الأحد، 29 أبريل 2018

إمرأة من نور

كانت تعلم أنه سيأتي يوم ويعود .. سينبهر حتماً في هذا السن بهذه الفتاة الصغيرة .. سيندهش .. سيتصابى .. سيزهد فيمن شاركته تاريخه .. لكنه سيعود .. كذبت على أبنائها لأول مرة في حياتها .. أباكم في إعارة .. ورغم شك الأولاد حيث لم يتغير نمط الحياة للأفضل .. لم يكذبوها .. أخفت عن أهلها فراره من المنزل تحت تأثير نزوة .. مواعيد عملها تنتهي في الثالثة لتبدأ بإعداد الولائم في منزلها بالأجر حتى العاشرة مساءً لجاراتها ممن لا يجيدون الطهي لتدخر مايمدها للعيش بكرامة .. تسع سنوات كاملة لم تر وجهه .. تسع سنوات كاملة لم ير وجه أبناءه .. لم تفقد الأمل .. وحين استعدت للخروج في الثامنة صباحاً للعمل بعد خروج الأبناء للمدارس وجدته أمامها .. واجماً .. صامتاً .. منكسراً .. أرتبكت لحظة .. لكنها ودون أن تدري .. مدت يدها نحو رأسه ورفعتها فهي ضد الإنكسار .. حين دخل المنزل لأول مرة منذ تسع سنوات .. بكى كطفل فضمته بين ذراعيها دون كلمة عتاب واحدة .. كانت عيناه تدمعان من شدة الإثم .. تمنى لو تصفعه .. تغلق الباب في وجهه .. تصرخ .. لكنها .. كانت كما هي .. إمرأة مخلوق من حياة .. إمرأة مخلوق من نور .. مسحت بأنامل حنونة دمعات سقطت فوق خده .. دمعات رجل خشيت أن يستشعر معها ضعفه فراحت تلتقطها حتى لا يخور كبرياؤه .. أخذته كطفل في بين ذراعيها .. أغلقت الباب .. سار معها داخلا بيته القديم وكأنه يراه لأول مرة .. رفع في وجهها عينيه اللتان تحملان ندم زمنه وعمره فوجد على شفتيها نفس إبتسامة الطيبة التي رآها في أول لقاء بينهما !!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق