الجمعة، 11 مايو 2018

نفسي أكون إبن ( حرام )


يقول الكاتب المغربي محمد ملوك:
في المغرب توجد نكتة يتداولها العامة والخاصة على حد سواء ، وهي أن طفلا من أبناء الشعب المقهور كان كلما جلس على قارعة الطريق إلا وسمع الكبير قبل الصغير والحليم قبل السفيه يطلق لقب ” ابن الحرام ” على كل صاحب سيارة فارهة أو كل من يرتدي لباس نفيس أو كل من يمتلك جاه ملحوظ أو ثروة مكتسبة أو كل من يمت إلى مراكز النفوذ والحكم بصلة من سلاطين وحكام ورؤساء ووزراء ومدراء وجنرالات وزبانية وهلم جرا ممن لهم يد في صنع القرار، فهؤلاء وغيرهم لم يكن الطفل الصغير يعرف عنهم شيئا سوى أنهم ” أولاد حرام ” ، لذلك حين سأله أحد أساتذته عن تطلعاته المستقبلية وأحلامه الطفولية أجاب ببراءة بأن منتهى حلمه أن يكون في المستقبل ” ابن حرام ” وأن ينتمي إلى زمرة “أولاد الحرام” مادامت هذه الزمرة هي التي ـ في نظره ـ تحكم كل شيء وتتحكم في كل شيء رغم أنف الكل ولا يحكمها أو يتحكم فيها أحد .
وفي مصر حكاية مماثلة لنكتة المغرب اخترعها لنا الفلاح المصري العبقري في أزمنة القهر على مر تاريخه ولكن في صورة مثل شعبي موجز ودال يقول فيه: ولاد الحرام ( ما خلوش ) لولاد الحلال حاجة. حتى دعاء الغلابة منا لم تعد له استجابة وكأننا خرجنا أيضا من رحمة الله.ومقصود الفلاح المصري في هذا المثل الشعبي العبقري معروف حتى لمن ليس في وجهه نظر، فالحاكم ( قطعاً ) هو ابن الحرام والفلاح وابنائه واحفاده ومن قبلهم ابائه واجداده هم ( بلا شك ) الشعب اولاد الحلال الذين كسر ظهورهم الحاكم ( ابن الحرام ) وسرق منهم – حتى – احلامهم وهو في كل مرة يسرق فيها احلامهم يعدهم بمستقبل افضل وبوطن ستجري في ربوعه انهار السمن والعسل بينما يعيش المواطن ويموت وهو يغوص وحده في بحار الهم والفقر والمرض، انهم ولاد حرام يعدون ويخلفون، يقولون ويكذبون، ليس لهم دين حتى وإن خرجوا كالثعلب في ثوب الشيخ الوقور متوضئي اليد وقلوبهم نجسة ليقولوا للناس ما لا يفعلون، سود الضمائر، ونفوسهم خراب، لا ينجوا من والاهم ولا يبرأ من فجور خصومتهم ناج، إن سادوا الناس تأبلسوا وإن غضبوا عليهم اغتالوهم في اعراضهم.
محيي الدين إبراهيم اسماعيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق