساورنا شك في أن السيناريو – على هذه الصورة مما نراه اليوم من أوضاع داخل المشهد السياسي المصري - لن يخرج عن مسألتين، حكم الجيش من وراء الكواليس وبقاء الأحزاب ذات المرجعيات الدينية على واجهة العمل السياسي، أو الحكم بمنهج ولاية الفقيه.
الغاضبون إذن في ميدان التحرير وماسبيرو قد اختاروا الشارع، أما الغاضبون ممن خرجوا من ظلمات المعتقل والنفي والتعذيب فقد اختاروا البرلمان، واعتقد أنه يظهر بجلاء مدى فرق العقول في إدارة دفة الغضب عند الطرفين والذي أرى انه كالفرق بين الحالم واليقظ، أو ربما كالفرق بين المتخلف والعبقري.
حزب الوسط، وجماعة الإخوان المسلمون، والجماعة الإسلامية، والسلفيون، والصوفيون، وأخيرا وليس آخراً السيد عبود الزمر الذي أعلن في أول ظهور أعلامي له بإنشاء حزب سياسي يترأس هو قيادته ويكون حزبا لكل المصريين، والسؤال هنا أمام كل هذه الأحزاب ذات المرجعيات الدينية أو القائمة على كيانات دينية ما هي الفروق السياسية التي ستجعل كل منها مختلفا عن الآخر؟ وهل سيكون الاختلاف في صالح الرؤية الفقهية للقائمين على الحزب أم في صالح مصر والسياسة بشكل عام؟ بلا شك ستكون الفروق بينهم هي ذات الفروق الفقهية والمذهبية التي تجعل كل منهم مختلف عن الآخر وإلا لكانوا ببساطة اتفقوا سياسيا فيما بينهم وانضموا جميعا تحت لواء حزب سياسي واحد يضمهم في خدمة مصر بعيدا عن مناهج الأحزاب الأخرى ذات المرجعيات اليسارية ( التجمع ) أو الليبرالية ( الوفد ) أو الناصرية ( العربي ) أو .. إلخ، والتي تتعارض مع ما يؤمنون به من منهج، بل أننا نتساءل أيضا عن لماذا يصر الأخوان المسلمون على سبيل المثال في إنشاء حزب خاص (العدالة و الحرية ) – ولنلاحظ قرب المسمى من حزب العدالة والتنمية التركي – أقول إنشاء حزب سياسي رغم أن حزب الوسط لأبو العلا ماضي غالب مؤسسيه من الإخوان! أي يحملون نفس المنهج!، ما هو الفرق بين حزب يؤسسه إخوان مسلمون وحزب آخر يؤسسه أيضا إخوان مسلمون؟ .. لا يمكن أن يكون الفرق فقط في مجرد الاسم؟ .. وهنا يكمن سؤال آخر وهو هل ينقسم الأخوان على بعضهم في التوجه السياسي ومن ثم ففريق منهم يجنح لحزب كحزب الوسط والآخر يميل لحزب كحزب العدالة والحرية ؟ وما هو التوجه السياسي الذي يختلف عليه كلا الطرفين رغم أنهما يحملان نفس المنهج ؟ أم أنها ( هوجة ) إنشاء الأحزاب؟.. مسألة عجيبة فعلاً!
معلوم أن الأحزاب السياسية تقوم على مبدأ خدمة الدولة، ومن ثم فكل الأحزاب في العالم تقبل عضوية المنتمين إليها على أساس وطني وليس على أساس ديني، هذه هي لعبة السياسة في كل بلدان العالم مع استثناء بسيط لا يتسع المجال هنا لنقده وتحليله، ومن ثم يبرز التساؤل في هل ستقبل الأحزاب المصرية ( الحديثة ) القائمة على كيانات دينية ( سنية ) عضوية مصري ( شيعي ) مهما كان إخلاصه وانتمائه الوطني؟ أو عضوية مصري بهائي، أو عضوية مصري قبطي؟ أو كاثوليكي؟، وهل سيقبل أصحاب الأحزاب القائمة على كيانات دينية ( سنية ) أن يتم إنشاء أحزاب سياسية أخرى يكون أعضاءها من ذوي المرجعيات والخلفيات الشيعية أو البهائية أو البروتستانتية؟؟! إنها بالفعل مسألة في غاية التعقيد.
ومن هنا كانت القوانين الوطنية ملتزمة بعدم إنشاء حزب يكون مؤسسيه أو أعضاءه من أصحاب منهج محدد يقوم على ايدولوجية معينة من شأنها إحداث خلل داخل المجتمع حتى ولو كانت ايدولوجية هؤلاء الناس لاعلاقة لها بالدين، كما نرى في أميركا على سبيل المثال رفضهم لتكوين حزب للشواذ أو حزب لطائفة "المورمن" لأن ذلك من شأنه تفكيك المجتمع لشيع وطوائف تبدأ حراكها حينما تبدأ بأحزاب سياسية لا تلبث أن تتحول لأحزاب طائفية ينتصر القائمين عليها لفئة على فئة من أبناء الوطن الواحد وتتحول ( بشكل آلي وحتمي ) من عراك سن قوانين تحت قبة البرلمان لمعارك ميليشيات مسلحة في القرى والمدن، ونعود بها لعصور القرون الوسطى.
نحن نريد الإجابة على هذا السؤال: هل مستقبل مصر السياسي والإقليمي والدولي سيكون مرهونا بطائفية البرلمان أم مرهونا بوطنيته وانتماء كل المستظلين تحته بدستور البلاد وانتمائهم لمصر؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القليلة المقبلة ونريد منهم أيضاً الإجابة عليه.


الأحزاب الدينية في مصر هل هي بداية لولاية الفقيه؟


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
يبدو أن تركيا ( العدالة والتنمية ) لا تريد لأحزاب الاخوان المشابهة لها في مصر أن تقع في نفس خطأ حزب الرفاة التركي، وربما من هذه الزاوية جاءت زيارة عبد الله جول السريعة لمصر رغم وفاة أستاذه اربكان منذ 36 ساعة لحظة وصوله القاهرة ليقابل في مبنى السفارة التركية بمصر كل رموز جماعة الإخوان، مقابلة رسمية ودبلوماسية.
بثورة 25 يناير نالت الجماعات الدينية في مصر حريتها كاملة، بل وحرية تحقيق طموحها السياسي والحزبي والوطني، وأصبحت بين عشية وضحاها من محظورة لمشروعة، بل أنه يمكننا الجزم بأن 25 يناير 2011 هو العصر الذهبي للجماعات الإسلامية في مصر ومن ثم في الوطن العربي والشرق وربما من بعدهما في العالم أجمع.
نحن لسنا ضد أن يخدم مصر أي من أبنائها الشرفاء مهما كانت انتماءتهم العقائدية، فالوطن لا يسأل الفلاح عن ديانته قبل أن يغرس في أعماقه شتله، ولا يضير ماكينة الإنتاج أن كان القائم عليها مؤمن أو غير ذلك، لأن الوطن لا يعرف سوى كونه واحداً بجهد أبنائه وكفاحهم أو صفراً بتناحرهم وتشتتهم ومن ثم فنحن لا نعلم أن كان هذا التاريخ - 25 يناير - سيكون بداية فتح لعهد يتولى فيه أمراء ومرشدي الجماعات الدينية الحكم العادل في البلاد على أسس وطنية أم أنه سيكون بداية لصراعهم المذهبي حول تفعيل مسائلهم الفقهية المختلف عليها فيما بينهم لمحاولة تطبيقها وفرضها على الفعل السياسي من تحت قبة البرلمان؟، أو كصراع دون كيشوت ضد طواحين الهواء يستنزف قوى الوطن والمستقبل دون عائد كما كان يتصارع أمراء المماليك واستنزفوا بصراعهم طيلة أربعة قرون قوى الوطن ومستقبله!.
لا يجوز لنا أن نغض البصر عن مسألة هامة وهي أن دخول أي جماعة دينية بوابة السياسة لممارسة دور سياسي يعني في المقام الأول أن رؤيتهم الدينية والمذهبية للأمور العامة والخاصة هي صلب أجندتهم السياسية وإلا ما جدوى أن يمارسوا السياسة من أصله إن لم يكن لهم هدفا دينيا يؤمنون به ويريدون تفعيله سياسيا ( دنيوياً ) عن طريق صناديق الاقتراع وبصيص الديمقراطية التي ربما تتمتع به أو ستتمتع به دولة ما بعد الثورة.
تركيا هي أول بلد استشعرت واقع الحال في مصر بعد الثورة مباشرة واستشعرت معه – بحسب خبرتها السياسودينية أن جاز لي إطلاق هذا التعبير –استشعرت سيناريوهات الواقع وملامح المستقبل لتلك الجماعات الدينية التي تحررت من المعتقلات بعد الثورة وتريد المشاركة السياسية وممارسة العمل السياسي في مصر بجانب ممارستها للعمل الديني والدعوي، وعلى رأس هذه الجماعات في مصر جماعة الإخوان المسلمون، فحزب العدالة والتنمية التركي هو حزب غالب مؤسسيه وأعضاءه لهم مرجعية دينية تقترب في منهجها من مرجعية أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وهو حزب قائم على أنقاض حزب الرفاة لزعيمه نجم الدين اربكان، وحزب الرفاة تم تأسيسه سياسيا في ظروف كانت تتطلع فيه تركيا – ومازالت - لأن تُظهر أمام العالم سلوكا ديمقراطياً على النسق الغربي طمعا في رغبة انضمامها لأوروبا، ولهذا ظهر الرفاة بموافقة النظام وقتذاك كدليل على هذه المظاهر الديمقراطية التي كانت بمثابة نقلة ( ثورية ) على المنهج الأتاتوركي ( الكلاسيكي ) للدولة وبداية سطوع شمس العصر الذهبي للجماعات الدينية في تركيا ومشاركتها الفعلية في العملية السياسية هناك حتى رغم أنف الجيش التركي الذي يحكم تركيا من خلف كواليس السياسة بقبضة علمانية من حديد، ولكن وتحت حكمة أن بداية تعلم السير على الأقدام تتخلله الأخطاء التي تؤدي للسقوط فقد سقط الرفاة وتم حرمان اربكان من العمل السياسي حتى مات رغم عطاءه الوطني ورغم أنه يعتبر أبو الاقتصاد التركي الحديث.
أدى سقوط اربكان وسقوط حزبه إلى إعادة ترتيب الأوراق، ومعروف أن أي جماعة دينية في العالم لا تيأس من السقوط أو الهزيمة لكونها محددة الهدف ومؤمنة بقيمة لا تخطئها القلوب ولا تعرف الضمائر فيها معنى الانهزام، وحيث شتان مابين الهزيمة والانهزام، وعليه فإنها تخمد لفترة ثم تعاود الظهور بقوه بعد الخمود – وربما بعد الاعتقال والنفي والتعذيب - مستفيدة من كل أخطاء الماضي التي تحولها لمكاسب لا تعجزها الصراعات، وليظهر من صلب الصراع حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الله جول تلميذ اربكان النجيب وكاتم أسراره والأقرب له في المثل من قرب فتى موسى لمعلمه النبي.
يبدو أن تركيا ( العدالة والتنمية ) لا يريد للأحزاب المشابهة له في مصر أن تقع في نفس خطأ حزب الرفاة التركي حينما قام، وربما – في تقديري - من هذه الزاوية تحديداً كانت زيارة عبد الله جول السريعة لمصر رغم وفاة أستاذه ومعلمه اربكان والذي لم تمر على وفاته 36 ساعة على أقصى تقدير حين جاء القاهرة ليقابل في مبنى السفارة التركية بمصر كل رموز الجماعة، مقابلة رسمية ودبلوماسية.
اختارت إذن الجماعات الدينية في مصر النموذج التركي في العمل السياسي، واختارت معه في أول خروج رسمي لها في مهمة خارج مصر أن تذهب لتركيا لتقديم واجب العزاء في وفاة نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاة، و ربما لا يخلو الأمر أثناء تقديم واجب العزاء من طلب بصيص من النصح وبعض ملامح من مشورة، فهل سيحكم الجيش المصري مصر من خلف كواليس السياسة بقبضة من حديد كما في النموذج التركي، وتكون الأحزاب واجهة مدنية للحكم وتصريف شئون المجتمع، أم أن الوضع سينقلب ليتحول إلى ما يشبه حكم الفقيه في إيران؟ ضبابية السيناريو تجعلنا لا نرجح كفة على أخرى لكون الفعل السياسي مازال في طور التكوين ولكن وبالرغم من عدم القدرة على التكهن ( بجلاء) في تحديد ماهية ما سيؤول له الأمر إلا أنه لا يساورنا شك في أن السيناريو – على هذه الصورة مما نراه اليوم من أوضاع داخل المشهد السياسي المصري - لن يخرج عن مسألتين، حكم الجيش من وراء الكواليس وبقاء الأحزاب ذات المرجعيات الدينية على واجهة العمل السياسي، أو الحكم بمنهج ولاية الفقيه.
الغاضبون إذن في ميدان التحرير وماسبيرو قد اختاروا الشارع، أما الغاضبون ممن خرجوا من ظلمات المعتقل والنفي والتعذيب فقد اختاروا البرلمان، واعتقد أنه يظهر بجلاء مدى فرق العقول في إدارة دفة الغضب عند الطرفين والذي أرى انه كالفرق بين الحالم واليقظ، أو ربما كالفرق بين المتخلف والعبقري.
حزب الوسط، وجماعة الإخوان المسلمون، والجماعة الإسلامية، والسلفيون، والصوفيون، وأخيرا وليس آخراً السيد عبود الزمر الذي أعلن في أول ظهور أعلامي له بإنشاء حزب سياسي يترأس هو قيادته ويكون حزبا لكل المصريين، والسؤال هنا أمام كل هذه الأحزاب ذات المرجعيات الدينية أو القائمة على كيانات دينية ما هي الفروق السياسية التي ستجعل كل منها مختلفا عن الآخر؟ وهل سيكون الاختلاف في صالح الرؤية الفقهية للقائمين على الحزب أم في صالح مصر والسياسة بشكل عام؟ بلا شك ستكون الفروق بينهم هي ذات الفروق الفقهية والمذهبية التي تجعل كل منهم مختلف عن الآخر وإلا لكانوا ببساطة اتفقوا سياسيا فيما بينهم وانضموا جميعا تحت لواء حزب سياسي واحد يضمهم في خدمة مصر بعيدا عن مناهج الأحزاب الأخرى ذات المرجعيات اليسارية ( التجمع ) أو الليبرالية ( الوفد ) أو الناصرية ( العربي ) أو .. إلخ، والتي تتعارض مع ما يؤمنون به من منهج، بل أننا نتساءل أيضا عن لماذا يصر الأخوان المسلمون على سبيل المثال في إنشاء حزب خاص (العدالة و الحرية ) – ولنلاحظ قرب المسمى من حزب العدالة والتنمية التركي – أقول إنشاء حزب سياسي رغم أن حزب الوسط لأبو العلا ماضي غالب مؤسسيه من الإخوان! أي يحملون نفس المنهج!، ما هو الفرق بين حزب يؤسسه إخوان مسلمون وحزب آخر يؤسسه أيضا إخوان مسلمون؟ .. لا يمكن أن يكون الفرق فقط في مجرد الاسم؟ .. وهنا يكمن سؤال آخر وهو هل ينقسم الأخوان على بعضهم في التوجه السياسي ومن ثم ففريق منهم يجنح لحزب كحزب الوسط والآخر يميل لحزب كحزب العدالة والحرية ؟ وما هو التوجه السياسي الذي يختلف عليه كلا الطرفين رغم أنهما يحملان نفس المنهج ؟ أم أنها ( هوجة ) إنشاء الأحزاب؟.. مسألة عجيبة فعلاً!
معلوم أن الأحزاب السياسية تقوم على مبدأ خدمة الدولة، ومن ثم فكل الأحزاب في العالم تقبل عضوية المنتمين إليها على أساس وطني وليس على أساس ديني، هذه هي لعبة السياسة في كل بلدان العالم مع استثناء بسيط لا يتسع المجال هنا لنقده وتحليله، ومن ثم يبرز التساؤل في هل ستقبل الأحزاب المصرية ( الحديثة ) القائمة على كيانات دينية ( سنية ) عضوية مصري ( شيعي ) مهما كان إخلاصه وانتمائه الوطني؟ أو عضوية مصري بهائي، أو عضوية مصري قبطي؟ أو كاثوليكي؟، وهل سيقبل أصحاب الأحزاب القائمة على كيانات دينية ( سنية ) أن يتم إنشاء أحزاب سياسية أخرى يكون أعضاءها من ذوي المرجعيات والخلفيات الشيعية أو البهائية أو البروتستانتية؟؟! إنها بالفعل مسألة في غاية التعقيد.
ومن هنا كانت القوانين الوطنية ملتزمة بعدم إنشاء حزب يكون مؤسسيه أو أعضاءه من أصحاب منهج محدد يقوم على ايدولوجية معينة من شأنها إحداث خلل داخل المجتمع حتى ولو كانت ايدولوجية هؤلاء الناس لاعلاقة لها بالدين، كما نرى في أميركا على سبيل المثال رفضهم لتكوين حزب للشواذ أو حزب لطائفة "المورمن" لأن ذلك من شأنه تفكيك المجتمع لشيع وطوائف تبدأ حراكها حينما تبدأ بأحزاب سياسية لا تلبث أن تتحول لأحزاب طائفية ينتصر القائمين عليها لفئة على فئة من أبناء الوطن الواحد وتتحول ( بشكل آلي وحتمي ) من عراك سن قوانين تحت قبة البرلمان لمعارك ميليشيات مسلحة في القرى والمدن، ونعود بها لعصور القرون الوسطى.
نحن نريد الإجابة على هذا السؤال: هل مستقبل مصر السياسي والإقليمي والدولي سيكون مرهونا بطائفية البرلمان أم مرهونا بوطنيته وانتماء كل المستظلين تحته بدستور البلاد وانتمائهم لمصر؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القليلة المقبلة ونريد منهم أيضاً الإجابة عليه.


الثلاثاء، 22 فبراير 2011

ماذا يحدث في مصر؟


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
الشرف الوطني أعظم من الشرف العسكري، اكرر .. انحازوا للأمة واستبعدوا حكومة شفيق بكل وجوهها ووزرائها وخفرائها، فهم ذيول الطغمة الفاسدة ومساحيق تجميل عهد الثلاثين عاماً الذين زادوا من وجهه قبحا ومن آلام الناس تعذيباً، لا لحكومة شفيق .. لا لأحمد أبو الغيط وسفراؤه ومحاسيبه .. لا لكل وجوه العهد السابق حتى ولو كانوا أنبياء.
أفلس العالم ( الحر) وهذه حقيقة، فدخول أميركا حرب العشرة سنوات 2001 – 2011 ، وانضمام معظم بلدان العالم معها فيما سمي وقتذاك بالحرب على الإرهاب قد أفلس الجميع وأجبر الكل تحت وطأة غضبة الشعوب على تغيير الأنظمة المتخلفة واستبدالها بأنظمة شعوبية اشتراكية أو ذات مسحة اشتراكية كما حدث في استراليا واسبانيا وانجلترا وفرنسا وكثير من الدول الأخرى لدرجة جعلت تغيير الأنظمة يتحول من النقيض إلى النقيض ليتغير وجه العالم في محاولة للتصدي لما أسموه غول الإفلاس العالمي 2009 – الذي يلتهم فينا أمعائنا حتى اليوم - ودخول تلك الأنظمة في مشاكل داخلية مع شعوبهم تتمحور في البطالة وغلاء المعيشة وهي ما جعلها تنكفئ على الذات وتنغلق قدر إمكانها على أمعائها التي خرجت غالب أحشائها في صحراء العرب وصحراء أفغانستان وأصبحت بهذه الكارثة لاهي قادرة على إعادة الحد الادني من الترف الذي كان موجودا قبل عام 2001 ولا هي قادرة على اللعب – كما كانت – في تنضيد الأحداث العالمية، بل ولا تجرؤ على ذلك لأن عملية التنضيد تحتاج إلى أموال والأموال التهمتها حرب ضروس طيلة عشرة أعوام لم تسفر سوى عن إلقاء معدات عسكرية ( انترناشيونال ) بتريليونات الدولارات في رمال الصحراء وأعماق الخلجان العربية دون أن تجني من دوران عجلات تلك الآلة العسكرية شئ سوى تغيير وجهة العالم من النقيض الليبرالي إلى النقيض الطائفي، أصبحت تلك الدول ( خيال مآته ) فاقدة كل ما كنا نختزنه لها من احترام بل وفاقدة هي أيضا ما كانت تختزنه لذاتها من احترام واعتداد بالنفس.

تحدثت في مقال سابق عام 2003 كان عنوانه " الحرب واللعنة وأوطان تتهاوى " تحدثت فيه عن ما سيؤول إليه شكل العالم في المستقبل القريب بعد عشرة سنوات أي في عام 2013 وذكرت أنه في حال دخول القوات العالمية للصحراء العربية فأن اللعنة ستحل على الكل وسيفلس الكل، وحذرت من أن الصحراء العربية التي وطأتها أقدام الأنبياء من آدم وحتى محمد هي صحراء تلعن أي قوة تفتح باب الصراع فيها واستشهدت بالتاريخ منذ حروب أحمس ورمسيس وحتى حرب الخليج الأولى وذكرت 27 حربا بشكل موجز وما أسفرت عنه من نتائج كارثية غيرت وجه العالم من النقيض للنقيض على مدار أكثر من أربعة آلاف عام، وقلت أن كل من شارك أو سيشارك في هذه الحرب سيخسر، وسنجد أن هناك دولا ستقوم ودولا ستختفي، وقوى ستستيقظ وقوى ستنهار، وكذلك حذرت من اتكال بعض الأقليات في العالم على قوى مثل الأمم المتحدة أو أمريكا أو الغرب لان اتكالها على مثل هذه القوى لن يزيدها إلا تحطيما ولن تجني من ورائها إلا ذبحا وسحقا وربما إبادة جماعية دون أن تحرك تلك القوى ساكنا لكونها ستصبح عاجزة عن فعل أي شئ إلا التنديد والدعوة لعدم الإفراط في القوة بشكل مضحك ورخيص كما نراه الآن منهم على شاشات التليفزيون والذي مرجعه الإفلاس والإحساس بالعجز، لكن لا أحد يقرأ في زمن تحكمت فيه غرائز الغضب.
ما لذي يحدث في مصر؟ .. هل هي ثورة؟ أم انتفاضة شعبية؟ أم ماذا؟ .. أتصور في تقديري أن ما يحدث في مصر هي عملية تجميل لوجه قبيح عن طريق إزالة الجلد المتقيح في الوجه بجلد آخر شبه سليم من أسفل ( الفخذ ) لنفس الجسد العجوز المحتضر، والمنطق يقول أن لحظة الاحتضار لا تنفع معها عمليات التجميل ولكن تنفع معها فقط لحظات الانتظار لتشييع جثمان المحتضر الذي حتما هو الآن في عداد الأموات، وأن عمليات ترقيع الوجه وتجميل ترهلات الجسد المحتضر ماهي إلا ضرب من ضروب التخلف العقلي والحضاري ومعاندة ما يسمى بالحتمية القدرية. 
لابد أن يصدق الجميع أن الماضي قد انتهى وأن كل الوجوه التي تعبر عنه هي في محل ( الميت ) والميت لا يستطيع مزاولة الحياة أو ترتيب شئون الحياة لكونه ميتا ولو كنا نحمل بصيصا من حكمة لجهزنا للنظام كله كفنا ونعشا ورتبنا جنازة تليق به وأن لا نناطح القدر، حتى لا تتهمنا الأجيال القادمة بأننا جيل ما يسمى بجيل ( بلاط البُلهاء ) الذين حرقوا الوطن من اجل الحفاظ على كرامة ( لص ميت ) كان في يوم من الأيام شريفا ثم حينما تمكن من قيادة الناس سرق الوطن بأرضه ونيله وسمائه.
حكومة أحمد شفيق هي جلد شبه سليم مأخوذ من أسفل ( فخذ ) الجسد المسجى على طاولة الوطن والذي يحتضر في انتظار إعلان وفاته، حكومة أحمد شفيق مرفوضة قلبا وقالبا، ومحبتنا واحترامنا وتقديرنا للجيش المصري وعلى موقفه الوطني دوما تجاه حماية الوطن وحياده الأخير الذي انحنى له التاريخ في موقفه أثناء غضبة المصريين يمنعنا من أن نوجه له هذا السؤال: لماذا تصر وأنت الحاكم الوحيد الآن في مصر على إجراء عملية تجميل تكلف الوطن كل هذه الثروات لجسد يحتضر والذي حتى إن فاق من أزمة احتضاره لفترة فهو فواق ما يسميه المصريون ( حلاوة الروح ) ثم سيموت بعدها حتما، سيشرب كوب من الماء أو يبلع لقمة من الوطن ثم سيموت حتما مخلفا ورائه عارا في كتب التاريخ يلحق بكل من شارك في عمليات التجميل عن عمد أو عن حسن نية، لقد كتبت مقالا يوم 28 يناير للسيد عمر سليمان كان عنوانه ( انحاز للأمة وكن بطلا شعبيا ) ووجهت له الإنذار الأخير ونبهته أنها فرصته الأخيرة في أن يكون بطلا شعبيا في انحيازه للأمة ضد عنت ( مبارك ) أو أن يظل على موقفه فيقذفه التاريخ في صفحاته السوداء، قلت له أن هناك فرقا شديدا بين الشرف العسكري والشرف الوطني وان شرفك العسكري حتم عليك في يوم ما حماية رأس النظام من عملية اغتيال في أديس أبابا أما الآن فليس اليوم كالبارحة، وليست انتفاضة الأمة ضد رأس النظام اليوم كعملية اغتيال مبارك في إثيوبيا بالأمس، اليوم يفرض عليك الشرف الوطني الانحياز للشعب وتغليب الشرف الوطني على الشرف العسكري لكون الشرف العسكري جزءاً أما الشرف الوطني فهو كلٌ لا يتجزأ لكنه استمع لشيطان نفسه وخرج يوم 11 فبراير بعد التنحي مجرد ( نفر ) سيذكره التاريخ في صفحات غضبة المصريين السوداء ولن يكون أبدا في صفحات التاريخ البيضاء التي تحوي أسماء الضحايا الشباب – وهم بالمئات - الذين قتلتهم يد الطغمة الفاسدة في محاولة يائسة للحفاظ على الكرسي.
الشرف الوطني أعظم وأنبل من الشرف العسكري، اكرر .. انحازوا للأمة واستبعدوا حكومة شفيق بكل وجوهها ووزرائها وسفرائها وخفرائها، فهم ذيول الطغمة الفاسدة ومساحيق تجميل العهد البائد الذين زادوا من وجهه قبحا ومن آلام الناس تعذيباً، لا لحكومة شفيق .. لا لأحمد أبو الغيط وسفراؤه وخفرائه ومحاسيبه .. لا لكل وجوه العهد السابق حتى ولو كانوا أنبياء.

أما بالنسبة لنتائج ما سيحدث في مصر – من وجهة نظري - بعد فتره ( ستة أشهر أو سنة أو أي زمن يقررها الجيش أو الناس ) فهو دولة إسلامية، حاولت أن أنكر ذلك عدة مرات ولكني أتصور أن كل ما يحدث الآن لا يؤدي إلا لتلك النتيجة ولكن على الطريقة المصرية وليس كما كنا نظن على طريقة تركيا أو ماليزيا، وأقول أيضاً أن غضبة الشعب التي خرجت فيها النساء والبنات قبل الشباب والرجال كيف لها أن تؤدي في يوم من الأيام إلى وضع سياسي إسلامي في مصر بل على العكس من ذلك فالمفروض أن تؤدي تلك الصورة إلى وضع آخر يصنعه مصريون متدينون - ربما - ولا تصنعه حكومة متدينة، لكن الأحداث في مصر وما حولها تدور سراعاً وتؤكد تصور الوضع الإسلامي ليس في مصر فقط بل في كل ما يحيطها من دول ودساتير ستكون قريباً ملكا للشعب لا للملوك والرؤساء ويقرر فيها الشعب – ديمقراطيا – وضع الدولة حسب ما ستقرره الأغلبية فيها، اكرر، حسب ما ستقرره الأغلبية فيها.
المسألة أكبر من كونها انتفاضة شعوب تحدث هكذا عفواً، فلا يمكن أن تنتفض أمه هكذا عفوا أبداً من تلقاء نفسها من أقصى الجنوب لأقصى الشمال، لأنه ليس هناك ما يسمى حدثا عفويا إطلاقا، فكل فعل لابد له من فاعل، وإذا نظرنا لمصر وحدها سيقول البسطاء منا أن الفاعل حركة الإخوان المسلمين، لكن إذا نظرنا خارج مصر ونفس سيناريو الأحداث التي حدثت في مصر وتونس سنجد أن الفاعل مجهول الاسم لكنه معلوم الهوية، وأن الإخوان المسلمين لكونهم إخوان مسلمين صنعت منهم الأنظمة الفاسدة بالهالة الإعلامية قوة ليست فيهم ليخيفوا بهم الناس ظن الناس أنهم الفاعلين، رغم يقيني أنهم ليسوا بهذا الحجم من الضخامة ولكنهم تحت تأثير الآلة الإعلامية ( العبيطة ) دخلوا في وعي الناس ( المغسول إعلاميا ) في سيناريو الفاعل الذي لا نراه لكن نستشعره والذي أؤمن بأنه أعظم بكثير - كمارد - مقارنة بطفولة ما يسمى الإخوان المحدودة بفكرها القديم في بضع دول ستدخل حتما في أتون الفوضى أو ربما التغيير ( والتفعيل ) قريباً.
و أتصور أن الهدف من سيناريو المارد القادم هو تحقيق ما يسمى بالحرب المقدسة الكونية التي ستبتلع ما لا يقل عن 40% من سكان العالم، إنها قادمة لا شك والمسألة فقط هي مسألة وقت.
إن مارد الشعوب الذي نتوهمه لم ينطلق من ( القمقم ) كما تصور لنا بعض الآلات الإعلامية، إن من خرج و انتفض وأخرج رأسه من ( القمقم )، مارد آخر لا أعرف ملامحه بالضبط حتى الآن لكني استشعر وجوده بقوة، مارد سيغلق البحار لتأمين الثروة، ثم يكرر سيناريو أحداثة في نصف بلدان الكرة الأرضية وخاصة أسيا وإفريقيا، ثم يضع ابتداءً دساتيرا تحترم الشعوب، وسيحافظ ويحترم في أول بسط إرادته على الأقليات من أي طائفة وأي دين وأي ملة ولن يدخل في حرب مع إسرائيل، بغرض الحفاظ على البني التحتية للبلدان التي سينطلق منها مستقبلاً لتحقيق سيناريو الحرب الكبرى، سنرى قريبا نفس السيناريو في مالي والنيجر وربما جنوب أفريقيا وتشاد والسعودية وسوريا وإيران وباكستان ودول الكومنولث الروسي القديم وبلدان كثيرة على شكل ( طوق ) يحمل في بطنه ثلاثة أرباع كنوز العالم على شكل نجمة، لقد اختار المارد بداية تحقيق السيناريو في زمن إفلاس العالم وعجزه عن تحقيق شئ سوى التنديد والدعوة لنبذ العنف بأسلوب عفن ورخيص، وستكون بشائر أنابيب الاختبار التي تم تجهيزها منذ سنوات هي منع الوقود عن بعض دول جنوب أوروبا في محاولة تمهيدية لسيناريو تأمين البحر المتوسط وكذلك لدراسة رد الفعل الذي حتما سيخرج عنيفا كما فعل العادلي في الثلاثة أيام الأولى لغضبة المصريين واخرج للناس كل طاقته وآلته القمعية التي ما أن ألفها الناس حتى انتصروا عليه، كما سيكرر – في تقديري – نموذج قراصنة الصومال في بوابة الحكمة ( هرمز ) مدخل الخليج الفارسي وكذلك بوابة ( جبل طارق ) على المتوسط بعد أن نجحت أنبوبة الاختبار عند بوابة ( المندب ) على البحر الأحمر، وأتصور أننا في بداية السيناريو الذي ربما يأخذ عشرين عاما قبل حدوث الكارثة الكونية المتمثلة في الحرب المقدسة والتي سيدخلها الكل للدفاع عن المقدس في ضمائرهم مسلمون ومسيحيون ويهود وهندوس وبوذيون وكل ألوان وأطياف أصحاب الديانات المختلفة في العالم.
ما يحدث في مصر هو جزء صغير جداً من السيناريو الكبير جداً لكنه جزء مهم من القادم في المستقبل القريب، هذا ظني، وغدا ستتكشف أمورا جديدة أكثر حدة، نأمل أن لا يدخل فيها الجيش المصري أو يتورط من خلالها في صراع مع الشعب والعامة لأن هذا الصراع ربما يكون وارد، أو ربما محتمل وعليه أن ينحاز للناس، و في نهاية مقالي أود أن أقدم التحية والتقدير وانحناءة شرف لضحايا الثورة على الطغمة الفاسدة سواء من راح منهم في 25 يناير أو من سبقهم أمثال شباب كنيسة القديسين، وخالد سعيد وغيرهم من خيرة شباب مصر، وكل من كان بريئا وراح ضحية النظام السابق طيلة 40 عاماً، وعاشت مصر حرة و تحيا مصر.

 


ماذا يحدث في مصر؟


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
الشرف الوطني أعظم من الشرف العسكري، اكرر .. انحازوا للأمة واستبعدوا حكومة شفيق بكل وجوهها ووزرائها وخفرائها، فهم ذيول الطغمة الفاسدة ومساحيق تجميل عهد الثلاثين عاماً الذين زادوا من وجهه قبحا ومن آلام الناس تعذيباً، لا لحكومة شفيق .. لا لأحمد أبو الغيط وسفراؤه ومحاسيبه .. لا لكل وجوه العهد السابق حتى ولو كانوا أنبياء.
أفلس العالم ( الحر) وهذه حقيقة، فدخول أميركا حرب العشرة سنوات 2001 – 2011 ، وانضمام معظم بلدان العالم معها فيما سمي وقتذاك بالحرب على الإرهاب قد أفلس الجميع وأجبر الكل تحت وطأة غضبة الشعوب على تغيير الأنظمة المتخلفة واستبدالها بأنظمة شعوبية اشتراكية أو ذات مسحة اشتراكية كما حدث في استراليا واسبانيا وانجلترا وفرنسا وكثير من الدول الأخرى لدرجة جعلت تغيير الأنظمة يتحول من النقيض إلى النقيض ليتغير وجه العالم في محاولة للتصدي لما أسموه غول الإفلاس العالمي 2009 – الذي يلتهم فينا أمعائنا حتى اليوم - ودخول تلك الأنظمة في مشاكل داخلية مع شعوبهم تتمحور في البطالة وغلاء المعيشة وهي ما جعلها تنكفئ على الذات وتنغلق قدر إمكانها على أمعائها التي خرجت غالب أحشائها في صحراء العرب وصحراء أفغانستان وأصبحت بهذه الكارثة لاهي قادرة على إعادة الحد الادني من الترف الذي كان موجودا قبل عام 2001 ولا هي قادرة على اللعب – كما كانت – في تنضيد الأحداث العالمية، بل ولا تجرؤ على ذلك لأن عملية التنضيد تحتاج إلى أموال والأموال التهمتها حرب ضروس طيلة عشرة أعوام لم تسفر سوى عن إلقاء معدات عسكرية ( انترناشيونال ) بتريليونات الدولارات في رمال الصحراء وأعماق الخلجان العربية دون أن تجني من دوران عجلات تلك الآلة العسكرية شئ سوى تغيير وجهة العالم من النقيض الليبرالي إلى النقيض الطائفي، أصبحت تلك الدول ( خيال مآته ) فاقدة كل ما كنا نختزنه لها من احترام بل وفاقدة هي أيضا ما كانت تختزنه لذاتها من احترام واعتداد بالنفس.

تحدثت في مقال سابق عام 2003 كان عنوانه " الحرب واللعنة وأوطان تتهاوى " تحدثت فيه عن ما سيؤول إليه شكل العالم في المستقبل القريب بعد عشرة سنوات أي في عام 2013 وذكرت أنه في حال دخول القوات العالمية للصحراء العربية فأن اللعنة ستحل على الكل وسيفلس الكل، وحذرت من أن الصحراء العربية التي وطأتها أقدام الأنبياء من آدم وحتى محمد هي صحراء تلعن أي قوة تفتح باب الصراع فيها واستشهدت بالتاريخ منذ حروب أحمس ورمسيس وحتى حرب الخليج الأولى وذكرت 27 حربا بشكل موجز وما أسفرت عنه من نتائج كارثية غيرت وجه العالم من النقيض للنقيض على مدار أكثر من أربعة آلاف عام، وقلت أن كل من شارك أو سيشارك في هذه الحرب سيخسر، وسنجد أن هناك دولا ستقوم ودولا ستختفي، وقوى ستستيقظ وقوى ستنهار، وكذلك حذرت من اتكال بعض الأقليات في العالم على قوى مثل الأمم المتحدة أو أمريكا أو الغرب لان اتكالها على مثل هذه القوى لن يزيدها إلا تحطيما ولن تجني من ورائها إلا ذبحا وسحقا وربما إبادة جماعية دون أن تحرك تلك القوى ساكنا لكونها ستصبح عاجزة عن فعل أي شئ إلا التنديد والدعوة لعدم الإفراط في القوة بشكل مضحك ورخيص كما نراه الآن منهم على شاشات التليفزيون والذي مرجعه الإفلاس والإحساس بالعجز، لكن لا أحد يقرأ في زمن تحكمت فيه غرائز الغضب.
ما لذي يحدث في مصر؟ .. هل هي ثورة؟ أم انتفاضة شعبية؟ أم ماذا؟ .. أتصور في تقديري أن ما يحدث في مصر هي عملية تجميل لوجه قبيح عن طريق إزالة الجلد المتقيح في الوجه بجلد آخر شبه سليم من أسفل ( الفخذ ) لنفس الجسد العجوز المحتضر، والمنطق يقول أن لحظة الاحتضار لا تنفع معها عمليات التجميل ولكن تنفع معها فقط لحظات الانتظار لتشييع جثمان المحتضر الذي حتما هو الآن في عداد الأموات، وأن عمليات ترقيع الوجه وتجميل ترهلات الجسد المحتضر ماهي إلا ضرب من ضروب التخلف العقلي والحضاري ومعاندة ما يسمى بالحتمية القدرية. 
لابد أن يصدق الجميع أن الماضي قد انتهى وأن كل الوجوه التي تعبر عنه هي في محل ( الميت ) والميت لا يستطيع مزاولة الحياة أو ترتيب شئون الحياة لكونه ميتا ولو كنا نحمل بصيصا من حكمة لجهزنا للنظام كله كفنا ونعشا ورتبنا جنازة تليق به وأن لا نناطح القدر، حتى لا تتهمنا الأجيال القادمة بأننا جيل ما يسمى بجيل ( بلاط البُلهاء ) الذين حرقوا الوطن من اجل الحفاظ على كرامة ( لص ميت ) كان في يوم من الأيام شريفا ثم حينما تمكن من قيادة الناس سرق الوطن بأرضه ونيله وسمائه.
حكومة أحمد شفيق هي جلد شبه سليم مأخوذ من أسفل ( فخذ ) الجسد المسجى على طاولة الوطن والذي يحتضر في انتظار إعلان وفاته، حكومة أحمد شفيق مرفوضة قلبا وقالبا، ومحبتنا واحترامنا وتقديرنا للجيش المصري وعلى موقفه الوطني دوما تجاه حماية الوطن وحياده الأخير الذي انحنى له التاريخ في موقفه أثناء غضبة المصريين يمنعنا من أن نوجه له هذا السؤال: لماذا تصر وأنت الحاكم الوحيد الآن في مصر على إجراء عملية تجميل تكلف الوطن كل هذه الثروات لجسد يحتضر والذي حتى إن فاق من أزمة احتضاره لفترة فهو فواق ما يسميه المصريون ( حلاوة الروح ) ثم سيموت بعدها حتما، سيشرب كوب من الماء أو يبلع لقمة من الوطن ثم سيموت حتما مخلفا ورائه عارا في كتب التاريخ يلحق بكل من شارك في عمليات التجميل عن عمد أو عن حسن نية، لقد كتبت مقالا يوم 28 يناير للسيد عمر سليمان كان عنوانه ( انحاز للأمة وكن بطلا شعبيا ) ووجهت له الإنذار الأخير ونبهته أنها فرصته الأخيرة في أن يكون بطلا شعبيا في انحيازه للأمة ضد عنت ( مبارك ) أو أن يظل على موقفه فيقذفه التاريخ في صفحاته السوداء، قلت له أن هناك فرقا شديدا بين الشرف العسكري والشرف الوطني وان شرفك العسكري حتم عليك في يوم ما حماية رأس النظام من عملية اغتيال في أديس أبابا أما الآن فليس اليوم كالبارحة، وليست انتفاضة الأمة ضد رأس النظام اليوم كعملية اغتيال مبارك في إثيوبيا بالأمس، اليوم يفرض عليك الشرف الوطني الانحياز للشعب وتغليب الشرف الوطني على الشرف العسكري لكون الشرف العسكري جزءاً أما الشرف الوطني فهو كلٌ لا يتجزأ لكنه استمع لشيطان نفسه وخرج يوم 11 فبراير بعد التنحي مجرد ( نفر ) سيذكره التاريخ في صفحات غضبة المصريين السوداء ولن يكون أبدا في صفحات التاريخ البيضاء التي تحوي أسماء الضحايا الشباب – وهم بالمئات - الذين قتلتهم يد الطغمة الفاسدة في محاولة يائسة للحفاظ على الكرسي.
الشرف الوطني أعظم وأنبل من الشرف العسكري، اكرر .. انحازوا للأمة واستبعدوا حكومة شفيق بكل وجوهها ووزرائها وسفرائها وخفرائها، فهم ذيول الطغمة الفاسدة ومساحيق تجميل العهد البائد الذين زادوا من وجهه قبحا ومن آلام الناس تعذيباً، لا لحكومة شفيق .. لا لأحمد أبو الغيط وسفراؤه وخفرائه ومحاسيبه .. لا لكل وجوه العهد السابق حتى ولو كانوا أنبياء.

أما بالنسبة لنتائج ما سيحدث في مصر – من وجهة نظري - بعد فتره ( ستة أشهر أو سنة أو أي زمن يقررها الجيش أو الناس ) فهو دولة إسلامية، حاولت أن أنكر ذلك عدة مرات ولكني أتصور أن كل ما يحدث الآن لا يؤدي إلا لتلك النتيجة ولكن على الطريقة المصرية وليس كما كنا نظن على طريقة تركيا أو ماليزيا، وأقول أيضاً أن غضبة الشعب التي خرجت فيها النساء والبنات قبل الشباب والرجال كيف لها أن تؤدي في يوم من الأيام إلى وضع سياسي إسلامي في مصر بل على العكس من ذلك فالمفروض أن تؤدي تلك الصورة إلى وضع آخر يصنعه مصريون متدينون - ربما - ولا تصنعه حكومة متدينة، لكن الأحداث في مصر وما حولها تدور سراعاً وتؤكد تصور الوضع الإسلامي ليس في مصر فقط بل في كل ما يحيطها من دول ودساتير ستكون قريباً ملكا للشعب لا للملوك والرؤساء ويقرر فيها الشعب – ديمقراطيا – وضع الدولة حسب ما ستقرره الأغلبية فيها، اكرر، حسب ما ستقرره الأغلبية فيها.
المسألة أكبر من كونها انتفاضة شعوب تحدث هكذا عفواً، فلا يمكن أن تنتفض أمه هكذا عفوا أبداً من تلقاء نفسها من أقصى الجنوب لأقصى الشمال، لأنه ليس هناك ما يسمى حدثا عفويا إطلاقا، فكل فعل لابد له من فاعل، وإذا نظرنا لمصر وحدها سيقول البسطاء منا أن الفاعل حركة الإخوان المسلمين، لكن إذا نظرنا خارج مصر ونفس سيناريو الأحداث التي حدثت في مصر وتونس سنجد أن الفاعل مجهول الاسم لكنه معلوم الهوية، وأن الإخوان المسلمين لكونهم إخوان مسلمين صنعت منهم الأنظمة الفاسدة بالهالة الإعلامية قوة ليست فيهم ليخيفوا بهم الناس ظن الناس أنهم الفاعلين، رغم يقيني أنهم ليسوا بهذا الحجم من الضخامة ولكنهم تحت تأثير الآلة الإعلامية ( العبيطة ) دخلوا في وعي الناس ( المغسول إعلاميا ) في سيناريو الفاعل الذي لا نراه لكن نستشعره والذي أؤمن بأنه أعظم بكثير - كمارد - مقارنة بطفولة ما يسمى الإخوان المحدودة بفكرها القديم في بضع دول ستدخل حتما في أتون الفوضى أو ربما التغيير ( والتفعيل ) قريباً.
و أتصور أن الهدف من سيناريو المارد القادم هو تحقيق ما يسمى بالحرب المقدسة الكونية التي ستبتلع ما لا يقل عن 40% من سكان العالم، إنها قادمة لا شك والمسألة فقط هي مسألة وقت.
إن مارد الشعوب الذي نتوهمه لم ينطلق من ( القمقم ) كما تصور لنا بعض الآلات الإعلامية، إن من خرج و انتفض وأخرج رأسه من ( القمقم )، مارد آخر لا أعرف ملامحه بالضبط حتى الآن لكني استشعر وجوده بقوة، مارد سيغلق البحار لتأمين الثروة، ثم يكرر سيناريو أحداثة في نصف بلدان الكرة الأرضية وخاصة أسيا وإفريقيا، ثم يضع ابتداءً دساتيرا تحترم الشعوب، وسيحافظ ويحترم في أول بسط إرادته على الأقليات من أي طائفة وأي دين وأي ملة ولن يدخل في حرب مع إسرائيل، بغرض الحفاظ على البني التحتية للبلدان التي سينطلق منها مستقبلاً لتحقيق سيناريو الحرب الكبرى، سنرى قريبا نفس السيناريو في مالي والنيجر وربما جنوب أفريقيا وتشاد والسعودية وسوريا وإيران وباكستان ودول الكومنولث الروسي القديم وبلدان كثيرة على شكل ( طوق ) يحمل في بطنه ثلاثة أرباع كنوز العالم على شكل نجمة، لقد اختار المارد بداية تحقيق السيناريو في زمن إفلاس العالم وعجزه عن تحقيق شئ سوى التنديد والدعوة لنبذ العنف بأسلوب عفن ورخيص، وستكون بشائر أنابيب الاختبار التي تم تجهيزها منذ سنوات هي منع الوقود عن بعض دول جنوب أوروبا في محاولة تمهيدية لسيناريو تأمين البحر المتوسط وكذلك لدراسة رد الفعل الذي حتما سيخرج عنيفا كما فعل العادلي في الثلاثة أيام الأولى لغضبة المصريين واخرج للناس كل طاقته وآلته القمعية التي ما أن ألفها الناس حتى انتصروا عليه، كما سيكرر – في تقديري – نموذج قراصنة الصومال في بوابة الحكمة ( هرمز ) مدخل الخليج الفارسي وكذلك بوابة ( جبل طارق ) على المتوسط بعد أن نجحت أنبوبة الاختبار عند بوابة ( المندب ) على البحر الأحمر، وأتصور أننا في بداية السيناريو الذي ربما يأخذ عشرين عاما قبل حدوث الكارثة الكونية المتمثلة في الحرب المقدسة والتي سيدخلها الكل للدفاع عن المقدس في ضمائرهم مسلمون ومسيحيون ويهود وهندوس وبوذيون وكل ألوان وأطياف أصحاب الديانات المختلفة في العالم.
ما يحدث في مصر هو جزء صغير جداً من السيناريو الكبير جداً لكنه جزء مهم من القادم في المستقبل القريب، هذا ظني، وغدا ستتكشف أمورا جديدة أكثر حدة، نأمل أن لا يدخل فيها الجيش المصري أو يتورط من خلالها في صراع مع الشعب والعامة لأن هذا الصراع ربما يكون وارد، أو ربما محتمل وعليه أن ينحاز للناس، و في نهاية مقالي أود أن أقدم التحية والتقدير وانحناءة شرف لضحايا الثورة على الطغمة الفاسدة سواء من راح منهم في 25 يناير أو من سبقهم أمثال شباب كنيسة القديسين، وخالد سعيد وغيرهم من خيرة شباب مصر، وكل من كان بريئا وراح ضحية النظام السابق طيلة 40 عاماً، وعاشت مصر حرة و تحيا مصر.

 


الجمعة، 11 فبراير 2011

نعم للفتنة الطائفية في مصر !


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
في ثورة 25 يناير رفع المصريون علم مصر، لم يجرؤ أحد على رفع أي رمز آخر سوى علم مصر، لأول مرة منذ سنين طويلة نشعر بالانتماء لبلد اشتقنا له كثيرا، ثورة جعلتنا لأول مرة نصرخ بعظمة ونردد شعار" ارفع راسك فوق أنت مصري" شعار ظن المصريون أنهم نسوه تحت ضغط الفساد والقهر وبوليسية الدولة ثلاثون عاماً.
كنت أريد أن اكتب مقالي هذا عن مصر الجديدة، مصر الثورة، مصر التي استفاقت ولمعت عيناها يوم 25 يناير بعد بكاء استمر لأكثر من أربعين عاما، لكني فوجئت بمن يحاول أن يطفئ ذلك النور، من يحاول أن ينزع عن مصر جلبابها الأصيل الكريم ويلطخه بالعار والدم والطائفية، رؤوس محسوبة على مصر وهم ألد أعدائها، يفتنوها وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا، عنصريون ويظنوا أنهم يدافعون عن حرية الوطن، حتى أصبح الجهل بهم فوق العلم، والحكمة بوابة جهنم، ولا صوت يعلو فوق صوت عهرهم السياسي، ولتذهب الأوطان إلى الجحيم، ولتحيا الفوضى، يحيا الإرهاب، مرحبا بالفتنة في كل البلاد، ومرحبا بالثورة، الثورة على القيم، على الأخلاق، الوطن، الحرية، حيث اشتاقت تلك الطغمة القذرة من دعاة نيل الحقوق بالنعرات الطائفية لحياة العبيد ونجاسة الذل، ودعارة السلوك، والرغبة في القتل والنهب والدم، لحرق مصر باسم الدين وتحت شعار جديد يظهر هذه الأيام اسمه "ديني يناديني" يرفعه الكثير اليوم من خونة الوطن وبائعيه رافعين من خلاله أعلام طائفية وصور طائفية ورموز طائفية ستحرق الكل وستتحول مصر بهم لسلخانة ومجزرة عظيمة ومقبرة كبرى للأقليات كما يريدها جهلاء الأقلية والأكثرية على السواء في أن تكون، يريدونها سلخانة ومجزرة ومقبرة لصالح أصحاب الغايات الخاصة الذين وظفوا الدين – دينهم - لتأمينها وحركوها بواسطة شلل الأغبياء والمعاقين ممن يظنوا أنهم أتباع هذا الدين أو ذاك لدرجة جعلتهم يُخلصون في التبعية بأن ألقوا بأجسادهم في قارعة الطريق رغبة في الموت وإخلاصا لما يعتقدوه من غضب ديني ( مزعوم ) متوهمين أن ذلك من أصيل الدين ومن صلب تعاليمه، على حساب الوطن والحرية والرفاه لنيل الشهادة – حسب زعمهم الباطل - أو تحقيق غاية الفتنة، تلك الشهادة التي أصبحت موضة هذه الأيام ويطلقها الجميع على كل شئ حتى أصبحت تطلق حتى على العاهرات والنخاسين.
في ثورة 25 يناير رفع المصريون علم مصر، لم يجرؤ أحد على رفع أي رمز آخر سوى علم مصر، لأول مرة منذ سنين طويلة نشعر بالانتماء لبلد اشتقنا له كثيرا، اشتقنا لمصر الوطن، مصر الفلاحة الطيبة، مصر بحضنها الدافئ المليء بالأمومة لكل أبنائها دون تمييز ونجحت الثورة، نجحت لدرجة تمنى معها زعماء العالم أن يكونوا مثلنا، وربما أتذكر كلمات باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة وهو يقول إن ثورة المصريين انحنى لها التاريخ، وأتمنى أن يكون شباب الأمريكان مثل أقرانهم من شباب المصريين، ثورة جعلتنا لأول مرة نصرخ بعظمة ونردد شعار" ارفع راسك فوق أنت مصري" شعار ظن المصريون أنهم نسوه تحت ضغط الفساد والقهر وبوليسية الدولة أربعين عاماً، لكننا رفعناه أخيرا مع ثورة 25 يناير وأصبحنا مدينين لشباب المصريين – أبناءنا الذين نعتز بهم – بأنهم أصحاب هذا الانجاز الذي أعادوا به لنا كبريائنا القديم ذلك الكبرياء الذي لم نستطع أن نسترده ونحن في مثل سنهم.
لا يوجد مبرر للفعل الطائفي، أو استرداد الحقوق بالفتن، ومن يظن أن كبت أربعين عاما يمكن أن ينقلب لفوضى البلطجة والفلتان والطائفية حتى يحصل الفوضوي البلطجي على حقوقه أو يضغط على الضمير العالمي – إن كان مازال هناك ضميرا عالميا - فهو جاهل لاشك، لأن الكبت عند الأمم العظيمة يلد انفجار الحكمة لا أنفجار العهر والخراب، ومصر أمة عظيمة، يذكرنا التاريخ فيها بكبت الفلاح المصري الفصيح " خونانوب " أبان حكم الأسرة الحادية عشر 2200 ق.م تقريبا الذي جرده الفساد من كل ما يمتلك – كما جردنا مبارك من غالب ما نمتلك - ولكنه رغم ذلك لم يفقد إيمانه بالله وبمصر ولم يتحول لقاتل أو خارج على القانون بل حول " خونانوب " كبته وظلمه وتجريده من أملاكه إلى حكمه وإيمان بالوطن والعدل مازال يذكرها التاريخ إلى يومنا هذا ويؤكد معها قدرة هذا الفلاح على حصوله بعبقرية على حقوقه كاملة ويضع بحكمته مصر منذ أكثر من سبعة آلاف عام على قائمة الأمم العظيمة، لقد تظاهر " خونانوب" بحكمة واصاله وقيمة وأخذ يردد: أيها المدير العظيم للبيت ... يا سيدي ... ضيق الخناق على السرقة وارحم الفقير ... إن أصدق وزن للبلاد هو إقامة العدل ... ولا تكذبن وأنت عظيم ... ولا تكونن ضعيفا وأنت رزين ... ولا تقولن الكذب فانك الميزان ... ولا تميل فإنك الاستقامة، هكذا اتجه " خونانوب" بالطرق الحكيمة للحصول على مسألته ورفع الظلم الواقع عليه، ولكننا بجهل وعهر خرجنا اليوم بعد خمسة آلاف عام من تلك الحكمة نطالب بحقوقنا برفع الأعلام الطائفية ونسلك مسالك البلطجة والفتنة التي لن ينجو منها أحد.
مصر من الناحية الديموجرافية حيث عدد السكان ونسبة الزيادة فيهم ليست كلبنان أو العراق، فلبنان والعراق لهما تركيبة سكانية في غاية التعقيد، وطوائف وملل ونحل تتقارب فيما بينها وبين بعضها البعض في العدد والعدة، ولكل طائفة في هذه البلاد منطقة خاصة بها يتمركز فيها أصحاب الطائفة الواحدة ويشكلون فيها مركز قوى معين، فالعراق مثلا يتمركز فيها الكرد شمالا والسنة بالوسط والشيعة جنوبا وكذلك لبنان فالشيعة جنوبا والسنة شمالا هذا بخلاف الدروز والمسيحيين وغيرهم، كل طائفة لها موطن ومركز تنطلق منه وتدعو بانفصاله عن الدولة إذا تأزم الأمر بعكس مصر الذي يعيش فيها الناس على اختلاف طوائفهم جنبا إلى جنب لا تفصلهم مراكز سكانية أو مناطق نفوذ باستثناء النوبة وشعب النوبة الذي لعب النظام السابق على إشاعة روح الانفصال فيه ليضرب بهذه الروح الانهزامية وحدة هذا الشعب وتماسكه متعللا بأن شعب النوبة هو شعب قائم بذاته في منطقة نفوذ خاصة به ويعتز بثقافته ولغته فقط على حساب مصر، وهو الأمر الذي ظهرت أكذوبته بعد ثورة 25 يناير حيث بات جليا أن شعب النوبة المصري يعتز بنوبيته وثقافته وأعرافه بالفعل ولكن كجزء أصيل لا يتجزأ من مصريته وانتمائه لهذه الأرض الطيبة وان غير ذلك ماهو إلا محض افتراء وإساءة مقصودة قام بالترويج لها نظام مبارك السابق ومن قبله نظام السادات ومن قبلهما جمال عبد الناصر.
اكرر لسنا كلبنان والعراق طوائف عدة وعرقيات مختلفة لكل منهم منطقة نفوذ ولكننا شعب يعيش منذ آلاف السنين في تداخل واندماج كبنية واحدة لا تستطيع فيها أن تفرق بين مسلم وقبطي، كاثوليكي وسني، شيعي وإنجيلي، لذا فإن أي صراع طائفي على أرض مصر لن يدفع أبداً لتقسيم البلاد لإفتقادها عنصر مراكز النفوذ على الأرض كما في جنوب لبنان حزب الله وشيعته وشمال العراق كردستان، مصر مختلفة تماما وعليه فإن اقرب السيناريوهات للمنطق هو أن يتحول الصراع فيها لمجزرة، مجزرة تكون الغلبة فيها لأعداء مصر فقط، وسيكون غالب ضحاياها من البسطاء الذين غرر بهم أصحاب الغايات القذرة وسيترك العالم ( الحر ) تلك المجازر مستمرة دون تدخل منهم لوقفها لعجزهم – بعد الإفلاس في حروبهم الفوضوية ضد الإرهاب – عن التدخل لوقفها كما فعلوا مع الشعب الليبي الذي تقام ضده اليوم مجزرة ومذابح راح ضحيتها ما يزيد عن سبعة آلاف قتيل ولم يفعل العالم ( الحر ) أمام تلك المجازر شئ سوى أن أغلق السفارة الليبية في واشنطن كما فعلت الولايات المتحدة في رد فعلها المتواضع وربما الحتمي لكونها لا تملك سوى هذا الحل بعدما أفلستها حرب أفغانستان والعراق، وقزمت يدها الطولى فأصبحت غير صالحة لقيادة العالم أو الدفاع عن حقوق الإنسان فيه كما كانت في الماضي قبل 2001.
لا حل في مصر سوى فتح الدفاتر القديمة الحساسة بشفافية وانتماء كل مصري فيها لكل ماهو مصري ومعالجة أمورنا الوطنية بوطنية، وأول هذه الأمور أن نقرأ أنفسنا بصدق دون تزييف وأن نحدد ملامح وجودنا داخل مصر من خلال منهج المواطنة لا منهج النسبة والتناسب، لأنه بمنهج النسبة والتناسب يصبح نصيب الفرد المصري من ارض مصر على سبيل المثال حسب تعداد عام 2010 لا يزيد عن 12 متر مربع لكل فرد ( نسمة ) باعتبار أن مساحة مصر لا تزيد عن مليون كيلو متر مربع، أما بمنهج المواطنة فإن كل فرد مصري يصبح صاحب مصر كلها وليس فقط 12 متر مربع.
الفتنة والطائفية والعنصرية تريد تمزيق مصر بمنهج النسبة والتناسب، وهو الأمر الذي سيحول مصر إلى رغيف خبز يتمزق بين أصابع الإنتهازين فلا يغنيهم من جوع ولا يسد لهم رمق القليل من شبع، فالأقباط في مصر على سبيل المثال وحسب معلومات وكالة الاستخبارات الأمريكية

يمثلون 9% من حجم السكان حسب التعداد السكاني لمصر في يوليو 2010 والذي تم تقديره 80,471,869 نسمة، وليس عيبا أن يكون الأقباط 9% أو 1% أو 99%، العيب أن نعتبر نسبه الأكثرية هي نسبة حجم المصريين الفعليين الحقيقيين وأن نسبة الأقلية هي حجم الضيوف بداخلها فهذا عار، لابد أن نؤمن بأن الوطن هو وطن الكل، أرض الجميع حتى ولو كان أحدهم من طائفة تمثل 0.001% وعددهم لا يزيد عن سبعة مواطنين فقط، لابد أن نؤمن بأن مصر وطننا جميعا ونمتلكه جميعاً امتلاك الأحرار لا امتلاك الانتهازيين بحسابات النسبة والتناسب.
لابد أن نجدد انتمائنا لهذا البلد العظيم ونؤمن بأنه ليس هناك أصحاب ارض أصليين – كما يردد البعض - وآخرين مغتصبي أرض ومحتلين!، أو أن البهائي المصري الذي ينتمي لطائفة دينية قوامها لا يزيد عن عشرة آلاف فرد هو غير مصري!، أو أن الأرمن الأرثوذكس مثلاً الذين يقدر عددهم بثمانية آلاف فرد ويمتلكون فقط خمسة كنائس هم ليسوا بمصريين! أو أن الشيعة المصريين الذين يقدرون بحوالي 750 ألف شخص هم ليسوا مصريين لمجرد أنهم شيعة، يجب أن ندرك أن الاختلاف هو أساس الخلق، وحرية العبادة في مصر لكل الملل والنحل والطوائف على طول التاريخ وعرضه هي سر عظمة هذا البلد، وأن مصر وطن الجميع واختلاف طبائع المصريين هي تاج عظمتهم وحضارتهم التي انحنى لها التاريخ ومازال ينحني.
إن روح العدل والمساواة من روح الله نفسه للبشر جميعا حتى على الذين أنكروا وجوده وكفروا به، وعلينا أن نستظل بشعارنا الجديد شعار ثورة 25 يناير النبيل " ارفع رأسك فوق أنت مصري" و أن نردده تحت راية العلم المصري فقط، وأن نحذر من المطالبة بالحقوق – أي حقوق - تحت شعارات طائفية وأعلام طائفية ورموز طائفية، لأن النعرة الطائفية تفتح الباب على مصراعيه لجهلاء الأكثرية والأقلية على حد سواء داخل الوطن الواحد فيتصارعوا ليتحول الوطن بصراعهم لسلخانة كبرى ومقبرة عظمى يكون غالب ضحاياها من الطوائف المخالفة لدين الأكثرية، اكرر: النظام أو المجزرة، إحكام العقل أو عيشة الفوضى، مصر أيها المصريون أو الطوفان.

نعم للفتنة الطائفية في مصر !


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
في ثورة 25 يناير رفع المصريون علم مصر، لم يجرؤ أحد على رفع أي رمز آخر سوى علم مصر، لأول مرة منذ سنين طويلة نشعر بالانتماء لبلد اشتقنا له كثيرا، ثورة جعلتنا لأول مرة نصرخ بعظمة ونردد شعار" ارفع راسك فوق أنت مصري" شعار ظن المصريون أنهم نسوه تحت ضغط الفساد والقهر وبوليسية الدولة ثلاثون عاماً.
كنت أريد أن اكتب مقالي هذا عن مصر الجديدة، مصر الثورة، مصر التي استفاقت ولمعت عيناها يوم 25 يناير بعد بكاء استمر لأكثر من أربعين عاما، لكني فوجئت بمن يحاول أن يطفئ ذلك النور، من يحاول أن ينزع عن مصر جلبابها الأصيل الكريم ويلطخه بالعار والدم والطائفية، رؤوس محسوبة على مصر وهم ألد أعدائها، يفتنوها وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا، عنصريون ويظنوا أنهم يدافعون عن حرية الوطن، حتى أصبح الجهل بهم فوق العلم، والحكمة بوابة جهنم، ولا صوت يعلو فوق صوت عهرهم السياسي، ولتذهب الأوطان إلى الجحيم، ولتحيا الفوضى، يحيا الإرهاب، مرحبا بالفتنة في كل البلاد، ومرحبا بالثورة، الثورة على القيم، على الأخلاق، الوطن، الحرية، حيث اشتاقت تلك الطغمة القذرة من دعاة نيل الحقوق بالنعرات الطائفية لحياة العبيد ونجاسة الذل، ودعارة السلوك، والرغبة في القتل والنهب والدم، لحرق مصر باسم الدين وتحت شعار جديد يظهر هذه الأيام اسمه "ديني يناديني" يرفعه الكثير اليوم من خونة الوطن وبائعيه رافعين من خلاله أعلام طائفية وصور طائفية ورموز طائفية ستحرق الكل وستتحول مصر بهم لسلخانة ومجزرة عظيمة ومقبرة كبرى للأقليات كما يريدها جهلاء الأقلية والأكثرية على السواء في أن تكون، يريدونها سلخانة ومجزرة ومقبرة لصالح أصحاب الغايات الخاصة الذين وظفوا الدين – دينهم - لتأمينها وحركوها بواسطة شلل الأغبياء والمعاقين ممن يظنوا أنهم أتباع هذا الدين أو ذاك لدرجة جعلتهم يُخلصون في التبعية بأن ألقوا بأجسادهم في قارعة الطريق رغبة في الموت وإخلاصا لما يعتقدوه من غضب ديني ( مزعوم ) متوهمين أن ذلك من أصيل الدين ومن صلب تعاليمه، على حساب الوطن والحرية والرفاه لنيل الشهادة – حسب زعمهم الباطل - أو تحقيق غاية الفتنة، تلك الشهادة التي أصبحت موضة هذه الأيام ويطلقها الجميع على كل شئ حتى أصبحت تطلق حتى على العاهرات والنخاسين.
في ثورة 25 يناير رفع المصريون علم مصر، لم يجرؤ أحد على رفع أي رمز آخر سوى علم مصر، لأول مرة منذ سنين طويلة نشعر بالانتماء لبلد اشتقنا له كثيرا، اشتقنا لمصر الوطن، مصر الفلاحة الطيبة، مصر بحضنها الدافئ المليء بالأمومة لكل أبنائها دون تمييز ونجحت الثورة، نجحت لدرجة تمنى معها زعماء العالم أن يكونوا مثلنا، وربما أتذكر كلمات باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة وهو يقول إن ثورة المصريين انحنى لها التاريخ، وأتمنى أن يكون شباب الأمريكان مثل أقرانهم من شباب المصريين، ثورة جعلتنا لأول مرة نصرخ بعظمة ونردد شعار" ارفع راسك فوق أنت مصري" شعار ظن المصريون أنهم نسوه تحت ضغط الفساد والقهر وبوليسية الدولة أربعين عاماً، لكننا رفعناه أخيرا مع ثورة 25 يناير وأصبحنا مدينين لشباب المصريين – أبناءنا الذين نعتز بهم – بأنهم أصحاب هذا الانجاز الذي أعادوا به لنا كبريائنا القديم ذلك الكبرياء الذي لم نستطع أن نسترده ونحن في مثل سنهم.
لا يوجد مبرر للفعل الطائفي، أو استرداد الحقوق بالفتن، ومن يظن أن كبت أربعين عاما يمكن أن ينقلب لفوضى البلطجة والفلتان والطائفية حتى يحصل الفوضوي البلطجي على حقوقه أو يضغط على الضمير العالمي – إن كان مازال هناك ضميرا عالميا - فهو جاهل لاشك، لأن الكبت عند الأمم العظيمة يلد انفجار الحكمة لا أنفجار العهر والخراب، ومصر أمة عظيمة، يذكرنا التاريخ فيها بكبت الفلاح المصري الفصيح " خونانوب " أبان حكم الأسرة الحادية عشر 2200 ق.م تقريبا الذي جرده الفساد من كل ما يمتلك – كما جردنا مبارك من غالب ما نمتلك - ولكنه رغم ذلك لم يفقد إيمانه بالله وبمصر ولم يتحول لقاتل أو خارج على القانون بل حول " خونانوب " كبته وظلمه وتجريده من أملاكه إلى حكمه وإيمان بالوطن والعدل مازال يذكرها التاريخ إلى يومنا هذا ويؤكد معها قدرة هذا الفلاح على حصوله بعبقرية على حقوقه كاملة ويضع بحكمته مصر منذ أكثر من سبعة آلاف عام على قائمة الأمم العظيمة، لقد تظاهر " خونانوب" بحكمة واصاله وقيمة وأخذ يردد: أيها المدير العظيم للبيت ... يا سيدي ... ضيق الخناق على السرقة وارحم الفقير ... إن أصدق وزن للبلاد هو إقامة العدل ... ولا تكذبن وأنت عظيم ... ولا تكونن ضعيفا وأنت رزين ... ولا تقولن الكذب فانك الميزان ... ولا تميل فإنك الاستقامة، هكذا اتجه " خونانوب" بالطرق الحكيمة للحصول على مسألته ورفع الظلم الواقع عليه، ولكننا بجهل وعهر خرجنا اليوم بعد خمسة آلاف عام من تلك الحكمة نطالب بحقوقنا برفع الأعلام الطائفية ونسلك مسالك البلطجة والفتنة التي لن ينجو منها أحد.
مصر من الناحية الديموجرافية حيث عدد السكان ونسبة الزيادة فيهم ليست كلبنان أو العراق، فلبنان والعراق لهما تركيبة سكانية في غاية التعقيد، وطوائف وملل ونحل تتقارب فيما بينها وبين بعضها البعض في العدد والعدة، ولكل طائفة في هذه البلاد منطقة خاصة بها يتمركز فيها أصحاب الطائفة الواحدة ويشكلون فيها مركز قوى معين، فالعراق مثلا يتمركز فيها الكرد شمالا والسنة بالوسط والشيعة جنوبا وكذلك لبنان فالشيعة جنوبا والسنة شمالا هذا بخلاف الدروز والمسيحيين وغيرهم، كل طائفة لها موطن ومركز تنطلق منه وتدعو بانفصاله عن الدولة إذا تأزم الأمر بعكس مصر الذي يعيش فيها الناس على اختلاف طوائفهم جنبا إلى جنب لا تفصلهم مراكز سكانية أو مناطق نفوذ باستثناء النوبة وشعب النوبة الذي لعب النظام السابق على إشاعة روح الانفصال فيه ليضرب بهذه الروح الانهزامية وحدة هذا الشعب وتماسكه متعللا بأن شعب النوبة هو شعب قائم بذاته في منطقة نفوذ خاصة به ويعتز بثقافته ولغته فقط على حساب مصر، وهو الأمر الذي ظهرت أكذوبته بعد ثورة 25 يناير حيث بات جليا أن شعب النوبة المصري يعتز بنوبيته وثقافته وأعرافه بالفعل ولكن كجزء أصيل لا يتجزأ من مصريته وانتمائه لهذه الأرض الطيبة وان غير ذلك ماهو إلا محض افتراء وإساءة مقصودة قام بالترويج لها نظام مبارك السابق ومن قبله نظام السادات ومن قبلهما جمال عبد الناصر.
اكرر لسنا كلبنان والعراق طوائف عدة وعرقيات مختلفة لكل منهم منطقة نفوذ ولكننا شعب يعيش منذ آلاف السنين في تداخل واندماج كبنية واحدة لا تستطيع فيها أن تفرق بين مسلم وقبطي، كاثوليكي وسني، شيعي وإنجيلي، لذا فإن أي صراع طائفي على أرض مصر لن يدفع أبداً لتقسيم البلاد لإفتقادها عنصر مراكز النفوذ على الأرض كما في جنوب لبنان حزب الله وشيعته وشمال العراق كردستان، مصر مختلفة تماما وعليه فإن اقرب السيناريوهات للمنطق هو أن يتحول الصراع فيها لمجزرة، مجزرة تكون الغلبة فيها لأعداء مصر فقط، وسيكون غالب ضحاياها من البسطاء الذين غرر بهم أصحاب الغايات القذرة وسيترك العالم ( الحر ) تلك المجازر مستمرة دون تدخل منهم لوقفها لعجزهم – بعد الإفلاس في حروبهم الفوضوية ضد الإرهاب – عن التدخل لوقفها كما فعلوا مع الشعب الليبي الذي تقام ضده اليوم مجزرة ومذابح راح ضحيتها ما يزيد عن سبعة آلاف قتيل ولم يفعل العالم ( الحر ) أمام تلك المجازر شئ سوى أن أغلق السفارة الليبية في واشنطن كما فعلت الولايات المتحدة في رد فعلها المتواضع وربما الحتمي لكونها لا تملك سوى هذا الحل بعدما أفلستها حرب أفغانستان والعراق، وقزمت يدها الطولى فأصبحت غير صالحة لقيادة العالم أو الدفاع عن حقوق الإنسان فيه كما كانت في الماضي قبل 2001.
لا حل في مصر سوى فتح الدفاتر القديمة الحساسة بشفافية وانتماء كل مصري فيها لكل ماهو مصري ومعالجة أمورنا الوطنية بوطنية، وأول هذه الأمور أن نقرأ أنفسنا بصدق دون تزييف وأن نحدد ملامح وجودنا داخل مصر من خلال منهج المواطنة لا منهج النسبة والتناسب، لأنه بمنهج النسبة والتناسب يصبح نصيب الفرد المصري من ارض مصر على سبيل المثال حسب تعداد عام 2010 لا يزيد عن 12 متر مربع لكل فرد ( نسمة ) باعتبار أن مساحة مصر لا تزيد عن مليون كيلو متر مربع، أما بمنهج المواطنة فإن كل فرد مصري يصبح صاحب مصر كلها وليس فقط 12 متر مربع.
الفتنة والطائفية والعنصرية تريد تمزيق مصر بمنهج النسبة والتناسب، وهو الأمر الذي سيحول مصر إلى رغيف خبز يتمزق بين أصابع الإنتهازين فلا يغنيهم من جوع ولا يسد لهم رمق القليل من شبع، فالأقباط في مصر على سبيل المثال وحسب معلومات وكالة الاستخبارات الأمريكية

