الاثنين، 5 مارس 2018

قيامة النبي في .. طوكيو ! ( ليست قصة من وحي الخيال )

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي ..



جامعة طوكيو اليابان .. معمل " آكيو آسا " - ومعناها الولد الذكي المعالج - لابحاث الجينات .. بعد نجاح نقل ذاكرة ( جينوم ) الفرعون المصري "تحتمس الثالث" بحقن البروتينات المستخلصة من أسنان المومياء وزرعها في بروتينات الحمض النووي للمتبرع الأسترالي "جون ستيوارت" قامت اللجنة الدولية للأطباء المتخصصين بعد موافقة اللجنة الدينية العليا بالفاتيكان ودار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية ومجلس الحاخامات اليهودي الأعلى الشروع في نقل ذاكرة جينوم ( نبي ) من أنبياء ( الله ) في العهد القديم عن طريق حقن بروتينات مستخلصة من أظافر ( موميائه ) الموجودة في جنوب مدينة القدس وحقنها في بروتينات الحمض النووي لمتبرع من نوع خاص .. الفيلسوف الألماني الملحد "إيميري أهارين" .. لكن لماذا " ملحد" ؟؟ .. لماذا لم يتبرع شخصاً عادياً ولو كان بوذياً أو طاوياً أو هندوسياً ؟؟ .. كيف وافقت المجالس الدينية في مراكز الأديان الثلاثة بالعالم على إجراء مثل هذه التجربة ؟؟ .. لكن العالم لا يهتم بمثل هكذا صرخات .. العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي .. لم يفصح العلماء عن اسم ( النبي ) الذي أخذت منه العينة .. سيدعوه يفصح عن نفسه ورسالته من خلال الشخص الحي " إيميري أهارين" بعد نقل الذاكرة التي صارت حيه في عص المخ لذاكرة الكومبيوتر .. المتشككين عقدوا مؤتمراتهم .. وعمت مظاهرات المؤمنين الغاضبة في كل أرجاء الأرض .. مدن كثيرة تم حرقها .. نيويورك .. طوكيو .. تل أبيب .. روما .. الرياض .. القاهرة .. برلين .. موسكو .. مونتريال .. استشعر أصحاب البصائر نهاية العالم .. العالم كله تحول إلى قرية " سدوم وعمورية" .. ملائكة الله ستنزل لتسليط العقاب على البشر الملاحدة.
اليوم هو يوم خروج المتبرع الفيلسوف من غيبوبة مابعد العملية .. تم توصيل المجسات العصبية برأس الفيلسوف .. كان صامتاً تماماً .. كان مذهولاً تماماً .. كان شخصاً آخر غير ذلك الشخص الذي تعرفه الدنيا .. لكنه كان كمسلوب الإرادة بين يدي العلماء الذين يوصلون المجسات العصبية من رأسه لذاكرة الكومبيوتر .. يبدو أن الأمر قد نجح .. تنتقل الآن ذاكرة النبي لذاكرة الكومبيوتر .. أعلنت وكالات الانباء أنها ساعات وسيتم نشر كل المعلومات على العالم كله .. أعلنت وكالات الأنباء عن نجاح قفزة العلم لبيان حقيقة الوجود .. سكنت كل المظاهرات في العالم كله .. كف الغاضبين عن حرق المدن .. الكل .. كل العالم أمام كاميرات التليفزيون .. ومابين البكاء .. الفرح .. الترقب .. الخوف .. وحتى السكتات والأزمات القلبية .. الكل ينتظر أن يسمع صوت النبي الذي قام من الأموات في طوكيو .. الكل ينتظر أن يعرف أسم النبي .. أخباره .. أحداثه .. رسالته .. الوقت يمر ببطئ شديد .. ومن خلف احدى النوافذ .. إمرأة تصلي في خشوع جليل .. ترفع رأسها للسماء في ذل مهيب .. تبتهل .. تتمتم بكلمات من نور .. تبكي .. ربما تحدث معجزة بعد أن تجاوز العالم بشطحاته .. كل خطيئة !


قيامة النبي في .. طوكيو ! ( ليست قصة من وحي الخيال )

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي ..



جامعة طوكيو اليابان .. معمل " آكيو آسا " - ومعناها الولد الذكي المعالج - لابحاث الجينات .. بعد نجاح نقل ذاكرة ( جينوم ) الفرعون المصري "تحتمس الثالث" بحقن البروتينات المستخلصة من أسنان المومياء وزرعها في بروتينات الحمض النووي للمتبرع الأسترالي "جون ستيوارت" قامت اللجنة الدولية للأطباء المتخصصين بعد موافقة اللجنة الدينية العليا بالفاتيكان ودار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية ومجلس الحاخامات اليهودي الأعلى الشروع في نقل ذاكرة جينوم ( نبي ) من أنبياء ( الله ) في العهد القديم عن طريق حقن بروتينات مستخلصة من أظافر ( موميائه ) الموجودة في جنوب مدينة القدس وحقنها في بروتينات الحمض النووي لمتبرع من نوع خاص .. الفيلسوف الألماني الملحد "إيميري أهارين" .. لكن لماذا " ملحد" ؟؟ .. لماذا لم يتبرع شخصاً عادياً ولو كان بوذياً أو طاوياً أو هندوسياً ؟؟ .. كيف وافقت المجالس الدينية في مراكز الأديان الثلاثة بالعالم على إجراء مثل هذه التجربة ؟؟ .. لكن العالم لا يهتم بمثل هكذا صرخات .. العالم شبه متجمد بينما تتلاحق أنفاسه وهو يتحدث عن التجربة .. الدنيا كلها منقسمة بين مؤيد ومعارض .. غاضب وراضي .. مؤمن وملحد .. خائف أو لا يبالي .. لم يفصح العلماء عن اسم ( النبي ) الذي أخذت منه العينة .. سيدعوه يفصح عن نفسه ورسالته من خلال الشخص الحي " إيميري أهارين" بعد نقل الذاكرة التي صارت حيه في عص المخ لذاكرة الكومبيوتر .. المتشككين عقدوا مؤتمراتهم .. وعمت مظاهرات المؤمنين الغاضبة في كل أرجاء الأرض .. مدن كثيرة تم حرقها .. نيويورك .. طوكيو .. تل أبيب .. روما .. الرياض .. القاهرة .. برلين .. موسكو .. مونتريال .. استشعر أصحاب البصائر نهاية العالم .. العالم كله تحول إلى قرية " سدوم وعمورية" .. ملائكة الله ستنزل لتسليط العقاب على البشر الملاحدة.
اليوم هو يوم خروج المتبرع الفيلسوف من غيبوبة مابعد العملية .. تم توصيل المجسات العصبية برأس الفيلسوف .. كان صامتاً تماماً .. كان مذهولاً تماماً .. كان شخصاً آخر غير ذلك الشخص الذي تعرفه الدنيا .. لكنه كان كمسلوب الإرادة بين يدي العلماء الذين يوصلون المجسات العصبية من رأسه لذاكرة الكومبيوتر .. يبدو أن الأمر قد نجح .. تنتقل الآن ذاكرة النبي لذاكرة الكومبيوتر .. أعلنت وكالات الانباء أنها ساعات وسيتم نشر كل المعلومات على العالم كله .. أعلنت وكالات الأنباء عن نجاح قفزة العلم لبيان حقيقة الوجود .. سكنت كل المظاهرات في العالم كله .. كف الغاضبين عن حرق المدن .. الكل .. كل العالم أمام كاميرات التليفزيون .. ومابين البكاء .. الفرح .. الترقب .. الخوف .. وحتى السكتات والأزمات القلبية .. الكل ينتظر أن يسمع صوت النبي الذي قام من الأموات في طوكيو .. الكل ينتظر أن يعرف أسم النبي .. أخباره .. أحداثه .. رسالته .. الوقت يمر ببطئ شديد .. ومن خلف احدى النوافذ .. إمرأة تصلي في خشوع جليل .. ترفع رأسها للسماء في ذل مهيب .. تبتهل .. تتمتم بكلمات من نور .. تبكي .. ربما تحدث معجزة بعد أن تجاوز العالم بشطحاته .. كل خطيئة !