يمثلون 9% من حجم السكان حسب التعداد السكاني لمصر في يوليو 2010 والذي تم تقديره 80,471,869 نسمة، وليس عيبا أن يكون الأقباط 9% أو 1% أو 99%، العيب أن نعتبر نسبه الأكثرية هي نسبة حجم المصريين الفعليين الحقيقيين وأن نسبة الأقلية هي حجم الضيوف بداخلها فهذا عار، لابد أن نؤمن بأن الوطن هو وطن الكل، أرض الجميع حتى ولو كان أحدهم من طائفة تمثل 0.001% وعددهم لا يزيد عن سبعة مواطنين فقط، لابد أن نؤمن بأن مصر وطننا جميعا ونمتلكه جميعاً امتلاك الأحرار لا امتلاك الانتهازيين بحسابات النسبة والتناسب.
لابد أن نجدد انتمائنا لهذا البلد العظيم ونؤمن بأنه ليس هناك أصحاب ارض أصليين – كما يردد البعض - وآخرين مغتصبي أرض ومحتلين!، أو أن البهائي المصري الذي ينتمي لطائفة دينية قوامها لا يزيد عن عشرة آلاف فرد هو غير مصري!، أو أن الأرمن الأرثوذكس مثلاً الذين يقدر عددهم بثمانية آلاف فرد ويمتلكون فقط خمسة كنائس هم ليسوا بمصريين! أو أن الشيعة المصريين الذين يقدرون بحوالي 750 ألف شخص هم ليسوا مصريين لمجرد أنهم شيعة، يجب أن ندرك أن الاختلاف هو أساس الخلق، وحرية العبادة في مصر لكل الملل والنحل والطوائف على طول التاريخ وعرضه هي سر عظمة هذا البلد، وأن مصر وطن الجميع واختلاف طبائع المصريين هي تاج عظمتهم وحضارتهم التي انحنى لها التاريخ ومازال ينحني.
إن روح العدل والمساواة من روح الله نفسه للبشر جميعا حتى على الذين أنكروا وجوده وكفروا به، وعلينا أن نستظل بشعارنا الجديد شعار ثورة 25 يناير النبيل " ارفع رأسك فوق أنت مصري" و أن نردده تحت راية العلم المصري فقط، وأن نحذر من المطالبة بالحقوق – أي حقوق - تحت شعارات طائفية وأعلام طائفية ورموز طائفية، لأن النعرة الطائفية تفتح الباب على مصراعيه لجهلاء الأكثرية والأقلية على حد سواء داخل الوطن الواحد فيتصارعوا ليتحول الوطن بصراعهم لسلخانة كبرى ومقبرة عظمى يكون غالب ضحاياها من الطوائف المخالفة لدين الأكثرية، اكرر: النظام أو المجزرة، إحكام العقل أو عيشة الفوضى، مصر أيها المصريون أو الطوفان.

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

ضاعت الفرصة للأبد على من انحازوا للسراي ؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
الجيش سيستولى على السلطة، فهو جيش مصر، وكل من نصحناهم مع من نصح من مثقفي مصر وشعبها ولم يستمعوا للشعب بل واستعلوا عليه، سيحاكمون حتما، وسيذهبوا مع من وثقوا في أنه الرهان الفائز رغم أنهم ومنذ اللحظة الأولى يلعبون على الحصان الخاسر، الآن لن تفيد محاولاتكم في الإلتفاف أو المناورة وسترحلون جميعا وسيرحل مبارك الذي لا يصدق أنه إنتهى.
ضاعت الفرصة للأبد على من وجهنا لهم في مقال سابق بتاريخ 27 يناير نصيحة الإنحياز للشعب، لقد انحازوا للسراي مع سبق الإصرار والترصد، وأخرجوا ألسنتهم للشعب لدرجة جعلت رئيس الوزراء الذي تصورنا بماضية المشرف كجندي مصري سيكون – على الأقل – محايدا، فإذا به يخرج علينا بعبارات ( عار ) من اهمها انه سيرسل ( بونبون ) للثائرين لعلهم بعد أن يمضغوا ( البونبون المحلى بالسكر ) يذهبوا لمنازلهم ولا يعودوا لمناطحة النظام!، وأقول لسيادة رئيس الوزراء أن كل تصرف وكل كلمة تتفوه بها يدونها التاريخ الآن على صفحاته شئت أم أبيت ويبدو أنك من الصنف الذي لا يعبأ بالتاريخ ولا تعبأ بأن تخط بيدك على صفحاته ( عارا ) سيلحق بك وبكل من له صلة بك في المستقبل، الشعب المصري ياسيادة رئيس الوزراء لايريد ( البونبون المحلى بالسكر)، الشعب المصري يريد الكرامة والحرية ودولة العدل والمساواة بعد أن سقطت الأقنعة وظهرت أموال النظام التي سرقوها من شعب مصر وتزيد عن ديون مصر لدرجة أن أقل وزير في النظان يمتلك ( وهو موظف حكومة ) سبعة مليارات من الدولارات، ياسيادة رئيس الوزراء شعب مصر لايريدك أن تعامله كما تعامل ( الكلبة كيتي ) التي تجري ورائك وانت ترتدي الشورت وتلعب التنس في حديقة قصرك الكبير، الشعب المصري يبحث عن الكرامة التي تهزأ سيادتكم به وبها وتهزأ فيها بمصر ايضا، وسترى أن شعب مصر سيخرجك أنت أيضا، سترحل تاركا ورائك كل ممتلكاتك وتفر خارج مصر بماتيسر لك من حمله كما خرج الذين من قبلك، ستخرج وستترك ( عارا ) يلتصق باسمك وبتاريخك وبماضيك ( المشرف ) للأبد، وربما نندهش كيف يبيع جندي شرفه العسكري وماضيه الوطني بهذه البساطة من اجل لا شئ!!، سيادة رئيس الوزراء لقد فات الوقت، وليس أمامك الآن سوى أن تبحث في خارطة العالم عن مكان تقضي فيه بقية عمرك بعيدا عن الوطن الذي استهزأت بأهله وعاملتهم فيه كما تعامل كلبتك المدللة داخل جدران قصرك، ستخرج ياسيادة رئيس الوزراء غير مأسوف عليك رغم كل ماقدمه ماضيك المشرف كجندي مصري، لكون حاضرك الذي انحاز للسراي ضد الشعب اصبح بالفعل غير شريف ولا مجال لدفع عجلة التغيير إلى الوراء، لكون ما حدث ( قدر) ولستم آلهة لتقفوا أما حتمية التغيير وإصرار الأمة على هذا التغيير.

آخر ما أود أن أقوله – في تقديري – أن الجيش سيستولى على السلطة، فهو جيش مصر، وكل من نصحناهم مع من نصح من مثقفي مصر وشعبها ولم يستمعوا للشعب بل واستعلوا عليه،سيحاكمون حتما، وسيذهبوا مع من وثقوا في أنه الرهان الفائز رغم أنهم ومنذ اللحظة الأولى يلعبون على الحصان الخاسر، الآن لن تفيد محاولاتكم في الإلتفاف أو المناورة وسترحلون جميعا وسيرحل مبارك الذي لا يصدق أنه إنتهى.

ضاعت الفرصة للأبد على من انحازوا للسراي ؟

بقلم محيي الدين إبراهيم
الجيش سيستولى على السلطة، فهو جيش مصر، وكل من نصحناهم مع من نصح من مثقفي مصر وشعبها ولم يستمعوا للشعب بل واستعلوا عليه، سيحاكمون حتما، وسيذهبوا مع من وثقوا في أنه الرهان الفائز رغم أنهم ومنذ اللحظة الأولى يلعبون على الحصان الخاسر، الآن لن تفيد محاولاتكم في الإلتفاف أو المناورة وسترحلون جميعا وسيرحل مبارك الذي لا يصدق أنه إنتهى.
ضاعت الفرصة للأبد على من وجهنا لهم في مقال سابق بتاريخ 27 يناير نصيحة الإنحياز للشعب، لقد انحازوا للسراي مع سبق الإصرار والترصد، وأخرجوا ألسنتهم للشعب لدرجة جعلت رئيس الوزراء الذي تصورنا بماضية المشرف كجندي مصري سيكون – على الأقل – محايدا، فإذا به يخرج علينا بعبارات ( عار ) من اهمها انه سيرسل ( بونبون ) للثائرين لعلهم بعد أن يمضغوا ( البونبون المحلى بالسكر ) يذهبوا لمنازلهم ولا يعودوا لمناطحة النظام!، وأقول لسيادة رئيس الوزراء أن كل تصرف وكل كلمة تتفوه بها يدونها التاريخ الآن على صفحاته شئت أم أبيت ويبدو أنك من الصنف الذي لا يعبأ بالتاريخ ولا تعبأ بأن تخط بيدك على صفحاته ( عارا ) سيلحق بك وبكل من له صلة بك في المستقبل، الشعب المصري ياسيادة رئيس الوزراء لايريد ( البونبون المحلى بالسكر)، الشعب المصري يريد الكرامة والحرية ودولة العدل والمساواة بعد أن سقطت الأقنعة وظهرت أموال النظام التي سرقوها من شعب مصر وتزيد عن ديون مصر لدرجة أن أقل وزير في النظان يمتلك ( وهو موظف حكومة ) سبعة مليارات من الدولارات، ياسيادة رئيس الوزراء شعب مصر لايريدك أن تعامله كما تعامل ( الكلبة كيتي ) التي تجري ورائك وانت ترتدي الشورت وتلعب التنس في حديقة قصرك الكبير، الشعب المصري يبحث عن الكرامة التي تهزأ سيادتكم به وبها وتهزأ فيها بمصر ايضا، وسترى أن شعب مصر سيخرجك أنت أيضا، سترحل تاركا ورائك كل ممتلكاتك وتفر خارج مصر بماتيسر لك من حمله كما خرج الذين من قبلك، ستخرج وستترك ( عارا ) يلتصق باسمك وبتاريخك وبماضيك ( المشرف ) للأبد، وربما نندهش كيف يبيع جندي شرفه العسكري وماضيه الوطني بهذه البساطة من اجل لا شئ!!، سيادة رئيس الوزراء لقد فات الوقت، وليس أمامك الآن سوى أن تبحث في خارطة العالم عن مكان تقضي فيه بقية عمرك بعيدا عن الوطن الذي استهزأت بأهله وعاملتهم فيه كما تعامل كلبتك المدللة داخل جدران قصرك، ستخرج ياسيادة رئيس الوزراء غير مأسوف عليك رغم كل ماقدمه ماضيك المشرف كجندي مصري، لكون حاضرك الذي انحاز للسراي ضد الشعب اصبح بالفعل غير شريف ولا مجال لدفع عجلة التغيير إلى الوراء، لكون ما حدث ( قدر) ولستم آلهة لتقفوا أما حتمية التغيير وإصرار الأمة على هذا التغيير.

آخر ما أود أن أقوله – في تقديري – أن الجيش سيستولى على السلطة، فهو جيش مصر، وكل من نصحناهم مع من نصح من مثقفي مصر وشعبها ولم يستمعوا للشعب بل واستعلوا عليه،سيحاكمون حتما، وسيذهبوا مع من وثقوا في أنه الرهان الفائز رغم أنهم ومنذ اللحظة الأولى يلعبون على الحصان الخاسر، الآن لن تفيد محاولاتكم في الإلتفاف أو المناورة وسترحلون جميعا وسيرحل مبارك الذي لا يصدق أنه إنتهى.