نحن والفيس بوك

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
الرجل يتحول لأمرأة ليكتشف عالم المرأة أو تتحول المرأة لرجل لتكتشف عالم الرجل أو يتحول كلاهما معاً ( لعاهرة أو شاذ ) ليستكشف عالم آخر في ذاته ( المريضة ) تخلصه من طبيعته ( المنسحقة )!


أروع شئ في الفيس بوك وتويتر أنك تتعلم كيف يمكنك التعاطي مع الغموض في شخصيات هذه المواقع بإجهاد شديد لأنك لا تعرف في الحقيقة من هم على وجه ( الخلوص ) .. لاشك أن هذه المواقع الإفتراضية ربما تكون أكثر متعة واثارة من العالم الواقعي .. فنحن نهتم كثيراً بالبعض .. تضحك من خفة ظل اخر .. تبكي احياناً .. تكره .. تغضب .. تحارب .. تستنكر .. تضع صور عائلتك وأسرارهم وأسرارك بحب وفخر واعتزاز أشبه بالحمق وكأنك ( درويش ) فقد بوصلة عقله لأنك ببساطة لا تعرف مع من تتعامل !! .. هل تتعامل مع عدو .. حبيب .. صديق .. جاهل .. مهذب .. شاذ .. أنت تماماً مثل ( دون كيشوت ) تتعامل مع ( طواحين الهواء ) لإنهم ( في غالب الأمر ) اسماء فقط ربما تكون شخصيات حقيقية وربما تكون وهمية ولكن الحقيقة أنك تتعامل مع طواحين الهواء وبشكل ( أعمى ) .. قال لي احد الأصدقاء: الفيس بوك قله منه بشر حقيقيين مثلي ومثلك والغالبية بعد ذلك مرضى نفسيين ليست لهم خبرة المواجهة .. تربوا على فلسفة القهر ففقدوا روح الإندماج في الجماعة .. لذا تراهم في منتهى العنف أو في غاية ( البذاءة اللفظية ) .. مسألة أشبه بالأنتقام من الشخص ( المهزوم ) بداخلهم والذي دفعهم للإنعزال .. ففقد القدرة على النصر في أي شئ فينتقم من نفسه بإظهار الجانب السلبي الأكثر ( وضاعة ) ظناً منه أنه بهذه الطريقة سيتحول إلى انسان ( طبيعي ) وينتصر على الإنهزام الداخلي المتمكن من أعماقه .. فتجد طبيب عالمي لم يحصل على الإبتدائية .. كاتب لامع لا يجيد كتابة اللغة العربية .. حائز على جوائز عالمية من جمعيات ليس لها وجود على سطح الأرض .. مناضل عائد من صراعه مع الحرية رغم أنه لم يترك غرفه نومة منذ عشرين عاماً .. كما ترى الرجل يتحول لأمرأة ليكتشف عالم المرأة أو تتحول المرأة لرجل لتكتشف عالم الرجل أو يتحول كلاهما معاً ( لعاهرة أو شاذ ) ليستكشف عالم آخر في ذاته ( المريضة ) تخلصه من طبيعته ( المنسحقة ) بسبب التربية والبيئة وربما التعليم أيضاً .. الفيس بوك أشبه بسوق كبير ضخم يحوي الماخور بجوار المعبد وسوق النخاسة بجانب سوق عكاظ والمقهى الشعبي من خلف ( الغرزة ) .. أنت الوحيد القادر على تحديد شخصيتك وهدفك .. هل أنت ( سوي وطبيعي ) أم ( مريض نفسي ).

نحن والفيس بوك

mohi_ibraheem
بقلم: محيي الدين إبراهيم
الرجل يتحول لأمرأة ليكتشف عالم المرأة أو تتحول المرأة لرجل لتكتشف عالم الرجل أو يتحول كلاهما معاً ( لعاهرة أو شاذ ) ليستكشف عالم آخر في ذاته ( المريضة ) تخلصه من طبيعته ( المنسحقة )!


أروع شئ في الفيس بوك وتويتر أنك تتعلم كيف يمكنك التعاطي مع الغموض في شخصيات هذه المواقع بإجهاد شديد لأنك لا تعرف في الحقيقة من هم على وجه ( الخلوص ) .. لاشك أن هذه المواقع الإفتراضية ربما تكون أكثر متعة واثارة من العالم الواقعي .. فنحن نهتم كثيراً بالبعض .. تضحك من خفة ظل اخر .. تبكي احياناً .. تكره .. تغضب .. تحارب .. تستنكر .. تضع صور عائلتك وأسرارهم وأسرارك بحب وفخر واعتزاز أشبه بالحمق وكأنك ( درويش ) فقد بوصلة عقله لأنك ببساطة لا تعرف مع من تتعامل !! .. هل تتعامل مع عدو .. حبيب .. صديق .. جاهل .. مهذب .. شاذ .. أنت تماماً مثل ( دون كيشوت ) تتعامل مع ( طواحين الهواء ) لإنهم ( في غالب الأمر ) اسماء فقط ربما تكون شخصيات حقيقية وربما تكون وهمية ولكن الحقيقة أنك تتعامل مع طواحين الهواء وبشكل ( أعمى ) .. قال لي احد الأصدقاء: الفيس بوك قله منه بشر حقيقيين مثلي ومثلك والغالبية بعد ذلك مرضى نفسيين ليست لهم خبرة المواجهة .. تربوا على فلسفة القهر ففقدوا روح الإندماج في الجماعة .. لذا تراهم في منتهى العنف أو في غاية ( البذاءة اللفظية ) .. مسألة أشبه بالأنتقام من الشخص ( المهزوم ) بداخلهم والذي دفعهم للإنعزال .. ففقد القدرة على النصر في أي شئ فينتقم من نفسه بإظهار الجانب السلبي الأكثر ( وضاعة ) ظناً منه أنه بهذه الطريقة سيتحول إلى انسان ( طبيعي ) وينتصر على الإنهزام الداخلي المتمكن من أعماقه .. فتجد طبيب عالمي لم يحصل على الإبتدائية .. كاتب لامع لا يجيد كتابة اللغة العربية .. حائز على جوائز عالمية من جمعيات ليس لها وجود على سطح الأرض .. مناضل عائد من صراعه مع الحرية رغم أنه لم يترك غرفه نومة منذ عشرين عاماً .. كما ترى الرجل يتحول لأمرأة ليكتشف عالم المرأة أو تتحول المرأة لرجل لتكتشف عالم الرجل أو يتحول كلاهما معاً ( لعاهرة أو شاذ ) ليستكشف عالم آخر في ذاته ( المريضة ) تخلصه من طبيعته ( المنسحقة ) بسبب التربية والبيئة وربما التعليم أيضاً .. الفيس بوك أشبه بسوق كبير ضخم يحوي الماخور بجوار المعبد وسوق النخاسة بجانب سوق عكاظ والمقهى الشعبي من خلف ( الغرزة ) .. أنت الوحيد القادر على تحديد شخصيتك وهدفك .. هل أنت ( سوي وطبيعي ) أم ( مريض نفسي ).

الأحد، 4 مارس 2018

حين تلقى الإمام محمد عبده علقة ساخنة بمسجد الحسين بفتوى من شيخ الأزهر !

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
انتشرت بيننا وفي أوساطنا روح العداوة ضد الأفغاني وضد من يتصلون به من جماعتنا وعلى رأسهم الشيخ محمد عبده الذي كنا نظن فيه أنه حامل لواء الإلحاد بين الطلبة لقربه من الأفغاني ، ومن ثم حزمنا أمرنا على الإساءة إليهم جميعاً لعلهم يعدلون عن الاتصال بالأفغاني !
 رائد سامق من رواد الإصلاح وعالم جليل من علماء هذا الزمان، أدرك حتى قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر أن مصر تحتاج إلى اصلاحات جذرية وأن أول تلك الإصلاحات يجب أن تتركز في اصلاح المؤسسة الدينية، أول تلك الإصلاحات يجب أن تضع عينيها على ألأزهر فقامت عليه قيامة الأزهر.
كان عنيداً فاتفق مع بعض الطلاب على أن يقرأ لهم بعض الكتب في المنطق وعلم الكلام مما لم يكن يُقرأ مثلها في الأزهر فأزداد عدد محبيه من طلبة الأزهر حتى اشتهر بين أقرانه الأمر الذي أغضب الشيخ محمد عليش شيخ المذهب المالكي بالجامع الأزهر عليه خاصة بعدما بلغه أن محمد عبده لا يقرأ كتب المعتزلة والمتكلمين فقط بل ويرجح مذهبهم أيضاً وهو أمر كان يبغضه الشيخ عليش الذي كان - كما يقول العقاد - رجلا صادق النية في كراهة البدع التي يخشى منها على الدين، وعليه أرسل في طلب محمد عبده وناقشه نقاشاً أفضى إلى نزاع وخصومه مؤلمة بينهما، وما زاد من تفاقم هذه الأزمة ذلك الحوار الذي دار بين الشيخ البحيري عضو مجلس إدارة الأزهر وأحد رافضي إصلاح البرامج التعليمية للأزهر وبين الشيخ محمد عبده والذي جاء في الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده، الجزء الثالث، ص: 194 حيث قال له الشيخ البحيري: إننا نعلّمهم كما تعلمنا فأجابه الشيخ محمد عبده وهذا الذي أخاف منه ! فرد عليه الشيخ البحيري: ألم تتعلم أنت فى الأزهر، وقد بلغتَ من مراقي العلم وصرت فيه العلم الفرد ؟ وهنا فاجأه الشيخ محمد عبده بقوله: إذا كان لي حظ من العلم الصحيح الذي تذكر، فإنني لم أحصّله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغي ما علق فيه من الأزهر !.. كان هذا الحوار هو القشة التي قصمت ظهر البعير، ويحكي لنا إبراهيم الهلباوي في مذكراته ص: 52 أن الشيخ محمد عبده كان من أهم الأزهريين الذين يداومون الاتصال بالسيد جمال الدين الأفغاني الذي حضر لمصر من الآستانة في مارس 1871 وشاع اسمه بين طلبة الأزهر بالرغم ما كان معروفاً عنه في أروقة الأزهر من أنه ملحداً وأن الأزهر يخاف على الطلبة من التأثر به وبعقيدته وآرائه، وهنا انتشرت بيننا وفي أوساطنا روح العداوة ضد الأفغاني وضد من يتصلون به من جماعتنا وعلى رأسهم الشيخ محمد عبده الذي كنا نظن فيه أنه حامل لواء الإلحاد بين الطلبة لقربه من الأفغاني ، ومن ثم حزمنا أمرنا على الإساءة إليهم جميعاً لعلهم يعدلون عن الاتصال بالأفغاني، وفي أحد الأيام حين كنا نحضر بعض الدروس في مسجد سيدنا الحسين لمحت الشيخ محمد عبده يصلي صلاة العصر فقطعت الدرس وذهبت للشيخ محمد عليش الذي كان يداوم على أداء صلاة العصر بمسجد الحسين كل يوم وابلغته أن محمد عبده موجود بالجامع بيننا ويصلي بدون وضوء وطلبت منه أن يأذن لي في تأديبه، وكان بجوار الشيخ عليش جمع من العلماء فاستثارتهم دعوتي وبعثوا معي نفراً من الطلاب فلحقنا بالشيخ محمد عبده قبل التسليم وخروجه من الصلاة وسقناه كرهاً للشيخ محمد عليش فوجه إليه تهمة الإلحاد فاستخف الشيخ محمد عبده بهذه التهمة وحين استخف بها سمح الشيخ عليش للمهوسيين من الطلبة الذين كانوا معي أن يطرحوا الشيخ محمد عبده أرضاً ثم ضربناه ضرباً مبرحاً وأخرجناه من المسجد !
ومن طرائف الخصومة مع الشيخ محمد عبده أيضاً أنه في يوم 7 مايو سنة 1884، أصدرت حكومة الاحتلال البريطاني في مصر "القانون نمرة 68"، باستبدال الميضة في الجوامع بصنابير مياة مربوطة بشبكة مياه الشرب التي بدأت الحكومة في تركيبها. على أن يـُلزم ديوان الأوقاف بمصاريف الإحلال ، فعارض هذا القانون علماء مذاهب "الحنابلة والشافعية والمالكية"، بفتوى أن الصنابير بدعة فى الدين، أما الشيخ محمد عبده فكان له رأي مخالف بعدما كان يرى الناس يتوضؤون من نفس الماء الراكد في قناة صغيرة قذرة يرمي فيها السقا الماء فأيد فكرة الصنبور ووقف ضد الأزهر هو ومن وقفوا معه من الأحناف أتباع المذهب الحنفي، الذين أفتوا بأن الوضوء من ماء الصنبور مقبول بل ومستحب ويرفع المشقة عن المسلمين ومن هنا سمى الصنبور بـ"الحنفية"، نسبة إلى المذهب الحنفى، وأصبحت كلمة "الحنفية" دالة على الصنبور أكثر مما تدل على المذهب الديني والسبب كان الشيخ الجليل والمصلح العلاّمة الشيخ محمد عبده.

حين تلقى الإمام محمد عبده علقة ساخنة بمسجد الحسين بفتوى من شيخ الأزهر !

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
انتشرت بيننا وفي أوساطنا روح العداوة ضد الأفغاني وضد من يتصلون به من جماعتنا وعلى رأسهم الشيخ محمد عبده الذي كنا نظن فيه أنه حامل لواء الإلحاد بين الطلبة لقربه من الأفغاني ، ومن ثم حزمنا أمرنا على الإساءة إليهم جميعاً لعلهم يعدلون عن الاتصال بالأفغاني !
 رائد سامق من رواد الإصلاح وعالم جليل من علماء هذا الزمان، أدرك حتى قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر أن مصر تحتاج إلى اصلاحات جذرية وأن أول تلك الإصلاحات يجب أن تتركز في اصلاح المؤسسة الدينية، أول تلك الإصلاحات يجب أن تضع عينيها على ألأزهر فقامت عليه قيامة الأزهر.
كان عنيداً فاتفق مع بعض الطلاب على أن يقرأ لهم بعض الكتب في المنطق وعلم الكلام مما لم يكن يُقرأ مثلها في الأزهر فأزداد عدد محبيه من طلبة الأزهر حتى اشتهر بين أقرانه الأمر الذي أغضب الشيخ محمد عليش شيخ المذهب المالكي بالجامع الأزهر عليه خاصة بعدما بلغه أن محمد عبده لا يقرأ كتب المعتزلة والمتكلمين فقط بل ويرجح مذهبهم أيضاً وهو أمر كان يبغضه الشيخ عليش الذي كان - كما يقول العقاد - رجلا صادق النية في كراهة البدع التي يخشى منها على الدين، وعليه أرسل في طلب محمد عبده وناقشه نقاشاً أفضى إلى نزاع وخصومه مؤلمة بينهما، وما زاد من تفاقم هذه الأزمة ذلك الحوار الذي دار بين الشيخ البحيري عضو مجلس إدارة الأزهر وأحد رافضي إصلاح البرامج التعليمية للأزهر وبين الشيخ محمد عبده والذي جاء في الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده، الجزء الثالث، ص: 194 حيث قال له الشيخ البحيري: إننا نعلّمهم كما تعلمنا فأجابه الشيخ محمد عبده وهذا الذي أخاف منه ! فرد عليه الشيخ البحيري: ألم تتعلم أنت فى الأزهر، وقد بلغتَ من مراقي العلم وصرت فيه العلم الفرد ؟ وهنا فاجأه الشيخ محمد عبده بقوله: إذا كان لي حظ من العلم الصحيح الذي تذكر، فإنني لم أحصّله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغي ما علق فيه من الأزهر !.. كان هذا الحوار هو القشة التي قصمت ظهر البعير، ويحكي لنا إبراهيم الهلباوي في مذكراته ص: 52 أن الشيخ محمد عبده كان من أهم الأزهريين الذين يداومون الاتصال بالسيد جمال الدين الأفغاني الذي حضر لمصر من الآستانة في مارس 1871 وشاع اسمه بين طلبة الأزهر بالرغم ما كان معروفاً عنه في أروقة الأزهر من أنه ملحداً وأن الأزهر يخاف على الطلبة من التأثر به وبعقيدته وآرائه، وهنا انتشرت بيننا وفي أوساطنا روح العداوة ضد الأفغاني وضد من يتصلون به من جماعتنا وعلى رأسهم الشيخ محمد عبده الذي كنا نظن فيه أنه حامل لواء الإلحاد بين الطلبة لقربه من الأفغاني ، ومن ثم حزمنا أمرنا على الإساءة إليهم جميعاً لعلهم يعدلون عن الاتصال بالأفغاني، وفي أحد الأيام حين كنا نحضر بعض الدروس في مسجد سيدنا الحسين لمحت الشيخ محمد عبده يصلي صلاة العصر فقطعت الدرس وذهبت للشيخ محمد عليش الذي كان يداوم على أداء صلاة العصر بمسجد الحسين كل يوم وابلغته أن محمد عبده موجود بالجامع بيننا ويصلي بدون وضوء وطلبت منه أن يأذن لي في تأديبه، وكان بجوار الشيخ عليش جمع من العلماء فاستثارتهم دعوتي وبعثوا معي نفراً من الطلاب فلحقنا بالشيخ محمد عبده قبل التسليم وخروجه من الصلاة وسقناه كرهاً للشيخ محمد عليش فوجه إليه تهمة الإلحاد فاستخف الشيخ محمد عبده بهذه التهمة وحين استخف بها سمح الشيخ عليش للمهوسيين من الطلبة الذين كانوا معي أن يطرحوا الشيخ محمد عبده أرضاً ثم ضربناه ضرباً مبرحاً وأخرجناه من المسجد !
ومن طرائف الخصومة مع الشيخ محمد عبده أيضاً أنه في يوم 7 مايو سنة 1884، أصدرت حكومة الاحتلال البريطاني في مصر "القانون نمرة 68"، باستبدال الميضة في الجوامع بصنابير مياة مربوطة بشبكة مياه الشرب التي بدأت الحكومة في تركيبها. على أن يـُلزم ديوان الأوقاف بمصاريف الإحلال ، فعارض هذا القانون علماء مذاهب "الحنابلة والشافعية والمالكية"، بفتوى أن الصنابير بدعة فى الدين، أما الشيخ محمد عبده فكان له رأي مخالف بعدما كان يرى الناس يتوضؤون من نفس الماء الراكد في قناة صغيرة قذرة يرمي فيها السقا الماء فأيد فكرة الصنبور ووقف ضد الأزهر هو ومن وقفوا معه من الأحناف أتباع المذهب الحنفي، الذين أفتوا بأن الوضوء من ماء الصنبور مقبول بل ومستحب ويرفع المشقة عن المسلمين ومن هنا سمى الصنبور بـ"الحنفية"، نسبة إلى المذهب الحنفى، وأصبحت كلمة "الحنفية" دالة على الصنبور أكثر مما تدل على المذهب الديني والسبب كان الشيخ الجليل والمصلح العلاّمة الشيخ محمد عبده.