الجمعة، 4 فبراير 2011

المعارضة لا تصلح لرئاسة مصر ما بعد مبارك


mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
المعارضة المصرية تحمل نفس الأمراض التي كان يحملها النظام السابق، على المعارضة أن تغير من دساتيرها هي أيضا قبل أن تطمح في كرسي رئاسة مصر، وإلا كما ثاروا على النظام ( الفولاذي ) وانتصروا عليه فلا أسهل عليهم أن ينهوا بلا ثورة تلك الرموز المعارضة لكونها لا تحمل أي قوة مؤثرة في الشارع، ولا أي مشروع وطني حقيقي لحد الآن.
نسميها في مصر ( دكاكين ) المعارضة، وكل رئيس حزب معارض في مصر لا يقل ديكتاتورية عن فرانكو، فهو ينشئ الحزب ويترأسه حتى الموت، ثم يورثه لأبنائه من بعده، ربما طمعا في ضمان وصول الدعم الحكومي للحزب في جيوب المقربين فقط من رأس النظام في الحزب وربما أيضاً للحصول على أكبر استفادة من خلال هذا القرب وهي مسألة أصيلة في الثقافة المصرية يسميها الناس في مصر ( العشم ) وهذا العشم ليس له أي قواعد منطقية ولا تحكمه أصول ولا تهمه المصلحة العامة للوطن على الإطلاق وإنما تحكمه الغريزة السلطوية والنفعية الشخصية فقط، والعشم – في تقديري - هو ما حول مصر إلى ماهي عليه الآن على يد جمال مبارك – على سبيل المثال – وأوصلها لأن تكون دولة ( خربانة ) يتحكم فيها اقل من 20 شخص فقط من رجال الأعمال المقربين جدا من جمال مبارك وعلى رأسهم احمد عز عازف الدرامز السابق في أفراح أسرة السيد الرئيس والمقربين منهم فقط وحيث صار وهو غير مؤهل تحت مسمى ( العشم )، أصبح الشخصية رقم واحد في مصر سياسيا واقتصاديا رغم انه لا يحمل أي مؤهلات ترفعه إلى هذه المراكز القيادية الحساسة سوى أنه عازف درامز ماهر ومن المقربين لجمال مبارك، ويمكننا أن نتصور – وقد حدث ذلك وشاهدته بنفسي – أن هناك صحفي مغمور كان يعيش في غرفتين وصالة فوق السطوح ولا يستطيع أحيانا دفع إيجارهم الشهري، ولكنه وبمداهناته وحرق كرامته أو كما غنى سيد درويش ( عشان مانعلا ونعلا ونعلا .. لازم نطاطي نطاطي نطاطي ) استطاع هذا الصحفي من خلال وسطاء في نقابة الصحفيين على صلة قوية ومتينة بأسرة السيد الرئيس أن يتقرب من جمال مبارك وفي اقل من شهور وتحت مسمى ( العشم ) استطاع أن ينشئ حزبا ويترأسه هو وزوجته الحاصلة على شهادة ( دبلوم التجارة ) ويجمعان حولهما مجموعة كبيرة من الطامحين لأي فرصة عمل في ظل البطالة الخانقة ليتم استغلالهم في صناعة بوق إعلامي لجمال مبارك في حملة ترشيحه لحكم مصر بعد أبيه ليتحول هذا الصحفي المتواضع بالعشم من ( مديونير ) إلى مليونير ومن غرفتين وصالة في المساكن الشعبية لفيلا في الزمالك في أقل من 14 شهراً، بل حينما سألت ذات يوم أحد ضباط أمن الدولة عن كيف في ظل تضييق الخناق على إقامة وإنشاء الأحزاب المصرية ووضع شروط مستحيلة لإنشائها يتم القبول وببساطة إنشاء حزب لشخص نكرة كشخص هذا الصحفي الذي لا يعرف المصريون عنه شيئا وليس له أي تاريخ سياسي أو وطني سوى أنه أحد صعاليك نقابة الصحفيين المصرية، فاكتفي الضابط بأن قال لي: إن هذا الصحفي المتواضع الذي لا يعجبك ( ولد وابن أبوه ) ولما سألت عن ماذا يعني بكلمة ( ابن أبوه ) فقال لي: إن دعم حملة جمال مبارك من خلال حزب شرعي مكسب كبير لمسألة التوريث المرفوضة من بعض الأحزاب الأخرى!، ومن هنا كان هذا الصحفي داهية وليس متواضع كما تصفه، فكررت عليه سؤالي بصيغة أخرى: ولكن ماذا عن مصر بهذه الأحزاب الطفيلية، فاكتفي بالقول: كل خير!.
ويجب في ظل تلك الظروف ألا نستثني ( جماعة الإخوان المسلمين ) أيضاً من تلك المعادلة على الإطلاق، فهم لا يقلون ديكتاتورية في الحكم عن أقرانهم من رؤساء أحزاب المعارضة، بل يفوقونهم ديكتاتورية من حيث انتهاج أيديولوجية حكم ( الخليفة والخلافة ) في شرعية إدارة الجماعة لدرجة أن ( الخليفة ) أو المرشد العام يظل يحكم حتى يخرج على أكتاف المشيعين إلى قبره ليحل محله خليفة آخر وهكذا، ولا يسمح الخليفة ( المرشد العام ) بمعارضة أوامره ونواهيه ويؤيده في شرعية ذلك مجلس حكم صارم جدا من ما يسمى مجلس الحكماء داخل الجماعة الذي يضم ناطق سياسي وإعلامي وعسكري ورتب ودرجات كثيرة من أعلى لأسفل في نظام محكم بحيث يتمتع الكل بصلاحيات مطلقة مدى الحياة ولا يسألون عما يفعلوا.
الكل يريد أن يقفز على أكتاف الثورة وشباب الثورة ليقيم دولة جديدة تتبع ( المزاج الشخصي ) والطموحات الشخصية بحسابات غالبها لا يصب في مصلحة الوطن حسب تقديري، فحزب التجمع الاشتراكي صاحب الأصول الشيوعية يريد أن يرى مصر اللينينية الإستالينية تعود كعبة للشيوعيين في العالم العربي كما كانت على الأقل، والحزب الناصري يريد إحياء جمال عبد الناصر من قبره، وحزب الوفد يتخبط، والإخوان المسلمون يريدونها أرض الخلافة امتداداً للدولة العثمانية فتمتلئ البلاد بالمساجد وليس فيها مدرسة ولا مستشفى واحد، أما الأقباط فقد عزلتهم الكنيسة تماماً وليس لهم اليوم أي وجود سياسي حقيقي منظم ولذا لايمكن اعتبارهم – رغم أنهم يمثلوا نسبة كبيرة من شعب مصر – لايمكن اعتبارهم مولاة أو معارضة نظراً لانعزالهم شبه الكامل في الفترة الأخيرة داخل جدران الكنيسة دون زعامة سياسية ظاهرة وحقيقية تليق بتاريخهم الوطني و حجمهم الاجتماعي كما كانوا في عهد الزعيم المصري مكرم عبيد!، الكل إذن يريد أن يقفز على كرسي الرئاسة والكل لا يحمل لمصر إلا غرائزه الشخصية، ومخاوفه الشخصية من الآخر، فوبيا الآخر، ولاشك أن المعارضة المصرية بعد الخامس والعشرين من يناير، بعد ثورة المصريين لإقامة دولة الحرية والعدل والمساواة قد انقسموا على أنفسهم انقساما صريحاً وصار كل منهم يصرخ أمام الآخر بماضيه النضالي وحضوره البطولي، الذي بحثنا عنه في السنوات الأخيرة لعلنا نعثر له على قبس من نور فلم نجد سوى علامة فارقة تتجلى في حريق الوفد ( نعمان – أباظة ) واعتبار يوم حريق الوفد هذا هو يوم ثوره التغيير نحو الديمقراطية في مصر!!!، لم نر لأحزاب المعارضة نضالاً وطنياً ملموساً في السنوات الأخيرة تليق بمستوى الحدث الذي قام به شباب مصر بدونهم تماماً، لم نر إلا بعض من أماني وأحلام لزعماء تلك الأحزاب على صفحات جرائدهم الحزبية فقط، تلك الصحف التي لا يشتريها أحد.
ولا يعني كل ماسبق أن المعارضة المصرية سيئة أو دون مستواها الوطني، فلا ننكر وجودها في بعض دورات مجلس الشعب القليلة التي استطاعت أن تنجح فيها على مدار الثلاثين عاما الماضية ( عهد مبارك فقط ) بمقعد أو مقعدين وكانوا يقومون فيها بإحراج الحكومة كثيرا ويعارضون أداءها باستمرار!!.
المعارضة المصرية تحمل نفس الأمراض التي كان يحملها النظام السابق، تلك الأمراض التي ثار بسببها المصريون على النظام وعلى مبارك؛ على المعارضة أن تغير من دساتيرها هي أيضا أولا قبل أن تطمح في كرسي رئاسة مصر، لكون الطموح في اعتلاء كرسي الرئاسة وهم على هذه الشاكلة من الضعف واللاوجود داخل الشارع المصري هو العار الحقيقي في أبهى صوره، العار الذي لن يرضى عنه المصريون ولن يقبلونه ولن يصدقوه، وكما ثاروا على النظام ( الفولاذي ) وانتصروا عليه فلا أسهل عليهم حينما تستقر الأوضاع أن ينهوا بلا ثورة تلك الرموز النضالية المعارضة لكونها لا تحمل أي قوة مؤثرة في الشارع، ولا أي مشروع وطني حقيقي لحد الآن.
علي المعارضة أن تصلح من عفن الإدارة بداخلها أولاً هذا أن كانت بها إدارة لكون 90% من أحزاب مصر الحالية ليس فيها إلا بضع أفراد قليلين ( الأعضاء المؤسسين ) وغالبهم من أسرة واحدة ( أب وأم وأولاد عم وأولاد خال ) يديرون شئون الحزب كما تدار مسامط الكوارع ومطاعم الأكلات الشعبية في السيدة زينب وسيدنا الحسين.
أما الإخوان المسلمين فعليهم أن يؤمنوا بروح العصر الذي نعيش فيه ومدى التحديات التي تواجهنا كأمة لها الحق أن تعيش حياة حرة كريمة، عليهم أن ينتهوا من تقسيم الأمة لصنفين يريدون بها فتنة الناس، صنفان أحدهما إخوان مسلمون، والآخر أخوان أولاد كلب كفره، حان الوقت لأن نعمل جميعاً اليوم تحت لواء واحد وطني، أن نعمل باسم مصر كما يعمل أبناء الأمم الإخري العظيمة رغم اختلاف الدين والعرق واللون فيها وتحت لواء انتمائهم الواحد لوطنهم الواحد.
أخاطب رجال الجيش، الذين يهيمنون على المرحلة الانتقالية في البلاد في مرحلة ما بعد مبارك، نريد أن تتم الانتخابات بموجب الرقم القومي لا بموجب بطاقات الانتخاب التي استولى عليها مشايخ وعمد القرى والنجوع وصاروا يحققون بها غالبية برلمانية غير مؤهلة حسب مصالحهم الشخصية دون الرجوع لصاحب البطاقة نفسه والذي ربما يكون قد مات من سنين لكن مازال على وفاءه في أداء وممارسة حقه الانتخابي بواسطة بطاقته الانتخابية التي استولى عليها العمد والمشايخ، انتم تحققون يا رجال جيش مصر العظيم، تحققون اليوم وبقوة وبحكمة الحفاظ على استقرار مصر وهذا دوركم الذي لا نشك لحظة في أنكم تقومون به بغاية الشرف لصالح مصر دون انتظار لكلمة تشكر أو مقال يمدح، لا نريد أن يقفز على مجلس الشعب والشورى في ظل انتخابات ديمقراطية قادمة وجوه تغير من وجه مصر الجديد بواسطة العمد والمشايخ لوجه قبيح لا نريده، نريد إلغاء 50% عمال وفلاحين فهي مظهر عنصري لا يليق وقد صارت مصر كلها فئات متعلمة ومؤهلة وذابت فيها اليوم مسألة الفلاح والعامل وأصبح لا وجود لتلك المسائل كما كانت عليه أيام أن قامت ثورة يوليو 1952، نريد إلغاء بطاقة الانتخاب لبطاقة الرقم القومي لتتاح لكل القوى الشبابية التي قامت بالتغيير بالفعل دون تحزب أو مذهبية في الحفاظ ( معكم ) على مكاسب مصر من تلك الثورة وأهمها الحرية والليبرالية لا أن نرى مصر باسم الديمقراطية تتحول إلى وجه راديكالي ديكتاتوري قبيح، يدفعنا لدخول نفق مظلم من الحروب الإقليمية ومزيد من التمزق الداخلي والفتنة الطائفية.
أخيرا، حتى تصحح أحزاب المعارضة أوضاعها الداخلية لتسمو وتليق بنور هذه الثورة المصرية التي راح ضحيتها شباب مصري فقط من خارج تلك الأحزاب، بل وفي ظل غيابها، عليهم أن يكتفوا فقط بمقاعد البرلمان، وان لا يفكروا إطلاقا في رئاسة مصر فهي كبيرة جداً عليهم، عليهم ألا يفكروا حفاظاً على مصر وشعبها، لكون نار العسكر اليوم في رئاسة وقيادة هذه المرحلة الحرجة ولا جنة المعارضة المصرية ( الممزقة ) في رئاسة هذا البلد العظيم.