والله العظيم موزون .. في ذكرى ميلاد صلاح عبد الصبور مايو 1931

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
( بعت نفسك بمليم ) قالها له رسام الكاريكاتير " بهجت عثمان" وهو في قمة الغضب لأن إسرائيل إشتركت فى معرض الكتاب الذى تشرف عليه الهيئة المصرية العامة للكتاب التى كان يرأسها صلاح عبد الصبور وقتذاك، لم يتحمل قلب صلاح عبد الصبور تلك الكلمات الثلاث فمات!

 
حنينى غريب .. إلى صحبتى ..إلى أخوتى ..إلى حفنة الأشقياء الظهور ينامون ظهراً على المصطبة .. وقد يحلمون بقصر مشيد .. وباب حديد .. وحورية فى جوار السرير .. ومائدة فوقها ألف صحن .. دجاج وبط وخبز كثير .. إلى أمي البرة الطاهرة .. كلمات أبدعها في قصيدة " المُلك لك "، كانت أمه السيدة اعتدال عثمان الباجوري هي نافذته وعشقه على الشعر والأدب العربي حيث كان والده عبد الصبور يوسف الحواتكي يعمل في وزارة الداخلية وبعيد كل البعد عن الحقل الثقافي.

رفض الالتحاق بكلية الطب والتحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1947 وتتلمذ علي يد الشيخ أمين الخولي أحد أهم الأدباء المصريين وأحد أهم كبار حماة اللغة العربية، ومناضل شارك في ثورة 1919 وحيث نُفي مع سعد زغلول إلى جزيرة سيشيل، وقد رأى حين كان رئيساً لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في صلاح عبد الصبور نبوغاً مبكراً فضمه إلى جماعة (الأمناء) التي كوّنها، ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى وحيث كان للجماعتين تأثيراً كبيراً على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.
رغم أن الشاعر المرهف مرسي جميل عزيز كان من أعز اصدقاء عبد الحليم حافظ إلا أن عبد الحليم حافظ حينما تعرف على صلاح عبد الصبور عن طريق مرسي جميل عزيز طلب منه عام 1951 أن يكتب له قصيدة يستطيع بها أن يتقدم لإختبار الإذاعة وبالفعل كتب له صلاح عبد الصبور قصيدة " لقاء" وغناها واجتاز بها اختبار الإذاعة حيث وطدت هذه القصيدة العلاقة بين عبد الحليم وصلاح عبد الصبور بل وتعرف الناس من خلالها على صلاح عبد الصبور نفسه.
بعد خروج الملك فاروق على متن المركب المحروسة في أعقاب ثورة 1952 كان الميلاد الحقيقي للشاعر صلاح عبد الصبور لكن كان عليه أن يخوض حربا شرسة مع حراس عمود الشعر الذين كان على رأسهم عباس محمود العقاد، فقد كان العقاد يحيل قصائد صلاح عبد الصبور إلى لجنة النثر للاختصاص، لا لشئ سوى أنه كان يرى في مثل هذا الشعر شعراً ليس موزونا ، مما دعا صلاح عبد الصبور إلى كتابة مقالة عنونها ( والله العظيم موزون ) ، ونشبت الحرب بين أنصار عمود الشعر وبين أنصار تفعيلته، ولم تكن هذه الحرب بالطبع هي الوحيدة التي خاضها صلاح عبد الصبور، لكنها كانت الأولى، أما آخر الحروب، فقد كانت حربا صغيرةً في منزل أحمد عبد المعطي حجازي، حرباً لم تتعد كلمات ثلاث: ( بعت نفسك بمليم ) قالها له رسام الكاريكاتير " بهجت عثمان" وهو في قمة الغضب لأن إسرائيل إشتركت فى معرض الكتاب الذى تشرف عليه الهيئة المصرية العامة للكتاب التى كان يرأسها صلاح عبد الصبور وقتذاك، لم يتحمل قلب صلاح عبد الصبور تلك الكلمات الثلاث فمات، وربما أتذكر قبل وفاته بعام أو أكثر قليلاً حينما كنا طلبة بالجامعة ونقوم بعمل مسرحيته مسافر ليل ولم أكن أعرفه شخصياً، وجدت صخباً في صالة العرض أثناء البروفة بمسرح الطليعة ويهلل الجميع بأن صلاح عبد الصبور موجوداً فهرعت بمجرد سماع أسمه ناحيته، كنت أتمنى أن أراه وأن أستمع له وهو يتكلم فقد كان بالنسبة لنا جميعاً هرماً عظيما يجسد الأدب العربي المعاصر، كان هزيلاً جداً ولا يترك سيجارته تسقط من يده إذ كان يشعل سيجارة من أخرى، ووقتها دارت معه نقاشات كثيرة كانت تنتقده وربما أتذكر عبارة قطع بها كل الأسئلة التي حاوطته بأن قال بصوت خافت: دعوني أجد ثمن السيجارة التي لا غنى لي عنها فقد أخذ مني السجن والاعتقال كل شئ، كنت صغيراً فلم أستوعب خطابه القصير وحزنه العميق اللاهث، لكن فرحتي بلقائه كانت أعظم من أي لغز شاب هذا اللقاء القصير حيث صعدنا على المسرح لنجري البروفة النهائية لمسرحية مسافر ليل وكلنا فخر أنه يشاهدها على الرغم من أننا وقبل أن ننتهي من البروفة كان قد تسلل في الظلام ورحل .. ولم تمضي شهور على هذا اللقاء إلا وكان قد رحل عن دنيانا للأبد في 13 أغسطس 1981 متأثراً بكلمات رسام الكاريكاتير بهجت عثمان في منزل أحمد عبد المعطي حجازي. ولعنا نتذكر كلماته: الشعر زلتى التى من أجلها هدمت ما بنيت .. من أجلها خرجت .. من أجلها صُلبت .. وحينما عُلقت .. كان البرد والظلمة والرعد .. ترجنى خوفا .. وحينما ناديته، لم يستجب .. عرفت أننى ضُيعتُ ما أضعت "، رحم الله صلاح عبد الصبور.

والله العظيم موزون .. في ذكرى ميلاد صلاح عبد الصبور مايو 1931

mohi_ibraheem

 

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
( بعت نفسك بمليم ) قالها له رسام الكاريكاتير " بهجت عثمان" وهو في قمة الغضب لأن إسرائيل إشتركت فى معرض الكتاب الذى تشرف عليه الهيئة المصرية العامة للكتاب التى كان يرأسها صلاح عبد الصبور وقتذاك، لم يتحمل قلب صلاح عبد الصبور تلك الكلمات الثلاث فمات!

 
حنينى غريب .. إلى صحبتى ..إلى أخوتى ..إلى حفنة الأشقياء الظهور ينامون ظهراً على المصطبة .. وقد يحلمون بقصر مشيد .. وباب حديد .. وحورية فى جوار السرير .. ومائدة فوقها ألف صحن .. دجاج وبط وخبز كثير .. إلى أمي البرة الطاهرة .. كلمات أبدعها في قصيدة " المُلك لك "، كانت أمه السيدة اعتدال عثمان الباجوري هي نافذته وعشقه على الشعر والأدب العربي حيث كان والده عبد الصبور يوسف الحواتكي يعمل في وزارة الداخلية وبعيد كل البعد عن الحقل الثقافي.

رفض الالتحاق بكلية الطب والتحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1947 وتتلمذ علي يد الشيخ أمين الخولي أحد أهم الأدباء المصريين وأحد أهم كبار حماة اللغة العربية، ومناضل شارك في ثورة 1919 وحيث نُفي مع سعد زغلول إلى جزيرة سيشيل، وقد رأى حين كان رئيساً لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في صلاح عبد الصبور نبوغاً مبكراً فضمه إلى جماعة (الأمناء) التي كوّنها، ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى وحيث كان للجماعتين تأثيراً كبيراً على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.
رغم أن الشاعر المرهف مرسي جميل عزيز كان من أعز اصدقاء عبد الحليم حافظ إلا أن عبد الحليم حافظ حينما تعرف على صلاح عبد الصبور عن طريق مرسي جميل عزيز طلب منه عام 1951 أن يكتب له قصيدة يستطيع بها أن يتقدم لإختبار الإذاعة وبالفعل كتب له صلاح عبد الصبور قصيدة " لقاء" وغناها واجتاز بها اختبار الإذاعة حيث وطدت هذه القصيدة العلاقة بين عبد الحليم وصلاح عبد الصبور بل وتعرف الناس من خلالها على صلاح عبد الصبور نفسه.
بعد خروج الملك فاروق على متن المركب المحروسة في أعقاب ثورة 1952 كان الميلاد الحقيقي للشاعر صلاح عبد الصبور لكن كان عليه أن يخوض حربا شرسة مع حراس عمود الشعر الذين كان على رأسهم عباس محمود العقاد، فقد كان العقاد يحيل قصائد صلاح عبد الصبور إلى لجنة النثر للاختصاص، لا لشئ سوى أنه كان يرى في مثل هذا الشعر شعراً ليس موزونا ، مما دعا صلاح عبد الصبور إلى كتابة مقالة عنونها ( والله العظيم موزون ) ، ونشبت الحرب بين أنصار عمود الشعر وبين أنصار تفعيلته، ولم تكن هذه الحرب بالطبع هي الوحيدة التي خاضها صلاح عبد الصبور، لكنها كانت الأولى، أما آخر الحروب، فقد كانت حربا صغيرةً في منزل أحمد عبد المعطي حجازي، حرباً لم تتعد كلمات ثلاث: ( بعت نفسك بمليم ) قالها له رسام الكاريكاتير " بهجت عثمان" وهو في قمة الغضب لأن إسرائيل إشتركت فى معرض الكتاب الذى تشرف عليه الهيئة المصرية العامة للكتاب التى كان يرأسها صلاح عبد الصبور وقتذاك، لم يتحمل قلب صلاح عبد الصبور تلك الكلمات الثلاث فمات، وربما أتذكر قبل وفاته بعام أو أكثر قليلاً حينما كنا طلبة بالجامعة ونقوم بعمل مسرحيته مسافر ليل ولم أكن أعرفه شخصياً، وجدت صخباً في صالة العرض أثناء البروفة بمسرح الطليعة ويهلل الجميع بأن صلاح عبد الصبور موجوداً فهرعت بمجرد سماع أسمه ناحيته، كنت أتمنى أن أراه وأن أستمع له وهو يتكلم فقد كان بالنسبة لنا جميعاً هرماً عظيما يجسد الأدب العربي المعاصر، كان هزيلاً جداً ولا يترك سيجارته تسقط من يده إذ كان يشعل سيجارة من أخرى، ووقتها دارت معه نقاشات كثيرة كانت تنتقده وربما أتذكر عبارة قطع بها كل الأسئلة التي حاوطته بأن قال بصوت خافت: دعوني أجد ثمن السيجارة التي لا غنى لي عنها فقد أخذ مني السجن والاعتقال كل شئ، كنت صغيراً فلم أستوعب خطابه القصير وحزنه العميق اللاهث، لكن فرحتي بلقائه كانت أعظم من أي لغز شاب هذا اللقاء القصير حيث صعدنا على المسرح لنجري البروفة النهائية لمسرحية مسافر ليل وكلنا فخر أنه يشاهدها على الرغم من أننا وقبل أن ننتهي من البروفة كان قد تسلل في الظلام ورحل .. ولم تمضي شهور على هذا اللقاء إلا وكان قد رحل عن دنيانا للأبد في 13 أغسطس 1981 متأثراً بكلمات رسام الكاريكاتير بهجت عثمان في منزل أحمد عبد المعطي حجازي. ولعنا نتذكر كلماته: الشعر زلتى التى من أجلها هدمت ما بنيت .. من أجلها خرجت .. من أجلها صُلبت .. وحينما عُلقت .. كان البرد والظلمة والرعد .. ترجنى خوفا .. وحينما ناديته، لم يستجب .. عرفت أننى ضُيعتُ ما أضعت "، رحم الله صلاح عبد الصبور.

السبت، 3 مارس 2018

انتظار الحقيقة


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
حين تتحول الحياة لسفينة ذكريات .. وحدك تقف كربان .. بين الموج والسماء .. بين العجز والمعجزة .. الرجاء والإنكسار .. لا يسعك عشق .. ولا يسعك تصريف العشق .. تنظر بمنظار وجودك على كل ما كان .. بينما أنت وحدك فيما يكون .. 
لا ( هُم ) تركوك .. ولا غادرتهم .. فقط دوران الوقت حيث تختفي وجوه وتظهر وجوه .. ندرك أن ماتركناه هناك لم يكن .. وما حملناه فوق ظهور أفكارنا محض غواية .. قبض ريح .. عبث .. طفل يجلس القرفصاء ووجهه بين كفيه .. في ظاهر المشهد خوف .. وفي باطن الحكاية ثورة .. وبين الخوف والثورة أحلام لم تكتمل .. عبودية .. إنكار .. خطوات لا تحتضنها مسافة ولا تحتويها سرعة ولا .. يطويها زمن! .. فراغ يلعق أسطح القلوب التي حالت بينها وبين الرؤية ظلال المعاني فتهاوت حتى فقدت الوعي وسقطت .. من أعلى ظهر السفينة لا معرفة ولا تعرف .. لا علم ولا تعلم .. لا قيمة ولا مقاومة .. فقط .. أنت .. أنت وحدك .. وحدك في انتظار الحقيقة .. تقف كربان تائه .. بين الموج وباطن الماء .. لا يسعك عشق .. ولا يسعك تصريف العشق.

انتظار الحقيقة


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
حين تتحول الحياة لسفينة ذكريات .. وحدك تقف كربان .. بين الموج والسماء .. بين العجز والمعجزة .. الرجاء والإنكسار .. لا يسعك عشق .. ولا يسعك تصريف العشق .. تنظر بمنظار وجودك على كل ما كان .. بينما أنت وحدك فيما يكون .. 
لا ( هُم ) تركوك .. ولا غادرتهم .. فقط دوران الوقت حيث تختفي وجوه وتظهر وجوه .. ندرك أن ماتركناه هناك لم يكن .. وما حملناه فوق ظهور أفكارنا محض غواية .. قبض ريح .. عبث .. طفل يجلس القرفصاء ووجهه بين كفيه .. في ظاهر المشهد خوف .. وفي باطن الحكاية ثورة .. وبين الخوف والثورة أحلام لم تكتمل .. عبودية .. إنكار .. خطوات لا تحتضنها مسافة ولا تحتويها سرعة ولا .. يطويها زمن! .. فراغ يلعق أسطح القلوب التي حالت بينها وبين الرؤية ظلال المعاني فتهاوت حتى فقدت الوعي وسقطت .. من أعلى ظهر السفينة لا معرفة ولا تعرف .. لا علم ولا تعلم .. لا قيمة ولا مقاومة .. فقط .. أنت .. أنت وحدك .. وحدك في انتظار الحقيقة .. تقف كربان تائه .. بين الموج وباطن الماء .. لا يسعك عشق .. ولا يسعك تصريف العشق.

أبدية النظرة الأولى 


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
رآها تبكي بكاءً خفياً وهي تقف أمام المرآه تنظر لبعض شعيرات بيضاء ظهرن حديثاً بين خصيلاتها الحريرية السوداء، لم تعد الفتاة الصغيرة التي أحبها وأفتتن بها وتزوجها .. باغتها من الخلف وطوقها بذراعيه بحنان دافئ كان يقصده ودون أن يسألها همس في أذنها: ماأروع خيوط القمر تلك التي تخللت خصلات شعرك فأضاء وجه طفلتي وغمرني بسحرها كما لو كنت أراها للمرة الإولى لأعيش نفس السحر الأبدي الذي عرفته معها .. استدارت .. ألقت برأسها فوق صدرة .. مسح دمعة دافئة تلألأت فوق وجنتيها ودعاها لتطفئ معه شمعة عيد زواجهما الخامس والعشرين.

أبدية النظرة الأولى 


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
رآها تبكي بكاءً خفياً وهي تقف أمام المرآه تنظر لبعض شعيرات بيضاء ظهرن حديثاً بين خصيلاتها الحريرية السوداء، لم تعد الفتاة الصغيرة التي أحبها وأفتتن بها وتزوجها .. باغتها من الخلف وطوقها بذراعيه بحنان دافئ كان يقصده ودون أن يسألها همس في أذنها: ماأروع خيوط القمر تلك التي تخللت خصلات شعرك فأضاء وجه طفلتي وغمرني بسحرها كما لو كنت أراها للمرة الإولى لأعيش نفس السحر الأبدي الذي عرفته معها .. استدارت .. ألقت برأسها فوق صدرة .. مسح دمعة دافئة تلألأت فوق وجنتيها ودعاها لتطفئ معه شمعة عيد زواجهما الخامس والعشرين.

قفزة من زمن قديم


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة منها تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد .. هي آخر صورة لهما معاً في ألبوم الصور القديم ألبوم تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

قفزة من زمن قديم


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
حكى لها حكاية قبل النوم ككل ليلة .. حادثة قديمة أفقدتها كل شئ .. كان يؤمن أنها رغم سكونها الأبدي إلا من زفراتها الضعيفة الصاعدة الهابطة .. تستشعره بكل شئ .. عشرون عاماً ظل بجوارها يحكي لها حكاية وحكاية .. عشرون عاماً ينظر إليها نفس نظرة عشقه الدائم القديم .. عشرون عاماً يمارس معها نفس الحنين إلى كلمة منها تحمل ( شقاوة ) أنوثتها التي لا يعرفها أحد سواه .. كانت صورتهما معاً كعاشقان من زمن لم ياتي بعد .. هي آخر صورة لهما معاً في ألبوم الصور القديم ألبوم تم العثور عليه بالصدفة في صندوق ( اللعب ) الخشبي لحظة أن قرر الورثة بيع المنزل والهجرة إلى كندا !!

هزمني المطر


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كنا ونحن صغاراً إذا أمطرت الدنيا نهرول من بيوتنا عبر الشارع .. ندور في الهواء .. نجرى برشاقة .. نصرخ بفرح .. كنا جميعاً نقفز وأفواهنا مفتوحه نحو السماء لنلتقط قطرة مطر .. واحدة .. اثنان .. مائة .. كنا نتنافس فيما بيننا على من سيمتلئ فمه قبل الآخر .. ساعات .. ساعات طويلة .. 

ثم نعود إلى بيوتنا مجهدين إلى حد السعادة .. مبتلين إلى حد الغرق .. نسقط من شدة المرح في سبات عظيم .. ونصحو ليحكي كل منا حكايته مع المطر بفروسية وكأننا كنا في معركة حربية خرجنا منها منتصرين .. راودتني الفكرة منذ ثلاثة أيام حين أمطرت الدنيا بعد منتصف الليل .. راودني الحنين القديم .. تركت الكل نائماً حتى لا ينفضح أمري وانسلخت كاللص عبر الباب الخارجي حتى وصلت للشارع .. فتحت فمي في إتجاه السماء وسرت وحيداً تحت المطر أمرح بين نفسي وذكرياتي .. بعد خمسة عشرة دقيقة هزتني رعدة في جسدي .. يبدو أنني لم أتحمل زخات المطر اليوم .. لم أتحملها وقد كنت ألتهمها بالساعات قديماً .. عدت للمنزل ليس مطأطئ الرأس .. عدت في حالة إنهزام كامل .. هزمني المطر .. وهزمني السن .. وأمتطت جسدي ( الإنفلوانزا ) .. قابلني إبني الذي استيقظ فجأة على صوت الفوضى التي أحدثتها وأنا أترنح من شدة الإعياء .. قال لي الطبيب مداعباً: ( مش هتبطل شقاوة بقى ياعمو ) !!



هزمني المطر


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
كنا ونحن صغاراً إذا أمطرت الدنيا نهرول من بيوتنا عبر الشارع .. ندور في الهواء .. نجرى برشاقة .. نصرخ بفرح .. كنا جميعاً نقفز وأفواهنا مفتوحه نحو السماء لنلتقط قطرة مطر .. واحدة .. اثنان .. مائة .. كنا نتنافس فيما بيننا على من سيمتلئ فمه قبل الآخر .. ساعات .. ساعات طويلة .. 

ثم نعود إلى بيوتنا مجهدين إلى حد السعادة .. مبتلين إلى حد الغرق .. نسقط من شدة المرح في سبات عظيم .. ونصحو ليحكي كل منا حكايته مع المطر بفروسية وكأننا كنا في معركة حربية خرجنا منها منتصرين .. راودتني الفكرة منذ ثلاثة أيام حين أمطرت الدنيا بعد منتصف الليل .. راودني الحنين القديم .. تركت الكل نائماً حتى لا ينفضح أمري وانسلخت كاللص عبر الباب الخارجي حتى وصلت للشارع .. فتحت فمي في إتجاه السماء وسرت وحيداً تحت المطر أمرح بين نفسي وذكرياتي .. بعد خمسة عشرة دقيقة هزتني رعدة في جسدي .. يبدو أنني لم أتحمل زخات المطر اليوم .. لم أتحملها وقد كنت ألتهمها بالساعات قديماً .. عدت للمنزل ليس مطأطئ الرأس .. عدت في حالة إنهزام كامل .. هزمني المطر .. وهزمني السن .. وأمتطت جسدي ( الإنفلوانزا ) .. قابلني إبني الذي استيقظ فجأة على صوت الفوضى التي أحدثتها وأنا أترنح من شدة الإعياء .. قال لي الطبيب مداعباً: ( مش هتبطل شقاوة بقى ياعمو ) !!



إمرأة أخري


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة .. كانت تسامحه ..

تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.






إمرأة أخري


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لم يكن يعلم أن هذا ( التابلت ) المفتوح على صفحتها الشخصية هو هدية أبنائها في عيد ميلادها الذي نساه للمرة العاشرة دون اعتذار بينما هي في كل مرة .. كانت تسامحه ..

تلصص في حذر ليقرأ خواطرها .. كأنه يرى امرأة أخرى .. أنثى أخرى .. تعليقات الرجال جعلته يدرك أنه مغفل كبير .. أطرق برأسه صامتاً .. شرد .. استفاق على كفيها تربت فوق كتفيه .. بكى كطفل فوق صدرها حتى أصبحا كأول لقاء جمعهما معاً منذ سبعة عشرة عاماً.






صانع الفرح


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لم يعد هناك قدرة تكفي .. ورغم ذلك .. ليس هناك نية للاستسلام .. بين العناد والمراوغة أؤمن أن هناك .. أفق .. روح .. قلب ينبض .. حين تصبح المسافة صفراً .. سيعانق النور وجه حضوري .. ففي حضرته مهابة ..
وفي النقطة أنا .. وفي محيط النقطة عرفانه .. اتساع الوجود .. إرادة التعلق .. العشق المعقول بالمعنى .. والمعنى المعقول بالعبارة .. والعبارة التي تتبع الإلهام .. والإلهام الذي في حضوره من حضوره نجاه .. فأتحول من ضحية الحزن لصانع الفرح .. مظهراً له .. لابظاهر الصنعة .. إنما بجمال صنيعه .. حيث لا حد للحب .. لا حجاب .. لا ظمأ .. لا .. ضلال !!

صانع الفرح


بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
لم يعد هناك قدرة تكفي .. ورغم ذلك .. ليس هناك نية للاستسلام .. بين العناد والمراوغة أؤمن أن هناك .. أفق .. روح .. قلب ينبض .. حين تصبح المسافة صفراً .. سيعانق النور وجه حضوري .. ففي حضرته مهابة ..
وفي النقطة أنا .. وفي محيط النقطة عرفانه .. اتساع الوجود .. إرادة التعلق .. العشق المعقول بالمعنى .. والمعنى المعقول بالعبارة .. والعبارة التي تتبع الإلهام .. والإلهام الذي في حضوره من حضوره نجاه .. فأتحول من ضحية الحزن لصانع الفرح .. مظهراً له .. لابظاهر الصنعة .. إنما بجمال صنيعه .. حيث لا حد للحب .. لا حجاب .. لا ظمأ .. لا .. ضلال !!

حياة


بقلم: محيي الدين إبراهيم
ليس هناك عدم .. وإنما هناك فناء وجود في وجود .. ذات في ذات .. كفناء ألوان الطيف في اللون الأبيض لعموم الألفة . الكلمة في العبارة لبزوغ معنى .. الحلم في الحقيقة لحضور الأمل .. العند في الإرادة لتحقيق طموح.


حياة


بقلم: محيي الدين إبراهيم
ليس هناك عدم .. وإنما هناك فناء وجود في وجود .. ذات في ذات .. كفناء ألوان الطيف في اللون الأبيض لعموم الألفة . الكلمة في العبارة لبزوغ معنى .. الحلم في الحقيقة لحضور الأمل .. العند في الإرادة لتحقيق طموح.


مصادر وتاريخ الموسيقى العربية

mohi_ibraheem

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
جعل المؤلف لكتابه خطة واضحة بحيث جعله ثلاثة أقسام، القسم الأول يتناول المنحى السياسي وتعاقب الخلفاء ونظرة كل منهم للموسيقى والفنون عامة، والقسم الثاني يعالج التيار الموسيقي من حيث تطور الآلات والكتب التي تم تأليفها والآراء التي شاعت وما ماثل ذلك، أما القسم الثالث والأخير فقد خصصه المؤلف لترجمة فاحصة عن الموسيقيين والموسيقيات.
من المدهش أو ربما من العار أن معظم تاريخنا العربي ( النوعي ) لا نكتبه نحن العرب، بل يكتبه ويجتهد فيه وفي البحث عنه وإخراجه للنور المستشرقون الأجانب!، ثم يأتي دورنا في الأخذ عنهم وعن مافندوه هم من آراء ووجهات نظر وتمحيص دون أي جهد أو إجتهاد منا، والمدهش رغم حصولنا على مايخصنا منهم ببساطة ودون عناء ننقسم إلى فسطاطين، فسطاط يلعنهم إن أخرجوا مسائل لا تروقه، وفسطاط يستشهد بهم وكأنهم أنبياء منزلين من عند الله لما وجد فيما أخرجوه للنور مايروقه، وفي كلا الحالين – حال الفسطاطين - نحن جهله متواكلون لانهتم بكبريائنا القومي ولا العربي ولا حتى الإسلامي إلا إذا أهتم به الغرب وبحث فيه وقام بتمحيصه من وجهة نظره.
ومن أهم مانمتلكه نحن العرب ( نوعياً ) ولا نعلم عنه شيئاً ولم يستفزنا انتمائنا العربي ولو استفزازاً هيناً في البحث عنه هو ( تاريخ ومصادر الموسيقى العربية ) حتى جاءنا هذا التاريخ بعد بحث عميق وتمحيص مضني استمر مدة من الزمن لمستشرق إنجليزي يدعي " هنري جورج فارمر" في رسالة دكتوراه من جامعة أكسفورد بإنجلترا عام 1902 م وساعده بالنصيحة في هذه الرساله الدكتور " ت . هـ . واير" محاضر اللغة العربية بجامعة "جلاسجو " وأشرف عليها وعلى منحه الدكتوراة الأستاذ " د . س . مرجليوث" بجامعة أكسفورد.
مترجم الرسالة هو الأستاذ الكبير حسين نصار شيخ المحققين العرب،(25 أكتوبر1925- 29 نوفمبر 2017) والذي راعى في مقدمة ترجمته لهذه الرسالة بعد أن أنتهي من ترجمتها عام 1925 م والذي نشرته فيما بعد مكتبة مصر بالقاهرة عام 1956م أن يقدم تصدير الباحث المؤلف الدكتور " هنري جورج فارمر" الذي يقول في تصديره: 
راعيت في هذا الكتاب المنهج التاريخي ( المتفق عليه ) لأنه يناسب غرضي، ولم أكن لأستطيع أن أشير إلى كيفية اتصال الثقافة بالنظام الاجتماعي والسياسي إلا باتخاذ هذا المنهج.
وقسمت كل باب إلى ثلاثة فصول يتناول أولها العوامل الاجتماعية السياسية المسيطرة على الثقافة ( الموسيقية ) العامة، ويصف ثانيهما حياة العصر الموسيقية، ويذكر تفاصيل الموسيقى النظرية والعملية، وابتعدت، جهدي عن المصطلحات، وإن كنت آمل أن أتناول نظرية الموسيقى العربية وعلمها بالتفصيل وكذا من الوجهة التاريخية في مجلد ملحق بهذا.
وقصرت الفصل الثالث على تراجم المشهورين من المؤلفين والمغنيين والعازفين، وأصحاب النظريات والعلماء والكتاب. ( إنتهى هنا تصدير المؤلف )
والكتاب من خلال الفهرس كما قال المؤلف في تصديره ثلاث أبواب مقسمة إلى سبعة فصول، الفصل الأول يتحدث عن العصر الجاهلي، والفصل الثاني عن الإسلام والموسيقى، والفصل الثالث عن الخلفاء الراشدين، والفصل الرابع عن الأمويين ( دمشق – الأندلس)، والفصل الخامس عن العباسيين ( العصر الذهبي )، والفصل السادس عن العباسيين ( عصر الإنحطاط )، أما الفصل السابع والأخير فيتحدث عن العباسيين ( عصر السقوط ).
ولتقريب الصورة العامة للكتاب يقول حسين نصار شيخ المحققين ومترجم الكتاب:
" يتناول هذا الكتاب تاريخ ومصادر الموسيقى العربية منذ أقدم عصورها حتى القرن الثالث عشر الميلادي، أو حتى سقوط بغداد في القرن السابع الهجري، ولا يقتصر كلام المؤلف على ناحية من النواحي الموسيقية، ولا على إقليم من الأقاليم الإسلامية، بل يصور التطور الموسيقي من جميع نواحيه، في جميع أقاليم العالم الإسلامي.
وجعل المؤلف لكتابه خطة واضحة بحيث جعله ثلاثة أقسام، القسم الأول يتناول المنحى السياسي وتعاقب الخلفاء ونظرة كل منهم للموسيقى والفنون عامة، والقسم الثاني يعالج التيار الموسيقي من حيث تطور الآلات والكتب التي تم تأليفها والآراء التي شاعت وما ماثل ذلك، أما القسم الثالث والأخير فقد خصصه المؤلف لترجمة فاحصة عن الموسيقيين والموسيقيات، ولعل المؤلف له أسبابه المنطقية في انتهاج هذه الخطة، ومن أهم تلك الأسباب ما ساقها المؤلف نفسه عن خطة كتابه وبأنها ما جاءت على هذا النحو إلا نظراً لما كانت تعتمدعليه الثقافة العربية والإسلامية آنذاك من نظم اجتماعية وسياسية، وهي النظم التي تتجلى بوضوح في نظام "الخلافة" ومن ثم كان لزاماً على خطة الكتاب أن تتكلم عن الخلفاء والولاة قبل أي شئ، كي يدرك القارئ الأحوال الثقافية منذ بداية الأمر.
والمؤلف " د. هنري جورج فارمر" في كتابه ومنذ الوهلة الأولى شغوف بالموسيقى العربية، مدافعاً عنها، يرى أنها عربية خالصة، لم تتاثر بآثار أجنبية إلا في زمن متأخر، وهو في هذا الكتاب يرد على مخالفيه، بل ويلح بشرف في هذا الرد.
وواضح أن الكتاب عظيم الخطر في ميدان الموسيقى العربي، ولكنه إلى جانب ذلك عظيم النفع في الجانب الأدبي والاجتماعي، إذ يعطينا من المعلومات مما لا نجده في غيره من الكتب، أو مما لا نجده بمثل هذا الوضوح الذي هو عليه فيه."

مصادر وتاريخ الموسيقى العربية

mohi_ibraheem

بقلم: محيي الدين إبراهيم
noonptm@gmail.com
جعل المؤلف لكتابه خطة واضحة بحيث جعله ثلاثة أقسام، القسم الأول يتناول المنحى السياسي وتعاقب الخلفاء ونظرة كل منهم للموسيقى والفنون عامة، والقسم الثاني يعالج التيار الموسيقي من حيث تطور الآلات والكتب التي تم تأليفها والآراء التي شاعت وما ماثل ذلك، أما القسم الثالث والأخير فقد خصصه المؤلف لترجمة فاحصة عن الموسيقيين والموسيقيات.
من المدهش أو ربما من العار أن معظم تاريخنا العربي ( النوعي ) لا نكتبه نحن العرب، بل يكتبه ويجتهد فيه وفي البحث عنه وإخراجه للنور المستشرقون الأجانب!، ثم يأتي دورنا في الأخذ عنهم وعن مافندوه هم من آراء ووجهات نظر وتمحيص دون أي جهد أو إجتهاد منا، والمدهش رغم حصولنا على مايخصنا منهم ببساطة ودون عناء ننقسم إلى فسطاطين، فسطاط يلعنهم إن أخرجوا مسائل لا تروقه، وفسطاط يستشهد بهم وكأنهم أنبياء منزلين من عند الله لما وجد فيما أخرجوه للنور مايروقه، وفي كلا الحالين – حال الفسطاطين - نحن جهله متواكلون لانهتم بكبريائنا القومي ولا العربي ولا حتى الإسلامي إلا إذا أهتم به الغرب وبحث فيه وقام بتمحيصه من وجهة نظره.
ومن أهم مانمتلكه نحن العرب ( نوعياً ) ولا نعلم عنه شيئاً ولم يستفزنا انتمائنا العربي ولو استفزازاً هيناً في البحث عنه هو ( تاريخ ومصادر الموسيقى العربية ) حتى جاءنا هذا التاريخ بعد بحث عميق وتمحيص مضني استمر مدة من الزمن لمستشرق إنجليزي يدعي " هنري جورج فارمر" في رسالة دكتوراه من جامعة أكسفورد بإنجلترا عام 1902 م وساعده بالنصيحة في هذه الرساله الدكتور " ت . هـ . واير" محاضر اللغة العربية بجامعة "جلاسجو " وأشرف عليها وعلى منحه الدكتوراة الأستاذ " د . س . مرجليوث" بجامعة أكسفورد.
مترجم الرسالة هو الأستاذ الكبير حسين نصار شيخ المحققين العرب،(25 أكتوبر1925- 29 نوفمبر 2017) والذي راعى في مقدمة ترجمته لهذه الرسالة بعد أن أنتهي من ترجمتها عام 1925 م والذي نشرته فيما بعد مكتبة مصر بالقاهرة عام 1956م أن يقدم تصدير الباحث المؤلف الدكتور " هنري جورج فارمر" الذي يقول في تصديره: 
راعيت في هذا الكتاب المنهج التاريخي ( المتفق عليه ) لأنه يناسب غرضي، ولم أكن لأستطيع أن أشير إلى كيفية اتصال الثقافة بالنظام الاجتماعي والسياسي إلا باتخاذ هذا المنهج.
وقسمت كل باب إلى ثلاثة فصول يتناول أولها العوامل الاجتماعية السياسية المسيطرة على الثقافة ( الموسيقية ) العامة، ويصف ثانيهما حياة العصر الموسيقية، ويذكر تفاصيل الموسيقى النظرية والعملية، وابتعدت، جهدي عن المصطلحات، وإن كنت آمل أن أتناول نظرية الموسيقى العربية وعلمها بالتفصيل وكذا من الوجهة التاريخية في مجلد ملحق بهذا.
وقصرت الفصل الثالث على تراجم المشهورين من المؤلفين والمغنيين والعازفين، وأصحاب النظريات والعلماء والكتاب. ( إنتهى هنا تصدير المؤلف )
والكتاب من خلال الفهرس كما قال المؤلف في تصديره ثلاث أبواب مقسمة إلى سبعة فصول، الفصل الأول يتحدث عن العصر الجاهلي، والفصل الثاني عن الإسلام والموسيقى، والفصل الثالث عن الخلفاء الراشدين، والفصل الرابع عن الأمويين ( دمشق – الأندلس)، والفصل الخامس عن العباسيين ( العصر الذهبي )، والفصل السادس عن العباسيين ( عصر الإنحطاط )، أما الفصل السابع والأخير فيتحدث عن العباسيين ( عصر السقوط ).
ولتقريب الصورة العامة للكتاب يقول حسين نصار شيخ المحققين ومترجم الكتاب:
" يتناول هذا الكتاب تاريخ ومصادر الموسيقى العربية منذ أقدم عصورها حتى القرن الثالث عشر الميلادي، أو حتى سقوط بغداد في القرن السابع الهجري، ولا يقتصر كلام المؤلف على ناحية من النواحي الموسيقية، ولا على إقليم من الأقاليم الإسلامية، بل يصور التطور الموسيقي من جميع نواحيه، في جميع أقاليم العالم الإسلامي.
وجعل المؤلف لكتابه خطة واضحة بحيث جعله ثلاثة أقسام، القسم الأول يتناول المنحى السياسي وتعاقب الخلفاء ونظرة كل منهم للموسيقى والفنون عامة، والقسم الثاني يعالج التيار الموسيقي من حيث تطور الآلات والكتب التي تم تأليفها والآراء التي شاعت وما ماثل ذلك، أما القسم الثالث والأخير فقد خصصه المؤلف لترجمة فاحصة عن الموسيقيين والموسيقيات، ولعل المؤلف له أسبابه المنطقية في انتهاج هذه الخطة، ومن أهم تلك الأسباب ما ساقها المؤلف نفسه عن خطة كتابه وبأنها ما جاءت على هذا النحو إلا نظراً لما كانت تعتمدعليه الثقافة العربية والإسلامية آنذاك من نظم اجتماعية وسياسية، وهي النظم التي تتجلى بوضوح في نظام "الخلافة" ومن ثم كان لزاماً على خطة الكتاب أن تتكلم عن الخلفاء والولاة قبل أي شئ، كي يدرك القارئ الأحوال الثقافية منذ بداية الأمر.
والمؤلف " د. هنري جورج فارمر" في كتابه ومنذ الوهلة الأولى شغوف بالموسيقى العربية، مدافعاً عنها، يرى أنها عربية خالصة، لم تتاثر بآثار أجنبية إلا في زمن متأخر، وهو في هذا الكتاب يرد على مخالفيه، بل ويلح بشرف في هذا الرد.
وواضح أن الكتاب عظيم الخطر في ميدان الموسيقى العربي، ولكنه إلى جانب ذلك عظيم النفع في الجانب الأدبي والاجتماعي، إذ يعطينا من المعلومات مما لا نجده في غيره من الكتب، أو مما لا نجده بمثل هذا الوضوح الذي هو عليه فيه."